اخر الروايات

رواية حبيسة قصر الوحش الفصل السادس والعشرين 26 بقلم رحاب عمر

رواية حبيسة قصر الوحش الفصل السادس والعشرين 26 بقلم رحاب عمر 


 البارت السادس و العشرون

عاد حازم بجسده المنهك و عقله المفتت إلي منزل حبيبته بعد رحلة بحث مضنيه دامت أكثر من خمسة عشر ساعه متواصله لليوم الثامن علي التوالي

دخل يتحسس طيفها و يعيش بين ذكراها , يزيد لقلبه المزيد من جرعات الشوق والحنين و الألم , وقف في المكان ذاته الذي كان أخر ذكري تجمع بينهم في ذلك المنزل ... قبل يوم اختفاءها بساعات.... عندما جاء لها ليلا يخبرها انه سيأتي صباحا يصطحبها لبدء عملهم بالشركة المشتركة

رغم أن صوته كان يبث حماسه إلا انها قابلته بالجمود و عينين غائبتين بين بحور حزن و تيه وردت عليه بالرفض ان تعمل معه بالشركة و انها تفضل البقاء هنا

سألها باستفهام / ليه

التفتت بوجهها و هي ترد بصوت منخفض / كده

وقف مصدوما منها , فليس هذا ما اتفقا عليه مسبقا , قال / ازاي يا حسناء , وانتي تعتبري صاحبة الشركة بالمناصفة تقريبا , وبعدين مينفعش حبستك دي

وقبل ان يكمل كلامه التفتت له بعصبيه تحاول التحكم بها و قالت بحده و صوتها يملأه بكاء مقبل / يبقي تعاملني كويس

ارتفع حاجبيه و اتسعت عينيه لا اراديا من مفاجأ ة طريقتها و كلامها , لحظتها تدارك مدي قسوته معها في الأونه الاخيرة , كاد يتكلم لولا مقاطعتها له ببعض الدموع الصامته و هي تخبأ عينيها خلف اصبعيها , انتظر دقائق إلي ان هدأت و قال لها بصوت دافئ حنون / حاضر يا حسناء , سامحيني اني كنت بتعصب عليكي..

قاطعته ثانيه / لا مش هسامحك

ابتسم من كلامها , شعر وقتها انها ليست حسناء ذات العقل الراجح و الحكمة في التعامل ملهمة افكاره , بل انها مدللته الصغيرة التي تحتاجه و لا تطيق تغافله او عصبيته

اقترب منها خطوه و ابتسامته تتزايد تدريجيا وقال لها بدلال مشابهه / عوزاني اروح النار , اخص يا حسناء

اختطفت نظره سريعه نحوه بعنيها الباكيتين و هي تمسح دموعها و تحاول ان تخبأ ابتسامتها عنه

ظل يتأملها و هو يبتسم أكثر ثم قال لها / تعالي معايا

قالت و هي مازالت مكانها / لا انا عاوزة انام

فبدل طبقة صوته للعصبيه لإخافتها واعاد كلامه ثانية / بقولك تعالي معايا

تبعته بملامح متذمره , خرجا من الحديقه و اتجه حازم نحو أحد المحلات القريبه و هي تتبعه , ظلت هي بالخارج تنتظره حتي عاد يحمل كيسا صغير بيده , ثم عادا ادراجهم للمنزل ثانية , وبعد ان وصلا فتح حازم الكيس وهو يحاول كتم ابتسامته , مد يده لها بمثلجات

نظرت له بتعجب مبالغ بشكل افقده السيطره وبدأ يضحك بصوت عالي

قالت له / ومين قالك اني عاوزة ايس كريم

قال لها / جايز تسامحيني و مدخلش النار

ابتسمت و قالت له / واشمعني الايس كريم , حتي الجو بدأ يبرد,

قال لها بمزاح / علشان تناسبنا

نظرت مستفهمه فرد علي نظرتها / دي تناسب اللي هيروحوا النار تخفف الحر عنهم شويه

زادت نظرتها تعجبا فقال وهو يبتسم و ينظر لها لإغاظتها / أه , هو انتي فاكره اني هروح النار و هسيبك , انتي عهده في رقبتي , معايا مكان ما أروح

تركته و انصرفت نحو الداخل و هي تضحك علي مزاحه , لحق بها و هو يقول / خدي بس يا أم قلب اسود

توقفت و هي تمسح دموع بزغت من عيونها من كثرة الضحك و تناولتها منه وهي تبتسم

كان يتذكر الموقف وهو يجلس علي درج منزلها كالشحاذين , يستند بضعف علي السياج و دموعه تنساب مع كل لحظة يتذكرها , قال لطيفها الواقف أمامه / وحشتيني يا حسناء , وحشتني ضحكتك و صوتك و كل حاجه فيكي , ارجوكي اظهي و متسبنيش أموت من حسرتي عليكي و تأنيب ضميري لقسوتني معاكي , صدقيني هعوضك عن كل لحظة كنت قاسسي معاكي فيها , بموت من غيرك يا حسناء

سمع صوت هاتفه , وجد ابراهيم المتصل

رد بضعف / السلام عليكم

ابراهيم / وعليكم السلام , انتي فين يا حازم

حازم / خير في ايه

ابراهيم / انت فين بس

حازم / انا في بيت حسناء

ابراهيم / طيب كويس

ثم اغلق الخط , تعجب حازم من عدم فهمه لمقصد ابراهيم و لكنه في الحال سمع بوق سيارته أمام بوابه الفيلا

قام بوهن و اتجه يفتح له

فوجئ بالجميع بصحبته , سناء و نرمين و نور

دخلوا يتبعونه , جلسوا في ريسيبشن منزل حسناء

جلسوا ملتفين حول بعضهم و كانت أول من تحدث هي سناء و بكاءها يشارك كلماتها المتوسله لأبنها الوحيد / وبعدين يا حازم , انت بقالك 8 أيام بتلف في الشوارع , زي اللي بتدور علي ابرة في كومة قش , ولا أكل ولا نوم , انت هضيع نفسك ياابني

حازم والوهن بادي عليه بشدة / ماما قلتلك مش هعرف اعرتاح و لا اكل اللا لما ألاقيها

نرمين / يا حازم لازم تفكر يعقلانيه مش قاعد ترجي يمين و شما من غير أكل , قلة أكلك و بهدلتك في نفسك مش هتساعدك انك تلاقيها , بالعكس مش هتقدر تواصل

حازم وبدأت اعصابه تتفلت / بقول مش قادر اكل , معدتي زي مايكون فيها جرح

ابراهيم / يبقي أخدك حالا و تكشف وتاخد علاج , مش سايب التعب يزيد

حازم / ولا رايح ولا جاي , ولا هشوف حالي الا لما ألاقيها دي عهده قدام ربنا في رقبتي

