اخر الروايات

رواية سلوان الفجر الفصل الثامن 8

رواية سلوان الفجر الفصل الثامن 8



                                              

يقال أن الغيرة مرض إن لم تعالجه تأزم، وأن الحب دواء إن أكثرت منه أهلكك

7


___________________________

+


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، طولت عليكم صح؟ كنت مشغولة ومضغوطة هل الأيام، بتمنى يعجبكم الفصل ولا تنسو تتفاعلوو 

+


Vote and comments 

+


ضغط على النجمة 

5


____________________________

+


الساعة العاشرة صباحا، داخل مبنى شركة فيوجن ميديا، أمام ذلك المكتب المفعم بالملفات المتنوعة، يرمي تليد بجدسه على الكرسي يناظرهم بعدم رضى.

+


تنهد بنفاذ صبر، دار بالكرسي حول نفسه ثم سرق نظرات عبر الجدار الزجاجي من كلوديا المنغمسة في عملها ونبس متذمرا

2


" من المفرض أن أكون مع زوجتي الآن، لا مقابلة هذه الملفات المملة "

13


تغيرت ملامحه فجأة، عندما لمح شخصا يقترب منها، بعد بضع دقائق رأى ابتسامة على ثغرها والتي من المفترض أن تكون سبب نبض قلبه، ولكن هذه المرة كانت هيجانا لمشاعره، حيث صرخ عبر الجهاز أمامه 

+


"سيدة كلوديا إلى مكتبي الآن" 

11


التفت الجميع نحوها، لأن نبرته كانت قرببة إلى ما قد يكون تهديدا، وقفت محرجة مستغربة، ثم تقدمت ودخلت المكتب بخطوات متثاقلة تقترب منه

+


أما هو استقام من كرسيه بنظراته المخيفة، رمى نظرات جانبية للموظفين الذين تركو أعمالهم والتهو بمراقبتهما 

+


اقترب منها بثبات، وظنا منها أنه يقترب منها ابتعدت، لكنه تجاوزها وخرج قائلا لهم 

+


" إن كانت مشاهدتي عملكم، فدعوني أقدم لك عرضا، ووننسى أمر العمل "

15


صرخ الجميع بعدما التفتو لحواسيبهم

+


"آسفون سيدي" 

+


عاد هو لمكتبه، وبحركة سريعة أمسك معصمها وجرها من يدها إلى زاوية غير مرئية للآخرين، التطم ظهرها بالحائط، وحاصرها بين ذراعيه، ونظرا للفرق بينهما، نحافتها، وضخامة جسده، كانت تكاد ألا تظهر، ما جعلها ترميه بنظرات حادة قلقة

11


"ماذا تفعل؟" 

+


على بحاجبيه استنكارا، وثنى شفتيه غيضا 

+


" أنا رجل متفهم كلو، وكثيرا، لكن في موضوع الغيرة أصبح جاهلا، خصيصا المرأة التي أحب لا يصبح لي عقل "

3




                
اشار لثغرها عاتيه الملامح 

+


"موضوع ابتسامتك لآخر تجعلني أود قتله وأنا مسلم، لذا لا تفقديني عقلي كلو"

15


لامس ابهامه الخشن، ملامحها اللينة 

+


" أيعقل أن يرى غيري فتنة ثغرك " 

2


لانت ملامحه وابتسم بخفت بينما يلاعب خصلات شعرها 

4


" لذلك ذلك الثغر لن يبتسم لغيري، لا تريدين قطع رزق شخص صحيح! ، أو تريدين؟ "

+


أطالت التحديق به لثواني ثم نفت الفكرة برأسها، وسألته ساخرة 

+


" بدأت أشعر أنك مريض، مهووس متملك سيد ملك الجليد" 

16


حرك رأسه موافقة ببطئ، ثم همهم بصوت رجولي وهو ليزال يمرر أنامله عبر خصلات شعرها 

+


" مريض بك، مهووس بك، ومتملك معك سلوان الفجر، قلبي كان صحراء قاحلة حتى وطأته أنت، وهو جشع لا يرتوي إلا بك "

18


توردت وجنتاها، رغم أنه كثير الغزل، ولهان بها، لا يتحرك ثغره إلا تشبيبا بها، إلا أنها لم تعتد كلماته ولازلت تحدث فوضى بداخلها 

+


لحظتها دخل يوسف المكتب مسرعا دون استئذان، ما جعله يتصنم في مكانه مستغربا، ثم بعدما دقق النظر رآها خلفه، ما جعله يغلق عينيه 

14


" لم أرى شيئا "

6


اتكأ تليد على الحائط بذراعه حيث لازال يقابل كلوديا المحاصرة على الحائط، ورماه بنظرة جانبية 

+


وضع يوسف يده على فاهه متفاجئا، وبما أنه صديقه قبل أن يكون سكرتيره استطاع مخاطبته بجرأة، بعدما أتته لحظة إدراك

+


" تليد "

+


على تليد بحاجبيه منتظرا ما سيقوله، لذا أضاف يوسف متفاجئا 

+


" أقصد سيد تليد، هل جننت....، ماذا تفعل؟.. أنت.. متزوج،... هل نسيت أنك مسلم، ماذا تفعل؟ "

2


أبعدته كلوديا عنها ودفعته ليخطو بضع خطوات للخلف، أرادت الخروج لكنه أمسك بمرفقها مانعا إياها.

3


وقف تليد بشموخ وخاطب يوسف

+


" لم أكن أعرف أن لدي صديق وسكرتير ذكي هكذا؟ إنها زوجتي، حلالي وأم أطفالي، هل لديك مانع؟ "

5


حرك يوسف بصره بينها وبينه وقال حائرا 

+


"ماذا؟" 

+


"كما سمعت، كلوديا زوجتي، هل أريك دفتر العائلة؟" 

1


" صديقك آخر من يعلم؟ ، حسنا علمت أنك تزوجت ومر كل شيئ بسرعة، لكن بسيدة كلوديا؟، اتضح انني مجرد سكرتير هذا مخيب للآمال سيد تليد "

+



        

          

                
زج تليد على أسنانه يرميه بنظرات حادة

+


" و أنا ظننت أن صديقي ذكي، هذا مخيب للآمال" 

1


أشار للباب وأضاف 

+


" علي وضع قفل له، من علمك الدخول بدون استئذان؟ " 

+


ابتسم يوسف بخفت ورد

+


"آسف، فقط الملف الذي طلبته قبل قليل" 

+


وضعه على المكتب وخرج مسرعا تحت نظرات تليد 

+


التفت إليها ليرى نظراتها الغريبة له، لذا قال

+


"لا تخافي، يوسف صديقي قبل أن يكون سكرتيري ذو ثقة" 

2


علت بحاجبيها بغير رضى وقالت 

+


"زوجتك أمر مفروغ منه، متى أصبحت أم أطفالك؟" 

18


انحنى لمستواها ببطئ، ابتسم بخبث ودفن نظراتها بخاصتها 

+


" عن قريب أعجبتني الفكرة " 

15


توردت وجنتاها خجلا، وأفلتت ذراعها من يده بحركة سريعة ثم همست 

+


"متحرش سخيف ، أنجبه وحدك" 

25


"ألفاظك كلو، ذلك لسان سأقطعه يوما ما" 

4


خرجت مهرولة لمكتبها بعدما صرحت 

+


"سأكمل عملي" 

+


*
*
*

+


جامعة الملوك 

2


وسط ساحة الجامعة، حيث تتعالى أصوات الطلاب وضحكاتهم، يقف كل منهم في مجموعات أو لوحده

+


يتميز صوت بريجيت وهي تصرخ أمام تلك الفتاة ذات البشرة البيضاء، والشعر البني الطويل وعينان بالأزرق الباهت

+


" أنابيل يا غبية ، مازلت تعيشين في عصر الجهل، من يتنمر على لون البشرة في هذه الوقت؟ " 

11


ابسمت أنابيل بإستفزاز، ثم اقتربت منها بخطوات واثقة تدفن نظراتها الساخرة بخاصة بريجيت 

+


" لكنك سوداء زيادة عن اللزوم، كشكولاطة المرة، لا مذاق لها غير التقزز منها ورميها "

15


بعد آخر كلام منها، شعرت بريجيت بحرارتها تتصاعد، ربما اعتادت على التمييز بينهم، ولونها الداكن المختلف عن غيرها، ولكن هذه المرة زاد الأمر عن حده، ووصل غضبها لذروته، وبدون سابق انذار انقضت عليها، وأشبكت أصابع يدها بشعرها الذهبي تود خلعه

