رواية روح بلا مأوي الجزء الثاني الفصل السابع والعشرين 27 بقلم سارة فتحي
الفصل السابع والعشرون
****
روح بلا مأوى
****
الحزء التانى
****
ولجت إلى شقتها قاصدة ترك البيت توجهت إلى غرفة نومها وسحبت إحدى حقائبها والقتها على الفراش ثم فتحت خزانتها وتناولت ملابسها دفعة واحدة لتلقيها داخل الحقيبة، هى لا تسمح له أن يمس كرامتها أو
يتجاهلها
مرت بضع دقائق وقد عاد هاجد وولج لغرفته باحثًا عنها بعد أن مر على والدته ولم يجدها يعلم أن ما فعله اغضبها
عقد هاجد حاجبيه بشدة واعتلت ملامح الاستفهام
على وجهه التى ترجمتها كلماته:
-أيه اللى بيحصل دا؟! انتِ بتعملى ايه؟!
تجاهلته حتى لم تنظر إليها وظلت تجمع اشياءها من
الغرفة اقترب اكثر حتى وقف مجابهًا لها يغوص ببحر
عينيه فى سوداء مقلتيها وهتف بقسوة يقصدها:
-لما اكلمك ردى عليا يا هاجر
اجابته بجدية وحزم:
-وسع من قدامى خلينى اخلص
قبض على معصمها قائلًا بحدة:
-اتكلمى عدل يا هاجر، انا بسألك بتعملى ايه؟!
ابتسمت بسخرية وهى تحاول كبح دموعها قائلة:
-اتكلم!!
هو بقى مسموح ليا اتكلم دلوقتى يعنى خلاص خلص
العقاب؟! دا ايه الكرم دا؟! بلم هدومى وماشية اصلى
طالما هنا هقعد مع نفسى لوحدى طول النهار
اروح اقعد هناك فى بيتى بكرامتى
كان يناظرها بعتاب وهى تقذفه بكلمات بلا رحمة
عيناه تموج بين اللوم والشوق، ثم تابعت بحرقة:
-اصلى عقابك دا العادى بتاعى
متعودة عليه مش جديد انا واحدة على طول باباها
مسافر وعايشه لوحدى باكل واشرب وانام لوحدى
حتى لما ماما كانت عايشه فعادى يعنى، اسفة حسيته عقاب اهبل كدا مأثرش فيا
اغمض عيناه بندم نجحت فى جعله يشعر به
ظل صامتًا يتحين رده فسحب نفسًا طويلًا قائلًا بألم:
-مكاننش عقاب يا هاجر
لم تستطيع ان تحول كبح دموعها اكثر هبطت بفضول
لتكن شاهد على حرقة قلبها فهمست:
-ايوه ما انا بقولك ماكنش عقاب لأنه مش جديد
عليا متعودة عليه
صمتت تبتلع ريقها ودموعها تغرق وجنتها هبط قلبه
لها بعنفوان على ما عاشته رفيقة الروح، شريكة العمر
كل كلمة تخرج منها
كالخنجر المشتعل فى صميم قلبه كأنه يعلم مكانه
جيدًا، كور يده بقوة كيف يفسر لها حالته حينها
كانت داخله نيران مستعرة من نظرات طاهر؛ نيران الغيرة فالغيرة كالخمر كلاهما يذهب العقل هز رأسه بالنفى :
-لا يا هاجر انا مقدرش اعاقبك ولا عمرك تهونى عليا
انا بعدت لما حسيت بنفورك منى مقدرتش اكون قريب
هتفت بعدم استيعاب:
-نفورى منك؟!
