رواية سلوان الفجر الفصل السابع عشر 17
السابع عشر: أمان وتَوَجُّس
You'r the peace i never knew
But i'm afraid to love u
+
أنت السلام الذي لم أعرفه أبدًا
ولكنني خائفة من أن أحبك
8
______________________________
+
مخفر الشرطة
3
في زنزانتين يفصلهما جدار جزئهما الأمامي من قضبان حديدية ، أخذ إيلياء مكانه يمينا، وكلوديا وبريجيت في الزنزانة التي بجانبه
8
كانت بريجيت لا مبالية لكن مسها نسيم من القلق، تضم ذراعيها لصدرها تمشي ذهابا وإيابا داخل ذلك القفص، عكس كلوديا الجالسة على المقعد تقابلها والتي أخذت نصيبها من الخوف
+
أما إيلياء كان يجلس بإهمال غير مباليا بما يحدث وكأنه شخض اعتاد على السجون، استقام بجسده ثم تنهد بنفاذ صبر واتجه نحو القضبان، أحكم قبضته على اثنين منها وقرب وجهه بينهما بينما يتحدث مع الشرطي والذي اتضح أنه صديق تليد المعتاد
8
" سيد مارت دعنا نحل الأمر دون إدخال أخي في الموضوع"
8
نظر إليه مارت نظرة جانبيه وابتسم مستفزا إياه
1
" هو في الطريق إلى هنا على كل حال "
9
ضرب جبينه بخفة بين القضبان ثم أفصح عن تنهيدة مطولة عبرت عن مدى إستيائه, وراح يحدق بالشرطي مشغول الذهن
+
أما كلوديا فور ذكره موضوع تليد غطت وجهها بكلتى يديها حرجا لما فعلته، ثم أحنت رأسها أرضا وهمست
+
" ستكون نهايتي "
15
التفتت بريجيت ناحيتها ثم انفرج فاهها للرد ولكن صراخ إيلياء أوقفها
+
" شكولاتة مرة أعلم أنك ساذجة كفاية ولكن أنظري أين أوصلت زوجة أخي، نريد تعويضا "
7
جائه ردها الغاضب مباشرة
+
" أصمت "
+
فعل ذلك، وتوقف عن الحديث ليس انصياعا لها بل برؤية لتليد يدخل المخفر بينما يقترب منهم مستقيم الجسد تضاريحه أقسمت على أن تبين أَحِيح ما بداخله
18
رشق إيلياء بنظرة مُغْتَمّة دون أن يتفوه بحرف ودون أن يرى ما الموجود في الزنزانة الثانية، ثم اتجه مباشرة نحو صديقه
6
تحدث معه بضع دقائق ثم التفت متجه نحو إيلياء الذي بدوره صرخ يحاول تليين الوضع
+
"أخي!"
7
فور أن دوى صوته المكان رفعت كلوديا ناظريها نحوه ما جعل رعشة تسري بكامل أنحاء جسدها، وبما أن الشرطي لم ينتبه أنها زوجته ولم يقم بإخباره، وبما أن تليد كثير غض البصر لم ينتبه على وجودها هناك وأكمل سيره صوب أخيه دون أن يتفوه بحرف واحد
8
أما بريجيت راحت تحدق به معجبة، ثم التفتت لكلوديا
+
" هل هذا زوجك حقا؟ يبدو مختلفا عن صور المواقع"
+
استقامت كلوديا بحركة سريعة ثم تحركت لزاوية الزنزانة تخفي نفسها لكي لا يلاحظ وجودها
2
"لا يجب أن يراني"
2
تجاهلت بريجيت خوفها واقتربت منها أكثر، ترسم على ثغرها ابتسامة جانبية
+
" كلوديا ما رأيك أن تكون ابنة عمك ضرتك؟ سمعت أن المسلمين يتسطعون أن يتزوجو بأربع!، عرض مغري أليس كذلك؟ "
15
لطمت كتفها وهي لاتزال تخفي نفسها عنه
+
"اصمتي ليس وقت مزاحك"
+
أما تليد خطى أولى خطواته واقفا أما زنزانة إيلياء يدفن نظراته التهديدية بخاصته، تنهد بنفاذ صبر وزفر الهواء من رئتيه وكأنه يحاول تهدئة نفسه كي لا يثور، رفع كلا ذراعيه وضمهما لصدره حيث لا يزال يرشق إيلياء بتلك النظرات المخيفة دون أن يتحدث
6
وبحركة سريعة مد يده بين القطبان يحاول الإمساك بالآخر ولكن إيلياء كان مرنا واستطاع الإبتعاد
1
"تعال دعني أعلمك دروسا لم أستطيع تعليمه لك من قبل"
12
حرك إيلياء رأسه رافضا بينما يحاول كبت ضحكته رغم الموقف الموضوع فيه
+
" تقترب أم أفتح الزنزانة، وصدقني لو فتحتها لن ينتهي الأمر على خير إيلياء، أظن أنني دللتك كفاية "
9
رفع إيلياء يديه في الهواء مستسلما ثم نمت على ثغره ابتسامة مستقيمة يحاول بها تليين الموقف
+
"تليد أخي، أنا أخوك الصغير، دعني أشرح لك الأمر على الأقل"
5
ضرب باب الزنزانة بيديه لدرجة دوى صوتها في أرجاء قسم شرطة مسببا ارتجافة في قلب كلوديا، وهذه المرة يبدو أنه منفعل حقا، ثم صرخ بصوت غاضب
