اخر الروايات

رواية بين الامس واليوم الفصل الخامس والعشرين 25 بقلم انفاس قطر

رواية بين الامس واليوم الفصل الخامس والعشرين 25 بقلم انفاس قطر

            


بين الأمس واليوم/ الجزء الخامس والعشرون

+



كفاه يسكنان طوفان شعرها وهو يهمس بصوت خافت عميق النبرات: كلنا بنقوم نتوضأ ونصلي مع بعض ركعتين الحين

+



بس أول شيء أنا كنت وعدت نفسي بشي صغير من زمان..

+



ولحد الحين ماصار

+



عفراء جفت الكلمات في حنجرتها مع تلميحاته الغامضة التي لم تفهمها

+



منصور أكمل بعمق: تدرين وش وعدت نفسي..؟؟

+



        
          

                
أشوف عيونش

+



عفراء بحرج: تشوف عيوني؟؟

+



منصور يبتسم: من أول ماخذ زايد أختش وأنتي عمرش 7 سنين وعقبها بسنة ماتوا هلش الله يرحمهم..وجيتي بيت زايد

+



وأنا خاطري أشوف عيونش..

+



عفراء عاجزة عن رفع عينيها وهي تهمس باختناق خجول: وأنت شفتهم.. وواجد مهوب شوي

+



منصور بابتسامة ذات مغزى: مثل ما أنا شايفهم الحين يعني..

+



عفراء صمتت بحرج.. بينما منصور مد يده ليرفع وجهها له وهو يهمس بثقل فخم:

+



تدرين إنش من يوم أنتي بزر.. عمرش ما حطيتي عينش في عيني.. كان خاطري أشوف عيونش عدل

+



حينها نظرت عفراء له ثم عادت لتنزل عينيها وهي تهمس بخجل عميق:

+



أمي الله يرحمها كانت دايما تقول لي البنت ما تكاسر الرجّال حتى لو هو إبيها وإلا أخيها

+



وذا الشي عمره ما راح من بالي..

+



(تكاسر= تنظر إلى العين بشكل مباشر)

+



منصور همس لها بتلاعب: زين أنا أبيش تكاسريني..ارفعي عيونش خلني أشوفها يا بنت الحلال

1



عفراء لم ترد عليه.. وارتباكها يتزايد

+



ولكنها أدخلت يديها في شعرها وهي تمسك بيدي منصور الاثنتين وتبعدها عن شعرها..

+



بدت لها ضخامة كفيه لصغر كفيها مرعبة.. ومع ذلك أبعدتها وهي تقف مبتعدة

+



وتهمس بخجل: أبو زايد.. خلنا نصلي

+



منصور وقف وهو يردد في داخله (زين يا عفرا.. وين بتروحين مني)

+



رد عليها وهو بتسم: نصلي أول..

+



أنا على وضي العشا.. توضي أنتي..

+



عفراء همست بحرج: أبي لي ربع ساعة.. عادي؟؟

+



منصور جلس: خذي راحتش..

+



عفراء متوترة بالفعل.. هذا القرب الرجولي الباذخ يشعرها بالارتباك.. لا تعرف حتى كيف تتعامل معه..

+



اعتادت التعامل مع كساب وعلي كابناء.. ولا تعرف كيف يكون التصرف مع رجل من هذا القرب خارج إطار دورها كأم..

+



مسحت مكياجها.. وخلعت ملابسها.. توضأت ثم بقيت محتارة ماذا ترتدي.. لتستقر لها جلابية حرير مغربية بما أنها تريد أن تصلي أولا

+



        
          

                
تناولت سجادتها وجلال الصلاة من دولاب الملابس ثم خرجت..

+



منصور وقف حين رآها وهتف بحزم :نصلي..

+



اجابته بخفوت: نصلي..