سناء وبدأ تتعصب هي الاخري/ حازم , مش شوقي قالك انها مشت بمزاجها و بتقولك عفتك من العهد , يبقي خلاص , سيبها براحتها , واجبنا بس نطمن عليها و نتابعها ان احتاجت حاجه مش نجبرها علي انها تفضل معانا

دارت عيون حازم بين وجوههم و كلأنه يريد ان يفترس أحدهم بدلأ عن والدته التي اثارته بأكثر الكلمات حده و لكن تبقي والدته التي يجب احترامها

وجد الجميع ينظرون نحوه بنظرات توحي بموافقتهم علي كلامها , ثم تابع ابراهيم / كلام طنط صح يا حازم

نور / حتي يا حازم لو عاوز تحاول ترجعها يبقي مش بالعصبية و البهدله دي

سناء و هي تبكي / انت خلصت يا حازم , معدتش ابني حازم اللي عارف مصلحته و مستقبله و بيوازن الامور علي حسب المصلحه و الصح

شعر بهم يدورون حوله و هم جالسون علي مقاعدهم , بل كل شئ يدور حوله

خبأ وجهه بين كفيه , وكأنه يحاول ان يحجب عن انظارهم ملامحه التي تفضح مدي احساسه المتضاعف بالشعور بالقهرو التيه و العجز و قلة الحيلة

وقف فجأه و هتف ببعض القوة التي تبقت داخلة / بصوا من غير جدال , مش هيرتاحلي بال الا لما الاقيها و لو كنت بتصرف غلط و معنتش زي زمان , اعتبروني مش حازم انا واحد تاني لا يعرف مصلحه و لاغيره

.......................

أمسكت حسناء بغلاف علبة دواء و اعطتها لحارس دار الايتام و طلبت منه ان يحضرها لها من احدي الصيدليات شبيهتها

خرج الحارس وبقيت هي جالسه بالحديقه مقابل البواب بإنتظاره , لم تكن وحدها بل كانت ذكرياتها البائسة ترافقها كالمعتاد , ذكريات غشيت أيامها بغيمة سوداء تهطل عليها بالحزن , كانت تجلس محطمة يائسة , بقلبها المعتصر مع كل لحظة تمر عليها

تذكرت حازم و حبها له , حاولت ان تمنع نفسها من التذكر و قالت لنفسها بحزم / خلاص يا حسناء , دي أيام وعدت , وعادي بكره هنسي كل حاجه

ولكن قلبها صرخ بها لاااا لاااا كفاكي ظلم ايتها العنيدة , كيف لي ان انساه و أنا احيا بذكراه , لقد مات جزء مني بسبب موت أحلامي معه , لم يتبقي بي غير بعض الفتات الذي يعيش بسبب تذكري له , ارجوكي لا تبددي تلك البقايا بمنعك لي بتذكره

ضغطت علي ملامحها بقسوة , مخافة من ذلك الحديث الذي يصدر من داخلها , وقتها ايقنت ان حياتها بدونه ماهي إلا موت بمذاق أخر

شعرت برغبه شديده في الاستسلام رغبه في ان تغيب عن الوجود الذي يفتقده , رغبه في السير حيث يقذفها التيار إلي ان ينتهي بها داخل احشاء بحر او ربما تحت اطار سيارة ...

شعرت ان لا يوجد مكان بالحياه يناسبها , مكانها ليس علي الارض لربما ستجد لها مكان داخلها , ام ان الحزن سيرافقها بالاسفل و ستلفظها الارض خارجا و لن تمنحها مكان لها كما فعلت الحياه

حقاً ما اقسي الحياه حين تخطف من أعز من نملك و تتركنا نتذوق الموت و نحن أحياء

.......................

خرج محمد من صلاة العشاء و هو يردد اذكار ختم الصلاه , وجد تامر جاره يمد له يده يصافحه و التوتر يملأ وجهه

صافحه محمد وسار معهم في اتجاههم للعماره التي يقطنون بها

بدأوا يتناولون بعض اطراف الحديث حتي قال تامر/ انا كنت عاوز أكلمك في طلب

محمد / اتفضل

تامر / هي البنت اللي جاتل من اسبوع تسأل عليك الساعه 6 الصبح عاوزة اعرف ظروفها

انقبضت ملامح محمد يحاول استيعاب كلامه فتابع يوضح مقصده مخافة ان يكون فهم محمد مقصده خطأ / مش قصدي حاجه بس انا حاسس انها محترمة و لبسه محترم وكمان بتدور انها تشتغل في حاجه خيريه و انا كنت بدور علي عروسه فلو ...

تدارك محمد محمد عن من يتحدث تامر فقال بلهفه / انت تعرف هي راحت فين

ارتد تامر برأسه بعض السنتيمترات بتعجب و قال / اه , ما هي لقيت شغل في دار .... , انا فضلت ادور كعاها 3 ساعات لحد ما لقينا شغل فاضي فيها

أخرج محمد هاتفه بسرعه و قال له / لحظة واحده

اتصل علي حازم و انتظر رده و لكن لم يأته رد , كان وقتها يصيح بهم في منزلها فأتصل مسرعا علي نور

خرجت نور للحديقه ترد عليه / السلام عليكم

محمد / وعليكم السلام نور حازم فين

نور / هنا

محمد / اعطهوني , عرفت مكان حسناء

هرولت نور للداخل و قالت لحازم / حازم كلم محمد

حازم وهو ينفض يده بغضب/ مش قادر اكلم حد

نور وهي تضحك/ خلاص يا سيدي انت حر , بس هو عرف مكان حسناء

شعر حازم ان عقله لم يستوعب الكلمة او لربما عجز عن ترجمتها من شدة مفاجأته لحظات ساكن ثم قفز فجأه و خطف الهاتف من يد نور

حازم بلهفه/ ايوا يا محمد

محمد / في واحد جارنا , معاه تاكسي بيقول انه وصل حسناء دار أيتام و كانت رايحة تشتغل فيها

حازم / اسمها ايه و فين

محمد/ دار........ وعنوانها.........

