رواية حبيسة قصر الوحش الفصل السابع والعشرين 27 بقلم رحاب عمر
البارت السابع و العشرون
لم تستطع منع نفسها من التركيز معه , ليس بأذنيها و عينيها , بل بكل جوارحها , شعرت بكلمات الاغنيه تتسرب داخل قلبها تمحو ظلمة الخوف التي تمكنت منه في الايام السابقه , تضيء داخلها نور الأمن و الأمل و تحي حباً كاد يموت , حبا يحتضر بعدما اخمدت صوته بعنف و شدة
وعندما وصل حازم للمقطع الاخير وجدته ينزل ..... ويقترب منها ......حتي وصل لها
كاد عقلها يجن و قلبها يتوقف عن العمل و هو يتابع صوته الذي يخرج من قلبه و ليس من حنجرته و يمسك بيدها و يصطحبها عائدا إلي الكوشه تحت تصفيق الجميع و زغاريد مرتفعه و تهليل عال
تفاجئت بأن اليوم يوم سعدها , يوم خطبتها التي دعي لها الجميع مسبقا ... عدا العروس...عدا هي
وجدت نرمين تفتح علبه بها خاتم زفافها و ...... سلسلتها االتي باعتها لتفريج ضيقتها ..... ذكري والدها...... التي اوصاها حازم بأن تحتفظ بها مدي الحياه
ألبسها لها حازم و هي تترك دموعها تنساب بصمت علي وجنتيها
لا تعلم أدموع فرح ......... أم دموع خوف .....أم ماذا
همس لها حازم بأذنها / مبروك يا حببتي
ثم قبل رأسها و ضمه صدره ثواني
ابعده ثانيه و ظل يمسح دموعها و اصوات الزغارييد تعلوا بشده حولهم
سلمت عليها سناء و ضمتها بشدة و قالت لها / مبروك يا حببتي
و تبعتها نور ونرمين , قال حازم / طيب هخرج انا عند الرجاله بقي
أمسكت نرمين يد حسناء و ظلت تمر بين اقاربهم لتصافحهم حسناء , التي تلقت كما هائل من الاعجاب و عبارات المدح في تلك الليله
وبعد ان انتهي الحفل , خرج الجميع بعدما أتي محمد و اصطحب عروسته , وعندا خرجت حسناء وجدت عريسها بإنتظارها هي الاخري
قالت سناء / انا هركب مع نرمين و ابراهيم
ابتسم حازم لكلام و الدته و قال لحسناء / طيب يلا بينا يا حسناء
تبعته و ركبت بجواره السياره
كانت تنتظر ان يتحدث و لكنه لم يفعل , ظل صامتا طوال الطريق , لم تقوي هي علي النطق بحرف واحد فبالأضافه لصدمتها مما حدث فكانت محرجه خائفه بسبب عصبيتها معه و نهرها له منذ ايام
ظلا بصمتهما حتي وصلوا منزلها و قبل ان تترجل من السياره قال لها حازم و هو ينظر أمامها / فكري و منتظر ردك
شعرت حسناء بدمائها تتدفق لرأسها فجأه و قلبها يتوقف عن النبض
قالت بصوت منخفض/ حاضر ثم تركته و اتجهت للداخل
......................
وبعد ان تركها حازم , بدلت ملابسها و جلست علي فراشها , لم تجد عينيها طريقا للنوم بسبب شدة انشغال عقلها
كان موقف حازم معلق برأسها
نظرت للخاتم الذي بيدها , قالت بحيره / مش عارفه افرح و لا اخاف و لا ا ايه
شردت قليلا , تذكرت ضمته لرأسها و اسكانه بين ضلوعه , رغم انها مجرد ثواني ولكن , لن تستطيع ان تنسي تلك اللحظات طوال حياتها
لحظات كشفت لها مكانها الحقيقي بالحياه , اكتشنفت ان يوجد مكان بالحياه لا يمنع وجوده به , بل حقا انه المكان الذي يلائمها , ربما صنع خصيصا لها , مناسب لمقاسها , حقا شعرت أخير بمكانها الذي يحق لها
ابتسمت و هي تستعيد تلك اللحظة أمام عينيها للمره الألف تلك الليله , لمسته , همسته , دفء قربه , عطره
قامت واحضرت عطره الذي تحتفظ به , نثرت بعض قطراته علي كفها , وظلت تستنشقه كي تستشعر وجوده معها
جلست علي طرف السرير وقالت وهي محتفظة بإبتسامتها / حازم , انا خايفه انك تعرف وتكون نهايتي علي ايدك بس بعترفلك ان الحياه من غيرك اصعب من الموت .... انا اخترت انتظار الموت علي ايدك يا حازم , يكفي اني استمتع بقربك في الباقيلي من عمري , وهيكون اخر شئ اشوفه في حياتي وجهك
حازم , انا بحبك و أوعدك اني هدفي في باقي حياتي هو اسعادك , واني اشوف بسمتك دايمة علي و وشك
ثم استلقت علي سريرها للاستعداد لبدء حياة جديدة , حياه متوجه بإكليل زهور السعادة , معطره بشذي قرب حبيبها حازم
................