+



وقفت خلفه وصليا.. وحينما أنهى الصلاة التفت لها ووضع يده فوق راسها ودعا بالدعاء المأثور

+



"اللهم أني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه.. وأعوذ بك من شرها وشر ماجبلتها عليه"

+



ثم ردد في داخله بعمق شفاف( صليت ودعيت الدعاء مع كل وحدة تزوجتها.. وما الله كتب لي التوفيق

+



يا الله أنك تكتبه لي ذا المرة)

+



حينما أنهى الدعاء رفع وجهها ثم ابتسم: تدرين لا عاد تحطين مكياج أبد.. ما تحتاجينه.. وانا أحب أشوف شكلش طبيعي قدامي

+



عفراء وقفت بخجل همست وهي تخلع جلالها: إن شاء الله..

+



كانت توشك على الاتجاه لأي مكان بعيدا عنه ولكنه شدها ناحيته: وين بتروحين؟؟

+



عفراء بخجل عميق: ولا مكان.. بقعد

+



وكانت بالفعل بحاجة إلى أن تجلس.. فطوله جوارها أشعرها بالضآلة

+



وإحساسها بقربه يوترها ويجعلها عاجزة عن التفكير

+



شدها وأجلسها وجلس جوارها.. ثم هتف بثقة وهو يسند كتفيه للخلف:

+



حاسة إني استعجلت عليش في موضوع العرس؟؟

+



عفراء ابتلعت ريقها الجاف ولم ترد.. منصور أكمل بذات الثقة: من يوم دخلنا هنا حتى كلمتين على بعض ما قلتيها

+



أدري إني استعجلت عليش .. وانش أكيد متوترة ومستحية..

+



بس تدرين عفرا.. ماعاد حد منا بصغير وإلا يمكن يأخذ قرار مهوب عقلاني..

+



يعني ما اعتقد إنش وافقتي علي وأنتي مترددة لو واحد في المية..

+



صح وإلا أنا غلطان؟؟

+



عفراء تهمس بصوت مبحوح: أكيد إني ما وافقت إلا وانا مقتنعة

+



أنا يا ابو زايد محتاجة بالفعل لشريك حياة

+



منصور قاطعها بفخامة: قلنا منصور..

+



ولكن عفراء لم تستطع أن تنطق اسمه مجردا لذا أكملت حديثها بذات صوتها المبحوح الجاف:

+



بس أنا طول عمري ويمكن من طفولتي وأنا أم.. ربيت مع وسمية الله يرحمها عيالها كلهم.. من أول واحد كساب وأنا عمري 8 سنين

+



        
          

                
وأنا حاسة إني أمه مهوب خالته لين علي ومزون ثم بنتي.. عمري ما كنت أنثى بمعنى أنثى

+



فسامحني لو ماعرفت أتصرف معك في البداية بالطريقة اللي ترضيك

+



حينها مد منصور اصبعه ومسح على طرف خدها نزولا لعنقها وهو يهمس بثقل خافت: هذا كله ومنتي بأنثى.. أجل الأنثى من تكون؟؟

+



****************************

+



قبل ذلك بساعتين

+



" عالية حبيبتي.. فيه عجوز تحت تقول لش عمتي أم صالح تقهوينها لين تجيش"

+



عالية تلتفت لباب غرفتها حيث تقف نجلاء وهي تخلع عباءتها بعد عودتها للتو مع نايف:

+



الحين أنتو منتظريني أرجع عشان تنطون في حلقي.. أقهوي عجوز النار.. قهويها يا بنت الحلال.. لين أخذ شاور.. وعقب يصير خير..

+



نجلاء تغمز وتبتسم : عجوز النار ذي جايه تخطب.. تعدلي بسرعة وانزلي سلمي وخلش ذوق معها..

+



أمش مادرت أنها بتجي ذا الحزة...وهي رايحة مع أمي يسلمون على جارتنا الوالدة..

+



فقالت لي خل عالية تقويها لين أجي

+



حينها قفزت عالية بمرح: والله فلة.. وأخيرا حد تذكر يخطبني..

+



خلني أروح أشوف أم المعرس لا بارك الله فيه ولا في أمه..وش فيه أبطأ الخايس..

+



ومهوب لازم أتعدل.. واجد عليها شوف خشتي..

