رواية سلوان الفجر الفصل السادس 6
عيناه نطقت بالوعيد، وصوته تلظى بالأمان، وكأنه سيحارب العالم بأسره فقط إن لمست شعرة منها
4
_________________________
4
التفت نحو الجميع، ورمقهم بنظرة غريبة، ثم غمز وكأنهم عرفوه ولكنها لم تلاحظ ذلك
1
"هذا صحيح يا أصدقاء!"
+
نبست بريجيت وهي تناظره بلا مبالاة
+
"لا يغير طباعه، كلما أتى أستاذ جديد يفعل هذا"
1
صاح الجميع بعدها
+
"نعم"
+
رمته حور بنظرات جانبيه، ثم علت بحاجبيه بغير تصديق وأجابت
+
"طالب؟"
+
أخرج يديه من جيبه وضمهما لصدره
+
"نعم طالب، هل هذا غريب، أو غير مسموح لكبار السن بالدراسة؟"
5
لم تصدق كلامه فعادت لمكانها وحملت ورقة ثم سألته
+
"ما اسمك؟"
+
" برايت آرون "
11
ربما زيف اسمه، لكنها عندما تفحصته وجدته بالقائمة، وضعتها بهدوء، ثم أخذت نفسا عميقا وقالت
2
" ربما كنت سأسكت لو استأذنت، ودخلت بشكل محترم، لكن لا أسمح لك بتقليل الاحترام حتى لو كانت قوانين الجامعة تنص على ذلك، لذا تفضل أخرج بلا مطرود "
5
تحداها بثقة، مبتسما بسخرية
+
"وماذا إن لم أفعل؟"
7
لا ننفي غضبها لتصرفاته، لكن قابلت الموضوع بهدوء
+
"أخبروني أن قوانين هذه الجامعة، تنص على اخبار المدير بكل التفاصيل، حتى ولو كان طالبا غير محترما دخل الحصة بدون استئذان، وهاهو يتحدى أستاذته، هل نذهب له معا؟"
+
" هل أريك الطريق إلى مكتبه؟ "
10
بلغ السيل الزبى، وكثر استفزازه ما جعلها تقول بغضب
+
"سيد برايت أرون، لن تدخل هذه الحصة من الآن فصاعدا، يعني أنك مفصول من هذه مادة"
1
حركت بصرها نحو الجميع وأشارت مهددة
+
"ذاهبة لمكتب المدير، التزموا الهدوء ريثما أعود"
6
أشارت له بالتقدم ترميه بنظرات حادة
+
"تفضل أرني المكتب، سنرى أين ستصل استفزازاتك"
7
وضع يديه في جيبه والتفت خارجا متجه لمكتب المدير، كان بإستطاعتها المشي أمامه لكنها امتنعت، لذا بعد دقائق توقف عند باب المكتب، لتتوقف هي خلفه
+
"ماذا سيد آرون هل أنت خائف الآن؟ ، أدركت ما فعلته؟"
+
أدار رأسه ناحيتها وابتسم وكأنه لم يفعل شيئا
+
" هل نطرق الباب أم ندخل مباشرة؟ "
7
"أطرقه"
+
أخبرته بدقه لكنه فتحه مباشرة، فتبعته بينما تتحدث
+
" ما هذه الوقاحة التي تملكها، استأذن عىى الأقل "
3
دخلا المكتب لكنه كان فارغا، تفحصت المكان بنظراتها وقالت
1
"يبدو أنك محظوظ، المدير غير موجود"
+
ابتسم بجانبية لكنها لم ترى ذلك، ثم تقدم نحو المكتب، جلس وعندما رأته صرخت
1
"تجاوزت حدودك، ماذا تفعل؟"
+
" ماذا تريدين إخبار المدير إذن؟ "
22
حرك تلك اللافتة التي كانت فوق المكتب، ليصبح اسمه أمامها « المدير صليبا هيمستيد»
11
حركت بصرها بينه وبين الإسم تحاول إدراك ما يحدث بينما تهمس بغير فهم
+
"هيمستيد؟"
2
قاطع سهوتها صوته مجددا
+
"التقينا في حفل زفاف كلوديا وأخيك، هل نسيت بسرعة؟"
+
عادت بذاكرتها لوقت مضى، حيث كان يوصيها بكلوديا، لحظتها انقبض منطقة ما بين حاجبيها استغرابا وسألت
+
" ماذا يحدث لا أفهم؟ "
4
"آسف سيدة حور، ولكن تعلمين أن هذه جامعة خاصة، وقوانينها تعود لي، ومن قوانيني هو أنني أختبر ردة فعل كل أستاذ جديد"
9
حمل قلما بغية توقيع الأوراق المتبقة على المكتب، وأشار به لها
+
"أعجبتني ردة فعلك"
7
رفعت حاجبيها بغير رضى، صرت على شفاهها وردت ببرود
+
" سيد صليبا، كونك مديرا لا يسمح لك بفعل هذا لأنه يعتبر قلة خبرة واحترام، هناك أساليب أخرى لمعرفة مصداقية الأستاذ غير هذه "
7
"هل تعلمينني كيف أقوم بعملي؟"
5
"لا بل أخبرك كيف تحترم غيرك، فدخول حصة أستاذ ومقاطعته بهذا شكل أمام طلابه، اسمه قلة احترام، ولا علاقة باختبارك للأساتذة به"
7
نظر إليها بابتسامة جانبية، وكأنه يستمتع بحماسها في الدفاع عن موقفها، ثم استقام مقتربا منها بخطوات واثقة حتى أصبح قريبا بما يكفي لأن تشعر بالضغط من حضوره الطاغي، ابتعدت عنه، لحظتها قال بنبرة جمعت بين المزاح والجدية
+
"سيدة هارتبيور تشبهين أخاك كثيرا،لا عجب أنك توأمه، لديك روح قتالية تعجبني. ولكن، أود أن أذكرك أنني لم أقاطعك فقط للتسلية. كان ذلك لأرى إن كنت ستتمسكين بمبادئك وغضبك"
2
"وهل تظن أنك أثبت شيئا؟ لأن كل ما فعلته هو إثبات أنك تعتقد أن السلطة تعطيك الحق في إهانة الآخرين."
