رواية بين الامس واليوم الفصل الحادي والتسعون 91 بقلم الكاتبة انفاس قطر
بين الأمس واليوم/ الجزء الواحد والتسعون
+
تأخر الليلة نوعا ما.. رغم أنه ليس تأخيرا بالمعنى الفعلي!!
+
ولكنها الليلة بالذات تمنت ألا يتأخر..
+
فجوزاء أخبرتها أنهم سيذهبون للشاليهات وسيباتون هناك ليلتين..
+
لذا هي تعلم أن الطابق العلوي كاملا لا يوجد به سواها..
+
وحتى في الأسفل لا يوجد إلا عمها وعمتها وهما بالتأكيد نائمان الآن..
+
وهي تشعر بخوف طبيعي... رغم أنها في أحيان كثيرة تخاف من فهد شخصيا..
+
ولكن الخوف من شيء معلوم أهون من الخوف من شيء مجهول!!
+
" يمه بسم الله الرحمن الرحيم..
+
كل شيء صار يتهيأ لي.. وصرت من خبالي أسمع أصوات غريبة
+
والزفت ذا لحد الحين ما جا...
+
من زين نفعته عاد.. !!
+
بس يا الله اسمه موجود..
+
ليت ربي يخلصني بس من وجوده..
+
ذا الايام ماتبي تخلص عشان يفارق..وأروح لبيت هلي!!"
+
تهيأ لها أنها سمعت صوت فتح الباب.. مع أنها أغلقته وسحبت مفتاحها..
+
" أكيد فهد.. هو اللي معه المفتاح!!"
+
خرجت من غرفتها لغرفة الجلوس.. فلم تجد أحدا فيها..
+
تزايد الرعب في قلبها وهي ترى باب الغرفة الخالية مفتوح وإضاءتها مشعلة..
+
عادت للغرفة وتناولت هاتفها.. وهي تعود لتقف في الممر من شدة توترها ورعبها..
+
اتصلت بفهد.. وللمرة الأولى تفعلها.. منذ أدخل هو رقمه في هاتفها على سبيل الواجب..
+
أرادت أن تتأكد إن كان هو الموجود في الغرفة!!
+
وبالفعل سمعت صوت رنين هاتفه يأتيها من الغرفة الخالية.. وضعت هاتفها على طاولة الممر..
+
وتقدمت بترقب به نوع من الفضول ( وش يسوي هناك؟؟)
+
حين دخلت كانت الغرفة خالية تماما كما رأتها آخر مرة... إلا من شيء واحد..
+
كان ملقى بقرب باب الحمام..
+
في البداية لم تدقق النظر فاقتربت.. لتتعرف فورا على ماهية الموجود.. ورائحته..
+
ولتصرخ صرخة مبتورة.. ويسقط مغشيا عليها بلا مقدمات!!
+
كان ثوب فهد غارقا في الدم.. ورائحة الدم بدت فائرة جدا!!
+
وهي تتعرف على الثوب الأبيض الذي تحول للون الأحمر من أزراره التي أرتداها اليوم عصرا!!
+
فهد ما أن سمع صوت صرختها حتى خرج من الحمام بجزع..
+
وهو يلف وسطه بفوطة أخذها من خزائن الصالة العلوية التي يعلم أنها دائما تحتوي مناشف نظيفة..
+
حتى لا يدخل على جميلة بمظهره هذا ويسبب لها الرعب..
+
فهو بداية صعد بثقة أن أحدا لن يراه لأن والديه نائمين.. وشقيقيه خارج البيت..
+
ثم دخل بهدوء حتى لا تنتبه تحسبا أن تكون جميلة لم تنم بعد.. مع أنه تمنى أن تكون نامت..
+
ولكن حتى في هذه المرة التي كانت نيته صافية.. سار الأمر على غير رغبته..
+
وهاهي رأت ما خشي أن تراه من أجلها وليس من أجله!!
+
ولكنه لم يتخيل مطلقا أن تصل ردة فعلها إلى درجة الإغماء من مجرد رؤية بعض الدم !!!!
+
فهد انحنى عليها ليرفعها.. ولأن شعره كان مبلولا.. فقطرات الماء انحدرت من شعره على وجهها لتقوم بدورها في تفويقها..
+
وهي تشهق متيقظة من إغمائتها... وحالما رأت وجهه قريبا منها.. انخرطت في بكاء حاد وهي تحسس صدره وكتفيه بكلتا يديه:
+
أنت طيب؟؟ مافيك شيء؟؟ من وين الدم؟؟
+
جميلة كانت تتصرف بعفوية تامة وهي حتى لم تنتبه أنها كانت تتحسس جسده العاري..
+
ورعبها يوقف أي إحساس خاص لديها... سوى الاطمئنان على هذا الذي ظنته مصابا بجروح خطيرة حين رأت كل هذا الدم!!
+
حتى ولو كان فهد بنفسه لا يهمها بشكل شخصي...
+
ولكنه يبقى إنسانا أقرب إلى زميل سكن.. حتى لو كنت لا تتقبل زميلك في السكن ..
+
فيستحيل أن تكون بلا إحساس لو ظننته مصابا بهكذا إصابة!!
+
هكذا هم البشر!!
+
وإن كانت لمساتها ورعبها وشفافيتها ودموعها كانت عفوية جدا لديها دون تأثير خاص فيها!!
+
فهي كانت أبعد ما تكون عن العفوية عنده.. وتأثيرها أكثر من صارخ وحاد وموجع عليه..
+
فهو رغما عنه انتفض كالمحموم مع كل تربيتة من أناملها على جسده..
+
وارتعشت روحه مع كل دمعة رآها تتقاطر عبر أهدابها لأنه يعلم أن هذه الدموع مسكوبة من أجله هو!!
+
فهد حاول أن يبتعد عنها قليلا في رد فعل متأخر لمنع تأثيرها عليه... ولكنه كان فعلا رد فعل متأخر جدا..