أعطي حازم الهاتف و هرول للخارج وهو يقول / ابقوا حصلوني انتوا

سناء / هو احنا نعرف انت رايح فين ؟

حازم / اسألوا محمد

و تركهم بعد ان قفز في سيارته و انطلق بها , وقتها نسي خوفه من القيادة بسرعه و طار لحبيبته و هو يتمني لو كان بحوذته صاروخ ينطلق به بدلا من السيارة

واثناء سيره اتصل علي شوقي ليخبره بالأمر

وصل في وقت قياسي و قف بالسيارة أمام بوابه الدار , كانت حسناء مازالت جالسه بعقلها الغارق في ظلمة الذكريات القاسيه

عندما سمعت صوت سيارته تقف تعرفت عليها , وكيف لا تتعرف علي صوت شئ كانت تنتظر مرور الساعات والدقائق و الثواني تطوقا لسماعها

شعرت بقلبها يقفز فجأ , لا تعرف فرحا أم خوفا ,فرغم فرحتها العارمة التي حدثت داخلها تضاعف خوفها منه و كأنه والي أمرها الذي سيعاقبها علي هروبا

وقفت تبحلق أمامها بدهشه كصنم جامد , رأته يقبل نحوي وهو يجري فلم تتحرك و لم تبدي اي ردة فعل

وقف أمامها مباشرة , يلهث بشدة وانفاسه متقطعه مضطربه , لم يقوي علي الكلام و لا النطق , و الدموع تتجمع تدرجيا داخل عينيه , كاد شوقه يغلبه ويجذبها داخل ضلوعه , نظر ليدها المخبأه داخل الجبيرة , تحسسها بأنامل مرتعشه فارتدت خطوة للخلف و هي مازلت متيبسه الملامح

اعتصر عينيه بشدة كي تزول غمامة الدموع ليستطيع الرؤية , نظر لوجهها الذي افتقده بشدة ,

نظرتهي الاخري داخل عينيه , تلك العينين التي اشتاقت هي الاخري لهم , رأتهم مليئتين بنار شوق مستعره , تضخ نحوها دفعات من كلمات صامته ومشاعر فياضه , تلك العينين مليئتين بعلامات ارهاق شديد ملطختين بلون الدماء ربما ارهاقا او اثر لبكاء دام ليالي طوال , تلك العينين تنساب منها قطرات دمع متتاليه

قال لها حازم بألم شديد و بصوت هامس / ليه كده يا حسناء

كادت تنسي نفسها و تخضع لصوته الذي سحرها ولكن واقعها صفعها علي وجهها بشده , كيف ان تنسي واقعها الأليم و حقيقة حازم ومن يكون و ماذا تتوقع ان يفعله بها ان اكتشف ما اكتشفته هي

دوت صفارات الانذار متتاليه داخل رأسها , وقف عقلها يهتف بأعلي صوته كي تفيق و لا تترك لقلبها الغرق في خيالات ستزول في يوم ما


فاجئته بكل ما تملك من قسوة و هي تبتعد للخلف بظهرها / لو سمحت امشي , واظن الاستاذ شوقي بلغك رسالتي , واظن ده حقي و محدش له اي دخل في حياتي

كان حازم يقف يتلقي مدافعها مصدوما , قال لها برجاء / حسناء , ارجوكي نتفاهم

قاطعته بصراخ وصدرها يعلو ويهبط بشدة / لو سمحتي امشي بالذوق بدل ما انادي للأمن و متجيش تاني هنا بدل ما اجيبلك الشرطه

ثم التفتت وولته ظهرها

كانت كلماتها كالضربه القاضيه التي قضت علي ما تبقي له من توازن بعد ذلك الاسبوع القاسي , لم يطل صموده اكثر من ثانية

سمعت حسناء صوت ارتطامه , التفتت لتفاجي به ملقي أرضا

لم تشعر بنفسها و انطلقت نحوه كرصاصه خرجت من فوهه مسدس , جست بجوار رأسه , ظلت تضرب و جهه و تضغط بين حاجبية محاوله افاقته و دموعها متواصله و هي تناديه بصوت مهتز

رأت جماعه من الناس تقبل نحو البوابه من الخارج , التفتت تستنجد بأحدهم , فإذا بهم أهله

خبطت سناء بيدها علي صدرها بفزع , وهرول محمد و ابراهيم يحملانه , أدخلوه سياره ابراهيم و انطلقوا به لأقرب مشفي , وتبعتهم نرمين تقود سيارته و معها نور وحسناء

وبعد ما يقرب من الساعه

كان حازم ملقي بين خراطيم الجلكوز فاقد للوعي ملتف بأهله و حبيبته التي تسببت في هلاكه بهذا الشكل

سناء بدموع لأحد الاطباء/ هيفوق امتي يا دكتور

الطبيب / والله يا حاجه ما تقلقي , هي سليم ميه في الميه بس شكله مرهق جامد بالاضافه انه شكل عنده هبوط شديد

نرمين و كأنها توجه كلماتها لحسناء و ليس للطبيب / ايوا يا دكتر بقاله اسبوع ماكلش و بيسوق العربيه الكتير من غير راحه و لا نوم

الطبيب بتعجب / ليه كده

نرمين / كان عنده شغل كتير

مط الطبيب شفتيه بتعجب و لكنه قال / هو ان شاء الله هيخرج بكره , فنستأذنكم علشان يرتاح و عاوزين مرافق واحد

اسرعت نرمين تقول / معلش يا دكتر مامته و مراته هيقعدوا

الطبيب / مينفعش يا مدام غير واحد

نرمين / اصل لو فاق ولقي مراته لواحدها هيزعق لأنه بيغير و مامته تعبانه ومش هتقدرلوا

وقف الطبيب بحيره فقال له ابراهيم باسلوب دبلوماسي / معلش يا دكتور , احنا عارفين ان مينفعش حسب قوانين المستشفي بس البركه في حضرتك تقنعهم , وبعدين معلش دي ليله واحده منعا بس لحصول مشكله بينه و بين مراته

كانت حسناء تقف تتعجب مما تسمع , تنقل عينيها بين و جوههم بعدم فهم

خرج الطبيب و تبعه ابراهيم فقالت نرمين لحسناء / خلاص خليكي يا حسناء انتي وماما الليله دي

همت حسناء ان تتكلم فأشارت لها نرمين بجانب عينها و هي تضغط علي شفتها السفليه بأسنانه الا تحدث حتي لا يكتشف الطبيب كذبتهم

ثم سحبت والدتها من ذراعها للخارج

وبعد ان خرجوا قالت لها سناء / ايه اللي انتي عملتيه ده

نرمين / بصي يا ماما حسناء زعلانه من حازم جامد و الدليل انها مشت حتي من غير ماتقوله علشان ميحاولش يرجعها و يراضيها , فأنا عاوزاها تشوفه و هو تعبان من ناحيه يصعب عليها و برضه علشان تعرف انه تعب علشان يلاقيها و مرضاش يتخلي عنها وهتخاف تزعله و هو تعبان و هتسامحه بسهوله

سناء ببعض العصبيه / اخوكي غلطان بس انا مش راضيه اضغط عليه , هي المفروض مكنتش اتعاملت بأسلوبها ده , كان المفروض اتكلمت و استأذنت قبل ما تمشي , مينفعش فجأه تمشي كده

قاطعتها نرمين برجاء / ماما ابنك بيحبها و ولا يمكن يقدر يعيش من غيرها , وانتي شفتي بعينك كان هيتهبل من غيرها , فلو عاوزة راحته يبقي نسامحها يا ستي ونحاول نصلح بينهم ويتقدملها , وبعدين حازم نفسه اعترف انه كان بتعامل معاها بعنف رغم انها كانت بتتفاني في سعادته ولفت انتباهه

صمتت سناء و ملامحها تبدي مدي ضيقها من حال ابنها فأكملت نرمين / المهم انتي لما تلاقيه بدأ يفوق سيبي الاوضه و اخرجي باي حجه و سيبوهم يتكلموا وربنا يهدي , بس انتي متتكلميش مع حسناء في اي حاجه و سيبيه يتفاهم معاه , انتي عارفه ابنك كتوم وليه دماغ لواحده و مش بيحب حد يتدخل في حياته

................