4



        
          

                
" حسنا دعيني أخبرك هذه السوداء ماذا ستفعل "

2


أمسكتها من شعرها هي الأخرى،وصرخت تتأوه ألما

+


" عدوانية، دعيني وشأني " 

+


لم يتجرأ أحد على مساعدة واكتفو بالتحديق فقط، غير إيلياء الذي تقدم بوقار متنهدا بغير رضى

+


" شوكولاتة مرة، أنت قوية حقا " 

11


تجاهلت حديثه فقد كانت مشغولة بمشاداته مع الأخرى، ما جعله يقترب أكثر بينما يمسح يده على قماش سرواله ويتحدث

+


" في العادة لا ألمس الفتيات ولكن.. "

1


ظنت أنه سيبعدها عن الأخرى، لكنه أمسك بذراع أنابيل ورفعها للأعلى مجبرا إياه عن الابتعاد، حدق ببريجيت ثم هز رأسه مشيرا للفتاة 

3


" اصفعيها هيا " 

21


تحركت الفتاة بين يديه لكنه شد عليها أكثر مانعا إياها من الحراك، أما بريجيت رمته بنظرات متعجبة، غير مصدقة أنه فعل ذلك بالفعل

+


أطالت التحديق به بغير تصديق ما جعله يضيف 

+


" تنمرت عليك، هيا تستحقها " 

5


أخذت نفسا عميقا، وعوض أن تصفعها بزقت عليها مباشرة 

2


" حقيرة " 

4


لحظتها أفلتها إيلياء مبتسما، وأخرج منديلا من جيبه ثم قال ساخرا بينما يمده لأنابيل

1


" آسف، لكن واحدة بواحدة، امسحيها، ولا تعيدي فعلتك " 

11


رمته أنابيل بنظرات تهديدية تكاد أن تنفجر، وماكادت تنطق، حتى رفع سبابته مشكلا رقم واحد 

+


" أولا دعيني أخبرك فوائد الشكولاتة المرة "

1


راح يعدد فوائدها مبتسما 

+


" دعم صحة العين، تحسين المزاج، تعزيز وظائف الدماغ، تحسين صحة القلب "

+


أخرج علبة شكولاتة مرة من جيبه وأكمل 

+


" أنا أحبها، لذا لا أسمح لأحد بإهانة الأكلة التي أحب"

21


رفع وسطاه وسبابته مشكلا رقم اثنين 

+


" ثانيا"

+


أشار لبريجيت وأضاف 

+


" حقوق هذا اللقب تعود لي، لذا لا تنادي هذه المزعجة به إلم أسمح لك " 

19


مسح يديه مرة أخرى بعدما أرجع العلبة والمنديل لجيبه، ثم رفع يديه مستسلما 

+



        
          

                
" بما أنني مسلم أحب تحقيق العدل والسلام، أظن أنكما متعادلتين الآن "

2


أمسك ذقنه بينما يفكر، ثم التفت لأنابيل 

+


" تعرفين فيلم أنابيل؟ "

+


هزت رأسه رفضا مستغربة 

+


" تشبهين تلك الدمية كثيرا "

20


حملت هافتها تبحث عن الفيلم، ما جعله يبتسم بينما يلتفت ذاهبا قبل أن يرمي بريجيت بنظرات جانبية

+


*
*
*

+


الساعة الثالثة مساءا 

+


بينما كان تليد منغمسا في سياقة السيارة، قاطعته كلوديا بسؤالها 

+


"أين سنذهب؟ " 

+


" منزلنا بمونتوك، وعدت أبرار أن أعلمها السباحة "

3


سمع همسها المتذمر وهي تحرك ناظرها بعيدا عنه

+


"نعم، طبعا، وستنسى أنني موجودة"

10


ضحك بخفت ورد دون ان ينظر لها 

2


" ألم تقولي أنك لا تبادلينني المشاعر "

+


"لا أفعل!" 

7


همهم ساخرا بصوت رجولي

+


"ما اسمه هذا إذن سيدة كلوديا، أليس هذا ما يسمى غيرة!" 

+


رمته بنظرات جانبيه غير مبالية 

+


" غير صحيح! "

4


" هل تعرفين ماهي الغيرة والحب كلو؟ "

1


"لا أعرف، ولا يهمني" 

+


" لا بأس ستعرفينهم معي "

5


بسط كفه على مقود السيارة بحركة سريعة، ابتسم بخفت عندما تسربت أفكار عشوائية لذهنه، وصرح بها

+


" كنت أفكر بما أنني مسلم، وبما أنك لا تحبينني، يبدو أن فكرة الزواج بثانية بدأت تلائم أفكاري "

18


التفت نحوه بحركة سريعة، ترميه بنظرات حادة، شيئ ساخن لامس قلبها لم تعرف سببه، تقنع نفسها أنها لا تبادله المشاعر ولكن ما سمعته لم يعجبها 

1


"لا تقلقي ستبقين تحت حمايتي، فقط من حقي أن أجد زوجة تحبني، أليس كذلك؟ " 

+


بانت مشاعرها على تجاعيد تضاريحها غير الراضية، ولكنها ضحكت ساخرة وهمست بخفت 

2


"لم يمر على زواجنا شهرين حتى" 

+


صمتت قليلا، ولثواني من الهدوء صرخت 

+



        
          

                
"أوقف السيارة "

3


حرك ناظره نحوها لثواني ثم أعاده 

+


" لن أفعل "

+


باغتته وفتحت الباب ما جعله يقلل السرعة 

3


" توقف. أو أقسم أنني سأنزل حتى ولو لم تفعل "

+


ضغط على الفرامل بقوة، ثم نزلت مسرعة ما جعله يصرخ 

+


" سيدة كلوديا هيمستيد توقفي "

6


خرج مغلقا الباب بعده بقوة، هرول ناحيتها بعدما كانت تسرع في مشيتها ، ممسكا بذراعها بقوة 

+


"ماذا تظنين نفسك فاعلة، و أين تذهبين" 

2


الفتت ناحيته،وأفلتت ذراعها منه بقوة 

+


"لا أحتاج لحمايتك ولا لحبك" 

7


قربها منه بقوة، ردة فعلها لم تزعجه، بل أحبها، وأيقن أنها حتى لو لم تعرف، فيه على الأقل تملك ذرة مشاعر نحوه، لذا قوس جسده، وانحنى صوبها لتصبح تقاسيم وجهه مقابلة لخاصتها 

+


"أنت لست امرأة تحتاج لحب رجل، أنت امرأة يصنع من أجلها الحب ويقع لها كل رجل، كما فعلت أنا، وسأحرص على أن أكون الرجل الوحيد بحياتك" 

11


"وأكون أنا الاحتياط وآخر اهتمامتك صحيح؟" 

5


مرر أنامله عبر خصلات شعره مرجعا إياه للخلف بحركة بطيئة، بينما يتغنى قلبه بأطيافها، وأفصح عن تنهيدة مطولة قبل أن يرد

+


" ألا ترين حبي بنظراتي كلو؟، ألا تسمعين نبضات قلبي بجانبك؟، حبا بالله أخبريني كيف تكونين الاحتياط وأنا الذي لم أرى في الوجود إلاك، أنتِ حياتي وكل اختياراتي، أنا لا أعرف كيف أخبؤ ضعفي أمامك حتى "

12


اختارت الصمت بينما اختار قلبها أن يتخبط داخل أقفاص صدرها، وعندما لاحظ صمتها المستمر، ويبدو انه بدأ يعتاد على ذلك لذا أضاف 

+


" لنذهب "

+


تصنمت مكانها، عنادها أكثر من عناده

+


"لا أريد" 

+


"كلوديا" 

+


صرخت في وجهه دون أن تعي بذلك 

+


" قلت لا أريد"

+


أزعجه صراخها بوجهه، لذا أرخى قبضته عليها 

+


"حسنا!" 