+
لأن التأثير حدث وتعمق في روحه التي -رغما عن كل قساوته وجلافته- مازالت روحا بكرا هي من تطبع خطوطها الأولى عليها!!
+
هتف بنبرة مموهة وهو يحاول ألا ينظر ناحيتها: مافيني شيء.. بس كنت أنا وربعي نتناصع.. وواحد منهم تصوب تصويبة خفيفة في كتفه..
+
وأنا اللي شليته.. عشان كذا الدم غرقني!! (نتناصع = نتنافس في استخدام السلاح في إصابة علامات معينة)..
+
جميلة سألته بعفوية متأثرة: وعساه طيب الحين؟؟
+
فهد بذات النبرة المموهة : طيب.. ماخليته إلا عقب ما تطمنت عليه!!
+
جميلة حينها انتبهت أن هذا الجالس جوارها على الأرض عاري الصدر.. ولا يرتدي سوى منشفة..
+
منظر لم تراه مطلقا من قبل على الطبيعة.. ففهد لم يكن يخرج من غرفة التبديل إلا بعد أن يلبس على الأقل (فنيلته وسرواله)..
+
وبالطبع لم تراه سابقا أبدا.. فلم يكن لها والد ولا أخوة.. ولم تراه طبعا في خليفة..
+
ولا حتى في منصور الذي يستحيل أن يغادر غرفته إلا بملابسه الكاملة!!
+
تراجعت بعنف حقيقي.. ووجهها الخالي تماما من الزينة يتفجر بالاحمرار من شدة الخجل الذي خنقها..
+
لم تستطع حتى أن تقف وهي تخفض رأسها حتى لا تنظر ناحيته!!
+
فهد وقف.. وهي مازالت جالسة على الأرض..
+
مد يده لها لتقف.. لأنه ظن أنها لم تستطع الاستناد لساقها..
+
لكنها حين رأت يده المدودة.. همست بجزع: لا خلاص.. خلاص.. بأقوم بروحي..
+
فهد مستغرب منها ( لا تكون صدق مستحية ذي؟؟
+
وإلا يمكن مهيب متقبلة شوفتي عقب ناس ثانين تعودت عليهم؟؟)
+
الفكرة الأولى أثارت استيائه لأنها ظنها تتصنع الحياء..
+
والفكرة الثانية أثارت غيظه وغضبه لسبب يحاول ألا يتذكره ويتمنى لو أستطاع أن ينساه فعلا لشدة مابات يعذبه..
+
هي فعلا كان الوقوف من جلستها على الأرض صعب عليها.. وخصوصا وهي تشعر بخدر في عظامها من حالة الرعب التي اجتاحتها..
+
ثم من خجلها من هذا الواقف فوق رأسها بدون خجل!!
+
فهد حين رآها لم تقف بعد أمسك بعضديها وأوقفها أمامه دون أن يفلت عضديها.. جميلة أشاحت بنظرها عنه بخجل فطري..
+
وهي تنتظر أن يفلتها كما هو متوقع لتهرب لغرفتها..
+
لكنه لم يفلتها وهو يقربها منه قليلا دون أن يعرف السبب..
+
جميلة حين رأته يكاد يلصقها بصدره انتفضت وهي تخلص نفسها منه وتهرب لغرفتها..
+
لكنها ما كادت تصل وهي تتنتفس الصعداء حتى كان يصل خلفها وهو يشد عضدها ويديرها ناحيته بكل حدة..
+
ويهتف بذات الحدة كما لو كان يريد تعذيب نفسه بما يقوله: ممكن أعرف الحركة اللي سويتيها وش داعيها؟؟
+
يعني عشان مسكت عضدش هجيتي.. ماكأنه قد صار بينش وبين رجال ثاني أكثر من مسكة العضد بكثير..
+
مسوية فيها خجولة وتستحين؟!! وإلا تمنعين؟!!
+
علميني.. ليش إني الغشيم وأنتي الخبرة!!
+
( يا الله!! وش جنسك أنت؟؟ ما تشبع تجريح؟؟) جميلة شدت عضدها من يده وهي تهمس بحزم رقيق:
+
هذا أنت قلتها (عضدي) يعني كيفي لو مابغيتك تمسكه..
+
أستحي!! أتمنع!! أتدلع!! بكيفي بعد!!
+
وبعدين ليش ما تقول إني خايفة عليك تمرض لو استخدمت شيء مستخدم..
+
يمكن يكون مليان جراثيم وانت تمرض ياحرام!!
+
فهد صرخ فيها بغضب: ومن قال لش إني أتنازل عشان أقرب منش!!
+
أعتقد إني فهمتش ذا الكلام ألف مرة!!
+
جميلة ابتعدت عنه وهي تهمس بنبرة مقصودة: أنا فاهمة الكلام عدل..
+
بس أنت شكلك اللي مافهمته!!
+
( ياربي.. ولسانها طويل بعد!!
+
على شينه قوات عينه!!)
+
فهد لم يرد عليها وهو يتوجه للحمام لاستكمال استحمامه سريعا..
+
حين خرج.. ذهب ليبحث عن هاتفه في جيب ثوبه فلم يجد الثوب.. ولكنه سمع صوت التقيء الواضح القادم من الحمام..
+
دخل باستعجال جازع ليجدها تجلس على الأرض وتتقيأ في المرحاض..
+
رفعها دون أن يشعر وهو يفتح الحنفية ليغسل وجهها.. ليتفاجأ أن ملابسه كلها حتى ملابسه الداخلية التي غرقت بالدم.. موضوعة على المغسلة..
+
ولأنه قربها منها أفلتت منه وهي تعود للجلوس على الأرض وللتقيء مع أن معدتها أصبحت خالية تماما..
+
فهد حينها فهم ما سبب تقيئها... كان رائحة الدم ومنظره من هذا القرب..
+
حملها بغضب رغم أنها لم تكن تحتاج من يحملها.. وهو يهتف بغضب أشد: دامش مقروفة كذا.. وشو له تروحين هناك؟؟
+
جميلة غطت وجهها بكفيها وهي تشعر بالخجل من نفسها ورائحة القئ فيها وتتمنى لو أنزلها وهي تهمس باختناق:
+
كنت أبي أغسلهم.. قلت لو نشف الدم ماراح ينظف..
