رواية بين الامس واليوم الفصل التسعون 90 بقلم الكاتبة انفاس قطر
بين الأمس واليوم/ الجزء التسعون
+
لم يشعر يوما بالجرح والمهانة كما يشعر الآن في هذه اللحظة..
+
حتى في أيام غضبه من مزون..
+
فمزون قامت بفعل أغضبه ومرفوض عنده.. لكنها تبقى حياتها هي!!
+
لكن هذه أخفت عليه أمر يخص حياته هو.. أخفت عليه نبض روحه ينبض بين جنباتها..
+
ثم سلبته حتى حقه في أن يعرف هو أولا..
+
ألقت الخبر أمامه دون أدنى اهتمام به..
+
أخبرت والده قبله!!
+
أ حقا فعلا ذلك؟؟
+
كان يرى المشهد أمامه كما لو كان مشهدا لا علاقة له به.. مشهد غائم ومؤلم ومهين.. وهو يرى والده يتصرف بعفوية حرمته منها..
+
ووالده ينتزع كاسرة من مقعدها ليحتضنها وهو ينهمر بسعادته وتبريكاته..
+
يحتضنها قبله!!.. ويبارك لها قبله.. وهو على الرف.. لا قيمة له!!
+
ثم يعود لينتزعه هو ويحتضنه وهو يهتف بسعادة محلقة وعاطفية ثائرة لم يعتد على تبادلها مع والده:
+
ألف مبروك يا أبيك.. ألف مبروك.. والله إني الليلة كني لمست النجوم..
+
الله يفرحكم بسلامة ولدكم مثل مافرحتوني الليلة..
+
ثم التفت لكاسرة وهو يهمس بحماس فخم: قلتي لأمش؟؟
+
ابتسمت كاسرة بتأثر لما رأته من فرحة عمها: لا .. أنت أول حد يدري عقب كساب..
+
ضغطت على عبارة (عقب كساب) بشكل مقصود..
+
زايد بذات الحماس الفخم: خلاص والله ماحد يبشرها هي ومزون غيري.
+
كفاية عليكم البشارة من عندي!!
+
زايد أنهى عبارته وغادر الصالة العلوية حيث يجلسون جميعا متجها لغرفته..
+
ليقف كساب وهو يتوجه لكاسرة بخطوات ستخترق الأرض وهو يشدها بيده السليمة ويهتف بغضب مكتوم:
+
قدامي على غرفتنا!!
1
كاسرة تقدمت أمامه بكل بساطة.. ربما لم تكن تخطط أن تقول لوالده قبله..
+
ولكنها هكذا حدثت..
+
وهي سعيدة جدا أنها هكذا حدثت..
+
وكأن الله يدخر لها هذه الطريقة الرائعة لرد الصفعة لكساب.. بل لرد الصفعات!!
4
رغم أنها في داخلها تمنت بكل اليأس أن يكون أول من يعلم.. ولكن كل شيء في حياتها معه مبتور.. ولن يكون خبر حملها هو الاستثناء!!
+
فما الغريب أذن!!
+
ما أن وصلا للداخل حتى أفلت كساب عضدها بحدة وهو يسألها بصوت أجش:
+
من متى تدرين؟؟
+
كاسرة جلست ببساطة وهي تهمس بذات البساطة:
+
ثاني يوم رجعتك من السفر..
+
كساب تراجع بصدمة كأنه يحادث نفسه: قبل أكثر من أسبوع.. ومافكرتي حتى تقولين لي..
+
ثم أردف بغضب وهو يتذكر شيئا آخر: وأشلون هان عليش تقولين طلقني.. وأنتي عارفة إنش حامل!! أشلون؟؟
+
كاسرة بذات البساطة: أنت اللي قلت إنك تبي تطلقني.. وعادي بدل ماتصير العدة 3 شهور تصير 8 ...وين المشكلة؟؟
+
كساب بعتصر كفيه.. لأول مرة يجد الكلمات تفر منه هكذا..
+
( أنا أطلقش ؟؟ أنا يوم شفت بس الدمعة اللي تعلقت على طرف رمشش..
+
حسيت الدنيا كلها تسكرت قدام عيني..
+
دمعتش اللي ردتني من الطلاق.. مهوب إبي!!
+
وأنتي استكثرتي تقولين لي خبر مثل هذا؟!! "
+
يا الله...!! مجروح منها بشدة.. مجروح بالفعل!!
