رواية بين الامس واليوم الفصل التاسع والثمانون 89 بقلم الكاتبة انفاس قطر
بين الأمس واليوم/ الجزء التاسع والثمانون
+
مازال الصمت محتكما.. وهو ينثر جوا ثقيلا في المكان..
+
إن كان هو نظر لها.. فهي مازالت لم تنظر له..
+
وخجلها يخنقها.. وعيناها مثبتتان على مسكتها ويزيد في اضطرابها معرفتها أنه يراقبها الآن..
+
كان بالفعل قد ابتعد قليلا عنها ليترك مسافة بينهما وهو يستدير ناحيتها ويتأملها..
+
فللجمال أحيانا سطوة تفرض حضورها رغما غن كل أنف!!
+
كان يتأملها بدقة لا يعرف لها سببا..
+
نقوش الحناء التي وصلت إلى منتصف عضدها الملفوف.. بشرتها المصقولة لدرجة تبدو غير طبيعية..
+
شفتيها النديتين المرتعشتين.. أهدابها المسبلة بحسن لم يكن لسواها..
+
ذقنها الناعم الذي بدا له شيئا غير معقول وارتعاشه يزيده عذوبة..
+
ونظراته تنحدر أكثر إلى حيث يتربع العقد الماسي مكملا لصورة حسن مكتملة أساسا...
+
هكذا بدت له تماما.. أشبه بصورة مرسومة بتفنن بارع مبهر..
+
ولــكــنــهـــا... صورة مستهلكة... مستهلكة تماما!!
1
زفر بقرف فعلي لينفض قرف أفكاره.. وهو يقف مبتعدا عنها.. ثم يهتف بنبرة واثقة:
1
دقايق بأتوضأ ونجي نصلي.. ركعتين مع بعض...
+
فمهما كان غير متقبل لها.. فهذه سنة لابد من القيام بها..
+
بينما جميلة كادت تبكي فعلا..
+
ماذا تقول له.. أنها لا تصلي.. وهي تتفاجأ بدورتها الشهرية هذا الصباح مبكرة قبل موعدها الذي بالكاد انتظم...
1
تعلم أن هذا حدث من التوتر لابد..
+
ولكن ماذا تقول له الآن..؟؟
+
قررت أن تقف وتهرب قبل أن يعود.. وهي تتوجه لحمام غرفة النوم.. وتحمد ربها أنه توجه لحمام الصالة..
+
تناولت لها بيجامة زهرية من الحرير والدانتيل ناعمة وفخمة في آن بدون أكمام ولكن معها روبها الفخم من الدانتيل..
+
وتركت قميص النوم الذي علقته لها والدتها..
+
فهي خجلت من إخبار أحد.. وهي تدس أغراضها الخاصة بنفسها في الحقيبة هذا الصباح..
+
فهد حين عاد لم يجدها.. زفر بغيظ: ( صدق إنها قوية وجه ولا عندها حيا..
+
ما حتى انتظرت لين أجي!!)
+
قرر أن يصلي قيامه حتى تحضر.. مع أنه تمنى ألا تحضر..
+
ولكنه قضى وقتا طويلا بعد أن انتهى من قيامه ومن ورده.. وهي مازالت لم تحضر..
+
حينها قرر التحرك لداخل الغرفة...
+
كانت تجلس أمام التسريحة تمشط شعرها الذي استشورته للتو..
+
وكانت تريد وضع بعض الزينة الخفيفة.. ولكنه لم يمنحها الفرصة بدخوله المفاجئ..
+
استدارت نحوه بخجل ودون أن ترفع بصرها بينما هتف هو بحزمه التلقائي ونبرته الحادة:
+
ليش ماجيتيني عشان نصلي..؟؟
+
جميلة صمتت وهي تشعر أنها ستختنق.. أعاد عليها السؤال مرة أخرى..
+
حينها همست بصوت مختنق خافت: ما أقدر أصلي..
2
بدت له نغمة صوتها رقيقة وخافتة إلى درجة لا تحتمل لذا هتف بحزم أشد:
+
أشلون يعني ماتقدرين تصلين..؟؟
5
وارفعي صوتش خلني أسمعش..
+
قال ذلك وهو يقترب منها أكثر.. همست باختناق أشد وهي تحاول رفع صوتها أكثر وتكاد تبكي: ما أقدر أصلي..
+
فهد كان سيعيد السؤال مرة ثالثة لولا أن الله منَّ عليه بنعمة الفهم أخيرا.. وهو يتنحنح: زين تبين تعشين؟؟
4
همست برقة مختنقة وهي عاجزة عن السيطرة على ارتعاشها وهي تراه واقفا أمامها مباشرة: ما أبي.. تبي تتعشى أنت.. بالعافية..
+
حينها هتف فهد بجلافة: أنتي ليش تتكلمين كذا؟؟
4
جميلة همست بصدمة وهي ترفع بصرها له: نعم؟؟ كذا أشلون؟؟
1
كلاهما تكهرب وبشدة..
+
هو لأنه اكتشف أنها بدون زينة أجمل بكثير.. ومثيرة لدرجة مضنية.. مع أنه كان يظن ولو لحظة أن (الميك آب) هو ما منحها إطلالتها الفاتنة..
+
وهاهو يكتشفها أمام عينيه خالية من أي زينة... ومبهرة أكثر..
+
وهذا الأمر زاد في سلبية نظرته ناحيتها بطريقة غريبة..
+
"مثل هذه لماذا يتركها زوجها؟؟ لماذا؟؟
+
بالتأكيد بقدر جمالها.. بقدر سوء أخلاقها
+
ربما لم يحتمل أن يعاشرها..!!
+
فمن يحتمل هذه (الملاغة والمياعة) ؟"
+
وهـي تكهربت لأنها رأته من هذا القرب طويلا وعريضا ووسيما بطريقة مرعبة..
+
وهي تعقد فورا مقارنة بينه وبين خليفة المهادن الذي كان النظر له يُشعر بالأمان..
+
كلاهما تراجع خطوة للخلف بينما فهد يكمل بذات الجلافة الطبيعية:
+
أنا ما أحب الكلام بمياعة.. فاصطلبي وأنتي تكلمين..
2
جميلة مصدومة فعلا من جلافته: أنا مايعة؟؟
+
فهد يهز كتفيه وهو يهتف بصرامة: محشومة ماقلت أنتي مايعة..
+
بس قلت طريقتش في الكلام مايعة..
+
وأنا أكثر شيء أكرهه في الدنيا إن الوحدة تنعم صوتها..
+
جميلة مصدومة فعلا..
+
هل هذا يتكلم بجدية؟؟ أي عريس يقولون لعروسه هذا الكلام ليلة زفافهما..؟؟
+
(الظاهر النكد جا بدري أكثر مما توقعت) جميلة همست بحزم رقيق حتى هي استغربته.. لكنها لن تسمح له أن يهنيها أكثر:
+
ماعليه اسمح لي.. أنا لا أنا أنعم صوتي.. ولا أميعه..
+
بس الله عطاني نعمة إن صوتي أنثوي ورقيق.. وماحد يتبطر على النعمة..
4
فهد تفاجأ فعلا من سرعة ردها (ووقحة بعد!!)
+
رفع حاجبا وأنزل آخر وهو يهتف بتهكم: ومغرورة في صوتش المايع بعد؟؟
+
آلم جميلة اضطرارها لاستخدام أسلوب التحفز معه رغم أنها تذوي خجلا لم يسمح لها به..
+
همست بذات الحزم الرقيق: إذا أنت شايف إنه غرور.. أنا أشوفه ثقة..
+
حينها صدمها تماما أنه مد أنامله ليحرك شعرها وهو يهتف بذات النبرة التهكم:
+
وبعد شعرش المنتف نعمة أنتي واثقة منها.. المهم تتبعين الموضة؟؟
6
جميلة آلمها بحثه عن سلبياتها بهذه السرعة..
+
رغم أنه في داخله يعترف أنه مبهور بشعرها.. رغم أنه ككثير من الرجال الشرقيين مغرمين بالشعر الطويل..
+
ولكن قصة جميلة بدت فاتنة تماما عليها..
+
جميلة حاولت ألا تبكي وهي تهمس بثقة عذبة تخفي خلفها تهاويا في روحها:
+
على قولتك.. المهم أتبع الموضة..
+
والحين اسمح لي أبي أنام.. بكرة طلع باقي الأخطاء السبعة على راحتك!!
+
جميلة توجهت للسرير وهي تنتزع روبها عنها..
+
فهذا الفهد لا يستحق أن تحترمه.. ولا أن تخجل منه.. ولا أن تهتم له حتى..
+
اندست في السرير وهي تغطي وجهها..
+
ثم..
+
سمحت لطوفان روحها بالانهمار!!
3
************************************************
+
ربما كانت هذه أطول فترة بقضيانها مع بعضهما في البيت..
+
رغم أنهما لم يتبادلا فيها سوى الصمت.. والكثير من النظرات..