+
"ماذا ستشرح؟ ستشرح سذاجتك؟ أم طفوليتك؟ أم سبب انخراطك في سباقات كتلك، ومتى؟ في رمضان؟ في الشهر الذي يجب عليك اغتنامه لتصلح ما فعلته في الأشهر التي قبله"
3
خرجت من حلقه ضحكة خافتة ساخرة رافعا يديه للأعلى
+
" لكن لا سيد إيلياء الذي يعرف من اسلامه اسمه فقط قرر دخول سباقات غير قانونية في حين أن اخوانه مسلمين يخشعون في سجاداتهم يتضرعون لخالقهم"
11
زج على أسنانه في فرط الغيض وأحكم قبضته على القضبان حتى بيضت يداه
+
"ماذا أفعل بك أخبرني"
1
أشار له بسبابته آمرا
+
" ستبقى في السجن حتى تتعلم كيف تصبح مسؤولا "
2
ابتعد قليلا عن الزنزانة ما جعل إيلياء يقترب منه
+
" وزوجتك هل ستبقيها في السجن أيضا حتى تتعلم كيف تصبح مسؤولة؟ "
21
على بحاجبيه بغير فهم ثم حدق به باحثا عن شيئ من الوضوح لكن لم يجد غير التعابير الخبيثة
+
"ماذا؟"
+
أشار إيلياء للزنزانة بجابه، ما جعل تليد يحرك بصره ناحيتها لمح بريجيت التي كانت تحدق به لكن سرعان ما أشاح نظره عنها ليتوقف عند ظهر كلوديا التي لاتزال واقفة عند زاوية الحائط
5
نفس الملابس، نفس الطول ولون الشعر كيف لا تكون هي؟ ، تصنم في مكانه وكأن شللا أصاب جسده غير مدركا ما تراه عيناه الآن، زوجته التي ظن أنها حصيفة لا مكان لها بين الطيش، تقف الآن وسط زنزانة بسبب سباق سيارات غير قانوني
4
توقفت رموشه عن الرمش، ولبثت عيناه عندها تحاول تصديق ما تراه، علقت الكلمات بحلقه ولم تتجرأ على الخروج، ربما اعتاد على أخيه الطفولي لكن لحد ما رؤية زوجته في هذا الموقف أفقدته عقله، وبصعوبة خرجت ثلاثة أحرف من حلقه تشبه الهمس
5
" كلو! "
9
بسماعها اختصار اسمها يخرج من حلقه بتلك النبرة الشبيهة للدهشة والتهديد، سرت رعشة أخرى على سائر جسدها، وخفق قلبها أكثر مما كان يخفق لكلماته المعتادة، ورغم ذلك بقت متصنمة في مكانها دون حراك
+
أما هو استطاع استجماع نفسه واستدراك ما يحدث، ثم أضاف بنبرة خشنة صارمة
+
" كلوديا التفتِ إلي الآن وفورا "
10
أدارت جسدها نحوه ببطئ، محنية الرأس لم تتجرأ إلى النظر إليه وهذا ما جعله يضيف بينما يقترب نحو زنزانتها
+
" عيناك علي "
1
لم تستجب له وبقت على حالها ما جعله يصرخ عليها لأول مرة
+
"كلوديا قلت عيناك علي"
10
"أنت"
+
صرخت بريجيت متحدية إياه، تقف بينه وبين كلوديا
2
" لماذا تتحدث معها هكذا"
+
رفع حاجبيه بغير رضى ورماه بنظرات جانبية ثم أشاحت بعد ثواني
+
"الأمر بيني وبين زوجة لا تتدخلي من فضلك"
3
"كانت ابنة عمي قبل أن تصبح زوجتك"
1
لبثت في مكانها دون حراك ورجفت عضلاتها عندما سمعت اسمها ينبع من حلق صليبا
10
" بريجيت"
+
حركت بصرها نحوه وارتجفت نظراتها فهي تعلم جيدا أنها المخطئة، لم تستوعب كيف ومتى حتى رأته أمامها يضرب قضبان زنزانة بينما يخاطبها غاضبا
+
" تركتكما نصف ساعة لأجدكما في السجن، هل أنتما صغيرتين"
1
انتقلت نظراته لكلوديا وقال مؤنبا إياها
+
" حسنا أعرف أن ابنتي ساجذة لا تستخدم عقلها، لكن أنت يا كلوديا، يخرج منك كل هذا؟ "
+
أحنت رأسها أكثر خجلا معترفة بخطئها، لكنها وبما أن جل حياتها كانت أوقات مملة، أرادت ولو لمرة واحدة في حياتها تجربة شيئ مختلف وهاهي الآن واقفة أمام نتائج تصرفاتها
+
"آسفة عمي"
+
ضرب قضبان زنزانة مجددا ولكن لحظتها أوقفه تليد ماسكا بذراعه
2
"اهدأ لا تحل الأمور هكذا"
5
أخذه بعيدا عنه ثم خاطبه بصوت خافت متفاديا أن يسمعوه
+
"اتفقت مع صديقي أنني سأخرجهم هذه مرة لذا لا تقلق"
3
أخذ المفاتيح من صديقه الذي يجلس بجانبها ووضعه أمام مرأى عينيه
+
" سأخرج ابنتك وستتحدث معها في المنزل "
+
أشار للخلف بابهامه
+
"و أنا سأعلم هذان الاثنين بعض الدروس قبل أن أخرجهما"
4
فعل ذلك بالفعل، فتح الزنزانة وجذب بريجيو من يدها بقوة مخرجا إياها بينما يرمي كلوديا بنظرة جانبية
+
"آسف كلوديا زوجك سيتولى أمرك"