4
هتف بعتب غاضب مثقل بالجرح: خلينا من زعلتنا في المستشفى... أنا صار لي مقابلش كم يوم... مالقيتي دقيقة تقولين لي فيها الخبر؟؟
+
تبلغين إبي قبلي كأني مالي أي قيمة!!
+
حينها كررت كاسرة بتهكم موجوع: كأنك مالك أي قيمة!!
+
ثم انهمرت بيأس وقناع اللامبالاة ينهار: كساب أنت عمرك ما اهتميت بذا الموضوع.. وماقصرت وأنت توضح ذا الشيء..
+
كساب لا تقول لي إنك ماشفت أكوام التيستات اللي معبية حمامنا من ثاني شهر من زواجنا..
+
عمرك ماشاركتني حسرتي إني تأخرت في الحمل.. كأني مخلوق يعيش على هامش حياتك..
+
وأنا كل شهر يمر.. أنتظر دورتي تتأخر يوم واحد.. عشان أنط أسوي التيست ورا التيست بدون فايدة!!
+
ماشاركتني حسرتي في خيبتي كل شهر.. حرمتني حتى من مجرد التمني!!
+
وعقبه يوم نطقت.. نطقت بالدرة إنه حن ما نصلح نكون إباء.. وكانه ربي يبي يعاقبنا بذا الشيء..
+
تقول ليش ماقلتي لي؟؟ وليه أقول لك؟؟ عشان تقول ياحرام مسكين ذا الولد إنه حن بنكون هله!!
+
ليش ماقلت لك؟؟ هذا أنا كل ليلة آكل حبوبي قدامك... واقول الليلة بيسألني.. الليلة بيسألني!! وتمر الليلة وأنت ما سألتني..
+
تقول ليه ماقلتي لي؟؟ تعال طل في درج الكوميندو الأول.. التيست خليته هناك..
+
أقول اليوم بينتبه له.. اليوم بينتبه له...
+
كساب بالفعل لم يلاحظ شيئا مما قالته.. فهو مطلقا لم يفكر أن يقلب في أدراج الحمام.. لأنه يعلم أن أغراضها الخاصة هناك..
+
أما الأيام الأخيرة فهو فعلا كان منهك بالتعب عن ملاحظة أي شيء!!
+
كساب انفجر كذلك بغضب عارم: أنتي شايفة وضعي الصحي وضع حد ممكن يلاحظ شيء؟؟..
+
يعني ماراح تصارحيني.. تبنين خبر مهم مثل هذا على احتمالات..
+
كاسرة هزت كتفيها وهي تهمس بسخرية مرة: حلوة تصارحيني ذي.. حلوة!!
+
ليه حن في زواجنا نعرف شيء اسمه مصارحة..؟؟
+
والله هذا اللي أنت عودتني عليه.. فليه تستغرب الحين؟؟
3
*************************************
+
" مزنة.. مزنة!! وينش؟؟"
+
صوت مزنة يأتيه من داخل الحمام المفتوح: أنا في الحمام حبيبي
+
أغسل يدي.. جايتك..
+
مزنة خرجت وهي تجفف يديها وتهمس بمودة: تبون عشاكم الحين؟؟
+
زايد لا يستطيع حتى السيطرة على إشراق وجهه وهو يهتف بحماسه المتدفق:
+
تعالي وش عشاه الحين.. بأقول لش شيء..
+
مزنة اتسعت ابتسامتها بعفوية شفافة وهي ترى إشراق وجهه الغريب...
+
جلست جواره وهي تهتف بإبتسامة: خير؟؟ وشكله خير إن شاء الله!!
+
زايد بإبتسامة مقصودة وحقيقية ومتغلغلة: خير.. خير..
+
مرت علي حامل!!
+
مزنة اتسعت ابتسامتها أكثر وأكثر... وهي تميل لتقبل رأس زايد ثم تهمس بسعادة شفافة:
+
مبروك.. مبروك.. ألف مبروك..
+
يا سبحان الله.. وجه شعاع خير عليه من صوب!!
+
ماهقيت كلش ماشاء الله تبارك الله..
+
حينها سكت زايد لثانية واتسعت ابتسامته أكثر وأكثر فهو بالفعل سعيد لحمل كاسرة أكثر لسببين.. أنه مضى على زواجهما أكثر من سنة
+
والثاني أن وضعهما غير مستقر أبدا..
+
هتف بنبرة مقصودة أكثر: ومرت كساب حامل بعد.. مبروك ياجدة بيجي إن شاء الله امهاب الصغير!!
