رواية بين الامس واليوم الفصل الثاني والعشرين 22 بقلم انفاس قطر
بين الأمس واليوم/ الجزء الثاني والعشرون
+
صحى منذ دقائق ولكنه لم يفتح عينيه بعد.. رائحة عطرها تغمر الاجواء
+
كم يبدو هذا الصباح مختلفا..اختلافا جذريا عن نهاراته السابقة!!
+
نهار معطر كعطرها!!
+
البارحة حين أنهت وصلة بكائها.. قامت وأتمت جنون تنظيفها.. بينما تمدد هو على سريره بعد أن صلى قيامه
+
لينخرط في مراقبتها بنهم.. ظلت عيناه تتابعان حركتها الدؤبة.. ارتعاش شفتيها.. توتر أناملها..
+
يحفظها.. يحفظ كل ردات أفعالها
+
يجيد قراءة حتى لغة جسدها.. نظرات عينيها.. ارتعاش يديها.. ومعنى كل حركة..
+
غفا بهدوء على صورتها تكحل أهدابه.. لم ينم نوما هادئا كما البارحة رغم ضجيج التنظيف فوق رأسه..
+
ورغم صراخها السخيف (اعتبرني غير موجودة)
+
وحين صحا لصلاة الفجر وجدها أنهت التنظيف وتستحم .. توضأ في حمام المجلس.. وذهب للصلاة..
+
وحين عاد كانت قد صلت وغفت على الاريكة
+
بعد أن تركت له نورا خافتا بالقرب من السرير.. وأغلقت بقية الأضواء
+
تمنى لو يحملها من مكانها ليضعها على السرير..
+
"أ بعد أن قضت ليلتها في أعمال شاقة تنام هذه النومة غير المريحة ؟!
+
لولا أنني أخشى أن تثور وإلا لكنت حملتها لتنام هي السرير
+
وأخذت أنا مكانها
+
ولماذا أغلقت الأنوار؟؟ أتريد أن تحرمني من رؤية حسنها الغافي؟!"
+
اقترب منها قليلا.. يتمعن فيها بولهه الشاسع المصفى.. وفق ماسمح له الضوء الخافت البخيل
+
ملامحها الرقيقة المسترخية بهدوء
+
سلاسل الذهب المبلولة تغفو على مخدتها
+
"المجنونة تبي تمرض.. ماحتى قفلت التكييف"
+
توجه ليطفئ التكييف.. وهو يشعر برعب أن تكون التقطت بردا من بقاءها في جو التكييف بعد خروجها من الحمام
+
يخشى عليها تماما مثلما يخشى على طفلته الصغيرة
+
كان دائما ينهرها ألا تستحم وتخرج في التكييف..
+
وخصوصا أنها سبق أن أصيبت بنزلة شعبية ألزمتها المستشفى عدة أيام بعد زواجهما بعامين..
+
وما زالت ذكرى مرضها ترعبه
+
فلطالما كان حنونا معها لأبعد حد.. بل لحدود قد تتجاوز المخيلة
+
"فلماذا يانجلا لم يبق لي في ذاكرتكِ سوى ذكرياتي السيئة
+
لماذا لم تعودي ترين سوى صالح المثقل بالعيوب
+
أ لم يشفع لي أي شيء عندك؟؟؟"
+
كل هذا يعبر ذاكرته وهو مازال مغلق العينين يشتم رائحة عطرها أو ربما خياله من صور له ذلك
+
لأن ذكرى عطرها سكنت كل خلاياه بتمكن انغرز في كل خلية
+
فكلما ماكان يحتاجه هو معرفته بوجودها.. لتنثر مخيلته رائحة عطرها في الاجواء
+
فتح عينيه.. وهو يتوقع أنها مازالت نائمة..ولكنه فوجئ أنها غير موجودة..
+
شعر بالرعب يجتاحه.. أين ذهبت؟؟ أ يعقل أنها غادرت وعادت لبيت والدها
+
تنهد وهو يسترخي قليلا.. فهو يعرف أن نجلاء عاقلة.. ويستحيل أن تفعلها..
+
لذا استحم وأرتدى ثيابه ليتوجه لعمله.. وجدها في الاسفل تتولى مسئولية صب القهوة لعمها وعمتها..
