رواية بين الامس واليوم الفصل الخامس والستون 65 بقلم الكاتبة انفاس قطر
بين الأمس واليوم/ الجزء الخامس والستون..
+
كما توقعت تماما..
+
وصلها خلال دقائق..
+
حتى لو كان نائما فهي تعلم أنه سيقوم من نومه..
+
لأنها تعلم أنه حين ينام يرتدي خاتما لا سلكيا يرتبط بهاتفه الخاص بأهله.. حين يرن الهاتف أو تصله رسالة يهتز في يده..
+
فتح الباب باستعجال..
+
وهو (بفنيلته وسرواله) دون أن يلبس ثوبه حتى.. من شدة استعجاله..
1
وهو ينظر حوله باحثا عنها.. ليراها تقبع على منتصف السرير وعلى وجهها علائم الخوف المتقن..
+
أما هي حين رأته قفزت من السرير لتقف جواره..
+
أشار لها بأنفاس مقطوعة: وش فيش؟؟
+
أشارت له بخوف وهي ترسم ملامح التأثر على وجهها وتمنت لو تستطيع نثر دمعتين أيضا..
+
ولكنها ليست من النوع الذي يستطيع جلب دموعه كيف يشاء ..لذا اكتفت بالإشارة: يمه تميم.. فيه صوت يخوف؟؟
+
أشار لها بحزم: زين أنتي اقعدي هنا.. بأطلع أشوف برا فيه شيء...
+
سميرة شدته من ذراعه لتمنعه ثم أفلتته لتشير بذات الخوف: أقول لك الصوت هنا في الغرفة.. مهوب برا..
+
ثم اردفت بإشارة جزعة: يمه يمه.. الحين أسمعه.. اسمعه.. لا تخليني تكفى..
+
ثم التصقت به وهي تحتضن ذراعه وتخفي وجهها في عضده
+
وهي معتمدة تماما أنه لن يستطيع تكذيبها مادام لا يستطيع أن يسمع الصوت الذي سمعته..
+
تميم شعر أن جسده كله تكهرب حين التصقت به هكذا.. لأول مرة تكون قريبة هكذا...
+
" يا الله الصبر من عندك!!"
+
بينما هي شعرت أنها ستنهار وهي لأول مرة تشم عطره من هذا القرب الحميم.. تمنت أن تتراجع.. لكن آوان التراجع فات..
+
ولا بد أن تكمل مخططها للنهاية..
+
تميم خلصها منه برقة حتى يشير لها بثقة رغم أنه تمنى لو تبقى هكذا حتى آخر يوم في عمره:
+
زين هديني خليني أدور.. يمكن فار؟؟
+
سميرة أفلتته وهي تعود لمكانها وتجلس على طرف السرير... تميم بحث في أطراف الغرفة ولم يجد شيئا..
+
أشار لها بهدوء: مافيه شيء.. بكرة حطي سم فيران وصمغ.. لو فيه شيء بيطيح فيه.. والفار ماظنتي يخوف..
+
أكمل إشارته وهو ينظر لها بعد أن فتح الباب ليخرج..
+
سميرة قفزت بجزع:
+
بتروح وتخليني؟!! تكفى نام عندي.. أنا خايفة !!
+
تميم تنهد بعمق " يا الله صبرني ألف مرة!!"
+
وهو يغلق الباب ثم يستدير عائدا.. حتى منى هو أيضا سيبقى ينام في مكان غير غرفته..
+
حتى متى هذا الهرب؟؟؟ لابد أن يتوقف في يوم !!
+
توجه لأريكته وهو يشير لها بسكون: خلاص بأنام هنا.. تصبحين على خير..
+
أشارت له بجزع مدروس: لا تعال نام جنبي.. أو أنا بقعد على الكرسي جنبك..
+
تميم نظر لها بصدمة حقيقية.. بينما سميرة كانت تخشى أن تبدأ أسنانها بالاصطكاك لشدة توترها مما تفعله..
+
وقف تميم لثوان حائرا..
+
لا يليق أن يتركها جالسة على مقعد جواره.. بينما هو نائم على الأريكة..
+
ونومه معها في مكان واحد لا يستطيع احتماله... فماذا يفعل؟؟
+
لم يرد أن يبدو بمظهر الجبان الذي يخشى قربها.. أو ربما يخشى عليها هي من نفسه..
+
ولكن لا مفر من نومه معها..
+
ولكن هل يعقل أنها خائفة لهذه الدرجة التي توافق أن ينام جوارها وهي من كانت ترتعش من مجرد اقترابه منها..؟؟
+
حين رأته اقترب فعلا.. أشارت له بجزع حقيقي هذه المرة:
+
تنام على الطرف..وماتقرب مني..
+
حينها أشار لها بغضب عاتب: دام بتتشرطين من أولها.. كل واحد ينام في مكانه أحسن..
+
عادت للتراجع بخجل وهي تستخدم سلاح الرقة هذه المرة: تكفى تميم لا تخليني أترجاك..
+
أقول لك خايفة.. تبي تخليني؟؟
+
تميم اندس في الفراش على الطرف تماما وهو يتنهد تنهيدة بحجم الكون " يا الله صبرني للمرة المليون!!" ..
+
لا يعرف حتى ملمس هذا الفراش أساسا...ولا رائحته.. التي بدت عطرة جدا وناعمة كنعومة صاحبته تماما..
+
" إيه الأخت بروحها تنام مرتاحة هنا
+
وأنا تكسرت جنوبي من الكنبة!!"
+
تميم أولاها ظهره لم يكن يريد أن ينظر ناحيتها فالضغط النفسي الذي يشعر به كبير جدا..
+
ولكنه فوجيء بطرف أنامله ينقر كتفه..
+
استدار لها مستفهما.. بينما عادت هي إلى أقصى الطرف الآخر..
+
ثم أشارت له برجاء عذب: تميم تكفى مافيني نوم.. سولف معي شوي!!
+
اعتدل جالسا وهو يشير باستغراب: وش أسولف لش يعني؟؟
+
حينها تربعت جالسة ولكنها تذكرت أنها لابد أن تكون رقيقة وأنثوية لأقصى حد.. والتربع لا يتناسب مع هذه الصورة!!
2
لذا ضمت ساقيها لتجلس بشكل جانبي وهي تشير بحماس رقيق:
+
أي شيء تبيه.. قل يوم دخلت صف أول وش سويت..