+
مزنة حين رأت ابتسامته تتسع.. اتسعت ابتسامتها أكثر تلقائيا وهي تترقب ماذا سيقول..
+
لذا حين هتف بعبارته.. تغير وجهها من شدة الصدمة وهي تشهق بعنف..
+
زايد اقترب منها بجزع وهو يضرب على ظهرها بخفة:
+
مزنة خذي نفس.. خذي نفس.. بسم الله عليش!!
+
مزنة شدت لها نفسا بصعوبة ثم أسندت رأسها لكتفه وهي تبكي بشكل بالغ الشفافية..
+
فسعادتها لشدة وطأتها.. لم تستطع ان تعبر عنها إلا بهذه الطريقة!!
+
زايد شعر بصدمة كاسحة حين رآها تبكي.. وهو يشدها بقوة ليحتضنها بشكل أقوى..
+
لم يتوقع أن مزنة قد تبكي لأي سبب.. كانت ضلوعه تذوب من أجلها وهو يراها تبكي بهذه الطريقة البالغة الرقة..
+
همس بحنان خالص: آسف ... ماكان لازم أروعش بالخبر كذا!!
+
مزنة تنثر دموعها على صدره وهي تهمس برقة: لو بلغتني بأي طريقة..
+
هذي بتكون ردة فعلي..
+
يا الله يا زايد.. وأخيرا.. الله يهدي سرهم..
+
ثم تخلصت من حضنه برقة وهي تقف وتهمس بأمومة دافئة: بأروح أشوف كاسرة..
+
من كثر ما أنا فرحانة ماراح أشره عليها إنها مابلغتني أول..
+
زايد شعر بفراغ غريب حين نهضت من حضنه.. تمنى بشكل أكثر غرابة لو أن احتضانه لها طال أكثر من ذلك..
+
دون أن يعرف سببا لذلك!!
+
*************************************
+
" قومي نتعشى برا.. "
+
جميلة التي كانت تجلس على التسريحة تدهن كفيها وذراعيها بالكريم بعد أن لبست بيجامتها..
+
التفتت لفهد بدهشة: نعم؟؟ ذا الحزة؟؟
+
فهد بحزم: إيه ذا الحزة.. الساعة توها 11 ونص.. والمطاعم فاتحة لين الفجر!!
+
جميلة مستغربة بالفعل.. ما الذي حدث له حتى يدعوها وفي هذا الوقت.. وبعد أن استعدت للنوم.. والغريب أن كلاهما تعشيا..
+
هو في المجلس مع والده واشقائه... وهي مع والدته وجوزاء..
+
فماداعي هذا العشاء؟؟
+
لكنها قررت أن توافق.. فمادام قام بخطوة تدل على لطف فيجب أن تستجيب لها.. حتى لا تبدو بمظهر المتصلبة!!
+
رغم أنها لا ترغب في الخروج معه فعلا!!
+
هــــو لا يعلم لماذا دعاها للعشاء تحديدا...
+
فهو غير راغب في بقاءهما وحيدين في الغرفة هذه الليلة..
+
عدا أن خروجه لوحده هذا الوقت سيجلب له صداعا من والده لا يريده..!!
+
لذا وجد أن أهون الشرين أن يدعوها للعشاء!!
+
شعاع همست باختناق خجول: زين تعطيني خمس دقايق بس أحط كحل وغلوس؟؟
1
هي طلبت هذا الطلب بعفوية كعادتها في التأنق وخصوصا أنه لا يظهر منها شيء إطلاقا..
+
ولكن فهد أجابها بغضب حازم: ولا تحطين ولا شيء.. بدلي والبسي عباتش وبس..
+
فهد زفر بغضب وغيظ ( وشو له تتزين وهي مهيب محتاجة أساسا!! زينها بدون شيء يوجع..!!
+
وليش تتزين وأنا أقول لها لا عاد تتزينين.. تبي تحرق أعصابي وبس!!)
+
جميلة حاولت أن تستعجل في لبسها.. ومع ذلك استغرقت ربع ساعة حتى انتهت..
+
كانت أعصابه قد احترقت خلالها وهو يصرخ فيها بغضب ما أن رآها تطل عليه بعباءتها وهو ينتظرها في غرفة الجلوس:
+
ربع ساعة عشان تبدلين وتلبسين عباتش..وإلا عشان ماعندش اي احترام للطوفة اللي قاعد ينتظرش!! قلتي عادي خله يتنقع!!