نفور ايه؟! عشان اعترضت على تصرفاتك
انا اتكسفت من اللى حصل دا انا ماكنتش متعودة عليه يعنى
عشان تستغرب لما اعترضت، كمان اتحرجت قدام اهلى
احنا اصلًا كل معرفتنا ببعض ٣ شهور ومتجوزين من
كام اسبوع حتى مكملناش شهر وانت اصلًا
ااصلا مقربتش منى غير من كام يوم بس، طبيعى اتكسف واحس بالاحراج من الجميع ومن نظراتهم
ولا انت ناسى ان اا
صمتت تستجمع شتاتها ثم قالت:
-ولا انت ناسى انك اول راجل يلمسنى انا حتى ماكنتش
بسلم على أى راجل بايدى، لو انا نافرة منك ماكنتش
سمحتلك تلمسنى اصلًا
عتابها، دموعها، نبرتها المتألمة يخسفان بقلبه بكل قسوة
دون ذرة شفقة، هى على حق حتى انه استنكر فعلته لكن غيرته تمكنت منه همس بصوت متألم:
-انا كنت بحاول اكون قريب منك فكل المناسبة تخصك
مبقاش بعيد عنك، انا كنت ممكن اقولك روحى انتِ
انا مش فاضى حبيت اكون بشاركك، وخانتنى تصرفاتى
انتِ معاكِ حق بس دا لأنك زى ما قولتى انك انتِ لسه تعرفينى من شهور
لكن انا انتِ جوايا من سنين وكأنك جوايا من عمر، ومكانش قصدى
عقاب خالص انا قولت اسيب ليك مساحة لما حسيت
انى كاتم على نفسك، بعدين دا انا بتمنى الوصال مش
البعد
لا زالت دموعها تغرق وجنتها فاقترب يجذبها إلى احضانه فى عناق لم يحظى به منذ اسبوع زرعها
بداخله تبا له ولغبائه، دفنت وجهها بصدره وتركت
لدموعها العنان اكثر واكثر بكت على كل ما مرت به
فى حياتها من قسوة والدتها وخذلان من والدها
والليالى باتت وحيدة
فشرع يربت رأسها تارة ويقبل أعلاه تارة اخرى بكلمات
حانية واعتذار:
-ماكنش قصدى انا قولت بدل ما اكون محاصرك كدا
اسيبك تهدى الموضوع ابعد ما يكون عن عقاب
-ابعدت رأسها وهى تطالع بتهكم:
-وايه بقى حضرتك قررت تحاصرنى تانى ولا جاى
عشان توصل الست مايسة
ابتسم وهو يحيط رأسها بين يده يمسح دموعها بانامله
وعيناه تجول على كل انشًا بوجهها قائلًا:
-ولا دا ولا دا
وحشتينى واوى كمان، ورجعت بدرى مخصوص عشان اشدك من
ذراعك واخدك فى حضنى واقولك يا هاجر
ازاى متدوريش عليا وانا بعيد واقولك اوعى تانى
تزقينى بعيد عنك لما اكون قريب عشان اتوجعت
اوى، وتوجعت اكتر لما لقيتك بتلمى شنطة هدومك
رمشت باهدابها بندم لكن سرعان ما تحولت حالتها ورفعت نظرها بحدة واضعة يدها فى خصرها قائلة:
-انت كمان ليك عين تعتب عليا ولأ انت بقى عايز تطلع جنانى صح
يعنى تفضل تدلع انثى العنكبوت ديه قدامى اعملك ايه تحمد ربنا انها جت على اد كدا بس، لأ وكمان تحط الحق عليا
قهقة وهو يجول بنظراته عليها يعشق كل مابها من لسانها الطويل، عنادها، ضعفها، تمردها عيناها كل مابها يعشقه، عض على شفتاه
السفلى بعبث هامسًا:
-لأ واضح أن بعدى كان مضايقك وانا لازم اصلح
غلطتى دلوقتى وحالًا
للمرة الاولى تشعر بمشاعرها مبعثرة هكذا فوضى عارمة كل مرة تكتشف شيئًا لا تعلمه، يريد ان يثبت شئ او
يكتشف شئ يريد ان يكتشف اعماق روحها او سبر اغوارها
-لا انت فهمت ايه انا بتكلم فى العموم انت دماغك راحت
بعيد اوى
-بعيد فين انا كان قصدى اننا نتفرج على فيلم
مع بعض، لأ ازاى تفكيرك وصل لكدا؟!