+


تفاجئت من ردة فعله، ولكنها لم تنطق بحرف، أما هو ركب السيارة دون أن يبالي وانطلق بها بعيدا 

1



        
          

                
شاهدت السيارة تبتعد، ما جعله تدرك ما فعلته، ضمت ذراعها لصدرها وراحت تناظر الطريق 

4


" هل ذهب حقا؟ هل تركني لوحدي حقا؟ "

1


حركت رأسها للجهتين 

+


" هل ترك زوجته في طريق فارغة حقا؟، كيف سأعود للمنزل، يا آلاهي كلوديا أنت حقا غبية "

+


لحظتها سمعت صوت سيارة، وكانت خاصته وهي تعود، أوقفها أمامها، فتح زجاج النافذة، وانخفض برأسه قليلا ليكلمها

3


" ماذا تفعل سيدة جميلة مثلك في طريق فارغة؟ هل ضاعت الاميرة عن قصرها؟ "

3


استغربت في البداية لكن سرعان ما أدركت أنه يمزح، رفعت يدها ووضعت الخاتم امامه 

+


" أنا أميرة متزوجة يا هذا "

4


قبل أن تسمح له بالرد، فتحت باب السيارة وقالت دون أن تنظر له 

+


" لكن زوجي لن يمانع بأن تقوم بتوصيلي"

4


ابتسم وانطلق بالسيارة 

+


" إذن أين قصر الأميرة الضائعة "

+


التفتت نحوه، وقالت مازحة رغم نبرتها الجادة 

+


"أنت قلت أنني متزوجة،لا تحاول التغزل بي"

+


أفصح عن ضحكة رجولية خافتة 

+


" ولماذا تركك زوجك لوحدك في منتصف طريق فارغة "

+


نمت على ثغرها ابتسامة مستقيمة 

+


" حسنا، أغضبته بعض شيئ "

5


"يبدو أنه لا يحبك، لو كانت زوجتي جميلة مثلك، حتى لو أغضبتني ما كنت لأتكرها لوحدها، زوجك لا يستحقك" 

+


رمته بنظرات جانبية حادة 

+


" لا تقل عنه هذا، انه يحبني، أنا من أكبر مواضيع قليلا"

1


"قليلا؟" 

+


"حسنا كثيرا، لكنه يتحملني" 

+


"هل تحبينه؟" 

1


صمتت للحظة تفكر ثم صرخت 

+


" أنت لا تتخدل في حياتي الخاصة "

7


ضحك بصوت عالي، نظر إليها ثم التهى بقيادة السيارة، وصلا للمنزل بعد مدة، ثم وبعد الترحيب اتجه الجميع للجلوس بغرفة المعيشة، إلا إيلياء كان غائبا 

3


أما تليد وأبرار اتجها للمسبح، وبعد مدة وقفت كلوديا قائلة 

+


"سأذهب لرؤية أبرار وتليد" 

+



        
          

                
أخذتها خطواتها للمسبح حيث كانت أبرار تسبح مع تليد

+


اقتربت منهما، لتصرخ أبرار عندما رأتها 

+


" زوجة خالي، تعالي واسبحي معنا "

+


ابتسمت لها وردت رافضة 

+


"لا أجيد عزيزتي"

+


اقترب تليد من حافة المسبح، وتربع بيديه بينما كانت واقفة بجانبه تماما، رفع ناظره ناحيته بينما تسقط قطرات المياه من جسده على الأرض 

+


"هل أعلمك؟" 

4


" هل تجيد السباحة؟ "

1


حرك رأسه رافضا وأجابها 

+


"لا، أجيد الغرق بك" 

11


" مبتذل "

2


خرج من المسبح بحركة سريعة ليقف أمامها بوقار

2


" ذلك اللسان يكون جيدا عندما يتحرك من أجل الأكل فقط "

1


ضمت ضراعها لصدرها وقالت مستفزة إياه 

+


"حقا، أين تعلمت هذا الإبتذال" 

+


اقترب أكثر عادما المسافة بينهما، مرر أنامله بخفة بين خصلات شعرها، بينما يدفن نظراته بخاصتها 

3


" تعلمته بين عينيك "

+


لاعب خدها، يلامس مكان انكماشات ثغرها عندما تبتسم 

4


" تعلمته عندما تخترق ابتسامتك قلبي "

+


أرجع خصلات شعرها بحركة من سبابته ببطئ خلف أذنها

+


"هل عاقبتك من قبل، لأنك ترمين سمومك علي؟" 

+


علت بحاجبيها بغير رضى، ثم نفت الفكرة برأسها، ما جعله يبتسم بخفت، ودون أن يفسح لها المجال للرد دفعها بحركة سريعة لتسقط داخل المسبح

4


"سأفعل الآن إذن" 

+


غطس خلفها مباشرة، ثم رفعها ليصبح رأسها خارج الماء مغمضة العيينين، تحاول استعاب ما حدث، بزقت المياه من فاهها ثم فتحت عيناها ببطئ، تحدق به عبر رموشها 

+


" ملك الجليد أأنت طفل صغير، ماذا فعلت هل جننت "

+


ضحكت أبرار بصوت طفولي عالي وهي تقترب منهما 

+


"ثقي به سيساعدك" 

+


تحركت بين يديه تود الفرار 

+


"اتركني، طفولي ساذج، قلت لك لا أجيد السباحة" 

+


رفع حاجبيه وابتسم خفت 

+



        
          

                
" متأكدة! " 

+


ارتخت قبضته عنها فراحت دقات قلبها تتسارع غير قادرة على التحكم بجسدها وسط الماء 

+


" ملك الجليد، إياك تركي " 

+


" التناقض الذي تملكينه يعجبني كلو، أتركك أم لا؟ "

4


مسحت المياه من على وجهها وقالت ببرود 

+


"لا، ولكن أخرجني من هنا" 

+


التفت نحو أبرار وقالت بطفولية 

+


"أبرار صغيرتي أخبريه أن يخرجني من هنا" 

+


عادت لترميه بنظرات حادة، بينما تتكأ بيديها على كتفيه 

+


"تليد، من المفترض أنك أكبر مني بعشر سنوات، وشخص واعي ماهذه التصرفات" 

+


"واعي مع الآخرين، أخرج جنوني مع زوجتي، هل لديك مانع؟" 

2


حركت راسها قبولا وردت

+


"نعم، أخرجني من هنا، سيرانا أحد" 

+


تنهد بنفاذ صبر ومال برأسه بزاوية مبتسما بعدم رضى 

+


" لا تفقديني صوابي كلو أنت حلالي، ماذا سيحدث إن رآنا أحد هل أفعل شيئا لا يجوز؟، هل نقوم بشيئ خاطئ؟، كما أنا أبي لن يأتي يعلم أننا موجودانهنا، ايلياء ليس بالمنزل، حور وأمي لابأس بهما "

4


لاحظ صمتها،ورجفة جسدها لذا أضاف بهدوء 

1


"والآن لنعلمك السباحة" 

+


التفت صوب أبرار ضاحكا 

+


"صحيح أبرار؟" 

+


همهمت له بطفولية، فأمسك بخصر كلوديا بينما يتحدث 

+


" فقط ارخي جسدك ودعيني أساعدك "

+


قامت بفعل ذلك، وراح يعلمها السباحة بطريقة سلسة، كانت قلقة في بداية الأمر، بما أنها أول تجربة سباحة لها، استقبل منها جميع أنواع الشتم، حتى أنها تسببت في جرح خصيصا عندما تتشبث به وهي على وشك الغرق، ولكن بعد مدة تحسنت قليلا، وتعلمت السياحة كبداية 

+


انتهيا بعد مدة، فخرجت لتجلس على طرف المسبح بمساعدته، وجلس هو بجانبها، تنهدت براحة وراحت تتحدث بنبرة تهديدية 

+


" لن أسامحك على هذا ملك الجليد، كانت لقطة مباغتة "

+


"نسيتك مباغتتك لقلبي وسرقته؟" 

+


وبما انه كان يتردي قميصا بدون أكمام،أشار لكتفه وأضاف 

+


" كما أنك قطة شرسة حقا"

+



        
          

                
غيرت الموضوع وهي تناظر ملابسها المبللة وقالت متذكرة 

+


"انظر لما فعلته، هل سأخرج هكذا الآن" 

+


التفت تليد لأبرار وقال لها 

+


"مدللتي، أحضري لكلوديا ملابس من عند حور" 

+


راحت نظرات كلوديا تتبع أبرار المهرولة بسرعة، وهي تبتسم، وبحركة عفوية التفتت لتليد الذي كان مهيما بتفاصيلها تأبى عيناه التزحزح عنها

1


عقدت حاجبيها استغرابا،وتسارعت دقات قلبها من نظراته 

+


"ماذا؟" 

+


" من بين أطياف مقلتيك العسلي والأزرق فُقِدت أنا "

6


توردت وجنتاها خجلا وراحت تناظره مدهوشة 

+


"سبحان من خلقك كلو" 

+


" مازلت تغرق ملك الجليد "

2


"أنا في القاع، ولا أريد الإمساك بحبل النجاة" 

+


حركت بصرها بعيدا عنه بحركة سريعة، ثم راحت تحدق بتفاصل جسده، حيث كان قميصه الأبيض المبلل ملتصقا على صدره يبزر عضلاته 

+


ابتسم بخبث وقال لها 

+


" ماذا، هل أعجبت بزوجك سلوان الفجر؟ "

+


درت بدون وعي والخجل يكتفي منها 

+


"نعم" 

11


أدركت ما نطقت به لتزيح بصرها نحوه مصدومة، على بحاجبيه برضى ثم ابتسم ساخرا، لتغير ما قالته بتوتر

+


"أقصد.. أنت مبلل بالكامل هل ستخرج هكذا" 

+


ضحكت بخفت قائلا 

+


" لدي ملابس هنا، لا تقلقي لن يرى أحد ما يخصك"

8


لحظتها أتت أبرار بملابس وقالت بصوت طفولي 

+


"تفضلي" 

+


"شكرا" 

+


ذهبت أبرار متجهة لكوخ صغير بعيد عنهم قليلا، وأخذت هي الملابس ثم التفتت صوب تليد تسأل 

+


"أين سأغيره!" 