6
أغلق الزنزانة وأعاد المفاتيح لتليد، ثم انتقلت يده من يد بريجيت إلى أذنها وقرص طرفها بإحكام بينما يجرها خلفه دون إيذائها
1
أحنت رأسها تفاديا للألم وبتلك حركة لمحت غمز إيلياء الساخر، وهذا ما جعلها تشتمه بحركة اصبع
5
تأوهت ألما عندما أحكم صليبا قبضته عليها
+
" أظن أنني تساهلت معك كثيرا بريجيت "
1
حاولت مجاراته تفاديا للألم وقالت بصوت متقطع
+
" أبي دعني أشرح لك الأمر"
+
"ستشرحين في المنزل"
+
أما تليد طلب من صديقه أن يتركهم بمفدرهم قليلا، ثم سحب كرسيا ووضعه بشكل عكسي حيث ظهر الكرسي يقابل زنزانة إيلياء وكلوديا ، فرق بين ساقيه وجلس ضاما يديه فوق ظهر الكرسي ثم اتكأ بذقنه عليهما بينما يحرك بصره بين إيلياء وكلوديا
1
"دعوني أفكر كيف سأعاقبكما"
4
حدق بإيلياء مطولا رافعا حاجبيا مستخدما عقله للتفكير، ثنى شفتيه بإهمال ثم تحركت مقلتيه لكلوديا التي ابتسمت منه لعل وعسى يلين قلبه عليها كالعادة، لكنه فهم مقصدها وحرك رأسه نفيا، ولكنها ورغم ذلك أمالت رأسها قليلا وثنت شفتيها قليلا وقالت بصوت أنثوي
1
" تليد تعلم أنني أحبك"
25
ربما كان اعترافا حقيقيا ولكنه كان بدافع الهروب من العقاب، وهذا ما جعله لا يأبه بما نطق به ثغرها ولم يعطه أيا أهمية، ولكن قبل أن يرد قاطعه صوت إيلياء الطفولي وهو يقلد كلوديا
1
"تليد أنا أحبك أيضا"
29
تنهد بنفاذ صبر زافرا الهواء من رئتيه ثم رد بصوت قريب من الصراخ
+
"أصمتا"
1
أشار لإلياء محركا سبابته للأعلى والأسفل
+
" أنت سأحجز سيارتك وستستخدم الحافلة للتنقل من الآن فصاعدا، بالإضافة أنك ستعطيني بطاقتك البنكية وستحظر باقي بطاقات، لذا إن أردت المال عليك بإيجاد عمل "
7
فتح فاهه من فرط الصدمة، ربما توقع حجز سيارته لكن حظر بطاقاته التي كانت مصدر أمواله وترفه شيئ لم يضعه في الحسبان
1
بلع ريقه بصعوبة وما كاد يرد حتى قاطعه تليد
+
" تسجن أم تفعل ما قلته لك؟ "
3
خرجت تنهيدة مطولة من حلقه وأحنى رأسه أرضا ثم قال بصوت شبيه بالهمس
+
"حسنا"
+
ابتسم بمكر وأماء برأسه ثم التفت صوب كلوديا
+
"حسنا ما العقاب الذي سيناسب زوجتي العزيزة"
9
أمسك بفكه يدعي التفكير فهو وجد العقاب من الأساس مستغلا الفرصة ثم أضاف
+
"تتذكرين يوم طلبت مني تجربة هذه السباقات ورفضت؟"
+
أحنت رأسها خجلا وهمست بصوت وصل لمسامعه
+
"نعم"
+
" حسنا هذه أقل الخسائر، ماذا إن أصابك مكروه؟ سيدة كلوديا، كنت سأقتلك إن تأذيت "
11
ربما كان غاضب من تصرفهما، لكن خوفه عليهما غلب مشاعره، لذا لم يعطها فرصة للرد واستمر في الحديث
+
"لذا سيدة كلوديا عقابه سيكون حجز سيارتك أنت أيضا إلى أجل غير مسمى، كل تحركاتك ستكون بجانبي، لا خروج من المنزل إن لم تكوني معي، إن اشتقت لعمك وأبنائه سيأتي هو لزيارتنا"
7
رفع وسطاه وسبابته مشكلا رقم اثنين
+
" ستحضرين ندوات والدي كل أسبوع "
2
لم يكن عقابا بل استغلالا للفرصة بالنسبة له، ما جعله يبتسم بإنتصار ثم يتنهد بينما يحاول النهوض من على الكرسي
+
"و أيضا"
+
اقترب منها بخطوات بطيئة، ثم وقف أمامها مقوسا ظهره ليصل لمستواها، وضع ثغره عند مسمعها ثم همس
+
" لا مزيد من التباعد في السرير، عقابك الثالث سيكون النوم في حضني كل ليلة سيدة هارتبيور "
28
آخر عقاب كان بمثابتة جمرة رفعت حرارتها، بسماع تلك الجمل تخرج من ثغره، اختلط نمشها ببعض الوردي وتوسعت مقلتاها دهشة ما جعل جسدها يبتعد عنه بحركة غير إرادية وتصرخ بحرج
+
"مستحيل"
+
رفع حاجبيه بمكر ونمت على فاهه ابتسامة شبيهة بالتهديد، ولكن قبل أن ينطق قاطعه صوت إيلياء المازح
+
" ولأنني مشارك في الذنب أطالب بمعرفة ما طلبته منها حتى تصرخ هكذا"
17
عض تليد باطن خده متحكما في غضبه، ثم مد يده بين القضبان
+
" بطاقتك، أعلم أن مارت لم يأخذها منك "
+
نمت على ثغر تليد ابتسامة مستقيمة وقال راجيا إياه
1
"أخي..."