+
رفع حاجبه وكأنه تفاجأ بردها المباشر
1
" هل أنا بحاجة لإعادة النظر في طريقتي؟."
4
أخذت نفسا عميقا تحاول تهدئة أعصابها قبل أن ترد
+
"إن كنت ترغب في اختبارنا كأساتذة، فعليك أن تختبر عملنا وأداءنا، لا كرامتنا. الجامعة هي مكان للعلم والاحترام، وأنت المسؤول الأول عن ضمان ذلك."
5
تراجع خطوة للخلف، وابتسم بصدق هذه المرة
+
"أحترم وضوحك، سيدة حور. يبدو أننا سنكون فريقا مثيرا للاهتمام."
5
"إذا كنت تعني بفريق أننا نعمل معا من أجل الطلاب، فأنا موافقة. أما إن كنت تقصد أنني سأتحمل أساليبك الغريبة، فأعد التفكير."
11
ضحك بصوت خافت، ثم أشار بالقلم مرة أخرى
عندما راح يمشي ملامسا طرف المكتب
+
"اتفقنا إذا. ولكن لا تتوقعي أن أتغير تماما، أحب أن أرى كيف ستردين على التحديات."
5
"إذا كنت تعتقد أنك التحدي الوحيد هنا، فأنت تستخف بما أستطيع التعامل معه، سيد هيمستيد"
1
لحظتها وبما أن الباب كان شبه مفتوح، سمعا صوت تصادم الكعب العالي مع سطح الأرض يقترب منهما
+
كانت أبيسينا وهي تتجه ناحية صليبا بوقار بفستانها الأسود الذي يلستق على جسدها، تمشي وكأنها عارضة أزياء
1
لحَظت شَزْرًا بحور عندما لمحته أمام المكتب ما جعلها تحاول استفزاز صليبا
5
" مرحبا عزيزي "
+
رفع حاجبيه استنكارا بينما يضع ساقا فوق أخرى، يرميها بنظرات غير مرضية. وعندما كان بصدد الرد لمح حور تلتفت للذهاب فقاطعها
+
" سؤال خارج موضوعنا سيدة هارتبيور كيف حال كلوديا، هل هي بخير؟ "
1
التفتت نحوه بهدوء
+
" سافرت مع أخي وسيعودان قريبا، هي بخير أخي لن يفرط في زوجته "
10
قاطعهما صوت ضحكة أبيسينا الساخرة
+
" هل يعني أنها من عائلة هارتبيور، نفس العائلة التي تمردت بسببها ابنة جوناثان؟ "
6
أشارت له بسباتتها باهمال وأضافت
+
" تلك العائلة التي لا يتوانى أخوك عن إظهار عداوته لها بسبب ما حدث في الماضي. لا أظن أنها ستكون الشخص الذي يستحق أن تُعتبر جزءا من هذه الجامعة صحيح!"
6
ابتسمت حور بسخرية، رمتها بنظرات حادة وعندما كانت بصدد الرد قاطعها صليبا
+
" سيدة أبيسينا لا أسمح بإهانة أي شخص داخل الجامعة وفي مكتبي"
+
" إهانته؟ لا، ليست إهانة، بل الحقيقة. عائلة هارتبيور من العائلات التي لا يجب الاقتراب منها. تعلم ما حدث، وان علم أخاك سيجن جنونه "
4
استقام بحركة سريعة ضاربا سطح المكتب بقوة، ثم أزاح ناظره صوب حور، ورغم الغضب بداخله قال بنبرة هادئة
3
" سيد حور، يمكنك العودة طلابك ينتظرونك "
+
حركت بصرها بينهما بغير رضى، كانت قادرة على الرد لكنها اختارت الصمت احتراما لمبادئها واكتفت بقول
+
"لا حول ولا قوة إلا بالله"
1
خرجت حور، يتبعها صليبا بنظراته، وعندما لاحظ اختفائها من أمامه، التفت ببرود صوب أبيسينا
+
" أولا وأهم شيئ مناداتي بعزيزي أمام الجميع أمر سخيف، كان زواجنا مزيفا، والآن تطلقنا، لذا أنت هنا كمستشارة فتصرفي على هذا الأساس "
8
اقترب منها بخطوات بطيئة يدفن نظراته الحادة بخاصتها
+
" ثانيا، إهانة أي شخص داخل مكتبي مرة أخرى يؤدي إلى طردك "
7
اصبح أمامها لذا رفع رأسه بشموخ يناظرها وكأنها شيئ غير مقرف، ثم حاوط عنقها بيديه محكما قبضته عليها
+
" ثالثا، أمر الماضي الخاص بي وبعائلتي،وحتى حاضري ومستقبلي لا دخل لك به، تطلقنا لذا اهتمي بشؤونك "
3
ابتسمت باستفزاز وكأنه لا يخنقنها بيده ثم ردت بصوت مخزوق رافعا سبابتها للعد
+
" أولا، زواجنا كان مزيفا نعم، كيف أتت بريجيت وماريو إذن؟ "
11
زج على أسنانه غاصبا، ثم شد قبضته على عنقها أكثر
+
" ربما كان خطأ، لكنهما أبنائي سيدة أبيسينا لذا انتبهي لكلماتك "
+
كاد يقتلها ولكنها تصرفت كأن الأمر أعجبها ورفعت اصبعين مشكلة رقم اثنين
+
" ثانيا، كنت تهتم بنفسك فقط، كيف أصبحت تهتم بالآخرين، وامرأة من عائلة هارتبيور أيضا؟، هل ستتبع خطى ابنة أخيك؟ "
10
لحظتها ضحك بخفت مبتعدا عنها بعدما دفعها للخلف وراح يتحدث بيننا تحاول امساك نفسها
+
" لماذا أقدم تبريرات لإمرأة مثلك؟، كل همها المال ونفسها"
1
أخرج قطعة منديل مبللة من العلبة ومسح اليد التي كانت تمسك برقبتها
