اخر الروايات

رواية انا وانت يساوي الفصل السادس عشر 16 بقلم سارة محمد

رواية انا وانت يساوي الفصل السادس عشر 16 بقلم سارة محمد


الفصل السادس عشر
حطت الطائرة في أرض إيطاليا، سادس دولة في أوروبا من حيث عدد السكان لذلك من غير المستغرب رؤية الزحام في الطرقات، لمحت ندى المنازل والأنام السائرين في شوارعها النظيفة البراقة: يــــاه شكل عيشتهم حلوة
ابتسمت هند الجالسة إلى جوارها وأوضحت: إيطاليا دي عاشر دولة على مستوى العالم ف الرفاهية وجودة الحياة .. مستوى المعيشة هنا عالي أوي
حدق بها أحمد مازحا: دا إنتي خبرة بقى
رفعت رأسها بعنفوان: إيطاليا أحب بلد على قلبي أكيد لازم أعرف كل تفاصيلها
أشار آدم لهما بالصمت ووجه حديثه إلى هند: كلمينا طيب عن أهل البلد
جمعت أفكارها وبدأت تحدثهم بما لديها باستفاضة: الإيطاليين معروفين بحبهم للأسرة والروابط العائلية .. عشان كدا لازم العيلة كلها تبقى متجمعة على الأكل وعاملينها قاعدة أساسية في آداب الطعام عندهم .. بيحبوا الرحلات والترفيه .. بيعشقوا حاجه اسمها عربيات عشان كدا هتلاحظ الزحمة في الشوارع بالعربيات جدا ..
استمرت في الرواية حتى توقفت سيارة الأجرة أمام بوابة الفندق الأمامية، هبط آدم من مقعده بجوار السائق وفتح لزوجته ينتظر نزولها فيما ترجل أحمد من الباب الآخر يعاون زوجته على الخروج من السيارة.
استلم كل ثنائي مفتاحا خاصا بحجرته، صعدوا وانفصلوا في الممر الواصل بين جميع الغرف، دلفت هند ومن خلفها بعلها، اقترب منها يضمها من الخلف هامسا: أخيرا بقيتي مراتي .. بتاعتي .. حبيبتي
همسته الحنون جعلتها تصرح بمشاعره دون تروي: بحبك
ابتعد عنها: لا لا أنا كدا مش حملك .. واحدة واحدة عليا لأحسن يغمى عليا
فزعت: لا لا لا
غمزها: خايفة عليا؟
أدارت وجهها بعيدا وهمهمت خجلى: وإن ما خوفتش عليك هأخاف على مين؟
- أيـــــــــــــــوه يا أبو حميد، والله أمك دعيالك
قهقهت: مش للدرجه دي
-للدرجة دي وأكتر كمان.. كفايه عليا الضحكة دي .. بحبك
نظرت إليه متساءلة: أنت حبتني إمتى؟ أنا ما لاحظتش عليك حاجه
أرجع رأسه للخلف ضاحكا: ما أنا باعرف أخبي كويس
أصرت: لا بجد .. حبتني إمتى؟
بجدية: وتصدقيني؟
أومأت: أكيـــــد
داعب أنفها بأنفه باسما: من أول مرة شوفتك فيها .. تقدري تقولي من أول زعيقه
انفجرت ضاحكة؛ فقد كان هذا أعجب رد توقعت أن تسمعه: ودا من إيه بقى؟
- أول مرة حد يقولي اللي بتعمله دا غلط ويكلمني بالطريقة دي
- على كدا بقى أنت بتحب الزعيق .. خلاص، أبقى فكرني أصبحك بزعيقه وأمسيك بزعيقه
اقترب منها بمكر: أنا بقى هأصبحك بــ "حبيبتي" وأمسيكي بــ "عمري"
تهربت، رفعت تنورة ثوبها واتجهت إلى الحمام: هاروح أغير هدومي
- إيه مش هتصلي يعني؟
ارتبكت: اه اه
- متوضيه؟
- أيوه
- طب يلا بينا
أدت الصلاة خلفه لأول مرة، أصبح إمامها وراعيها، زوجها وحاميها، ابتسمت وقد أخذتها الأفكار بعيدا لكنها أفاقت على اقتراب أحمد منها، لاحظت نبرته المختلفة: إيه؟ مش هتغيري؟