+



عالية تقفز الدرج وهي ترى الموضوع كله من زاوية مرحة.. بينما نجلاء تهتف وراءها: لا تفضحينا في المرة تراها غريبة شوي

+



عالية تكاد تصل أسفل الدرج: أشلون غريبة لها قرون يعني... القرون أنا الحين بأطلعها لها هي وولدها..

+



عالية دخلت مجلس الحريم.. وهي ترحب بالطريقة المعتادة: ياهلا والله ومرحبا..حياش الله.. أمي على وصول مهيب مبطية

+



اقتربت من الطاولة التي وضعت دلال القهوة عليها وهي تتمعن في العجوز التي لا يكاد يظهر منها شيء

+



وهي ترتدي قفازات سوداء.. وتلبس نظارات عريضة وسميكة جدا فوق برقعها

+



عالية همست لنفسها بصوت خافت: شكلها عميا مرة وحدة.. الله يستر لا يكون ولدها مثلها

+



ثم أردفت بصوت عال: أشلونش يمه؟؟ أشلون صحتش؟؟

+



ولكن العجوز لم ترد عليها مطلقا....عالية صبت لها فنجان قهوة ومدته لها وهي تستغرب أن العجوز لم تتحدث مطلقا..

+



        
          

                
العجوز وضعت الفنجان على الطاولة الصغيرة أمامها..

+



ثم شدت عالية لتجلسها جوارها.. عالية اُحرجت من تصرف العجوز ومع ذلك بقيت جالسة جوارها

+



ولكن ما لم تحتمله مطلقا أن العجوز بدئت في تحسس جسدها بطريقة محرجة..

+



حينها تفجر غضبها وقفزت وهي تصرخ بغضب:

+



أنتي شتسوين؟؟ لا تكونين قاعدة تستكشفيني لولدش..

+



برا.. يا الله اطلعي برا.. لا بارك الله فيش من عجوز

+



العجوز مدت عصاها وضربت عالية بخفة على فخذها.. عالية حينها صرخت بغضب:

+



لولا إنش عجوز كبر جدتي وفي بيتنا و إلا والله لا تشوفين شي عمرش ماشفتيه..

+



أنهت جملتها واتجهت للباب.. لتفجع أن الباب انغلق عليهما..

2



التفتت ناحية العجوز.. لتجد العجوز تتقدم ناحيتها بظهرها المنحني تلوح بعصاها

+



عالية صرخت: قسما بالله منتي بصاحية.. ياعجوز روحي وراش.. تراش منتي بمستحملة كفين.. خايفة من الله تموتين في يدي..

+



ولكن العجوز استمرت في التقدم لتهرب عالية منها ورعبها بدأ يتصاعد لأنها ايقنت العجوز يستحيل أن تكون طبيعية

+



بدأت سلسلة من المطاردات عالية تركض والعجوز خلفها وهي تضربها بالعصا كلما تمكنت منها..

+



وعالية تصرخ برعب حقيقي: يمه.. نجلا.. افزعوا لي..

+



كانت عالية على وشك أن تصعد فوق طرف الأريكة حتى تصعب على العجوز الوصول لها

+



لكن حينها لمحت ساقي العجوز التي رفعت عباءتها لتصعد خلف عالية

+



كانتا ساقين ناعمتين مصقولتين ناصعتي البياض..

1



حينها نزلت وهي تغافل العجوز لتشد البرقع عن وجهها..

+



لتنفجر سميرة ضاحكة وهي تهتف بين ضحكاتها الهستيرية: عادي يا بنت الحلال تكفير عن مقالبش فيني أنا واختي طول ذا السنين

+



وعلى إنش طولتي لسانش علي أنا ورجالي..

+



عالية بدأت تضربها وهي تضحك بصوت عال: صبيتي قلبي.. جعل رجالش يطلقش..

+



وحينها فُتح الباب لتظهر نجلاء التي كانت تسمع عبر الباب وهي تضحك أيضا بشكل هستيري: ها أكيد انبسطتوا.. خوش مقلب ياهل المقالب

+



        
          

                
عالية تضحك ووجهها احمر من كثرة الضحك: أنا التالية ما تقعد فيني.. إذا مارديتها دبل فأنا ما أنا بنت خالد آل ليث..