استيقظت حسناء علي صوت هاتفها
انتفضت بسرعه تلتقطه ظنا منها أن المتصل حازم و لكنها وجدته شوقي , وضعته علي اذنها و هي تجلس ثانية علي طرف السرير
ردت عليه / السلام عليكم
شوقي/ وعليكم السلام , انتي لسه نايمة و لا ايه
حسناء/ لا خلاص صحيت
شوقي / انا هشرب شاي مع البواب علي ما تجهزي و تنزليلي عاوزك في كلمتين
حسناء / حاضر
أغلقت الهاتف و مسحت وجهها بكلتا يديها وقالت / يارب , أنا عاوزة ابدأ صفحة جديده في حياتي , يارب ميجيش الاستاذ شوقي بحاجه تبوظلي الدنيا تاني
غسلت وجهها و ارتدت اسدالها و اتجهت للاسفل
اقبل نحوها شوقي بإبتسامة عريضه وقال لها / ألف مبروك يا حسناء
نظرت له حسناء بتعجب و قالت له / الله يبارك فيكي هو حضرتك عرفت
شوقي بلهجه ساخره / ده انا عارف من شهر , يعني قبلك بكتير و كنت موجود امبارح في القاعه و باركت لحازم
نظرت له بتعجب فقال لها / تعالي نقعد بس علي الكراسي دي و نتكلم
اتجها نحو كرسيان بحديقة الفيلا وكان أول من تحدث هو شوقي/ بصي يا حسناء , انا جاي علشان اباركلك و كمان اوضحلك كل حاجه و اقولك انا هعمل ايه
أومأت له حسناء بإهتمام لتخبره انها كلها أذن صاغية
تابع قائلا / بصي يا حسناء , انتي اول حاجه زعلانه منها اني معرفتكيش من البدايه ان حازم ابن بيومي , اولا حازم انسان بمعني الكلمة , شئ نادر في الزمن ده , فكنت هبقي مطمن عليكي معاه , خاصة اني كنت لسه راجع من الحج و عندي شغل متراكم و اكيد كنت هتشغل عنك في الوقت ده , و زي ما اانتي عارفه كنت بتابعك باستمرار علشان اطمن عليكي ... خاصة ان زوج امك ربنا ينتقم منه لما انتي مشيتي معرفش مامتك ويقولها انك مشغوله في الشغل لحد ماخرجت من المستشفي و ملقتكيش فعرفها انك مشيتي بمزاجك وقلتي مش هترجعي البيت تاني و انه عمل بلاغ في الشرطه يبحثوا عنك , مامتك مصدقتش و دخلت تدور في اوضتك لقيت صور ليكي – طبعا بيومي ربنا ينتقم منه هو اللي مركبها علي الكمبيوتر , صور يا حسناء .... يلا حسبي الله ونعم الوكيل , كفيل ينتقم ليكم منه سواء ليكي انتي و لا اسرة حازم , طبعا قالها انه عرف انك شغاله في بيوت مشبوهه و هو كان عاوز يخبي عنها علشان متزعلش بس هي اكتشفت بنفسها و طبعا كل اصحابه شهدوا معاه , مامتك قعدت تصرخ و تلطم , حاولت اقنعها لكن هي قعدت تقول انها هتكدب عنيها ازاي و بعدها تعبت جامد و طبعا هو كان دايما يضخم العمل في دماغها ليل و نهار بكلامه المسموم , فكل ما اجي اتكلم معاها تصرخ و تقولي انت دايما واقف في صفها و ازاي تكذب الصور و كل الناس اللي شهدوا بإنهم شافوكي ...فعلشان كده انا كل ما تسأليني اقولك لا مترجعيش و اتمسكي بأسرة حازم , خاصة لما لقيتك بدأت تفكري بشكل عملي و تفصلي و تعتمدي علي نفسك
تاني حاجه ليه مش عاوز اعرف حازم دلوقتي ... حازم مفيش منه مشكله , حازم لو عرف دلوقتي مش هيتغير فيه حاجه ,وانا اتأكدت من كده من موقف هروبك , كان هيموت و هيتجنن ...وطبعا عرفت يومها انه عاوز يخطبك , وقالي أول ما هيلاقيكي هيخطبك بس لما اتصلت أسئله قالي انك زعلتيه و رافضه تتكلمي معاه و مصممه انك تمشي , وانه هيسيبك تفكري شويه .. وهقولك كمان سر ..هو اتصل عليا دلوقتي علشان احاول مع مامتك تاني واتفاهم معاها و نجيبها تكتبوا الكتاب و أول ما الفيلا تخلص هتتجوزا ... وانا قلت أعدي عليكي أباركلك و أوضحلك الصوره علشان تقدري تاخدي قرارك
كانت ملامح حسناء تتفاعل مع كلام شوقي و انفعلاته وجهها تزداد, وبعد ان انتهي قالت / طيب ليه حضرتك معرفتنيش انه عاوز يخطبني
شوقي/ اولا حازم قالي معرفكيش , ثانيا دي حياتكم الخاصه مينفعش ادخل فيها , يعرفك في الوقت اللي هو حابه و بالطريقه اللي عاوزها
حسناء/ طيب ما حضرتك عرفتني تسريبات اهو وانه عاوز يجيب ماما علشان يكتب الكتاب
شوقي/ الامر مختلف يا حسناء, اولا لازم تعرفي ان الامر هيكون بمعرفة مامتك علشان تاخدي قرار لأن حازم بيقولي انه مستني منك رد او رد فعل ياخد علي اساسه رفضك او موافتك , هو لسه خايف من رفضك و رغم انه قالي مقولش لمامتك الا لما يتأكد من موافقتك بس انا استعجلت ورايح دلوقتي و عاوز اقولك يا بنتي نصيحه ... صدقيني حازم مش هتلاقي له مثيل , رغم عصبيته لكن صدقيني متخسرهوش ولا تضيعيه من ايدك لأنه كويس بالاضافه انه بيحبك ومستعد يخسر العالم كله الا انتي, يعني حازم اللي مفيش قدامه طول عمره الا شغله بس , ساب شركته اللي لسه هتقف علي رجليها علشان يدور عليكي , انتي ربنا عوضك عن تعبك و صبرك بأجمل حاجه في الدنيا يا حسناء و هي الزوج الصالح
صمتت حسناء و هي تتنهد بهدوء , فتابع شوقي/ طبعا دي نصيحه مش اجبار يا حسناء, وفكري كده و اتصلي علي خطيبك يا بنتي و اديله ردك و انا هروح احايل مامتك كده , وان شاء الله بالليل مني مراتي و بناتي هجيبهم يباركولك
حسناء / بس انا لازم اعرف حازم قبل ما اتجوز علشان ميبقاش بخدعه
شوقي / لا خدعه ولا حاجه يا حسناء , انا لو مش متأكد انه هيتقبل كنت عرفتوا قبل ما تتخطبوا خالص , لكن انا عاوزك تتجوزا و ربنا يكرمكم بطفل بحيث لما مامته تعرف ميهنش عليها ابن ابنها
حسناء/ نعم , لا حضرتك عاوزني اخبي عليه لحد ما اتجوز و اخلف كمان , لا انا لازم اعرفه قبل ما اتجوز
شوقي/ انتي حره يا حسناء , انتي دماغك ناشفه , بس اكدي عليه ميعرفش مامته و اخواته
زمت حسناء علي شفتيها بقلق و قالت بحيره / ربنا يستر
شوقي /انا همشي بقي و هتصل عليكي أعرفك برد مامتك و متقلقيش أنا معاكي يا حسناء في كل حاجه , بس عاوزك تفكري بعقلانيه كده مش تركبي دماغك
.............................