+
جميلة شدت لها نفسا عميقا وهي تحاول منع نفسها من الرد عليه والعودة لغرفتها وإغلاق الباب على نفسها..
+
فهي فعلا فعلا لا تشعر بأي رغبة للخروج معه.. ثم يزيدها عليها بجلافته المتجاوزة للحدود..
+
ومع ذلك همست برقة خالصة تخفي خلفها غيظها وغضبها:
+
أنا آسفة.. إن شاء الله المرات الجاية أحاول أخلص أسرع..
+
(يا ليل ما أطولك.. ليه فيه مرات جاية بعد؟!!!) هتف بحزم:
+
يا الله قدامي..
+
(خوش طلعة هذا أولها.. الله يستر من تاليها!!) جميلة كانت تمشي خلفه ببطء حتى لا تضغط على ساقها..
+
كانت رحلة شاقة عليه.. حتى وصلوا لسيارته..
+
ما أن استقرا في مقعديهما .. حتى هتف فهد بحزم واثق: تحبين نروح مكان معين؟؟
+
جميلة هزت كتفيها برقة: لا.. اللي تبيه أنت!!
+
جميلة في المرتين السابقتين التي ركبت فيهما سيارته لم تكن تنتبه لشيء..للظروف التي كانت تعانيها..
+
لذا انتبهت هذه المرة لصورة صغيرة مثبتة قريبا من مؤشر السرعة..
+
كانت تجمع بينه وبين منصور.. وكلاهما يرتدي لباسه العسكري..
+
لا تعلم لِـمَ بدت لها هذه الحركة عاطفية أكثر بكثير من شخصية فهد..
+
ابتسمت بعفوية: تدري إن بينكم شبه!!
+
كنت قبل أظن كساب أكثر حد يشبهه في الشكل..
+
بس لا والله أنت أكثر.. نفس الطول نفس العرض.. نفس طريقة تحديد العوارض..
+
بس عمي وكساب بينهم اختلاف كبير.. عمي أطول.. وكساب أعرض..
+
وفي الشكل عمي أحلى بكثير..
+
جميلة تدفقت بتلقائية ناتجة عن رغبتها أن تبدو أمامه عفوية غير متحفزة.. لذا تفاجأت بالنبرة الحادة الغاضبة التي قاطعتها:
+
ماشاء الله حافظة شكل ولد خالتش بالملي!! اطربيني بعد!!
+
جميلة ابتلعت بقية كلماتها (زين ماقلت إن كساب أملح.. كان ذبحني.. يمه!!)
3
ولكنها حاولت أن تهمس بتوزان: فهد الله يهداك وش فيك هبيت فيني!!
+
عيال خالتي عبارت أخواني!!
+
فهد بذات الغضب: لا مهوب أخوانش.. وياويلش أسمعش مرة ثانية تجيبين طاري رجّال غريب على لسانش قدامي.. وإلا حتى من وراي!!
+
( يمه.. هذا وش فيه؟؟ لو ما أنا بعارفته.. كان قلت الأخ غيران!!) جميلة صمتت تماما..
+
وهي تسمع زفرات الجالس جوارها الدالة على غضبه... لا يعلم حتى لماذا ثار عليها تحديدا؟؟
+
هل خشى وهي تعقد مقارنة غير مقصودة أن تمتد المقارنة لشخص آخر.. يكره مجرد التفكير فيه..
+
كان يختلس النظرات إلى يديها اللتين تعبثان بسلسلة حقيبتها..
+
كم مرة امسك ذاك الغريم بيديها.. تنفس عبيرهما.. نفث أنفاسه عبر نعومتهما؟؟
+
زفر بقرف مثقل بغضب لا حدود له!!
+
لم يعلم أن التفكير سيكون موجعا هكذا حتى وقع أسيره!!
+
فوجيعة تفكيره قبل أن يراها وتصبح في بيته وأمام عينيه... ماعادت شيئا يُذكر أمام مايعانيه الآن!!
+
فهو قبلا كان يعاني من مجرد فكرة... لكنه الآن يعاني واقعا مرا..
+
هتف بصرامة بشكل صادم لها وله : جميلة عطيني يدش..
+
جميلة انكمشت على نفسها بعفوية وهي تخفي يدها في حضنها وتهمس باختناق:
+
ليش؟؟
+
هو صُدم من نفسه (وش أبي بيدها) ومع ذلك أعاد بإصرار صارم: أقول عطيني يدش!!