+



سميرة مازالت تضحك : لا تكفين.. مافيه دبل لذي إلا لو أنتي ناوية تذبحيننا

+



حينها التفتت عالية لسميرة وهمست برجاء لطيف شفاف: منتي بزعلانة علي.. صح؟؟

+



سميرة ابتسمت: لا.. خلاص.. تعرفينني أنسى بسرعة

+



عالية حينها همست بضيق عميق: بس أنا زودتها..زودتها واجد بعد.. بس والله من غلاش عندي.. آجعني الموقف كله

+



نجلاء تهمس بمودة: خلاص من غير عتب.. يالله اطلعوا لغرفة عالية.. وأنا بأروح أسوي لكم خوش عشا

+



المهم لاعبوا عيالي وونسوهم معكم

+



*******************************

+



"ماشاء الله طولتوا في السهرة؟؟"

+



انتفضت وهي تسمع صوته الساخر وتراه جالسا على الأريكة ممدا ساقيه الطويلتين على طول الأريكة

+



قالت بهدوء وهي تشيح بنظرها عنه وتتجه لدولابها: غانم توه جا وخذ سميرة..

+



تناولت بيجامتها واستحمت لتصلي قيامها.. وهو مازال جالسا على نفس الوضعية

+



صالح أصبح مخلوقا غريبا بالنسبة لها.. أصبحت تشعر بعدم الأمان الفعلي

+



فهي تجهل هذا الرجل الصامت المثقل بالغموض

+



لا يشبه أبدا الرجل الذي عاشت معه ما يقارب عشر سنوات

+



باتت عاجزة عن التفكير.. لأنها لا تعلم كيف ستكون نتائج التفكير

+



سابقا كانت حينما تتصرف تصرفا ما.. كانت تتوقع تماما ردة فعل صالح..

+



ولكن الآن ردات فعله غير متوقعة مطلقا..

+



سابقا حينما كانت تغضب منه.. وتنام وهي توليه ظهرها.. كان يشدها ناحيته وهو يهمس لها بعمق عاشق:

+



حتى لو زعلانة علي.. نامي على ذراعي.. تبين تعذبيني بزعلش وبعدش.. كفاية علي عذاب واحد..

+



ولكن هذه الأيام هاهي تنام جواره.. ويبدو كما لو كان لا يشعر بوجودها مطلقا..

+



يظل معتصما بطرف السرير.. حتى ينهض لصلاة الفجر ثم يعود ليتمدد قليلا حتى يحين موعد ذهابه لعمله

+



ثم لا يعود بعد ذلك إلا ليلا..

+



حينما رسمت مخططها الفاشل مع سميرة.. كانت ستعذب صالح بالصد والبرود بينما هو سيظل يرتجي ويتودد

+



        
          

                
ولكنها لن تلين حتى يشعر بفداحة الذنب الذي ارتكبه في حقها

+



ويجعله هذا الأمر يفكر كثيرا قبل أن يكرر ذات التصرف

+



ولكن لا شيء من هذا حدث.. فالمخطط انهار من أساسه لأنه رُسم من أجل صالح القديم.. ولكن هذا الصالح المريب مجهول التصرفات تماما

+



مثلما فعل الآن وهو يتجه للنوم دون أن يقول لها حتى (تصبحين على خير)

+



نجلاء تنهدت بحيرة وهي تتجه لتتمدد جواره وتغرق في أفكارها الخاصة..

+



****************************

+



" يا أبو زايد قوم.. ماعاد باقي على صلاة الظهر إلا ساعة "

+



وصلها صوته الناعس العميق: قلنا منصور..

+



عفراء بحرج: قوم الله يهداك.. يا الله تلحق تتريق وتتوضأ وتروح للصلاة

+



منصور يفتح عينيه بتثاقل وهو يبتسم: الذنب ذنبش انتي اللي سهرتيني لين صلينا الفجر

+



عفراء تراجعت بحرج: أنا؟؟

+



منصور بذات الابتسامة: إيه أنتي.. وش ذا الهذرة اللي عندش كلها؟؟

+



تقولين صار لش سنين محرومة من الكلام

+



حينها ابتسمت عفراء: والله أنت اللي تسأل وأنا كنت أجاوب بس..