+
تسللت الإبتسامة لروحه قبل شفتيه.. أ لم يقل أن هذا الصباح مختلف؟!!
+
يكفي وجودها في المكان لتضفي ألقها عليه..
+
انحنى يقبل رأس والده ووالدته وهو يلقي عليهم السلام...
+
أبو صالح وجه الكلام له بحزم: انا ماني بناشد وش سبة زعلكم اللي فات.. سالفة وانتهت الله لا يعودها
+
بس قوم حب رأس أم خالد قدامي ذا الحين.. وأحلف لي ماعاد تزعلها في شيء
+
صالح بابتسامة عريضة: حاضرين نحب رأس أم خالد.. وأحلف قدامك ماعاد أزعلها بشيء
+
نجلاء انتفضت وهي تقف بحرج رقيق: لا ياعمي طالبتك.. والله ما تخلي أبو خالد يدنق على رأسي.. محشوم..
1
والله لا يجيب الزعل.. سالفة وانتهت على قولتك.. وإن شاء الله إن أبو خالد ماعاد يعيدها
+
قالت جملتها الأخيرة وهي تنظر لصالح بشكل مباشر نظرة مقصودة
+
بينما صالح المبتسم أجاب بنبرة ذات مغزى: حرمنا... بس عطينا فرصة
+
*************************************
+
مستغرقة في نومها.. صحت على أنامله الحانية تمسح خصلات شعرها وتشدها بخفة:
+
سمور قومي.. ماقدرت أنام وأنا ما تكلمت معش... وميت من التعب لي يومين مواصل.. قومي كلميني
+
سميرة تقفز من نومها جالسة وهي تمسح وجهها وتهمس بخجل: دقيقة بس.. أبدل وأغسل وأجيك
+
غانم يجلس على طرف السرير ويهتف بتعب: من متى تستحين يعني؟؟ مهوب أول مرة أشوفش متشنقطة ببيجامة
+
اقعدي ما أقدر أنام وأنا ما تكلمت معش
+
سميرة جلست وهي تعتدل جالسة وتشد طرف اللحاف على ساقيها حتى لا يظهر بنطلون البيجامة القصير قليلا وتهمس بتردد خجول:
+
أنت بعد زعلان علي عشان وافقت على تميم..؟؟
+
غانم يتنهد بحزم: ماني بزعلان.. خايف أنه أنتي تكونين منتي بمقتنعة..
+
سميرة ردت بحزن عميق وأثر بكاء الليلة الماضية واضح على أجفانها المنتفخة: المشكلة إني مقتنعة .. والله العظيم مقتنعة
+
بس الكل يحاول يقنعني إني ماني بمقتنعة وأني قررت بدون تفكير... والله العظيم ياغانم أني مقتنعة فيه
+
لذا الدرجة شايفين تميم مليان عيوب الواحد مايقدر يعيش معها.. والله ماشفت فيه عيب
+
حتى إنه ما يسمع ويتكلم شايفتها أنا ميزة مهوب عيب..
+
أردفت وهي تحاول أن تبتسم بفشل: كفاية أنا أتكلم نيابة عني وعنه..
+
غانم مسح على شعرها وهتف بحزن مشابه يخفي خلفه عدم اقتناعه: أنا ما أبي لش إلا الزين..
+
وحن مجتمعات عقولنا قاصرة.. عاجزين نستوعب نقص البشر
+
مع إن فيه ناس تكون عيوبهم أكثر بكثير من عيب تميم لكن حن نغض البصر عنها..
+
أنا ماأبي إلا سعادتش.. ودامش مقتنعة.. خلاص يأخيش.. ألف مبروك
+
قالها وهو يدني رأس سميرة منه ليقبل جبينها.. حينها تعلقت سميرة بجيبه وهي تنخرط في بكاء حاد وتدفن وجهها في عنقه
+
غانم هتف بقلق: ها وأشفيش بعد.. توش تقولين مقتنعة فيه
+
سميرة تشهق: نجلا زعلانة علي.. تكفى غانم كلمها.. لو هي سافرت وأنا ما شفتها والله لا يصير لي شيء.. والله لأموت..