ارتبكت، أومأت: أه هأغير وأجي
أوقفها ممسكا بذراعها، نظرت له بفزع: الفستان
ازدردت ريقها بصعوبة نتيجة قربه الشديد منها: ماله؟
- فيه سوسته من ورا
تساءلت بغباء: وإيه يعني؟
ابتسم: هتخلعي الفستان ازاي من غير ما تفتحيها؟
تنحنحت بحرج: هاتصرف
رفع أحد حاجبيه: إزاي يعني؟
فكرت بإجابة تُعفيها من حرج الموقف فلم تجد، أضاف: وعلينا من دا كله بإيه؟ تعالي افتحهالك أنا
ادارها ليفتح لها سحاب ثوب عرسها الذي كان يليق بها ويظهر جمالها الهادئ وكان الثوب قطعه واحده باكمام للمحجبات
هند بتوتر: بتعمل إيه؟
أجابها ببساطة متابعا ما يفعله: بأفك الطرحه
- ليه؟
- عشان الطرحه نازله ع السوسته ومدارياها
نزع الطرحة عن رأسها بعد اكتشافه أنها لا تنفصل عن حجابها نفسه، فور نزعه لها انهمر شعرها كشلال حريري براق، اقترب منه أحمد يستنشق عبيره ويملأ رئتيه من رائحته العطرة، وبعد دقائق ...
ضربت الأرض بقدمها ممتعضة: مش يلا بقى؟
أخرجته من حالة النشوة التي سيطرت على جلّ حواسه: يلا إيه؟
هتفت حانقة: افتحلي السوسته
تذكر: أه أه .. السوسته، طيب
استطاع جذب السحاب حتى توقف في النهاية عند خصرها، لمست يده عن غير قصد جلدها فاقشعر واغمضت عينيها وانتهز أحمد فرصته في استسلامها لمشاعرها.
***
تعالت تكات الساعة في ردهة المنزل معلنة تمام الثالثة فجرا، المنزل يعمه الظلام ولا ينيره سوى شعاع ضوء القمر الذي قد تسرب عبر النوافذ والشرفات ينير القليل مظهرا ظلا يتحرك متسللا إلى داخل إحدى الغرف حتى توقف بجوار سرير تنام عليه فتاة بعمق؛ لكن ما إن اقترب منها الظل متمهلا حتى سمع صوت هاتف يرن في الغرفة المجاورة ثم توقف بعدها بلحظات لتصدر حركة في الجوار، ارتبك؛ نتيجة حدوث شئ ليس بالحسبان ومن شدة توتره لم يلحظ كأس الماء الذي اصطدمت به يده وأوقعته محدثا ضجيجا رج هدوء المنزل.
فتحت الفتاة عينيها على ذلك الصوت ونظرت بفزع صارخة بأعلى صوتها، لكنه استدرك نفسه ووضع يده على فمها يُخرسها.
فُتح الباب فجأة يتبعه ضوء المصباح لينير الغرفة؛ كانت قد شرعت في صلاتها عندما سمعت صوت انكسار الكأس فلم تهتم وتابعت صلاتها لكن بمجرد إنتهاءها سمعت صرخة مرام، ركضت إليها وهي ما تزال في إسدال الصلاة؛ لتجد ذلك الرجل الملثم يقف فوق رأسها ويضع يده على فمها يكتم صراخاتها، اخرج خنجرا من جيبه وأشار إلى فريدة ومرام: اللي هتنطق فيكوا هأدبحها
ظهر سيف خلف فريدة بعد لحظات يمسح عينيه؛ فقد أفاق على خلو السرير بجواره وخوفه من النوم بمفرده كذلك الضوضاء أدت دورها، رأى السلاح في يد الغريب فبدأ يبكي
صاح بها الملثم: سكتيه
انحنت تضم سيف إليها ونظراتها معلقة بالملثم: سيف حبيبي اهدى شويه، ممكن ؟ ما تخافش أنا معاك ومش هيحصل حاجه
حاولت مرام النهوض لكنه دفعها مرة أخرى، كررت المحاولة ثانية فظل يدفعها مما أفقده يقظته ولم ينتبه لفريدة التي أتت من خلفه حتى تهوي بالمزهرية على رأسه، وضع كفه الضخم فوق الجرح ثم سقط أرضاً.
