رواية سلوان الفجر الفصل السابع 7
أسِرَتِ النَّجوى بين قلبٍ لامَسَهُ الهَوَى، وعقلٍ دَبَّ عَلَى نَهْجِ الواقع
2
فصمتُ الغيرةِ أَبْلَغُ من كلِّ الكلام.
4
_____________________
+
لا تنسو الضغط على النجمة والتعليق. 🤍🔪
6
________________________
+
اقتربت منه بحركة سريعة حيث أمسكت بذراعه واختبأت خلفه
2
" ماذا حدث؟ "
+
رفعت ذراعها تشير بذعر للأمام وقالت بصوت متقطع، بينما تحاول استرجاع أنفاسها
+
"ماذا يفعل هذا شيئ هنا"
5
التفتت للمصدر، حيث كانت لبوة متوسطة الحجم وهي تقترب منهم بثبات، ضحك تليد بخفت ثم ابتعد عنها متوجه صوب اللبوة، لكنها منعته
34
"ماذا تفعل، ستؤذيك"
+
على بحاجبيه ساخرا ورد ممازحا
+
" هل أنت خائفة علي، أم خائفة على نفسك لأنني لو تأذيت لا أحد سيحميك منها! "
4
أطالت التحديق به فرأى جوابها في عينيها، لذا ابتسم مطمئنا إياها
2
"إنها آمبر وهي غير مؤذية"
21
أفلت يدها من ذراعه واتجه بثبات صوب آمبر تحت نظرات كلوديا المتعجبة، لاعب فروتها بتأني لترتمي في حضنه، تلاعب ذقنه
1
"لكن قلت أن آمبر قطتي"
2
" نعم، وهذه قطتي "
4
صرخت بتفاجئ
+
"ماذا، هل الأغنياء لديهم تسميات أخرى للحيوانات؟ إنها لبوة وليست قطة"
17
لحظتها اقتربت آمبر منها ببطئ، لتبتعد مسرعة وهي تصرخ
+
" ملك الجليد، أرجوك قل لها أن تبتعد"
+
ضحك بهستيرية لردة فعلها مشيرا لها بالثبات
+
"انها غير مؤذية فقط توقفي"
+
"إنها من الحيوانات المفرسة يا غبي"
15
على بحاجبيه بغير رضى ثم قال
+
"ألفاظك كلو"
12
نمت على ثغرها ابتسامة مستقيمة، ثم أطبقت على فاهها مسكتة لسانها الذي لا يعي ما يقوله عندما تكون متوترة وأضافت
+
"كيف تربي حيوانا مفترسا في منزلك"
+
راح يربت على رأس آمبر بلطف بينما يتحدث
+
"آمبر ليست مفترسة، هي قطتي الأليفة، كما أنني لم أتقصد تربتيها لأن تربية هذه الحيوانات لا يجوز في الإسلام، لأنها في الأخير تظل مؤذية"
3
"لماذا تضعها هنا اذا، ألا ترى ارتجاف جسدي منها"
3
زم شفاهه، ثم رفع حاجبا وأنزل آخر
+
"يرتجف جسدك مني أيضا، أيجب أن أبتعد كذلك!"
9
أزاح ناظره صوب آمبر مرة أخرى وأضاف
+
" سأجد لها مكانا آمنا آخر عن قريب، لأنني كنت مجبورا على تركها هنا "
+
"لماذا؟"
1
" كانت في احدى الحدائق حديثة الولادة على وشك الموت، فأرادو قتلها، لذا أخذتها وساعدتها على الشفاء بأخذها لأطباء مختصين "
8
وضعت كلتى يديها على خصرها وردت ممازحة
+
" اذن سيد تليد لطيف حتى مع الحيوانات "
10
وجد فرصة ليريها جمال الإسلام حتى في إمور بسيطة، لذا راح يشرح
+
" أمرنا الله تعالى في كتابه بالرفق بالحيوان،حيث قال سبحانه:« وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ۚ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ» فهذه الآية تشير إلى أن جميع المخلوقات هي أمم تشبه البشر في كونها أممًا مخلوقة تعيش وتستحق الرعاية والرحمة"
+
رفعت حاجبا وأنزلت آخر بغير تصديق وقالت بنبرة ساخرة
+
"تمزح صحيح، حتى الحيوان له أهمية في دينكم!"
11
حرك رأسه موافقة، ثم همهم بتفهم
+
"الدين الإسلامي دين الرحمة والإنسانية؛ فقد حثّ على لين الإنسان مع أخيه الإنسان ومع غيره من المخلوقات، ودعا إلى الرفق بالحيوانات، وجعل ضربها أو تعذيبها أمراً محرما، كما حرّم علينا حرمانها من الطعام أو الشراب، أو حتى تحميلها فوق طاقتها"
4
اقترب منها أكثر بينما آمبر تنظف نفسها كقطة صغيرة
3
"هل أحكي لك مواقف عن الانسان والحيوان!"