+
تكفى كلمها.. تكفى
+
*************************************
+
تكاد تنهي يومها الدراسي.. مرهقة تماما.. مستنزفة لأقصى حد..
+
تحاول تعويض طالباتها عن أيام غيابها وخصوصا مع موعد الامتحانات الذي اقترب كثيرا
+
تسترخي على مقعدها في مكتبها بالمدرسة الخالي من زميلاتها في هذا الوقت
+
وهي تتناول هاتفها لتتصل بخليفة
+
رغم أن المسكين صحا من نومه على اتصالها.. تشعر أن طاقتها في المقاومة توشك على النفاذ
+
تريد أن تسمع صوتها فقط..يأكلها الشوق واللهفة لهمسات صغيرتها
+
ولكن لأنها تتصل بداليا.. فداليا حذرتها من ذلك.. لأن جميلة تتحسن.. وبدأ أكلها بالتحسن وهي تتقبل وضعها بصعوبة
+
وهي دائمة السؤال عن أمها.. لذا يجب إبعاد جميع المؤثرات التي أدت بها إلى هذه الحالة... وعفراء على رأس هذه المؤثرات..
+
تنهدت وهي تنهي اتصالها مع خليفة.. الذي أخبرها كالعادة بكل مافعلته جميلة منذ صحت من نومها حتى الآن..
+
وهي تتصل كان هناك خط آخر على الانتظار ولكنها لم تهتم للنظر له..
+
حين أنهت اتصالها.. نظرت للمكالمات التي لميردعليها.. كان المتصل هو منصور ولثلاث مرات..
+
تنهدت بعمق وهي تقول في داخلها: (يامن شرى له من حلاله علة..) هذا وش الفكة منه
1
حينما أعاد الاتصال ردت عليه وهي تهمس باحترامها الطبيعي: هلا حيا الله أبو علي..
+
منصور باحترام بارد: حيا الله بنت محمد
+
عفراء بذات أدبها الرفيع: أشلونك طال عمرك في الطاعة..؟؟
+
منصور رد عليها ببرود فيه نبرة غضب: على ذا الذرابة والأدب اللي عندش..
+
مفروض شفتيني اتصلت مرة والثانية.. تسكرين الخط الزفت اللي معش وتردين علي..
+
عفراء تنهدت بعمق وهي تحاول تغذية عروقها بالصبر: أول شيء أنا كنت أكلم رجّال بنتي..
+
الشيء الثاني السموحة لأني مادريت إنك أنت اللي على الانتظار
+
الشيء الثالث أعتقد أنه في الاتصال اللي فات قلت لك مافيه داعي تتصل مرة ثانية..
+
منصور بحزم: خلصينا من سالفة التلفونات.. حتى أنا كارهها.. كني صبي مراهق.. عيب يا بنت محمد ذا التنقيعة اللي أنتي منقعتني..
+
عفراء بدهشة: أنا منقعتك؟؟
+
منصور بحزم: إيه وانا أنتظر ردش..
+
عفراء باستغراب: أعتقد إني قلت لك ردي من المرة اللي فاتت..
+
منصور بحزم أشد: وأنا ما اقتنعت فيه وعطيتش فرصة تفكرين..
3
عفراء بهدوء: على كذا يأبو علي أنت اللي منقع روحك بروحك.. لأنك أقنعت نفسك بشيء ماصار
+
منصور بثقة متمكنة: اول شيء أنا أحب ينقال لي أبو زايد..
+
وثاني شيء أنا أعرفكم يا النسوان.. عودكم مهوب على أول مركازه.. كل يوم برأي..
+
عفراء بسخرية مبطنة: ما تفرق أبو علي أو أبو زايد دامك ما تبي حد منهم يأتي أصلا
+
وثاني شيء أنا عودي على أول مركازه ورأيي واحد..
+
(العود على أول مركازه= مثل يعني الاصرار على الرأي)
+
تنهد منصور بحزم شديد وهو يسألها: تردين شيء في ديني وإلا أخلاقي؟؟
+
عفراء بجزع عفوي: حاشاك.. تكرم
+
حينها ابتسم منصور لنبرتها العفوية: أجل خلاص مالش حق ترديني..