+
" علي تنظيف هذه اليد، لأنها لمست امرأة مقرفة مثلك، كانت تترك زوجها وأبنائها وترتمي في حضن رجل آخر "
8
" خائنة "
5
جلس في الكرسي ثم رمى المنديل بإهمال في السلة، أما هي فوقفت أمامه تنحني قليلا باتجاه متكأة على طرف المكتب
+
" زواجنا كان مزيفا، يعني أن ذلك لا يعد خيانة "
6
رمى بثقله على الكرسي للخلف، ثم وضع ساقا على ساق ضاحكا بسخرية
+
" الفئران يظنون أن المجاري هي النعيم، لا تختلفين عنهم سيدة أبيسينا، حياتك مقرفة "
11
شدت طرف المكتبة تحاول كبت غضبها، عضت باطن شفتيها وعندما كانت بصدد الرد أضاف
+
" أعلم أن زواجنا كان مزيفا، لآخذ هذا المنصب من والدي، وتأخذي أنت المال، ولكن لا تنسي أننا اتفقنا أن لا يخدع أحدنا الاخر، لأن الخيانة تبقى خيانة "
2
أشار لها بكلتى يديه وكأنه يرمي شيئا نحوها
+
" أنت لا تخجلين من نفسك حتى، ابنتك رأتك مع رجل آخر، كان عليك دفن نفسك وأنت حية "
8
هزت كتفيها بإهمال، ورفعت ناظرها بغير مبالاة
+
" لماذا أخجل؟ سيأتي يوم وتقع هي أيضا في الحب "
9
ضرب سطح المكتب بيديه، لدرجة اهتزاز الأدوات فوقه، ثم صرخ ناحيتها غاضبا
+
" ابنتي ليست حقيرة مثلك "
3
ضحكت بصوت عالي، ثم استقامت بجسدها ورمت سمومها عليه قبل أن تلتفت ذاهبة
+
" تذكر كلامي سيد صليبا، بريجيت ستقع في حب شخص لن تستطيع أنت قبوله، فهي لا تختلف أن ابنة عمها "
18
رمته بنظرات جانبية ثم غمزت ساخرة، وأضافت قبل أن تخرج مباشرة
+
" ربما ستقع في الحب أنت أيضا، حب سيدخل صراعا لا خروج منه، من يدري؟ "
15
*
*
*
+
شمال شرق انجلترا
+
مقاطعة نورثمبرلاند
+
بعد ثلاث ساعات من مدينة نيوكاسل، حطت سيارة تليد وكلوديا أمام منظر أقل ما يقال عنه سحري، قلعة محاطة بمناظر طبيعية ، غابات خضراء، مع مروج واسعة وأبراج تاريخية
4
قلعة ألنويك تقف شامخة بجدرانها الحجرية الرمادية وأبراجها المدببة التي تخترق السماء، محاطة بأسوار عالية وحدائق خضراء تمتد حولها. تُطلّ من بعيد كأنها جزء من حكاية خيالية، بتفاصيلها القوطية وزخارفها العتيقة. بوابتها الضخمة تعزز هيبتها، مصنوعة من خشب متين ومعززة بالمعدن، فيما تتوزع فتحات ضيقة على جدرانها للمراقبة، تضفي عليها طابعا غامضا وملوكيا وكأنها حارسة لأسرار الزمن الماضي.، وكأنك في صدد دخول فيلم هاري بوتر
10
وعندما وطأت قدم كلوديا المكان، راحت نظراتها تتغنى بجمال المنظر مبتسمة، التفتت صوب تليد وقالت بحماس
+
" إنها هوجورتس صحيح! "
6
ابتسم اعجابا بحماسها، وهمهم موافقة بصوت رجولي
+
" قلت أن حلمك زيارتها "
7
وضع كلا يديه في جيبه، ثم أزاح بصره للأمام، يغذي عقله بهدوء الطبيعة
+
" يمكنك اعتباري ماردك السحري، أحلامك محققة مهما كانت، وطلباتك أوامر كلو "
11
رماها بنظرة جانبية ثم ابتسم بخبث
+
"إلا حلم ابتعادك عني، لأن هذا لن يحدث حتى في أحلامك وأنت نائمة"
13
أخذتهم أقدامهم للداخل، حيث وجدا أنفسهما في فناء القلعة الواسع، استشعرا سحر المكان مع هندسته القوطية المميزة، ببرجها الرئيسي وأقواسها الحجرية التي تعود للقرن الـحادي عشر
+
"هل شاهدت فيلم هاري بوتر!"
+
سألت كلوديا ليجيبها الآخر
+
" نعم عندما كنت صغيرا "
6
" أنا أيضا، وما زلت أعيده كل مرة بنفس الحماس، حتى انني حفظته "
2
راحت تشير للزوايا بينما تتحدث
+
" هنا يمكنك تخيل طلاب «هوجورتس» يتدربون على المكانس الطائرة في أول درس لطيران» هاري بوتر» مع الأستاذة«مدام هوش» "
2
أكملا تنزهها حيث توجها لأدراج قديمة تؤدي إلى غرف عدة، كل غرفة تروي قصة تاريخية فريدة، بعضها يتميز بنوافذ زجاجية ملونة تطل على المروج، وأخرى تحتوي على أثاث أثري وديكورات ذهبية تذكرك بصالات هوجورتس
+
أشارت لأحد الغرف وصرخت
+
"تلك تشبه غرفة هاري بوتر"
+
"هل تحبين هذه التصاميم في المنازل"
+
سألها وكأن يريد فعل شيئ، فأجابته بعفوية
+
"في الحقيقة، كنت أتمنى أن يكون منزلي كمنازل العصر الفكتوري"
9
على بحاجبيه، ثم همهم بصوت رجولي، لذا التفت نحوه وأضافت
+
"هل تريد فعل ذلك! "
+
حرك كتفيه بإهمال، وابتسم بخفت
+
"من يدري!"