+
أو أنا بأقول لك.. وأنت قول لي عقب..
+
***************************************
+
" ماقلت لي عمتك يوم اتصلت فيك قبل المغرب وش كانت تبي؟؟"
+
كساب يعدل المخدة وراء ظهره وهو يجلس على المقعد الطويل الخاص بالمرافق..
+
ويجيب علي بهدوء: ما أدري تقول تبيني ضروري..
+
علي بمودة باسمة: كان رحت لها.. يمكن كانت تبي تعطيك مرتك في يدك..
+
ضحك كساب: لا ماظنتي.. عمتي ماتسويها.. ومرتي مستحيل تنجر
+
ولو حتى جروها بدبابة تي-ناينتي الروسية ، و دبابة أبرامز- إم- ون الأمريكية.. الثنتين سوا..
+
حينها هتف علي بجدية: لا صدق كان رحت.. أكيد عمتك ماراح تقول تبيك ضروري إلا لو فيه شيء ضروري..
+
كساب يهتف بحزم وود غريبين: أنت أبدى من خلق الله..
+
ما أقدر أخليك وحن تونا داخلين المستشفى.. بكرة لا جاء إبي.. رحت لها..
+
الدنيا مهيب طايرة..
+
علي بشجن وحزن عميقين: ماكنت أبي أدخل المستشفى..
+
بس عاد طيحة في المسجد وأنا في الصلاة قدام خلق الله.. هذي اللي مالها دوا والله...
+
يا فشلتي وقصارانا كلهم متشاقليني للمستشفى.. (قصارانا=جيراننا.. متشاقليني=شايليني)
+
وعشر سيارات تتبعنا...
+
كساب ابتسم: أنت عاد مالقيت تطيح إلا في صلاة الظهر وأنا وإبي كل واحد منا في شغله...
+
علي أسند رأسه للخلف وهو يغلق عينيه ويهتف بعمق:
+
تعبت يا كسّاب تعبت.. الحين ذا العذاب بيظل مكتوب علي لين آخر يوم في عمري..
+
كساب أجابه ببساطة: مشكلتك علي ماخذ الموضوع بجدية..
+
يعني لا أنت أول ولا آخر واحد يحب له وحدة.. ويتزوج وحدة ثانية...
+
صدقني إذا تزوجت.. ولهيت في بيتك وعيالك ما أقول لك إنك بتنسى لكن بتنشغل..
+
علي تنهد بذات العمق: ماظنتي.. وما أقول إلا الله يعين بنت فاضل على مابلاها!!
8
*************************************
+
هزت طرف كتفه برفق..
+
حينما فتح عينيه بإرهاق.. كانت تقف فوق رأسه..
+
أشارت له بإرهاق شديد: تميم قوم الشغل..
+
أشار لها وهو يغلق عينيه: ماني برايح الحين.. ما ني بقادر أقوم.. مانمت حتى ساعة.. بأروح الساعة 10..
+
أنتي الحين سهرتيني بهذرتش لين صلينا الفجر.. وعقبه تقوميني الساعة 6..
+
مافيني حيل حتى أسوق..
+
ماعليه خلي أمي والسواق يودونش أنتي ووضحى..
+
سميرة حينها عادت وهي لا تكاد ترى من النعاس لتندس بجواره.. وهي ترسل لوضحى رسالة أنها هي وتميم لن يذهبا اليوم..
+
******************************
+
" حبيبتي عفرا أنتي الحين ليه زعلانة؟؟"
+
عفراء بغضب فعلي مغلف بطريقتها المهذبة الراقية في الحديث ومثقل بكثير من الحزن والعتب:
+
يعني ولدي من أمس الظهر وهو في المستشفى وتوك تقول لي الحين..
+
أنا قلبي ناغزني عليه من يوم شفته قلت جياته عندي الأيام الأخيرة..
+
وكل ماكلمته يلعب علي ويقول أنا طيب..
+
وأنت بعد تلعب علي إذا سألتك وتقول طيب..
+
والولد تعبان.. تعبان.. وأنا ماعندي خبر
+
مالي شغل أبي أروح له الحين.. الحين... مافيني صبر..
+
منصور بنبرة تهدئة: والله العظيم بأرجع وأوديش له الظهر.. لكن الحين مكلميني مجموعة من ربعي الضباط يبون يزورونه...
+
بأروح معهم الحين.. ووعد علي أرجع وأوديش.. هدي حبيتي..
+
عفراء زفرت بغضب وحزن وهي تجلس وتأثرها العميق باد في وجهها...
+
بينما منصور خرج.. لتجلس جميلة بجوارها وهي تربت على فخذها وتهمس بحنان:
+
يمه ياقلبي هدي جعلني فداش..مهوب زين تعصبين كذا..
+
عفرا تهمس بغضب: وليه مهوب زين.. كملت شهر وزيادة من يوم ولدت..
+
يعني طيبة ومافيني شيء..
+
وحضرة العقيد مبلغ ربعه الضباط من أمس وقدهم متفقين اليوم يزورونه وأنا ماعندي حتى خبر...
+
جميلة برقة: وعلي طيب وأنتي توش كلمتيه من دقايق بنفسش..
+
عفراء حينها انحدر صوتها لألم وحنان عميقين: ياقلب أمه وش اللي جاه...
+
قلبي مهوب مرتاح لين أشوف ولدي بعيني...
+
****************************************
+
" جوزا أبي وينه؟؟"
+
كانت شعاع التي دخلت للتو عائدة من محاضرة وحيدة مبكرة تهمس بذلك لجوزاء بعد أن قبلت جبين عبدالرحمن وأعطته الجريدة التي وصاها عليه..
+
ثم قبلت جبين والدتها التي تجلس بقرب عبدالرحمن وتتبادل الحديث معه...
+
جوزاء بهمس محايد في أذن شعاع: راح يزور رجالش هنا في نفس الطابق..
+
شعاع بصدمة رقيقة كرقتها: رجّالي؟؟ ليه وش فيه؟؟
+
جوزاء تبتسم: يقولون تعبان شوي.. الظاهر متخرع من العرس ومنش..
+
شعاع بقلق عفوي: لا جد جوزا.. فيه شيء كايد؟؟
+
جوزاء برقة باسمة مرحة: ياقلبي على اللي يحاتون... لا لا تخافين على المسيو علي..