+
فهد بذات الغضب: ومن قال لش أبيش تنظفينهم؟؟ بأرميهم في الزبالة بأحرقهم.. مالش شغل فيهم!!
+
حينها كان قد وصل لغرفته وأنزلها قريبا من باب غرفة التبديل..
+
لتقفز بسرعة للحمام.. ويسمع صوتها تتقيأ للمرة الثالثة.. لأنها عاجزة عن إزالة رائحة الدم عن أنفها...
+
فهد صرخ عبر باب غرفة التبديل بحزم: تسبحي وأنا بأروح أجيب لش ليمون وملح..
+
لأنه دام الحالة ذي صابتش.. ماراح تروح إلا لو كلتي شيء طعمه قوي!!
+
فهد نزل للأسفل وهو يتأفف (ذا الليلة شكلها ماتبي تخلص
+
أولها مغمى عليها... وعقبه تزوع..
+
وش تاليها بعد؟؟)
+
حين وصل للمطبخ الداخلي سارع لسكب بعض الملح في صحن صغير..
+
ثم فتح الليمونة لنصفين وضعها فوق الملح..
+
كان قد انتهى ويستعد للخروج حين سمع الصوت الساخر المرح:
+
أعرف الناس على الأقل يبون شهر.. لكن أنتو وحامكم بادي من أسبوع..
1
بصراحة غطيت على أبو نظارات!!
1
وقف خلني أدق التحية العسكرية ياحضرة النقيب!!
+
فهد يتجاوز هزاع وهو يرد عليه بعدم اهتمام: ماعليك شرهة عشان أرد عليك!!
+
هزاع حينها ضحك: خلاص واشرايك أقول تسبح عشانك لوعت كبد المسكينة لدرجة إنها تبي ليمون للوعة..
+
حينها استدار فهد لهزاع بعضب جامح: هزيع لآخر مرة أقول لك.. مرتي لا تجيب طاريها على لسانك!!
+
هزاع بعدم اهتمام: روح بس أنت وليمونك.. أنت أصلا من يوم خذتها وأنت مستخف..
+
الله يديم علينا نعمة العقل!!
+
فهد هتف بصرامة غاضبة: تدري.. أنا الحين ماني بمتفرغ لك.. بس دواك عندي يادلوعة أمك.. على طول ذا اللسان!!
+
صعد لغرفته..
+
وانتظرها مطولا قبل أن تخرج من الحمام (شكله مافيه نومة لين أصلي الفجر..
+
مع إني ميت تعب)
+
وأخيرا خرجت وعيناها محمرتان لطول ما استحمت.. ترتدي بيجامة قطنية خليط من اللونين الأبيض والأصفر الفاتح!!
+
لا يعلم كيف يصف رؤيته لها مع أنه لم يدقق في ملامحها ولكن بدا له كما لو أن الشمس أشرقت قبل وقت شروقها..
+
هكذا كان إحساسه الغريب وغير المفهوم!!
+
انتفض بغضب من أفكاره وهو يمدها بصمت بصحن الليمون..
+
هزت كتفيها برقة: وش أسوي فيه؟؟
+
فهد بنبرته الغاضبة: بعد وش تسوين فيه؟؟ صوري جنبه صورة تذكارية..
+
جميلة تناولت الصحن منه دون أن ترد عليه (كل شيء لازم يوجعني فيه وإلا ما يستانس ذا المعقد!! )
+
كل منهما انعزل في زاوية.. مشغولة بجرحها منه !!
+
ومشغول هو بها.. يحاول إخراج مزيد من العيوب فيها!!
+
( هذي أشلون يعتمد عليها في بيت!!
+
من شوي دم سوت لنا فيلم هندي..
+
يا من شرا له من حلاله علة..
+
والله إني كنت مبسوط بحياتي عزابي..
+
من يوم دريت إني بأخذها ماعرفت إلا النكد!!)
4
.
+
.
+
.
+
لم يناما حتى صليا الفجر..
+
وهاهو يصحو قبلها..
+
كعادته التي برزت الأيام الماضية حتى وهو ينكر ذلك على نفسه..
+
استدار لينظر لها وهو يدعو الله أن تكون توليه وجهها هذه المرة.. فهي تنام دائما وهي توليه ظهرها..
+
ولكنها مع تقلبها يصحو أحيانا ليجد وجهها ناحيته!!
+
لا يعلم لماذا يريد أن ينظر لها دون أن تنتبه..
+
أ هو كما يقول.. لمجرد متعة النظر إلى لوحة فنية بارعة دون التفكير بالتقرب منها؟!!
+
الغريب أنه هذا الصباح لا ينظر لحسنها الذي أشغله الأيام الماضية.. حين يراقب تفاصيل وجهها المنحوتة بدقة ربانية!!
+
لكنه اليوم ينظر إلى شيء أعمق وأرق وأدفأ خلف الملامح الخارجية..
+
يحاول أن ينكر على نفسه ماحدث البارحة ولكنه عاجز عن إزالته من عقله كما لو كان حُفر فيه!!
+
لمساتها.. دموعها .. شهقاتها من أجله.. جزعها عليه!!
+
ليجد أن شيئا صغيرا في روحه الغضة يرتعش بلا هوادة!!
+
( أوووف تمثل عليك يا الغشيم!!
1
تمثل!!
+
وأنت خبل.. صدقتها على طول!!)
+
زفر بغضب ونهض ليبحث عن هاتفه الذي لم يراه منذ البارحة..
+
وجدها وضعته له التسريحة.. كان هناك اتصال لم يرد عليه..
+
وتذكر فعلا أنه سمع صوت هاتفه رن رنتين البارحة وهو في الحمام..
+
اتصل بنفس الرقم.. ليجد الرنين يأتيه من مكان قريب جدا.. هاتفها المجاور لهاتفه..
