رواية اوجاع الروح الفصل السابع 7 بقلم فاطمة فارس
الفصل السابع
بدأ يدور عليها في كل ركن من الكافيه، لكن كأن الأرض اتشقت وبلعتها... ما كانش ليها أي أثر.
بإيد مرتعشة طلع تليفونه ورن على "منه" يسألها إذا كانت رجعت ولا لأ، ردت بصوت مرتبك وقالت إنها ما رجعتش.
ما استناش، راح فورًا لصاحب الكافيه وطلب يشوف كاميرات المراقبة. بعد شوية تحايل، وافق الراجل، وابتدوا يشوفوا التسجيلات.
شافها... كانت بتتخانق معاهم، وصوتها واضح وهي بتزعق، وبعدها أخدوها بالعافية ومشوا.
***
حاتم بقلق وهو بيبص للراجل ودمه بيغلي:
ـ يعني إيه؟ راحت فين؟ طيب أدور عليها فين يا جماعة؟ ولو قدمت بلاغ، هيقولوا لازم تعدي 24 ساعة الأول...
شكر الراجل ومشى بسرعة، وعقله بيجري بألف فكرة سودا. فجأة، تليفونه رن، كان "حمزة".
حمزة بنبرة استعجال:
ـ أنا لاقيتها، يا حاتم!
حاتم بصوت متوتر:
ـ لاقيتها إزاي يا حمزة؟ وفين؟!
حمزة:
ـ مش مهم دلوقتي، المهم إني طالع بيها على المستشفى... حصلني هناك بسرعة.
*****
في المستشفى...
كانت مرام مغمي عليها، خدّروها لما حاولت تقاومهم. حمزة كان شايلها، ووشه مليان غضب وخوف، كأنه شايل قلبه معاها.
دخلوا بيها أوضة الكشف، والدكاترة استلموها، وهو فضّل واقف بره، بيعدي عليه الوقت كأنه عمر.
*****
حاتم وصل المستشفى، قلبه طالع من مكانه. دخل على الاستقبال وسأل، وطلع بسرعة عندهم، لقى حمزة واقف جنب شاب غريب، وعينه بتمسح المكان.
حاتم بخوف وهو بيقرب منهم:
ـ حمزة، مرام فين؟ هي كويسة؟!
حمزة وهو بيحاول يهدّيه:
ـ اهدى يا حاتم، هي بخير الحمد لله. الشاب ده لحقها، وأنا كنت جاي وراك أشوفك عملت إيه، وبالصدفة لقيته بيوقف تاكسي وهي في حضنه.
حاتم بتنهيدة راحة:
ـ الحمد لله... بس ممكن تحكيلي اللي حصل بالظبط يا كابتن؟
***
الشاب بابتسامة بسيطة وهو بيعدل هدومه:
ـ أنا يوسف، كنت قاعد في نفس الكافيه، وشوفتهم وهما بيغلسوا عليها.
- كنت هتدخل، بس لما قامت وغيرت مكانها، قلت خلاص.
جالي تليفون مهم، رديت عليه، ولما رجعت ملقتهاش. قلت يمكن راحت دفعت الحساب ومشيت. بعد كام متر، شفتهم بيحاولوا يخدروها، وهي بتقاومهم بإيديها ورجليها.
أنا شفت أختي فيها، جريت ناحيتهم، ونزلت ضرب في الاتنين.
لقيتها مغمي عليها، شلتها ووقفت تاكسي عشان أوديها المستشفى... والباقي حضرتك عارفه.
حاتم وهو بيبص له باحترام:
ـ شكرًا يا أستاذ يوسف، مش عارف أقولك إيه.
يوسف بهدوء:
ـ العفو، أي حد مكاني كان هيعمل كده.
بعد شوية، خرج الدكتور.
الدكتور بنبرة مطمئنة:
ـ هي بخير. الإغماء نتيجة تأثير المخدر والخوف، لما تفوق تقدر تروح.
*****
في بيت مرام...
فريدة كانت قاعدة على الكنبة، وشها شاحب، وصوتها بيرتجف من القلق:
ـ أنا قلـقـانة على مرام يا أيمن، البنت اتأخرت أوي وتليفونها مقفول. مش عوايدها تتأخر كده...
أيمن وهو بيقوم بسرعة:
ـ ربنا يستر... أنا طالع أدور عليها.
فريدة وهي بتحط إيدها على راسها:
ـ استنى، استنى! أنا إزاي نسيت؟ مرام كانت قايلة إنها بعد ما تخلص هتروح تقعد مع جويرية شوية... أنا طالعة أشوفها.
أيمن:
ـ استني، أنا جاي معاكي.
***
طلعوا سوا وخبطوا على باب جوري.
جوري وهي بتفتح الباب بابتسامة متوترة:
ـ أهلاً وسهلاً، تفضلوا.