+


" هنا أمام زوجك" 

13


توسع بؤبؤ عينيها دهشة، وراحت تناظره بغير تصديق، ما جعله يضحك بخفت، بينما يشير لمكان أبرار 

+


" أمزح، هناك" 

+


ارتدت ملابسها، ثم عادا للداخل حيث وصل لمسامعهما صوت صراخ حور العالي 

+



        
          

                
"لكنني أريد زيارة قبر زوجي اتا وابنتي، اشتقنا إليه" 

1


نهض أباد بشموخ يبدو عليه الغضب 

+


"لن أكرر كلامي حور، تعلمين جيدا أن زيارة القبور للنساء مثلك لا تجوز، خصيصا الذي يذهب فقط للبكاء فقط، إن اشتقت إليه ادعو له بصلاتك ، ذهابك للقبر لن يعيده للحياة، عليك أن تتجاوزي ذلك، لقد مر عشر سنوات" 

1


استقامت رقية، تحدق بكلاهما بقلق، أما حور توقفت عن الحديث بينما تناظر والدها بحزن، وبعد ثواني سمحت لهتان خفيف من الدموع بالانسياب على خط وجنتيها 

+


انحنت كلوديا لمستوى أبرار عندما لاحظت نظراتها لأمها، ثم قالت لها مبستمة 

+


"أبرار، ما رأيك بأخذي في جولة لتريني تفاصيل الحديقة، لأنني لم أرها من قبل" 

+


هزت أبرار رأسها موافقة ثم أمسكت بيدها والتفت عائدة للحديقة، قبل أن تخرج رمت تليد بنظرات جانبيه فأومأ لها رأسه متفهما

+


أما حور، وبدون أي كلمة مسحت دموعها بحركة سريعة واتجهت نحو غرفتها مباشرة 

+


التفتف رقية صوب أباد مؤنبة اياه

+


"لماذا قلت لها هذا" 

+


رماه بنظرات تهديدية ورد

+


"ماذا علي أن أقول، تعرفين أن زيارة القبور للنساء غير جائز، ستضعف، وستنوح أمام قبره، اعرفها وهذا لفائدتها" 

1


"كان عليك مسايرتها، تعلم أنها لم تستطع التجاوز، كان زوجها يا أباد، ليس بغريب" 

+


" عليها فعل ذلك، مر عشر سنوات عليها أن تتجاوز " 

+


بدون إضافة حرف لحقت بإبنتها بغية مواساتها، أما تليد اتجه صوب كلوديا وأبرار، حيث وجدهما جالستين تحت سقف الكوخ الصغير بينما تخط أبرار برسومات عشوائية على كتاب الرسم الخاص بها 

+


جلس بجانبها بينما يناظر أبرار مبتسما، لتقاطعه كلوديا بهمس 

+


"هل حور بخير؟" 

+


همهم موافقة ثم رد

+


" يحدث هذا كل مرة، ستهدأ بعد قليل "

+


"لماذا لم يسمح لها والدك بالذهاب لقبر زوجها!" 

+


فتح فاهه بغية رد لكنها استقامت بحركة سريعة، ثم أمسكت بيده تحثه على الوقوف وخاطبت لأبرار 

+


" أبرار صغيرتي سأتحدث لنصفك قليلا وأعيده لك "

+


رفعت ابرار رأسها ناحيتهما وابتسمت لها موافقة، لحظتها جرت كلوديا تليد خلفها مبتعدة عن أبرار قليلا 

+



        
          

                
" لا تتحدث أمامها "

+


اطال التحديق بها، بأعين واهنة بالحب قبل أن يصرح قلبه

+


"هل تعلمين لماذا احبك؟" 

+


عقدت حاجبيها استغرابا 

+


"لماذا؟" 

+


"لأنك كلوديا" 

+


"ألا تتعب من غزلك؟"

1


"لا، لن أتعب سأحبك لآخر نفس، سأحبك حتى أنطق شهادة موتي، أو أقول لك سأحبك حتى إن التقينا بالجنة، وسأحرص على أن نلتقي " 

+


حاولت كبت ابتسامتها وأبعدت نظراتها عنه ثم أعادتها عندما سألت ببرود

+


"دعنا من غزلك، أجبني على سؤالي؟" 

+


"زيارة القبور للنساء محرمة في الشريعة الإسلامية، استنادًا إلى أحاديث صحيحة تشير إلى اللعن، مما يدل على أن الأمر من الكبائر. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:« لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوارات القبور» (رواه الترمذي وابن ماجه وصححه الألباني)، "

10


علت بحاجبيها بغير رضى وردت

+


" تقصد النساء فقط، لا أفهم لماذا يُسمح للرجال بزيارة القبور بينما تُمنع النساء؟ أليس هذا تمييزا"

+


"أعلم أن الأمر قد يبدو غير منطقي في البداية، لكن دعيني أوضح. في الإسلام، الهدف من أي تشريع هو حماية الإنسان من أي ضرر أو موقف قد يؤثر عليه سلبًا. النساء، بطبيعتهن العاطفية، قد يتأثرن بشكل أكبر في المواقف التي تتطلب الصبر، مثل زيارة القبر، وتحريم ذلك راحع إلى بكايهن، ونواحهن أمام القبور" 

+


لم تشبع فضولها كلماته لذا سألت 

+


"لكن هذا لا يبدو سببًا كافيًا" 

+


حرك رأسه نافيا وراح يشرح 

+


" أفهم وجهة نظرك. الأمر مرتبط برؤية أوسع، الإسلام يحرص على الحفاظ على توازن المجتمع وحماية أفراده من أي مواقف قد تسبب لهم الألم أو الفتنة. النساء قد يتعرضن لمشاعر حزن شديد أو نياحة لا تتوافق مع الصبر المطلوب في مثل هذه المواقف. إلى جانب ذلك، قد تكون زيارة القبور أحيانًا مصدرًا لفتنة غير مقصودة بين الرجال والنساء، مما قد يؤدي إلى تأثيرات غير مرغوبة"

+


" غير صحيح ، أوافقك أننا نمشي بالعاطفة لكن ما الذي يمنعنا من التحكم في مشاعرها؟"

+


"أعلم ذلك، لكن أغلبية النساء لن يستطعن الحفاظ على رباطة جأشهن، وسينحن ويبكين وهذه مصرة لهن وللميت. وفي النهاية، النساء لهن طرق أخرى لتذكر الموت والآخرة من خلال الدعاء والعبادات التي تُحقق الغاية نفسها دون الحاجة لزيارة القبور، هذا التشريع له الأفضلية لكم، ودليل كم أن الله يهتم لمشاعركم "

+



        
          

                
عبس فاهها وراحت تفكر لثواني ثم صرحت 

+


" لكن بهذه الطريقة جرحت مشاعر حور أيضا، هي تريد زيارة قبل زوجها، لأنها اشتاقت له "

+


لاعب فروة رأسها بيده مبتسما 

+


" حور أختي التوأم وأنا أعرفها جيدا، ستدرك أن ما قاله والدي جيد لها، الذهاب لقبره لن يغير شيئا، وسيزيد قلبها نحيبا فقط، الدعاء له أفضل حل " 

+


لاحظ صمتها فأضاف ممازحا عندما انحنى لمستواها وأصبحت نظراتها موجهة لها 

+


" هل ستشتاقين لي إن مت؟ أو ستتزوجين وتنسيني كلو "

2


ابتسمت بخبث وأجابته دون تفكير بغية استفزازه 

+


"سأتزوج" 

+


وضعت كلتى يديه في جيبه عندما استقام ونمت على ثغره ابتسامة هادئة 

+


"جيد، افعليها،إن مت، وإن حدث لي شيئ لا تحزني كلو، فقط تجاوزي وعيشي حياتك سعيدة، لأن هذا ما تستحيقنه" 

3


أمال رأسه بزاوية يدفن نظراته بخاصتها

+


" غير ذلك، مادمت على قيد الحياة لن تبتعدي عني "

+


ضمت ذراعيها لصدرها، رمشت عدة مرات تدعي البراءة ثم قالت ممازحة

+


" وان مت أنا الاولى؟ " 

+


" أولا الأعمار بيد الله، ثانيا سأحرص على يأخذ الله أمانته وأنت على دينه، وبعد أن أريك مقدار حبي لك، ثالثا، سأعيش جسدا بلاروح حتى ألحق بك" 

1


لحظتها اقتربت منهم أبرار منادية إياه

+


"نصفي" 

1


"مدللته!" 