بعد ان غادر شوقي اسرعت حسناء تتصل علي حازم , فتحت رقمه و ظلت تنظر اليه قبل ان تضغط علي زر اتصال و تفكر
ماذا ستقول له , وكيف تحصل علي رضاه بعد ان اغضبته , وهل يجب عليها ان تخبره بموضوع ابيه , ام تؤجلها لوقت أخر
وبعد تفكير دام كثيرا قامت وصلت ركعتي قضاء حاجه ثم عادت تتصل عليه
ظلت تنتظر رده عليها ولكن لم يحدث , اعادت الاتصال ثانية و ثالثا , وبعد ان بدأ القلق يتملك قلبها بعثت له برساله " حازم طمني ... مش بترد ليه قلقتني)
ما هي الا ثواني حتي استقبلت رساله فتحتها بسرعه و كانت كما ظنت , من حبيبها , فتحتها وجدت كلمات قليله ولكنها معبره قاسيه حاده ( احبك .... و لكني جرحي غائر)
وما ان قرأتها حتي أغمضت عينيها في ألم بالغ وقالت ( أنا اسفه , عارفه اني جرحتك جامد يكفي لما قولتلي بحبك , رديت عليك وانا بكرهك)
أعادت الاتصال عليه فلم يرد , برمت شفتيها بتفكر وقالت وهي تحرك احدي حاجبيها بمكر/ انا عارفه اخليك ترد و تيجيلي كمان ازاي
ثم بعثت له برساله ( أنا هاخد تاكسي و هاجيلك حالا)
ضغطت علي ارسال و هي تبتسم بخبث و تقول / اراهن انك هتتصل حالا و هتقولي خليكي متخرجيش و جايلك
وفي الحال استقبلت اتصال منه , قفزت بفرحه وقالت / yes
ردت سريعا و قبل ان تتحدث سمعت صوته وهو يقول بلهجه جافه / متخرجيش , انا جايلك في الطريق
حسناء / ماشي
وبعد أن أغلقت قامت تفكر كيف تستقبله استقبالا يعبر عن مدي أسفها
جالت بعقلها فكره , اخضرت دفتر من المكتبه و ظلت تنزع أوراقه و تكتب عليها ( أنا أسفه ) و علي اخري ( سامحني ) – (بعتذرلك ) - ..... و الأخيره ( بحبك)
خرجت من البوابه و معها لاصق و ظلت تلصق الأوراق علي جدار منزلها حتي وصلت للبوابه فلصقت التي كتب عليها ( بحبك)
ثم صلت ركعتي قضاء حاجه ثانيه و جلست بإنتظاره , وبعد دقائق سمعت صوت سيارته بالخارج , اسرعت تنظر من خلف النافذه , وقلبها تزداد سرعة نبضاته بتوتر
وما ان رأته حتي قبضت كفيها بقلق و هي تتابع تعبيرات وجهه
عندما وقعت عينيه علي أول ورقه قبض ملامحه بتعجب و بعدها ابتسم , وظل يسير يتابع الاوراق و ابتسامته تتزايد اكثر , دار حول المنزل ثم أخرج هاتفه و صورهم فديو و بدأ ينتزعهم حتي انتزع التي ملصقه علي الباب و وضعها بالأمام و دق الجرس
كانت حسناء تقف تراقبه من عدسة الباب و صوت قلبها يكاد ينفذ لمسامعه
وبعد ان قرع الجرس و قفت تغمض عينيها و تضع يدها علي قلبها تهدأ من حاله حتي تستطيع الصمود و مواجهته , اخيرا فتحت الباب
نظر لوجنتيها التي تشبه نيران مستعره , وهو يحاول تمالك ابتسامته التي تكاد تتفلت منه , أشار بأصبعه علي الورقه التي يرفعها نصب عينيها و مكتوب بها ( بحبك ) وقال لها بلهجة عاتبه / عاوز اسمعها , الكتابه متكفيش علشان اتمم الخطوبه
تبدل حال حسناء علي الفور من الخجل الي الاستنكار المازح وقالت / والله ؟ دي في أحلامك , اذا كان كنت مستحرمه اكتبها الا لما نكتب الكتاب يبقي عاوزني اقولها كمان
قال لها و ابتسامته تفلتت بسبب اسلوبها / يبقي مش هتمم الخطوبه الا لما اسمعها
قالت بمزاح / خلاص روح هاتلنا اتنين ايس كريم
نظر لها بعدم فهم فقالت / مش الايس كريم بيناسب اللي بيروحوا النار زي ما انت بتقول
تلك المره تفلتت ضحتكته عاليا فقالت / وبعدين خطوبة ايه اللي مش هتم , بعد ما ضحكتوا عليا و تلبسوني الفستان و ألاقي الناس كلها عارفه ما عدا انا قاعده زي الهبله في وسطهم
قال لها بمزاح / طيب خدي يا هبله عيني الورق ده , احتفظي بيه علشان يبقي ذكري
نظرت له شذرا ف فقال لها / الله , مش انتي اللي لسه قايله بلسانك انك هبله , هو انا جبت حاجه من عندي
اخذت منه الورق و هي تصفعه بنظرات مستنكره و هو يزداد ضحكا عليها
وبعد ان عادت قال لها , تعالي نروح نجيب أيس كريم و نرجع نقعد شويه
قالت / اوك
خرجا سويا و اشتروا المثلجات و عادوا ليجلسوا سويا في الحديقة , كانت تسير جواره تلك المره بإحساسه مختلف عن كل مره , كانت دائما تشعر و هي تسير معه بالأمن , بالأطمئنان أنها تحت رعاية ذلك البطل و لكن تلك المره كانت تشعر بإحساس الفخر بأنها تخصه , وهو يخصها , إحساس بالعزة انها ستكون قريبا زوجه لذلك الشخص العظيم الناجح , إحساس بالتفاؤل أنها ستقضي عمرها برفقه حبيب عشقها مثلما ذابت هي في عشقه
جلسا مقابل بعضهما و بدأ في تناول المثلجات , وبعد صمت قالت حسناء و هي تنظر له بنصف عين / بس قولي مين صاحب الفكره دي
نظر لها بإستنكار وقال / ليه متأكده ان حد غيري صاحب الفكره , ما جايز انا اللي فكرت بيها
قالت وهي تضحك / ميتهيقليش
قال لها بغضب مصطنع / طيب كلي و انتي ساكته , ظنك دايما ظالم
قالت / والله مش ظالم , مين؟ مين صاحب الفكره ؟
ضحك وهو يقول / علي فكره ده شئ يفرحني انك عرفتي , ده يدل انك قدرتي تفهميني وتفهمي شخصيتي
قالت / متوهش يا حازم مين صاحب الفكره
قال / نور
ارتدت برأسها بتعجب و قالت / نور؟
حازم / قالتلي انك وقفتي جنبها كتير و عاوزة تعملك مفاجأه , بس انا رفضت و كنت عاوز اتأكد انك هتوافقي الأول بس هي صممت و قالت لنرمين وفضلوا يزنوا علي دماغي
وقفت حسناء وهي تقول بغضب / يعني انتي خاطبي غصب عنك
اشار لها بيده وقال وهو يضحك / اقعدي اقعدي وانتي هتفضحينا كده
جلست و هي تقول / رد علي سؤالي
بدل نظرته بنظره تبعث بكلمات / الجواب ده عندك
حولت نظرها بعيدا بخجل من تلك النظره التي جعلت قشعريره تسري بجميع ذرات جسدها
قال ثانية / منتظر الجواب