+



ابتسم منصور وهمس بغزل رائق: أحلى ابتسامة في أحلى صبح مر علي بحياتي كلها..

+



عفراء تقوم من جواره وهي تهمس بعذوبة: يكونون يعلمونكم النصب في العسكرية..

+



شدها ليعيدها جواره وهو يعتدل جالسا: علمونا أشياء واجد.. بس النصب مهوب من ضمنها..

+



ثم أردف وهو يحتضن كفها: تبين نسافر مكان؟؟

+



عفراء ردت بحرج رقيق: لا طال عمرك.. الحين ماباقي شيء على نهاية الفصل

+



أبي أخلص مع طالباتي..

+



ثم عقب لو ماعندك مانع.. أبي اسافر لبنتي إذا دكتورتها قالت إن حالتها تسمح

+



تصلبت يد منصور التي تحتضن كفها..وهو يستعيد شرطها الوحيد للموافقة عليه..

+



البارحة تحدثا كثيرا وحدثته عن ابنتها مطولا.. بدت له ابنتها مدللة وعنيدة وبها كم كبير من الأنانية

+



رغم أن عفراء كانت تتكلم عنها بحنان شاسع وهي تحاول إظهارها الابنة الأفضل في الكون

+



        
          

                
ولكن لم يفت ذكاءه التقاط الإشارات بين السطور

+



لا يعلم لِـمَ تصاعد قلق مر في روحه.. أ يعقل أن ابنتها قد تطلب مثل هذا الطلب؟؟

+



والمأساة أنه وافق طلبها ووعدها به..

+



ولكنه لأول مرة يشعر بالراحة مع مخلوق ما كما يشعر به معها

+



بها كم حنان مهول.. وقدرة هائلة على الاحتواء

+



ورغم أنه لم يعتد عليها بعد.. ولكن بدت له فكرة خسارتها.. غير مقبولة أبدا

+



طوال حديثهما الطويل البارحة كان رأسه يتوسد فخذيها.. بدت له محرجة من جرأته وتحاول التفلت..

+



ولكنه لم يسمح لها بالافلات أو الابتعاد وهو يحاصرها بلمساته وبأسئلته

+



كان يستحثها أن تتحدث بأسئلته التي لا تتوقف عن كل شيء في حياتها.. ابنتها أبناء شقيقتها.. عملها..

+



كان يشعر كما لو كان يعاني العطش طوال عمره.. ثم وجد نبعا متدفقا من الماء الأصفى والأعذب في الكون

+



طريقتها في الكلام تصب في عمق الروح بحنانها واحتواءها..

+



شعر أنه مستعد أن يعيش حياته كلها رأسه في حجرها.. مكتفيا بالاستماع لأحاديثها وتنفس عبق أنفاسها من قرب

+



عفراء همست له باستغرابخجول : منصور أشفيك؟؟

+



منصور شدها ليدفنها بين أضلاعه ثم همس في أذنها بعمق فيه نبرة حزن لا يعلم لها سببا: أول مرة أدري إن اسمي حلو كذا

3



***********************************

+



"صباح الخير ياحلوة"

+



مزون تنظر لعلي وتبتسم: الله يحلي أيامك

+



علي يجلس وهو يضع غترته بحرص على الأريكة حتى لا تتجعد ثم يهتف بتساؤل: وين أبي وكساب؟؟

+



مزون أجابت وهي تسكب له فنجانا من القهوة: إبي طلع من بدري.. وكساب توه طلع من شوي..

+



ثم أردفت بألم: ماشرب إلا فنجان قهوة هو اللي صبه لنفسه

+



وزين إنه سلّم على الكرسي اللي كانت قاعدة هنا..

+



علي يربت على كتفها ويهتف بحنان: مسيره يرضي.. تعرفين يباس رأسه..

+



مزون بألم: تعبت ياعلي من ذا الوضع.. الطيران وخليته.. وسجلت في شيء جديد.. أبي أعرف وش عاد اللي مزعله مني

+



        
          

                
والله العظيم تعبت أدور رضاه وهو يتمنن به علي..