+
إبي يقول تعبان شوي ومقروف من الأكل بس..
+
بس خبرش ولد نعمة ما يستحمل...
+
شعاع حينها ابتسمت وهي تغمز جبنب جوزاء: إيه طسي رجّالي عين بعد يا المشفوحة..
+
إلا الجويزي مالت على عدوش..الحوسة اللي كنا فيها نستني.. لين جبتي الطاري..
+
صورتي وينها؟؟
+
جوزاء بعدم فهم: أي صورتش؟؟
+
شعاع بنبرة مقصودة: صورتي يأم حسن.. صورتي..
+
جوزاء تضحك بخفوت: يأختي نسيت والله العظيم.. بأدورها والله ما أدري وين قلعتها...
4
************************************
+
" هلا زايد وش فيك تاخرت؟؟
+
كان فيه رياجيل جايين معي ويبون يواجهونك وتوهم راحوا الحين يوم عجزوا وهم يتنونك""
+
زايد يجلس بعد أن نظر إلى وجه علي النائم بتمعن
+
ثم يهتف بحزم وهو ينظر لمنصور وكساب الجالسين ويرد على منصور:
+
رحت أشهد على ملكة رجّال وتوني مخلص الحين..
+
حينها كساب كان من تسائل باستغراب: غريبة يبه.. يعني ماقلت لي أمس إنك بتروح تشهد على ملكة حد؟؟
+
زايد بحزم غريب: توهم كلموني الصبح فرحت لهم..
+
حينها سأل منصور: ومن ذا اللي متملك من صباح الله خير؟؟ مافيه صبر لعقب صلاة العصر؟؟
+
أجابه زايد بذات الحزم الغريب: خليفة ابن احمد..
2
منصور بصدمة كاسحة: أي خليفة بن أحمد.. رجّال جميلة؟؟
+
زايد بذات حزمه الذي لا يتذبذب: تقصد طليقها.. إيه.. هو إياه!!
+
منصور يمنع نفسه من الانفجار فلا الوقت وقته ولا المكان مكانه..
+
هتف بصرير حاد من بين أسنانه بينما كساب قرر أن يقف موقف المتفرج فليس له مزاج للدخول بين هذين الجبلين حين يتناطحان:
+
بصراحة ماقصر.. زين إنه صبر لين كمل شهر من عقب ماطلق بنتك وأنت رايح تشهد على عرسه!!
+
يعني الدوحة مافيها حد يشهد غيرك.. وإلا مافهمت مقصدهم من إنهم يطلبونك أنت بالذات..
+
وانت بعد رايح ما حتى تعذرت بولدك المريض..
+
زايد بثقة: عارف مقصدهم زين... ومهوب أنا اللي أطق وألا اتعذر عشاني عاجز أواجه..
+
داري إنهم يبوننا أول حد يوصله خبر الملكة..
+
منصور حينها انفجر بغضب مكتوم: وأنا اللي كنت أبيه يرد بنتي وأسعى في ذا..
+
والله إنه مهوب كفو.. و والله إنه مهوب كفو.. وو الله إنه مهوب كفو..
+
رد عليه زايد بثقة غامرة: إلا كفو وكفو وكفو.. وبنتك لو بغى يردها ردها من ورا خشمك ولا لك لسان.. لأنها عادها في العدة..
+
لو بغى ردها بدون رضاها ورضاك...
+
منصور بذات الغضب المكتوم الذي بدأ في التزايد: يخسى ويهبى يعرفها مرة ثانية...
+
والله ولو تذابحنا إنه ماعاد يعرفها لأنه مهوب كفو لها ولا مايستاهلها....
+
حينها هتف زايد بغضب: أنتو على ويش شايفين حالكم على الناس...
+
جميلة على غلاها اللي أنت عارفه زين...لكنها سوت فيه سوات ماتسويها حتى مضيعة المذهب..
+
والحين مستكثر عليه حقه في رد شوي من كرامته..
+
منصور قفز وهو ينتفض من الغضب: ما أسمح لك تقول عليها كذا...
+
ووالله لولا إنك أخي الكبير وإلا كان علوم..
+
يعني عشانه من ريح خليفة كل شيء عليه حلال.. دستنا كلنا عشان خليفة..
+
أولهم أنا ثم علي ثم جميلة...
+
زايد بحزم بالغ: منصور اقصر الحكي اللي ماله سنع..
+
إذا خليفة ولد ولد أخ خليفة.. فجميلة بنته...
+
قل لي وش تبيني أسوي يوم كلموني والشهود واهل البنت عندهم ويبوني أشهد..
+
أقول لا والله ردو بنتنا..
+
مهوب أنا اللي أحط نفسي في موقف سخيف مثل ذا ولا أرخص جميلة مع زعلي منها....
+
بغيت أبين لهم إنه لو أنتو بعتوا شوي.. حن خلاص بايعين واجد...
+
**************************************
+
كان هو من نهض أخيرا قبل أذان الظهر بقليل..
+
نظر للساعة وهو مازال مستلقيا.. لا وقت حتى ليذهب لمحله..
+
سيذهب العصر..
+
ولكنه سينهض ليستحم ويذهب للمسجد للصلاة ثم يذهب لاحضار سميرة ووضحى من المدرسة...
+
قطب جبينه قليلا (أوف نمت نوم مانمته من قبل..
+
نعنبو هذي وش ذا الهذرة اللي عندها..؟؟
+
تعبت إيدي من كثر ما أشرت )
+
ثم رقت ملامحه بحنان..( يا الله قلت لها أشياء ومن أول مرة
+
ماعمري هقيت إني بأقولها لأحد حتى وضحى مع قربها مني..
+
ما أدري وأشلون قدرت تسحب الكلام مني..
+
لها قدرة عجيبة تدخل بين الواحد ونفسه)
+
اتسعت ابتسامته أكثر وهو يعتدل جالسا لينهض.. حينها فوجئ بمن مازالت تنام جواره ولم تذهب لعملها..
+
كانت تنام بشكل أقرب للشكل العرضي.. رأسها ناحيته.. وقدماها تكادان تخرجان عن طرف السرير..
+
اتسعت ابتسامته أكثر بحنان أكبر.. وهو يميل دون أن يشعر ليقبل جبينها!!..