حسناء بخجل / المفروض انك عرفته
حازم / لا عاوز اسمع منك علشان اكون متأكد مليون في الميه علشان محسش في يوم اني ظلمتك
حسناء/ متخفش مش ظالمني ولا حاجه
حازم / عاوز اسمع صارحة باللفظ انك موافقه
قالت لتتهرب من ذلك الطلب الصعب التحقيق / صحيح , ما يلا نروح الشركة و نكمل كلامنا هناك
حازم / لا , معدتش شغل , معنديش حريم تشتغل
نظرت له بتعجب / سبحان الله , ما انا كنت شغاله قبل كده
حازم / لا دلوقتي العمل اختلف , انتي دلوقتي بقتي خطيبتبي يعني لو لقيت حد بيبصلك ولا حاجه هيطلع من الشركة علي قبره علطول
حسناء / متخفش يا حازم محدش هيبصلي
نظر لها حازم بابتسامة / يا شيخة , ميتهيقليش
ثم ظل يتأمل ملامحها الفاتنه , ينتقل بينهم كتائه في بحر , نظراته تكاد تذيبها من كثره لهيب شوقه و حبه المنبعثان منهما
طأطأت حسناء ووجهها بخجل بعدما تحول لون وجهها بلون الجمر المشتعل
ابتسم حازم و قال لها بمزاح / انتي لما بتتحرجي يا حسناء بحس ان اللي يلمسك يتلسع
ابتسمت حسناء بخجل متضاعف و ظلت محتفظة بوجهة عينيها للأرض أمامها
قال لها وهو يضحك / نرجع لموضوعنا , خلاص انتي برائة من الشركة , انا كفيل اني اصرف علي بيتي واتولي مسئولية كل افراد اسرتي و اقوم بشغل الشركة
قال / انا زهقت من الحبسه
حازم / من مسئوليتي ان اخليكي متزهقيش ,
قالت ببعض التذمر / لا , انت هتنشغل في الشركة و هتنساني , وبعدين زمان وراك شغل متراكم كتير ومحتج مساعدتي
ابتسم و قال بسخريه / ده الحكايه مش شركة بقي , ده الحكايه لزقه , وعاوزة تستغلي الشغل علشان تيجي تشوفيني و تفضلي جمبي , براحه شويه يا حسناء , متبقيش مدلوقه قوي كده ده احنا لسه بنقول يا هادي
انتفضت حسناء واقفه بعصبيه من كلامه المازح وقالت و هي تتجه لداخل منزلها / بقي كده , طيب وقتك معايا انتهي يلا روح شوف شغلك
قام يلاحقها و هي يضحك بهستيريا شديده , ظل يناديها من بين ضحكاته المتتاليه و لكنها لم تصغ اليه فسبقها ووقف يسد بجسده الضخم الباب أمامها
قال لها بصوت يكاد يفهم / خلاص يا ام قلب اسود , تعالي نكمل بس كلامنا
عقدت ذراعيها أمام صدرها ونظرت بعيدا عنه و قالت / يلا يا حازم روح شوف شغلك
سمع حازم صوت هاتفه فأخرجه من جيبه وقال و هو ينظر للشاشة / ده الاستاذ شوقي
فكت حسناء ذراعيها ووقفت منتبهه لكلامه وقالت / طيب شوف بسرعه عمل مع ماما ايه
حازم / السلام عليكم
شوقي بقلق / وعليكم السلام , حازم روح هات حسناء وتعالوا حالا , مامتها بتموت و طلبت تشوفها
حازم / انت كلمتها في الموضوع
شوقي / انا لسه هتكلم , بس هي اول ما شافتني قالتلي عاوزة حسناء , هاتها وتعالي و انا هتصل علي اخوالها يجوا و هتصل علي المأذون احتياطي لأنها شكلها في أخر ساعتها
حازم وقد تبدلت ملامحه وكست بقلق مباغت / حاضر جايين في الطريق
اغلق الهاتف و قال لحسنا ء/ يلا يا حسناء , هنروح لمامتك مستشفي ........
حسناء بقلق / في ايه يا حازم
حازم ليطمئنها / مفيش يا حسناء , بس يلا
حسناء برعب / ماما مالها
حازم / هي تعبانه شوية بس
حسناء و دموعها بدأت تنبت علي اطراف جفونها و صوتها يحتقن / لا يا حازم , ماما ماتت صح؟
حازم / لا والله مش ماتت
اسرع نحو السياره و هو يستحثها علي الاسراع
تبعته تهرول برفقه دموعها التي بدأت في الانسياب و التدفق بشده و أنينها الذي بدأ يتزايد
انطلق حازم بالسياره و حسناء بجواره تبكي بحرقه , حاول تهدأتها كثيرا دون جدوي, تعجب بداخله , لماذا ابتعدت عنها حسناء و الآن تخشي عليها من الموت .. حقاً انها الأم
حازم برجاء/ حسناء أرجوكي اهدي , مامتك كويسه
صاحت من بين دموعها برجاء شديد / أرجوك يا حازم , لو ماما حصلها حاجه متسبنيش
نظر لها حازم بتعجب شديد , ما علاقة ذلك بهذا الكلام
حازم بتعجب/ واتخلي عنك ليه يا حسناء
تابعت حسناء برجاء/ ارجوك يا حازم اوعدني
حازم / واتخلي عنك ليه
اعادت كلامه ثانية / اروجوك اوعدني , مهما يحصل متتخلاش عني , خد عهد علي نفسك قدام ربنا يا حازم , ارجوك مهما يحصل متتخلاش عني
شعر حازم بدوار بسبب صراخها الممزوج برجائها الغريب ,والاغرب اعادتها لطلبها الغريب و اصرارها انه سيتخاذل و يتخلي عنها
وقف بجانب الطريق و قال لها بهدوء / حسناء , اهدي علشان اعرف أسوق , والله والله والله عمري ما هتخلي عنك , مش علشان طلبك ده , علشان ان مقدرش اعيش من غيرك
صاحت حسناء / خد عهد علي نفسك يا حازم
نظر حازم لوجهها الملطخ بدوعها الراجيه و قال باستسلام كي تهدأ / والله يا حسناء ما هتخلي عنك ابدا مهما يحصل و ده عهد بيني و بين ربنا
بدأت تهدأ نسبيا , فقال / ها أبدأ اسوق , علشان بتوتر و انتي بتعيطي جامد كده
قالت وهي تمسح دموعها / سوق ,
تابع قيادته للسياره و علامات الدهشه تعتري ملامحه بشده و لكن مظهر حسناء المنهار جعل يصمت و ينتظر
وصلا للمشفي , اتصل حازم علي شوقي وسأله عن رقم الغرفه
سار حازم و حسناء تتبعه و دموعها لم تتوقف لحظة , حتي وصلوا للغرفه التي ترقد بها والدتها , وجدوا شوقي بإنتظارهم خارج الغرفه و علامات غير محموده علي وجهه
عندما رأته حسناء هرولت بفزع و هي تقول / ماما فين؟
أشار لها شوقي فاندفعت تجاه والدتها
بينما شوقي أمسك بيد حازم وحثه علي ان يبقي خارجا معه
حازم بقلق/ هي مامتها مالها
شوقي بحزن / الدكاتره بيقولوا خلاص تعتبر بتحتضر
انقبضت ملامح حازم حزنا علي حال حسناء المسكينه و هو يتذكر انهيارها بالسياره فأخرجه شوقي من شروده بصوته / انا اول مادخلت شاورلتي انها عاوزة حسناء