+
لكن قبل أن ينطق رد تليد بنبرة تهديدية
+
"آخر فرصة، البطاقة أم تبقى في السجن مع إخبار والدينا"
+
تنهد إيلياء بقلة حيلة، ثم أخرج البطاقة من جيب سرواله الخلفي ومدها ناحيتهه لكنه لم يخفف قبضته عنها، وعندما حاول تليد أخذها زادت قبضة أيلياء وكأنه يتشبث بآخر أمل في الحياة، ما جعل تليد يصرح
2
" لا تريد الخروج إذا؟ "
+
لحظتها أفلتها بحركة سريعة ليأخذها تليد والذي بدوره أخرج المفتاح من جيبه وفتح الزنزانة
+
"انتظرني خارجا في سيارة"
+
"هل يمكنني على الأقل معرفة ما طلبته منها في الأخير"
18
قال مستفزا إياه ما جعله تليد يزج على أسنانه ويتقدم منه بخطوات
+
"إيلياء لا تختبر صبري"
+
ابتعد مهرولا قاصدا باب المخفر
+
"حسنا حسنا"
+
التفت تليد نحو كلوديا مجددا وغنت تباريح ثغره بابتسامة ماكرة، ثم رفع المفاتيح وحركهم أمامها
+
" موافقة، أو أعيد المفاتيح للشرطي وهو يتكفل بالباقي؟ "
1
ضمت شفتيها كتعبير طفولي ونظرت إليه مستخدمة نظرات الجراء لعل وعسى يلين قلبه قليلا
+
"هل ستترك زوجتك في السجن هل هذا أمر عادي بالنسبة لك؟"
+
أماء رأسه قليلا ثم رفع حاجبيه للأعلى بغير مبالاة
+
"بالنظر في الأمر لا أحد يعلم أنك زوجتي، أو يمكنني المبيت معك هنا في زنزانة لا مشكلة لدي جربت هذا من قبل"
2
" إذن سيدة كلوديا توافقين على شروط أم لا؟"
+
اتخذت من الصمت جليسا لها وغلبها الإحراج، مما جعل يلتفت بصدد ذهاب
+
"حسنا، كما تريدين"
+
توقف عندما سمع صوتها الشبيه بالصراخ ونبرتها التي تخللها الإحراج
+
"انتظر"
+
ابتسم بملء شدقيه ثم عاد لملامحه الصارمة عندما التفت ناحيتها
11
لم ينطق بحرف منتظرا جوابها، وبعد ثواني أغمضت عينيها وأحنت رأسها أرضا قليلا
+
" حسنا موافقة "
1
ارتسمت على شفاهه ابتسامة نصر، ثم حمل المفاتيح وفتح باب الزنزانة لتخرج منها هي بخطوات ثابتة مما جعله يقترب منها ببطئ وبحركة لم تستوعبها نطح جبينه برأسها، ما جعلها تتأوه ألما بينما تضع يدها على مكان الضربة
5
"في المرة القادمة اسمعي كلامي، لأن كل شيئ أقوله يصب في مصلحتك"
3
أومأت رأسها قبولا ثم أحنته خجلا من نفسها لما فعلته
+
خرجا من المخفر بعد دقائق حيث وجدا إيلياء مستلقيا في الكراسي الخلفية، ركب تليد في مقعد السائق وكلوديا بجانبه
+
أقلع بالسيارة وكل منهم صامت يسمع فقط صوت قطرات المطر التي تقرع على سطح السيارة والرياح العاتية التي عزفت موسيقاها الشجية على بعض غصون الأشجار
+
" تليد... "
+
قال إيلياء كاسرا الصمت ولكن تليد لم يدعه يكمل كلامه حيث قاطعه بنبرة صارمة
+
"ولا كلمة"
1
صمت قليلا لكنه أوقف السيارة فجأة على جانب الطريق، أخذ نفسا عميقة ثم تنهد بنفاذ صبر والتفت قليلا صوب إيلياء
+
" هل هذه نتيجة دلالي لك؟ قررت السفر والدراسة بروسيا رغم صغرك ودعمتك في ذلك، أردت سيارات وحققت لك ذلك، فعلت كل ما تريده فقط لأراك تصل لما تحلم به وهكذا تجازي تعبي من أجلك!؟ "
2
أحكم قبضته على مقود السيارة متحكما في غضبه
+
" قال الله تعالى «وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ» وأنتما ذهبتما إلى حتفكما بأرجلكما، سباق سيارات غير قانوني ومتى؟ في جو ممطر كهذا؟ إن كانت حياتكما آخر همكما فهناك من يهتم بها سيد إيلياء وسيدة كلوديا، لا تكونا أنانيين "
3
حرك رأسه صوب إيلياء
+
"أنت مسلم سيد إيلياء لا تنسى دينك بسبب ملذات دنيا فانية، تذكر أننا في شهر توبة والغفران، استغل ذلك"
1
كلماته بثت بعض تأنيب الضمير بروح كلاهما، فإيلياء أحنى رأسه وهمس بصوت مسموع
+
"آسف"
+
أما كلدويا التفتت صوب النافذة وراحت تحدق بقطرات المطر مشغولة الذهن عابسة الفاه
+
بعد ساعة تقريبا وبعدما أوصل إيلياء لمنزلهم بمونوتوك، عاد لمنزلهما الخاص بنيويورك
+
ساد الصمت بينما طول الطريق، وفور دخولها توجهت للإستحمام وخرجت بعد ربع ساعة، لتجده جالسا على طرف السرير يتصفح هاتفه
+
اقتربت منه ببطئ ووقفت أمامه بتردد وبعد صراع دام لثواني استطاعت الحديث
+
" أنا آسفة، كان حلمي وأردت تجربة ذلك "
3
وضع الهاتف على الطاولة ثم استقام، اقترب منها ببطئ وبحركة لم تستوعبها وضع يده على خصرها وقربها منه