+
أرادها أن تكون خاطفة وسريعة..
+
ولكنه حالما قبل جبينها.. لا يعلم أي غيبوبة لذيذة شعر بها.. وجد نفسه ينزلق ليقبل صدغها..
1
كان يشعر أن شفتيه ترتعش وهي تلامس بشرتها الناعمة لأول مرة..
+
وربما كان تهور واتجه لاتجاه آخر.. لولا أنها قفزت بجزع.. وهي تبتعد عنه..
+
وتنظر له بجزع بعينيها المنتفختان من النوم وشعرها المنكوش لكثرة تقلبها..
+
رغم أن أكثر ما تحرص عليه أول ماتنهض من النوم أن تمسح على شعرها لتتأكد من هبوط خصلاته الطائرة قبل أن تقوم فعلا..
+
ولكن صحوها على شفتيه على صدغها جعلها تقفز دون تفكير وتشير بهذا الجزع الذي انتشر في روحها:
+
شتسوي؟؟
+
ابتسم وهو يشير بشفافية: شفت رأسش عندي ماقاومت أني على الأقل أحبه..
+
شعرت بخجل عميق يتفجر في روحها ولم تستطع أن تشير بشيء وهي تقفز للحمام لتهدئ دقات قلبها المتسارعة..
+
حينها رأت شكلها في المرآة لتقفز الدموع إلى عينيها: وانا أقول وش فيه كان يتبسم.. أحسبه يبتسم لي..
+
أثره يضحك على شكلي.. وانا كني خبلة بكشتي الطايرة...
+
لتنهمر دموعها بغزارة وشهقاتها المكتومة تتعالى.. ولم يكن السبب أن شكلها كان مضحكا..
+
لأن السبب كان أعمق من ذلك بكثير..
+
ولكنها قررت أن يكون هذا هو السبب.. وهي تشد المشط وتمشط شعرها بقسوة تفرغ فيها توترها..
+
حين خرجت بذات توترها وهي تلتف بروبها بعد أن استحمت.. وجدته يقف قريبا من الباب..
+
يستند على دواليب غرفة التبديل.. حينها تراجعت بوجل.. ولكنها عادت لتخرج بخطوات مترددة..
+
حينها أشار لها بشجن: آسف سميرة لو كنت ضايقتش.. ماقصدت والله..
+
آلمها ملامح الضيق على وجهه.. أ يأخذ حقا من أبسط حقوقه ثم يعتذر لها عنه؟؟
+
"أي مخلوقة معدومة المشاعر أنا؟!"
+
حينها قررت أن تتهور وهي تقترب منه وتتطاول على قدميها لتقبل جبينه..
+
ولكن لطوله الذي يتجاوزها بكثير لم تستطع الوصول إلا لطرف خده..
+
تميم منذ رآها تقترب وهو يشعر أن قلبه سيتوقف... ماذا تريد منه؟؟
+
ليصدم بقبلتها الرقيقة والشفافة الصادمة فعلا..
+
ثم لتكون صدمته الأشد أنها دفعته داخل الحمام وأغلقت الباب عليه..
2
لأن وجهها تفجر احمرارا وماعادت قادرة على مواجهته.. وتريده هو أن يستحم أو يفعل مايريده..
+
حتى تلبس ملابسها وتهرب للأسفل.. قبل أن تواجهه مرة أخرى!!
+
*******************************
+
هاهي تقف قريبا من غرفته قبل صلاة الظهر بقليل.. وهي تشعر كما لو كانت مجرم يعد لعملية سرقة..
+
بل إحساسها كمن يرتكب جريمة فعلا.. ويخشى من اكتشافهم له..
+
هذه المرة تهورت أكثر وهي تشرك معها أحد عاملات النظافة وتعطيها نقودا حتى تخبرها من في داخل غرفة عبدالرحمن..
+
انتظرت حتى أخبرتها أنه كان هناك ثلاث سيدات وخرجن قبل قليل..
+
وتبقى الشيخ والخادم ويبدو أنهما سيخرجان..
+
وبالفعل بقيت حتى رأت من بعيد أبا عبدالرحمن يخرج متوجها للمسجد وهو يتسند على خادمه...
+
حينها قررت أن تدخل.. ولكنها شعرت للحظات بالجبن.. وهي تشعر أنه قد يغمى عليها من الرعب والخجل..
+
فقط ستنظر له دون أن تكلمه.. فهو لم يسبق له مطلقا أن رآها بالبالطو الأبيض سيحسبها أحد أفراد الطاقم الطبي..
+
حاولت أن تتراجع.. ولكنها تعلم أنها حلفت بالله أن تفعلها.. عدا أنها ستموت إن لم تراه بعد أن أصبحت قريبة هكذا..
+
سمت بسم الله وهي تحاول دفع أكبر قدر من الشجاعة في روحها المتخاذلة..
+
تنهدت بعمق وهي تشد لها نفسا عميقا.. وتدفع الباب.. وتدخل
+
كانت تحمل ملفا في يدها وضعته على الطاولة أمامه دون أن ترفع عينيها ناحيته لشدة توترها..
+
هو حين رأى الطبيبة التي دخلت أنزل الجريدة التي كان يقرأ فيها.. مع استغرابه لدخولها الصامت دون تحية حتى.
+
في ذات اللحظة التي أنزل فيها الجريدة.. تجرأت ورفعت عينيها..
+
لتتكهرب وهي تنزل نظرها وتفتح الملف وتدعي إنشغالها فيه.. رغم ارتعاشها..
+
" يمه.. يمه.. هو حلاه كذا طبيعي؟؟
+
وإلا أنا اللي من كثر ما أنا مشتاقة له...شايفته أحلى واحد في العالم..
+
الدب والله إنه وهو مبطل عيونه أحلى بواجد..
+
وبعدين وين النظارة اللي شفته فيها يوم جا يزور أمي؟؟
+
شكلي بأخليه يلبسها أحسن .. ما أقدر أشوف عيونه كذا بدون حاجز.."
+
عادت لترفع عينيها لتجده ينظر لها باستغراب..
+
عاودت اخفاض بصرها والقلم الذي تسجل به ملاحظاتها الكاذبة يرتعش في يدها..
+
الارتعاش الذي لاحظه هو تماما !!!