1


وقفت تنظر اليه لثواني بتردد ثم صرحت 

+


" هل أبي بخير أين ما كان الآن؟ " 

4


انحنى حتى صار بمستواها، ثم ابتسم بخبت بينما يمرر أنامله عبر خصلات شعرها بتحنان، وبما أنه كان بمقام والدها منذ وفاتها، فقط كان يعتبرها مثل ابنته أيضا 

+


" مدلتتي الصغيرة، لقد خلقنا الله لنعبده في هذه الدنيا أخبرتك بهذا من قبل صحيح؟ "

+


هزت رأسها موافقة ليكمل 

+


" لهذا هو له الحق بنا، وله الحق أن يأخذنا أو يتركنا فيها، لذا لا تقلقي عندما نعبد الله ونطيع أوامره، يجازينا بأخذنا من هذه الدنيا، الى مكان جميل وهو الجنة " 

2



        
          

                
ابتسمت بملء شدقيها وردت 

+


" إذن اذا أطعت أوامر الله سبحانه، سيأخذني يوما ما لألتقي بأبي هناك صحيح؟ "

+


مسد على شعرها بتأني ثم همهم لها موافقة لتضيف 

+


"والدي يحبني صحيح؟" 

+


ماكاد ينطق حتى أجابت كلوديا 

+


" لديه طفلة جميلة مثلك، أكيد يحبها "

+


استقام تليد يناظر كلوديا الذي بدى عليها التشتت، أما ابرار فعادت لإكمال رسمها 

+


وبعد ثواني من المشي بالحديقة قالت كلوديا 

+


" الحياة غير عادلة أبدا، أبرار لم ترى والدها وتتمنى لقائه، وأنا عشت معه واتمنى لو لم ألقاه يوما "

+


ترنحت من حلقها ضحكة سارخة خافتة، ثم التفتت لتليد وأضافت 

+


" وفي نفس الوقت أعرف إحساس أبرار لأنني لم أرى أمي أيضا، ولكن ما لا أفهمه لماذا والدي يكرهني يا تليد "

+


راح يحدق بها دون التفوه بحرف، فقط يتدارك تلك القصة التي تركت أثرها على قلبها ما جعلها تنتحب دون دموع، ولكن المقل لا تكذب 

+


" دائما ما يخطر في بالي هذا السؤال، هل لأنني ولدت بشعر رمادي هكذا وعينين مختلفتين؟ أم ربما كنت خطيئة!؟ ، رغم أنني سألت عمي ونفى ذلك "

3


" لست كذلك كلو أنت الفضيلة بين جم ورى كان عنوانه الخطيئة"

+


توقف يدفن نظراته بخاصتها 

+


" شعرك الرمادي وأطياف مقلتيك رمز للتميز، لذا من عليه زيارة طبيب أمراض عقلية هو والدك، لأنه فرط في جوهرة نادرة مثلك "

+


لثواني من التحديق المطول به، نمت على محياها ابتسامة خافتة، ترقرقت الدموع في أطيافها ثم قالت ممتنة 

+


"شكرا لك على هذه الكلمات، كنت بحجاتها كثيرا" 

+


بادلها الابتسامة، وعندما كان بصدد الرد قاطعته بعدما عاكست ذراعيها خلف ظهرها ورمته بنظرات بريئة 

1


"أريد شيئا" 

+


"ما هو!؟" 

+


"زيارة منزل عمي، لأني اشتقت لماريو وبريجيت" 

+


همهم بصوت رجولي 

+


"حسنا، هيا لأوصلك، ثم آتي لأخذك بعد انهاء بعض الأعمال" 

+


"سأبيت" 

+


وقف ينظر لها يبحث عن شيئ من المزاح، لأن فكرة مبيتها بعيدة عنه مستحيله، لكن رأى جدية الموضوع فأجاب بحزم

+



        
          

                
" وتركينني وحدي! في أحلامك كلو، ستذهبين لرؤيتهم وآتي لأخذك ليلا "

+


" يمكنك المبيت مع آمبر ما دمت تضعني في كفة ميزان واحدة معها "

3


اقترب منها أكثر عادما المسافة بينهما وابتسم بخبث 

+


" جربي المبيت، ويقولون تم خطفك من طرف زوجك كلو، تعلمين أنني سأفعلها، قلت ستعودين يعني ستعودين "

+


"قلت سأبيت يعني سأبيت" 

+


"كلو هل تمشين بمقولة سينتهي الزواج عندما أصاب بالجنون أو أموت؟ لأنني أرى محاولاتك لإصابتي بالجنون" 

+


"لا، لكن لا تتآمر علي ملك الجليد" 

+


تنهد بنفاذ صبر مرخيا عضلاته، ظنت أنه سيقبل لكن 

+


" حسنا، لننفذ أوامرك، ستبيتين حتى الساعة العاشرة، ثم آتي لأخذك "

6


ما كادت ترفض حتى أضاف بصوت جاد

+


" كلو، زوجتي تبيت تحت سقف منزلي وفي سريري، غير ذلك أمر مرفوض "

+


رضخت لأوامره فهي تعرف عناده، خرجا بعد توديع الجميع وبعدما اطمأنت على حور، متجهين للسيارتهما، لحظتها توقفت مصدومة عندما لمحت العديد من السيارات من مختلف الأنواع والألوان مصطفين بترتيب فسألت 

+


"لمن كل هذه السيارات" 

+


"لإيلياء، مهووس بالسيارات، لا أعرف لما كل هذه المبالغة" 

1


" لماذا كم سيارة لك؟ "

+


"واحدة، فأنا انسان يتعلق بالأشياء ولا يبدلها حتى تعود غير صالحة للاستعمال" 

+


عقدت حاجبيها عندما دخلها الشك أفكارها بأنه يقصدها، وترجمت كلماته لشيئ آخر،ثم سألت بصوت بارد

+


"هل تقصدني بهذا الكلام!؟" 

+


اقترب منها بثبات ثم توقف عندما انعدمت المسافة بينهما، دفن نظراته بخاصتها مبستما بخفت 

+


" إن كنت تقصدين أمر التعلق، فنعم "

+


على بحاجبيها بعدم رضى وأضاف 

+


"وإن كنت تقصدين شيئا آخر، فأولا أنت لست شيئا كلو أنت زوجتي وإمرأتي الوحيدة، وأيضا أنت لست شيئا للإستعمال، أنت مصدر نبضات قلبي" 

1


ارتفع قفص صدرها بتسارع دقات قلبها، توردت خجلا وتباطئت أنفاسها، ارتخت تقاسيم وجهها مؤنبة نفسها على سوء ظنها، وبدل الإعتذار ابتعدت عنه وغيرت الموضوع

+



        
          

                
" إيلياء محظوظ، كنت أتمنى سياقة سيارتي الخاصة، لكن والدي كان يجبرني على الذهاب مع الحارس دائما "

+


توجه بها مباشرة لمنزل عمها، لم يدخل واكتفى بتوديعها من باب المنزل ثم توجه لإكمال أعماله، اتجهت هي للداخل حيث استقبلها صراخ بريجيت 

+


"كلوديا" 

+


اندفعت بريجيت نحوها وارتمت في حضن كلوديا 

+


"أيتها الحقيرة، نسيتنا منذ زواجك" 

+


ضحكت كلوديا بخفت 

+


" لا تشتمي يا غبية "

2


خرجت من حضنها، ثم أمسكت بيدها تجرها خلفها 

+


"تعالي أخبريني، كيف حالك؟ كيف تعيشين؟ سمعت أن زوجك متدين صارم، هل يزعجك؟ هل يفعل شيئًا يجبرك على شيء؟ أخبريني، سأذهب لألكمه!"