2
همهمت قبولا، ففضولها قادها لمعرفة كيف لدين أن يهتم بحيوان بلا عقل
2
جلس على الأريكة وأشار لها بالجلوس بجانبه، لكنه راحت تحدق بآنمبر بتوتر، لذا أضاف مطمئنا
+
"لن تؤذيك وأنت بجانبي كلو، تعالي"
4
فعلت ذلك، ثم جلست بجانبه وراح يحكي
+
" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم«دخلت امرأة النار في هرة حبستها، لا هي أطعمتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض» أي أنها حبست قطة صغيرة في الغرفة لم تطعمها ولم تدعها تأكل لحالها، فكان عقابها النار "
12
صمت قليلا ثم أضاف
+
" وفي موضع آخر عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال« بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش، فوجد بئرًا فنزل فيها فشرب، ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ بي، فنزل البئر فملأ خفه ماءً ثم أمسكه بفيه حتى رقى فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له". قالوا: يا رسول الله، وإن لنا في البهائم لأجرًا؟ فقال: "في كل ذات كبد رطبة أجر"» ويعني أن الرفق بالحيوان واجب، فيمكن أن تجاز أو تعذب بسببه، لذا نعم هذا هو ديننا"
10
ضمت ذراعها وثنت شفتيها تذمرا وكأنها شعرت بالغيرة على معتقداتها فأجابت
+
"على الرغم من أن النصوص في العهد الجديد لا تتحدث بشكل مباشر عن رعاية الحيوانات مثل العهد القديم، إلا أن تعاليم يسوع المسيح تركز على المحبة والرحمة بشكل عام أيضا سيد تليد، مما يشمل كل الكائنات. في إنجيل متى (10:29)، ذكر يسوع« ألَا تُبَاعُ عُصْفُورَانِ بِفَلْسٍ؟ وَوَاحِدٌ مِنْهُمَا لَا يَسْقُطُ عَلَى الْأَرْضِ بِدُونِ أَبِيكُمْ.» لذا هذا يوضح أن الله يهتم بكل مخلوقاته، حتى أصغرها، مما يبرز أهمية التعاطف والاهتمام بالحيوانات في المعتقد المسيحي»
2
" كوني منطقية، كلو. لا يمكن أن نتجاهل أن الكتاب المقدس قد مر بتغييرات عديدة عبر الزمن، مما يعني أن الأفكار التي يحتويها تحمل لمسات بشرية أضيفت على النصوص الأصلية. وانت قلت هذا بلسانك الآن، عندما ننظر إلى العهد الجديد والقديم، نجد أن الجوهر الإلهي المشترك هو الرحمة والمحبة، لكن التغييرات التي طرأت عليها تجعلنا نتساءل عن مدى دقة النصوص الحالية ومدى توافقها مع الرسالة الأصلية التي أراد الله إيصالها. الحقيقة هي أن ما هو حق وصحيح يمتد عبر الأزمان دون أن يتغير، ولكن تدخل البشر قد أضاف تفاسير وتحريفات تجعل من الصعب الوصول إلى النقاء الأصلي للنص. لذا، حين نتحدث عن المحبة الإلهية لكل المخلوقات، علينا أن نتساءل عما إذا كان ما نقرأه اليوم يعبر حقًا عن تلك الرسالة السماوية كما أرادها الله؟ هل أنا مخطئ؟ "
5
أطالت تحديق به لبرهة من الوقت بينما تسبح في بئر أفكارها، مستنجدة عقلها بحل العقد التي تركتها جمله بها، ولأو مرة في حياتها تخاطب مسلما بأفكار جعلتها تفكر مليا بما تؤمن به، ولكنها ورغم ذلك تعدمت تجاهل ما قاله كي لا تضع في موقف محرج
5
نهضت مسرعة بدون سابق انذار
+
"سأستحم وأرتاح، قل لقطتك أن لا تقترب مني، أخرجها من هنا"
+
استقام هو الآخر وقال ببرود
+
"آمبر لن تخرج من هنا حتى أجد لها مكانا مناسبا"
1
"أنا أم هي؟ "
15
"الإثنين مكانكما هنا"
2
"هل تقول أن لبوة أفضل مني!"
+
"هل تغارين من حيوان كلو؟"
+
"أنا، أغار، من لبوة؟ مستحيل، ذاهبة لأستحم"
12
قالت كلماتها محرجة بإندفاع قبل أن تصعد للغرفة مباشرة، أخذ منها الاستحمام نصف ساعة تقريبا، ثم خرجت مرتدية لباس استحمام أبيض، تجفف شعرها بالمنشفة، لكن فور التفاتها صوب السرير، وجدته مستلقيا مغمض العينين، فصرخت بدون سابق انذار متفاجئة
1
"ماذا تفعل هنا؟"
2
رغم صراخها إلا أنه فتح ستار أجفانه ببطئ، نظر إليها بطرف عين مستوعبا ما يراه قبل أن ينبس
+
" أستغفر الله "
5
استقام بحركة سريعة محني الرأس صوب السرير
+
" لماذا أستغفر إنها زوجتي؟ "
23
أزاح بصره ناحيتها، انكمشت ملامحه ونظر نحوها بغير فهم
+
" حسنا لنوضح الأمور، سيدة كلوديا دعيني أذكرك أننا متزوجين، يعني هذه غرفتي أيضا "
2
حركت بصرها في الأرجاء بتوتر، ثم إليه بنظرات راجفة. وقالت بصوت شبه خافت
+
"هل تقصد أننا سننام في نفس الغرفة!"
2
همهم موافقة بصوت رجولي لترد مباشرة رافضة
+
" مستحيل "
+
استقام بثبات واضعا كلتى يديه في جيبه، وراح يتقدم ناحيتها بخطى متثاقلة
+
" تعلمين أنني رجل متفهم "
2
أشار للأريكة وأضاف
+
" سأعطيك فرصة للإستيعاب أننا زوجين، وسأنام على الأريكة، لذا لا تقلقي "
+
تقدمت للأمام تحاول تجاوزه، بينما تتحدث بتذمر
+
" نم أنت هنا، وسأنام أنا في غرفة أخرى إذن "
+
أمسكها من يدها ورماها لتلتطم بصدره، رشقها بنظرات حادة، وقال بنبرة باردة تخللها التهديد بينما يصر على أسنانه
+
" كلو، دعيني أكن رجلا متفهما حبا لله، قلت ستنامين على السرير وسأنام على الأريكة "
2
هز رأسه يمينا ويسارا ثم أضاف مبتسما باستفزاز
+
" لا تدعيني أجبرك على النوم في سرير واحد، أو تريدين؟ "
4
حركت رأسها رافضة ببطئ تدفن نظراتها بخاصته، ثم نزعت يدها من خاصته بحركة سريعة وابتعدت
+
" حسنا دعني "
+
مد ذراعه ولاعب فروة رأسها المبللة مفسدا شعرها وابتسم بخفت
+
" ذاهب لأستحم "
+
*
*
*
+
في الجامعة
2
حيث خرجت بريجيت من سيارتها متوجه للمدخل، وبينما هي في صدد قطع الطريق كادت سيارة ضربها، ولكن ولثواني وجدت نفسها مرمية على الأرض فصرخت
1
"سحقا، هل جننت'"
+
نظرت لكف يدها الذي امتلأت بجراح طفيفة، ثم لإيلياء الذي يقف أمامها بوقار يرتدي قميصا أبيض قصير الأكمام بتصميم كلاسيكي، يتناسب مع بنطال باللون البيج، زين خصره بحزام أبيض ذو إبزيم فضي، تعانق صدره وكتفه سترة جينز زرقاء بأسلوب غير رسمي
+
حدت من نظراتها وانكمشت تضاريحها غضبا
+
" يا حقير، هل ازعاجي أصبح هوايتك "
3
على بحاجبيه بغير رضى، قم ابتسم ساخرا
+
" هل هذه هي طريقة شكرك للآخرين، أنقذتك من الموت الآن "
+
نهضت تنفض تنورتها البيضاء المرصعة بزهور الأقحوان، ناسقتها مع تيشرت باللون البيج بدون أكمام بيدها اليسرى، ثم بسطت كف يمناها نحوه
2
"وهل تنقذ الناس هكذا؟"
+
أخرج منديلا قطنيا من جيبه ومده لها
+
"تفضلي، انه خدش صغير وسيشفى!"