اقتربت فريدة من مرام تسحبها للنهوض تدفعها مع سيف للخروج من الغرفة وتلحق هي بهم في المؤخرة، لكن مرام كانت مصدومه وتسير بقوة دفع فريدة لها مما جعل تحركهم بطيئا وكافيا حتى يتدارك الملثم نفسه وينهض، لحق بهم ممسكا بأخر السائرين فيهم مهددا إياها بالمطواة.
قال بغل: عاملالي نفسك شجعية السيما وبتضربيني بالفازة ؟!
حاولت فريدة دفعه ومقاومته، نهرها فيما يقاوم حركتها: اهدي بدل ما أغزك وتلاقي نفسك غرقانه ف دمك
لم تهتم بكلامه؛ كانت تخاف أن يمس مرام أو سيف الذي تركته والدته لديهم أمانة، أثناء ذلك أمرت مرام الطفل أن يذهب إلى الغرفة المجاورة ويحادث أكرم كي يأتي بسرعة، أطاعها.
انتهزت مرام الفرصة لكي تساعد أختها التي مازالت تقاوم هذا المتهجم، امسكت بذراعه التي تحمل الخنجر وظلت تجذبها وفريدة تضربه بيديها وقدميها حتى استطاعت أن تستدير وتضربه أسفل الحزام، دفع بمرام بقوة فاصطدمت بالحائط ودفع بفريدة أيضا فوقعت أرضا لكنهما لم تيأسا فقد اقتربتا منه حتى يسحبا منه السلاح الذي يهددهم به، تشبث به بقوة حتى تمالك نفسه وأتجه إلى مرام التي ألقتها دفعته الأخيرة بعيدا وكانت عيناه تحملان معنى الشر الحقيقي.
حاول ان يطعنها ولكن فريدة اندفعت تتعلق بيده محاولة إنزالها بعيدا عن شقيقتها، أوشكت على الوصول إليها .. وأخيرا استسلمت يده تحت الضغط، سقطت، لكن غارزة الخنجر في خصر فريدة، صرخت بقوة قائلة لمرام من بين أنفاسها المتقطعة: قومي خدي سيف وسيبوا الشقة بسرعة !!
تحركت مرام متعثرة دون وعي منها، تنظر للدماء التي تتدفق غزيرة من جسد أختها، أفاقتها صرخة فريدة الهادرة منهية ما تبقى لها من قوة على الصمود: قولتلك أمشي !!
ركضت إلى خارج الغرفة، قابلت سيف فحملته، هربت من المنزل بملابسها البيتية؛ بدون حذاء وشعرها يتطاير مع حركات الهواء بينما نظر الملثم إلى باب الشقة الذي تُرك مفتوحا على مصرعيه بعد خروج الشابة مع الطفل، همّ أن يلحق بها.
سلخت فريدة القناع عن وجهه الإجرامي، رأت ملامحه ثم سقطت فاقدة الوعي عما حولها.
***
غرفة مطابقة لغرفة أحمد وهند، تمدت نائمة بين ذراعي آدم، ضمها بيد ويده الأخرى تداعب خصلات شعرها السوداء، يبثها حبه وأشواقها التي تم كبتها لسنوات: بحبك
- وأنا بحبك
رفع وجهها إليه مقطب الجبين: بتقوليها كدا ليه؟ .. زهقتي مني؟
وضعت سبابتها فوق شفتيه؛ تمنع المزيد من الكلمات عن الخروج: أوعى اسمع منك الكلمة دي .. أنت حبيب عمري .. اللي عمري ما هأقدر أعيش من غيره
عاد لهدوءه: أومال مالك؟
تنهدت: قلقانه
- من إيه؟
شردت: على سيف .. حاسه إن في حاجه حصلت
حاول طمئنتها: هههههه لا ما تقلقيش، تلاقيكي بس قلقانه عشان أول مرة تبعدي عنه .. مش أكتر
اعترفت ندى بمنطقية كلامه، لكنها انتفضت فجأة من بين ذراعيه، جذبت هاتفها من فوق المنضدة المجاورة للفراش.