+
تعشيا سويا.. شاهدا الأخبار سويا.. وهاهما كلاهما يجلسان في جلستي جناحهما متقابلين..
+
كل منهما ينظر للآخر.. ويدعي إنشغاله بشيء آخر..
+
هي تتمنى لو ينطق بكلمة واحدة فقط... فمشاعرها ومنذ أيام فعلا على حد سيف وتنتظر الانقطاع..
+
بينما هو يتمنى لو يقوم ليجلس جوارها.. يضمها قريبا من صدره المهجور..
+
فربما حينها يعود له قلبه الذي يراه هو يرفرف حولها ..بينما هي لا تشعر به حتى..
1
كانا في جلستهما أشبه ببطلي حوار في قصيدة..
+
وكأن لسان حال كاسرة يقول:
+
" قل لي -ولو كذبا- كلاما ناعما
+
قد كاد يقتلني بك التمثالُ!!"
+
بينما لسان حاله يقول :
+
"لا تجرحي التمثالَ في إحساسه
+
فلكم بكى في صمته... تمثالُ
+
إني أحبّكِ... من خلال كآبتي
+
وجهاً كسِر الروح ليس يُطالُ...
+
حسبي و حسبُكِ... أن تظلي دائماً
+
سراً يمزقني... وليس يقالُ "
+
وبين رغبتها في الكلمات ورغبته في الأفعال.. تاهت أفكار كل منهما وهي تدور وتدور دون أن تتلاقى..
+
تنهدت كاسرة وهي تقف وتبتعد عنه.. بينما عيناه تتبعها بولع غريب..
+
وهو يراها تتناول أقراصا من الثلاجة الصغيرة المتواجدة في أحد دولايب صالة جلوسهما ثم تبتلعها..
+
أراد أن يسألها عن هذه الأقراص.. وقلق يتصاعد في نفسه عليها..
+
ولكنه لم يسأل..
+
"ألا يتبادلان التجاهل الآن؟!! "
+
ولكنه لم يطق صبرا حين رآها تتجه للحمام .. ليقفز ويرى ماهية الأقراص..
+
ليس فضولا مطلقا.. ولكنه محض اهتمام صاف خصوصا وهو يرى إرهاقها طيلة الأيام الماضية..
+
خشي أن تكون تخفي شيئا ما..
+
ولكنه حين وجد أن الأقراص محض فيتامينات اطمأنت نفسه وهو يعود لمكانه..
+
في الحمام كانت تقف مسندة ظهرها للباب..
+
وتنهيدة بعمق الكون تخترم روحها من أقصاها إلى أقصاها..
+
هذه الليلة تشعر بالفعل أنها في أضعف في حالاتها..
+
ربما لو قال لها كلمة حلوة واحدة ستنهار تماما..
+
حتى لو لم تكن كلمة حب.. كلمة حنان أو ود حتى!!
+
ولكن يبدو أن هذا نصيبها الذي يجب أن تعتاد عليه.. ويجب أن تغلف نفسها بالبرود.. كل البرود حتى لا تشعر بالألم كما تشعر الآن..
+
" لوح.. أنا متزوجة لوح ماعنده اي إحساس!!
2
ماحتى سألني وش الحبوب اللي تأكلينها؟؟
+
وليش يهتم؟؟
+
متى كنت أساسا مهمة في حياته؟؟
+
كل شيء أهم مني.. كل شيء!!"
+
************************************
+
رغم أنه لا يحب أن يطيل خارج البيت.. ولكنه الليلة أطال في في حفل زفاف فهد..
+
بات يشعر من الملل والاختناق من البيت بعدها!!
+
خطر له خاطر أن يذهب لبيت أهلها ويحضرها.. ولكنه قرر ختاما ألا يفعلها
+
لسببين:
+
الأول: أنها قد تتأخر في حفل زفاف أخيها..
+
والثاني: أنها قد تكون متعبة وتريد أن ترتاح.. وهو يعلم أن لقائهما لابد أن يكون به بعض الشد..
+
كان والده هو من يدفعه حتى أوصله للباب..
+
ثم غادر..فعبدالرحمن بات يكره أن يساعده أحد في ارتداء ملابسه أو القيام بشؤونه.. فهو لابد أن يعتاد على فعل ذلك بنفسه..
+
عبدالرحمن حاول فتح الباب فلم ينفتح..
+
ظن أن والدته قد تكون نسيت فتح الباب بعد عودتها من الزفاف..
+
لذا استخرج مفتاحه ليفتح..
+
ليتفاجأ بصوت مفتاح يتحرك من الداخل..
+
توقف قلبه تماما وهو يرى الباب يُفتح..
+
دفع كرسيه للداخل ليتوقف قلبه مرتين وهو يرى ظهرها مغادرة بعد أن فتحت الباب..
+
أغلق عينيه وفتحهما لشدة ثقل ووطأة الصدمة المفرحة عليه!!
+
" أحقا هي هنا؟!!"
+
حاول أن يناديها.. فوجد لسانه جافا.. جافا تماما..
+
وأخيرا استطاع أن ينطق: عـــالــيــة..!!
+
ردت بسكون ودون أن تنظر ناحيته:
+
هلا..
+
همس لها بمودة غامرة وعتب رقيق: كذا يالغالية.. يهون عليش تسوين فيني كذا؟؟
+
احترقت اعصابي أتصل وماتردين علي..
+
هذا كله تغلي؟!!
+
عالية منذ سمعت صوت تحريكه للباب وهي تشعر بعبرة ضخمة تخنقها.. فكل ماحولها كان يرهقها..
+
خبر حملها.. وتعبها في حفل زفاف أخيها.. وردة فعل عبدالرحمن معها..
+
كل ذلك كان يتساند ليؤلمها.. وبشكل جارح..
+
لم ترد أن ترجع حتى.. لكنها لم ترد أن ينتبه أحد لوجود مشكلة بينها وبين عبدالرحمن
+
فالجميع يعلم أنها ستعود بعد زواج فهد.. لذا عادت فعلا مع عمتها أم عبدالرحمن..
+
وبناء على حلف والدتها التي لم تردها أن تطيل في العرس أكثر حتى لا ترهق نفسها!!
+
همست بعتب أشد: أنا كنت مطرودة لين يخلص عرس فهد.. وهذا أنا جيت..
+
عبدالرحمن حرك كرسيه أكثر ليقف مجاورا لها وهو يهمس بحنان غامر:
+
ياقلبي أنا حنيتش بس من التعب وأنتي مقطعة روحش بيني وبين عرس فهد!!
+
عالية بنبرة تهكم مختنقة: إيه كذا؟؟.. مادريت!!
+
عبدالرحمن مد يده ليمسك بأطراف أناملها وهو يهتف بحنان عظيم ومودة مصفاة:
+
مبروك ياقلبي.. ألف مبروك.. ما تتخيلين أشلون فرحت..
+
حسيت صدق برضا ربي علي..
+
حينها شعرت عالية أنها ستنفجر في البكاء فعلا وهي تشد كفها من يدها وتعقد ذراعيها أمام صدرها..
+
وتهمس باختناق فعلي: عبدالرحمن تكفى لا تقول لي شي..
+
لأني فعلا زعلانة.. وموجوعة منك..
+
وأنا عارفة نفسي ما استحمل منك كلمتين.. وأنا ما أبي أرضى...
+
ما أبي أرضى.. موجوعة أول شيء من تفكيرك السخيف اللي ما أدري من وين جبته.. إني ما أبيك إلا عشان تمشي..
+
وموجوعة من حركتك لما طردتني..
+
وموجوعة إنك ما تنازلت حتى تجي لي وتبارك لي.. وانا كنت بأموت أنتظرك..
+
وموجوعة من إحساسي إنك مافرحت بحملي..
1
*************************************
+
مازال يجلس في الصالة..
+
غاضب من نفسه قبل أي شيء.. فهي لم تفعل ما يستحق منه أن يجرحها بهذه الطريقة..
+
المشكلة أن الحدود عنده غير واضحة تماما بين ما يجرح من عداه..
+
فجلافته تُغضب.. وهو قد يقول كلمة ويظنها غير جارحة.. ثم يكتشف أنها جارحة..
+
ولكنها للحق أثارت غيظه لأبعد حد بغرورها المقيت..
+
ألا يكفي ضيقه من دلالها ومياعتها لتأتيه بالغرور أيضا..؟؟
+
لا يلوم إذن هذا الذي هرب منها.. فأي رجل قد يحتمل هكذا امرأة ستبقى تنظر له بهكذا غرور..!!
+
والغرور لا يأتي إلا من عقل فارغ تماما..
+
تنهد مطولا.. وزفر بحرارة.. لا يريد أن يكون ظالما لها.. لكنه عاجز عن احتمالها فعلا..
+
ويشعر أنها تخرج أسوأ مافيه.. وأسوأ مافيه هو هذه الجلافة التي لا يستطيع التحكم بها..
+
ولا يظن أن واحدة بهكذا دلال ومياعة قد تحتمل جلافته طويلا.. وهذا مايخشاه..