+
" فيه حد توه صاحي من غيبوبة ماله أسبوع والدم ينط من وجهه كذا!!
+
نعنبو وش ذا البياض بحمار اللي عنده؟؟
+
شكلي بأبطح الرجّال بعيني وأرجعه الغيبوبة مرة ثانية..
2
خلني أطلع بدون خساير أحسن
+
هذا أنا شفته وكحلت عيوني بشوفته الدب.."
+
كانت على وشك فعلها والخروج لولا أنه صدمه الصوت الذي سمعته: دكتورة!!
+
" يا الله ماتخيلت إني ممكن أسمع صوته بعد
+
يا الله بأموت.. بأموت!!"
+
كان يهتف ببنبرة مقصودة تماما وباللغة الإنجليزية وهو يردف بعد أن استوقفها:
+
دكتورة.. هل من الممكن أن تشدي سلك الجلوكوز لأنه التف خلف حامل الجلوكوز وألمني في يدي...لو سمحتي..
+
عالية كانت تريد أن تهرب.. لكنها علمت أنها حينها ستفضح روحها..
+
لم تكن تريد مطلقا الاقتراب منه.. لكنها كانت مجبرة..
+
" الله يأخذ عدوك يا الدب..
+
أنت الحين تتلزق في كل دكتورة تجيك..؟؟
+
خلني أحرك له الواير وأخلص"
+
عالية اقتربت وهي تحاول أن تكون حركتها عفوية وواثقة..
+
بالفعل كان هناك حامل للجلوكوز.. لكن لم يكن هناك أي شيء معلق بيده..
+
وقبل أن يبدر منها أي تصرف.. شعرت أن هناك قنبلة تفجرت بين أناملها وهي تتفاجأ بيده تشد على يدها بقوة..
+
حاولت شد يدها بكل قوتها ولكنه لم يفلتها وهو يهمس لها بعمق دافئ:
+
يا الظالمة ثلاث أسابيع ماسمعت صوتش.. هنت عليش كذا؟؟
8
عالية تفجرت صدمة أشد في داخلها وشعرت أنه سيغمى عليها فعلا (أيعرفني؟؟)
+
همست باختناق: فكني.. فكني.. لا تفضحني..
+
أجابها بثقة: وين الفضيحة؟؟ رجّال ماسك يد مرته.. اللي عنده ريال خله يقطعه..
+
عالية حاولت شد يدها دون فائدة هتفت من بين أسنانها بغيظ:
+
نعنبو دارك هذي يد وإلا كلبشات... يقولون توك قايم من غيبوبة من وين لك كل ذا الحيل يا الدب..
3
حينها انفجر ضاحكا بعفوية..
+
يا الله لم يتخيل أنه قد يضحك مرة أخرى
+
وهو من كان غارقا في كآبة شفافة منذ نهض من غيبوته وهو يتخيل هذه الحياة قد أصبحت خالية من توأم روحه
+
هتف وهو يضحك: دب في عينش يا قليلة الحيا.. فيه وحدة تقول لرجّالها كذا..
+
عالية ماعادت كيف تشعر.. الغيظ أو الخجل؟؟... هتفت برجاء عميق:
+
عبدالرحمن تكفى .. هدني.. تكفى..
+
هتف لها بعمق شفاف: ياحلوه اسمي من بين شفايفش..
+
إذا فيه واحد بيموت من العطش وعطوه كأس ماي..
+
ظنش حتى لو مافيه حيل.. حد يقدر يأخذ الكأس منه؟؟
+
هذا الحين حالي وحالش.. يدش الحين كأس الماي للعطشان اللي هو أنا..
+
عالية تنظر للباب وتهمس بتوتر مرتعب: ولك بال تغزل بعد أنت ووجهك..؟؟
+
هدني لا يجي أبيك لا تفضحني..
+
عبدالرحمن انفجر ضاحكا مرة: احترميني لا أقوم أوريش الشغل.. حتى لو ما أقدر أقوم..
+
أما على إبي.. توه رايح.. يبي له على الأقل ربع ساعة...
+
وش صار؟؟ قبل كنتي تحسبين لطلعته ورجعته بالثانية... خربت ساعتش يعني؟؟
+
عالية مصدومة فعلا.. مصـــــــــدومة!!
+
أ كان يشعر بها فعلا؟؟... ثم تحولت الصدمة لتفجر صداع وخجل لا حدود لهما..
+
"يعني الدب يتذكر كل شيء كنت أهذر فيه؟؟"
+
كانت مشغولة بالصدمة والتفكير وهي تنسى يدها التي بين يديه..
+
لتعلم أنه كان يتذكر جيدا وهي تشعر بأنفاس دافئة على يدها تبعها قبلات أكثر دفئا..
+
حينها صرخت بصوت مكتوم والعبرات تنط في حلقها:
+
والله العظيم إنك استخفيت.. فكني.. فكني..
+
لم يرد عليها وهو يغمر أناملها المرتعشة بقبلاته بينما هي تحاول شدها بعنف.. وقلبها يكاد يتوقف من الرعب..
+
أفلتها بمزاجه لأنه لم يرد أن يثقلها عليها أكثر من ذلك..ثم أجابها بابتسامة مغلفة بخبث رقيق: أنا نفذت طلبتش بس..
+
وسامحيني كان ودي إن البوسة في مكان ثاني...على طلبش بعد..
+
بس ماعليه ملحوقة.. مهما كان المستشفى مكان مايليق..
+
أجابته باختناق عبراتها التي تحاول منعها من الانسكاب: والله العظيم إنك خبل
+
هدني يا الله..
+
أجابها حينها بحزم باسم: أنتي بتعرفين تقصرين لسانش وإلا قصيته لش..
+
أجابته برجاء طفولي: بأقصه والله العظيم بأقصه.. بس هدني..
1
أنا أساسا الخبلة اللي جيت عند واحد خبل مثلك..
2
حينها عاود رفع يدها إلى شفتيه وهو يهتف بابتسامة: لا شكلش مافهمتي اللسان أشلون يتقصر...
+
وبعدين يا البخيلة جاية لين عندي.. على الأقل بردي قلبي وخلني أشوف وجهش..
+
ارفعي نقابش...
+
حينها انفجرت في البكاء: بس خلاص تكفى.. حرام عليك.. هدني..