1
ثنت شفتيها تذمرا، ثم أطالت التحديق به لثواني دون التفوه بحرف، ما جعله يخاطبها بغية استفزازها
+
"شوكولاتة مرة ، لا تقولي أنك تخيلت أنني سأمسكك كأبطال الروايات، لا ألمس النساء، دفعك كان أفضل حل"
17
وضع المنديل بيدها بحركة سريعة، تحت نظراتها الساخطة، ثم اتجه ليحاوط كتف صديقه ويكملا طريقهما
1
"حقير، هل هو شاذ!"
12
ابتسمت بخبث وكأن فكرة خبيثة تخللت لعقلها، ثم حملت هاتفها وراحت تمرر أناملها عبره.
+
بعد نصف ساعة تقريبا، وبما أن أستاذ الحصة الأولى لم يأتي، دخل إيلياء المدرج الذي يعج بضحكات الطلاب ووشوشاتهم، لم يكن منتبه لنظراتهم، وعندما كان بصدد التوجه لمكانه، قاطعه صوت أحد الطالبات
+
"هل هذا صحيح سيد إيلياء؟"
+
رفع بصره نحوها، وعقد حاجبيه استغرابا، منتظرا منها تفسيرا لكنها لم تفعل، وأضافت
+
" من التبذير أن يكون وسيما مثلك هكذا "
+
عقد حاجبيه فلم يفهم كلمة واحدة مما قالته، ليضيف آخر
+
"لا تخجل إيلياء، نحن في بلد حر، وكل شخص هنا لديه ميولاته، لا بأس بأن تكون مختلفا"
5
حرك بصره بين الجميع متعجبا، مما جعل صديقه يقترب منه
+
وضع شاشة الهاتف أمامه، حيث كانت رسالة في مجموعة طلاب الجامعة، حصلت على تفاعلات كثيرة تقول «السيد إيلياء هارتبيور شاذ، وأنا تأكدت من الأمر» "
7
بياضه تحول للأحمر وهو يمرر نظراته عبر الرسالة، ولثانية تذكر ما حدث صباحا، فحرك بصره صوب بريجيت التي بادلته ابتسامة ساخرة
1
تنهد بنفاذ صبر، وقف بشموخ لثواني ثم اتجه للمنصة، وقف مبتسمًا بسخرية واضحة، وقال بنبرة هادئة
+
"حسنًا، بما أن أستاذنا غائب اليوم ، ليكن لي شرف تقديم الدرس، و لنتحدث عن الموضوع الذي أصبحت مشهورا بسببه، الشذوذ "
5
مال للأمام مستندًا على المكتب بيديه وأضاف
+
"تصوروا معي الفطرة البشرية كنظام تشغيل دقيق، صنعه خبير محنك ومهندس عبقري يعرف ما يناسب الجهاز، الآن، تخيلوا لو حاولنا تحميل تطبيقات غريبة، غير متوافقة مع هذا النظام. ماذا سيحدث؟ سيبدأ النظام بالاختلال، البطارية تنفد سريعا، والشاشة تومض وكأنها تستنجد!"
2
سرت في القاعة همهمة خافتة، بينما تساءلت الأنظار عما سيضيفه
+
"والآن لنأخذ العلاقات الإنسانية كمثال. خُلقت لتكون متكاملة، بين ذكر وأنثى، كعقد فريد ينسج الحياة. لكن حين نحاول كسر هذه القواعد وتوصيل ما لا يُوصَل، نخلق دائرة قصيرة لا تُنتج سوى شرر يُحرق الروح. كمسلم أقول إن الفطرة ليست اختيارا بل هي نقاء جوهري يتناغم مع أصل الخلق، وحين تنحرف الخطى عن هذا المسار، تضيع القلوب وسط ظلمات الأهواء"
8
كانت يداه تتحركان بتلقائية، وكأنه أستاذ ينقل درسا لطُلابه.
+
"قد يقول البعض أن ما أقوله رأي ديني بحت، لكن الحقيقة أوسع من ذلك. الفطرة ليست رأيا يمكن تغييره أو نقاشا يمكن دحضه، بل هي قاعدة راسخة في جوهر الكيان البشري. حتى من لا يؤمن بدين يعترف ضمنيا بهذه الحقيقة، أن ما وُجد على هذه الأرض له غاية وتناسق"
+
تابع حديثه بجدية
+
"لكن المؤسف أن المجتمعات اليوم تروج لخروج البعض عن طبيعتهم، متجاهلة أن الجمال الحقيقي للحياة يتجلى في انسجامها مع الفطرة السليمة. وحين يُعارض الإنسان فطرته، يفقد إحساسه بجوهره، ويتحول البحث عن الحرية إلى تيه عميق."
1
مشى خطوات بطيئة وسط القاعة، وضحكة خفيفة زينت كلماته:
+
"ولكن، دعونا نواجه الواقع. كيف وصلت هذه الأفكار إلى عقول البعض؟ هل هي محاولة للتمرد على القيود أم هروب من الفطرة؟ الطبيعة صريحة في رسالتها، التآلف بين الذكر والأنثى ليس مجرد خيار، بل هو حقيقة أزلية تعيد تشكيل الحياة وتوازن الكون. وأي تصادم مع هذه الفطرة يترك فينا شروخا لا تلتئم بسهولة."
+
توقف للحظة، ناظرا إلى الحضور يثقة، وأضاف مبتسما بتهكم
+
"في نهاية المطاف، علينا أن ندرك أن الشذوذ وما يُسمى بالمثلية ليسا مجرد خيارات شخصية، بل هما انحرافات تتناقض مع نظام الخلق ذاته. ربما تُغلف هذه الأفكار بمفاهيم الحرية، لكنها في جوهرها محاولات لتجميل الباطل. فليس كل ما يُبهر العين حقًا، والحكمة تكمن في القدرة على التمييز بين النور الحقيقي وظلال الوهم."