+
فهو لا يريد أن يشمت أحدا به أو بها... ويعلم أن الشامتين سيكونون كثيرين!!
+
" يا ابن الحلال لا تحاكيها.. وخلاص!!
+
من زين حكيها اللي يرفع الضغط..
+
خلها ساكتة بس"
+
فهد يتنهد بعمق..
+
رغم أنه قد لا يكون فكر بالزواج سابقا كفكرة واقعة..
+
ولكنه بشكل عام كان قد رسم صورة ما لشريكة حياته..
+
والغريب أن هذه الصورة تشابه كثيرا أخته عالية!!
+
كان يفكر أنه حين يفكر بالزواج أن يطلب من عالية أن تبحث له عن شبيهة لها..
+
امرأة متوسطة الجمال لا تثير غيظه بغرورها واهتمامها بجمالها..
+
وفي ذات الوقت امرأة قوية الشخصية تستطيع أن تحتمل جلافته التي هو يعلمها قبل غيره..
+
ولكن هذه التي ربي ابتلاه بها... جمال وحسنٌ لا مزيد عليه أثقلها بالغرور والدلال.. فكيف سيتعامل معها دون أن يجرحها..؟؟
+
وهي تبدو لرقتها كما لو كان كل شيء وأدنى شيء سيجرحها!!
+
ينظر لساعته بعد وقت طويل من التفكير. مرهق فعلا ويريد أن ينام..
+
ولكن أين ينام؟؟
+
كره جدا أن ينام هنا على أريكته.. وكأنه خائف منها..
+
لذا توجه لغرفة النوم.. كان يظنها نامت.. وكم كان حسن الظن!!
+
كيف تنام.. وهناك جرح بدأ يتعمق في روحها بحدة؟؟
+
(ماهو الذنب الذي أذنبته ليعاملني هكذا؟؟
+
أ لهذه الدرجة لم يرى فيني شيئا قد يعجبه حتى يبدأ بتجريحي من اللحظة الأولى؟؟
+
حتى لو لم يجد شيئا يعجبه.. ألم يستطع أن يسكت فقط..؟؟
+
يسكت فقط!!
+
ومازالت هذه البداية!! فأي رجل خال من الإحساس هذا؟؟ )
+
كانت هذه هي أفكارها التي تسكبها مع دموعها وبغزارة مريرة.. وهي تولي وجهها لناحية الحائط..
+
حتى شعرت بالحركة الثقيلة جوارها..
+
شعرت حينها أن شعر جسدها كله قد وقف.. وريقها جف ليتشقق حلقها وكهرباء صاعقة تعبر كل خلايا جسدها بعنف..
+
لم تتخيل أن قد يفعلها وينام جوارها.. تمنت أن تقفز من المكان كاملا.. ولكنها شعرت أن جسدها متيبس كأنه أكوام من الحجارة..
+
فهذا القرب الرجولي لم تعتده مطلقا.. وخجلها يزيد الوضع سوءا عليها..!!
+
لم تكن هي وحدها من توتر من هذا القرب..
+
فحتى ملك الجلافة شعر بتوتر ما وهو يشتم رائحة عطرها الأنثوي المثير ويرى ظهرها من هذا القرب وهو يتمدد جوارها..
+
كره جدا إحساسه بالتوتر.. بينما هو يعلم أن هذا أمر طبيعي بالنسبة لها..
+
فهي اعتادت على نوم رجل جوارها.. لكنه مازال لا يعرف ماهية القرب الأنثوي مطلقا..!!
+
ولكن هو كرجل تجاوز هذا الأمر سهل بالنسبة له..
+
لذا نام بعد أقل من نصف ساعة..
+
بينما هي شعرت بالاختناق وهي تشعر بتقلبه جوارها..
+
وتحاول أن تكتم ارتعاشها وهي تتخيل لو أنه حاول مد يده فقط ناحيتها كيف ستتصرف؟؟
+
لذا حينما شعرت بهدوء حركته وانتظام أنفاسه قفزت وهي تلتقط روبها بسرعة كما لو كانت تهرب من عفريت..
+
وهي تشد نفسها مبتعدة ركضا.. ولم تشعر بنفسها إلا وهي في الصالة وتحتضن نفسها في زاوية الأريكة..
+
" يا الله !! يا ليتني أصلي بس!!
+
كان هديت نفسي بالصلاة والقرآن"
+
************************************
+
" عالية ياقلبي..
+
الكلام السخيف هذا.. "ولا تقول لي شيء"..
+
أنا مستحيل أقبله..
+
إذا ليلة عرسنا مع كل اللي كان بيننا.. تصافينا ليلتها..
+
تبين أخليش الحين وما أراضيش؟؟
+
مستحيل!! "
+
عالية بنبرة حزن عميقة: إيه الحين مهتم من ولدك.. مهوب مني..
+
عبدالرحمن يقرب مقعده أكثر من مقعدها ليشد يدها بين كفيه ويهمس لها بحنان:
+
بلا سخافة حبيبتي.. وش ولدي ذا..
+
أنا الحين صار عندي ولد عشان أهتم منه..
+
واللي شيخش على قلبي إنه مايهمني إلا أنتي.. ومهوب هاين علي زعلش..
+
عالية بذات نبرة الحزن: هذا هو هان عليك قبل.. وش اللي تغير؟؟
+
عبدالرحمن يتنهد وهو يحشد أكبر قدر من الاهتمام والصدق والحنان في صوته:
+
زين أنا غلطان والغلط راكبني من رأسي لساسي..
+
وهذي يدش أحبها ورأسش بعد..
+
وآسف.. وحقش على رأسي.. وش اللي يرضيش بعد أنا حاضر له...؟؟؟
+
حينها رفعت عالية رأسها له وهي تنظر له بشكل مباشر.. وتهمس بشكل مباشر أيضا:
+
اللي يرضيني شيء واحد بس!!
5
****************************************
+
" ياحبيبتي يا قلبي.. ماشبعتي بكا.. حرام عليش.. صار لش ساعتين على ذا الحال!!"
1
عفراء مازالت تسند رأسها لصدر منصور وهي تنثر كبت الأيام الماضية كله وتهمس بصوتها الذي بح من البكاء تماما:
+
وصيت فهد عليها؟؟ تكفى يامنصور
+
منصور بحنان وهو يشدد احتضانه لها: والله العظيم وصيته.. وقلت لش ذا الكلام أكثر من مرة..
+
عفراء بصوتها المبحوح: تكفى وصه فيها بعد.. تكفى.. هذي بزر ويتيمة.. وماتهنت..
+
منصور بعتب: لا تقولين يتيمة.. أنا ماني بمالي عينش أب لها..
+
عفراء تمسح أنفها المحمر وتهمس باختناقها: فديتك ماقصدت.. بس واجد كاسرة خاطري بنتي..
+
وأنا خايفة عليها من شدته.. قل له يراعيها شوي.. تكفى..
+
منصور يقبل شعرها ويهتف بأريحية حازمة: أبشري.. بأوصيه فيها بعد.. من عيوني..
+
أصلا خلها تشتكي منه أقل شكوى.. عشان أوريه شغله..
+
أنا مازوجته بنتي إلا عشان يراعيها!!
+
*************************************
+
حين صحا من نومه..نظر لساعته بغضب حين رأى أن وقت صلاة الجماعة فاتته..
+
زفر بغيظ وهو يرى مكانها خاليا..
+
(مادامت الأخت صاحية.. ليش ماقومتني للصلاة؟؟
+
وليش تهتم فيني دامها ماتصلي؟؟)
1
فهد سارع ليتوضأ ثم صلى صلاة الفجر..
+
لا يعلم أين ذهبت.. واستغرب أنها صحت في وقت مبكر هكذا ولم تعد للنوم..
+
لم يشغل باله كثيرا بالتفكير وهو يعود للنوم.. دون أن يتجاوز غرفة النوم!!
+
حتى صحا مرة أخرى على أشعة الشمس الساطعة تغمر المكان تماما عبر الستائر المفتوحة التي لم تغلق..
+
صحا من نومه ولم يجدها أيضا (هذي صدق ماتعرف السنع!!)
+
استحم وأبدل ملابسه.. ثم قرر الخروج حتى يطلب الفطور لهما.. وهو يتوقع أن يجدها جالسة في الخارج..
+
ليجد الصدمة التي كانت تنتظره في صالة الجلوس..
+
كانت نائمة وهي تستند بشكل جانبي إلى طرف الأريكة..
+
بدت له طريقتها في النوم -لشدة رقتها وعذوبتها- تمثيلية تماما..
+
" يستحيل حد يرقد كذا!!"
+
وما أثار غيظه أكثر.. وارتباكه قبل ذلك... هو انكشاف جزء كبير من أعلى صدرها عبر جيب الروب المفتوح.. بسبب نومتها المائلة..
+
بدت له حركتها رخيصة ومقصودة تماما..
4
" صدق إنها ما تستحي!!
+
تمثل إنها نايمة وهي بذا الشكل!!"