+
انهى الاتصال قبل أن تصحو.. وهو يتذكر أنه حفظ رقمه في هاتفها ولكنه لم يأخذ رقمها..
+
(إذن هي اتصلت بي البارحة)
+
لا يعلم لِـمَ كل ما تفعله بدأ يؤثر فيه بطريقة ما..!!
+
كان هاتفها مازال بيده.. لا يعلم كيف تواردت له ظنون السوء التي لابد أن تفسد عليه كل شيء!!
+
كان ينظر لهاتفها كما لو كان ينظر لعفريت.. أو قنبلة ستنفجر في يده!!
+
(معقولة ممكن رقمه لين الحين في تلفونها؟؟)
+
.
+
( لا .. مستحيل.. وش يخلي رقمه في تلفونها؟؟)
+
.
+
(يمكن نسته؟؟ أو مهوب هاين عليها تمسحه؟؟)
+
كان كل مافيه يصرخ به أن يعيد الهاتف مكانه دون أن يقلب في قائمة الأسماء..
+
ولكن رغبته في تعذيب نفسه كانت تلح على نفسه أن يفعلها..
+
(خلاص خلني أشوف وارتاح .. وش أنا خسران؟؟
+
أكيد مهوب موجود.. لكن لو ما تأكدت الشيطان بيقعد يوسوس لي!!)
+
فهد فتح بالفعل قائمة الاسماء بحثا بالحرف (خ)..
+
ليجد ماكان يبحث عنه.. فليهنأ بالاحتراق والغضب وهو ماعاد يبصر شيئا أمامه وهو يرى اسم خليفة متكرر مرتين..
+
أحدها مع رقمه الفرنسي والآخر مع رقمه القطري..
+
فهد ألقى بالهاتف ليتجه لجميلة وينتزعها من فراشها انتزاعا وغضبه يتفجر أمواجا تلو أمواج..
1
جميلة شهقت وهي ترفع عن فراشها عبى حين غرة و تهمس برعب حقيقي:
+
فهد وش فيك؟؟
+
فهد مازال يعتصر عضدها الذي انتزعها به ويصرخ بغضب ناري ملتهب:
+
ولش لسان تسألين بعد وش فيني؟؟
+
ليش رقمه عندش؟؟ ليش رقمه عندش؟؟
4
فهد حالما أنهى سؤاله ألقاها بعنف على السرير.. لأنه بقي شيء من تماسك الأعصاب في داخله.. يقول له أنها لو بقيت قريبا من يده هكذا..
+
فهو لن يتوانى عن ضربها!!
+
جميلة تأخرت حتى التصقت بظهر سرير وهي تتكور على نفسها وتتهتف بين شهقاتها:
+
من هو ذا؟؟ والله ما أدري عن ويش تتكلم؟؟
+
فهد يعتصر قبضته ويتراجع خطوة للخطوة حتى يمنع نفسه من انتزاعها مرة أخرى والاطباق على عنقها..
+
ويهتف بغضبه الجامح: رجالش الأولي يا اللي ما تستحين ولا احترمتي حتى حرمتي.. ولا احترمتي أي شيء!!
+
أنتي وش جنسش؟؟
+
جميلة بدأت تشهق بانهيار: والله العظيم ما انتبهت.. أنا أساسا مامسحت اسمه..
+
بس والله ماقصدت شيء..
+
الاسماء عندي وش كثرها.. ولو انتبهت والله لا امسحه..
+
ثم قفزت وهي تشهق بطريقة طفولية موجعة: الحين بأمسحه.. الحين..
+
ركضت لهاتفها بسرعة وهي تتناوله وكل مافيها يرتعش.. لم تكن ترى حتى الشاشة لشدة انهمار دموعها..
+
وهي تبحث عن اسم خليفة حتى تمسحه..
+
وشعور مر بالمهانة يتصاعد في روحها حتى خنقها!!
+
حالما مسحت الاسم.. القت بهاتفها أرضا وهي تجلس على مقعد التسريحة وتدفن وجهها بين كفيها.. وتنتحب..
+
فهد وقف أشبه بتمثال جامد.. رغم أن يديه مازالتا ترتعشان من تأثير غضبه..
+
كان ينظر لها وهي تبكي بألم حقيقي..
+
وألمه هو يتسع..
+
(كم مرة بكيتها من يوم زواجنا لين الحين؟؟
+
ماعدت قادر أعد من كثرها..
+
هذا اللي أنت وعدت نفسك إنك بتسويه..
+
هذا وهي وصاتك!!
+
لو ما كانت أمانة عندك وش كان سويت فيها أكثر؟؟
+
أخييه منك رجّال من بين الرياجيل!!)
+
فهد حاول أن يقترب منها ليهدئها .. ولكنه لم يستطع..
+
ليس لديه أي شيء ليقوله..
+
فكل الكلمات هربت من قسوته!!
+
********************************
+
" هاحبيبي.. أصب لك فنجان بعد؟؟)
+
منصور يهز فنجانه هاتفا بمودة: لا ياقلبي.. شكرت..
+
ثم أردف بإبتسامة: اشرايش دام ماعندي دوام اليوم..
+
أطلع أنا وأنتي وزايد نتمشى شوي في فيلاجيو وإلا السيتي.. وعقب نتغدى هناك..
+
خلي زايد يجرب دراجته الجديدة وأنتي صاكة عليه 24 ساعة!!
+
ابتسمت عفراء: أخاف عليه منصور يتغير عليه الجو.. وإلا يتعب!!
+
منصور بحزم حان: ماعليه إلا العافية.. خليه يتعود..لكم نص ساعة تتجهزون..
+
ثم ابتسم وهو يردف: ولو جميلة عندنا كان قلت لكم ساعتين..
+
عفرا ابتسمت بحنان: ياقلبي يا بنتي.. ماراحت ولا جات جاتها ذا التلزيقة في الحمام.. وحبستها في البيت..
+
وهذا رجالها بيسافر قريب.. وهم لا طلعوا ولا راحوا مكان..