رمشت عدة مرات محاولة السيطرة على اضطرابها
تطالعه بصدمة، مال بجسده ثم همس بصوته الاجش:
-بس انا معنديش مشكله خالص واضح ان ليلة
مباركة ومتسهله
سعلت بشدة وهى تطالعه بعدم استيعاب قائلة:
-دا ايه قلة الادب ديه
-قلة الادب فى ساعة المبروكة ديه مطلوبه
وبعدين انا لازم انفذ كلامك احسن تظنى فيا ظن
وحش ولا حاجة
جحظت عيناها من وقاحته ثم تجاوزته لتغلق حقيبتها:
-لا أنا لازم امشى انت مش طبيعى
انت شارب حاجة؟!
-عناب زى ليلتنا ان شاء لله
ارتفع صدرها بانفاسها العاليه لا تستطيع الرد عليه،
فاقترب منها يجذبها من خصرها، فهمست بريبة:
-على فكرة هصرخ
تعالت ضحكاته وهو يقول:
-طب مستعجلة ليه؟!
رفعت سبابتها فى وجهه بتحذير:
-على فكرة كدا ميصحش
تناول يدها يطبع قبله فى باطن يدها، لاح التوتر والخجل على وجنتها بينما ثبت هو نظره على عيناها
الآن فقط قد استكان فى وطنه هامسًا:
-اه، يا هاجر يا غربيتى وانا بعيد عن عينيكِ
اسرتنى عينيک فاستسلم القلب راغبًا، وألقيت بهما أمالى ولم يكن قلبى يقبل بالخضوع ابدًا، ولكنى لا ارغب فى العتق،
يكفينى فخرًا أن اكون سجين لهواكِ
فحركة مفاجأة كانت تحلق فى الهواء بين ذراعيه متوجهًا بها نحو الفراش هاتفًا:
-حانت ساعة الصلح
-اسمها ساعة الصفر
غمز لها بخبث هاتفًا:
-صفر ايه دا فال مش حلو وبعدين ممكن متقاطعنيش تانى
اقترب منها فاغمضت عيناها تفكر فيما وضعها القدر به مستسلمة للمساته، جزء بداخلها يعجبه ما يفعله معاها حنانه واحتوائه لحزنها تقبلته كزوج لكن كحبيب؟!
بينما اخذها معه فى جولة عشق ليبث شوقه وعذابه فى البعد عنها
*****
فى غرفة كيان
احست بترقب وتوتر رهيب من نظراته، تشعر بنظراته
الحادة تخترقها منذ أن رأته وبعد أن عادوا سويًا تنهدت بوهن
لا تعرف ماذا يجب ان تفعل؟!
خائفة
تائهة
مشتتة
فمنذ أن ولج تامر للداخل وطلبه للمرحاض وهى ترتعد
من الداخل من ثورة كنان، لا زالت صامتة تفكر فى الأمر
تخبره أما تتجاهل الأمر كله وتنتظر وقت اخر حتى
لا تعكر صفوة يومها؛ فاليوم الأول للبث التجريبى
لبرنامج الطبخ الخاص بها، ظلت تفكر مرة تلو اخرى
لا تمتلك القوة الكافية لتواجه
-سرحانة فى ايه؟!
توتر رهيب تسرب إلى قلبها شعرت بحرارتها تزداد
رفعت بصرها له قائلة:
-ولا حاجة بس اليوم إنهارده كان مشحون اوى
ازدردت ريقها بتوتر حينما سألها:
-احكيلى يومك انهارده كان عامل ازاى؟!
-عادى مفيش جديد بعمل زي ما قولت ليا فى الطلبات بخلص القديم ومش بستلم جديد ونزلت الطلبات لتامر وسبته يسلم هو، اه وجريت الصبح مع ساهر
نظراته بدأت تتغير رويدًا رويدًا، حاولت ان تطمئن
نفسها بإنه لم يعلم بوجود تامر معاها فى الشقة،
وكيف يعلم، تنفست هاتفة:
-فى أيه مالك؟!
ماذا به؟!