+
فهد هتف بنبرة جهورية حازمة أقرب للغضب: جميلة!!
+
جميلة قفزت بجزع وهي تسمع الصوت الغريب الذي يناديها لأول مرة
+
حين رأت فهدا أمامها انتفضت بخجل وهي تشد روبها عليها وتقف بارتباك وهي تهمس برقة عفوية:
+
آسفة.. نمت بدون ما أحس!!
+
فهد لا يصدقها وهو يهتف بنبرة تهكم حازمة: إيه.. صح!!
+
ثم أردف بحزم: بأطلب الريوق.. تبين شيء معين!!
+
جميلة تشعر باختناق فعلي( مايعرف يبتسم ذا!!) همست باختناق: شكرا.. بأروح أسبح..
+
فهد بذات النبرة الحازمة: خلاص أنا بأطلب وأنتظرش لين تخلصين..
+
جميلة كعادتها تأخرت وهي تستحم ثم تتأنق في (ميني دراعة) بلون أخضر منعش وتحتها (ليقنـز) يصل إلى نصف ساقها بلون أخضر أفتح قليلا..
+
حين خرجت..
+
كان يجلس أمام الأفطار دون أن يفتحه.. هتف بسخرية: ترا كل شيء صار مثلج..
+
تبين نطلب غيره؟؟
+
همست برقة مختنقة وهي تجلس مقابلا له: ماكان انتظرنتي.. أنا دايم أتأخر لا تسبحت..
+
فهد تنهد: ماعليه جميلة لا تتضايقين مني.. بس أنا فعلا ما أحب نبرة الصوت هذي..
+
يا ليت تتكلمين بشكل طبيعي..
+
جميلة بصدمة: وأنا أتكلم بشكل طبيعي.. أشلون تبيني أتكلم؟؟
+
فهد تنهد في داخله (لا حول ولاقوة إلا بالله) ثم هتف بثقة: أنا بصراحة ماني بمقتنع إنه فيه حد هذا صوته الطبيعي..
+
بس دامش مصرة.. يا ليت لما نكون في مكان عام ما تتكلمين..
+
جميلة تنهدت في داخلها( يا الله الصبر من عندك) ثم همست برقة:
+
إن شاء الله.. حاضر!!
+
فهد هتف بحزم: إذا خلصنا ريوق.. تجهزي عشان نروح للبيت!!
+
ثم أردف بنبرة مقصودة وهو ينظر لها: وبدلي ملابسش.. هذا مهوب لبس تطلعين فيه..
+
جميلة نظرت له بغيظ (هذا وش مفكرني؟؟ مفكر إني بأطلع بلبسي ذا؟؟
+
متكشخة لك أنت ووجهك.. الشرهة علي بس!!)
+
ولكنها همست برقة مهادنة: حاضر إن شاء الله..
+
جميلة بعد ليلتها الصادمة معه.. حاولت جاهدة أن تتفهم أن طبيعته فعلا تتميز بالجلافة.. وأنها لابد أن تتقبل طبيعته حتى يسير مركب حياتهما..
+
وإنها إن كانت ذكية وصبورة.. فهي من ستغيره!!
+
حين انتهيا من الفطور الذي لم تلمسه جميلة..
+
كانت جميلة قد وقفت لتتوجه لغرفة النوم.. وكان هو يريد أن يقف أيضا.. فحرك الطاولة من أمامه..
+
حينها الطاولة صدمت في ساقها بقوة عنيفة..
+
لأنها كانت تجلس على كرسي منفرد يمينه..
+
ففقدت توزانها ليتلقاها هو بين ذراعيه.. ثم يدفعها عنه بذات سرعة تلقيها.. وهو يجلسها على الأريكة التي كان يجلس عليها
+
ويبتعد وهو يهتف بعتب مختلط بجلافته:
+
ترا عيب اللي تسوينه ياجميلة.. والله عيب..
+
جميلة لم تستطع أن تركز معه لأنها مشغولة بألم ساقها.. وهي تهمس باستغراب:
+
ليه أنا وش سويت..؟؟
+
فهد بضيق حقيقي: يا بنت الناس الحركات اللي تسوينها.. شفناها في الأفلام ألف مرة.. وش ذا السخافة؟؟
6
عيب ترخصين نفسش كذا..!!
+
جميلة بصدمة: الحين كنت بتكسر رجلي.. وعقب أنا اللي أسوي حركات أفلام؟؟
+
فهد بغضب: الطاولة يا الله إنها لمستش.. بلا حركات سخيفة.. طلعتي روحي!!
+
جميلة لم ترد عليه وهي تقف متوجهة للغرفة وتتحامل على نفسها حتى لا تعرج..
+
كانت تريد أن تبكي فعلا.. تشعر بمهانة عميقة وجرح أعمق..
+
(بس ماراح أخليه يشمت فيني..
+
ماراح أخليه يشمت فيني..
1
بالطقاق فيه وفي رأيه ما يهمني.. مالت عليه!!)
+
كانت تزفر بحرقة وهي تسب في فهد في أعماقها بكل الشتائم المعروفة وغير المعروفة..
+
وتريد أن تبكي على الأقل من ألم ساقها التي شعرت بتفجر قنبلة فيها..
+
ولكنها قررت كتمان كل شيء في داخلها وهي تغير ملابسها..
+
وتتأنق أكثر قبل أن ترتدي نقابها.. حتى يراها أهله وهي متأنقة فعلا كعروس..
+
لن تسمح مطلقا أن يتكلم عليها أحد نصف كلمة..
+
" يمكن ذا الفهد المعفن هو ذنب خليفة... ربي يخلصه مني..!!
+
ليتني ماوافقت على خليفة أول... ولا على فهد تالي!!
+
ليت ربي رحمني من الاثنين!!"
+
هــو في الخارج.. يدعك يديه بحدة..
+
يعترف أنه نادم فعلا على تجريحها.. ولكنها من دفعته لذلك..
+
" مسختها هي وحركات الأفلام...
+
تحسب نفسها في فيلم أبيض وأسود.. والبطلة اللي تبي تغري البطل..
+
.
+
زين يا ابن الحلال.. هي ناقصة عقل..
+
شوف الحركة وحط نفسك ماشفت شيء..
+
.
+
بس أنا قرفان من حركاتها.. قرفان!!
3
لوعت كبدي.. ماني بطايقها..
2
تظن إنها يوم تسوي كذا إني بأركع تحت رجلها وأقوم بأموت أنا من حسنش وجمالش..
+
صدق إنها غبية فوق قلة سحاها!!)
+
ولكنه ختاما.. شعر أنه لابد أن يراضيها بشكل ما..
+
فهو مهما كان قد أثقل العيار عليها...حتى لو كانت تستحق ماقاله لها..
+
فهذه الجميلة تبدو تافهة ومحدودة التفكير..
+
ولكنه لابد أن يراعي ابتلاءه بتفاهتها ومحدودية تفكيرها...
+
حين دخل كانت قد ارتدت عباءتها..
+
شعر أن كلمات الاعتذار تقف في بلعومه.. وغير قادر على إخراجها..
+
عدا أنها لم تترك له المجال وهي تتجاوزه.. وتهمس بنبرتها الحازمة الجديدة ولكنها مثقلة برقتها الخاصة:
+
شناطي جاهزة... وانا جاهزة..
+
يا الله نمشي..
+
فهد هز كتفيه وهو يهتف في داخله ( أنا ربي حرقني حسبت بألاقيها مسوية مناحة..
+
بس الظاهر إنها ما اهتمت لأنها دارية إنها غلطانة.. وحركاتها من أساسها عيب)
1
فرد عليها بحزم: يا الله باروح أسوي شيك آوت.. وبأرجع مع بوي يشيل الشناط...
+
وهما في طريق النزول.. كانت تمشي ببطء حتى لا ينتبه إنها كانت تعرج..
+
بينما كان سيشد شعره.. وهو يتمنى لو حملها على كتفه بدلا من مشي السلحفاة هذا!!
2
" يا الله الصبر من عندك
+
حتى مشيها غير نمونة!!"
1
************************************
+
" هاحبيبتي كفاية كذا؟؟
+
وإلا تبين أمشي بعد؟؟"
+
عالية مستغربة أنه وافقها بالأمس على شرطها بسرعة.. ومستغربة أكثر أنه قام بكل التمرينات وزيادة..دون أن يتذمر!!
+
همست عالية باستغراب: غريبة إنك ما تمللت..
+
حينها هتف عبدالرحمن بنبرة مقصودة أقرب للحزن:
+
دام حياتنا صار هذا مرتكزها.. وانتي منتي براضية تقبليني إلا وأنا أمشي..
+
وش أسوي؟؟
+
عشان تعرفين غلاش بس..
+
عالية ساعدته ليجلس وهي تطوق عنقه بذراعيها وتهمس بحنان:
+
يا ملغك بس.. عقب بتعرف إني على حق!!