+
منصور يبتسم : لا تقولين إنش ما تحسبين لدورة فهد أكثر منه..
+
تبينه يروح بالسلامة.. عشان تجي عندش جميلة..
+
ضحكت عفراء برقة: كنك داري.. راح 8 أيام وباقي 6.. يروح ويرجع بالسلامة..
+
***********************************************
+
منذ خرج صباحا وهو يتحاشى العودة للبيت حتى لا يراها..
+
لكنه ختاما.. اضطر للعودة حتى يستبدل ملابسه..
+
عاد بعد صلاة المغرب..
+
طرق الباب وهو ينتنحنح.. فردت عليه أمه تعال يأمك مافيه حد؟؟
+
ولكن كان هناك كل من يخشى مقابلتهم...... هـــي..
+
كانت تجلس مع أمه وتتولى هي مسئولية سكب القهوة..
+
لا يعلم لماذا توارد لباله أنها لن تخرج من غرفتها اليوم مطلقا لما رآه من انهيارها في عاصفة من البكاء.. تركها وهي مازالت غارقة فيها!!
+
(عشان تعرف إنها تمثل!!
+
دموع التماسيح.. عشان تحسسك بالذنب وتداري على غلطتها!!
+
خذوهم بالصوت!!
+
سكتتني وهي الغلطانة!!
+
لا وبعد قاعدة لي متكشخة كنها بتروح عرس بدون سحا!! )
+
جلس بجوار والدته بعد أن قبل رأسها وهو ينظر للمقابلة لهما..
+
كانت متألقة أكثر من المعتاد.. وكأنها كلما ازدادت حزنا.. كلما ازدادت ألقا..
+
وكأنها تريد أن تغطي على على حزنها بألقها..
+
كانت ترتدي دراعة مغربية بلون تركوازي بدت فاتنة على لون بشرتها.. وشعرها ملولب ليزداد قصرا وإثارة..
+
أو ربما كانت كذلك في عينيه!!
+
همست أم صالح بعفوية: دامك جيت.. اقعد خل مرتك تقهويك.. وأنا بأقوم أسنع لي شيء في مجلس النسوان!!
+
همست جميلة بعفوية جزعة: تروحين يمه وأنا قاعدة.. قولي لي وش تبين وأنا بأروح؟؟
+
أم صالح برفض حنون: اقعدي يامش عند رجالش.. منتي بعارفة اللي أنا أبيه!!
+
حالما غادرت أم صالح كانت جميلة تتحاشى النظر له وهي تنظر للقهوة والشاي أمامها وتهمس بسكون:
+
أصب لك قهوة؟؟
+
رد عليها بسخرية: شايفش قبل شوي تعرفين السنع وبتنطين بدال أمي..
+
الحين ضيعتيه..؟؟
+
اللي بيصب لحد.. مايقول له أنت تبي..!!
2
جميلة تنهدت (يالله الصبر) سكبت له فنجانا من القهوة.. وناولته له..
+
شد على كفها بطريقة غريبة وهي تناوله الفنجان.. وارتعشت جميلة خوفا..(لا يكون يبي يحرقني بالقهوة.. هذا اللي باقي)
+
وارتعش هو من شيء آخر تماما..رعشة لم تتجاوز داخله!!
+
وهو يأخذ الفنجان منها.. وينزله أرضا ثم يهتف بعصبية على نفسه وليس عليها:
+
هذي صبة قهوة.. ؟؟ لو إنش صابتها لأبي كان رش الفنجال على وجهش!!
+
جميلة تنظر لفنجانه بيأس: ليه وش فيه؟؟
+
فهد بغضب: بعد تسألين وش فيه؟؟
8
جميلة تنهدت وهي تهمس بهدوء ولكنه أقرب للعصبية: فهد أنا ببزر ولا غشيمة عشان تعلمني أشلون أصب القهوة..
+
فنجالك أقل من نصه.. واعتقد إنك تدور لك سبب عشان تعصب..
+
أنا قبل شوي مقهوية أبيك.. وما أشتكى من فنجاله..
+
والحين اسمح لي استأذن..
+
فهد بغضب: وتبين تروحين وأنا أكلمش بعد يا اللي ما تستحين..
1
جميلة شدت لها نفسا عميقا وهي تقف وتضع جلالها فوق رأسها.. وتهمس بحزم: فهد لو سمحت..
+
مشتهي تعصب وتصارخ.. لنا مكان يلمنا.. لا تنشر فضايحنا قدام هلك!!
+
جميلة صعدت بالفعل لجناحها وهي تهمس في داخلها( ماني بباكية ذا المرة..
+
خله يولي..
+
والله ما أهتم له هو وكلامه اللي يسم!!)
+
ما كادت تصل لغرفتها حتى كان يصل خلفها وهو يصرخ بغضبه الذي لا يتوقف:
+
الحين أنا أسوي فضايح وأبي أعصب بدون سبب؟؟
+
جميلة لم ترد عليه.. وهي تخلع جلالها وتجلس على طرف السرير وتنظر لشيء غير مرئي أمامها..
+
قهد يقف أمامها وهو يهتف بذات غضبه الحازم: ومسفهتني بعد؟؟ ( مسفهتني= تتجاهله)
+
جميلة شدت لها نفسا عميقا للمرة الألف: فهد أنت وش تبي؟؟
+
تبيني أبكي؟؟.. أنت خلاص ما ترتاح لين تشوف دموعي وتشوفني منهارة..؟؟
+
دامك تشوفني متماسكة شوي.. بتقعد تضغط وتضغط لين أنهار..
+
خلاص فهد اعفيني من البكاء الليلة.. لأني بكيت اليوم اللي كفاني..
+
ارحمني حرام عليك.. والله لو أنا عدوتك ماتسوي فيني كذا؟؟
+
اعذرني.. ماراح أبكي.. أجلها ليوم ثاني..