4


جلست كلوديا بجانب بريجيت على الأريكة، وحاولت كبح ابتسامة خفيفة ارتسمت على شفتيها. أشاحت بنظرها نحو النافذة وقالت بصوت خافت

+


"إنه... جيد. أكثر مما ينبغي."

+


اقتربت بريجيت منها

+


"كنت تتمنين زواجًا مميزًا، ورجلًا كرواياتك المفضلة. هل وجدت ما تمنيته؟"

+


نفت كلوديا برأسها وتنهدت بعمق

+


"ربما لم أجد ما تمنيته. لم أجد الحكاية المثالية التي كنت أبحث عنها..."

6


قاطعتها بريجيت مستفزة

+


"إذن؟ هذا يعني أنك تعيسة، أليس كذلك؟"

+


رفعت كلوديا عينيها نحوها، وكأنها تحاول ترتيب أفكارها

+


"أبدا . لكنه... مختلف. مختلف بكل شيء. لا يرفع صوته عليّ، لا يجبرني على شيء، حتى في أمور الدين، كل ما يفعله هو أن يذكرني، ثم يتركني أقرر بنفسي. يحترم معتقداتي، ويحترم أنني... لست مثله."

4


"وماذا عن الحب؟"

+


سألتها بريجيت بنبرة صريحة

+


تجمدت كلوديا للحظة، ثم قالت بصوت حاولت أن تجعله متماسكًا

+


"الحب؟ لا أعرف. لكنه يجعلني أشعر بشيء غريب... أمان ربما؟ أو هدوء لم أجربه من قبل؟ لا أستطيع تفسيره."

2


نظرت إليها بريجيت بشيء من الحيرة 

+


"لكن ألا يخيفك أنه مختلف عنك تمامًا؟ أن دينه... صارم، وأفكاره ليست مثل أفكارك؟"

+



        
          

                
ابتسمت كلوديا بخفة، وأشاحت بنظرها مرة أخرى

+


"يخيفني الموضوع أحيانًا، نعم. لكن أكثر ما يخيفني... هو أنني أحيانًا أرى نفسي أتغير بسببه. ليس لأنه طلب مني، بل لأنني أريد أن أفهمه أكثر. أريد أن أفهم هذا الإيمان الذي يحمله في قلبه."

+


صمتت بريجيت للحظات، ثم قالت بابتسامة مشاكسة

+


"أوه، كلوديا، يبدو أنك وقعت في شباكه دون أن تدركي."

2


هزت كلوديا رأسها بعناد، وقالت وهي تنظر بعيدًا

+


"لا، لم أقع في شباكه. أنا فقط...هو شخص كسر الباب الذي كنت أغلقه أمام الجميع "

+


ضحكت بريجيت بخفت 

+


"احم سمعت أنهم أغنياء أكثر منا، وأنه بليونير، أخبريني هل لديه أخ؟ زوجيني به، سأصبح زوجة أخ زوجك، صفقة مربحة اشتري واحدة وخذ الثانية بالمجان"

7


ضحكت كلوديا بخفت، فقد اعتادت على مشاكسة بريجيت 

+


"نعم لديه أخ، إي......" 

8


أرادت نطق اسمه فسمعا صراخ ماريو وهو يقترب منهما 

+


" بجعتي "

+


ارتمى في حضنها معانقا إياها بقوة 

+


" متى أتيت "

+


"قبل قليل" 

+


"ستبيتين صحيح؟" 

+


"لا، أستطيع وغري" 

+


صرخت بريجيت 

+


"لماذا!" 

+


"سيأتي ويأخذي ساعة عاشرة" 

+


ابتسمت بريجيت بخبث، وكأن عقلها ترجم أفكار عشوائية 

+


" طبعا، أنت متزوجة عليك المبيت في منزل زوجك "

1


لاحظت كلوديا ابتسامتها فسألت 

1


"ماذا" 

+


غمزت بريجيت ساخرة، ما جعل كلوديا تستوعب ما تقصده 

+


توردت خجلا، ولطمتها على كتفها 

+


" بريجيت اصمتي "

+


بعد مدة جاذ صليبا، التهى الجميع في الحديث بمختلف المواضيع، وعندما دقت ساعة العاشرة اتصل تليد

+


" يبدو أنه ينتظرني خارجا، علي الذهاب "

+


وقفت بريجيت وكذلك الآخرون 

+



        
          

                
" أريد رؤيته، رأيته فقط على مواقع تواصل الإجتماعي، لكن أريد رؤيته على أرض الواقع "

+


ودعت الجميع وخرجت، ولحقتها بريجيت، كانت تريد رؤيته لكن الظلام والتلفاته منعها من ذلك، لذا تنهدت متذمرة وعادت لمكانها 

+


أما كلوديا دخلت السيارة وجلست بهدوء، ليسألها تليد 

+


" كيف كانت الزيارة "

+


ابتسمت بخفت 

+


"رائعة" 

+


انطلقا بالسيارة للمنزل، وصلا بعد ربع ساعة تقريبا، دخلا المنزل لتستقبلهما آمبر، اقتربت منهما ببطئ ما جعل كلوديا تختبؤ خلف تليد وتصرخ 

+


"ملك الجليد أرجوك أبعدها" 

+


ضحك بخفت واقترب يربت على فرو آمبر بلطف بينما يناظر كلوديا مبتسما 

+


"فقط جربي، هيا تقدمي واربتي على رأسها" 

+


صمدت في مكانها لثواني بتردد، ثم اقتربت منها بخطوات متثاقلة

+


مدت يدها بتردد مغمضة العينين تحاول لمسها فاقتبت آمبر سامحتة لها بذلك

+


فتحت عيناها على وسعها عندما شعرت بفرو آمبر يلامس يدها فابتسمت بخفت وهي تحدق بها 

+


" أعجبتها "

+


قالت بهدوء فأجابها تليد 

+


"من لا تعجبيه كلو؟ حمدا لله أنني أخذتك قبلهم" 

+


رمته بنظرات مبتسمة، ثم راحت تلاطف آمبرة وبعد ثواني ذهب تليد ثم عاد بربطة في يده 

+


"انهضي" 

+


أشار لكلوديا بالنهوض ففعلت ذلك مستغربة 

+


"التفتي" 

+


"لماذا؟" 

+


"الفتي وستعلمين بعد قليل، ألا تثقين بي؟" 

+


فعلت ذلك رغم تعجبها من فعلته، وضع الربطة على عينيها فقالت متعجبة 

6


"تليد ماذا تفعل؟" 

+


دفعها للأمام ببطئ، تمشي بخطوات متثاقلة وهو خلفها، وعندما لاحظ رجفة جسدها قال هامسا في أذنها 

+


"توقفي عن الإرتجاف كلو، أنت مع مأمنك" 

7


تنفست بصعوبة، تتمسك بتنورتها بكف يديها 

+


" لا أستطيع "

+


"ستستطعين، عندما تمحي من ذاكرتك ما لا أعرفه، لأنني أنا تليد زوجك، وملاذك الآمن" 

+



        
          

                
كانا لحظتها قد وصلا لباب يؤدي للخارج، فتحه ببطئ ثم دفعها للأمام وراح يحاول فك الربطة 

+


"هل أنت مستعدة؟" 

+


همهمة مواقفة، لينزع الربطة من على عينيها ببطئ، لحظتها وقفت مذهولة لما تراه أمامها، وسعت حدقتيها اعجابا، تفتح فاهه من جمال المنظر 

+


حركت بصرها بالأرجاء تبتسم بملء شدقيها، ثم التفت إليه غير مصدقة، ما جعله يبادلها الابتسامة ويقول بخفت 

+


" الزهور التي تحبينها، صحيح "

12


كانت حديقة عبارة عن لوحة سحرية تزهو بأزهار البنفسج التي امتدت كبحر الأرجواني تحت ضوء القمر، تتغنى بهدوء الليل المهيب 

1


وبين ألوان البنفسج، تسللت بضع زهور مختلفة اللون والنوع، توهّجت كأنها نجوم نبتت من رحم الأرض لتكسر رتابة الألوان

+


ما زاد المنظر سحرا، هو تلك الأضواء الصغيرة المتناثرة بين الأزهار تومض بهدوء، ترسم مسارات ذهبية على أرض الحديق

+


تقدمت كلوديا للأمام قليلا،حيث لمحت في تلك الزاوية البعيدة، شموع عطرية ترسل وهجها الدافئ، ورائحتها الزكية التي اختلطت برائحة الزهور، تملأ الأجواء بعطر يسرقك من صخب العالم ويعيدك إلى أحضان هذا المشهد الآسر.