+
عبدالرحمن شعر بالجزع من بكاءها.. لم يتخيل أنها قد تفعلها وتبكي وهو من يعلم جرأتها..
+
ولكنه يخشى حتى الموت أن يفلتها دون أن يأخذ منها وعدا أنه سيسمع صوتها على الأقل..
+
فهو منذ صحى من الغيبوبة وهو يكاد يُجن ليسمع صوتها فقط.. توقع أن من لها جرأتها لابد ستحاول الاتصال به ولو على سبيل تهنئته بالسلامة..
+
وحين رأى الأيام تمر وهي لم تحضر.. كان يريد أن يأخذ هاتف جوزا ليأخذ رقمها.. ولكنه لم تتهيأ له الفرصة بعد...
+
ولم يتخيل أنها كانت تخفي له مفاجأة رائعة.. وهي أن يراها هي شخصيا..
+
لذا لم يتوقع أن من لها هذه الجرأة جبانة أيضا إلى هذا الحد..
+
أجابها بتهدئة حنونة: زين اسكتي يا البزر وأهدش.. اسكتي..
+
عالية حاولت أن تتماسك: زين هذا أنا سكتت.. فكني..
+
وترا والله ما أنسى لك إنك بكيتيني.. لأني نادرا ما أبكي..
+
ابتسم حينها وهو يشد على يدها أكثر: وتهددين بعد أنتي ووجهش؟؟
+
عالية بتراجع جزع: لا ماني بكفو أهدد... تكفى هدني..
+
عبدالرحمن حينها هتف بحزم باسم: زين اسمعيني عدل.. بأهدش..
+
بس توعديني تكلميني على الأقل.. ما أعتقد إنه صعب عليش تجيبين رقمي...
+
عالية بغيظ: لا تشرّط علي.. ما أبي أكلمك..
+
عبدالرحمن حينها هز كتفيه ببساطة: خلاص خلش عندي لين يجي إبي.. ويعرف من اللي كانت تنط عندي كل يوم وأنا في الغيبوبة...
+
عالية عاودها الاختناق بالعبرات: أنا أبي أدري أنت كنت منخمد في غيبوبة وإلا كنت تمثل علينا؟؟
+
عبدالرحمن ضحك: مالش شغل أنتي.. اوعديني تكلميني بأفكش.. وترا إبي صار على وصول..
+
عالية بجزع وهي تنظر للباب: بأكلمك.. بأكلمك لا بارك الله في عدوينك..
+
ماشفت واحد أذوة مثلك.. الله يعين الطلاب اللي كنت تدرسهم على غثاك..
+
شد كفها بقوة وهتف بابتسامة: وطولة اللسان؟؟
+
عالية عادت للبكاء: لا حول ولا قوة إلا بالله.. يامن شرا له من حلاله علة..
+
لا تحدني أطلب الطلاق.. عشان أخلص منك
+
حينها أفلتها وهو يضحك: لا ليش الخساير..
+
أموت ولا أطلق.. روحي.. بس يا ويلش ماتكمليني..
+
لم ترد عليه حتى وهي تهرب وتنسى الملف الذي كان معها على طاولته..
+
وتنجح في الهروب قبل دخول أبي عبدالرحمن بدقيقتين فقط!!
+
لتبحث عن أقرب حمام وتغلق على نفسها فيه وتنفجر في بكاء مسموع:
+
يمه.. يمه.. والله مهوب هين ذا الدب...
+
يا ويلي.. يا ويلي.. يعني أشلون؟؟ أشلون؟
+
كان سامع كل هذرتي؟؟
+
يا فضيحتي.. يافضيحتي..
+
****************************************
+
هاهو جالس في انتظار مزنة..
+
ينظر حوله.. بعد عدة أيام ستكمل شهر منذ خرجت كاسرة من بيته..
+
ويبدو أن هذا الشهر لم يكفيها لتفكر..
+
يتساءل ماذا تريد عمته منه؟؟
+
ليتفاجأ بدخولها عليه وهي تحمل في يدها حقيبة يعرفها جيدا..
+
ألقت الحقيبة على المقعد المجاور لكساب بينما كساب كان يقف ليقبل رأسها ثم يعود لمقعدها..
+
بعد السلامات الملغومة من الطرفين هتفت مزنة بنبرة مقصودة:
+
تعرف الشنطة هذي لمن يا كساب..؟؟
+
أجابها كساب ببساطة حازمة.. بساطة من لا يهمه أحد وفي ذات الوقت مغلفة باحترام مدروس:
+
أكيد أعرف.. مثل منتي تسالين وأنتي عارفة...
+
هذي شنطتي..
+
مزنة بذات النبرة المقصودة: وشنطتك وش جابها فوق سطح بيتنا..؟؟
+
كساب اقترب قليلا للأمام وهو يركز نظره عليها ويهتف بثقة: يمه .. أنتي ذكية
+
وأنا ذكي بعد.. جيبي الكلام من آخره..
+
حينها هتفت مزنة بغضب حازم: ماهقيتها منك يا كساب.. إنك تعدى على حرمة البيت.. أفا عليك..
+
كساب أجابها بذات البساطة الحازمة: البيت وحرمته على رأسي..
+
وأنا ماجيت إلا لمرتي..
+
مزنة بغضب متزايد مغلف بحزمها : زين ولو أنك دخلت على بنتي وإلا مرت ولدي بتقول بعد إنك ماتعديت على حرمة البيت..
+
كساب بذات النبرة الحازمة ودون أن يهتز: يمه أنتي دارية زين إني ماني بداخل إلا على مرتي..
+
لأنش بروحش اللي علمتيني وين مكان غرفتها..
+
مزنة تقطب جبينها وهي تتذكر أنه سألها بطريقة عفوية يوم وصوله من السفر عن مكان نوم كاسرة وأي غرفة من غرف البيت اختارتها..
+
من باب اهتمامه براحتها فأجابته مزنة بذات العفوية..
+
لم تعلم أن سؤاله كان أبعد مايكون عن العفوية..
+
ولكن مزنة أجابته بغضب متحكم بالغ الحزم.. فما فعله يبقى بعيدا عن كل العادات المقبولة:
+
اسمعني زين.. ذا الخرابيط كلها ماتدخل رأسي..
+
اللي سويته يأمك مهيب سوات رياجيل..