+
أكمل بنبرة أكثر صرامة
+
"ما نراه اليوم من تقبل لهذه الظواهر كأنها أمور طبيعية هو خلط خطير بين الحقيقة والتشويه. وإذا واصلنا هذا المسار، سنجد أنفسنا غارقين في عالم يفقد فيه الإنسان جوهره. لذلك علينا أن نعيد تأملنا، أن نفرق بين الضلال والهداية، لأن الحقيقة ثابتة لا تتبدل، مهما حاول البعض طمسها أو إنكارها."
+
نظر لتلك الفتاة التي خاطبته عند دخوله، وابتسم بخفت
+
" لا تقلقي، لا أحب التبذير، وكما قلت سيكون تبذيرا من وسيم مثلي أن يكون شاذا "
7
غمز ساخرا وأضاف
+
" أنا رجل أميل للنساء "
3
سمع ضحكة بريجيت المستهزئة، فالتفت ناحيتها
+
"وفي الأخير..."
+
ولثواني من التحديق اندفع نحوها مسرعا
+
"شوكولانة مرة، سأقتلك"
14
بحركة سريعة هربت منه مسرعة، وراح يلحقها بكل مكان بالمدرج تحت صرخاتهما
+
" ما بك هل جننت "
+
"أعلم أنك من فعلتها"
+
"لست أنا"
6
"لماذا تهربين اذن"
+
"لأنك تجري خلفي"
+
دفعت طالبا أمامه وأضافت
+
"ابتعد عني أنت قلت أنك لا تلمس النساء"
2
صرخ بنبرة مؤنبة بينما يلحقها
+
"لأنني مسلم يا غبية، وليس لأنني مثلي، أفكارك القذرة دعيها لأمثالك"
9
" حسنا توقف عن الجري خلفي "
+
"دعيني أمسك بك لاحطم رأسك، ثم أتوقف"
+
"قلت أنك لا تلمس النساء"
+
" لست امراة بنظري بعد الآن "
21
جابا كل المدرج تحت ضحكات الطلاب، لحظتها صرخت بقوة عندما توقفت تتنفس بصعوبة تعبا
+
"حسنا، توقف كنت أمزح فقط"
+
التفت نحو الجميع، أخذت نفسا عميقة، ثم قالت بصوت مخنوق
+
" اسمعو جميعا، أنا من كتبت ذلك، وكانت مزحة فقط"
1
لحظتها، سمعت صوتا مألوفا من باب المدرج، وكان صليبا الذي لا يفوته أي تفصيل في الجامعة، حتى لو كان تافه، كانت نبرته باردة وهو يرميها بنظرات تهديدية.
+
" سيدة بريجيت إلى مكتبي الآن "
3
رمته بنظرات جانبية غير مبالية، ثم أزاحت بصرها لإيلياء الذي همس ساخرا
+
" تستحقين ذلك "
+
ابتسمت له باستفزاز، وكأنها ذاهبة لتكرم لا لتوبخ، ثم تبعت صليبا لمكتبه، تركت الباب مفتوحا، حيث وقف يعلو بحاجبيه بغير رضى
+
"ماذا تظنين نفسك فاعلة؟"
+
راحت تلعب بخصلات شعرها بينما تبتسم بإستفزاز
+
"كانت مزحة عابرة واعتذرت منه، لا تكبر الموضوع"
+
رفع سبابته مهددا وصرخ بغضب
+
"سيدة بريجيت، انتبهي لطريقة كلامك فأنا مدير جامعتك هنا"
+
تنهدت بنفاذ صبر، تهديداته، وعصبيته لم تؤثر بها بشيئ
+
"حسنا، لن أعيدها"
+
على برأسه ثم اقترب منها أكثر
+
" أين نمت البارحة، ولماذا لم تردي على اتصالاتي "
+
"آسفة سيد المدير، لا دخل لك بهذا لست والدي"
8
بزقت كلماتها الآخيرة والتفت ذاهبة، لكنه منعها ممسكا بذراعها بقوة وصرخ
+
"سيدة بريجيت"
+
رمته بنظرات جانبية حادة، ولكنها لم تنطق بحرف، لحظتها مرت حور ورأت حالتها، وقفت بتردد تبتغي فعل شيئ، ثم اندفعت نحوها بسرعة مبعدة بريجيت، ووقفت حائلا بينهما
+
"ماذا تحسب نفسك سيد هيمستيد، كونك مديرا لا يعطيك الحق بالتصرف مع الطلاب هكذا"
1
عاينها بنظرات غير راضية بما فعلته، وقال ساخرا
+
"عفوا!"
+
على بحاجبيه ثم سألها
+
"حسنا سيدة هارتبيور أخبريني ما اسم طالبتك!"