5
شعر برجفة جسدها بين يده ونبضات قلبها التي تسارعت، لكنه تجاهل ذلك ودفن نظراته بخاصتها وكأنه يحفظ تفاصيلها
+
" جربي أي شيئ تريدنه سيدة هارتبيور، وسأحقق لك كل ما تبتغينه، لكن لا تلعبي بحياتك لأنها تخصني أيضا "
8
أشاحت نظراتها عنه ما جعله يغرس أصابعه بخصرها وقال بنبرة صارمة
+
"عندما أتكلم تنظرين إلي سيدة كلوديا، عندما تخطئين تواجهين خطأك بالدفاع أو الإعتذار لا الصمت والتهرب، فهمت؟"
+
نظرت إليه مستعملة نظرات الجراء اللينة ما جعله يضيف
+
" لا تستخدمي تلك النظرات معي تعلمين أنها تخدعني بسهولة كلو ، فهمت ما كنت أقوله أم لا؟ "
1
هزت رأسها قبولا
+
" آسفة لن أعيدها "
+
"جيد"
+
أفلتها مبتعدا عنها ثم حمل منشفته وتوجه للحمام هو الآخر
+
خرج بعد مدة يجفف شعره بمنشفة قطنية، لمح كلوديا مستلقية على سرير مغمضة العينين تحاول أن تغفو، ما جعله يبتسم بخفت ويخطو نحو السرير ببطئ، اقترب منها دون إصدار صوت، ثم تمدد إلى جوارها وبحركة هادئة أحاطها بذراعه، وجذبها إلى صدره ثم قال هامسا بصوت رجولي مبحوح
+
"لننفذ العقاب"
10
استجابت لحركته بلا تردد رغم خفقان قلبها ورجفة جسدها التي أبت أن تندثر، أسندت رأسها فوق قلبه وحاولت أن تسكن قليلا وأن تعتاد على ذلك، أما هو أنزل رأسه قليلًا وطبع قبلة هادئة على شعرها. شدّ عليها ذراعه، كأنما يحتمي بها، أو يحميها من أعباء ما تشعر به
+
ظلّا هكذا، ساكنين، لا يحركهما سوى أنفاس هادئة تتعانق، وقلبين يجدان في قربهما سكينة وطمأنينة، عقاب يخبرها به أنه سيكون ملاذها الآمن حتى لو أخطأت
2
"تليد"
2
قالت بصوت أنثوي خافت
+
"نعم؟"
+
صمتت لثواني من التردد ثم أردفت
+
"أين يذهب المرء عندما يشعر أن جميع الأماكن لا تناسبه"
3
شد عليها برفق في حضنه وأجاب دون تفكير
+
"تذهبين إلي لأنك تنتمين لي"
7
"ألست غاضبا مني؟"
+
" ليس غضبا بل خوفا عليك، وتذكري شيئا لا تتردي بالمجيئ إلي مهما كانت الظروف، احتمي بي حتى في غضبي، فوجودك يهوّن كل شيء"
16
كلماته كانت بلسما على روحها، كلحن عذب لامس خافقها وجعله يهدأ، تنهدت بصوت خافت ودفنت رأسها بحضنه، وظلا على تلك الحالة ليلة كاملة لا هو ابتغى البعد ولا هي استطاعت
+
في صباح اليوم التالي
+
في شركة
+
في إحدى قاعات شركة فيوجن ميديا الواسعة المخصصة للحفلات وعرض المشاريع، رتبت الكراسي فيها بعناية، يفصل تنظيمها ممر مستقيم يقود إلى المنصة الأمامية حيث انقسم الحضور إلى جهتين، جهة خُصّصت لموظفي الشركة، وجهة أخرى ضمّت إعلاميي الشركات الإعلامية الأخرى، أولئك الذين يترصدون أدق التفاصيل، باحثين عن خبر مهما صغر أو كبر قد يشعل عناوين اليوم التالي
1
فوق المنصة تقف كلوديا التي تلف نفسها بمعطف خمري طويل يخبئ تحته فستانا ضيقا بلون الأزرق الليلي بين وقار حضورها. اختارت إطلالتها بعناية لم تبالغ ولم تتصنع رغم أنه يوم تحقيق حلمها، ورغم ذلك كان منظرها يأسر الأنظار حيث صففت شعرها القصير بشكل مجعد وزينت أذنها بأقراط من ألماس خمري، وتركت جمالها طبيعيا دون وضع ذرة زينة ، كان يبدو على ملامحها التوتر لكن غلبته بإبتسامة غنت على تباريح ثغرها، كيف لا وهي الآن تقف أمام حلم سنين
+
بجانبها يقف بعض الزملاء وشركائها في المشروع، يقابلها تليد الذي كان يضم ذراعيه لصدره متناسيا أنها من جعلته يخرجها من السجن ليلة البارحة، كان يبدوان كثنائين أمام الجميع، فتنساق ملابسهما أفضح عن علاقتهما، حيث ارتدى سروالا كلاسيكيا باللون الأسود ومعطفا طويلا باللون الأزرق الليلي تحته قميص أخذ اللون الخمري
15
بعد لحظات كان كل واحد فوق المنصة انتهى من شرح جزئه في التطبيق، خصيصا صاحبته كلوديا، حينها تقدم تليد للأمام واقفا أمام طاولة المكرفون، وبعدما ألقى كلمات الترحيب والشكر لتعب الموظفين وتفاصيل تطبيق صرح
+
" حسنا لك توظف شركتنا موظفين جدد ونادرا ما تقوم بترسيم الأشخاص كموظفين رسميين بها، والجميع يعلم أن العمل هنا يجب أن يكون نتيجة مثابرتك وجهدك، وهذا ما أوضحته سيدة كلوديا هيمستيد وشركائها بالمشروع "