+
جميلة مدت يدها له وهي تشعر بخوف وتوتر متعاظمين.. احتضن كفها الناعم الرقيق في ضخامة كفه..
+
في البداية كانت لمسته غاية في الرقة ودقات قلب جميلة تتزايد بعنف جازع وهو كما لو كان يكتشف تضاريس كفها..
+
وصلابة أنامله تعبر حرير أناملها في رحلة مدهشة.. أصابته بدوار غير مفهوم.. وأصابتها بما يشبه دبيب نمل يعبر سلسلة ظهرها الفقرية!!
+
حاولت شد كفها من كفه ولكنه لم يفلتها.. واحتضانه لكفها يزداد قوة.. ومعها أفكاره تزداد تعقيدا..
+
" كم مرة مسك يدش كذا؟؟
+
حس باللي أنا أحس فيه؟؟
+
حس إن يدش بتذوب في يده؟؟
+
عطيتيه نفس الإحساس؟؟ وأنفاسه تضيق ودقات قلبه تزيد لأنه وقته كان غشيم مثلي؟؟
+
أكيد معه كان إحساسش غير.. لأنه أول واحد..
+
لكن أنا.. خلاص معي ماراح تحسين بشيء
+
لأنه كل الإحساس كان معه!! "
+
فهد مع تزايد أفكاره قتامة في هذا الاتجاه.. كان يشد على كفها بقوة أكبر..
+
لم يخرجه من دوامة أفكاره.. سوى صرخة مكتومة مثقلة بانين أقرب للبكاء:
+
فهد بس... حرام عليك.. بتكسر يدي..
+
فهد أفلت كفها بسرعة وهو يثوب لرشده.. بينما هي ضمت كفها لصدرها
+
وبكت بشفافية موجوعة!!
+
فهو آلمها فعلا..!!
+
وما آلمها أكثر.. ظنها أنه تقصد أن يفعل فيها ذلك!!
+
أنه تقصد أن يعتصر يدها بهذه الطريقة المتوحشة حتى يؤلمها!!
+
فهد حين سمعها تبكي.. شعر بالصداع.. المثقل بالألم..
+
" يا الله !! والله ماقصدت آجعش!!
+
لا حول ولا قوة إلا بالله "
+
صمت.. ماذا لديه ليقوله؟؟
+
ولكنه يعلم كم باتت صورته سوداوية ومتوحشة في عينيها!!
+
ولا يستطيع أن يلومها !!
+
ولكنه أيضا لا يستطيع لوم نفسه..
+
فهذا الألم الذي بات ينتشر في روحه.. بات يضغط عليه بشكل جارح لرجولته وكرامته وإنسانيته!!
+
" يا الله ياكريم.. خلص ذا الكم يوم على خير
+
بالطول وإلا بالعرض لين موعد دورتي
+
أهج من الدوحة!!"
+
هتف بسكون كأنه يحادث نفسه: تبين نرجع البيت؟؟
+
هزت رأسها بالإيجاب وهي مازالت تنتحب بذات الطريقة الشفافة الموجوعة!!
+
والجو يصبح شديد القتامة والثقل بينهما وكلاهما غارق في وجيعته الخاصة..
+
التي باتت تتعمق أكثر وأكثر!!
+
***************************************
+
نائمة بالفعل.. بينما هو عاجز عن النوم
+
" إيه وش عليش.. نامي.. أكيد مبسوطة عقب اللي سويتيه فيني!!"
+
يتنهد بعمق وهو ينظر لها..
+
" أشلون ما انتبهت إن هذي التغيرات كلها غير طبيعية!!
+
وهذي مهيب كاسرة الطبيعية!!
+
عمري ماكنت معدوم ملاحظة مثل ذا المرة!!
+
بس أنا فعلا استبعدت الحمل.. ولا خطر ببالي حتى!!
+
كل اللي طرا علي الطواري الشينة!!
+
وهي ماحتى هان عليها تريحني!! "
1
بقدر ماهو غاضب منها.. بقدر ماهو مشفق عليها..
+
وما الجديد؟؟
+
فالتضادات هي ماصنعت مسار حياتهما..!!
+
فبعد أن هدأت فورة إحساسه بالمهانة لأنه لم تخبره.. تعمق إحساس مختلف.. خليط من الغضب والشفقة... والترقب!!!
+
تمدد أكثر ليصبح وجهه قريبا من وجهها ..
+
رغما عنه وجد نظره يتجه إلى بطنها..
+
أ حقا هناك ابنه وابنته!!