1
فهد تراجع بصدمة ( أ هكذا وصلت نظرتها لي؟؟
+
أنني أقتات على حزنها ودموعها؟؟
+
إلى هذه الدرجة صورتي قميئة في عينيها؟؟)
2
فهد اكتفى بالصمت وهو يرتدي ملابسه ويخرج دون أن ينظر لها حتى.. وهي تجلس صامتة ساكنة في مكانها!!
+
ليتذكر غهد حين وصل سيارته أنه نسى مفتاحها في جيب ثوبه الذي خلعه.. فعاد لأخذه..
+
ليتفاجأ أن من لن تبكي اليوم لأنها شبعت بكاء.. منكبة على سريرها وتنتحب بصوت مكتوم وهي تدفن وجهها في المخدة..
+
انتفض بعنف وهو يعود دون أن يأخذ مفتاحه...
+
فر من المكان كاملا كما لو كان مجرما يفر من ساحة جريمته!!
+
فهي هذه المرة لا تمثل عليه ولا من أجله!!
+
بل تعبر عن حرقة لم ترد له أن يراها.. كرهت أن يرى ضعفها الذي بالغ في امتهانه إلى أقصى حد!!
+
**************************************
+
" ياحليلها جوزا.. وينها الليلة تكمل ثلاثي التنافيخ؟؟"
+
أم عبدالرحمن بمودة: بترجع بكرة إن شاء الله..
+
عالية بمرح: ياحليلها هي وعبود.. عرسان جدد مع بزر وكرش..
+
شعاع تضحك برقة: صدق الرازق في السما والحاسد في الأرض.. وش عليش منها؟؟
+
عالية تنظر لها من تحت أهدابها وتهمس بمبرة مرحة مقصودة:
+
خلش في حالش مع سي روميو.. تجين عندنا عشان كل شوي تدقين عليه!!
+
خلش مني أنا وجوزا.. أنا حماتها وهي حماتي... قبل أحول الموجة عليش!!
+
شعاع بذات الابتسامة: يمه منها.. لا خلش في مرت أخيش مالي شغل بينكم..
+
كل وحدة منكم لسانها أطول من الثانية!!
+
عالية تتأفف: على طولة اللسان اللي مامنها فايدة.. أبي أتحرك شوي.. أنفض الدولايب.. وأرتب ملابسي أنا وعبدالرحمن..
+
شعاع تبتسم: تدرين حتى أنا.. يبي لنا شوي حركة!!
+
أم عبدالرحمن برفض: والله ما وحدة منكم تسوي شيء... قروا شوي.. توكم على الشغل..
+
*************************************
+
هذه المرة عاد مبكرا أكثر..
+
وجدها تصلي قيامها.. تركها في الغرفة.. وذهب لغرفة الجلوس.. ليصلي هناك ويقرأ ورده..
+
لا يعلم لِـمَ هو عاجز عن مواجهتها؟؟ أو بمعنى أصح النظر في عينيها!!
+
بات يكره نظرة الحزن فيهما.. ويتمنى لو رآها تبتسم أمامه ولو لمرة!!
+
حين انتهى توجه بحذر للغرفة..
+
وجدها تستعد للنوم..
+
ألقى السلام.. وردت بسكون..
+
كان يدور في الغرفة يقوم بأعمال روتينية......يغتسل... يبدل ملابسه..!!
+
ختاما ماعاد فيه صبر وهو يتوجه للناحية الآخرى من السرير ويجلس جوارها..
+
كانت قد تمددت وهي توليه ظهرها كالعادة..
+
انتفضت بجزع حين شعرت بنقراته الهادئة على كتفها.. فهي أصبحت في حالة رعب لأنها عاجزة عن توقع ردات فعله..
+
استدارت وهي تقفز ثم تنكمش في حركة دفاعية... شعر فعلا بالألم منها..
+
يا الله كم هو مر هذا الشعور.. أن تكون جارحا.. ومجروحا في ذات الوقت..!!
+
فهد هتف بسكون: اقعدي بأسولف معش بس..مافيه داعي تسوين ذا الحركة كأني بأسوي فيش شيء..
+
جميلة بيأس: يعني الحركة مالها مبرر؟؟ الإحساس اللي أنت عطيتيني من أول يوم..
+
إني يا أخاف من لسانك.. وإلا يدك..
+
حينها رد عليها فهد بيأس مشابه: جميلة... تكرهيني؟؟
+
جميلة تعترف أنها بوغتت تماما بالسؤال.. لم تتوقعه مطلقا منه.. (يسألها إن كانت تكرهه .. وهو لم يقدم لها إلا مبررات وأسباب للكراهية!!)
+
ومع ذلك أجابت بسكون صادق: لا ما أكرهك.. ما تعودت أكره حد.. ولا حتى اللي جرحوني..
+
تضايق من ردها لسببين.. الأول أنها أشعرته أنه يستحق الكراهية ولكن لأنها لا تستطيع أن تكره.. لم تكرهه..
+
والثاني أن هذا الرد يحمل معنى ضمنيا أنها لم تكره كذلك زوجها السابق مع إساءتها الكبيرة لها وهو يطلقها في المطار!!
2
انقطع الحوار.. هو صمت.. وهي صمتت.. ثم عادت لتتمدد.. وهي تشعر بالفعل أنها مستنزفة مما حدث هذين اليومين..
+
وتتمنى أن تنتهي الأيام القليلة القادمة حتى تتخلص من ثقل وطأته ووجوده..
+
تخشى أن تنهار منه.. تريد لها إجازة بالفعل حتى تستعيد عافيتها النفسية..
1
************************************
+
بعد خمسة أيام
+
.
+
.
+
اليوم هي سعيدة فعلا.. فغدا سيسافر أخيرا..
+
يا الله كم هي ثقيلة الايام التي مضت.. مع انه خلال الأيام الخمسة الماضية لم يحدث بينهما أي شد..
+
إلا فلتات لسانه الناتجة عن جلافة لسانه المعتادة.. وهي تحملت كل شيء وهي تعد الأيام.. وتصبر نفسها أنه مابقي شيء..
+
كانت ترتب حقيبته الختامية.. حين دخل عليها.. جلس على طرف السرير..