+
يا بنت الحلال جربيني.. يعني مهوب لذا الدرجة سيء.. ممكن أني أتعاشر وأخذ وأعطي.. ماني بوحش يعني
+
عفراء بهدوء أخفت خلفه إحساسها بالغيظ منه:
+
شنو أجرب ذي يأبو زايد..الظاهر عادي عندك الطلاق.. جربته قبل واجد..
+
لكن وحدة في عمري إذا الزواج صعب عليها...فالطلاق أصعب بواجد
+
منصور بحزم: ما اشين فالش.. والله المرة اللي هي تسبب بالطلاق عى روحها..
+
عفراء بحزم مشابه: والمفروض إن الرجال يكون عاقل وما يماشي المرة في خبالها إذا هي استخفت..
+
منصور بأمر حقيقي: وافقي علي وجربيني.. وإذا كان طيش الشباب غرني أول.. فانا الحين ماعدت مثل أول.. أوعدش ما تشوفين مني إلا خير
+
عدا أمرين.. كثرة عزايمي ما تناقشيني فيها.. ولا سالفة العيال..
+
عفراء تكاد تجن منه: الحين أنا وافقت عشان تقدم شروطك بذا الطريقة..؟؟
+
إذا على العزايم المرة اللي ترد رجالها من الكرم مافيها خير
+
لكن أنت مقصدك أنك بتكون مشغول بعزايمك ومجلسك حتى عن التزامك بمرتك
+
منصور بثقة حازمة: أنا واحد سيده وما اعرف ألف وأدور.. وش تقولين؟؟
+
عفراء تنهدت بعمق..
+
لو فكرت بموضوعية.. فمنصور ليس مطلقا بالفكرة السيئة.. فهو بالفعل مطمع للكثيرات..
+
بدت لها الفكرة مغرية بل شديدة الأغراء..أن تحصل هي على هذا الرجل الاستثنائي رغم كل عيوبه..
+
أن تجرب أن تحيا حياة جديدة.. أن تعيش تجربة الزواج التي لم تعشها فعلا..
+
أن تجرب أن تعيش من أجل نفسها مع رجل تعلم أنه سيكون سندا قويا لها في مقبل حياتها..
2
فحياتها أضحت خالية تماما بعد غياب جميلة عنها.. جميلة التي كانت تستهلك منذ مرضها الأخير وقتها بالكامل
+
لِـمَ لا تفكر في الموضوع؟؟ لتفسح لنفسها مجالا أن تفكر بعيدا عن إصرارها السابق على الرفض؟؟
+
فهي فعلا لم تفكر..إنما قررت أن ترفض كما كانت ترفض طوال عمرها الفكرة دون نقاش..
+
ولكنها لم تنتبه أن ظروفها ماعادت كالسابق.. تغيرت بالكامل.. ابنتها تزوجت.. وبالتاكيد أبناء شقيقتها سيتزوجون..
+
عدا أنها بالفعل أصبحت تشعر برعب عميق ووحشة أكثر عمقا من بقاءها لوحدها..
+
كساب وسيتزوج قريبا جدا.. فهل تعود للبقاء في بيتها وحدها مع ذكريات الرعب والوحدة؟؟
+
نفضت رأسها بانفعال وهي تحاول أن ترد عليه بهدوء: خلاص عطني فرصة أفكر وأعطي ردي لكساب..
+
منصور بأمر حازم غاية في الصرامة: الليلة تردين علي أنا... وكسّاب ماله دعوى.. الرد يوصلني أنا ما أبي وسيط بيننا..
+
********************************
+
"شعاع بطلي الباب... قسما بالله بأذبحش"
+
صراخ جوزاء الغاضب يتعالى.. بينما بكاء حسن يتعالى وهو يشد ثوبها باكيا: أبي صورة بابا
+
شعاع تهتف بثبات خلف الباب: والله ما افتح لش.. هدي حسن بأي شيء ثاني.. طلعيه.. لاعبيه.. عطيه حلويات
+
الألبوم والله ما أعطيكم إياه..
+
جوزاء تنتفض غضبا مع بكاء حسن الذي يذيب قلبها:
+
الولد مات من البكا.. عطيه صور أبيه..