3


"هل أعجبتك؟" 

+


التفت إليه مبتسمة ملء شدقيها، تترقرق بعض الدموع في أجفانها وردت

+


"تمزح صحيح؟ هذه زهوري المفضلة، لا أصدق أن حلمي تحقق، كنت أود فعل هذا في حديقة منزلنا لكن كلما أتذكر أن..... " 

+


صمتت عندما أدركت خطورة ما تود قوله، تسارعت نبضات قلبها وتغيرت ابتسامتها لعبوس، بينما تحدق به قلقة ماجعله يتسائل 

+


"تذكرت ماذا؟" 

+


زيفت شعورها بإبتسامة واهنة وسألته 

+


"كيف عرفت أنني أحبها؟" 

+


" ثيابك، وكل مستلزماتك بهذه زهور سلوان الفجر، كيف لا أعرف ما تحب امرأتي؟ "

+


حدقت به لثواني معدودة بذهن مشتت، ثم خرجت الكلمات من حلقها دون استئذان 

+


"لماذا تبدو كرجال الروايات لكن بشكل مختلف؟" 

16


رفع حاجبيها استغرابا وسأل

+


"كيف مختلف؟" 

+


" كرجال المافيا، المهوسين بنسائهم، لكنك مسلم "

8



        
          

                
اقترب منها بخطوات ثابتة يناظر أطيافها بتمعن 

+


"هل يجب أن أكون من المافيا لأعطي زوجتي الحب الذي تستحقه كلو؟" 

+


انحنى لمستواها مبتسما بملء شدقيه لتظهر الحفرة على خده الأيمن 

1


"ألا يكفي أن أكون رجلاً أسرتِ قلبه في متاهة حبك، فتلاشى فيه كل شوقٍ للحرية، وصار الخروج منها خسارة وجود؟"

+


اقترب منها أكثر عادما المسافة بينهما، بينما يدفن نظرات هيامه بأطيافها، وأضاف بصوت رجولي مبحوح 

+


" يستحي ورد البنفسج من جمالك كلو، لا يليق بعينيك غير إطرابها بالغزل، لست بشاعر ولكن أُسطر الحروف من ولهي وأكتفي بالنظر، غزل الروح فيك أهمله الحُسن وارتجَلْ "

9


لاعب خديها بطرف ابهامه بتحنان وأضاف باليونانية

+


"Χάθηκα σε σένα"

1


كانت تعني «ضعت بك أو تهت فيك» 

4


"لم أفهم، لكن تبدو جملة رومنسية؟" 

+


ابتسم بخفت يتفحص تقاسيم وجهها 

+


" وهل يصرح ثغري غير ذلك وأنت أمامه؟ "

+


" أنت تستغل نقطة ضعفي سيد ملك الجليد"

+


"وأنت نقطة ضعفي كلو" 

+


مازال جسدها يرجف منه، رغم عدم تهربها منه، وهذا شيئ لم تستطع التحكم به بعد

+


"مازلت ترجفين" 

+


أحكمت قبضة يدها بينما تحاول السيطرة على نبضات قلبها المتسارعة 

+


" آسفة، فقط أنا... "

+


قاطعها مبستما بهدوء 

+


" لا تبرري كلو، أنا لا أضغط عليك، أريدك أن تكوني مرتاحة فقط "

+


جذبها نحو الكرسي المتأرجح وأجلسها عليه ثم انحنى يلاطب يدها بينما يتعمن بها

+


" لا أعرف ما حدث لك، ولن أجبرك على اخباري، ولكن اعلمي جيدا أنني لست مثلهم، لست مثل والدك كلو، ولا أشبه أي أحد من ما آذاك، تأكدي أنني جئتك العوض، ولن أكون غير ذلك "

1


ابتسمت بحزن، يلمع مدمعها أسى لحالتهما 

+


" لا أريد أن أكون خيبتك، ولا أستطيع أن أحبك، أنا فتاة منحوسة "

4


مسحت تلك الدموع التي نزلت بهدوء على خديها بحركة سريعة وأضافت غير سامحة له بالرد

+



        
          

                
" كنت نحسا لوالدتي لأنها ماتت بعد انجابي، وكنت نحسا لوالدي ولنفسي ولأي شخص يقترب مني، ولك أيضا، أنا كسرت هدوء حياتك " 

1


حرك رأسه رفضا ببطئ، ورغم كل ما تفهوت به قال بهدوء 

+


" نعم، كسرت هدوء حياتي، وجعلت قلبي ينبض لك فقط، أنسيتني أنني كنت رجلا بلا حب قبلك كلو "

+


كانت تحدق به، وفجأة قوست ظهرها وتأوها ألما ممسكة بقلبها

+


لثواني معدودة بقت على حالها تصارع الألم بينما تزج على أسنانها وراحت تتنفس بصعوبة وكأنها تجاهد الروح لبقائها 

9


" كلو، ماذا حدث هل أنت بخير؟ "

+


وقف يتدث بقلق وهو يرى حالتها، وبعد مدة ليس بطويلة، تنفست بعمق واستطاعت العودة لطبيعتها 

+


" علينا أخذك إلى الطبيب" 

+


ابتسمت تزيف ارهاقها المفاجئ 

+


" لا، داعي يحدث هذا كثيرا، زرت الطبيب من قبل ولم يجد شيئا"

+


" لن أرتاح حتى أزوره معك، لا يبدو عليك أنك بخير " 

+


نهضت مسرعة مغيرة الموضوع، تتحدث بحماس 

+


"أنا بخير حقا، أريد قطف بعض الزهور" 

+


جلس هو على الكرسي وراحت هي تريح روحها بعبق زهور البنفسج، تقطف بعضها، وتتغنى بجمال بعضها، وبعد مدة عادت للجلوس بجانبه، لحظتها، وضع رأسه على حجرها بحركة سريعة ما جعلها تصرخ 

+


"ماذا تفعل" 

+


"أستريح" 

+


ابتسمت بخبث وراحت تضع زهور البنفسج الصغيرة على لحيته

+


"دعنا نزين لحيتك" 

+


وبينما كانت هي مشغولة بتزيين لحيته قال 

+


" كلو، أخبريني عن حياتك، كيف عشت وكيف كانت؟ "

+


توقفت لدقائق تحدق به بتردد، ثم وبعد تفكير مطول قالت عابسة الفاه

+


" مملة، كنت انطوائية منذ صغري، أذهب للدراسة ثم أعود لذلك المنزل الموحش حيث أجد الخادمات اللواتي يستقبللني وكأنني عبئ عليهن "

+


كان ما تقوله واضحا على ملامحها، ويبدو أنها جروحا أكثر

+


ابتسمت بمرارة وأكملت 

+


" تعرضت للتنمر كثيرا، بسبب شكلي المختلف في جميع مسيرتي الدراسية، لذا عندما دخلت الجامعة لم يسمح لي والدي بالذهاب، واكتفيت بالدراسة في المنزل، والذهاب أيام الامتحانات فقط، شكرا للرب أن عمي كان مدير الجامعة،ولهذا لا يعرف أحد أنني ابنة جوناثان "

3



        
          

                
صمتت بعدها تبدو مترددة تريد قول الكثير من الأشياء لكنها لم تستطع 

+


راحت تزين لحيته، أما هو ناظرها كأنه يريد أن يسألها عن شيئ لكن متردد، وبعد محاولات كثيرة للإمتناع قال 

+


" آسف على هذا السؤال، ولكن هل تعرضت للعنف في ذلك المنزل ؟"

+


توقفت يدها عن الحركة وهي لاتزال موضوعة على لحيته، تجنب النظر نحوه ولاحظ رجفة يديها المفاجئة مجددا، لمح بعض الدموع متحجرة في مدمعها فأضاف 

+


" أريد مساعدتك، إن لم تريدي اخباري فلا بأس "