+
في آخر كلام رمى كلوديا بنظرات فخر ثم أعاد نظراته للحاضرين
+
" لذا سأعلن أمامكم أن سيدة كلوديا ستكون موظفة دائمة في شركتنا"
+
لحظتها دوى صوت التهاني والتصفيقات في القاعة وعندما عم صمت أكمل
+
" والآن أعطي كلمة للسيدة كلوديا، وأرجو أن تخبرنا ما التخصص الذي ستختاره في المستقبل"
+
نظرت له ثم للجميع بإحراج، وبدأت يدها ترتعش قليلا لكن ابتسامة منه ونظرة ساكنة كانت كفيلة بإسكات توترها، حيث تقدمت بثبات نحوه وأخذت مكانه
+
صمتت لثواني، وامتلأت عيناها بشيئ من الدموع لتضحك بعدها بخفت وتصرح
+
" العمل في الصحافة والإعلام بشكل عام كان حلمي منذ مراهقتي، ربما لأنني أحببت هذه مهنة كثيرا ولكن ليس هذا فقط اخترتها لأنني شعرت أنها ستكون منقذي، كنت أعيش مطفأة أخشى الكلام ولازلت لكن يوما ما، قرأت شهادة فتاة مرّت بما مررتُ به وشعرت أني لست الوحيدة التي ربما تعيش حياة قاسية، وقتها أدركت أنني حتى لو لم أتكلم، لكن يمكنني أن أروي قصصا من الواقع لأبقي أخريات على قيد الأمل"
+
تسربت دمعة دافئة على خدها لكنها استطاعت مسحها بحركة سريعة
+
" لذا شكرًا لكل من آمن بي، ولكل من منحني الفرصة لأُثبت أن الكلمة قادرة على إحداث التغيير. شكرا خاص لزوجي الذي كان داعمي الوحيد "
27
كلماتها الأخيرة رسمت ابتسامة واسعة على ثغر تليد، حيث حدق بها بنظرات ملأت بحب وفخر، لتكمل هي
+
"اليوم لا أحتفل فقط بترسيمي، بل أجدّد عهدًا قطعته على نفسي منذ اللحظة الأولى التي وطئت فيها هذه المهنة أن أكون صوتا لمن لا صوت لها، وعدسةً تُنقل من خلالها معاناة المهمّشين، وخصوصًا النساء اللواتي يعشن في صمت، أعدكم أن أستثمر هذا الموقع لأُحدث فرقا حقيقيا، وأن أكون كما أردتم وأكثر، إعلامية تحمل رسالتها بضمير، وتكتب بقلبها قبل قلمها. وشكرًا لهذه المؤسسة التي أعطتني هذه الفرصة"
1
"أما عن التخصص الذي سأختاره في هذه الشركة لم أقرر بعد، ولكنني متأكدة أنني سأختار ما يفيد"
+
أحنت رأسها قليلا تعبير على انهاء كلامها ما حعل الجميع يصفق ثانية
+
ابتعدت لتعود لمكانها ويأخذ تليد مكانه مرة أخرى حيث بدأ حديثه مجددا
+
"عرض التطبيق لم يكن موضوعنا الأساسي اليوم"
6
مع آخر تصريح جعل الجميع يحدق به مستغربين، والكامرات تترقب ما سيقوله
+
" في دين الإسلام الإعلان من شروط الزواج، ربما علم الجميع بزواجي لكنهم كانو متشككين من سبب اخفائي لزوجتي واطلاق أقاويل لا صحة لها، لذا اليوم سأحقق ما قلته في هذا المكان آخر مرة، أخفيت زوجتي عن الجميع لحمايتها لكنني أظن لا داعي لذلك الآن"
4
وقف الإعلاميون مهيئين كمراتهم
+
" زوجة سيد تليد هارتبيور متواجدة معنا اليوم هنا "
+
جملته جعلت من قلب كلوديا يكاد يخرج من مكانه، حيث توسع بؤبؤ عينيها من فرط الصدمة وراحت تحدق به غير مصدقة ولكنه رغم ذلك إكمل
+
" المرأة التي اخترتها شريكة حياتي هي سيدة كلوديا هيميستيد "
5
نظر للصحافيين وأضاف
+
" أطالب بعدم عرض صورها وكل من يفعل ذلك سيقاضى "
22
عم الصمت مهيب لثواني معدودة ثم تعالت الهمسات كل منهم يحدق بكلوديا، فلا صوت يُسمع سوى خفقات قلبها المتسارعة، الكلمات التي نطق بها للتو دوّت في أرجاء القاعة كنبأٍ جعل من الجميع تحت الصدمة، وأطاحت بكل تخمينات الحاضرين وسحبت البساط من تحت أقدام الصحافة التي كانت تنتظر فضيحة أو تأكيد شائعة، لا إعلانا كهذا
2
كلوديا الجالسة بين شركائهما بملامح هادئة نسبيًا، باتت فجأة محور الأنظار. العيون التفتت نحوها، أما هي وضعت يدها على صدرها، تحاول أن تستوعب ما يحدث أن تسترد أنفاسها التي فقدتها مع أول كلمة نطق بها زوجها، زوجها الذي لم يُرَ معها يوما علنا، والذي جعلها الآن محط أنظار الجميع
+
أما هو، فشقّ طريقه نحوها بخطواتٍ واثقة، ثم وقف أمامها ومدّ يده ناحيتها، رفع المصورين كاميراتهم ثم أنزلوها مرتبكين تذكرًا لتهديده، لكنهم لم يستطيعوا مقاومة توثيق هذه اللحظة، حتى لو من بعيد
+
حينها قال وهو يدفن نظراته في عينيها
+
"آن لكِ أن تُكرّمي لا أن تُخفَي. آن للكون أن يعلم أنكِ امرأتي، ابنة قلبي وسلوان الفجر خاصتي."