+
أنتي وش دخلش..والله لأوريش شغلش بس افتحي الباب
+
شعاع بذات الثبات: جوزا قلت لهيه بشيء ثاني.. صور مافيه..
+
انحدر صوت جوزاء للرجاء العميق : تكفين شعاع تكفين.. حسون يبكي.. يهون عليش حسون
+
شعاع تهمس بألم رقيق: تدرين إنه مايهون علي.. ولا أنتي تهونين علي.. عشان كذا مستحيل أفتح..
+
روحو أي مكان لين ينسى.. هذا بزر مسرع ما ينسى..
+
والمهم الكبيرة يكون عندها رغبة بالنسيان..
+
***********************************
+
"حيا الله اللي ماصدقت إني أروح عشان تنط عند صالح"
+
نجلاء تحتضن هاتفها بحرج شديد وهي ترد بذات الحرج: حياك الله.. الحمدلله على السلامة
+
غانم بمودة واحترام: مبروك ردتش لبيتش يالغالية
+
نجلاء بذات الحرج: الله يبارك فيك..
+
غانم بنبرة مقصودة: زين وعشان رضيتي على صالح تزعلين علينا..
+
نجلاء صمتت وضيقها العميق يعاودها..والعبرات تخنق روحها
+
بينما غانم أردف بذات النبرة: ها يام خالد.. وش مزعلش علينا..؟؟
+
سميرة بتموت من الحزن بسبتش.. يهون عليش تسوين فيها كذا
+
نجلاء بهمها المجروح: إلا يرضيك يأبو راشد اللي هم سووه فيني...؟؟
+
ماعندهم حد في البيت غيري.. تصير الخطبة وعقبها بيومين الملكة..وانا مادريت بأي شيء...
+
عدوني غريبة وأنا عندهم في البيت.. إذا كان ذا يرضيك، قل لي؟؟
+
غانم تنهد: أكيد ما يرضيني.. بس خلاص الموضوع صار.. والمهم توفيق أختش.. تدرين قلبها كنه قلب طير.. الحين كنها تقلى على ضو
+
نجلاء بحزن: وزواجها من تميم.. تشوفه توفيق؟؟ سميرة كانت تستحق واحد أحسن بواجد
+
غانم بحزم أخفى خلفه حزنه: حكي في الفايت نقصان في العقل... خلاص سميرة صارت مرته ومقتنعة فيه.. وانتهى الحكي
+
والحين أبي اشوف خاطري عندش.. أبي أشوفش جايتنا مسيرة علينا وراضية علينا كلنا.. حن من غيرش يام خالد مانسوى
+
نجلاء تشعر بألم عميق لطلبه اللطيف منها.. لكنها موجوعة ولا تستطيع خداع نفسها أو خداعه لذات همست برقة:
+
عطني يومين بس فديتك لين أروق.. وعقبه أنا بأجيكم بنفسي جعلني فدا روحك
+
كانت نجلاء تنهي الاتصال حين تعالت طرقات صاخبة على الباب ثم اقتحمت عالية الغرفة كالأعصار : سلامو عليكو
+
يعني عشان رضيتي على صويلح قاعدة تحرسين الغرفة لين يرجع
+
قومي أنا زهقانة.. طلعيني.. خلينا نروح أي مكان..
+
نجلاء تبتسم: أول شيء كم مرة قد قلت لش لا عاد تدخلين علي بذا الطريقة.. عيب.. يمكن أنا الحين متفسخة ونسيت الباب مفتوح..
+
ثاني شيء وين نايف عنش اليوم.. أعرف كل مازهقتي سحبتي المسكين يطلعش
+
عالية تلقي بنفسها على السرير وهي تسحب شهيقا طويلا: يازين الريحة الخنينه.. خنقتي أخي بذا العطور.. بيجيه التنك..
+
وبعدين أول شيء إذا أنتي متفسخة.. سكري بابش عليش مالي ذنب إذا أنتي تعرضين مشاهدة مجانية
+
وبعدين التنبيهات هذي قديمة قلت يمكن قعدتش عند بيت هلش غيرت القوانين شوي
+
وثاني شيء فديت قلبه نويف اليوم خالاتي متهادين عليه.. فيه ثلاث كلهم مسوين له غدا.. تخيلي!!