كانت حسناء تجلس علي كرسي بالغرفه و سناء ممده علي سرير مقابل لسرير ابنها , بعد ساعه كانت تغط في نوم عميق من شدة ارهاقها

كانت تلك الساعات من اصعب ساعات حياتها , كان عقلها يتقاذه بحيره بين افكارها و صوت قلبها , ككره تتقاذف بين ارجل اللاعبين لا تتوقف لحظة حتي تنتهي المباره و التي تتأكد حسناء انه ستكون الجانب الخاسر بها

كلما تنظر لحازم تري حبيبها المهلك بسبها , فيعلو صوت قلبها المشتاق

وكلما اغمضت عينيها تري انه مجرد وحش كاسر سينقض عليها في وقت ما

ظلت علي وضعها هذا حتي اقتربت صلاة الفجر , خرجت للوضوء ثم عكفت علي سجادة في جانب من الغرفه

و اثناء صلاتها سمعت اسمها ينادي بصوته الضعيف

انهت صلاتها و اقبلت نحوه و مشاعرها متخبطة ببعضها , اقتربت من سريرة فوجدته مغمض العينين و يعيد منادتها / حسناء

قالت بوجل / نعم

فتح عينيه بدهشه و نظر لها وقال بتعجب ممزوج بشوق وصوته يخرج ضعيفا/ حسناء

فعلمت انه كان مغيب جزئيا و هو يناديها بالمرة الاولي

ردت / نعم

حازم بصوت باكي / متمشيش

حسناء / حاضر

حازم / رجوكي يا حسناء , اوعديني

نظرت له حسناء بصمت لا تقدر ان تنطق بوعد لن توفي به

فأعاد حاززم رجاءه / ارجوكي يا حسناء زي ما عهدتك و عاهدت ربنا اني احافظ عليكي و وفيت بعهدي اوعديني انك هتعاديني انك مش تمشي تاني

وقفت حسناء و عقلها يكاد يترك رأسها و يطير من شدة حيرتها

سمعت صوته ثانية , نظرت له فوجدته ينظر لها بعينين مليئتين بالرجاء و التذلل و قال / بحلفك بربنا يا حسناء , اوعديني

زمت شفتيها بألم و أغلقت عينيها بشده ثم أخرجت صوتها المتقطع

ونطقت بكلمة / أ و ع د ك

قال / احلفي باللي خلقك انك هتوفي بوعدك


اطلق حازم تنهيده ارتياح و دموعه تنساب بهدوء وقال لها / انا أسف , عارف اني قاسيت عليكي كتير و ظلمتك و انتي متستهليش كده

لم تكن حسناء لديها المقدره علي سماع حرف اضافي بسبب عقلها االذي ظل يصرخ بداخلها من هول ما نطقت به

اومأت له برأسها ردا علي كلامه ثم تركت الغرفه و خرجت

اسرعت تقاوم دموعها , دخلت حمام المشفي , ظلت تغسل وجهها لتختطلت المياه بدموعها المتحسره علي حالها

بعد دقائق عادت للغرفه , دخلت فوجدت حازم يعلق عينيه علي باب الغرفة منتظر قدومها

وقبل ان يبدأ حازم حديثه قالت حسناء / هصحي طنط علشان كانت قايلالي اصحيها لما تفوق

..............................

مرت ساعات خاليه من الحديث بين حازم وحسناء غير بعض الكلمات التي تطنقها عينيهم , حضر ابراهيم ونرمين لأصطحابهم للمنزل

واثناء ركوبهم السيراه سألأت نرمين حسناء / تيجي يا حسناء تقعدي عند ماما يومين..

قاطعتها حسناء بجفاء/ لا شكرا , بس عاوزة رقم الاستاذ شوقي

رد حازم الذي كان يجلس علي المقعد الأمامي / موبيلك يا حسناء في بيتك

تركوها وحيده داخل منزلها , وتوجهوا لفيلتهم

دخلت حسناء المنزل , كان شعورها تلك المره مختلفا تماما , فبعد ان كان ذلك المنزل يمثل لها حصن واقي من الحياه شعرت به و كأنه قبر مظلم ينطبق جدارنه علي صدرها بعنف

كان اول شيء فعلته هو البحث عن هاتفها و الاتصال علي شوقي

وجدت هاتفه مشغولا , ألقت بالهاتف علي السرير و استلقت بألأم في رأسها من سهر الليله الماضيه

أغمضت عينيها تعيد سرد مواقف حياتها داخل عقلها تحاول استيعاب ما يحدث لها , دقائق وسمعت صوت هاتفها

وجدت المتصل شوقي , فردت و هي تجمع غضبها داخل صوتها / السلام عليكم

شوقي / وعليكم السلام ازيك يا حسناء

حسناء / الحمد لله

شوقي / انا لسه قافل مع حازم حالا , بتصل عليه من امبارح بالليل مش بيرد ,وعرفني انك رجعتي

حسناء غير ملقيه اي اهتمام لما قاله / حضرتك عرفت حازم الموضوع

انا جايلك يا حسناء في الطريق ربع ساعه و هكون عندك

أغلقت حسناء الهاتف و نزلت للأسف تنتظر قدوم شوقي , وبعد دقائق سمعت صوت سيارته فخرجت تفتح له البوابه

دلف معها لداخل الحديقه و قبل ان يتحدث شوقي اعادت حسناء سؤالها الذي ألقته علي مسامعه منذ دقائق عبر الهاتف / حازم عرف الموضوع يا استاذ شوقي

شوقي / لا معرفش و متعرفيهوش

حسناء بعصبيه / ازاي معرفهوش , مادام مش هيتقبله ليه اخبي حاجه هتظهر في يوم من الايام

شوقي / يا حسناء صدقيني حازم هيتقبله و انا متأكد مليون في الميه خاصه بعد الموقف ده لكن , مامته و اخواته ممكن ميتقبلهوش

حسناء / طيب ليه معرفتهوش

شوقي برجاء / حسناء أرجوكي اصبر شويه , ولما أقولك تقوليله عرفيه

حسناء / لا هعرفه دلوقتي

شوقي بنفاذ صبر / حسناء متخلكيش عنيده , اسمعي الكلام علشان مترجعيش تندمي , دماغك الناشفه دي وعدم سماعك لنصايح حد هي الي ضيعتك زمان