انا اتصلت عليك و قعد بعدها معاها شرحتلها كل حاجه وقلتلها انك عاوز تكتب الكتاب فقالتلي ياريت علشان تطمن عليها قبل ما تموت
حازم / طيب اروح اجيب مأذون حالا
شوقي / انا اتصلت علي مأذون المنطقه بتاعتنا و جايلي في الطريق و اتصلت علي اخوالها و هم معاها في الاوضه , وقالتلي ان اتصل علي عمها بس نخلص كتب الكتاب و نشوف عمها
حازم / لا اتصل علي عمها , بتقول انه طيب
شوقي/ عمها عايش في تركيا , والمشكله ان مامتها كانت قاطعه علاقته بيها علشان كانت خايفه ياخدها عنده
وقف حازم بأسي و حيره فقال شوقي/ احمد ربنا يا حازم انك متأخرتش شويه و مكناش لحقنا الموقف و كانت الدنيا اتعقدت
حازم / وجوز امها جوه
شوقي و هو يهز رأسه باستنكار / جوزها راميها في المستشفي و لا حتي بيجي يسأل عنها , ولما الدكاتره قاله انها حالتها مفقودة الأمل بيدور علي عروسه و بيظبط الشقه كمان
حازم بعصبيه مكبوته / ده حيوان مش بني ادم ابدا
شوقي/ كفايه اللي عمله مع حسناء , كلمة حيوان كتيرة عليه , حسبي الله و نعم الوكيل
حازم / طيب هتصل علي ماما اعرفها علشان متزعلش , ولو تقدر تيجي
شوقي بتوتر / لا يا حازم بلاش تيجي علشان المستشفي , تبقي تباركلها لما تروحوا
قام حازم و ابتعد قليلا و اتصل علي والدته/ السلام عليكم
سناء/ وعليكم السلام , يلا يا حازم علشان نروح لنور , نوديلها الصباحيه , نرمين و ابراهيم جايين في الطريق
صمت حازم برهه بحيره ثم قال / ماما انا في المستشفي , مامة حسناء بتموت
سناء بفزع / لا حول ولا قوة الا بالله ,وبعدين هتكتب الكتاب ازاي
حازم / الاستاذ شوقي اتصل علي المأذون
سناء / طيب معلش يا حازم اختك نور قلقانه علشان مرحناش ليها , خليك انت مع حسناء و ابراهيم هيوصلنا و هبقي اجي لنور لما نخلص
حازم / ماشي يا ماما وانا هبقي اجي لنور, ومش مهم تيجي علشان المستشفي و كده و هبقي اجيب نور عندنا احسن منهاره خالص
سناء / لا حول ولا قوة الا بالله العظيم , يا حببتي يا حسناء , صعبانه عليا
حازم / ماشي ياماما و هبقي اتصل اطمن عليكم
سناء / ماشي يا حازم
أغلق الاتصال و اتجه ثانية لشوقي
حازم / طيب تعالي ندخل نشوف حسناء
شوقي / طيب ادخل و انا هستني المأذون
دخل حازم فهاله منظر حسناء و والدتها , حقا ما هي الا دقائق باقيه في عمر تلك المرأه التي تشبه الأموات اكثر من الاحياء
كانت حسناء تنحني عليها تضمها و هي تبكي بشده و تترجاها بصراخ / ماما , ارجوكي متسبنيش , هتسبيني لو حدي لمين يا ماما , ياماما انتي اخر وتد ليا في الدنيا , خليكي معايا يا ماما
اقترب حازم من حسناء بعدما صافح الرجلان الذين يشبهون حسناء في ملامحهم و يجلسون و الحزن بادي عليهم
أمسك حسناء من كتفها و قال لها / حسناء , متقلقيش انا معاكي
سمع امها تقول بحروف متقطعه / سا مح يني يا بنـ ت ي
صاحت حسناء / سامحينس انتي يا امي , والله كل اللي الكلب جوزك قاله عني كذب , والله يا ماما ما هربت و اتخليت عنك , هو اللي... ولم تستطع بعدها اخراج حرف اضافي و ظلت تبكي وتقبل والدتها و تضمها
ربتت امها علي ظهرها بوهن , ثم حولت نظرهها لحازم , تبعث له رجاءات متذلله وقالت بحروف تفهم بالكاد / خلي بالك منها
حازم و دموعه تكاد تغلبه / حسناء في عيني يا طنط , متقلقيش عليها
كانت حسناء تنتفض بشدة , نحيبها شهقاتها تعلوا وتملأ الغرفه , اخوالها حاولوا تهدئتها ولكن لا احد منهم رمي لها و لو جمله تعبر عن انهم سوف يكفلونها او يرعوها
كانت عيون والدتها الراجيه معلقه بصفحة وجه حازم ودموعها تنساب عبر عينيها حتي تتشربها الوسادة , وهو يزيدها اطمئنانا علي ابنتها
حتي وصل المأذون و أتت بعده مباشرة خالتها بعدما اتصل عليها خالها و اخبرها بتفاصيل الموضوع
جلس المأذون و جلس الباقين و بدأوا مراسم عقد القرآن
و بعد ان انتهي غادر و ترك الباقين , أعطاه حازم أجره و خرج شوقي معه يوصله و يتفق معه علي احضار باقي الاوراق المطلوبه
قام حازم من فوره و قبل رأس حسناء التي كانت تجلس بجوار رأس والدتها تبكي بصمت ثم همس بأذنها / متقلقيش يا حببتي , انت في قلبي و جوه عيني
ثم انحني و قبل رأس والدتها التي بدأت تبكي و بسمتها تعلو شفتيها
اقبلت خالة حسناء نحوها و احتضنتها بشده و هي تقول لها / ربنا يعوضك يا حسناء
و استدارت تكلم حازم / مش هوصيك علي حسناء يا ابني , ربنا يجعلك سعدها , طول عمرها بتآسي
حازم / متقلقيش يا طنط , في عيني والله
ثم سحب حازم كرسي و جلس بجوار أخوال حسناء و هو يراقبها ويراقب دموعها التي كانت تمثل له قطرات من مياه حارة تخترق قلبه و تكويه
ولكن ماذا يفعل
قال لها عبر عينيها / حبيبتي , اوعدك ان تكون تلك الدموع الاخيره التي تنبت من عينيكي, كفاكي حزنا , كفاكي ألما , كفاكي بكاءا , من اليوم سيجف بحر دموعك ليبدل بورود فرح و سعادة , وسأنتزع الحزن والخوف من قلبك و أبدله بالهناء و الطمئنينه , و سأمحي البكاء من وجهك لأبدله ببسمه تتوج ذلك الوجه الملائكي طوال حياته
و اثناء تأمله لوجهها وجدها تختطف نظره نحوه باب الغرفه ثم تصاب بذعر مباغت و تقفز من علي السرير و تندفع نحوه
قام بعدم فهم يستقبلها , فإذا بها تدخل بين ضلوعه ,وتتشبث بقميصه بشده , تتمسك به بقوه , تدفن نفسها داخل صدره اكثر و اكثر حتي كادت تنفذ داخله
لم يستوعب ما يحدث لمده لحظه حتي فوجي برجل ضخم سئ المنظر يندفع نحوها و يرفع يده ليهجم عليها و هو يقول بصوته القبيح / يا بنت ال..... كنتي فين