5
"أنا أمزح، إنه شيئ صعب"
1
"كل صعب سهل إن كان يخصك سلوان الفجر"
18
حركت بصرها من أمامه بحركة سريعة، ماجعل محياه يبتسم بخفت، عندما سمع همسها
+
" لن تستطيع إيقاعي في حبك"
11
راح يمشي خلفها بثبات وأجابها
+
"سأفعل، وستقعين كلو"
12
بعد نزهة مطولة خارج القلعة، خرجا لحدائق ألنويك الشهيرة. تضم نافورة مائية ضخمة وسلالم كبيرة تذكرك برحلات هاري وأصدقائه داخل هوجورتس. تتميز بأنواع مختلفة من النباتات، ومنها قسم مخصص للنباتات السامة، يشبه عالم النباتات السحرية الذي تعلمه هيرميون. وهذا ما قالته كلوديا وهيا تشير لها
2
" هيرميون، تعلم عن عالم النباتات السحرية هنا "
+
لفت انتباهم صوت الأطفال العالي، حيث كانوا يجربون تدوير العصا السحرية، وتعويذات بسيطة كما يسمونهم هم، يرتدون أروابا تشبه أرواب هوجورتس، لحظتها سألت كلوديا
+
"هل تؤمنون أنتم، كمسلمين، بالسحر؟ سمعت أن الأمر مختلف عما قد نراه في أفلام مثل «هاري بوتر»"
4
حرك بصره ناحيتها، ثم جلس على العشب، وراح يشير لها بالجلوس بجانبه ففعلت ذلك.
+
" السحر كما يصور في أفلام هاري بوتر يبدو محايدا، فهم يصورونه كمجرد وسيلة لإظهار القوة وتحقيق الأهداف، أحيانا يكون جيدا وأحيانا سيئًا، حسب نية المستخدم، ولكن في الإسلام وهو الحقيقة أن السحر ليس محايدا أبدا؛ هو دائما فعل يخالف الفطرة والطبيعة التي خلقها الله، ويهدف إلى التأثير في إرادة الآخرين أو تدمير حياتهم. لذا، لا نرى فيه إلا ضررا"
5
راحت تحرك أناملها بعشوائية بين الأعشاب القصيرة، ثم جلست متربعة
+
" في المسيحية، هو أيضا يرتبط بعالم خفي، وعادةً يُعتبر استخدامه أمرا مرفوضا. فالكتاب المقدس يشير إلى السحر كشيء يقف ضد الله، ويخالف الإيمان الحقيقي. يُعتبر السحر تعبيرًا عن الرغبة في الوصول إلى معرفة أو قوة بطرق غير سليمة، وكأن الإنسان يتجاوز ما يحق له."
+
"نفس الشئ في ديننا، السحر يعتبر شركا بالله، حيث قال الله تعالى في القرآن الكريم «وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ» وقال بعد ذلك «فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ» هذا دليل قاطع بأن تعلم السحر والفعل به لا يجوز "
3
رفع بصره يحدق بالأطفال وأضاف
+
" حتى اتخاذه كشفاء لا يجوز فقد أنزل الله سبحانه وتعالى الداء وأنزل معه الدواء، عرف ذلك من عرفه وجهله من جهله، ولكنه سبحانه لم يجعل شفاء عباده فيما حرمه عليهم، فلا يجوز للمريض أن يذهب إلى الكهنة الذين يدعون معرفة المغيبات ليعرف منهم مرضه، كما لا يجوز له أن يصدقهم فيما يخبرونه به فإنهم يتكلمون رجمًا بالغيب أو يستحضرون الجن ليستعينوا بهم على ما يريدون، وهؤلاء حكمهم الكفر والضلال إذا ادَّعوا علم الغيب"
2
" نفس الشيئ عند الطائفة الكثالونية، اللجوء للسحر يعني عدم الثقة بالله، والرغبة في التحكم بما لا يُفترض أن يتحكم به الإنسان، في المسيحية، يُعتبر السحر من الكبائر لأنه يفتح بابًا للتعامل مع قوى لا تخدم الخير الحقيقي. ويُعتقد أنه يقود إلى الانفصال عن الله."
+
" وهذا بالضبط، دليل على أن الناس عليهم التوقف على مشاهدة أفلام كهذه، لأنها تنشر أشياءا خاطئة أو على الأقل يمنعونها عن الأطفال، لأن عقولهم تستقبل اي فكرة كانت حتى لو كانت خاطئة "
1
رفعت بصرها صوبه وقالت
+
"حتى الأكبر سنا يمكن أن يتأثر"
1
"هنا يأتي دور الإيمان، فمن إيمانه قوي، ويتبع أوامر ربه، لن تستطيع هذه الأشياء التأثير به"
1
عبس فاهه ثم أضاف
+
" لو رأيت يا كلوديا تأثير السحر على الناس، ومدى الضرر الذي يحدث بهم، لا أفهم لماذا يؤذي الانسان غيره "
5
حدق بالفراغ لثواني شاغل الذهن وأكمل
+
" على كل حال لا يفلح ساحر حيث أتى، فمن يريد السوء بك، لن يحقق مراده إلا إذا كتب الله ذلك"
1
صمت لبرهة من الوقت بعدها أضاف
+
"هل أقص عليك كيف أرسل الله ملكين لتعليم الناس السحر!"