قلبه يؤلمه، روحه تحترق، كرامته تزأر ذلك الحقير
كان قاصدًا حتى انها لم تعلم انه اجاب على هاتفها
لكن هى السبب من سمحت له بالتمادى حدجها
بعصبية ثم ابتسم بتهكم:
-بس كدا دا كل يومك
-اه يعنى هكون طلعت القمر ومقولتلكش انت بتسأل
ليه كل الاسئلة ديه؟!
اتسمت ملامحه بالوجع وهو يغمغم:
-بسأل ليه؟!
كيان انتِ سألتينى كتير انت بتحبنى، وانا قولتلك اكتر
انى بحبك، ممكن أسالك نفس السؤال؟!
عمرى ما سمعتها منك؟!
-مالك إنهارده مش طبيعى
جذبها من معصمها لتنصدم بصدره الصلب وعضلاته
ليهدر بنبرة بائسة مختنقة فتنهل حدقتيه من عذوبة
قلبها المرهق ومازالت اظافره تنغرس بلحمها:
-كنان انت بتوجعنى
همس بنبرة تشى عن الألم الذى يعترى روحه عن القهر
الذى يسرى فى كيانه:
-كدا نبقى متعادلين رغم إنى اشك
ترقرقت الدموع بعيناها هامسة:
-انا وجعتك فى ايه يا كنان
كانت تتسائل بألم فاجابها بقهر:
-يمكن عشان كنتِ مع تامر فى الشقة لوحدكم وانا بسألك
بتكدبى بس عشان كدا، يعنى لو بتعتبرينى جوزك
ورجل تقدرى تقولى انى غرت على مراتى
احتلت الصدمة وجهها وهى تهمس:
-انت بتراقبنى؟!
كلماتها اشعلت نيرانه الهوجاء تركها بحدة وصاح بغضب:
-برافو زى كل مرة اقلبى الترابيزة عليا واطلع انا الغلطان
لا يا كيان مش براقبك دا و** اللى كان معاك فى شقة
رد عليا وانا برن عليكِ وقالى انك جوه
عارفة ليه رد عليا عشان هو شايفنى مش راجل ولا حتى انتِ
سيطرت الصدمة عليها ثم همست برعب جلى:
-رد عليك!
انا من غير ما اعرف كنت عايزه اقولك بس كنت خايفة منك
-انتِ عارفة وقعت كام مرة فى حبك وانا بشوفك
بتطبخى بحماس وعينيك بتبقى مليانة شغف
وانتِ مشعله الاغانى ومنفصله عن العالم كله كأنك
حوريه، تخيلى شعورى لما اعرف انك بتعملى كل
دا قدام رجل غريب
صرخت بحدة وهى تضع يدها على فمه:
-بس متكملش، متكملش ولما انت ظنيت فيا كدا
رجعتنى معاك ليه؟!
تدخل واحدة زى ليه بيتك؟! ترضاها على نفسك ليه؟!
على فكره هو وقف بره وطلب منى يشرب، وبعد كدا طلب
التواليت وانا اللى خرجت بره الشقه جنب الشغل
بتاعى معرفش رد امته ومقالش ليا انه رد
لكن انا كنت عايزه اقولك رغم ان انا وهو ماكنش
جوه مع بعض نهائى بس خفت منك
وفعلًا انت ظنت فيا ظن صعب اوى
فين الثقة اللى المفروض بينا
اخذ يضرب على صدره بعصبية:
-كفاية لوم فيا وانت مش مكانى مش حاسة بالنار اللى
بتقيد جوايا، ليه مستغربة حرقتى ونارى
وكلامى بدل ما تعتذرى بس عارفة ليه عشان مش
بتعتبرينى جوزك مش بتعتبرينى راجل دا حتت عيل
ادوسه بجزمتى بيعلم عليا ويقولى انا مع مراتك
فى الشقة، بس صح عندك حق وانتِ هتعرفى انى
راجل ازاى غير لما اثبتلك
قبل ان تستوعب خطورة كلماته كان ينقض عليها
يعانق جسدها الصغير مقارنة به، يقبلها بشراسة
دون ان يعتق رقتها وانوثتها؛ كانت قبلات بربرية
وحشية، غيرته تعميه لم يبالى بضرباتها وتشنجها
واختناقها، افترق عنها ليحملها ويضعها على الفراش
همست بصوت مختنق:
-كنان
بجنون وغضب اقترب منها ثانيةٍ الوهن تسرب
إليها ودموع تنهمر حتى همست بصوت متحشرج من البكاء:
-انت امانى انا ماليش حد غيرك لو دا حصل يبقى
الموت اهون عليا