ضم حازم حسناء بيده اليسري بشده , رفع يده اليمني ليمسك بها يد ذلك المجرم ليمنعه من بطشه لزوجته و حبيبته وهو يضغط بعصبيه علي اسنانه و ينظر له بعينين قادحتين بالشرر وقد خمن مباشرة انه زوج والدتها
وفجأه
تجمد حازم و الرجل و هم يبحلقان لبعضهما بصدمه
ظلا جامدين , معصم الرجل حبيسه داخل قبضة حازم العنيفه , وعينونهم متشابكه بنظره متعجبه
تجمدوا و تجمد كل شئ حولهم , خمدت جميع الاصوات سوي صوت حسناء الذي بدأت تهتز بعنف داخل أحضان حازم و صوت بكائها يعلوا
كان اول من تحدث هو بيومي ( والد حازم ) قال بعدم تصديق / حازم
حازم بعدم فهم و كأن عقله لم يستوعب حقيقه ما يحدث حوله فخرج صوته ضعيفا مهتزا / با با
شعر حازم بحسناء و هي تتشبث به اكثر و اظافرها تغرس داخل لحمه حتي كادت تتخترقه و بكائها يشتد اكثر واكثر ,
كان شوقي يقف مشدودا , يحبس انفاسه داخله من شدة خوفه مما سيحدث
ابتعد والده و هو يسحب يده من بين قبضته , ثم نظر لوجوه الحاضرين الذين تحولوا لأصنام متسعة الاعين من شدة صدمتهم فقال بوقاحة / لا ده انتي طلعتي لعنه , علشان خدت شقة ابوكي تروحي تلفي علي ابني علشان تنتقمي مني
قام شوقي و صاح به / لا لا , اتقي الله يا اخي , مش كفايه اللي عملته فيها , ده الشيطان اهون منك
بدأ صدر حازم يعلو و يهبط بعنف و اصوات انفاسه المتسارعه تعلو و كأنه بركان علي وشك الانفجار
وفجأه , انتزع حسناء من بين ضلوعه و شد قبضته علي يده و سحبها وخلفه و خرج مسرعا من الغرفه
كانت تسري بسرعه , وكأنها ستجري من شدة سرعته و مشيته العنيفه التي تبدي مدي عنف ما يحدث داخله
خرج من المشفي و اتجه لسيارته , جلس بالخلف و جلست حسناء بجواره , ارجع رأسه للخف و ظل يحدق لسقف السياره بصدمه شديده لا يتكلم و لا يتحرك به شئيا سوي صدره , وحسناء بجواره لا تقوي علي نطق حرف من شدة البكاء , واطرافها بدأت تهتز و ترتعش من شدة خوفها
و بعد مده ليست بالقليله نطقت حسناء برجاء شديد / ارجوك يا حازم , والله ظلمني زي ما ظلمك ,والله و الله ما كنت اعرف انه باباك....
وضع حازم يده علي فمها ثم طوقها بذراعه و ضم رأسها بشده لصدره ليعلمها موقفه تجاهها و لكن يبدو أن صدمته أفقدته النطق
ظلت تهتز داخل ذراعه و هو يربت عليها بحنان و يضمها أكثر و اكثر
شعرت بدمعه ساخنه لامست وجهها , حاولت ان تنتزع نفسها من بين ضمته و لكنه شد ذراعه اكثر و اكثر و قال بصوت هامس / حسبي الله و نعم الوكيل
استكانت حسناء في عالمها بعدما تيقنت انه سيكون معها ضد ذلك المجرم , هدأت و ظلت تستشعر دفء قربه , تستمع لصوت قلبه و الذي تتأكد انه يهتف بأسمها و تتمني لو تعبر ذلك الصدر لتسكن داخل بعيدا عن ذلك العالم القاسي الملئ بالشر و الاشرار
ارتفع صوت هاتف حازم , فك قبضته الشديده عنها و اخرج الهاتف
نظرت حسناء له , فوجدت عينيه شديده الاحمرار و دموعه مازالت معلقه علي وجنتيه
مدت أناملها مسحتها دون ان تتكلم , نظر لها بحب عميق دون ان يتكلم , حاولت التكلم هي , ولكنها لم تستطع , فظلت معلقه عينيها داخل عينه , شعرت بنفسها تسبح داخلهما ,
التمعت عينيها بدموع حبيسه , فانحني هو وقبل جبهتها بعمق و قال لها بحنان و انفاسه تلفح وجهها / كفايه يا حسناء , كفايه دموع , طول ما انا معاكي مش عاوز اشوف دموعك تاني ,
نظرت له نظره فهم معناها مباشرة فقال بدفء بالغ و صوته بدأ يهتز / متخفيش عمري ما هتخلي عنك , حرام تدبحي مرتين بسبب والدي , انتي في قلبي و جوه عنيني يا حسناء , انتي مراتي و ام عيالي , انتي اللي هكمل معاكي باقي عمري مهما يحصل و لا يمكن اقدر استغني عنك لحظة ولا حاجه تفرقنا مهما حصل
لم تشعر بنفسها الا و هي تلقي بجسدها داخل صدره ثانية و تبكي بشده و لكن تلك المره كانت الابتسامة تعلو ثغرها والفرحة تملأ وجهها, انها دموع الفرحه
لفها بذراعها و ظل يربت علي ذراعها و هو يهمس بأذنها / متخافيش
ارتفع صوت هاتف حازم ثانية فاعتدلت و هي تمسح دموعها كي تترك له المجال للرد
رد حازم علي شوقي / ايوا يا استاذ شوقي
شوقي / حازم انت فين
حازم / انا تحت قدام المستشفي , بس مش هطلع الا لما الراجل ده يمشي
شوقي / رافض يمشي الا لما حسناء تمضي علي تنازل بالشقه
حازم / طيب هاتلي التنازل و انزلي هنا بس الاول عاوزين اوراق حسناء , شهادة الميلاد و الكليه وده كله
شوقي / طيب دقايق و هكلمك
و بعد ان اغلق حازم الاتصال نظرت له حسناء باستفهام فتنهد بحرقه و هو يهز رأسه وقال / بصي يا حسناء , اول حاجه , الموضوع ده مش عاوز ماما و اخواتي يعرفوا نهائي نهائي , تاني حاجه الاستاذ شوقي اتصل دلوقتي و بيقول انه عاوزك تتنازلي عن الشقه
حسناء بعصبيه / لا
حازم و هو يشير لها لتهدأ / يا حسناء علشان نكتفي شره و هعوضك و هكتبلك اللي انتي عاوزاه بأسمك
حسناء / الموضوع مش مجرد شقه , دي ذكري بابا , مقدرش افرط فيها
حازم / يا حسناء مادام هتجيب لنا مشاكل , وبعدين زي ماهي ذكري والدك هتفكرك بأيام صعبه مع جوز امك
صمتت حسناء تتفكر فتابع حازم / يا حسناء اهم حاجه دلوقتي اننا نفضل مع بعض , مش عاوزين شئ ينكد علينا حياتنا الجاية
أومأت حسناء دلاله علي الموافقه رغم كمية التحسر الذي تنطق به عينيها
ربت حازم علي كتفها و قال لها / هعوضك يا حببتي , اوعدك
لمحوا شوقي يأتي من بعيد يبحث عنهم و يضع هاتفه علي اذنه
وفي الحال ارتفع صوت هاتف حازم ثانية