صمتت حسناء لحظات ثم قالت له بعتاب/ كان المفروض حضرتك عرفتني من البدايه

شوقي بنظرة محذره / حسناء اسمعي الكلام

عادت حسناء تعاود اصرارها / لا انا هعرفه

شوقي بجد / بصي يا حسناء , حازم كان هيموت بسبب غيابك , كان زي المجنون بيلف ليل ونهار في الشوارع و لا بينام و لا ياكل , فياريت تكردي جميله معاكي انه و قف جنبك زمان وتقفي جانبه علي ما يسترد صحته و يقف علي رجله في شركته الجديده و هتفاهم معاه حتي تقدري تاخدي حقك في الشركة هو بيقولي انك ليكي نصيب فيها علشان تفدري تكملي حياتك

حسناء / انا كده مش بقف جانبه انا كده بخدعه

شوقي / حسناء انتي لو مشيتي تاني يبقي بتقتلي حازم

ثم نظر لهاتفه و قال / طيب عندي دلوقتي اجتماع ضروري , هخلص و أرن عليكي , بس بالله عليكي ما تركبي دماغك و تعندي

دخلت حسناء المنزل وبعدما غادر شوقي همت تجمع حاجيتها لترحل و فمن وجهة نظرها هو خداع ويجب اما الاعتراف أو الرحيل , ولكنها كانت تخشي الاعتراف من ردة فعل حازم و أهله فأختارت الرحيل

وقبل ان ترحل سمعت صوت بوق سيارة حازم بالخارج

تنهدت بخوف و حسرة , نزلت لترد علي منادته , فتحت البوابه فوجدته ينتظرها بحزمة ورود ملونه و يبعث لها عبر عينيه دفعات شوق متتاليه

وجمت ملامحها في الحال , نظرت ارضا تداري عنه مدي حيرتها و تشتت أفكارها

قال لها بهدوء/ حمد الله علي سلامة رجوعك يا حسناء

لم ترد فتابع كلامه / انا جاي علشان اعتذرلك و ابدأ معالكي صفحة جديده مختلفه و اقولك (....)

قاطعت كلامه الذي كان سيعترف به برغبته في خطبتها وقالت / لو سمحت يا حازم مفيش صفحات جديده و لا حاجه , وزي ما قلت للأستاذ شوقي يعرفك اني عفيتك من العهد و اني عاوزة اعيش حياتي لوحدي , واظن دي من حقي

حازم بعقل يكاد يتوقف / بس انا هفضل علي عهدي مهما حصل يا حسناء , وعمري ما هسمحلك تمشي تاني و هفضل محافظ عليكي طول عمري

حسناء ببعض العصبيه / لا مش من حقك تدخل في حريتي , انت قدمتلك خدمه و انا رديتهالك بنصيبي في الشركة و كتر خيرك لحد كده وكل واحد في طريقه

حازم بألم / حسناء , انتي اتغيرتي ليه فجأه , حسناء انا عارف اني ظلمتك بس انا جاي..

قاطعته ثانية / لا ظلم ولا حاجه , انا مش ماشيه علشان ظلم وكلام فاضي , انا طلبت منك...

قاطعها هو بصوت ممزج بغصته المختنقه / ؛سناء انا بحبك

توقف قلب حشاء و شل عقلها عن التفكير و بعد لحظات سمعت صفارات الانذار تدوي داخلها فقالت لها بصوت اقرب للصراخ / وانا بكرهك و بكره تحكمك و تسلطك و بقولك انا حرة انا حره , امشي و لا اقعد دي حرية شخصيه

لم يدرك حازم شئ مما حوله

كلماتها كانت قاسيه بشكل افقده الشعور

الشعور داخليا و خارجيا

نظر لها بدهشه

لم يقوي علي النطق

وكأنه فقد ذاكرته للكلمات

لماذا

لماذا يا حسناء

لماذا يا حبيبتي

لماذا تقتليني بتلك الطريقه البشعه

أليس لديك اي طريقه للقتل أهون من تلك التي تميتني مئات المرات في اللحظة الواحده

لا

ليس ما اسمعه صحيحا

لم اصدقك

ولن اصدق كلماتك تلك سواء الآن او في اي وقت

ليست حسناء ممن تنطق بها

تلك امرأه اخري غاضبه

سأنتظرك حبيبتي

سأنتظر عودتك

عودة حسناء الرقيقه

ما علي الآن هو الانتظار حتي تعودي بقلبك النقي , بصدرقك الحنون

سأنتظر ولو كلفني الأمر سنين

فليس لاحد سواك مكان في قلبي

ولن اتخلي عنك يوم ما

فأنت لي

و أنا لكي

حبيبتي سأنصرف الآن , وسأعود وقتما تعودين

ولكن يجب عليا الحفاظ علي تلك الفتاه حتي تعودي

تركته حسناء و دخلت منزلها , او بالاحري منزل حازم , فسوف يخلو المنزل من الدخيله اليوم و يعود المنزل لمالكه ( هذه أفكارها)

استدار حازم و ظل يسير وهو يجر قدميه بثقل ,جلس علي كرسي بجوار بوابه الفيلا من الداخل , يحاول استعادة توازنه بعدما تلقي اكبر طعنات داخل قلبه من لسان حبيبته التي كاد يموت من اجلها

نظرت حسناء من النافذه بحثا عنه فرأته يجلس علي الكرسي مغمض العينين بأسي

لم تقوي علي رأيته هكذا و لكن ماذا تفعل له و هماالاثنان يعيشان أكذوبه مميته صنعهتها الايام لهم

انخرطت في بكاء مرير علي مظهر حبيبها الذي اعترف لها بحبه للتو , ولكن متي , في الوقت الضائع , بعدما اعلنت الحرب بدأها

ياله من حب مميت كما وصفته سابقا في ورقتها التي كانت تلازمها كل ليله

تذكرت صورته , صعدت مسرعه تبحث عنها , مخافة ان تكون وقعت في يده

رفعت الوساده تبحث عنها , لم تجدها , ظلت تبحث بخوف في ارجاء الغرفة , ولكن لم تجدها

جلست باستسلام علي السرير , وقالت / يعني عرف اني بحبه , علشان كده مصمم علي رأيه

استلقت بألم علي السرير

تفكر في حالها و حال حبيبها الذي تظلمه رغما عنها

واثناء انهماكها في افكارها سبحت في عالم الافكار علي غفله بسبب ارهاقهاالشديد

......................

عاد حازم أدراجه بخيبة أمل لم يشهدها في حياته بعدما ترك الورود أمام باب منزلها

كان يظن ان كل ما تفعله حسناء هو غضبا من موقف المتجاهل معها في السابق لذلك قرر ان يتركها فتره كافيه تهدأ و تفكر في الامر بعدما اعترف لها صراحة بحبه لها و ايضا ترك لها كارت ملحقا بالورود به بعض الكلمات التي تؤكد ولعه بحبها و اصراره علي الارتباط بها

...................