+
والمسكين بيتغدا ثلاث مرات.. عزتي لكرشه اللي بتنبط.. الولد آخرته بيموت من كثرة الأكل..
+
نجلاء باستغراب: من جدش أنتي؟؟
+
عالية تضحك: والله العظيم.. وبعدين أنتي أساسا عارفة وش كثر يتهادون عليه..
+
أخيهم الصغير والوحيد على قولتهم.. الولد تعقد والله العظيم.. عزتي للي بتأخذه بيكون عندها سبع عمات..
+
وأنتي عارفة فيه ثنتين من خالاتي قشرات.. طبعا عارفتهم طيبات الذكر
+
تذكرين أشلون كانوا يقطون كلام على مرت عبدالله الله يرحمه لين طلعوا روح المسكينة..
+
أما عاد مرت نويف لو ماهج وسكن وياها في كوكب ثاني والله لا يزهقونها في حياتها لين تطفش.. وتشق ثيابها
+
******************************
+
"وافقي خالتي لا تضيعين على نفسش فرصة مثل عمي"
+
عفراء بابتسامة: الحين عمش فرصة وأنا اللي كخة..
+
مزون بجزع: حاشاش خالتي.. والله مهوب المقصد
+
ثم أردفت بحماس: بس أنا أبي الزين للزين
+
والله يا خالتي عمي يجنن.. شوفي على قد ما طلعت مع ابي ومع علي.. وحتى مع كساب أول
+
إلا أن الطلعة مع عمي غير.. جد يحسسش إنش أميرة.. برنسيسة من قلب
+
عفراء بذات الابتسامة وبنبرة مقصودة: معنى كذا عمش مافيه عيوب؟؟
+
مزون بحذر: مافيه إنسان مافيه عيوب.. هذا طبع البشر.. بس فيه عيوب الواحد ممكن يتعايش معها.. وعيوب ما ينسكت عليها
+
وما أعتقد إن عيوب عمي من النوع الثاني أبد
+
صحيح عصبي شوي ودمه حامي وعنيد ورأسه يابس بس والله العظيم قلبه طيب..
+
وأحلى ميزة فيه إنه مايلف ولا يدور..
+
عفراء تقلد طريقة مزون في الكلام: (عصبي شوي ودمه حامي وعنيد ورأسه يابس)
+
وهذي كلها ما تشوفينها عيوب؟؟
+
مزون تبتسم : ونسيتي إنه قلنا قلبه طيب وما يلف ولا يدور
+
عفراء تتنهد: يصير خير.. ما يصير ذا الحصار اللي كلكم مسوينه علي أنتي وأخيش وعمش
+
عطوني فرصة أفكر برواقة... هذا قرار مهوب هين
+
*******************************************
+
"أشرايج في جو الحديقة برا.. خيال صح؟؟"
+
يساعدها على النزول من كرسيها المتحرك.. بعد أن باتت تتقبل مساعدته بعفوية..
+
ليحملها بعد ذلك ويمددها على سريرها وهي تجيبه بوهن: تعبت من ذا الطلعة..
+
خليفة بابتسامة: زين تعبتي يعني ما عجبتج كلش؟؟
+
جميلة بدون اهتمام: حلوة..
+
خليفة لم يتوقع منها ردة فعل أكثر من ذلك أساسا.. لذا جلس بهدوء وهو يقول: يضايقج أشوف مباراة عندج.. اليوم فيه مباراة للريال..
9
همست ببساطة واهنة: براحتك..
+
خليفة يغير بين القنوات يبحث عن قناة تتحدث بالانجليزية وتنقل المباراة حتى وجدها.. وجلس انتظارا لبدء المباراة
+
بعد لحظات صمت همست جميلة بعفوية طبيعية: علي يشجع ريال مدريد.. بس كساب يشجع برشلونة..