+
بينما همست هي برقة: أنا خلصت شنطتك خلاص.. تبي شيء ثاني؟؟
+
أجابها بحزم غريب: إيه.. رتبي شنطتش بعد!!
1
جميلة قفزت بجزع وهي تختنق تماما: نعم؟؟ ليش أرتب شنطتي؟؟
+
فهد بذات الحزم: سمعتيني.. رتبي شنطتش..
+
جميلة بذات الاختناق: بس أنت ماقلت لي أبد إني بأسافر ذا الأيام كلها..
+
وش اللي غير رأيك؟؟
+
فهد بحزم أكثر صرامة: أنتي ليش ترادين؟؟ رجالش قال لش بتسافرين معه..
+
تتجهزين بدون كلام.. انتهينا..
1
جميلة شعرت أنها تريد أن تبكي أكثر من كل مرة..
+
هي بالكاد تحتمله الساعتين اللتين يقضيهما في البيت.. فكيف في مصر؟؟.. بالتأكيد سيقضي معها وقتا أطول.. لأن التدريب لا يأخذ إلا ساعات معدودة في اليوم..
+
او الأسوأ أنه سيتركها طوال اليوم وحدها وفي مكان غريب!!
+
همست بذات الاختناق: زين أنت كنت حاجز السكن مع شباب.. وش بتسوي فيهم؟؟
+
فهد بنبرة أقرب للغضب: أنتي وش دخلش في ذا الكلام؟؟ مالش إلا تسكنين في أحسن مكان..
+
جميلة ستبكي فعلا ولكنها مازالت تقاوم حتى لا يظن أنها تستخدم سلاح دموعه لاثنائه..
+
خصوصا أنها تعلم أن دموعها لا قيمة لها عنده.. فلماذا تقلل من قدر نفسها..؟؟
+
همست بمخاوفها الطبيعية: بس أنا اخاف أقعد في شقة بروحي وانت منت بموجود..
+
فهد تنهد: بنسكن في أوتيل.. لا تخافين من شيء!!
+
جميلة مازال لديها أمل أنه سيتراجع.. لا تتخيل أنها ستسافر معه.. بعد أن قضت الأيام الماضية كلها على أمل أنه سيسافر وسترتاح من وجوده..
+
همست بضعف: وليش الخساير؟؟ شهر كامل في أوتيل!!
+
فهد بغضب: أنا اللي بأدفع.. بتدفعين شيء من جيبش.. خلصيني يا بنت الحلال..
+
أنا رايح الحين.. رتبي أغراضش عشان أوديش تسلمين على أمش..
+
سفرتنا بكرة الصبح!!
+
جميلة باختناق أشد: وعرس مزون يعني ما أنا بحاضرته.. ماباقي عليه إلا أسبوع!!
+
حرام عليك فهد!!
+
فهد بغضب: أني ملزومة في من؟؟ فيني وإلا في بنت خالتش؟؟
+
خلصيني بدون كثرة كلام..
+
قلت لش بتسافرين.. بتسافرين.. انتهينا!!
+
فهد غادر.. وجميلة انهارت فعلا تبكي ..
+
(ليش كذا ياربي؟؟ ليش؟؟ اللهم لا اعتراض..
+
بس ماني بطايقة وجودي معه.. بأموت ياربي.. بأموت!!)
+
كانت تبكي من عمق روحها المنتهكة...
+
أن تبني كل شيء على حلم بريء جدا وبسيط.. ثم ينهار بلا مقدمات..
+
أمر تعجز عن وصف ألمه ووجعه..
+
كل ما أردته وعاشت على أمله.. أن يسافر.. يسافر فقط..
+
ولكنه لابد أن يحرمها من كل مايسعدها.. حتى لو كان لا يريدها..
+
فهو يريدها تعيسة حتى يكون هو سعيدا..
+
انتحبت أكثر وأكثر.. وهي تتخيل وترسم سيناريوهات لمسار حياتها مع فهد وهما لوحدهما تماما!!..
+
كل السيناريوهات بدت مرعبة.. مرعبة لأبعد حد!!!
+
**********************************
+
" من جدش خالتي جميلة بتسافر؟؟
+
ماصدقت يوم قلتي لي تعالي.. عشان أسلم عليها..
+
ولحد الحين ماني بمصدقة!!"
+
عفراء بحزن شفاف: لا صدقي... رجالها لزّم عليها تسافر معه!!
+
مزون بحزن عميق: يعني ماراح تحضر عرسي؟؟
+
عفراء احتضنت كتفي مزون بحنان: ماعليه يامش ظروفها جات كذا..
+
في تلك اللحظة كانت جميلة تدخل..
+
تعبت من رسم القوة طوال الأيام الماضية.. تعبت..!!
+
فهي كانت تحاول التمسك بالقوة على أمل أنها سترتاح منه قريبا..
+
لكن القوة الآن ماعاد لها معنى ولا داع..
+
فهو سيأخذها معه ليمارس عليها عقده.. ويجرعها قسوته اللا محدودة..!!
+
أ لم يكفيه كل مافعله معها وهو يمتهن إنسانيتها بكل الصور حتى يريد إنهائها تماما؟؟
+
ما أن رأت أمها ومزون متجاورتين حتى رمت نفسها بينهما وانتحبت بطريقة هستيرية..
+
عفراء بجزع: جميلة يأمش الله يهداش ليش ذا كله..
+
جميلة بين شهقاتها المتزايدة: ما أبي أسافر معه.. ما أبي!!
+
عفراء بقلق: ليش يامش؟؟ ليش؟؟
+
جميلة مازالت تحاول التمسك ببعض الجلد المتهاوي وهي تذكر سببا مهما جدا ولكنه ليس مطلقا السبب الرئيسي: أبي أحضر زواج مزون..
+
بأموت لو ماحضرته!!
+
مزون بتأثر متعاظم وهي تحاول ألا تبكي وتحتضن جميلة: جمول ياقلبي أنا عاذرتش..
+
جميلة تنتحب: أدري إنش منتي بمتشرهة علي.. بس أنا كنت أبي أحضر..