استيقظت حسناء صباح اليوم التالي , فقد كانت مرهقه للغايه ,

كانت مصممه علي المغادره

حملت بعض اغراضها و خرجت للعوده للدار التي تركت بها ما لديها من مال

وعندما خرجت وجدت رجل يجلس علي كرسي بجوار البوابه

تعجبت , اقتربت علي وجل ,وعندما وصلت علي مقربه منه قال لها / ايوا يافندم حضرتك رايحه فين

نظرت له حسناء شذرا و قالت له / وحضرتك مين

قال لها / انا الحارس اللي الاستاذ حازم وظفني هنا , وقالي اي حد يجي يخرج اتصل عليه علشان يوصله

قالت له حسناء / ماشي

ثم عادت للمنزل و هي تتصل عليه

حازم / ايوا يا حسناء

حسناء بعصبيه / هو حضرتك فاكرني قطه حابسها , ايه معني انك تعين حارس علشان مخرجش

حازم / ومين قال متخرجيش, انا قلتله هاجي اوصلك للمكان اللي انتي عاوزاه

حسناء / كله سيان

حازم / حسناء , انا جاي اوصلك للمكان اللي انتي عوزاه , وياريت لو تيجي من النهارده الشركة لأن الدنيا بايظة جامد و الشغل متراكم

حسناء بغضب/ شكر , متجيش, لا رايحه ولا جايه

حازم بحزن / براحتم يا حسناء , خدي وقتك في التفكير , هستناكي لو باقي العمر

أغلقت حسناء الهاتف و ألقت به أرضا و هي تقول / هي الدنيا قاعدة تتعقد كده ليه

..........................

وبعدها انقطع الاتصال بينهم , هي في عمله و شركته يعيش علي أمل , يعاني مع قلبه مراره كلماتها التي بقيت معلقه بأذنيه , منتظر مرور بعض الوقت ليعيد محاوله يتمني نجاحها

بينما حسناء ظلت حبيسة بين جداره المنزل تقولم حيرتها فيما يجب ان تفعل , اتخبره ام تصر علي المغادره , تتصل علي شوقي من وقت لأخر فيحثها علي البقاء و عدم المغادرة و البقاء صامته لبعض الوقت

.....................

كان محمد يصعد الدرج بعد ان انهي محاضرته في اتجاهه لمكتبه

وعندما هم ان ينحني للردها المؤديه لمكتبه لمح فتاه تنحني أمام باب مكتبه و تضع شئ من تحت الباب

عاد بهدوء عدة خطوات , وعندما شعر بها تقبل تظاهر بعدم المبالاه و أكمل طريقه نحو مكتبه

تفاجئ بالفتاه انها صديقة خطيبيته

تعجب بنفسه و اسرع نحو مكتبه

وبعد ان فتحه و جد ورقه مطويه بجوار الباب

انحني و التقطتها

فتحها بلهفه , فوجئ بكلمات تكاد تسبب له الاختناق و الدوران " دكتور محمد , خطيبتك نور تحب ولد اسمه اسامه مجدي عبدالعال , بيعيد سنه تالته , واصحابها بينصحوها كتير انها متغضبش ربنا بحبه خاصة بعد ما انت خطبيتها ولكن هي بتحبه فوق الوصف ولا تقدر ان تنزع حبه من قلبها.........فاعل خير"

لم يري شئ امامه بعدما قرأ الكلمات

اتصل علي نور في الحال , أتاه صوتها فرد بغضب/ نور , صاحبتك اللي بتمشي معاكي دايمااسمها ايه

نور بتعجب /مين بالضبط, اللي بتلبس اسدال و لا الخمار و لا التالته

محمد / التالته

نور/ اسمها نسرين

محمد بحده/ نور اياكي تمشي معاها تاني , او تكلميها ابدا , مفهوم , انسيها تماما

نور بتعجب/ ليه

محمد / من غير ليه

نور بإعتراض/ بس دي اعز اصدقائي

محمد بعصبيه / نور, معدتش غير عشر ايام علي فرحنا , مفيش وقت للجدال الفاضي في امور جانبيه , اللي اقول عليه يتسمع , النت دي متعرفيهاش تاني ,ولو شفتك بتكلميها هاخد موقف صعب

صمتت نور بعدم فهم و لكنها كانت تجلس بجورا حازم بالسياره ليوصلها للمنزل بعد انتهاء اليوم الدراسي

ظلت شارده قليلا , وبعد قليل قالت له / حازمممكن اروح اقعد مع حسناء شويه

لم يعترض حازم ولم يرد لوكنهاادركت موافقته من استدارته بالسياره في طريقه لمنزلها

فقد كان يعاني من صمت مطبق و شرود دائم في افتره الاخيره بعدما تذوق طعم الموت علي يد حبيبته

وصلوا لمنزلها

قال حازم / هاجي اخدك بعد ساعه

ثم تركها و انصرف

ضغطت نور علي جرس المنزلو انتظرت رد حسناء

وبعد دقائق سمعتها و هي تسأل من الطارق , وبعدما عرفت ان نور من بالخارج فتحت لها

دخلت نورو جلست معها , استأذنت حسناء لتأتي لها بواجب الضيافه

قالت نور / انا جعانه , لو عندك أكل

ابتسمت حسناء و صعدت تجلب لها طعام ,ولكنها عندما عادت و جدتها تبكي

اقتربت منها وربتت علي ظهرها وقالت لها / مالك يا نور

رفعت نور وجهها و هي تمسح دموعها بأطراف أصابعها / انا مخنوقه قوي يا حسناء

حسناء / ليه بس

نور/ من محمد , حاسه اني مخدتش اللي بحلم بيه

حسناء / ازاي بس ده شكله محترم

نور / يعني بيتصل عليا دلوقتي وبيقولي ابعد عن اعز صديقه ليا بدون اي سبب و بقوله ليه بيقولي من غير ليه , خايفه يكون انسان متسلط و ارجع اندم

حسناء / ده موقف يا نور , لا اسلوبه كله بالشكل ده

نور/ لا الموقف ده بس

حسناء / يبقي اكيد شاف منها حاجه غلط او مش كويسه , وانا شايفه انك تسمعي كلامه مادام مش بيأمرك بشئ يغضب ربنا

نور / لا يا حسناء , انا لو سمعت كلامه المره دي هيتبع الاسلوب ده معايا و انا مش هسمحله بكده

حسناء / يا نور انتي مقبله علي حياه جديده , حياه انتي هترسمي ملامحها بإيدك و مسؤله عن خلق السعاده فيها , صديقيني لو قدرتي تخلقي السعادة في حياتك الزوجيه هتكوني اسعد انسانه بالعالم ولو فقدتي كتير و لو خسرتي سعادتك الزوجيه هتبقي اتعس انسانه بالعالم حتي لو كسبتي كل اصحابك , فخلي جوزك اهم حد عندك و الحاجات اللي ممكن تجيب مشاكل بينك وبينه تجنبيها مدام مش هتغضبي ربنا

نور/ بس يا حسناء محمد اه كويسو كل حاجه بس مش زي ما انا حلمت , يعني عاوز يأجرلي فستان مش يشتريلي و يعمل فرح اسلامي في قاعه صغيره عاديه و عاوز يلم كل حاجه علي القد