4
حينها التفت لها خليفة.. لا يمكن أن يحتمل أكثر من ذلك.. طاقته استنفذت.. أي رجل هذا الذي يقبل أن يكون دائما مثار مقارنة عند زوجته
1
وهي تعقد مقارنة دائمة بينه وبين رجال آخرين
+
لذا هتف بهدوء كان تأثره يمور تحته: جميلة ما تشوفين إنه عيب في حقي.. إنه في كل سالفة لازم تدخلين عيال خالتج
+
جميلة ببساطة بريئة: ما أشوف فيها شيء.. ليه؟؟
+
خليفة مازال يحاول الاعتصام بهدوءه: احترمي إني ريلج.. مافيه ريل يرضى بجذيه..
+
حينها هتفت جميلة ببرود: والله الرجّال هذا يوم خذني.. يعرف إني متربية مع عيال خالتي وما أعرف حد غيرهم
+
فليش يستنكر الحين أني أسولف عنهم..
+
مهوب عاجبه.. الباب يفوت جمل..
+
خليفة يحاول جاهدا ألا يتسلل غضبه لصوته حتى لا يثيرها: والله أعتقد إن الريل هذا أنتي اخترتيه برغبتج على عيال خالتج
+
الحين صار الباب يفوت يمل
+
حينها نظرت له جميلة بشكل مباشر وهتفت بحدة: عقلي صغير وماعرفت أختار.. وما ينشره علي
3
تكفيك هذي إجابة؟؟
+
خليفة تقلصت قبضتيه بشدة.. وغضب عات يمور في روحه.. من بين كل المرات التي أطالت لسانها عليه
+
كانت هذه المرة هي الأقوى.. والأكثر قسوة وتجريحا..
+
لذا وقف حتى يخرج للخارج..
+
وهو يحاول قهر روحه وتذكيرها أنه مهما حدث.. فهي مريضة.. وكلامها لا يمكن أن يحاسبها عليه
+
مهما كان جارحا له ولرجولته!!
+
*******************************
+
" ها نروح مكان ثاني بعد؟؟"
+
صوت فاطمة المتسائل..
+
كاسرة بحزم: لا كفاية كذا.. أبي ألحق على جدي قبل ينام.. يتعشى عقب صلاة العشا وينام على طول..
+
وأنا لو ماشفته قبل ينام وخذت علومه.. ما أرتاح تيك الليلة..
+
وضحى برجاء: مايصير كذا كاسرة.. كذا والله ما تلحقين تخلصين شيء.. تونا الحين قبل صلاة العشاء بشوي
+
كاسرة بذات الحزم: تعرفين زحمة الدوحة.. على مانرجع للبيت بيكونون العرب صلوا العشا.. وجدي أبدى علي
+
فاطمة بمودة: خلاص الله لا يخليش من جدش.. نرجع البيت.. حتى أنا ما ابي أتأخر على عيالي..
+
كاسرة بهدوء: أنا أبي أعرف أنتو ليه شايفين سالفة سوق العروس أزمة.. الوحدة ماراح تهاجر.. والسوق قريب..
+
عدا عن إن الوحدة أساسا قبل ما تتزوج عندها ملابس..وذا الاسراف والله ماله معنى..
+
وضحى بهدوء: بس الناس عينهم على العروس.. على الأقل لازم تكون لابسة حلو ومتألقة..
+
كاسرة بثقة: الدولايب مليانة ملابس.. وأعتقد أني متألقة ومتأنقة عشان نفسي مهوب عشان حد..
+
فاطمة بهدوء: خلينا على الأقل نلاقي لش فستان.. واللي غير كذا لاحقين خير..
+
كاسرة بحزم: نطلع السبت الضحى ونأخذ اليوم كامل.. طلعة وحدة بتكفي كل شي.. لأني زهقت من ذا السالفة
+
********************************
+
وضعت طفليها في السرير وحصنتهما بالأذكار ثم عادت لغرفتها..
+
تشعر بتوتر عميق.. لم تر صالحا منذ خرج صباحا.. حتى الظهيرة لم يعد
+
شعرت أن غيابه مقصود..وكأنه يريد أن يمنحها فرصة للتفكير..
+
والمشكلة أن التفكير لديها معطل.. فهي غاضبة عليه.. وعلى أهلها.. وعلى كل شيء..
+
غاضبة من هذا الموقف السخيف الذي وضعت فيه.. من اضطرارها للتعامل مع موقف هي غير مستعدة له
+
من تسرعها في قرار العودة لتعاقب نفسها قبل ان تعاقب أهلها.. فالقلوب مازالت لم تصفُ..