+
بالتأكيد لا يعلم جنسه.. ولكن مايعلمه يقينا -حتى لو جهلته هي- أن هذا الطفل كان ثمرة حب صارخ مؤلم.. ولا حدود له!!
+
مد يده السليمة برفق وهو يلمس بطنها ويهمس في داخله بوجع:
+
"تدري يا أبيك إنه مافيه رجال في الدنيا حب مرة كثر ما أحب أمك!!
+
بس أمك خبلة!!
+
تظن إنك أنت بتقدر عليها وبتعقلها؟؟؟!! "
+
حاول أن يكف يده.. فلم يستطع وهو يمررها بحنان على بطنها..
+
شعور غريب ومدهش أن تبدأ بالارتباط هكذا بمخلوق لم يتكون بعد!!
+
شعر بصدمة أقرب للحرج حين فوجئ بكاسرة تفتح عينيها بتثاقل ويده مازالت على بطنها..
+
ولكنها لم تقل شيئا وهي تتناول كفه من فوق بطنها..
+
ثم تحتضن ذراعه بكلتا يديها.. وتعود للنوم!!
+
غريبان ويعلمان أنهما غريبان.. وتصرفهما بغرابة هو الطبيعي بالنسبة لهما!!
+
فلو تصرفا يوما بطبيعية.. سيكون ذلك هو الغريب!!
4
***************************************
+
عادا إلى جناحهما..
+
هي إلى غرفة النوم... وهو إلى غرفة الجلوس..
+
لم ينظر أيا منهما إلى الآخر مطلقا!!
+
ولماذا ينظران؟؟ ماهو الشيء الذي سيريانه..
+
القهر؟؟ الوجيعة؟؟ الآلم المتبادل؟؟
+
وكل منهما بقي بعدها معتصما في مكانه حتى آذان الفجر..
+
فهد أساسا كان يرتدي ثوبه.. فنزل للصلاة في المسجد دون أن يمر بها..
+
حين عاد.. كان بالفعل غير راغب في رؤيتها!!
+
ولكنه يكره الهروب من المواجهة.. لذا توجه لغرفة نومه..
+
حمد الله أنها وجدها نائمة!!
+
فهو بالفعل كان عاجزا عن رؤية وجهها بعد مافعله بها!!
+
فهو لن يحتمل أي نظرة عتب..!!
+
هي لم تكن نائمة.. ولكنها ما أن أنهت صلاتها حتى اندست في فراشها بسرعة حتى لا تراه حين يعود!!
+
ما أن سمعت صوت فتح الباب ثم أغلاقه.. حتى عادت دموعها تنسكب من جديد..
+
أما حين شعرت بحركته جوارها.. بدأ جسدها يرتعش بعنف.. نتيجة لكتمانها شهقاتها..
+
فهد انتبه لارتعاش جسدها.. وليس غبيا ليعلم أنها كانت تبكي!!
+
تنهد بعمق وهو يهتف بسكون: جميلة بتصدقيني لو قلت إني والله ماقصدت؟؟
+
أجابته بصوت مختنق تماما بين شهقاتها وهي توليه ظهرها: لا .. ماني مصدقتك..
+
لأنك كنت قاصد!!
+
واللي موجعني ترا مهوب يدي.. لأنها مافيها شيء.. لكن أنت ومقصدك من اللي سويته..
+
فهد صمت.. فعلا مرهق.. وليس لديه مايجيبها به..
+
وإن أجاب.. ما الذي ستغيره إجابته؟؟
+
لا شيء.. لا شيء مطلقا!!!
+
*************************************
+
" مبروك ياقلبي.. مبروك!!
+
تدري إني ما نمت من الفرحة..
+
والمشكلة من البارحة أحوس عليك ماصدتك!!
+
معتكفين في غرفتكم مع خبر ولي العهد...
+
عشان كذا قلت بأرتز عند طاولة الفطور عشان أصيدك!! "
+
كانت هذه هي انثيالات مزون المرحة وهي تقفز لتتعلق بعنق كساب وهي تغمر وجهه بقبلاتها السعيدة..
+
كساب احتضنها بمودة : الله يبارك فيش يالغالية..
+
وكانت كاسرة تتقدم خلفه.. ومزون تستدير لها وتحتضنها وهي تبارك لها..
+
كاسرة ردت عليها بلطف يخفي خلفه حزنا عميقا..
+
لماذا الجميع يستطيع التعبير عن سعادته...إلا هما!!