حسناء / يا نور صدقيني السعاده الحقيقيه مش في الفستان و القاعه , السعاده الحقيقيه ان جوزك يحس انك بتدوري علي راحته و سعادته ومقدره ظروفه , صدقيني هيفضل فاكر ليكي المواقف دي طول عمره و هيعوضك بعد كده لما ربنا يوسع عليه , صدقيني قدمي الأول علشان تلاقي

اظلت نور تحدق بالأرض بشرود فأردفت حسناء / يا نور لو خطيبك انسان كويس مضيعوش من ايدكي احنا في زمن نادر في الشباب المحترمه

قالت نور / معاكي حق يا حسناء , محمد مع انه جد شويه بس يكفي اني حاسه معاه اني بقيت انسانه بجد , بيشجعني علي الصح و دايما كلامه مفيد و بيساعدني علي الالتزام , بجد انا اتغيرت علي ايده كتييير مع اني متعرفه عليه بقالي تقريبا شهر

حسناء / يبقي مضيعوش من ايديكي

نظرت لها نور ذات مغزي وقالت / انتي كمان يا حسناء , مضيعيش حازم من ايدك , مش علشان محترم او كده انتي عارفه ده كله و مش محتجاني اقولك بس علشان هو بيحبك

ضغطت حسناء علي اسنانها بخوف وقالت بنفسها / لو تعرفي الحقيقه يانور..

نور / طيب هاتي الاكل انا جعانه و كلي معايا علشان يبقي عيش وملح

ابتسمت حسناء وقالت لها / ماشي , انا اساسا متغدتش

و اثناء تناولهم الطعام قالت نور / بصي بقي يا حسناء , انتي ذوقك حلو و بماان كمان صحبتي مش هينفع اخدها معايا بعد كلام محمد عوزاكي تيجي معايا بعد بكره و انا بشتري الخشب و الاسبوع ده تتفرغي ليا بقي علشان نروح نأجر الفستان و الكوافيرو الذس منه

قالت حسناء / ماشي يا نور , عنيا ليكي

نور/ تسلملي عينك

و بعد ان انتهوا تعاونا في جلي الصحون و غسلها و تحضير كوبان من الشاي و تناولاه معا و هم يتناولون اطراف الحديث

حتي سمعوا قرع الجرس , قامت نور وهي تقول لحسناء / همشي بقيو علي موعدنا بعد بكره ان شاء الله

حسناء / ان شاء الله

فتحت نور الباب فوجدت حازم يقف و بيده الكثي من الاكياس بكلتا يديه

قال حازم بوجل / ممكن ادخل

نظرت نور لحسناء فوجدتها ارتدت اسدالها بعجل فقالت له / ادخل

دخل حازم وصعد مباشرة للمطبخ و وضع الاكياس التي بيده و نظره بملامحه الباهته والمصوبه للأرض

و قبل ان يخرج اختطف نظره سريعه نحو حبيبته التي يتوق لرؤيتها بكامل الشوق ولكنها اغلقت في وجهه كل الابواب , بل صفعتها في وجهه بعنف

......................

عادت نور للمنزل فوجدت محمد بإنتظارها , دخلت للصالون بارتباك و قبل ان تجلس قال لها / نور بالله عليكي فنجان قهوة احسن صاحي من بدري

ركت نور حاجيتها و ذهبت لأحضار القهوة فقال لها و هي تنصرف / اعمليها علي نار هاية قوي علشان بحب يكون ليها و ش كبير

وبعد ان خرجت نور قام و فتح حقيبتها و اخذ هاتفها

فتح ثم بحث عن اسم اسامة فوجده موجودا بالاضافه للكثير من الرسائل و محادثات عبر برامج الاتصال بالانترنت

عادت نور تحمل القهوة فوجئت به يحمل هاتفها , قام من مكانه و اعطاه لها

وهم بالانصراف , قالت له / والقهوة

قال لها / قهوة ايه بس / انا عاوز انام علشان اقدر اقوم بكرة

وانصرف

عقدت نور ما بين حاجبيها بتعجب , نظرت للهاتف

وضعت القهوة علي المنضدة و فتحت علي الهاتف و مخاوفها تتزايد بعقلها

بحثت عن اسم اسمه و رسائله فوجدتها كلها غير موجوده

صعقت وقالت / اكد مش هيرجع اني , كده خطوبتي اتفركشت ,. واكيد نسرين اللي قالتله

جرت لغرفتها تبكي بحرقه بقله حيله

وبعد ان هدأت نسبيا اتصلت علي حسناء ثانية , حكت لها ما حدث و كل التفاصيل التي توضح الموقف , في نهاية كلامها قالت لها / انا بجد مصدومة في صحبتي مش مصدقه ابداان نسرين تكون هي عملت كده , نسرين كانت اكتر صديقه مخلصه ليا

حسناء / طبعا ناهيك عن انك غلطانه انك ممسحتيش كل الكلام ده , الواحد لما يصاحب يدور علي صديق يعرف ربنا فحتي لو حصل بينكم زعل او غيره هيراعي ربنا انه مش تأذيكي

نور/ كده محمد هيفركش الخطوبه

حسناء/ وانتي ليه ممسحتيش كل ده

نور/ انتي عارفه ان خطوبتي جات فجأه و بعدها الدراسه و كل حاجه ملخبطه و ارجع من الجامعه اخرج مع ماما نجهز حجاتي

حسناء / طيب قومي يا نور صلي ركعتين لله و اتصلي علي خطيبك و انا هدعيلك ان ربنا يهديه ليكي

قامت نورو فعلت بنصيحه حسناء

اتصلت عليه فأتاه صوته يحاول جعله طبيعيا / السلام عليكم ازيك يا نور

نور و بكأها سيبدأ / محمد انا و الله الموضوع ده خلص من زمان

محمد / هسسسس خلاص يا نور , في مثل بيقول اللي فات مات ,وانا مش غبي اني اصدق اي كلمه ,وبعدين انا متابعك بقالي تيرم كامل و عارف ان الولد ده مش بيحضر و عارف ان حازم كان بيوصلك و يجيبك و اثناء ماكان محجوز كنت متابعك و عارف انك محترمه , انا لايمكن كنت ادخل بيتك غير لما اتأكد خاصة ان حازم صديق مقرب و مقدرش افقده بسهوله , نسرين ابعدي عنها تماما , وركزي في حياتنا و اعرفي ان اكيد هاقبلنا صدمات كتير لازم نحل كل شئ بالتتفاهم و الحكمة و الثقه و الوضصوح و التسامح

........................

مرت الايم التي تفصل بين حفل زفاف نور , كانت حسناء تلازمها في كل شئ , تقضي معها اغلب وقتها , بالتأكيد رفقة حازم , ولكنه كان يتجنب الحديث معاها كليا , يختطف نظره سريعه نحوها من وقت لأخر , فكان شوقه يغلبه , وكانت هي الاخري تفعل مثلما يفعل , تلاقت اعينهم كثيرا ,ولكن سرعان ماكان يهربان من بعضهما بعدما تشعل نظرتهم نيران الشوق داخلهم

..............