4
رفعت حاجبيه بفضول، ثنت شفتيها بغير فهمت ثم سألت متعحبة
+
"قلت أنه لا يجوز في دينكم، ماهذا التناقض"
1
أفصح عن ضحكة خافتة وراح بشرح
+
"يُذكر أن الله أرسل ملكين إلى بابل، هما هاروت وماروت، لتعليم الناس السحر كنوع من الاختبار. علّماهم السحر بعدما كانا يحذّرانهم بأن هذا العلم فتنة وأنه قد يؤدي إلى الفساد إذا استُخدم بطرق غير مشروعة. وهاروت وماروت لم يُجبرا أحدًا على تعلّم السحر، بل أوضحا عواقبه، وتركوا للناس حرية الاختيار. غير أن بعض الناس استغلوا هذا العلم لتفريق الأزواج ونشر الفساد بين الناس. وهذا دليل أن الناس اتبعو المغريات واستخدمو العلم بشكل غير سليم، ونسو بأن الحكمة والوعي هما الأهم في مواجهة الفتن"
+
تحرك بزاوية ليلصق كتفه بخاصتها، وضربها بخفة، ثم قال ممازحا
+
" هل لاحظت كيف يختلف تفكير الناس، هذا يعني أن بإستطاعتهم تغيير الكثير من الأشياء وتزويرها مثل الكتب السماوية مثلا، وبعض القصص "
13
رمته بنظرات جانبيه، ثم علت بحاجبيها بغير فهم، رغم أنها فهمت مقصده.
+
"ماذا تقصد!"
+
تجاهل سؤالها، فهو غير جاهز لدخول جدال معها الأن وأكمل
+
" ذكر السحر في قصة موسى عليه السلام أيضا. وهو نبي رسل لفرعون، كان السحرة في مصر يشتهرون بقوتهم في السحر. عندما تحدّى موسى فرعون وسحرته، أظهر الله معجزات موسى كالعصا التي تحولت إلى ثعبان كبير، و اليد التي كانت تخرج بيضاء للناظرين ، حيث أظهر الله أن قدرة الأنبياء على المعجزات تتفوق على سحر السحرة، فلا يفلح الساحر حيث أتى"
+
دفن ناظره بخاصتها ولثواني من التحديق نمت ابتسامة واسعة على ثغره، وغنت بندقيتيه بحبها.
1
" لكن سحرك علي من نوع خاص، استخدمت عينيك ضدي ونجحت، أصبحت المسحور الذي يأبى الشفاء "
16
تحركت بجسدها لتقابله، اقتربت منه أكثر ثم كوبت وجهها بيديها، بينما تنظر نحوه وكأنها تتأكد بأن لسحرها مفعول، أما هو على بحاجبيه ينتظر ما ستقوله، ورغم تلك الملامح التي توحي بأنها ستتغزل به، لكنها قالت ساخرة
+
" من أين تعلمت هذه الكلمات المبتذلة! "
16
قرب وجهه من خاصتها أكثر، وراحت روحه تهلهل عشقا بنظراتها.
+
" نظراتك كلو، الطريقة التي تتحدثين بها، والطريقة التي تتنفسين بها حتى، تجعلني أفصح عن كلمات لا أفقه منها شيئا"
5
أضاف بصوت رجولي خافت
+
"Με κάνεις να χάνω τον έλεγχο του εαυτού μου από τον έρωτα"
9
كانت باللغة اليونانية وتعني أنت تفقدينني السيطرة على نفسي
3
لم تفهمها، قطبت حاجبيها منتظرة الشرح لكنه لاعب خصلات شعرها وسمحت له بذلك منتظرة أن يكمل حديثه
+
" عيناك تقيدان قلبي، ورائحتك تسلبني أنفاسي، كرجل صام عن الحب لسنوات، جعلتني أفطر بشكل مبالغ فيه، فليحفظ الله عقلي كلو"
8
ابتمست بخفت تحاول كبته ضحكتها، ربما لا تبادله الحب ولكن كلماته بثت الهدوء لعقلها
+
"أنت تغرق سيد ملك الجليد"
4
"الغرق بك نجاة"
6
كانت نظراته تخترق أطيافها عينيها، وكأنه يغرق ببطئ بينهما، شيئا فشيئا بدأت ابتسامة واسعة تزين تقاسيم وجهه وأضاف
+
" أصبحت جريئة بسرعة سلوان الفجر، ألا تلحظين أنك قريبة أكثر من اللزوم!؟ "
6
تداركت الوضع فاستقامت بحركة سريعة تنفض ملابسها، بينما تتحدث
+
"يقولون عاشر الناس أربعين يوما، تصبح منهم، أي تأخذ تصرفاتهم"
4
استقام هو الآخر بثبات واقترب منها ببطئ
+
" لكنه أخذتها بوقت أقصر "
+
كانت تنظف الأعشاب الملتسقة بفستانها، لذا لم تعي بما تقوله
+
"ربما لأن تأثيرك قوي؟"
12
ابتسم بخفت، ثم على بحاجبيه ورد بصوت هادئ
+
"حقا! هل آخذه كإعتراف؟"
6
أطبقت كلتى يديها على فاهها بهلع، فأخيرا أدركت ما صرح عقلها عن غباء ما نطقت به، لذا قالت بتلعثم
+
"أقصد...."
5
حركت بصرها هنا وهناك تتوارى عن أنظاره خجلا، لتلمح فجأة قطة بيضاء اللون كبيرة فأسرعت ناحيتها
2
"أنظر ما أجملها"
+
انحنت صوبها، وراحت تربت على فروها بتأني، أما هو كبتت ضحكته بينما يقترب منها بثبات وقال
1
" آنمبر أجمل منها "
+
التفت ناحيته، ورمته بنظرات جانبيه، ثم علت بحاجبيه بغير فهم
+
"من هذه!"
7
"قطتي"
+
" هل لديك قطة، لم أرها بمنزل "
+
"انها بمنزلي بنيويورك"
1
"هل لديك منزل آخر!"