+
مزون مازالت تنثال بسعادة: تدرون من وناستي.. يمكن أعسكر عندكم لا صارت كاسرة في التاسع.. عشان أروح معها المستشفى..
+
ما أبي حد يشوف ولد أخي قبلي...
+
ابتسم كساب: يمكن ذاك الوقت يكون فيه شيء يشغلش عن كساب وولده؟؟
+
احمر وجه مزون خجلا وهي تعرف مقصده..
+
ومع ذلك احتضنت عنقه من الخلف لأنه كان يجلس إلى الطاولة وهي تهمس في أذنه بمودة مصفاة:
+
مافيه شيء يشغلني عنك...
+
والحين اسمحوا لي... أنتو ناس وراكم دوام... وأنا وراي رقدة!!
+
بقيا الاثنان متقابلان على طاولة الفطور.. بينهما كالعادة تطوف النظرات والمشاعر الثقيلة التي تحاول إيجاد منفذ لها دون فائدة..
+
همست كاسرة بسكون: أصب لك قهوة؟؟
+
أجابها بسكون أكبر: فنجال واحد بس..
+
كاسرة سكبت له فنجانا من القهوة.. ثم سكبت لها كوبا من (الكرك)..
+
فوجئت به يقف.. ويبعد الكأس عن متناول يدها..
+
همست باستغراب:وش فيك؟؟
+
أجابها بحزم: ما أظن إنش بزر وما تعرفين مصلحتش ومصلحة اللي في بطنش..
+
خلاص كرك مافيه.. اشربي حليب طازج..
+
حتى وهو مهتم بها.. أسلوبه مستفز لها... واسلوبها أكثر استفزازا.. سألته بسكون:
+
اهتمام ؟؟ وإلا فرض رأي؟؟
+
هز كتفيه بحزم: اعتبريه مثل ما تبين... لأنش لو فهمتي مرة وحدة صح يمكن تفقدين الذاكرة!!
+
**********************************
+
يومان آخران...
+
" حبيبتي ليه زعلانة؟؟"
+
سميرة تنهدت وهي تشير لتميم: ماني بزعلانة.. كنت سرحانة شوي!!
+
تميم ابتسم : والحلو سرحان في ويش؟؟
+
سميرة بعفوية: ماشاء الله البنات كلهم حوامل.. إلا أنا.. مع إن حن كملنا سنة..
+
حينها ضحك تميم: أنتي بتلعبين علي وإلا على روحش يا النصابة؟؟... وش سنته..؟؟
+
قصدش سنة منشفة ريقي..
+
احنا عبارة لنا شهر ونص متزوجين بس..
+
لأنه ما تراضينا إلا في حفلة بنت عمش عالية يوم تزوجت عبدالرحمن.. وإلا نسيتي؟؟
+
سميرة تأففت بغيظ طفولي: مالي شغل.. حن لنا سنة متزوجين... أبي بيبي حالي حالهم..!!
+
تميم ابتسم وهو يفتح ذراعه.. أسندت رأسها لكتفه ليحتضنها بذراعه.. بينما هي تمسك بكفه برقة تنثر فيها بعضا من أفكارها وهي تمرر أناملها في راحته!!
+
تميم أبعدها قليلا عنه ليشير لها بحنان: حبيبتي تبين نفحص.. ماعندي مانع!!
+
سميرة ضحت برقة: وش نفحص؟؟ من جدك؟؟
+
تو الناس ياقلبي!!
+
أنا بس كان في خاطري كلام.. وتعرفني لو خليت كلام في بلعومي بأغص فيه!!
+
*************************************
+
" بعد لا تقول لي متوتر..
+
أخيك فهيدان هذا مهوب طبيعي..
+
من قبل عرسه معتفس.. والحين معتفس بزيادة..
+
مكتم على طول!! والكلمة يا الله يقولها!! "
+
عبدالله تنهد وهو يجيب صالح بحزم: وأنت وأشفيك صاير كنك من عجايز الضحى.. مالك شغلة إلا تراقب وتدور العذاريب..
+
يا أخي فهد بطبيعته مهوب كثير كلام.. خله براحته!!
+
صالح يبتسم وهو يستعد للقيام: دام إبي وهزيع مهوب هنا.. أحسن لي اقوم لبيتي..
+
مقابل أم خالد أحسن من مقابلك أنت وأخيك!!
+
عبدالله يضحك: زين لو جيت بكرة تبي قهوة العصر.. تراك منت بمعيني وتقعد تبكي على الأطلال..