+
عبدالرحمن ياقلبي.. لو كان عدم قدرتك على المشي شي عضوي.. كان مافتحت ثمي.. وانت عارف ذا الشي زين..
+
بس هذا شي نفسي..
+
ليه ياعبدالرحمن تبي تحرم امهاب الصغير إنك تلعب معه كورة..؟؟ أو تشارك معه في مسابقاته المدرسية..؟؟
+
ليه تسوي فيه كذا وأنت مافيك شيء؟؟ يعني هو مايستاهل تبذل شوي جهد عشانه؟؟
+
عبدالرحمن ارتعشت روحه مع ذكرها لمهاب الصغير.. وعالية بدأت ترسم مخططها بدقة.. فهي حضيت بما تضغط به على عبدالرحمن..
+
وقررت استخدامه بمهارة..
+
فإن كان لايريد المشي من أجل مهاب..
+
فهو سيريده الآن من أجله أيضا!!
+
تعلم أنها ستحتاج وقتا حتى تدخل الفكرة في رأسه..
+
وهي مستعدة لكل الوقت!!
+
*******************************
+
هاهي تعود لجناحها أخيرا..
1
بدا لها الغداء طويلا.. ولن ينتهي.. وهي تعاني الأمرين من شيئين:
+
نظرات خالات فهد الغريبة لها..
+
وألم ساقها المتزايد..
+
وهي تشعر أن صعود الدرج بمثابة عذاب حقيقي لها!!
+
كل ما تريده أن هو أن تستحم وتلبس بيجامتها وتتناول حبتين بنادول لتنام..
+
وتريح نفسها من كل ما يؤلمها..
+
كانت قد انهت استحماتها وخرجت لغرفة التبديل وارتدت ملابسها الداخلية ثم شرعت في إشعال جمرة حتى تتبخر بعد دهنت نفسها بالكريم المعطر..
+
كعادتها العفوية في اهتمامها بنفسها والتي لن تغيرها من أجل نظرة أحد..
+
في لحظتها..
+
فُتح باب غرفة التبديل..
+
كان هــو.. وقف كالتمثال الصامت ينظر للمشهد الذي لم يستطع التصرف إزائه إلا بالنظر..
+
بينما جميلة شهقت بعنف.. وهي تبحث عن روبها لترتديه.. وعيناها تتسعان بالدموع.. بينما هو لم يتحرك من أمام الباب
+
حتى دفعته هي وأغلقت الباب!!
+
حينها انتبه من غيبوبته التي كان فيها.. ليتصاعد غضب مر في كل خلاياه..
+
فهي تجاوزت هذه المرة كل حد..
+
تجاوزت كل حد!!
4
جميلة لم تستطع أن تخرج وهي تحشر نفسها في زاوية غرفة التبديل وتنتحب..
+
" يا الله.. ليش كل شيء عكسي كذا؟؟
+
أشلون أحط عيني في عينه الحين؟؟
+
وأشلون نسيت أسكر باب غرفة التبديل؟؟ أشلون؟؟"
+
جميلة أطالت كثيرا.. وكل دقيقة تمر تضاعف غضب فهد أكثر..
+
حتى ماعاد يحتمل لذا طرق الباب عليها وهو يهتف بغضب:
2
جميلة يا الله اطلعي.. ماني بقاعد انتظرش للصبح..
+
العصر بيأذن الحين.. وأبي أروح للصلاة..
+
حينها خرجت جميلة وهي مازالت ملتفة بروبها.. لم تنظر مطلقا نحوه حتى لا يلاحظ وجهها المتفجر بالاحمرار..
+
وهو لم ينظر أبدا لها لأنه ما أن رأها تخرج حتى انهمر بصراخه الغاضب:
+
أنتي وش جنسش؟؟
+
الحيا ما تعرفينه..
+
فيه وحدة في رأسها من الذرابة شعرة تسوي اللي سويتيه..؟؟
+
إلا بالغصب تغريني ومن أول يوم..
4
وهذا وأنتي ما تصلين.. لو تصلين وش كان سويتي؟؟
+
عيب عليش ذا السوايا.. عيب..
+
والله لو سويتي مهما ما سويتي.. إني ما أرد لش طرف عيني..
+
لأني نفسي مهيب دنية.. ونفسي ماتقبل فضلة غيري..
+
فاهمة وإلا لأ.. ؟؟
+
فريحي نفسش.. وبلاها ذا الحركات المالغة الله يرحم والديش..
1
جميلة كانت تستمع لانهماره وهي ترتعش وتحاول منع نفسها من البكاء
+
حتى وصل لمنتهى كلامه فكررت وراءه بذهول مصدوم:
+
أنا فضلة؟؟
+
فهد غاضب فعلا من تصرفها الذي رأه غاية في الحقارة والرخص لذا هتف بذات الغضب المتفجر:
+
إيه فضلة مستخدمة يوم زهق منها رجالش الأولي رماها لغيره..
+
جميلة شهقت بعنف قارص وهي تحاول أن تتماسك.. رغم أن روحها تهاوت تماما..
+
بينما فهد شعر فورا بتصاعد ندم مر في روحه ما أن خرجت الكلمة من بين شفتيه.. " ليتني خليت رأيي لروحي"
+
لذا كانت صدمتها من ردها المتماسك القارص:
+
تدري من اللي أغبى وأحقر من اللي يستخدم فضلة مستخدمة على قولتك..؟؟
+
.... اللي اشتراها...
+
تدري من قبل ماتخطبني إني فضلة مستخدمة.. وش حدك علي؟!!
+
وش حدك تشتري شيء مستخدم ماتبي تستخدمه إلا لأنك ....... وإلا بلاها!!
2
فهد أمسك بقبضتيه وهو ينتفض من الغضب حتى يمنع نفسه من صفعها..
+
وهو يخرج ويترك المكان خاليا..
+
لتنهار جميلة في مكان وقوفها وهي تنتحب بعنف حقيقي موجوع ومدمر تماما..
3
**********************************
+
كان يسمع كلمة واحدة ويتوه عن عشر كلمات..
+
غير قادر على التركيز..
+
وكل تفكيره معها.. يشعر بكراهية عظيمة لنفسه لأول مرة يشعر بها..
+
يشعر أنه مخلوق حقير وعاجز عن إزالة الفكرة من رأسه..
+
منذ خرج من عندها عصرا.. لم يعد.. ولم يتصل حتى
+
ولماذا يتصل؟؟ ماذا لديه ليقوله؟؟
+
حتى رقم هاتفها لا يعرفه أصلا..
+
ما يؤلمه بشدة ليس ظنه فيها.. فهو مقتنع بظنه.. ولكن تصريحه بهذا الظن..
+
فكم من بشر نظن فيهم السوء ولكن مطلقا لا نبوح بظنونا لهم..!!
+
لأن هكذا هي المخلوقات البشرية... جُبلت على مراعاة مشاعر البشر الآخرين..
+
وهو خرج تماما عن صفات البشر وهو يجرحها بهذه الطريقة الخالية من الإنسانية!!
+
تمنى لو أنه لم يقل شيئا.. وتمنى بشدة لو أن الزمن يعود فقط لساعات قليلة حتى يتحكم بنفسه أكثر..
+
ولكن الزمن لا يعود.. لا يعود!!
+
" ها يافهد.. سامعني وإلا لأ؟؟"
+
فهد انتفض بشدة: سم يا أبو زايد..
+
منصور بحزم: أقول لك ترا عمتك أم زايد مأمنتك تراعي بنتها..
+
وأنا آمنك فوقها..
+
الله الله في بنيتنا.. ترا قلبها كنه قلب طير.. وأدنى شيء يأثر فيها..
+
وأنا أعرفك الله يهداك جلف شويتين.. راعي البنية واستحملها شوي.. لين تكيفها على طبايعك..
3
فهد اختنق تماما وهو يعود لدوامة التفكير الموجعة.. كان يعلم كل هذا منذ البداية..
+
فكيف استطاع أن يجرح أمانته هكذا؟؟ كيف؟؟
+
أي رجل هو هذا الذي لا يحافظ على الأمانة؟؟
+
كان غارقا في أفكاره بينما منصور كان يتكلم عبر الهاتف
+
ولم يخرجه من أفكاره إلا منصور يهز كتفه بقوة وهو يهتف بحزم:
+
فهد قم لبيتكم شوف جميلة وش فيها؟؟
+
أمها تتصل فيها من عصر وهي ما ترد عليها..
+
وأم زايد حالتها حالة!!
+
فهد هتف بحزم يخفي خلفه قلقه الذي تفجر فجأة:
+
مافيها شيء.. نايمة بس لأنها ما نامت البارحة..
+
بأروح لها الحين وأخليها تكلم أمها..
+
فهد لا يعرف حتى كيف وصل للبيت.. وهو يحاول ألا يركض حتى لا يبدو منظره مثيرا للدهشة والضحك..
+
وزادتها والدته عليه وهي تمسك به قبل أن يصعد وتهمس بقلق:
+
فهد.. مرتك مانزلت من ظهر.. ونتصل عليها ماترد.. حتى العشاء ماتعشت..