+
ولكن بما أنها كانت ستسافر معه قريبا.. فهل يختلف الأمر الآن عن سفرهما..
+
فتحت دولابها..
+
ماذا يفترض أن تلبس حتى تبدو طبيعية غير متكلفة.. ومتباعدة.. متباعدة جدا!!
+
سحبت لها بيجامة قطنية واسعة وارتدتها.. ومشاعرها تنتقل من التوتر للتبلد.. تريد أن تشرنق نفسها بهذا التبلد حتى يصفو عقلها
+
فهي غير مستعدة لصالح ولتاثيره عليها الذي تعلم أنه تاثير خطير حين يريد ذلك..
+
وهي في أفكارها.. وصل صالح.. هادئا غامضا.. ألقى السلام بهدوء.. لترد عليه بهدوء مشابه
+
انحنى ليقبل جبينها.. لم تسمح له وهي تبتعد عن مدى شفتيه.. لم يعلق وهو يتجاوزها ليخلع ملابسه..
+
ثم يدخل ليستحم.. صلى قيامه.. حينما أنهى صلاته وورده.. توجه ليجلس جوارها على الأريكة
+
ولكنها نهضت لتجلس على كرسي منفرد.. لم يعلق أيضا.. وعلائم الغموض المتلاعب ترتسم على وجهه بوضوح
1
حينها نهض من الأريكة ليتوجه للسرير.. ويتمدد وينام دون ان يوجه لها حتى كلمة واحدة..
+
نجلاء استغربت بالفعل ردة فعله.. فصالح ليس هكذا مطلقا.. بل تعبيره عن مشاعره تجاهها مبالغ فيه في كثير من الأحيان
+
فهو لا يعترف بالرفض ومثابر لأبعد حد على اقتحام حصونها مهما حاولت رفعها وتعليتها..
+
فما به اليوم يبدو مهادنا ومتفهما بهذه الصورة؟!!
+
ولكنها ختاما حمدت ربها أنه تفهم رغبتها في الابتعاد عن تأثيره..
+
وبما أنه تفهم رغبتها هذه.. فلا معنى لنومها على الأريكة
+
لذا توجهت لتنام جواره وهي تدير ظهرها له!!
+
*********************************
+
"وش فيك طال عمرك؟؟ شكلك تهوجس في شيء؟؟"
+
منصور يلتفت لفهد الجالس جواره في مجلسه الغاص بالضباط ويهتف بحزم:
+
مافيه شيء.. مشاغل بسيطة
+
فهد بابتسامة مغلفة بالاحترام: أفا وش ذا الشيء اللي يشغل بال أبو علي؟؟"
+
منصور بابتسامة: تجيك العلوم قريب
+
إلا قل لي.. وش علوم مدرسة السواقة؟؟
+
فهد يبتسم رغم إحساسه بالضيق: باقي لي أسبوع على التراي.. الشرطي اللي أنت مسكته موضوعي متحلف لي..
+
ويقول إن ذي وصاتك له..
+
منصور يبتسم بفخامة: أنا ماأبي إلا مصلحتك.. وأنت داري..
+
حينها هتف فهد بضيق لم يستطع منعه من التسلل لصوته: ومصلحتي إنك خليتني مسخرة الشباب على سبة ذا الموضوع..
+
حتى هزيّع يطوّل لسانه علي وهو يشوف سواق البيت يوصلني مشاويري..
+
والله لولا حشمتك وغلاك وأني ما أبي أفجر حلفك علي.. وإلا كان شقيت ثيابي من زمان
+
منصور بحزم: اللي يقول كلمة.. قل له عشر.. واللي عنده ريال خله يقطعه..
+
ترا الروح يأبيك مهيب رخيصة.. (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)
+
وغير ذا وذا.. مابه حكي..
+
كان فهد يعلق على ماقاله له منصور.. ولكن منصور لم يسمع حرفا مما قاله وانسحب فكره من ضجيج مجلسه بالكامل وهو يتلقى رسالة على هاتفه
+
رسالة رأى رقم عفراء يتصدرها
+
#أنفاس_قطر#
+
.
+
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
+