+
رمت بريجيت بنظرة جانبية ثم راحت تحدق به
+
"لا يهم اسمها، الأهم أن المعاملة لا تكون هكذا"
+
أفصح عن ضحكة خافتة بينما يتأمل بريجيت
+
"حسنا دعيني أخبرك"
+
أشار لبريجيت ثم لنفسه بينما يتحدث
+
"اسمها بريجيت هيمستيد، وهي ابنتي"
3
أكل القط لسانها وأضحت تحدق بهما بغير تصديق، كيف لم تلاحظ، رغم اختلاف لون البشرة أن كلاهما يملك نفس لون العين الرمادي
2
همست لبريجيت تأكد ما قاله
+
"هل هذا صحيح؟"
+
"نعم"
+
قاطعها صوت صليبا مجددا
+
" هل علي استئذانك لكي أربي ابنتي ايضا؟، أم ستعلميني كيف أفعل ذلك! "
5
رمته بنظرات جانبيه ثم وقفت مجابهة إياه بوقار، ونطقت بصوت واثق غير مهتمة إن كان مديرها أم شخص آخر
+
" نفس الشيئ، العنف ليس الحل للتربية، ولا يحق لك معاملتها هكذا "
5
كانت تتحدث بينما تشير له بيدها، أما هو لم يأبه لنبرة صوتها اذ استقطبه القفازات التي ترتديها، انقبض حاجبيه فضولا لكنه لم يسأل عن السبب ورد
2
" سيدة هارتبيور انها ابنتي موضوع تربيتها يخصني، لا دخل لك بذلك"
+
" معك حق، ولكني انسان سوي ولا أسمح بالعنف أمامي "
+
" أنتِ انسان يحب حشر نفسه في تصرفات الآخرين "
+
"وأنتَ انسان تصرفاتك ليست سوية"
2
رغم حديثهما الجدي، وغطرسة أفكارهما، إلا أن بريجيت كانت تراقبهما ضاحكة المحيا، بنظرات مبتسمة، تحاول كبت ضحكتها، ولكن عندما لمحت والدها يحدق بها بنظرات حادة، غمزت له، ثم رفعت يدها مودعة اياه والتفت ذاهبة، إلا أنه قاطعها
+
"بريجيت، أستاذتك لم تمنعك من أخذ عقوبتك، حديثنا سيكون في المنزل مساءا"
+
كان يبدو عليها عدم المبالاة، ولكن عندما حركت حور ناظرها نحوها ادعت البراءة وعبس فاهها حزنا، ثم ذهبت مطاطأة الرأس
+
التفت حور صوب صليبا وأضافت مجددا
+
" اسمع أنا لا أحب حشر نفسي في أمور عائلية والله، ولكن العنف ليس حلا للتربية خصيصا الفتيات، لدي طفلة وأفهم ذلك جيدا، دع أمها تتحدث معها بلين، أو افعل أنت ذلك واشرح لها خطأها بأسلوب هادئ "
+
زفرت بجملها واحدة تلو الأخرى غير سامحة له بالرد، ثم أضافت قبل أن تذهب مباشرة
+
"وآسفة على التدخل، اعتبرها نصيحة من أم"
1
خرجت المكتب تاركة اياه وسط حيرته، ينتهك الفضول حرمة أفكاره
+
"لم تخبرني كلوديا أنها متزوجة ولديها طفلة أيضا؟
ما سبب القفازات التي ترتديها أيضا هذا غريب؟"
+
أما حور بحثت عن بريجيت في الأرجاء وأخبرها أحدهم انها اتجهت للجلوس بأعلى مبنى الجامعة، وذاك كان مكانها المعتاد ليسكن عقلها
+
تبعتها، ووجدتها تجلس على حافة الجدار، فاقتربت منها بقلق، وعندما لاحظت بريجيت ذلك قالت ممازحة
+
"لا تقلقي لن أرمي نفسي، فقط أحب الجلوس هنا"
+
تنهدت حور براحة، ثم ثبتت في مكانها وقالت
+
"هل يمكنني الجلوس بجانبك"
+
همهمت الأخرى موافقة بهدوء
+
" ان لم تكوني من الاشخاص الذي يخاوفون المرتفعات، فطبعا "
1
اقتربت ببطئ ثم أخذت مكانا بجانبها، ولثواني من الصمت قالت بريجيت بينما تحدق بمجموعة الطلاب في الأسفل
+
"المنظر مريح من هنا أليس كذلك!".
+
ابتسمت حور بخفت، ثم همهمت موافقة
+
" نعم "
+
"هذا مكاني المفضل، الناس من بعيد يبدون افضل من عن قريب، وكأن الكل متشابه"
+
حركت حور رأسها بتفهم، ثم التفت اليها مبتسمة
+
" خلقنا لنكون مختلفين، لا أحد يشبه الآخر، فما يميزنا عن الآخرين هو اختلافنا مهما كان "
+
صمتت بريجيت لدقائق تفكر بما قالته، صفن ذهنها لوهلة من الوقت حتى قاطعتها حور
+
"بريجيت"
+
"نعم"
+
"سأقول هذا ليس لأنك طالبتي، بل لأنني أم أيضا"
+
حركت رأسها بتفم تنتظر منها اكمال حديثها
+
" غضب والدك منك لايعني أنه يكره، فالمحب ناصح لمحبوبه، هو يفعل ذلك لأنه يهتم بك ويحبك، أنا ايضا لدي طفلة صغيرة، وأخ بعمرك وبما أنهما أغلى شيئ أملكه، دائما تجدينني أفرغ غضبي عليهم وهذا لتعليمهم الفرق بين الصح والغلط"
+
رفعت يدها وقربتها من أذنها، ثم حركتها وكأنها تلوي خاصتها مؤنبة بينما تزج على أسنانها، وأضافت ممازحة
+
" المرة السابقة أمسكت بأخي وضربته لانه قام بخطأ، وهذا لا يعني أنني أكره، بل لأنني أهتم لمصلحته "
2
ضحكت بخفت، ثم التفت للأمام تتعمن بعمق تلك السحابات المارة في السماء
+
" أعلم ذلك، لم أغضب منه، نحن دائما هكذا، هو فقط حريص كثيرا وأنا لا أحب عندما يضغط علي "
+
" لأنه يخاف عليك، ولأنه والدك، ستفهمين هذا عندما تصبحين أما، تجدينني أكثر حرصا على تتبع أخي بكل خطوة أيضا "
+
" أليس الضغط يولد الانفجار؟ "
+
"على حسب ما الخطأ الذي فعلته، على الشخص أن يأخذ حريته ولكن يعرف حدوده"
+
" تشارجت معه وذهبت للمبيت عند صديقتي دون أن اخبره"
+
" لو غاب عنك شخص تحبينه دون مبرر هل يروق لك هذا؟ "
+
"سأحطم مزهرية على رأسه"
5
"هل رأيت! هذا لخوفه عليك فقط، افضل شيء تقومين بفعله هو الحوار"
+
همهمت موافقة، ثم بعد ثواني التلفت نحوها وسألت
+
"لماذا تقولين لي هذا؟"
+
ابتسمت حور بخفت
+
"لأني رأيت فيك ابنتي، فيوما ما ستكون بعمرك"
1
" بالمناسبة، راق لي جدالك مع والدي، سئمت من هدوئه المستمر، هذه أول مرة أراه يتجادل مع أحد، حتى والدتي لم يكن يفعل معها ذلك"
1
نظرت إليها حور باستغراب، لكن لم تدع لها بريجيت المجال للرد وأضافتز
+
" أنت من عائلة هارتبيور الصحيح! العائلة التي تزوجت فيها كلوديا! "
+
همهمت حور موافقة
+
" كيف حالها، لم نتحدث منذ زواجها، ولم أستطع حتى، لأن كل شيء مر بسرعة "
+
ابتسمت حور بهدوء، مطمئنة إياها
+
" هي بخير، عادت للبلد اليوم "
+
راحت بريجيت تناظر السماء بتمعن، بينما تحرك ساقيها بعشوائية
+
"جيد، أخبري زوجها أنني سأحطم مزهرية على رأسه إن أحزنها، هي أختي قبل أن تكون ابنة عمي"
4
رمتها بنظرات جانبية واكملت
+
" حياتها لم تكن سهلة، لذا رجاءا اعتنو بها "
+
"لا تقلقي، كلوديا أمانة عندنا، ونحن لسنا بالناس التي تخون الأمانة، كما أن أخي يحبها حقا لن يفرط بها"
+
*
*
*
+
الساعة التاسعة مساء
+
خرجت كلوديا من الغرفة بينما كان ينتظرها تليد خارجا بملابسه الكلاسيكية الزرقاء، كلون سماء حالكة بدون نحوم ، ترتدي هي فستان طويل بلون بنفسجي ناعم، يتميز بتصميم الكشكش عند الأكتاف والطبقات المتدرجة
1
ارتدت معه صندلا أبيض بكعب من الخوص
+
وقفت أمامه ودارت حول نفسها ثم قالت بعفوية
+
" كيف أبدو؟ "
+
تصنم في مكانه يطيل التحديق بها بذهول، غنت بندقتيه بجمالها، ورفرف قلبه بحبها، ثم همس بصوت شبه مسموع بدون وعي للمرة الثانية
+
"أستغفر الله"
2
أدرك ما تفوه به ثانية، وأنها زوجته ما جعله يقول داخله
+
"لماذا استغفر كل مرة إنها زوجتي!"