57
رفّت أجفانها، ووقفت مترددة، لكن عينيه كانتا تثبتانها، تطمئنانها، تحكيان لها عن حبٍّ لم يعد مخفيا عن الجميع، وكأنه يخبرها أنها الفخر الذي يريد من الجميع معرفته
2
صفّق بعض الحضور بتردّد، ثم تتابعت التصفيقات، وكأن مشهدا رسميا تحوّل إلى اعترافٍ علنيّ بالحب أو مشهد من فيلم رومنسي، عندها همست له
+
"لماذو فعلت هذا؟"
+
ابتسم وحرك يده يذكرها بأن تمسكها وبادلها همس
+
"لحمايتك"
+
لاقت يدها بخاصتها ما جعله يمسك بها بإحكام وكأنه يخبرها أن مكانه لجانبه لا غير
+
"ماذا؟"
+
انحنى هامسا في أذنها
+
" بات الجميع يعرف أنك زوجتي لن يتجرأ والدك على فعل شيئ، فهو لن يظل في سجن للأبد على كل حال"
3
مشى بجانبها كتوأمين خلقا لبعضهما، ووقفا أمام الجميع حيث سأل أحد الصحافيين
+
" هل يمكننا كتابة خبر عن هذا؟ "
+
نظر إليه تليد واجاب
+
" أكيد، لكن دون نشر الصور "
+
راح كل صحفي يسأل على حدى بينما يجيب تليد كل واحد منهم بهدوء
+
" لماذا أخفيت عن الجميع أن زوجتك موظفة عندك كل هذا وقت؟ "
+
" أسباب شخصية، إضافة أنني لا أحب تمييز فالكل سواسية هنا، وقد أثبت جدارتها بنفسها وكل شاهد على ذلك "
1
رماها بنظرات فخر وأكمل
+
"أنا فخور بها"
8
" لماذا اخترت هذا اليوم للإعلان عن ذلك؟ "
+
" ببساطة لأنه يوم ترسيمها أردت أن يكون مميزا"
2
"هناك من يعتقد أن السيدة كلوديا لا تنتمي إلى بيئتك أو ثقافتك كيف تجاوزتما ذلك؟"
+
أحكم قبضته على يدها وسُمع صوت ضحكته الخافت قبل أن يجيب
+
"ربما لا تنتمي كلوديا إلى ثقافتي ولا حتى ديني، لكنها تنتمي إليّ. قدر الله أن نلتقي وصنعنا ثقافتنا الخاصة، فيها شيء مني و فيَّ شيء منها، والكثير منّا نحن."
10
"ألا يخيفك أن والدها سيكون حاقدا عليك بعدما حدث مؤخرا؟"
+
هذا سؤال أحدث شرخا بقلب كلوديا وأشعل مخاوفها مجددا،عبس فاهها وعندما لاحظ تليد ذلك أحكم قبضته عليها إكثر مطمئنا إياه
+
"أول شيئ لن يصيبنا إلا ما كتبه الله لنا،وثاني شيئ لا يهمني أي أحد في هذا العالم ولا أي تهديد ما دامت هي بجواري"
+
"هناك من يرى أن ظهوركما الآن محاولة لتحسين صورتك الإعلامية، ما ردّك؟"
+
حاوط كتفها بذراعه وقربها من
+
"صورتي حسنة بالفعل ولا يهمني ما يقوله الحاقدون، كما أنني لا أبحث عن صورة مثالية فحياتي معها مثالية، فليكتفِ العالم بما في يديه، ولأكتفِ أنا بها"
11
رسمت ابتسامة اعجاب على شفاه البعض، ونقشت نظرات حسد وغيرة على البعض الآخر، بعد لحظات التهى الجميع بالأكل غير المسلمين الصائمين الذين انشغلو بالحديث عن ما حصل
2
وقفت كلوديا لوحدها أمام طاولة في الزاوية محاولة الهروب من نظرات الحضور ناحيتها، أما تليد راح يناقش عقد الشراكة مع أماندا ويقرأه بتمعن، لكن نظراتها كانت مركزة على كلوديا وبعد تردد دام لدقائق قالت
+
"لماذا هي؟"
4
لم يرفع نظره ناحيتها حتى بل اكتفى بتمرير مقلتيه عبر الأوراق قبل أن يجيب
+
"لأنها هي..."