+
وأنت الله يهداك.. فيه حد ثاني يوم عرسه يخلي مرته كل ذا..
+
فهد يشد له نفسا عميقا وهو يحاول التحدث بثقة:
+
يمه هي أساسا تعبانة مانامت وتبي تنام.. فخليتها براحتها..
+
فهد كان يريد أن ينهي هذا الحوار ليقفز للأعلى ليطمئن عن حال ضحيته التي تركها خلفه..
+
حين دخل لغرفته كان المكان غارقا في الظلام.. أشعل الإضاءة بأنفاسه المقطوعة..
+
كانت فعلا نائمة.. صرخ فيها بحدة قلقه: جميلة.. جميلة..
+
لكنها لم تجبه.. تقدم منها بقلق.. وهو يقف على ركبتيه على الأرض قريبا من رأسها..
+
قرب كفه من أنفاسها ليتأكد من تنفسها.. فكل الظنون السيئة خطرت بباله..
+
كانت تتنفس بهدوء منتظم.. ليتنفس هو أيضا بعد شد الأعصاب غير الطبيعي
+
وهو يجلس فعلا على الأرض.. ليلاحظ حينها علبة بنادول نايت بجوار سريرها..
+
انتفض بجزع وهو يقفز ويفتح الشريط ليتأكد من عدد الأقراص..
+
وجد أنها تناولت قرصين فقط.. فعاد للنفس وهو يزفر:
+
يا الخبلة.. صبيتي قلبي..
+
وحينها لاحظ شيئا آخر.. وهو ينظر ناحية الغطاء الذي لم يكن يغطي ساقيها ..
+
شيئا لم يكن موجودا اليوم صباحا وهو ينظر لساقيها المصقولتين ويدعي في أعمق أعماقه أنه لا ينظر..
+
كانت كدمة بنفسجية متسعة وواضحة في بياض ونعومة ساقها..
+
كشف عنها بنطلون البيجامة (البنتاكور) الذي كان طوله يصل لمنتصف ساقيها..
+
وليس غبيا ليعرف سبب هذه الكدمة..
+
زفر حينها بيأس جارح وهو يضغط جانبي رأسه ..
+
(يعني المسكينة صادقة.. أنا كنت بأكسر رجلها.. وعقبه اتهمتها بسخافاتي..
+
والله ماحد سوى أفلام غيرك يالغشيم..
+
والمسكينة ماحتى اشتكت.. ولا قالت إن رجلها توجعها
+
.
+
لمن تشتكي؟؟
+
لواحد مايحس مثلك!!
+
.
+
لا حول ولا قوة إلا بالله..
+
أنا أساسا زواجي منها كله غلط..
+
ليتني اعتذرت من منصور من أولها.. وانتهينا)
+
مال برفق عليها وهو يهمس بهدوء: جمليلة.. جميلة.. قومي كلمي أمش..
+
ولكنها لم تستجب له..
+
هز كتفها برفق.. وحينها فتحت عيناها بتثاقل..
+
حين رأت وجهه أمامها عادت لإغلاق عينيها كما لو كانت رأت كابوسا..
+
شد له نفسا عميقا وهو يحاول أن يهتف برفق: جميلة قومي كلمي أمش..
+
جميلة حاولت أن تنتصب وهي تشعر بدوار فعلي..
+
شدت نفسها لتسند ظهرها للخلف.. وهي تتناول هاتفها..
+
فوجئت بكم الاتصالات.. لتهمس برقة أقرب للبكاء: ياقلبي يمه أكيد متروعة علي..
+
هاتفت والدتها وهي تطمئنها عنها وتصف لها كل شيء أنه بخير.. بينما هو يراقبها..
+
ورغما عنه ومع إحساسه المتعاظم بالتأثر من أجلها إلا أن رقتها الزائدة تسبب له الغثيان فعلا..
+
"حتى وهي تكلم أمها.. تكلمها كذا!! "
+
حين انتهت من الاتصال هتف لها بحزم: قومي أوديش للمستشفى..
+
جميلة همست باستغراب: مافيني شيء عشان توديني المستشفى..
+
فهد بتصميم: وذا اللي في رجلش مهوب شيء؟؟
+
جميلة نظرت لساقها لتصاب بصدمة فعلا لأنها لم تعلم أنه تحول هكذا.. رغم أنها حتى وهي نائمة كانت تشعر بألمها..
+
ومع ذلك همست بنبرة مقصودة ولكنها أقرب للحزن:
+
ورجلي مافيها شيء.. مهوب أنت تقول إن الطاولة مالمستني.. فخلاص أنت الصادق ..
+
أنهت عبارتها لتقف.. فأصيبت بالداور نتيجة لنومها الطويل دون تناول أي شيء.. عدا أنها لم تستطع الاستناد لساقها فعلا!!
+
حاول إسنادها لولا أنها رفضت وهي تعود للجلوس وتهتف بذات النبرة المقصودة المغمورة بالحزن:
+
مافيه داعي إنك تصدق تمثيلياتي اللي بأسويها..
+
أو تجبر نفسك على مساعدة الفضلة.. خلني في حالي ومشكور!!
+
فهد شعر اختناق فعلي.. وهي تعلق كلماته كمشانق تشنقه عليها..
+
وهي تشعره بالضآلة والحقارة.. التي كانت مؤلمة له فعلا مع اعتزازه الكبير بنفسه!!
+
جميلة حاولت الوقوف مرة أخرى.. بدا لها ألم ساقها لا يحتمل فعلا..
+
وهي تحاول أن تتحامل على نفسها بصعوبة لأن الكدمة كانت منتفخة لحد ما!!
+
وهي بطبعها غير صبورة على الألم!!
+
والوقوف عليها فجر الآلم فيها..
+
ووجود هذا المتوحش معها وهو ينظر لشكلها المزري زادها آلما وهي تتذكر كلماته المهينة لها..
+
لذا لم تستطع إكمال طريقها للحمام وهي تجلس على مقعد التسريحة..
+
وتنفجر في البكاء.. وبشكل مؤلم حقا!!
+
فهد شعر بالفجيعة وهو يراها تبكي.. لا يعلم لِـمَ بدا يتكون لديه تصور أنها شبه معدومة الإحساس.. لأنها لم تظهر تاثرها بشيء منذ البارحة!!
+
لذا ورغما عنه لم يحتمل نحيبها!!
1
فأي رجل قد يحتمل دموع امرأة!!
1
فهد اقترب منها وهو يهتف بجزع قلق: وش فيش؟؟
+
جميلة لم ترد عليه.. فهي كانت محتاجة للبكاء فعلا.. وبما أنها انفجرت الآن.. فلن تسكت..
+
فهد شعر أنه يتمزق فعلا من بكائها.. والسبب هو إحساسه بالتقصير في حق الأمانة التي تُركت عنده..
+
مازال اليوم هو اليوم الثاني لزواجهم وهي تبكي هكذا.. فكيف بعد مرور الأسابيع؟؟
+
قضى فهد وقتا طويلا في محايلتها وهو فاشل فعلا فعلا في المحايلة.. كان يخشى أن يغضب عليها..
+
" حشا فتحت حنفية.. وماعاد سكرتها!!
+
رأسي آجعني!!"
+
فهد هتف بحزم في محاولة أخيرة : إذا ما تبين تسكتين وتقولين لي وش فيش..
+
وإلا بأدعي أمي وقولي لها..
+
ففهد كان يظن أنها ربما تشعر بالخجل من شيء معين ولا تريد إخباره بما فيها.. لذا انفجرت أكثر وهي تشهق:
+
إيه ادع أمك.. وخلني أقول لها وش قلت لي..
+
وادع بعد عمي منصور اللي قال لي ألف مرة إنه وصاك علي!! خله يشوف وش سويت في وصاته!!
+
يا ابن الحلال أنا ما أبي منك شي.. ما أبي منك إلا شوي احترام شحيت به علي!!
+
دامك عايفني كذا ومن أولها.. وش حدك تأخذني.. عشان تطلع عقدك علي!!
+
حرام عليك.. حرام عليك.. والله ما سويت فيك شي يستاهل حتى واحد على مليون من اللي سويته فيني!!
+
فهد بدا مفجوعا فعلا من هجومها المنهك المتفجر حزنا وقهرا... بدت له حينها الصورة شديدة الوضوح من ناحيتها..
+
وتبدت له مقدار بشاعة صورته في عينيها!!
+
تنهد وهو يشد له نفسا طويلا ثم يهتف بحزم: زين خليش مني الحين.. أنا واحد أضيع مفتاح لساني أحيانا...
+
قومي خلني أوديش المستشفى!!
+
جميلة تنتحب بشفافية: رجلي توجعني.. ما أقدر أنزل الدرج... أنا اصلا ما أدري أشلون طلعت اليوم..
+
والحين منتفخة أكثر.. ما أقدر!! ما أقدر !!
+
" يا الله طفلة تبكي!!..