نزل حازم من السياره و لوح له فأقبل نحوهم , وبعد ان وصل قال بتسرع / حازم , انا جبت مفتاح شقه حسناء و هاجي معاك و نطلع نجيب حاجتها و تمضي علي التنازل وعلشان تكتفي شره
حازم / وحسناء مش هتيجي معانا
شوقي / بلاش يا حازم , ابوك مطلع عليها سمعه وحشه في المنطقه
احتقن وجه حازم بعضب و زادت تجاعيد الغضب به و قال / والله لولا خايف من ربنا كنت ضربته
شوقي / يلا ربنا يهديه يا ابني و يعوضك خير , بس حسناء امانه في رقبتك يا حازم , خلي بالك منها
حازم / متقلقش و الله دي في عيني
شوقي / طيب نطلع حسناء فوق علي منروح
قاطعه حازم / لا هتيجي معانا و هتصرف انا
ركبوا السياره و انطلقوا نحو منزل حسناء , واثناء مرورهم علي احد محلات ملابس المحجبات استأذن حازم من شوقي و اصطحب حسناء و دخلوا المحل
حازم / حسناء , هنشتري نقاب تلبسيه علشان محدش يعرفك من المنطقه
حسناء بتساؤل / ليه
حازم / علشان الكلام اللي جوز مامتك مطلعه عليكي
احتقن ووجه حسناء بغضب و تبعت حازم للداخل , اشتروا مبتغاهم و ارتدته ثم عادوا للسياره
وصلوا للمنزل التي كانت تقطن به حسناء , كانت تنظر حولها اثناء ركوبها السياره , تاره تحزن بسبب اجتياح ذكرياتها الصعبه برأسها و تاره تفرح كلما تذكرت انها اخير انتهت من تلك الحياه و لكن سرعان ما تتبخر فرحتها و تغيم غمامة خوف علي ملامحها بسبب خوفها ان علمت اسرة حازم بحقيقتها
صعدوا الدرج و دخلوا شقتها , جلس حازم و شوقي في الصاله و دخلت هي غرفتها , ظلت تلملم منها اشيائها و غصة تسد حلقها بقوه
و بعدما انتهت قال لها شوقي/ معلشي يا حسناء , عارف انك كنتي ناويه انك متفرطيش في شقة باباكي , بس معلشي و ربنا عوضك بحازم احسن من مليون شقه
اومأت حسناء برأسها و لم تنطق بحرف مخافه بأن تخذلها دموعها و تخرج بصحبه صوتها
اتصل شوقي علي والد حازم و اعلمه ان ورقة التنازل بشقته و لكن عليه ان يرحل قبل ان يصلوا للمشفي فوافق
عادوا ادراجهم للمشفي و لكن شوقي استأذنهم للذهاب لعملهم , عندما وصلوا للمشفي نظر حازم لحسناء التي مازالت ترتدي النقاب
حازم / مش هتخلعي النقاب
حسناء / لا هلبسوا علطول
ابتسم حازم لها و قال/ ربنا يثبتك , ده شئ يفرحني
....................
كانت سناء تجلس مع ابنتيها بفرحه و اطمئنان في شقه نور , فقد نالت ما تمنت بأن يعوضها الله في ابنائها خير , وهاهي اطمئنت علي مستقبل ابنتيها بين ايدي رجلين صالحين
سألت نور / امال حازم فين يا ماما
سناء بقلق / مامة حسناء في المستشفي وبيقول ربنا يستر شكلها هتموت و طلبت تشوف حسناء
نور بقلق/ يا خبر , وكتب الكتاب
سناء / المحامي اتصل علي المأذون و هيكتبوه النهارده
نرمين / لا حولولا قوة الا بالله , حسناء دي غلبانه قوي , حتي فرحتها مش بتبقي كامله , والله لولا اني تعبانه كنت رحتلها
نور/ تروحيلها فين , ده انتي علي وشك الانفجار
ضحكت نرمين و هي تمرر يدها علي بطنها المتكور وقالت / اسكتي احسن والله تعبانه قوي و كل شويه يجيلي مغص جامد
سناء بقلق / نرمين , اوعي تعمليها النهارده يبقي فرح و ميتم و ولاده
ثم علت بعدها ضحكاتهم الثلاثه , قالت سناء / طيب اتصل علي حازم
اتاها صوته / السلام عليكم
سناء / وعليكم السلام , ايوا يا حازم , مامة حسناء عامله ايه
حازم / ادعيلها يا ماما
سناء / ربنا يشفيها يا ابني و يقومها بالسلامه لبنتها
حازم / يارب يا ماما , واعطيني نور اسلم عليها
سناء / حاضر.........
..................
ظلت حسناء بجوار والدتها باقي النهار بصحبة زوجها حازم وخالتها , تبكي ألمها و تدعو الله نجاتها و تترجاها ان تسامح تقصيرها , ظلت معها و كأنها تحاول التشيث بما تبقي لها من والدتها قدر المستطاع وحازم يجلس مقابلها يعتصر ألما من اجلها تاره , تاره اخري يشرد بعيدا في تلك الدنيا وتلك الاقدار التي لم يتخيلها يوما , حتي دخل الليل فأتت ممرضه و قالت / يا جماعه كده كتير قوي , انتوا موجودين طول النهار كده مينفعش
حسناء بلهفه / خلاص هفضل انا معاها الليله دي
اقترب منها حازم وقال بحنان / حسناء بلاش علشان لو جوز مامتك جه ولا حاجه , واوعدك هجيبك هنا من بدري
انحنت شفتي حسناء للأسف بحزن و قالت / ماشي
ثم انحنت تحتضن و الدتها بقوه و تقبلها و هي تبكي
و حازم يقف بجوارها , حركت والدة حسناء يدها و قبضت علي كف حازم بوهن و قالت بحروف متقطعه / امانه في رقبتك , هستلمها منك يوم القيامة , حافظ علي الامانه
أومأ حازم برأسه و دموعه تلمع داخل عينيه
قبض علي كف حسناء و اصطحبها للخارج و هي تواصل بكائها الذي بدأ من صباح اليوم
اتجه نحو منزلها , كانت الحديث القائم بينهم عبارة عن دموع حسناء و تهدأه حازم لها حتي وصلوا
دخل معها نحو منزلها و قبل ان تدخل قال لها / تعالي نقعد شويه
اتجهت معه نحو الكرسيان , وبعد ان جلسا بدقيقه قال حازم / انت عرفتي ان جوز امك هو والدي يوم ما مشيتي من الشركة صح ؟
حسناء / اه
حازم / طيب ليه مصارحتنيش يومها
حسناء / كنت خايفه من ردة فعلك
حازم بحزن / للدرجه دي يا حسناء مش واثقه بتمسكي بيكي
حسناء / وانا كنت اعرف منين ؟
هز حازم رأسه و هو يتذكر عنفه معها قبل تلك الحادثه ثم قال / طيب ليه معترفتيش بعدين
حسناء / الاستاذ شوقي حذرني علشان كده كنت مصممه امشي بعدها لأن اعتبرت دي خيانه اني اعيش معاك مين غير ما اقولك و لما خطبتني صممت اقولك و كنت هقولك بس الموقف سبقني و اكتشفت لوحدك , بس والله يا حازم انا مليش ذنب في حاجه...