+
"نعم، وهو تحت الصيانة، لإستقبالك"
12
*
*
*
+
نيويورك
1
الساعة العاشرة مساءا
+
منزل هارتبيور
+
دخل إيلياء الذي كان المنزل ساكنا لاوجود للحياة فيه، فأباد ورقية من عاداتهم النوم مباشرة بعد صلاة العشاء، أما حور كانت مشغولة بتحضير أبرار للنوم
3
اتجه لغرفته بخطوات متثاقلة، وعندما كان بصدد فتح الباب، أحس بيد تقبض على أذنه بخفة، تجبره على دخول الغرفة
+
تأوه ألما، والتفت للمصدر، حيث كانت حور وهي تحكم قبضتها عليه بينما ترميه بنظرات حادة
2
"حور، هل جننت ماذا تفعلين"
+
لطمته على رأسه بضربات متتالية وقالت بغضب
+
"كنت تلهو خارحا، وأعلم أنك فوت صلاة المغرب والعشاء"
1
ابتعد عنها فارا وانتقل للجهة الأخرى من الطاولة الموضوعة وسط الغرفة
+
"سأصليها الآن"
1
تبعته ووقفت تقابله واضعة كلى يديها على خصرها بحزم، بينما يحاول الهرب منها
+
" الصلاة ليس لعبة بين يديك لتصليها متى تريد، هي الركن الثاني من أركان الإسلام، وفرضها الله على المسلمين وجعلها عمود الدين، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر"
3
"لكني لم أتركها كنت مشغولا"
+
"مشغولا باللهو نعم"
+
جرت خلفه بغية ضربه، ليسرع هاربا، تبادلا الأماكن وأصبحا يدوران حول الطاولة، حتى توقفت حور وأخذت نفسا عنيقا ثم أضافت
2
"إيلياء يا أخي، والله من شدة حبي لك لا أريد منك اثقال صحيفتك بالسيئات، الدين ليس لعبا، لا تدع ملذات الحياة واللهو ينسيك أن لك رب ينتظرك أن تعود إليه"
4
قوست فاهها حزنا، ثم عدلت خصلات شعرها الأسود الطويل الذي انسدل على كتفها وأكملت
+
" أعلم أنك مازلت شابا، وتريد عيش حياتك، لكن لا حياة بلا إيمان، لا تدع مغريات الشيطان تستولي عليك "
1
ابتسم بخفت بينما يقترب منها ببطئ، رفع خنصره أمامها وقال
+
"حسنا وعد، لن أفوتها مرة أخرى"
+
" لا تعدني انا، عد ربك، تب واستغفره، فما فعلته ذنب عظيم "
1
التفت متوجه للحمام بغية الوضوء لتقاطعه
+
"وأيضا، تلك الفتاة، لماذا ناديتها بشوكولاتة مرة!"
1
على بحاجبيه بغير فهم، رماها بنظرات جانبية ليعود بذاكرته لما حدث صباحا وأجاب ساخرا
+
"لأنها تشبه الشوكولاته"
3
اندفعت نحوه مسرعة، ما جعله يدخل الحمام ويغلق الباب بإحكام
+
"ماذا فعلت أيضا، كنت أمزح معها"
+
"ماذا أخبرتك وأنت صغير عن التنابز بالألقاب"
+
"ماذا"
+
ضربت الباب بقوة وقالت
+
"افتحه وسأخبرك"
+
" لا أخبريني من هناك "
5
تنهدت بنفاذ صبر، وراحت تحدق بالباب
+
"سأخبرك لآخر مرة، في المرة القادمة سأقتلع اذنك من مكانه"
+
لم يأتها صوته لذا أضافت
+
"قال الله تعالى «وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۚ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُو۟لَـٰٓئِكَ هُمُ الظَّـٰلِمُونَ» اللله سبحانه يحذرنا من استخدام ألقاب تهين أو تسخر من بعضهم البعض"
3
"لكن لم أكن أسخر منها، تعرفين أنني أحب الشكولاته المرة حور"
15
ضربت الباب وصرخت
+
" هل تتغزل بفتاة الآن أمامي، إيلياء افتح الباب "
4
كان مغلقا بالمزلاج وعندما سمع صراخها أغلقه بالمفتاح
+
" لن أعيدها أعدك، دعيني أصلي ما فاتني "
+
لحظتها سمعت صوت أبرار الناعس من خلفها
+
"أمي ماذا يحدث؟"
+
التفتت ناحيتها ثم انحنت لمستواها
+
"أبرار، متى استيقضتي! "
+
"سمعت صراخك"
+
حملتها بين ذراعيها، فأغمضت عيناها
+
"حسنا، تعالي، عودي إلى سريرك"
+
*
*
*
+
بعد أسبوعين
+
وبعدما زارا تليد وكلوديا جميع الأماكن التي رغبا فيها، حيث ابتغى من قلبه أن يرى ابتسامتها كلما أخذها لمكان أحبته، ولربما لم تبادله المشاعر لكن لا ننفي تلك الراحة التي تسللت لأعماقها بقربه.
+
وهاهما الآن تحت سماء نيويورك الملبدة ببعض الغيوم المتفرقة بنظام، جالس في كرسيه داخل طائرته، تقابله هي الأخرى تحدق بعبوس للأرض
+
"ألا تريدين العودة!"
+
التفت ناحيته بغير فهم، أطالت التحديق به، ثم زيفت خوفها بإبتسامة خافتة
+
" كان الخروج من نيويورك عبارة عن حياة جديدة، ولكن رغم كل شيء يبقى هذا بلدي، عملي وكل شيئ هنا، لكن... "
+
صمتت لثواني من التردد وأضافت
+
"والدي لن يصمت على ما فعلته أنا أعرفه الجيدة، إنه سكون ما قبل العاصفة "
+
" وأنا العاصفة كلو، إن كنت خائفة من أن يأخذك مني، فهذا آخذ شيئ تفكرين به، والدك لن يأخذك مني على جثتي، زوجتي تبقى تحت سقفي حتى أموت"
10
همهمت بتفهم، وراحت تحدق به بضياع
+
" ولكن سيفعل المستحيل، لن يتركني وشأني "
+
"زوجتي ليست ضعيفة، أنت قوية كلوديا، ستواجهينه هو وأمثاله، لأن خلف ظهره زوج سيغرق من يتصدى لك في دمائه"
4
قال آخر كلام ثم اقترب منها، واقفا أمامها
+
"روحهم فداء لدموعك"
11
راحت تتبعه بنظراتها وهو يقترب منها، لحظتها انحنى صوبها وأضاف ساخرا.