صعقته بجملتها، صفعة قوية نزلت عليه افاقته من حالة
غضبه وجنونه تكورت على نفسها وهى تهز نفسها بعصبية كانت حالتها غريبه وجهها شاحب، فابتلع
وهو يغمم:
-انا ما شكتش فيكِ
كانت تطالع نقطة ما امامها وهى تهمس بضياع:
-عايزه انام، عايزه انام
حاله لم يكن افضل منها خائف ومرتعب من ردت فعلها لحظة غضب واحدة اطاحت بكل ذرة تعقل بداخله لعن نفسه وغباؤه واندفاعه لكن غيرته اكبر من السيطرة على نفسه، تسرب الرعب بين طيات قلبه وهو يقسم بأنه سيقتل ذلك الحقير الذى يسعى أن يفرق بينهم
*****
فى صباح اليوم التالى
لم ينم معاها فى نفس الغرفة، لكنها لم تستطيع ان تنام
طيلة الليل، خائفة كيف تثق به بعد ما فعله بها ارهقتها
دموعها، اثار قبلته القاسية لازالت تكوى جسدها ألمها لا يرحم، عادت ذكريات الماضى تهاجمها بشراسة كمشهد
سينمائى مرعب ضمت نفسها اكثر فهى اعتادت ان تحتضن نفسها وتبكى وحيدة طيلة الليل
تعلم انها اخطأت حين سألها وكذبت لكنها لم تعلم
كيف تجرأ تامر واجاب ولم يخبرها
طرقات على باب غرفتها ارعبتها لكنها نهضت بوهن شديد
تلتقط اسدالها لترتديه كل انش بجسدها يؤلمها فتحت
الباب لتطالع حماتها التى كانت ترمقها بربية من ملامح
وجهها الشاحب، قائلة:
-صباح الخير صحيتك
هزت راسها بالنفى قائلة:
-اتفضلى انا صاحية
-فين كنان
-مش عارفه شكله بات فى المستشفى
هزت رأسها بتفهم ثم طالعت انتفاخ عيناها من اثر البكاء ثم سألتها:
-انت معيطة؟!
تنهدت بألم قائلة:
-لا مش معيطة ميعاد البريود وبتتعبنى جامد
تأملت حدقتيه الشاردة والتى يحتلهم الضياع وحاولت
أن تبتلع كذبتها هاتفة:
-طب خدى مسكن وهبعتلك حد بحاجة دافية انا كنت
جاية اقولك انى مجهزه حفل بليل عشان رجوع زهير
وعزمت كذا حد من معارفنا وطبعا انتِ لازم تكونى موجوده
أومأت لها حتى تنهى هذه الوقفة استئذنت نهلة واغلقت
خلفها الباب حتى تسمح لنفسها بالانهيار ثانية
*****
فى المساء
دارت حدقتاها على وجه زهير بمهمة استكشافيه باليه
حدة ملامحه لتخفى قسوته كيف لا يروا
ذلك، ثوانٍ وقد دلف كنان يلقى التحيه على الجمع تأوه قلبها رغمًا عنها وشق العتاب طربقه إلى عيناه ردت التحية بخفوت ليجلس امامها على احدى الطاولات الخشبية فى الحديقة وظل يتطلع إلى وجهها دون أن ينطق بكلمه واحده شعوره بذنب والخزى من نفسه
يؤنبه، جرعة من الألم كانت متمثلة بخوفه لضياعها منه
كانت عيناه تغرق فى ملامحها العذبة بحسرة نظراتها تطعنه بقسوة، بينما هى بصعوبة سيطرت على مشاعرها
صدح صوت زهير قائلًا:
ايه اخباركم يا شباب؟! طمنونى عنكم
اجابتها شاهندا بفخر:
-تمام يا اونكل كنان عمل عملية كبيرة اوى والمفروض
الحالة هتدخل العمليات تانى بعد شهر وتعمل عملية
تانية وتنجح وفى حالة ديه اسم كنان هيبقى من اشهر
الدكاترة فى العالم
مال ضياء على بيلا هامسًا:
-المشعوذة ديه منتجت اسمى وانا المشرف على عملية
وكله بتوجهاتى
ضحكت بيلا بخفوت بينما صدح صوت ضياء:
-كله تمام يا بوص وزى ما قالت كدا الاخت ولا كأنى
كنت موجود اصلا فى اوضة العمليات
اجابتها بيسان بسماجة:
-ما هو يا دكتورة وراء كل رجل عظيم امراة عظيمة
رمقتها بتحد، بينما سألها زهير:
-مرتاحة فى شغلك يا بيسان ولا؟!