قاطعها حازم / حسناء خلاص معدتش عاوز اسمع رجاءك ده , انا مش صغير , انا عارف كل حاجه وانتي اتظلمتي منه اكتر ما انا اتظلمت , وحلقه حطيها في ودنك انا مش هتخلي عندك ولو العالم كله وقف في وشي و اتحداني
تنفست حسناء الصعداء بارتياح فقال لها حازم و هو ينهض / طيب يلا يا حببتي علشان الحق اعدي علي الشركة و اشوف الدنيا ماشيه ازاي و اظبط العمل علشان هاجيلك من بدري بكره و نروح لمامتك
قامت حسناء وقالت له / ماشي
اتجها نحو البوابه , قبل ان تدخل قال لها / مش عازة حاجه يا حسناء اجيبهالك
ردت / لا شكرا
حازم / طيب اقفلي علي نفسك كويس
حسناء / حاضر و وخلي بلك من نفسك
ابتسم لها بحب وقال / حاضر هخلي بالي من نفسي علشان افضل معاكي و احافظ عليكي و اخد بالي منك
ابتسمت بخجل و هي تنظر أرضا فقال / طيب يلا , نامي كويس و بطلي عياط
أومأت برأسها فأغلق الباب و هو يترك بالداخل قلبه معها يحرسها في غيابه
.......................
كانت نرمين تجلس ممده في فيلا والدتها و فجأه / اااه
فزعت سناء و قامت نحوها و هي تقول / مالك
ضحكت نرمين وقالت / مفيش وجع وراح لحاله
سناء بتوجس/ بت يا نرمين ده شكله طلق , اتصلي علي اراهيم يجي ياخدك للدكتوره حالا بدل ما تقومينا في نصف الليل
نرمين / اهدي بس يا ام حازم
سناء / اهدي ايه و انتي بالك رايق كده , اتصلي علي جوزك
نرمين / اااااااه
سناء / هتصل انا , شكلك هتفضلي ساكته لحد ماتخلينا نجري ورا بعض
ثم قامت اتصلت علي ابراهيم / ايوا يا ابراهيم تعالي حالا مراتك هتولد
اطلقت نرمين ضحكه عاليه و قالت / ياماما هتخليه يجري
ابراهيم / تولد ؟ انا جاي حالا
أغلقت سناء وقالت / جاي في الطريق
نرمين / ااااه شكلها فعلا ولاده ولا ايه
أتي ابراهيم و قد كان الألم بدأ يشتد علي نرمين فاصطحبوها للطبيبه و بعد ان فحصتها قالت لهم / قدامها ساعتين كده و تولد
..........................
أنهي حازم ما لديه من اعمال بالشركه و عاد للفيلا في منتصف الليل , دخل يبحث عن والدته فلم يجدها , فأسرع بالاتصال عليها بقلق فردت عليه برفقه صراخ نرمين بجوارها / ايوا يا حازم
حازم / خير يا ماما انتي فين و ايه الصويت اللي جنبك ده
سناء بقلق/ نرمين بتولد و احنا معاها عند الدكتوره
حازم/ بتولد ؟ انتوا فين
عندالدكتوره في مستشفي .....
حازم / طيب اقفلي و انا جايلكم في الطريق
ثم عاد ثانيه لسيارته و اتجه للمشفي التي بها اخته , صعد اليهم و بعد ان سلم عليهم و جلس بجوارهم , كانت الحيره و القلق و الخوف تملأ وجهه بشده
جلس بينهم صامتا شاردا بملامح باهته لا حياة بها , سألته سناء / مالك يا حازم
فاق من شروده قائلا/ لا أبدا مفيش
سناء/ مامة حسناء عامله ايه
هز رأسه و قال / يارب الصبح بس يطلع عليها
سناء بأسي / ياعيني عليكي يا حسناء , وكتبت الكتاب؟
حازم / اه الحمد لله
نرمين / ااااااااااااااااااااااااا ه
قفز حازم بفزع فضحكت سناء و قالت له / اقعد اقعد انت اتفزعت ليه
حازم / طيب يلا ولدوها
الطبيبة و هي تضحك /هو بمزاجنا لسه نصف ساعه
حازم / وانتوا هتسبوها تصرخ كده
سناء و هي تضحك / ربنا يسهلها يا ابني
حازم/ الحمد لله اني راجل
ضحك جميع الجالسين عليه فقال / ربنا يكون في عون الستات
وبعد مرور ما يقرب من النصف ساعه اصطحبت الطبيبه والممرضات السرير الذي تستلقي عليه نرمين ليكرمها الله بطفل ذكر
وبعد ان افاقت نرمين التف حلوها الجميع و البشر و السعادة يملأ صدورهم , زاد عددهم فرد اضافي تحمله سناء
سمعوا صوت أذان الفجر , قام ابراهيم وحازم و ذهبوا للمسجد و بعد ان أدوا صلاتهم و اثناء عودتهم للمشفي التي بها نرمين تلقي حازم اتصالا من شوقي
قال و هو يخرج الهاتف / ربنا يستر شكل مامة حسناء ماتت
نظر للهاتف فوجد شوقي فزاد ظنه , رد بقلق/ السلام عليكم
أتاه صوت شوقي بنبره حزينه / وعليكم السلام , البقاء لله يا حازم
صمت حازم برهه وصوت والدة حسناء يدوي داخل رأسه بأخر كلمة نطقتها (امانه في رقبتك , هستلمها منك يوم القيامة , حافظ علي الامانه ) ثم رد / البقاء لله
شوقي/ حاول تعرف حسناء براحة كده علشان متنهرش
حازم / حاضر
شوقي/ وانا جبت رقم عمها واتصلت عليه بس بناته اللي ردوا و قاله انه مات من 7 سنين , بس سايب ورث بأسم حسناء
حازم و هو يتنهد / ماشي يا استاذ شوقي, الدفنه هتبقي فين؟
...........................