+
"أظنني تحمست قليلا، لأن القتل لا يجوز في الإسلام ، ولكن حقيقة أنني سأكون الجدار الذي يتصدى لمن يحاول الاقتراب منك موجود، من يحاول ايذائك عليه المرور بي"
+
"هل تنوي إيقاعي في حبك بهذه السرعة ملك الجليد؟"
8
على بحاجبيه برضى، انحنى بجسدها ليتكؤ على ركبته ثم قال بصوت رجولي خافت
+
"هذا ما أطمح به سلوان الفجر، ألا يمكنني!"
+
حدقت به لثواني ثم نفت الفكرة برأسها
+
"لا"
+
ابتسم بخفت لردة فعلها، ثم غير الموضوع
+
"تحبين المغامرات صحيح!"
+
همهمت موافقة هازة رأسها بحماس
+
"ما رأيك بتجربة القفز بالمظلة!"
8
"الآن، مع من، كيف؟"
+
استقام مشيرا لنفسه بثقة
+
"مع زوجك طبعا، من غيره"
+
"هل تجيد ذلك!"
+
"ثقي بي، فعلت ذلك آلاف المرات"
4
وقفت عند باب الطائرة عندما كانت تحوم فوق أرض خضراء، ووقف هو خلفها بعد ارتداء لباس القفز،، فتح الباب فجأة ماجعلها ترتعد خوفا وتلتفت نحوه
+
"هل أنت متأكد لن يحدث شيئ!"
+
اقترب منها أكثر ملصقا ظهرها بصدره، بينما تلحف الرياح تضاريحهما وقال
+
" ألم تتعلمي الثقة بي بعد! "
1
"إنها حياتي سيد تليد، ان حدث خطأ سأسخرها بسببك"
+
حاوطها بذراعه، ثم أمسك عنقها بخفة يرشدها بأن تسند رأسها على صدره كي يجهزها للسقوط
+
" أصبحت حياتي كلو، إن خسرتك خسرت الحياة "
3
لاحظ صمتها فأضاف
+
"جهزي نفسك سأعد لثلاثة ونسقط"
+
كان يبدو عليها التوتر، أحسن برجفة جسدها رغم حبها للمغامرات فقال
+
"واحد"
+
لم يكمل العد بل حلق في السماء منسجمين كجسد واحد، ما جعلها تصرخ
6
"أين تعلمت العد"
17
ابتسم بخفت، حيث كانا يطيران في الهواء كطائر خلق ليحلق بجانحيه، وقال بصوت مخنوق بعض الشيئ نظرا للرياح التي تضرب تقاسيم وجههما
+
" علميني العد، كما علمت قلبي أن يلهف لك "
12
تحركت قليلا في حضنه مرتعشة بخوف، مغمضة العينين
+
" نحن في السماء وعلى حافة الموت، وأنت ترمي بكلماتك المبتذلة "
+
" أنت في حضني ولست على حافة الموت كلو، هذا للتذكير فقط "
2
سكن الكون بعدها، فقط يسمع صوت دقات قلبهما مع تضارب الرياح بقوة، وكأن السماء تشهد على تقاربهما، والأرض تنتظر حبهما أن يحط على سطحها، وكأن العالم بأسره صمت فقط ليكون لحبهما كلمة تذاع بصوت نبضات فؤادهما
7
فتحت عيناها بعد مدة ببطئ خلف تلك النظارات، تنظر للأرض وتفاصيلها، ابتسمت بخفت وبانت لوحة السكينة على تضاريحها
+
رفع المظلة، واقتربا من الوصول للأرض، وعندما لاحظ صمتها سأل
+
"هل أنت بخير!"
+
همهمت بصوت خافت وأجابته بصوت ملئها السكينة
+
"أشعر بهدوء داخل قلبي"
+
"ولكنه تفعلين العكس مع قلبي"
+
لحظتها حطت أقدامهما على الأرض بغير ثبات، وبعد ثواني من الهرولة لمحاولة الثبات على الأرض، استطعا أن يثبتا. شد عليها بين أحضانه، واضع ذقنه على كتفهما، هامسا بخفت
+
"أريدك هنا للأبد"
+
حاولت الافلات منه فشد عليها أكثر
+
"كنت لي في السماء، وستكونين لي فالأرض كلو"
+
تحركت بين أحضانه منزعجة
+
" السيدة رقية وحور ينتظراننا في المنزل علينا الذهاب "
+
ابتسم بخفت، ثم قرب ثغره من أذنها وهمس
+
" يمكنك مناداتها بأمي، لأنها بمقام والدتك الآن "
+
ترقرقت قطرات من الدموع في مدمعها، هي لم تنطق بهذه الكلمة يوما، لأنها فتحت عيناها على والدها المنشغل طيلة الوقت، وبعض الخادمات، عبس فاهها وردت بصوت مترنح من الأسى
+
" لم ينطق ثغري هذه الكلمة يوما، ولم أجرب قولها ولا حتى الشعور بها، لأنني حينما بدأ عقلي الاستعاب، قيل لي أن أمي توفت بعد ولادتي "
3
لاعب خصلات شعرها من خلف، وهو مازال يضمها لصدره
+
" انها كلمة سهلة فقط جربي نطقها والاحساس بها، ستجعلك أمي تفعلين ذلك لأنها حقا تراك مثل حور "
+
صمت قليلا بينما يمرر أنامله بين خصلات شعرها
+
" سلوان الفجر "
+
"نعم"
+
"ستجربين أي شيئ كنت تريديه معي، وستفعلين ما كنت تتمنينه معي، كوني على يقين أنك ستولدين من جديد وستكونين كلوديا جديدة"
4
أرخيت عضلاته واتكأ على كتفها بينما يحدق للأمام، أما هي اكتفت بسماع دقات قلبها والانصات له
+
" ستجربين مشاعر أن تكوني ابنة مع والديّْ، وكيف تكونين سعيدة، وأهم شيئ سأعلمك كيف تحبينني، وفي الأخير ستجربين مشاعر الأمومة "