+
صالح بمرح: ليه وين بتروح؟؟ بتهاجر؟؟
+
عبدالله بمرح مشابه: لا طال عمرك.. عازم أم حسون وحسون على الشاليهات يومين..
+
خلنا نتفتك من وجهك وأنت كل يوم غاثنا...
+
بعد دقائق.. فهد يتلفت حوله ثم يهتف بتساؤل: وين راح صالح؟؟
+
عبدالله ابتسم: تو الناس.. صالح راح من زمان..
+
يقول زهق من مقابلنا..
+
فهد عاد للصمت ولكن عبدالله اقترب من فهد أكثر ثم همس له من قرب بجدية:
+
اسمعني يأخيك زين..
+
ترا مافيه حياة زوجية تخلى من المشاكل... وكثير ناس متزوجين يعانون في بداية حياتهم الزوجية لين كل واحد يتاقلم مع الثاني..
+
وترا أنا وصالح مثلا وش كثر مرت علينا مشاكل مع حريمنا...
+
عمرك لاحظت علينا شيء؟؟؟
+
لكن أنت ملاحظين عليك.. مع إنه حنا دوم نقول أنت أقوى شخصية فينا..
+
يمكن لأنك واحد ماتعرف تتلون.. وماتعرف تدس مشاعرك..
+
بس ترا التلون يأخيك أحيانا يكون ميزة..!!
+
لأنه فيه أشياء المفروض ما تظهر للناس!!
+
فهد بغضب: ومن قال لك فيه مشاكل بيني وبين مرتي؟؟
+
وأنا أساسا مافيني شيء.. أنتو بتلاحظون من كيفكم يعني!!
+
عبدالله بهدوء متحكم: لا تكابر... وأنا ماطلبت منك تقول لي شيء..
+
ولا سألتك..
+
كل اللي قلته... مشاكلك لا تبين على وجهك!!
+
فهد تنهد وهو يقف مغادرا..
+
" يا الله.. حتى أخواني ملاحظين..
+
خليتيني مطنزة يا جميلة..
2
لا حول ولا قوة إلا بالله !! "
+
**********************************************
+
" حبيبي من كنت تكلم ذا كله؟؟"
+
عبدالرحمن بعفوية: رئيس قسمي.. يسألني لو كنت مستعد أطرح مواد ذا الفصل الجاي لأنه عندهم نقص..
+
عالية بترقب: وش قلت له؟؟
+
عبدالرحمن بذات العفوية: عادي... قلت له أبركها من ساعة..
+
عالية ارتعشت من السعادة في داخلها.. فانخراطه في مجال العمل سيعطيه بالتأكيد حافز أكبر ليمشي..
+
فمهما يكن استخدامه للكرسي في ممرات الجامعة واحتياجه الدائم للمساعدة أمام زملائه وتلاميذه لن يكون شيئا مريحا له لا نفسيا ولا جسديا!!
+
عالية همست بسعادة: زين أنا عندي موعد عن الدكتورة... توديني؟؟
+
قالت (توديني) وليس تذهب معي!!
+
ابتسم عبدالرحمن: أودي مندوبش... دقيقة خلني أتصل في السواق يشغل السيارة!!
+
************************************
+
تأخر الليلة نوعا ما.. رغم أنه ليس تأخيرا بالمعنى الفعلي!!
+
ولكنها الليلة بالذات تمنت ألا يتأخر..
+
فجوزاء أخبرتها أنهم سيذهبون للشاليهات وسيباتون هناك ليلتين..
+
لذا هي تعلم أن الطابق العلوي كاملا لا يوجد به سواها..
+
وحتى في الأسفل لا يوجد إلا عمها وعمتها وهما بالتأكيد نائمان الآن..
+
وهي تشعر بخوف طبيعي... رغم أنها في أحيان كثيرة تخاف من فهد شخصيا..
+
ولكن الخوف من شيء معلوم أهون من الخوف من شيء مجهول!!
+
" يمه بسم الله الرحمن الرحيم..
+
كل شيء صار يتهيأ لي.. وصرت من خبالي أسمع أصوات غريبة
+
والزفت ذا لحد الحين ما جا...
+
من زين نفعته عاد.. !!
+
بس يا الله اسمه موجود..
+
ليت ربي يخلصني بس من وجوده..
+
ذا الايام ماتبي تخلص عشان يفارق..وأروح لبيت هلي!!"
+
#أنفاس_قطر#
+