+
وأنا كمن ضرب الطفلة وبدون رحمة أيضا!!"
+
هتف لها بحزم: أنا بأشلش!!
+
جميلة بجزع: نعم؟؟ تشيلني!! لا لا.. خلاص جيب لي دكتورة هنا!!
+
(مسوية فيها مستحية الأخت هي ووجهها!!) هتف بذات حزمه: يمكن تبين أشعة.. حتى لو جبت دكتورة.. بتقول نفس الكلام!!
+
جميلة تشعر بالفعل أن هناك شيء غير طبيعي في ساقها.. وتعلم أنها تحتاج للمستشفى!!
+
لذا همست باختناق: زين ناد عمي منصور هو اللي يشيلني!!
+
فهد هتف بغضب: إلا اشرايش أدعي لش إبي أحسن!!
+
خلصيني بلا دلع.. بدلي والبسي عباتش..
+
جميلة عادت للنحيب.. فكل شيء يؤلمها.. وهذا القاسي يزيدها عليها من كل ناحية!!
+
تحاملت على نفسها وهي تقف .. ثم عادت لتجلس وهي تبكي..
+
تشعر بالمهانة فعلا وهذا كان آخر ماينقصها أمام هذا المعدوم المشاعر..
+
فهد اقترب منها وهو يشدها بيد واحدة.. انتفضت بجزع.. بينما هتف هو لها بحزم:
+
أنا قلت لش إني ما أداني الحركات البايخة وزود عليها لساني مضيع مفتاحه..
+
فاتقي شري ولا تقولين ولا شيء..
+
أنهى عبارته بأن حملها بين ذراعيه بخفة كما لو كانت لا وزن لها فعليا..
+
جميلة تصلب جسدها فعلا وكلماتها تجف في حلقها..
+
وكلاهما يتبادلان تأثر إلى حد كبير.. كلٌّ بطريقته!!
+
هي تشعر بخجل مرعب.. وهي ترى نفسها محمولة بين ذراعيه..
+
وهو يشعر بشيء مختلف مختلف..بعد أن خفت حدة عدائيته بسبب ظرفها الحالي..
+
كان يشعر بنعومة جسدها ملاصقة لصلابة صدره كما لو كانت ستذوب لشدة ليونتها..
+
إحساس غريب عليه لم يسمح لنفسه بالاحساس به ولكنه اقتحمه رغما عنه!!
+
بدت الرحلة القصيرة مابين غرفة النوم لغرفة التبديل.. كما لو كانت لا تريد أن تنتهي لكلاهما..
+
هي لشدة خجلها!!
+
وهو لغرابة ماشعر به!!
+
أنزلها قريبا من الخزانة وهو يهتف بحزم يخفي خلفه توترا غير مفهوم:
+
تبين مساعدة؟!!
+
همست بجزع: وش مساعدته؟؟
+
خلاص كل شيء قريب مني.. بألبس وأطلع لك!!
+
.
+
.
+
.
+
هاهما يعودان أخيرا قبل صلاة الفجر بقليل..
+
ومن رحمة ربي بهما..
+
أن أحدا لم يراهما لا في الخروج ولا الدخول..
+
مع أن كلاهما كان يخشى مواجهة أحد وهما في هذا الموقف..
+
يحملها نازلا وصاعدا!!
+
جميلة قالت لهم في المستشفى أنها زلقت في الحمام...
+
وما آلم فهد أنها كانت مصابة بـ(شعر) فعلا... وهو من تسبب به!!
2
يتخيل لو أنه كسر ساقها فعلا.. كيف يستطيع أن يضع عينه في عين أحد!!
+
" يا ربي... ليت ربي يخلصني من ذا السالفة!!
+
هذي من دفة بسيطة للطاولة انشعرت رجلها
+
أشلون أتعامل معها ذي..
+
أحطها في صندوق قزاز؟؟ "
+
حين أنزلها على السرير هتف لها بحزم رغم أنه كره ماسيقوله من أجل منظره أمام الناس: جميلة تبين تروحين لأمش.. لين تحسنين.. ماعندي مانع!!
+
همست جميلة بحزم رقيق وهي تخلع شيلتها وعباءتها: أدري ماعندك مانع..
+
أفرح ماعليك تخلص مني..
+
بس على الأقل راعي منظرنا قدام الناس وأنا راجعة لهلي ثالث يوم..
+
كلها أسبوعين وأنت تروح بالسلامة وأقعد عند أمي شهر!!
+
ولا تخاف ماراح أثقل عليك.. لا أبيك تشلني ولا تحطني!! بأقعد في الغرفة لين أتحسن!! وباخلي أمي ترسل لي وحدة من خداماتها!!
+
فهد بنبرة أقرب للغضب: إذا على الخدامات يادلوعة أمش.. ترا بيتنا مليان.. مافيه داعي تطلبين من حد..
+
وعلى العموم أنا ماني بعاجز من مرتي!!
+
جميلة تنهدت وهي تمنع نفسها من الرد عليه... فالوضع يبدو مأسويا فعلا بينهما..
+
ويبدو كما لو كان كل منهما لا يطيق الآخر فعلا وبلا مواربة!!
+
.
+
.
+
اليوم التالي..
+
فهد لم يصعد مطلقا لها..
+
فوالدتها كانت عندها طوال النهار..
+
وهو كان سعيدا بذلك.. لأنه تخلص من حملها..
+
فهو كان يشعر بالتوتر الممزوج بالقرف حين يضطر لمساعدتها للذهاب للحمام أو التنقل في أرجاء الغرفة..
+
وما أثار استغرابه.. اصرارها هذا الصباح هلى التأنق وبأقصى صورة رغم أنها لن تنزل من غرفتها!!
1
"خبلة.. خبلة.. وعقلها نص لبسة!! "
+
أخرج فهد من أفكاره صوت والده يهتف له بحزم:
+
فهد اتصل في مرتك.. قل لها إني بأطلع أسلم عليها!!
+
فهد بجزع واحترام: يبه تطلع بنفسك.. عطها بس يومين تحسن وهي اللي بتجيك!!
+
أبو صالح بحزم: إذا قلت لك كلمة.. سوها وأنت ساكت.. ياحبك للمرادد..
+
فهد تنهد وهو يهتف بحزم: زين أنا بأطلع أقول لها بنفسي!!
+
فهو ويا الغرابة مازال لا يعرف رقم هاتفها!! ولم يهتم أن يأخذه!!
1
طرق باب غرفة الجلوس بطرقاته الحازمة.. ليصله صوت عمته أم زايد:
+
ادخل يأمك.. مافيه حد.. بنت أختي راحت!!
+
فهد كان عاجزا عن وضع عينيه في عيني عفرا.. وهو يتخيل أن جميلة أخبرتها بسبب مافيها..
+
حتى لو كان لا يقصد.. فهي مهما كان ستعاتبه وخصوصا أن الضربة كانت منذ الصباح وهو لم يأخذها للمستشفى إلا في الليل!!
+
لذا كان استغرابه من خطاب عفرا الحاني الباسم: بيض الله وجهك يأمك..
+
جميلة تقول إنك تعبت نفسك معها واجد من البارحة لين اليوم!!
+
فهد لم يستطع أن يرد عليها بشيء وهو ينظر ناحية جميلة التي لم تكن تنظر ناحيته وتتشاغل بأخيها المتمدد في حضنها..
+
وهو يرد من باب اللياقة ولكن بصدق طبيعي: ماسويت شيء.. إلا مقصر واجد.. والسموحة منش ومنها!!
+
ثم أردف وهو يهتف بحزم: جميلة إبي بيجيش يبي يسلم عليش!!
+
جميلة حينها انتفضت بجزع وهي تهمس لأمها بعفوية: يمه تكفين جيبي لي جلابية ضافية وجلال..
+
فهد رغما عنه شعر بتأثر لطيف.. لأنه حين دخل ورأى الفستان القصير الذي ترتديه.. شعر بحرج كيف سيقول لها أن تبدله أمام والدتها!!
+
عفراء خرجت لتذهب لغرفة نوم ابنتها..
+
بينما فهد جلس مكان عفراء وهو يهتف لها بهدوء: عطيني زايد..
+
جميلة استغربت حين رأته يبتسم لزايد.. ( زين يعرف يبتسم..
+
فديت قلبك يازيود تخلي الحجر يبتسم!! )
+
عفراء دخلت وهي تحمل الملابس بيدها.. وهمست لجميلة بحنان: خلاص يامش قومي خلني أساعدش نروح للحمام تبدلين..
+
ثم أردفت ابتسامة لفهد: ماعليه يأمك بنخلي زايد عندك شوي..
+
جعلني أشوف عيالكم.. عاجلا غير آجل!!
+
كلاهما وفورا شعر بالضيق من هذا الدعاء.. فكلاهما لا يريد فعلا أن يكون بينهما أطفال..
+
" أنا آخرتي أرد نفسي لها..
+
لا وأجيب عيال من ذا الدلوعة.. أشلون بتعرف تربيهم أساسا؟؟"
+
" بسم الله علي أجيب عيال من ذا المتوحش!!