3
أفصح عن ضحكة خافتة فالتفتت ناحيته
+
" الفكرة الأخيرة راقت لي "
6
لحظتها خرجت من حضنه بحركة سريعة بينما تتخبط وسط الحريق بداخلها، ونبضات قلبها التي أبت أن تصمت
+
" ما رأيك بتجربة الراحة الآن والذهاب للمنزل، لأنني حقا أشعر بالارهاق "
+
حقق رغبتها، وبعد مدة وصلا لمنزلهما بنيوورك حيث سألت كلوديا
+
"ألن نذهب لمونوتوك؟ لمنزل والديك"
+
" سنذهب للعشاء هناك "
+
"وهل سنعود؟"
+
سألت بقلق فأجابها بنبرة باردة
+
"كلو لا تفقديني أعصابي حبا بالله لن آكلك أنا زوجك، شهر وأنت تنامين في الطائرة، حان الوقت لتتقبلي فكرة مكوثك مع زوجك في بيت واحد"
1
رمته بنظرات جانبية وقالت بلا مبالاة
+
"حسنا، ما بك، ما كل هذه العصبية سألت فقط"
+
التفت تتغنى بجمال المنزل، حيث لم يكن بحجم منزل العائلة بمونتوك، بل كان متوسط الحجم يمزج بين التصميم العصري والطابع الفيكتوري، يعتبر قطعة فنية نادرة تجمع بين الأصالة والتطور، تميزه واجهة من الحجر الطبيعي، تعلوها شرفات مزخرفة بأعمدة بيضاء ونقوش هندسية تحاكي الأنماط الفيكتورية الشهيرة، أما النوافذ كبيرة وذات إطارات خشبية مقوسة، يعلوها زخارف من الحديد المطاوع. سقف المنزل مائل بألواح من الأردواز و القرميد الداكن، مع مداخن أنيقة تزين زواياه
4
ابتسمت بخفت معجبة بتصميم، ثم اتجها للداخل، حيث وقفت بثبات مذهولة الملامح، بفم شبه مفتوح وهي تتحرك بناظره بين تفاصيل المنزل
حيث استقبلها بهو فسيح ذي أرضية من الرخام الفاتح تتخللها خطوط سوداء دقيقة، تعكس بريق الثريات الكريستالية المعلقة فوقها. كانت الجدران مطلية بلون دافئ مثل العاجي والبيج مع زخارف جصية مميزة، تمتد على طول السقف لتشكل قوالب معقدة تشبه تلك التي تعود للقرن التاسع عشر.
+
"يشبه التصميم فكتوري"
4
قالت كلوديا بإعجاب وهي تمشي بخطوات متثاقلية تتفحص أرجائه
+
"قلت أنك تودين تجربة الذهاب لقصر فكتوري، والعيش كأميرة من ذلك العصر، يمكنك أن تجبري ذلك الآن"
+
وضع كلتى يديه في جيب سرواله وأضاف
+
"أميرة السيد تليد هارتبيور"
4
التفت نحوه وابتسمت، وتلك الحركة لم تكن بعادية لقلبه، حيث تساعرت دقاته وراح يهلهل عشقا يرميها بنظرات هيام، تلعب بمشاعر بدون وعي منها، وبنظرة واحدة تجعل ذلك الجليد ينصهر
+
"شكرا لك"
2
هذا ما قالته، وراحت تمشي في الأرجاء حيث دخلت غرفة المعيشة التي تميزت بمزيج من الأثاث العصري والمفروشات التقليدية، حيث تجد الأرائك الفخمة بأقمشة مخملية غنية بألوان داكنة مثل الأزرق الملكي و الأخضر الزيتي، بجوار طاولة قهوة زجاجية بأرجل معدنية مزخرفة. يزين الجدار مدفأة رخامية أنيقة مع مرآة ذهبية بإطار منحوت فوقها، مما يضفي لمسة فيكتورية ساحرة
+
"لا أصدق، وكأنني في ذلك العصر"
+
زارت المطبخ ذو التصميم العثري ولكنه يتبع النمط الكلاسيكي، بوجود خزائن خشبية مطلية بألوان فاتحة مثل الأبيض و الأزرق الفاتح، مع أسطح من الرخام الأبيض تتخللها عروق رمادية. تكونت الأرضية من البلاط المزخرف بنمط كلاسيكي، وبرزت الأجهزة الحديثة المخفية خلف أبواب خشبية تتناغم مع طابع المطبخ العام.
+
اتجهت لباقي الغرف، وبعد لحظات عادت إليه تصرخ مسرعة نحوه بهلع، شحبت بشرتها وكأن كل قطرة دم اختفت منها، لو رأى الانس شبحا لما حدث له هذا، وصرخت بصوت عالي
+
" ملك الجليد "
35
انتهى
8
رأيكم بالفصل والأحداث
5
هل ستقع كلوديا في حب تليد، وهل لها اسبابها لعدم رغبتها في حبه؟
11
كيف ستكون علاقة صليبا وحور في نظركم؟ وهل تكون أبيسينا فاصلا بينهما؟
13
خلونا من غزل تليد لي راح يجلطي، جوناثان لساتو ساكت يا حزركم هل ممكن يكون كلام كلوديا صح، راح يساوي شي؟
9
شو شافت كلوديا حتى خافت لتلك درجة؟
9
في الأخير، أنا حقا والله تعبت من أمور أنو اقلكم تفاعلو ومادري ايش، يما أنو رواية تستاهل كان لازم شوف تفاعل حتى بدون ما أقول، بس هيهات
1
لهيك تفاعلكم راح يكون اختياركم، وتحديث فصول راح يكون اختياري، يعني اذا ما تفاعلتو لا تجو تحاسبوني
+
أي تعليق مستفز يحظر صاحبه مو ناقصني
+
إلى اللقاء في فصل آخر
5
أحبكم في الله
4
16