كنت عايزك تكونى معانا
-معلش يا دكتور بقى انا مرتاحة كدا اكتر
اما هو كان بوادٍ اخر يتأمل الحزن والضياع الذى
يصرخ بمقلتيها هى حزينة تتألم وهو اكثر منها
هى اقرب لقلبه من وتينه، تحدث زهير:
-طب الاخ ضياء او كنان محتاجين حد بكره بكتير
يكون فى فرع دبى ضرورى
اندفعت بيلا مسرعة بتلقائية:
-ضياء لا مش هيسبنى
ابتسم الجميع بينما هى اطرقت رأسها بحرج فقال
ضياء:
-اصلى فى كورسات بناخدها ولازم نطبقها
لكزته بحدة، واخيرًا همس كنان:
-هسافر انا
ابتسم زهير بفرح، نهضت نهلة قائلة:
-يلا يا جماعة الاكل جاهز مش هنقضى السهرة شغل
كان هو اول من انصرف لم يعد يتحمل نظراتها رحل
الجميع وبقيت هى وبجوارها بيسان متسائلة:
-ليه؟!
-نعم
علقت كيان بحيرة بينما استرسلت بيسان:
-ليه حاسكى ضعيفة وساكته ليه مش بتدافعى عن
حقك فى جوزك ليه السلبيه دا حقك
-لان دية ظروفى اللى طلعت منها
تنهدت بيسان قائلة:
-لا دية الشماعة اللى عجبتك مش اكتر انتِ حالك احسن
من غيرك بكتير صدقينى
ضحكت بسخرية:
-حالى انا بيتهيألك
تنهدت بيسان بملل، رفعت كيان رأسها لها وصبت كل تركيزها لتتابعها وهى تقول بثقة
-لأ حالك انتِ احسن من ناس كتير احمدى ربنا فى
اطفال بتتولد طول عمرها بتعانى من المرض بالعكس
انتِ بصحتك وحواليكِ ناس كتير اوى بتحبك فى
ناس بتقولك انا هنا، انت مش لوحدك حتى لو مريتى فى فترة
بدا فخلاص عدى لازم تكونى قوية وتحمدى ربنا اكتر
وتحاربى تاخدى حقك من الحياة كنان يستاهل صدقينى
وانت كمان ادى نفسك فرصة، وبلاش تفكرى فى حاجة
واحدة بس وحشه فى حياتك فى حاجات كتير احلى
ثم نهصت بيسان وارتسمت الجمود كعادتها
وتركتها فى بحر عتاب ذاتها
******
هبطت الطائرة فى مطار دبى تعلن عن وصول ركابها
سافر دون أن يودعها، استباح اللوم كيانه،
طوقه الخزى بشرنقة فاتكة ما الذى فعله باندفاعه
كان يريد ان يعاقبها يشعرها بمدى خطأها وتساهلها
مع تامر لكن ليس بهذه الطريقه قلبه يؤلمه بشدة
لذلك كان لابد أن يبتعد لفترة حتى تهدأ او بالاحرى
حتى لا تطلب ما يخشاه
وقف ينهى الاجراءات بضع دقائق وكان خارج المطار
لكن سار ما استرعى انتباه حتى توسعت عيناه بصدمة
قائلًا:
-كارما!!!
*****
يتبع