7
علت بحاجبيها بينما تنظر اليه منتظرة جوابه
+
"كاملة، ينقصك أن تكوني مسلمة وتكتمل التحفة"
11
ثنت شفتيها تذمرا ثم تجاهلته وتقدمت للأمام، لكنه قاطعها
+
" لن تخطو قداماك باب المنزل بذلك الفستان كلو "
4
رمته بنظرات جانبية غير راضية ليكمل
+
"لن ترتدي ذلك الفستان أمام والدي وإيلياء، ضعي سترة خفيفة فوقه هيا"
+
عادت للخلف ثم وقفت أمامه بوقار، تضم ذراعها لصدرها
+
" انها عائلتك، ماذا في ذلك! "
+
" زوجك الوحيد الأحق برؤيتك هكذا، لا أخي ولا غيره يحق له رؤية تفاصيل ما ينتمي لي "
20
توردت وجنتاها وأطالت التحديق به بخجل، وماكادت تنطق حتى قاطعها
1
"حبا بالله كلو لا تفقديني أعصابي، أكره نفسي وأنا أجبرك على شيئ، لكن أنا رجل يغار على أنثاه من عين تراها غيره، فكرة خروجك بدون حجاب لأنك مسيحية تقتلي، لا تزيديها علي أرجوك"
7
أرخت أكتافها ولم تجد ما تقوله، أرادت الرفض لكنها امتنعت تشوقا لزيارة منزل عائلته، فرضخت لمطلبه واتجهت لارتداء قميص أبيض بأكمام قصيرة ثم عادت بعد دقائق
+
"هكذا أصبحت أجمل"
+
اتجها لمونوتوك، حيث استقبلهما رقية وأباد بحماس. وبعد تبادل الترحيبات اقتربت رقية من كلوديا وهمست ممازحة
+
"هل أتيت بما قلته لك"
10
علت كلوديا بحاجبيها بغير فهم، ثم أدركت ما تقصده فوسعت أجفانها حرجا، تلطخت وجنتاها بالأحمر الفاتح، وبقيت على حالها تنظر نحوها ما جعل رقية تضحك بخفت
+
"أمزح"
1
جلس الجميع منهم تليد بجانب كلوديا، كان كرسيها بعيدا عن خاصته قليلا، فجره ليقربه منه وقال هامسا
3
" في المرة القادمة، أخبريها أنك ستأتين به عن قريب "
21
كانت تحمل كأس ماء بيدها بغية شربه ولكن التفتت ناحيته بحركة سريعة، مستغربة مما قاله، لكنه غمز لها ساخرا وأضاف
+
"هل نحقق ذلك، أنا أريد أيضا"
2
أصابتها أزمة سعال حادة من فرط الصدمة، رغم عدم شربها للماء، ما جعله يلطم ظهرها بخفة، أما رقية ظنا منها أنها شرقت بسبب الماء اقتربت منها بقلق، وسألت حور كذلك
+
"هل أنت بخير"
+
أضاف أباد بعدها
+
"دعها تشرب الماء"
+
شربت كأس الماء دفعة واحدة، ثم ارتاحت تأخذ نفسا عميقا، حركت بصرها بين الجميع بأعين محمرة لتلحظ قلقهم الشديد
+
راحت تناظرهم بأجفان تكدست فيها دموع ممتنة، نظراتها كانت مليئة بمشاعر مختلفة لا يعرف مصدرها، وكأنها تشكرهم على وجودهم بجانبها ، وقالت بصوت مخنوق
1
"شكرا لكم"
+
رد ايلياء
+
"لم نفعل شيئا"
+
حركت رأسها يمينا وشمالا وردت بامتنان ظهر على بريق أطيافها
+
" لا يمكنني تذكر متى آخر مرة اعتنى بي شخص، اعتدت على فعل كل شيئ لوحدي "
+
التفت صوب تليد بعينين مدمعتين، ورغم أنها عرفتهم منذ مدة قصيرة لكنها رأت منهم ما لم تره في حياتها وقالت بصوت مغصوص
+
"حقا، شكرا لك".
2
ابتسم بخفت يدفن نظرات الهوى بخاصتها
+
" شكرا لك أنت، يا خير من أهدتني الأيام، وخير رزق من الخالق"
12
ابتسمت حور وكذلك رقية، أما أباد رمى ابنة بنظرات فخر وكأنه يرى نفسه به، أما إيلياء قاطعهم ممازحا
+
" آسف على قطع هذه اللحظات الرومنسية عليكم، ولكن أنا حقا جائع، لا تتوفعو مني أنني سأتعشى بكلماتكم، وأيضا"
11
أشار لأخيه وهو يحمل الملعقة
+
" احترم مشاعر الآخرين، فأنا أعزب هنا كما ترى "
9
ضحك الجميع. ثم بدؤو في تناول عشائهم بصمت، وبعد الانتهاء تبادلو القليل من الحديث، غير حور التي التهت بسؤال ابنتها التي يبدو عليها الغضب
+
"لماذا لم تأكلي ما بك!"