15
كانت جملة بسيطة لكنها بمعنى أعمق، لم يعبر عن حبه لها ولكنه قال ما يخرس فاه آماندا، رفع قلما ووقع الأوراق ثم أضاف
+
" سيدة آمندا آخر مرة أخبرك فيها أن ما بيننا عمل فقط، لا تتجاوزي حدود"
8
رفع الأوراق وقدمها لها
+
"مبروك"
+
أخذتهم منه وابتسمت بإحراج، أخذه هو شخص من الحضور ما أعطى لها الفرصة للتوجه نحو كلوديا
+
"مرحبا"
4
رفعت كلوديا نظراتها نحوها، وبما أنها تعرفها من قبل ابتسمت بخفت وأومأت برأسها قليلا
+
"مرحبا"
+
حملت الأخرى كأس عصير وراحت تحركه بشكل عشوائي بينما تحدق به، ثم أفصحت عن ضحكة ساخرة
+
" توقعت أن تكون أنت "
1
رفعت كلوديا حاجبيها بغير فهم وسألت
+
"ماذا؟"
+
حركت آمندا ناظريها من الكأس لكلوديا ورسمت على ثغرها ابتسامة مستقيمة
+
"تعلمين أنني أعرف تليد منذ زمن لكنني أشك أنه يعرف ملامحي أو حتى لون شعري كنت أراه يختنق عندما تمر أمامه امرأة متعطرة لكي لا يشتم رائحتها لكن فلتحزري ماذا؟"
4
شربت القليل من العصير وأكملت
+
" عرفك من رائحتك عند دخولك المكتب دون أن ينظر إليك حتى، عرفت لحظتها أنك شخص مميز بالنسبة له، طبعا من الشخص المميز؟ زوجته "
8
اكتفت كلوديا بالنظر إليها دون أن تتفوه بحرف واحد، ما جعل آمندا تكمل حديثها
+
"ولكن مالا أفهمه لماذا أنت؟ ما المختلف فيك، بالأحرى كيف؟ أنت مسيحية بغير ديانته، وبعد كل ما فعله والدك له مازال يختارك!"
6
رغم كل ما تفوهت به من غيرة إلا أن كلوديا بادلتها بإبتسامة هادئة وأجابت بصوت لين
3
"بعض الإجابات لا تصاغ بالكلمات سيدة آمندا بل بالمشاعر، كيف ولماذا لا أدري، ما أعرفه أنه كان مقدرا لنا أن نلتقي"
+
عدلت كلوديا وقفتها وأكملت
+
"أخبرني قديسٌ يومًا ما أن القريب الحقيقي ليس من يشاركك الأرض والعرق، بل من يضمّد جراحك بقلبه، وهكذا كان لي تليد"
4
ضحكت آمندا بصوت شبه مرتفع ووضعت الكأس على الطاولة بحركة بطيئة ثم حرك بصرها نحوها مجددا
+
" حافظي عليه فإن لم تفعلي سيكون لي هذه مرة حقا "
26
ضمت كلوديا ذراعيها لصدرها ولم يتبين على ملامحها أي ذرة قلق أو عدم رضى، بل عكس ذلك كل ما نبضت به عينيها هي الثقة، وكأنها تخبرها أن تليد مصدر قوتها ولن تهز كلماتها مدى الثقة التي أعطته إياه
3
" كما يقول تليد، لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، افعلي ما شئت، أريد رؤيتك تحاولين "
18
لحظتها وعندما كانت آمندا بصدد رد قاطعهما تليد بينما يحدق بكلوديا
+
"ماذا يحدث؟"
+
"كنت أبارك لها على منصبها الجديد"
3
أجابت آمندا ثم أضافت قبل أن تهذب مباشرة
+
" مبارك على زواجكما أيضا "
+
اتكأ تليد على الطاولة بمرفقه ثم نظر لكلوديا دون أن ينطق بحرف، أما هي رفعت حاجبا وأنزلت آخر معبرة عن عدم رضاها بما فعله
+
" لماذا لم تخبرني قبل أن تفعل ما فعلته"
+
" وهل ستكون اسمها مفاجئة لو أخبرتك؟ "
4
"لكن...."
+
قاطعها عندما عدل وقفته واقترب منها قليلا
+
" بدون لكن"
+
ضرب الطاولة بخفة بأصابعه وأضاف
+
" غدا ستجتمع عقوبتك مع عملك، لدينا فعالية دعوية إسلامية سأشارك فيها أنا ووالدي ووالدتي وبعض مسلمين، ستأتين بصفتك زوجتي والصحفية المسؤولة عن حدث "
3
ضم ذراعيه لصدره وابتسم
+
" لنرى مدى خبرتك سيدة كلوديا "
1
اتكأت بيدها على جبينها كتحية عسكرية وأجابت بحماس
+
"أنا لها"
+
ضحك بخفت ثم مدى يده لمصافحتها
+
"متفقين اذا"
+
غمزت له ساخرة وعاكست بين ذراعيها خلف ظهرها
+
"لا أصافح الرجال سيدي، فزوجي مسلم"
26
ضحك بصوت شبه عالي وأرجع يده لجيبه
+
"زوجك محظوظ إذا"
5
انتهى
16
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
+
فصل كان فيه 4346 كلمة مو طويل متل العادة لأنو حسيت نفسي طولت وهيك راح يروحلي شغف لهيك قررت حطو بينما اكتب فصل لي وراه
7
مشغولة كتير وساكون مشغولة اكثر بالايام جاية، عم حاول كمل رواية في ثلاث أشهر كأقصى فترة ان شاء الله أستطيع.، رغم أنو مو متاكدة لانو احداث لسى مطولة كتير
6
في نقص في تفاعل، ولأنو همي وحيد اكمال رواية لأرتاح ما عاد يهمني، بس فضلا حاولو تقدرو تعب لو قليلا مشان يرجعلي شغف.
4
فصل كان خفيف ضريف على قلب، خلولي رايكم بالفصل والأحداث....
18
وإلى اللقاء نلتقي في الفصل قادم ان شاء الله. 🫶🤍
8
في أمان الله
5