اعتدل جالسا: هتعملي إيه؟
أجابته دون أن تحرك ناظريه عن شاشة المحمول، تفتش عن رقم هاتف فريدة: هأكلم فريدة
رفع حاجبيه مستنكرا قلقها الزائد: يا بنتي الناس زمانها نايمة .. الصباح رباح
وضعت الهاتف على أذنها: مش مطمنه يا آدم وبعدين الفجر دلوقتي هيأذن هناك .. فأكيد هتصحى قبليه .. تصلي أو ع الأقل تصلي الفجر نفسه
بعد فترة صمت سألها: إيه؟
اغلقت الهاتف وحدقت به شاردة: ماحدش رد
- يبقى لسه نايمه
- هاحاول تاني
أجابها صوت سيف الباكي، فقد دخل الحجرة وأمسك بالهاتف؛ لكنه مازال لا يعرف القراءة .. فكيف يجد اسم أكرم ليهاتفه ؟، عندها سمع رنين الهاتف فأجاب ليجدها أمه: السلام عليكم
صرخ ببكاء: مامي
فزعت : في إيه يا سيف؟ بتعيط ليه؟
-أصل في حرامي دخل البيت وكان ماسك مرام ودوقتي ماسك ديده
فزعها إزداد: حرامي ؟!
انتفض آدم بجوارها يستفسر عما حدث: في إيه يا ندى ؟؟
- مرام قالتلي كلم خالو .. بس أنا مش عارف رقمه يا مامي
أشارت لزوجها كي يصمت ثم تابعت حديثها مع ابنها: طيب يا سيف ما تخفش .. أنا هأكلم أكرم دلوقتي وابعتهولكوا
تعالى صوت صراخ فريدة بشكل مفاجئ: أمشي
تلاه صوت باب يرتطم بالحائط؛ نتيجة دخول مرام، رفعت سيف بين ذراعيها مسرعة، مما جعل يسقط الهاتف عن غير عمد، تاركا الخط مفتوح.
- آلو .. آلو .. سيف
اغلقت الخط عندما لم تسمع جوابا، أمسكها آدم بقوة من ذراعيه وهزها: في إيه يا ندى ؟
- حرامي دخل عليهم .. لازم أكلم أكرم يروحلهم حالا
بالفعل اتصلت بأكرم، كان يغط في نوم عميق، أجابها بصوته النائم: أيوه
صرخت به: حضرتك نايم وفي حرامي دخل على بيت فريدة يا بيه
نهض أكرم: حرامي ؟ .. حرامي إيه ؟
- أنت لسه هتسأل ؟! .. أجري روحلهم
- حاضر حاضر
أغلق الخط وركض إلى غرفة مصطفى يوقظه حتى يرافقه؛ فقد يحتاجه: مصطفى مصطفى
تمتم مصطفى بدون وعي وهو مايزال نائما: مش عايز أكل
أكرم بعصبية: أكل إيه دلوقتي أنت التاني .. فز قوم
التقط كوب الماء الموجود بجواره ثم سكبه على وجه مصطفى لكي يستيقظ، انتفض مصطفى بفزع قائلا: غـــــــــــــــــــــريــق
- يا اخي فز بقى
جلس يمسح عينيه من الماء: في إيه ؟
- حرامي دخل بيت فريدة ومرام .. لازم نروح نلحقهم قبل ما يحصلهم حاجه
بمجرد سماع اسم فريدة؛ هب مصطفى مسرعا:طب يلا بينا بسرعة
أمسك أكرم بذراعه يوقفه وقد شعر بالحنق: يلا إيه .. بالبيجاما ؟ روح غير وحصلني على تحت
أتجه كل منهما إلى خزانته يرتدي ملابسه ثم تقابلا عند الباب وانطلقوا بالسيارة ناهبين الطريق بأقصى سرعة، وكل منهما يفكر في أمر ذلك اللص الغبي .. فكيف يفكر لص في دخول ذلك الحي الفقير وهو أغنى ما فيه هو قلوب أولئك الناس القاطنين به، وأغلى ما في بيت عبدالرحمن الجوهر الداخلي لبناته.


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close