+



شكلي بأموت وهو ما رضى..

+



علي يحتضن كتفيها ويهتف بذات حنانه الخالص: بسم الله عليش.. صدقيني بيرضى.. ولو ما رضى هو الخسران

+



حد يلقى له أخت مثلش ويزعلها.. والله ماعنده سالفة..

2



مزون تسند رأسها لكتفه وهي تحتضن خصره وتهمس برجاء عميق:

+



تكفى علي وأنت بعد كفاية هربان منا... هذا أنا خليت اللي كان مزعلك مني أنتي بعد

+



تكفى علي أنا محتاجتك جنبي.. كفاية علي اللي كساب يسويه فيني

+



علي يشدد احتضانه لكتفيها ويهمس بعمق: يصير خير ياخيش.. يصير خير... ادعي بس الله يسهل

+



*********************************

+



" أنا باروح أتوضأ ماعاد باقي على صلاة الظهر إلا شوي

+



جهزي محضر اجتماع بكرة لين أجي"

+



فاطمة تستوقف كاسرة وهي تقلب اوراق في يدها: لا تروحين الحمام.. الحمام بابه خربان

+



قبل شوي تسكر علي.. ماحد فتحه إلا البوي الفراش مستخدم سكين..

+



كاسرة تقف لترتدي نقابها وتهتف بثقة: عادي لو تقفل علي.. ناديه يفتح لي..

+



وكلمي حد من تحت يجي يصلحه..

+



فاطمة تهز رأسها وهي مشغولة بالورق أمامها.. مرت عدة دقائق قبل أن تبدأ بشم رائحة دخان.. استغربت ولكنها لم تهتم

+



ثم دقيقتين أخريين قبل أن تسمع جرس الأنذار وسماح تقتحم عليها الباب وهي تصرخ بجزع: المبنى يحترق.. يا الله بسرعة..

+



فاطمة قفزت وكل ما يشغل بالها كاسرة.. ارتدت هي أبضا نقابها على عجل وهي تركض لباب الحمام الخاص الموجود بجانب مكتبهم

+



كانت ترى الجميع ينزلون ركضا والطابق يكاد يخلو

+



صرخت برعب وهي تطرق الباب بهستيرية: كاسرة.. كاسرة.. كـــاســـــرة

+



كاسرة همست بهدوء مستغرب: وش ذا الإزعاج اللي برا.. وش فيش روعتيني.. توني خلصت وضي الحين

+



خلني لين ألبس عباتي

+



فاطمة بدأت تبكي وهي تحاول فتح الباب وتصرخ: كاسرة المبنى يحترق.. بأروح أدور حد يفتح الباب

+



حينها صرخت بها كاسرة بحزم: لا تدورين حد.. انزلي بسرعة.. أكيد المطافي على وصول..

+



        
          

                
فاطمة ركضت تدور بين المكاتب ولم تجد بالفعل أحد..

+



توجهت للمطبخ وأحضرت لها سكينا وبدأت تحاول معالجة قفل الباب وهي تصرخ وتكح: كاسرة أنا هنا

+



الحين بافتح الباب..

+



كاسرة تصرخ بها بانفعال: أقول لش روحي.. أنا صرت أشم الدخان قريب.. أنا مسكر علي في حمام مهوب جايني شيء إن شاء ربي

+



بس انتي في الممر.. والله إن قد تروحين.. حلفت.. يالله روحي

+



فاطمة تعالى نشيجها وهي تحاول فتح الباب وتكح من رائحة الدخان بعد أن انتقل الحريق من الطابق الثالث للثاني حيث مكتبهم

+



كاسرة تصرخ بها بانفعال أشد: فاطمة والله العظيم لو مارحتي الحين إنه عمري في حياتي كلها لساني ما يخاطب لسانش

+



يا الخبلة عندش ولدين.. تبين ترجعين لهم ميتة وإلا محترقة..