+
تعدى على حرمة بيت جيرانك وتعلبش على درايشهم..
+
عشان تدخل على بنتهم.. حتى لو كانت مرتك.. لكنها الحين بنتي وفي بيتي..
+
ودامك تعديت على حرمة البيت وهي غطت عليك وسمحت لك بكذا..ودست سواتك..
+
فالحين أنا ماعاد عندي إلا كلمة وحدة.. شل مرتك ولا توريني وجهك أنت وإياها..
2
قاطع كلام مزنة دخول كاسرة كإعصار غاضب..فهي منذ علمت بوجوده وهي تقف قريبا من الباب تحسبا لتصرف والدتها الذي تعلم أنه سيكون هكذا..
+
حين دخلت سكن الجو في المكان..
+
وهي وكساب يتبادلان نظرات غريبة حادة مثقلة بألوان متفجرة من التحدي والبرود والشوق...
+
كانت كاسرة أول من تكلم وهي تقول بثقة غامرة:
+
يمه آسفة.. والله لو انطبقت السماء على الأرض إني ما أروح معه كني نعجة..
+
يعني مهوب هو يغلط وأنا أتحمل نتيجة غلطاته..
+
حينها أجاب كساب بتلاعب واثق وهي يجلس جلسته الواثقة كأنه ملك في أملاكه الخاصة:
+
غلطتي بروحي؟؟
+
يعني يمه يدخل في بالش إني بأتعربش على الدرايش على قولتش
+
إلا لو هي فتحت لي الدريشة عشان أدخل..
+
مزنة بدأت تشعر بالصداع من تزايد غضبها من وقاحة الاثنين:
+
يوم كل واحد منكم ماله صبر ثاني.. ليه مسوين لنا فيلم..
+
انلموا في بيتكم من غير فضايح..
+
وش كنتو تنتظرون لين تحمل وهي في بيتي...؟؟
3
كاسرة رغما عنها تفجر وجهها احمرارا دمويا لأبعد حد
+
و رغم حرج الموقف ولكن كساب شعر بالانتصار وبكثير من البهجة وهو يراها هكذا كعصفور مبلل بالحرج..
+
وفي داخله ويا لا غرابة الإحساس.. كانت أجمل من كل شيء رآه في العالم بهذا الإحمرار الذي أشعل مشاعره!!
+
بينما هي تهتف بغضب استنكاري: والله العظيم يمه ماصار بيني وبينه شيء..
+
كساب قاطعها ببرود متلاعب: وتصدقين ذا الخرابيط يمه..
3
حدث العاقل بما يعقل...
+
صار لي أكثر من أسبوعين.. وانا عندها من عقب نص الليل لآذان الفجر..
+
وش نسوي يعني؟؟ نلعب غميضة؟؟
+
مزنة بغضب عارم: بس.. بس أنت وإياها..
+
أنتو مافي وجيكم سحا اثنينكم.. ماحتى حشمتوا إني واقفة بينكم يا اللي ماتستحون..
+
هذا أنا أقولها ولا عادني بعايدتها... قم شل مرتك الحين
+
وإلا والله ماعاد أضرب دونكم ولا وراكم.. جعلكم تطلقون والله ماعاد أتدخل..
+
فعايلكم مهيب فعايل عيال أجواد..
+
كساب هتف ببرود مدروس وهو ينظر لوجه كاسرة الذي يشتعل:
+
أبركها من ساعة.. أشلها ذا الحين ومن جدي وبمعنى الكلمة..
+
بس بنتش اللي ماتبي..
+
ثم أردف بخبث شاسع: عاجبتها علبشتي على الدرايش.. تبي تلعب لعب مراهقين..
+
كاسرة انفجرت تماما بغضب عارم: والله لو أهج من الدوحة بكبرها إني ما أرجع له..
+
أنا تسوي فيني كذا يا كساب.. ؟؟ أنا؟؟
+
طلقني كساب.. طلقني.. النفس طابت منك.. ما أبيك ما أبيك ما أبيك...
+
كاسرة أنهت عبارتها الغاضبة وخرجت من فورها لتخلي الساحة لكساب ومزنة..
+
كساب كان مازال يتمترس خلف بروده الواثق.. رغم أن بداخله شيء يذوي وهو يرى أنه يفقد أسلحته لاستعادته واحدا تلو الآخر..
+
لتكملها عليه تماما مزنة وتسلب كل أسلحته وهي تهتف بحزم بالغ حزم لم يخلق إلا لها:
+
شوف يا كساب.. والله اللي خلق سبع سماوات إن غلاك مثل غلا ولدي.. والله اللي عطاك الغلا من عنده..
+
بس ولد بطني لو هو سوا الغلط والله ما أسكت عليه..
+
اسمح لي يأمك.. بس بيتي يتعذرك.. أنت منت بأمين على البيت ولا احترمت حرمته...
+
وأنا وحدة عندي بنات.. وسمعة بناتي فوق كل شيء...
+
اصبر علينا شهر شهرين لين يخلص بيت تميم.. واحترم جيرتنا لين نشد لبيتنا والوجه من الوجه أبيض..
+
أما أنت ومرتك بصرك أنت وإياها.. ترجع ماترجع مالي شغل..
+
لو أنك صبرت شوي ودخلت البيت من بيبانه أنا بنفسي كان كلت كبدها بالحنة لين ترجع لك..
+
بس أنت دخلت البيوت من درايشها.. ولا عاد لك وجه عندي..
2
***********************************
+
" أبو زايد وش فيك جعلني فداك؟؟
+
من يوم جيت تاخذني عند علي ورجعنا.. وعقبه رحت لشغلك ورجعت
+
وأنت مكتم ومتضايق..
+
فيه شيء مضايقك ياقلبي؟؟"
+
كانت عفراء تهمس بهذه العبارة بخفوت رقيق لمنصور وهما يجلسان على الجلسة في زاوية الغرفة الشاسعة..
+
بينما جميلة على السرير تلاعب زايد الصغير وهي تقبل يديه وقدميه.. ومشغولة ومأخوذة تماما به...
+
منصور نظر لجميلة بشجن عميق ثم هتف لعفراء بمودة حازمة: بعدين حبيبتي بعدين..