أتي موعد زفاف نور, كانت نور تجلس مسلمة نفسها لأيدي فتيات الزينه ليجهزوها لزوجها محمد

كانت نور تجلس بجوارها تساعدها

و بعد ان انتهت الفتيات من تجهيز نور , قالت حسناء لها / ماشاء الله قمر يا نور

نورو هي تتأمل نفسها بفرحه في المرآه / بجد , ربنا يخليكي يا حسناء ,ودلوقتي دورك يا حسناء

حسناء بابتسامة / ربنا يخليكي

فتحت نور حقيبه و اخرجت منها فستان رقيا من اللون الكحلي و وشاحا باللون الأزرق بنفس لون عيني حسناء

قدمتهم لحسناء وقالت لها / يلا اجهزي بسرعه قبل ما الجماعه يوصلوا

حسناء بتعجب / لا يا نرو , ده فستان مبهرج قوي و انا هخليني بالاسدال

نور بحزن / مبهرج ايه ده شبه ساده و رقيق جدا والله يا حسناء هزعل لو جيتي بالاسدال الاسود ده , ده انتي اللي هتبقي جنبي في الكوشه , متزعلنيش بالله عليكي في يوم فرحي

حسناء/ يا نور ده فستان شبكه

نور / يا حسناء احنا هنبقي الحريم لوحدنا

انصاعت حسناء امام الحاح نور و ارتدت الفستان الذي حولها لأحدي حوريات العين

حاولت اقناعها بوضع بعض الزينه القليله و لكنها رفضت تماما

سمعوا صوت السيارت بالخارج , بعدها دخل محمد و اصطحب نور من يدها بعدما قبل جبهتها

خرجت نور وزوجها , ركبوا سيارتهم الخاصه و التي يجلس بها بالأمام اخت محمد

وقفت حسناء بحيرة , بل شعرت و قتها بالضياع و الغربه

وقفت تبحث بعينيها عن نرمين فهي منقذها الوحيد و لكنها وقعت عينيها علي حازم , وجدته هو الاخر يفتش بعينه بلهفه عن شخص ما , علمت مباشرة انها ضالته التي يبحث عنها

اتجهت ناحيته , فهي لم تجد نرمين , ربما لم تستطع المجئ بسبب بطنها التي علي وشك الانفجار

وقبل ان تصل و جدته يرفع حاجبيه و معالم الارتياح تطفو علي ملامحه و هو يقبل نحوها

قال لها دون ان ينظر نحوها / تعالي اركبي معايا

ركبت معه و لحقوا ببقية السيارات

بدأ الحفل , كان حفلا جميلا , جلست علي احدي الطاولات بجوار نرمين

قالت لها نرمين / عقبالك يا نونه

حسناء بخجل / ربنا يخليكي

قامت نرمين تصافح احدي اقاربها

وتركت حسناء وحدها تسبح في عالم احلام مات بداخل اثر صدمه عنيفه و ارتطام بواقع مرير

وقبل انتهاء الحفل بنصف ساعه , دخل حازم يسلم علي نور

تفاجأت حسناء به يمسك بمكبر الصوت و بعدها بدأت موسيقي بالارتفاع

بدأ حازم يغني , فالبرغم من صوته الغليظ و لكن به نغمه دافئه مميزه , اعجبتها حقا

بدأ حازم بالغناء

هو انت لسه بتسالي إنت بالنسبالي ايه

لا يا حبيبتي اطمني الجواب عندي تلاقيه

لما تجري جوا دمي لما تبقي كل همي لما اعيش وياك حلمي

تبقي بالنسبالي ايه

لما ضلك يبقى ضلي وتبقى اجمل شيء فضلي لما اسهرلك تملي ويا طيفك يبقى ليه

تبقي بالنسبالي ايه

لما اتحدى الدنيا عشاك لما اتعذب من احزانك

لما اوهبلك وانت مكانك كل اللي انت بتتمنيه

لما الاقي الشوق صاحبني والحنين ليك واخدني

يبقى ايه اللي غصبني غير هوى بلاقيني فيه

واما قلبي يدق دقه بين حنين وحنان ورقة

والقى روحي ليك سابقة عالمكان اللي انت فيه

واما اعيش واحلم بدنيا انت نورها بكل ثانية

يبقى أي دنيا ثانية مش معاك تسوى ايه

لما ثانية تفوت علي وانت مش قدام عيني

كل شيء بالدنيا ديه يبقى صعب وقاسي ليه

مش حقولك يا عيوني مستحيل ابدا تهوني

انت احلامي وكوني والهوى اللي بعيش عليه

يا جنوني واشتياقي لما بتغرب بلاقي

قلبك انت وحده باقي جنب قلبي يخاف عليه

لما بنسى عمري قبلك واتولد لحظة ما قابلك

وقلبي يبقى ملك قلبك والغرام مكتوب عليه

لو اقولك مهما اقولك برضه مش حقدر اقولك

انت على بعضك وكلك احلى حلم حلمت فيه

لسه برضه بتساليني دنت قلبي وانت عيني

وانت روحي ونور سنيني

عايزة ثاني اقولك ايه ... اقولك ايه


لم تستطع منع نفسها من التركيز معه , ليس بأذنيها و عينيها , بل بكل جوارحها , شعرت بكلمات الاغنيه تتسرب داخل قلبها تمحو ظلمة الخوف التي تمكنت منه في الايام السابقه , تضء داخلها نور الأمن و الأمل و تحي حباً كاد يموت , حبا يحتضر بعدما اخمدت صوته بعنف و شدة

وعندما وثل حازم للمقطع الاخير وجدته ينزل ..... ويقترب منها ......حتي وصل لها

كاد عقلها يجن و قلبها يتوقف عن العمل و هو يتابع صوته الذي يخرج من قلبه و ليس من حنجرته و يمسك بيدها و يصطحبها عائدا إلي الكوشه تحت تصفيق الجميع و زراغيد مرتفعه و تهليل عال

تفاجئت بأن الييوم يوم سعدها , يوم خطبتها التي دعي لها الجميع مسبقا ... عدا العروس...عدا هي

وجدت نرمين تفتح علبه بها خاتم زفافها و ...... سلسلتها االتي باعتها لتفريج ضيقتها ..... ذكري والدها...... التي اوصاها حازم بأن تحتفظ بها مدي الحياه

ألبسها لها حازم و هي تترك دموعها تنساب بصمت علي وجنتيها

لا تعلم أدموع فرح ......... أم دموع خوف .....أم ماذا

همس لها حازم بأذنها / مبروك يا حببتي

ثم قبل رأسها و ضمه صدره ثواني

ابعده ثانيه و ظل يمسح دموعها و اصوات الزغارييد تعلوا بشده حولهم




السابع والعشرين من هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close