2


بلعت ريقها بصعوبة تحاول كبت دموعها، وبدون سابق إنذار شعر برجفة جسدها أيضا، وماكاد يفتح فاهه لرد راحت تحكي له 

+


" ستنسى غدا أنني أخبرتك بهذا، ولن تراني ضعيفة لأنني لست كذلك "

1


ابتغى رد لكنها منعته مرة أخرى وأكملت 

+


" لم أهتم بالعنف اللفظي والجسدي الذي تعرضته من طرف الخادمات، كنت عنيدة معهم وأرد عليهم، لكن ما يقتلني هو أنه كان والدي الذي كنت من صلبه، كيف يفعل أب بفلذة كبده ما فعله بي؟ "

+


رفع رأسه من على حجرها، ثم عدل جلسته، وراح يصغي لها، رفعت تنورتها عن ساقها وأرته علامة جرح بركبتيها، ثم انتقلت لترفع القميص عن بطنها قليلا، وأرته علامة أخرى، ثم في الأخير أشارت لذراعها حيث كانت تبدو كعلامة جرح عميق 

11


كان هو تحت صدمته، يحاول كبت غضبه وهو يرى تلك الكدمات، ظهرت عروق يديه تعلن إعلان حرب بداخله

+


" هذا ما تركه بي، لكي لا أنسى ما حدث أبدا "

+


أكملت حديثها والغصة تمنعها، تتحدث وشهقات قلبها تتعالى، جسد صامد وروح على وشك الانهيار، كيف لفتاة في الثالث والعشرين من أن تكن بَوَى يخلج المهج

+


" كان يعنفي لفظيا وجسديا كلما سمحت له الفرصة، ينعتي بجميع الصفات البذيئة، يضربني بكل غلطة صغيرة. هل تتخيل حتى وأنا صغيرة لا أفهم شيئا كان يضربني لأنني كنت أخرج للعب، قائلا أنني وجه نحس ليس علي الاقتراب من أحد " 

+


صمتت قليلا وأضافت

+


" أتذكر يوما، كنت في أبرار تقريبا، أهداني عمي دمية، وكانت أول مرة أتلقى هدية، رأيت فتيات يلعبون خارجا فأردت مشاركتهم، لكنه أتى ووجدني معهم، أخذني للمنزل وأحرق دميتي ثم عاقبني، لن أنسى ذلك اليوم أبدا "

+


رغم كل ما تفوهت به كانت تحاول كبت دموعها مزيفة شعورها بابتسامة حزينة 

+



        
          

                
" وعندما كبرت أصبح يتحكم بي كالدمية، لا أتنفس حتى أطلب إذنه، حرمني من شبابي ومازلت لا أعرف لماذا "

+


كان يعلم أنها عاشت حياة سيئة، لكن ليس لهذه الدرجة، تعابير وجهها وهي تقص له ما حدث جعلت ذلك الجبل ينهد، كانت أنفاسها تتسارع، سمحت لدموع حارة بالانسياب على خط وجنتيها بهدوء وراح صوتها يعلو شيئا فشيئا 

+


" زاد الأمر سوءا منذ تلك الحادثة، صرت جسدا بلا روح وأصبح يستغلني بسببها، ولذلك رضخت لأي شيئ يطلبه غصبا عني أو سيخبر الجميع، أو يعاقبني بوضعي في الحديقة واغلاق الباب، يعلم أنني لا أستطيع الجلوس هناك "

+


شعرت بالإختناق وصارت تتنفس بصعوبة 

1


" كنت أختنق واستنجد الجميع ، لكن لا أحد يسمعني، كنت أموت في صمت ، كيف يفعل ذلك بابنته اخبرني، لو لا عمي لكنت ميتتة الآن، حاولت الإنتحار ثلاث مرات " 

+


لحظتها جذبها لصدره وغرسها بحضنه، وكأنه يخبرها أنه الأمان الذي كانت تبحث عنه، راح يربت على شعرها بتحنان بينما تتعالى شهقاتها بصوت مختنق

2


"أنا لست ضعيفة، لقد كان والدي" 

3


"لست كذلك كلو، أنت قوية، أنت قوية لأنك مررت بكل ذلك لوحدك، أنت قوية لأنك استمريت بالحياة رغم كل ما مر بك، والدك هو الضعيف كلو، سيعاقب تأكدي من ذلك، إن لم أفعل أنا ذلك، سيأخذ عقابه الإلاهي عاجلا أم آجلا" 

+


لم يضف كلمة واحدة أخرى، واكتفى بتركها تفرغ كل تكدس بداخلها بحضنه، ورغم كل التساؤلات التي تخللت أفكاره، لم تخبره بما حدث، وعجز عن سؤالها مرة أخرى عندما رأى حالتها، لذلك، فقط راح يغرسها بحضنه تعويضا عن كل ما مرت به 

+


وبعد ربع ساعة تقريبا، هدأت، واستطاعت التحكم برجفتها، لكنها بقت في حضنه، ما جعله يقول ممازحا لتغيير الأجواء 

2


" هل أعجبك حضني كلو؟ كله رهن لك عندما تريدنه، هو يخصك فلا تتردي بالإرتماء إليه كلما احتجته "

+


خرجت من حضنه مبتعدة بحركة سريعة، بينما تمسح الدموع من وجنتيها مبتسمة بخفت 

+


" آسفة؟ "

3


"لماذا التأسف فهو ملكك؟ أنا كلي ملكك كلو" 

+


أطالت التحديق ببندقيتيه لثواني ثم غيرت الموضوع 

+


"أخبرني أنت كيف عشت حياتك؟" 

+


" عشتها أنتظر انتمائك إليها " 

+


لطمته على كتفه بخفة متذمرة 

+


"توقف عن ألاعيبك، أجبني بجدية" 

+


عاد ليستلقي على حجرها، مصوبا نظره نحوها 

+


" كانت حياتي عادية والحمد لله، كنت صارما لكن ليس انطوائيا كثير، كان لدي بعض الأصدقاء منهم يوسف، لأنني انتقائي، لا أدخل أي شخص في حياتي، أكملت الدراسة، وفتحت شركة اعلام خاصة بي، وها أنا متزوج بك الآن وهذا الشيئ المميز الوحدي الذي حدث لي، أحمد الله عليه " 

+


رفع ذراعه يلاعب خصلات شعرها بأنامله، يدفن وهن هواه بأطياف مقلتيها، غارقا في تقاسيم فتنتها وأضاف بصوت هادئ رجولي 

+


"كلو" 

+


همهمت له مبتسمة، وكأنها لم تلاحظ غرقه بها، وأنها كانت جرفا حب لقلب صام لسنوات، ليكمل هو 

+


"أريد طفلا منك" 

4


وسعت أجفانها صدمة، تساعرت نبضات قلبها وغفلت عن يديه التي تلاعب خديها. احمرت وتصاعدت حرارتها وقد لاحظ ذلك، ولكن بعد ثواني تحول تلك الصدمة لعبوس، وكأنها تخفي شيئا آخر، وظنا منه أنها غاضبة لما قاله أكمل 

18


" ليس الآن كلو، ليس الآن، عندما تكونين جاهزة لإستقبال حبي "

+


انتهى 

2


تنبيه: فصل في اخطاء إملائية ولغوية لانو مضغوطة وما ركزت على التعديل 

+


معلومات بحثت عنها، اي خطأ نبهوني، وعطوني دليل الشرعي

+


رأيكم بالأحداث؟ ، للمعلومة الأحداث لسى هادية بس لا تتخيلو أنو هذا هدوء راح يطول. 🙂 

+


أعيد إيلياء مراهق ويمثل بتض المسلمين بالواقع لياخذو من الإسلام بس الأفكار لي حبوها، لهيك لا تاخذو أفعالو كمزحة او كشيئ عادي، لأنو في الأخير في أشياء يساويها حرام، بس لا تتسرعو كمان لأنو شخصيتو راح تتطور 

2


جماعة شكلي بدأت مل من تليد رومنسي، لانو انا بحب الحزن وكآبة. 🙂 انتو ما مليتو صح؟ 

46


شو عجبكم بالفصل شو ما عجبكم؟

7


شو تتوقعو راح يصير؟ 

+


شروط الفصل القادم 

2


تعليقات توصلوها للألف لأنو فصل طويل 

6


عدد النجوم يوصل على الأقل نصف المشاهدات 

2


اذا ما تحقوو ها شرطين من سابع المستحيلات حط فصل، حتى لو العام المقبل 

9


الى اللقاء، نلتقي في الفصل القادم 

7



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close