+
زين ما يحطهم في الفرامة ويفرمهم إذا عصب عليهم!! "
1
**********************************
+
بعد أربعة أيام..
+
والأوضاع شبه مستقرة على جميع الأصعدة.. بين استمرار عبدالرحمن في التدريبات..
+
والحياة الباردة الرتيبة والطبيعية بين كساب وكاسرة مع تحسن كساب أكثر وعودته لعمله في الشركة..
+
ومن ثم تحسن جميلة أكثر..
+
بعد أن قضت الأيام الماضية أكثرها في غرفتها!!
+
ومشاعر النفور المتبادل تصبح هي السمة بينها وبين زوجها!!
+
رغم أنها حاولت أن تكون أكثر لطفا معه.. وهي تؤمن أن هذا الرجل هو نصيبها!!
+
ولكنها رغما عنها لا تستطيع نسيان إهانته الجارحة!!
+
هـــو لم يكن مايشعر به هو النفور بمعناه الحقيقي... لكنه كان في رحلة اكتشاف..
+
اكتشاف عالم مجهول لم يكن يعرفه.. هذه الحسناء الرقيقة المتأنقة على الدوام..
+
بدأت تسترعي انتباهه بطريقة غريبة...
+
كما لو أنك تسكن مع نجمة متألقة تنتظر جديدها كل يوم!!
+
وهي لم تكن تمل من التلون وعدة مرات في اليوم!!
+
أناقة لافتة.. واهتمام لافت بنفسها.. وكل مافيها يبدو متقنا لأبعد حد...
+
حتى رقة صوتها بدأ يعتادها.. فمثل هذه الحسناء لا يصلح لها إلا هذا الصوت!!
+
ومع كل هذا... فوجهة نظره لم تتزحزح مطلقا.... لا بأس أن تنظر..
+
ولكن لا تقترب من شيء مستخدم...
+
فلو أنك رأيت تحفة فنية مبهرة... لن تمنع نفسك من النظر لها والتعجب من جمالها..
+
لكنك لن تفكر أبدا باستخدامها إلا لو كنت مجنونا!!
+
وهو ليس مجنونا!!
+
كان يدخل لغرفته بخطوات هادئة.. ليشعر بتوتر لا يعلم له سببا حين رأها تصلي!!
+
فهذه المرة الأولى التي يراها تصلي منذ زواجهما!!
+
وهي رغم شعورها العارض بالتوتر.. إلا أنها نفضته فورا.. فهي رأت طيلة الأيام الماضية تعامله الرسمي الدال على عدم رغبته في أي تقرب منها!!
+
خلعت جلال الصلاة.. لتظهر أناقتها اللافتة من تحته..
+
بنطلونها الجلدي الأسود.. وبلوزتها الفضية الضيقة التي تصل لمنتصف الفخذ..
+
وكل مافيها يصرخ بالإثارة لأبعد حد..
+
فهد توتر نوعا ما.. فهو مهما كان رجل.. وليس حائطا..
+
لذا هتف بغضب وهو يراها تجلس على مقعد التسريحة وتعدل وضع أحمر شفاهها:
+
دام أنتي عارفة مثل ماقلت لش قبل.. وعشان ما أجرح فيش..
+
إني مستحيل أرد نفسي لش... ممكن أعرف ليش ذا الكشخة اللي متعدية الحد 24 ساعة..؟؟
+
جميلة همست ببساطة وهي تضع لمسات أحمر الشفاة الأخيرة:
+
أتعدل لنفسي.. يعني عشانك ماتبيني... لازم أكتئب وأدفن نفسي!!
+
فهد يزفر بغيظ: يا بنت الحلال ريحي روحش.. مهما سويتي ماراح ينفع معي!!
3
جميلة ضحكت برقة: تدري فهد إنك تفكيرك سطحي وبريء بزيادة..
+
ماكنه بتفكير رجال قرب على الثلاثين..
1
لأني لو أبي أغريك على قولتك.. تراك ما تاخذ في يدي غلوة !!
4
جميلة كرهت بالفعل ماقالته.. ولكن هذا التافه الذي يظنها ستموت من أجل إغرائه أثار غيظها لأبعد حد..
+
وهي سكتت عنه طويلا!!
+
بينما شعور فهد ناحيتها بالقرف تعاظم أكثر لأنه رآها تتبجح بتجربة هو لا يمتلكها..
+
وشعوره بالغيظ ناحيتها يتزايد أكثر وأكثر!!
+
جميلة شعرت بالتوتر وهي تقف وتهمس برقة: بأروح أبدل وبأنزل لعمتي أم صالح..
+
*********************************
+
" علي حبيبي اشفيك تاخرت؟؟"
+
علي يخفي شيئا خلفه ويهتف بولع وهو يضع هاتفه على أذنه..
+
هذا أنا عند الباب يا قلبي!!
+
دقيقة وكان يفتح الباب ليجدها واقفة أمامه.. كانت متانقة لأبعد.. ابتسم لأنه يعرف سبب تأنقها..
+
وهو يرى كيف كانت غرفتهما معدة لاحتفال خاص جدا!!
+
أخرج باقة الورد الصغيرة والأنيقة من خلف ظهره وهو يقترب من شعاع ليحتضنها ويغمرها بقبلاته ويهمس بولع:
+
مبروك ياحبيتي.. وعقبال ألف شهر مع بعضنا...
+
شعاع بتأثر: ياقلبي يا علي.. تدري كنت خايفة إنك ما تتذكر إنه حن اليوم كملنا شهر..
+
علي بولعه المصفى: أفا عليش.. يعني أنتي تتذكرين وأنا أنسى!!
+
تدرين احترت وش أجيب لش هدية..
+
وبعدين على طريقة الرومانسيين قلت الورد أحلى هدية!!
+
ثم أردف بابتسامة:ولو تبين هدية مادية.. رحما مع بعض ونقيها بنفسش؟؟
+
ابتسمت شعاع وهي تشده لتجلسه على الأريكة مقابلا للكعكة الأنيقة والشموع المشعلة: والله العظيم أحلى هدية ياقلبي
+
أصلا أنت سبيشل واللي يجي منك سبيشل..
+
ويا الله افتح هديتي لأني عندي لك هدية أكثر من سبيشل...
+
علي فتح العلبة المستطيلة الصغيرة الأنيقة.. لتتسع عينيه بصدمة وهو يكح ويشهق ويشعر كما لو كان سيبكي فعلا..
+
ويهمس بتأثر غامر: صدق وإلا تلعبين علي؟؟
+
شعاع تعلقت بعنقه وهي تبكي برقة: لا تصير سخيف .. وش ألعب عليك؟؟
+
علي رفع الشريط المستطيل أمام عينيه بيد وهو يحتضنها بيده الثانية وينظر للخطين المتوازين في اختبار الحمل المنزلي..
3
ويهمس باختناق: متاكدة ياقلبي؟؟.. مهما كان هذا اختبار منزلي..
+
شعاع بين شهقاتها العذبة: أصلا أنا صار لي كم يوم متوترة عشان دورتي تأخرت..
+
أمس سويت التيست.. وعقب طلبت من جوزاء توديني أسوي فحص دم..
+
علي بفرحة غامرة وهو يغمرها بمزيد من قبلاته الحماسية: وانا أقول وش فيش من أمس وانتي منتي على بعضش..
+
يا الله.. الحمدلله يارب على نعمتك..
+
صدق ربي راضي علي...
+
ثم قفز بحماس: باتصل في إبي أبشره... بيموت من الفرحة!!
+
شعاع اختنقت من الخجل: لا علي.. تكفى لا تحرجني في عمي!!
+
علي تناول هاتفه وهو يتصل بحماس: مستحيل ما أقول له وذا الحين بعد!!
+
**********************************
+
" مبروك.. الف ألف مبروك"
+
كساب وكاسرة ينظران بدهشة لزايد الذي قفز وهو يروح ويأتي ماعاد قادرا على الجلوس حتى!!
+
ووجهه يتفجر بالفرحة العارمة!!
+
ما أن أنهى اتصاله حتى هتف كساب بابتسامة: فرحنا معك!!
+
زايد لا يستطيع السيطرة على فرحته: مرت علي حامل.. مرت علي حامل!!
+
كساب ابتسم بسعادة: والله مهوب هين عليان.. مبروك ياجدي..
1
كاسرة ابتسمت كذلك: مبروك ياعمي.. خلني تصل بشعاع أبارك لها بنفسي..
+
زايد بتاثر: وعقبالكم عاجلا غير آجل..
+
كساب وكاسرة تبادلا نظرات مثقلة بالمعاني ليتفجر المكان كله بالدهشة العارمة
+
وكاسرة تهمس بنبرة مقصودة:
+
وحن بعد يبه باركنا لنا..
+
أصلا أنا وكساب جايين نقول لك.. بس علي سبقنا..
+
أنا بعد حامل!!
3
#أنفاس_قطر#
+