+
جميلة شعرت أن هناك شيء غير طبيعي فهتفت بابتسامة عذبة وهي ترفع صوتها ليسمعوها:
+
حاسة شكلي غلط.. أطلع تأخذون راحتكم؟؟
+
منصور هتف بحنان وهو يتمزق بين رغبته في إخبارها وبين رغبته في عدم جرح مشاعرها:
+
لا غير أبيش تجين تقعدين جنبي..
+
جميلة لفت زايد جيدا ثم حملته ووضعته بين ذراعي والدته.. ثم جلست بجوار منصور الذي احتضن كتفيها بحنان شديد وقبل رأسها وهتف بحنان:
+
تدرين ترا بيتنا من غيرش ماله حلا..
+
ابتسمت جميلة: ليه أنا وين بأروح.. هذا أنا قاعدة على قلوبكم..
+
منصور حينها أجاب بفخامة حميمية: قصدي إنه مانبيش تروحين..
+
عفراء شعرت بقلق عظيم تصاعد في روحها.. ما الذي حدث؟؟ هل أعاد خليفة جميلة لذمته وهذه مقدمات من منصور؟؟
+
عفراء حينها كانت من هتفت بحزم قلق: منصور أنت من يوم جيت وأنت منت بخالي..
+
طالبتك صار شيء.. تكفى ماتدس علينا..
+
حينها وجد منصور نفسه مضطرا لإخبارهما.. أن يسمعا الخبر منه أفضل من أن يسمعاه من سواه..
+
عدا أنه لا يريد أن يبقى في قلب جميلة أمل مع أنه من أعطاها هذا الأمل..
+
هتف حينها بنبرة قاطعة:
+
خليفة تزوج اليوم !!
+
*********************************
+
" وين كساب يومك قاعد بروحك؟؟"
+
زايد يبتسم بمودة وهو يجيب فاضل: كساب راح قريب عنده مشوار وبيأتي ذا الحين...
+
إلا أنت قل لي متى بتطلعون من المستشفى؟؟
+
فاضل بذات المودة التي ارتسمت مع ابتسامة غاية في الشفافية:
+
ذا اليومين إن شاء الله بنطلع للبيت..
+
ماهقيت يا أبو كساب إن عادني بأطلع أنا وإياه من المستشفى إلا للمقبرة..
+
الحمدلله ما أكبر نعمته !!
+
ثم أردف باهتمام وهو ينظر لعلي النائم: إلا علي أكثر الأوقات اللي أجيكم ألقاه نايم.. وش أخباره؟؟
+
تنهد زايد تنهيدة ملتهبة احرقت جوفه وهو يهتف في داخله ( لا كثرت همومك يا عبدي فانسدح.. خله يرقد ويريح نفسه)
+
وأجاب على فاضل باهتمام مشابه: تعبان شوي يأبو عبدالرحمن وماعاد فيه حيل..
+
حينها صمت زايد قليلا ثم أردف بحزم: دامك تكلمت عن تعب علي..
+
وهذا أنا وإياك بروحنا..
+
فأنا أبيك في سالفة مهمة..
4
**********************************
+
" سمور يا الدعلة قومي فارقيني أبي أنام..
+
بكرة عندي دوام..
+
إذا أنتي ورجالش تبون تسحبون على الدوام بكيفكم
+
بس أنا بأروح لدوامي"
+
سميرة بمرح مصطنع: أخيه من النفس الخايسة..
+
كذا تطردين ضيفانش..
+
وضحى تضحك: طال عمرش هذي مهيب اسمها ضيفة... هذي اسمها لزقة..
+
اليوم ناشبة في حلقي حتى النزلة تحت ماخليتيني أنزل
+
مع إنه رجّال كاسرة سمعت إنه جاء الليلة وماخليتيني أعرف وش صار..
+
سميرة تبتسم: وش صار يعني؟؟
+
هذي كاسرة توها طالة علينا... يعني لو صار شيء ماكان شفتي وجهها..
+
وضحى حينها أجابت بعمق: عشانش ماتعرفينها..
+
لو هي بتموت ما اندست ولا دست وجهها... عشان كذا توقعي إنه ممكن يكون صار أي شيء..
+
وهي لو هي تحترق ماقالت الحقوني تراني احترق..
+
تنهدت سميرة في داخلها "ليتني مثلها بس!!
+
من الظهر لين الحين وأنا طاقة لا أشوف تميم
+
وقال الخبلة تبي تلعب...؟؟
+
ابلعي العافية بس!!
+
بس والله إني قطعت شوط كبير..
+
حرام أخرب على نفسي كل شيء..
+
السالفة وش تبي.. شوي جرأة وأمشي على نفس المخطط لين أحس إنه خلاص مافيه بيني وبينه حواجز..
+
يا الله سمورة خالش هريدي يقول " لا تحسب المجد تمرا أنت آكله..لن تدرك المجد حتى تلعق الصبرا"
+
.
+
والله العظيم خالي هريدي ماقال كذا.. ولا درا عن هوى داره
+
.
+
إلا قاله.. وقاله قومي فزي لغرفتش قبل يجي رجّالش..
+
والله لا يجي وما يلاقيش لا تكون الفلعة اللي مالها دوا "
+
****************************************
+
منذ أن عاد كساب وناظره معقود ويبدو كما لو كان يفكر بعمق..
+
بينما زايد كان يريد أن يخبره بما حدث بينه وبين فاضل..
+
هتف زايد بحزم: كساب!!
+
كساب التفت وهو يهتف بحزم مشابه: لبيه يبه!!
+
زايد بذات الحزم: أبيك في سالفة مهمة..
+
فالتفت له كساب بجسده كاملا وهو يهتف بحزم بالغ:
+
إلا أنا اللي أبيك في سالفة مهمة أكثر..
+
زايد عقد ناظريه متسائلا بثقة: خير إن شاء الله؟؟
+
كساب شد له نفسا عميقا جدا ثم هتف بنبرة قاطعة صارمة:
+
اسمعني يبه زين.. أبيك تجاوبني على سؤال بكل صراحة وطالبك ما تدس علي شيء..
+
لأنه على جوابك يعتمد أشياء كثيرة..
+
صمت كساب لثانية واحدة ثم أكمل بذات النبرة الصارمة القاطعة:
+
أمي الله يرحمها.. على حياتها.. درت إنه في قلبك شيء لمرة غيرها؟؟
1
#أنفاس_قطر#
+
.
+