+



كاسرة سكبت على نفسها الكثير من الماء وجلست في الزاوية على الارض

+



وهي تحاول الاعتصام بالجَلد ومنع الرعب من التسلل لقلبها الذي تعالت دقاته بشكل هستيري خوفا وجزعا..

+



وهي تهتف في داخلها بلوعة حقيقية :

+



" أشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله

+



يا ربي لو كان ذا آخر يوم عمري

+



موتني مختنقة.. لا تموتني محترقة

+



لا تفجع أمي فيني بذا الفجيعة!!"

1



بينما فاطمة بدأت تنشج بهستيرية وهي ترمي بالسكين وتنزل راكضة للاسفل لتجد أن الحرق انتقل للسلم وتلسع يدها من النار وهي تركض للخارج

+



حين رأت رجال الأطفاء بدأت تصرخ فيهم بهستيرية: فيه وحدة متسكر عليها في الطابق الثاني

+



الإطفائي يصرخ بحزم: الطابق الثاني الحين انتقل له الحريق.. احنا الحين بنطفي الحريق.. وخبير اقتحام الحرايق الحين على وصول

+



فاطمة لم تشعر بنفسها إلا وهي تهزه بعنف وتصرخ: يعني تبونها تتفحم لين يأتي خبيركم ذا

+



الرجل يزيحها جانبا: مايصير إلا خير.. هذا هو على وصول

+



****************************

+



قبل ذلك بدقائق

+



كساب في سيارته متوجها لشركته.. رأى الدخان المتصاعد من المبنى الذي عرفه فورا.. مكان عمل زوجته

2



وفي وقت الدوام الرسمي أيضا..

+



أوقف سيارته بعيدا لأنه رأى ازدحام الشارع بالسيارات المتوقفة.. وركض متجها للمبنى دون تفكير..

+



إحساس فطري بالشهامة والمسؤولية

+



حاولوا منعه من الاقتراب لكنهم لم يفلحوا وهو يتعرف على السيدة التي كانت تبكي بهستيرية..

+



يتوجه لها بحزم ويسألها بنبرة أقرب للأمر العالي النبرة: شاللي صار؟؟ وفيه حد باقي فوق؟؟؟

+



فاطمة حينما تعرفت على صاحب الصوت تعالى صراخها: كاسرة فوق تقفل عليها الحمام.. وهم يقولون ينتظرون خبير يطلعها

+



والحريق وصل للطابق اللي هي فيه... بتموت.. بتموت

+



حينها صرخ فيها كسّاب بحدة: وين الحمام؟؟

+



فاطمة وهي تشهق: جنب مكتبنا على طول..

+



كساب توجه للمبنى وهو يركض.. حاول رجال الإطفاء منعه ولكنهم لم يستطيعوا أبدا إيقافه.. أوتثبيته في مكانه

+



لم يكن لكون كاسرة زوجته أي اهتمام عنده.. ربما لو قالوا له أن هناك قطة في الأعلى لصعد لإنقاذها

+



هناك روح تحتاج للإنقاذ ولن يتوانى هو عن تقديم المساعدة

+



وخصوصا ان الموضوع كان هينا بل غاية في السهولة بالنسبة له وهو يدرس احداثيات المبنى ومعطيات المهمة في عقله بسرعة فائقة..

+



مبنى من ثلاثة طوابق.. بدأ الحريق في الطابق الثالث وانتقل للثاني ولجزء من الاول.. وهناك ضحية محتجزة في حمام في الطابق الثاني

+



( مهمة غاية في البساطة..)

+



صعد متحركا بدقة وهو يدرس هندسة المبنى مع حركته البارعة..

+



فهناك أماكن تتأثر بالحريق أكثر من غيرها.. لذا كانت حركته مدروسة..لا تردد فيها

+



وهو يتجاوز الأماكن التي يعلم أنها قد تنهار..

+



لسعت النار أطراف ثوبه وغترته ولكنه لم يصب مطلقا

1



وهو يقفز ببراعة مذهلة من مكان لآخر ليصل في دقيقة واحدة لباب الحمام

+



ويخلع قفله بركلة واحدة..

+



#أنفاس_قطر#

+


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close