+
لاحظت صمتها بينما ترمي تليد بنظرات حادة
+
"ابرار هل تشعرين بألم في معدتك"
+
سمع الجميع كلامها فالتفتو ناحيتها، أما أبرار كانت تثني شفتيها تذمرا، منكمشة الملامح مزال بصرها متجه لتليد وزوجته
7
"أبرار ابنتي ما بك؟"
+
سألت رقية ليضيف تليد
+
"ما بها مدللتي"
+
كلماته جعلتها تصرخ بغضب
+
"لا تتحدث معي، أنت لم تعطني انتباهك منذ أتيت، ولم تتحدث معي حتى، خال سيئ نسيتني منذ تزوجت"
13
نزلت من على الكرسي بعدما وضعت الملعقة بقوة على الطاولة
+
"لست نصفي بعد الآن"
+
ابتعدت قليلا تحت تهديدات حور
+
"أبرار توقفي، ماهذا التصرف"
+
لحظتها هرول تليد ناحيتها وحملها بحركة سريعة
+
"أوبا"
7
طبع قبلة خفيفة على خدها وأضاف
+
" معك صح، يبدو أنني أهملت مدللتي كثيرا "
+
راحت تتخبط بين ذراعيه بغية الافلات لكنه لم يسمح لها
+
" لدي لعبة جديدة لك بهاتفي، مارأيك بتجربتها معا "
+
بعد دقائق ثبتت حركاتها وردت بطفولية
+
" ستعلمني السباحة مثلك غدا "
+
همهم موافقة، ثم وضعها على الأرض ومد يده لتسمكها
+
"حسنا"
1
اتجها نحو طاولة صغيرة بكرسيين وبظآ اللعب، أما رقية، أباد، حور، إيلياء وكلوديا اتجهوا للجلوس بغرفة المعيشة بوراحت الخادمات تنظفن المكان
+
اكتفى إيلياء بالنظر لهاتفه، والتهت رقية بالحديث مع أباد، أما حور خاطبت كلوديا
+
" آسفة لتصرف أبرار "
+
ابتسمت كلوديا مطمئنة إياها
+
"لا بأس"
+
همهمت حور بتفهم ثم راحت تحدق بتليد وأبرار
+
" أخذ تليد مكانة والدها، تستطيعين القول أنه هو من رباها، لذا تجيدينها متعلقة به كثيرا "
+
راحت كلوديا هي كذلك تناظرهما وسألت
+
" ماذا حدث لوالد أبرار "
+
عبس فاهها ثم زيفت حزنها بابتسامة فاترة
+
"توفى قبل أن ألد أبرار"
7
" آسفة على تذكيرك "
+
أفصحت حور عن ضحكة خافتة
+
"أنا لم أنساه حتى تذكرنني به يا كلوديا"
8
"مازلت تحبينه؟!"
+
" مازال ساكن بأضلعي رغم أن الموت أخذته مني، هذا قضاء الله وأنا راضية به، والحمد لله، ولكن قلبي يرفض ذلك "
3
ابتسمت كلوديا بحزن، لم تستطع الرد ولم تعرف ما تقوله لذا راحت خور تفرغ ما في قلبها
+
" زواجنا لم يكن سهلا، أحببته لأنني رأيته يفعل المستحيل ليفوز بي ، رغم أننا عشنا معا عامين فقط "
4
"ماذا فعل؟"
+
عدلت حور جلستها وراحت تحكي لها، ربما ملامحها لم تداري ما بداخلها، لكن قلبها كان ينزف حسرة، كلما مرت عليها ذكريات الماضي
+
" كان آسر زميلا لي في الجامعة، وعند تخرجنا بعد عام جاء لخطبتي، كان من عائلة متوسطة الحال، في الأول رفض والدي، وبعد عدة محاولات وافق لكن كان شرطه مهرا كثيرا، وكنت أعرف أن آسر لن يستطيع جمعه "
2
عبس فاهها ثم ابتسمت وأكملت
+
" منذ تلك اللحظة اختفى ولم أسمع أخباره، مر عامين تقريبا لم أتزوج لأن الله لم يقدر ذلك، ليأتي ذلك اليوم الذي أتى فيه بذلك المهر، واتضح أنه كان يعمل جاهدا فقط ليجمعه ويأتي لخطبتي مجددا "
6
" يبدو أنه كان يحبك حقا "
+
قالت كلوديا لتومأ حور برأسها قبولا وتضيف
+
" أخذ أبي ورقة واحدة منهم، وقال له أن هذا هو مهرها، اختبره أبي رغم أن الاختبار كان صعبا ولكنه نجح، تزوجنا وبعدها بدأ مشروعا بذلك المال ونجح فيه، كانت فرحتي لا تسعها الأرض وزاد حبنا أكثر عندما اكتشفت أنني حامل بأبرار، ولكن الفرحة لم تكتمل، وأخذه الموت وأنا بالشهر الثاني ومات بسكتة قلبية مفاجئة. "
12
انبثقت دلاء أجفانها دموعا بينما تحاول كبت شهقهاتها، ربتت كلوديا على كتفها تحاول مواساتها
+
"فليسترح بسلام"
+
"رحمه الله"
+
استقامت ثم قالت بصوت منخفض
+
"سأذهب لأغتسل"
+
همهمت لها كلوديا بتفهم، ثم راحت تحدق بأبرار وتليد المنغمسين في اللعب، وتبادل الضحكات
+
اتجهت صوبهم بخطوات متثاقلة، واضعة كلتى يديها خلف ظهرها مبتسمة
+
" ماذا تفعلان "
+
رفع تليد ناظره نحوها ورماها بنظرة جانبية، ثم وضع اللعبة أمام مرأى عينيها دون التفوه بحرف، كان منغمسا في اللعبة لدرجة لم ينتبه أنه تجاهلها
+
عقدت حاجبيها استغرابا لردة فعله، لتجيبها أبرار
+
" نلعب، أنا ونصفي "
+
"هل يمكنني المشاركة!"