+
عفراء تشدها لتحتضنها بقوة: خلاص يأمش.. رجالش أبدى..
+
تكفين لا تبكين..
+
جميلة احتضنت خصر أمها وهي تنتحب بهستيرية حقيقية...
+
نثرت كل كبت الأسبوعين الماضيين وهي تعاني لوحدها.. عاجزة حتى عن مجرد الشكوى..
+
وهاهي تجد لها الغطاء المناسب لسكب وجعها في حضن أمها..
+
الأمر الذي تمنته في كل مرة رأت فيها أمه.. ومنعت نفسها منه.. حتى لا تثير قلق أمها..
+
.
+
.
+
" هذا فهد؟؟ مسرع يأمش..!!"
+
جميلة همست بيأس: يمه الوقت صار متاخر.. وطيارتنا بكرة بدري..
+
ثم أردفت بنبرة مموهة: فهد يبي ينزل يسلم عليش!!
+
عفراء تنهدت: خله يأتي يا حياه الله..
+
مزون قومي يأمش داخل..
+
مزون توجهت للداخل بينما جميلة توجهت للباب المطل على الباحة لتفتحه لفهد حيث أخبرها بوقوفه!!
+
حين دخل.. أول مالفت انتباهه هو وجهها.. كان ذابلا تماما ومحمرا لكثرة مابكت..
+
(يا الله الحين وش قالت لعمتي؟؟
+
يمكن عمتي ماترضى تخليها تسافر!!)
+
فهد كان يشعر أن هناك مصيبة ستحصل.. لابد أنها أخبرتهم بالوضع المتردي بينهما..
+
وبالتاكيد لن يسمحوا لها أن تعود معه حتى للبيت..
+
ومع ذلك تنهد بحزم وهو يخطو للداخل ويقبل رأس عفرا التي همست له برجاء عميق:
+
يأمك الله الله في جميلة.. المسكينة كانت بتموت تبي تحضر عرس بنت خالتها.. بس بدتك أنت على كل شيء!!
+
فهد تنهد براحة (هذي السالفة بس!!) لذا ابتسم وهو يهتف باريحية:
+
وهي مهيب أحسن مني.. دامها بدتني على قولتش..
+
على خشمي أرجعها عقب أسبوع نحضر العرس ونسافر مرة ثانية!!
+
جميلة حين سمعته يقول تمنت للمرة الأولى أن تقفز وتحتضنه وتقبل رأسه.. ولولا وجود والدتها وإلا لفعلتها..
+
كانت تشهق بفرحة: صدق فهد؟؟ صدق؟؟
+
ابتسم فهد لأنه يراها تضحك أمامه لأول مرة : أكيد صدق!! المهم ذا الدموع ما نشوفها..
+
جميلة قفزت للداخل لتبشر مزون.. بينما عفرا التفتت لفهد وهي تهمس بعمق:
+
تكفى يأمك الله الله فيها.. ولا تخليها وقت طويل لحالها.. تراها تخاف من كل شيء..
+
فهد هز رأسه بثقة: لا تحاتينها..
+
عفرا همست باختناق: زين يأمك انتظر دقايق بس.. منصور جاي الحين يبي يسلم عليها قبل تروح..
+
فهد ينظر للساعة ويهتف بثقة: على العموم أبو زايد هو اللي بيودينا للمطار..
+
لو ما واجهناه اليوم.. واجهناه بكرة!!
+
.
+
.
+
.
+
( مشكور فهد.. مشكور.. الله يطول في عمرك)
+
فهد نظر لها بنظرة مثقلة بيأس حزين وهي تشكره بعفوية حالما ركبا السيارة
+
تشكره على أمر هو قرره منذ قرر أخذ الدورة..
+
لكنه لم يخبر أحد.. على أمل أن زواجه منها سيفشل.. ولكي يجعل هذا الأمر بمثابة مفاجئة لغانم ونايف من بعده..
+
يعني القرار كان من أجله هو!!
+
وهاهي تشكره بعدما سبب لها كل هذا الحزن.. وجعلها تسكب كل هذه الدموع..
+
كما لو أنك أخذت حلوى من طفل وتركته يبكي..
+
وحين أرهق من البكاء أعدت له الحلوى بعدما أكلت ثلاث أرباعها..
+
ثم تنتظر منه أن يقول لك شكرا...
+
هكذا كان إحساسه.. وكم باتت أحاسيسه تتعقد وتتلون بغرابة جارحة باتت تتخذ من روحه وطنا تسكنه وتعشوشب أوجاعه في ثناياه!!
+
*********************************
+
اليوم التالي
+
.
+
.
+
( ممكن أعرف أنت ليش متوترة كذا!!)
+
جميلة كانت تخلع عباءتها ونقابها وتعلقهما بعد أن استقر وضعهما في غرفتهما في الأوتيل وتهمس بصدق:
+
أخاف أقول لك تعاقبني على الكلام..
+
فهد بغضب: جميلة بلا سخافة!!
+
جميلة تنهدت: شفت هذا أولها..
+
فهد تنهد وهو يحاول أن يتحدث بهدوء.. فهو أيضا متوتر ولا يعلم السبب:
+
خلاص ماني بقايل شيء.. وش فيش؟؟
+
جميلة بعفوية: بصراحة خايفة منك!!
+
فهد باستنكار: تخافين مني ليه؟؟
+
جميلة بيأس: إلا قل لي ليش ما أخاف منك..
+
إذا وإحنا في ديرتنا عند هلي وهلك ماقصرت فيني تجريح..
+
أشلون وحن بروحنا؟؟
+
تنهد فهد بعمق: لا تحاتين أنتي الحين عبارة خوي السفر..
+
واللي مايراعي خويه ماله خانة..
+
تنهدت جميلة بذات اليأس: يعني بتراعي خوي السفر.. وأنت ماراعيت مرتك؟؟!!
+
فهد بذات العمق: يمكن إني غريب شوي!!
+
#أنفاس_قطر#
+