+
"آسفة انها لعبة لاثنين"
+
لم يعطها تليد انتباهه حتى، لذا عبس فاهها وعادت أدراجها لتجلس على الأريكة صافنة الذهن. بعدما التهى الجميع بالحديث مع بعضهم إلا هي، أباد ورثية، إيلياء وحور، تليد وأبرار
+
بعد مدة خرجا بعد توديع الجميع وركبا السيارة متجهين للمنزل، ادعت النوم لكي لا تتحدث معه، وعند الوصول نزل وفتح الباب ببطئ لحملها، لكنها فتحت عينيها بحركة سريعة وقالت
+
"سأنزل لوحدي"
+
اتجها لباب المنزل حيث وقفت لفتحه لتقاطعه ببرود
+
"السيدات أولا"
+
التفت ناحيتها، ليبتسم بخبث ويحملها بين ذراعيه بحركة سريعة
+
"لا أومن بهذه المقولة، زوجتي تدخل في حضني، لا أولا، ولا آخرا"
13
لطمته على كتفه بغية الافلات منه، لكنه أحكم قبضته عليها مانعا إياها
+
لاحظ تغيرات تصرفاتها لذا سألها
+
"ماذا حدث لك، كنت بخير في المنزل"
+
ردت ببرود تتحاشى النظر نحوه
+
"لا شيئ"
+
"سلوان الفجر، أعرفك أكثر من النفسي ما بك!"
+
راح يتحدث وهو متجه بها لغرفة النوم لتجيبه
+
"أخبرني أي زوج تكون زوجته دائما آخر اهتمماته"
2
عقد حاجبيه تعجبا وسألها
+
"ماذا تقصدين!"
+
"وضعتني في كف ميزان واحد مع لبوتك، ثم تجاهلتني لأنك كنت تلعب مع ابنة اختك، ماذا أيضا! هل تهتم لأمري حتى!"
1
لحظتها كان قد دخلا الغرفة
+
" هل تغارين من حيوان، وطفلة صغيرة كلو؟ "
3
تحركت بعشوائية في حضنه وأضافت
+
"أنا أغار؟ ولماذا أغار ، زواجنا ليس حقيقيا في كلتى حالتين"
10
وضعها بغضب على الأرض وصرخ بصوت بارد
+
"ألفاظك كلو، ألفاظك"
3
أشار لها بسبابته مهددا
+
"أول مرة وآخرها تنطقين جمل كهذه، ماذا تقصدين بأن زواجنا غير حقيقي؟ أتريدين مني جعله حقيقيا غصبا عنك!".
+
راح يقترب منها ببطئ غاضبا، ربما بالنسية لها كان زواج مصلحة، لكن نيته كان غير، وتلك الكلمات جعلت داخله يثور، رغم كل ما أراه إياه مازالت تقول هذا
2
" ماذا علي فعله ليكون هذا الزواج حقيقي، ما تعريف الزواج الحقيقي عندك أخبريني! "
2
ربما مازال ضميره يؤنبه لقبول نيتها باستغلاله، رغم اختلاف نيته، لذلك هذا الموضوع بذاته لم تكن عليها إعادته
+
" قبلت باستغلالك لي بصدر رحب، لكن زواجنا حقيقي سيدة كلوديا هيمستيد، وهذه آخر مرة أسمع عكس ذلك "
1
أحست بشيئ يمنعها من الرجوع للخلف أكثر، وكان طرف السرير، لذا سقطت جالسة عليه ترتجف خوفا، ربما كانت قوية، لكن غضبه يذكرها بوالدها وبحياتها السابقة، لهذا بقيت تحدق به بقلق
1
انحنى صوبها ببطئ، وعندما لاحظ رجفتها، لانت ملامحه وقال بصوت رجولي خافت
2
" أخذت قلبي كلو، لا تحاولي أخذ عقلي أيضا، لأنك بدأت تستولين علي، وسأصيب بالجنون بسببك قريبا "
+
راح يلاعب خصلات شعرها الرمادي الفاتح بأنامله، ثم قرب ثغره من مسمعها وهمس بحنو
+
"كفاك قساوة حبا بالله، دعي قلبك يلين فأنا أتعذب بحبك هنا"
4
راح يناظرها مجددا بأعين واهنة وأضاف
+
"على الأقل كفي عن رمي سموم كلماتك عليه"
+
كانت محنية الرأس، ولحظتها رفعت ناظرها نحوه، عبس فاهها بينما ترى حالته وهمست بخفت
+
"آسفة"
1
استقام بجسده مجددا وقال ببرود عكس المشاعر الفائضة على تقاسيم وجهه
+
"ارتاحي، غدا سنعود للعمل"
1
استقامت بحركة سريعة تقابله
+
"لا يعلم أحد أنني زوجتك صحيح!"
+
"لا، غير الذي أحضرتهم معي يوم الزفاف، وهم ذو ثقة لن يخبرو أحدا"
3
"جيد"
+
"لكن الجميع يعرف أنني تزوجة ابنة همستيد"
+
"لا، بأس أبي كان يخفيني دائما، لا أحد يعرف أنني ابنته"
+
"جيد، وأنا أريد ذلك أيضا"
+
رمته بنظرات غير راضية، علت بحاجبيها وعبس فاهه ثم قالت
+
" كان يخفيني عن الجميع لأن فكرة انني ابنته كانت تحرجه "
+
"أفكار والدك الحقيرة لا تمثلني كلو، أنا أريد اخفائك عن الجميع لحمايتك ، ولأنك قطعة نادرة يحق لشخص واحد التغني بإمتلاكها، وهو أنا"
6
" في أمور كهذه أتمنى لو لم أكن معروفا، تعلمين الصحافة، إن علمو أنك زوجتي لن يتركوك وشأنك، لذا اخفائك عن الجميع أفضل شيئ "
+
انتهى
+
رأيكم بالفصل
1
رأيكم بالشخصيات؟
4
المعلومات لي حطيتها؟
5
ردة فعل تليد؟
6
شو رايكم نخرج كلوديا من رواية ونعطيها كفين ونرجعها؟
20
أكثر شي عجبكم بالفصل، وشي ما عجبكم؟
8
من زمان محطتلكم صور للملابس صح؟
+
ملابس اليوم
+
الى اللقاء في الفصل القادم
4