أيمن بجدية:
ـ يزيد فضلك يا بنتي... معلش على الإزعاج، ممكن تنادي على مرام؟
جوري وهي بتبلع ريقها بصعوبة:
ـ أحم... بصراحة، مرام مش عندي.
فريدة شهقت بصوت عالي:
ـ يا لهوي! البنت راحت فين؟ بنتي يا أيمن... أكيد جرالها حاجة!
أيمن وهو بيحاول يسيطر على توتره:
ـ استهدي بالله يا فريدة، أنا هنزل أدور عليها.
جوري بسرعة وهي بترفع إيدها تهديهم:
ـ يا جماعة اهدوا، مرام بخير والله، هي شوية وهتيجي.
أيمن بنبرة رجاء:
ـ يا بنتي، لو عارفة حاجة طمنينا عليها... الله يخليك.
جوري بلطف وهي بتفتح الباب أكتر:
ـ طيب، تفضلوا الأول اشربوا حاجة وأنا هقولكم كل حاجة.
دخلوا وقعدوا، قدمت لهم عصير بإيد بترتعش من التوتر، وبصوت هادي قالت:
ـ والله العظيم بنتكم بخير، والحمد لله ربنا سترها ونجاها.
**
وقالت لهم اللي حصل كله بهدوء وبالتفصيل...
فريدة والدموع سايحة على خدها:
ـ وديني عند بنتي يا أيمن، قلبي وجعني عليها.
جوري قامت، طبطبت عليها بحنية وقالت:
ـ بشمهندس حاتم كلمني، وقال إنه جابها وجاي في الطريق هو وأخوه.
أيمن وهو بيقوم بسرعة:
ـ أنا نازل أستناهم تحت بعد إذنكم.
****
منه كانت واقفة عند الباب، وشها متوتر وصوتها فيه استعجال:
ـ أنا هنزل يا أبيه، استني مرام عند جوري، لحسن أمها مش مبطلة عياط من ساعة ما عرفت.
أحمد بنبرة هادية:
ـ روحي يا حبيبتي، وأنا هنزل أقف مع أبوها تحت... ما يصحش مكنش معاه في موقف زي ده.
*****
عند حاتم....
حاتم كان لسه عند المستشفى، شكر يوسف بابتسامة امتنان واضحة، وبعدين أخد مرام اللي بدأت تفوق، ومشي هو وحمزة.
مرام بتعب وهي بتحاول تبتسم:
ـ شكرًا لحضرتك يا بشمهندس... أنت وأخوك.
حاتم بنظرة فيها حنان وهدوء:
ـ العفو... الحمد لله على سلامتك.
وقفوا تاكسي، وركبوا كلهم.
حاتم كان قاعد جنب مرام، وكل الطريق عينه مش نازلة من عليها، مراقب تعبيراتها ووشها الشاحب، كأن كل نفس بتاخده بيحسبه.
مرام كانت باصة من الشباك وسرحانة، وذهنها مش في الدنيا.
حمزة كان قاعد قدام جنب السواق، وكل شوية يبص لهم من المراية.
حمزة بنبرة مطمئنة:
ـ إحنا داخلين على البيت... الحمد لله على سلامتك يا آنسة مرام.
مرام:
ـ الله يسلمك.
***
نزلت من التاكسي، لقت أبوها وأمها واقفين تحت، باين عليهم التعب والقلق، ووشهم باين عليه إنهم ما ارتاحوش لحظة.
أمها أول ما شافتها جريت عليها وخدتها في حضنها، والدموع كانت سابقة كلامها.
فريدة بصوت مكسور:
ـ كده يا مرام... تخوفينا عليكي كده؟
أيمن بنظرة لوم خفيف:
ـ مش وقته يا أم مرام.
بص بعدها لحاتم وحمزة وقال بامتنان حقيقي:
ـ أنا مش عارف أشكركم إزاي... أنتم رجعتولي روحي من تاني.
حاتم بابتسامة بسيطة:
ـ العفو يا عمي، مفيش شكر بين الأهل، وإحنا مش زي ولادك.
أيمن:
ـ ربنا يحفظكم ويبارك فيكم.
أخد مراته وبنته وطلعوا شقتهم، ولسه القلق مش سايب قلوبهم.
أحمد كان واقف على جنب، قرب منهم وقال بصدق:
ـ أهلاً يا رجالة، كويس إنكم لحقتوها قبل ما يحصل لها حاجة.
طلعت العيلة فوق، وبعد شوية، منه وجوري نزلوا يطمنوا على مرام، وقعدوا معاها شوية.
كل واحدة فيهم حاولت تهوّن على التانية، لكن مفيش حاجة كانت قادرة تشيل الخضة من قلبهم.
وبعد وقت قصير، كل واحدة طلعت شقتها تاني، والبيت رجع هادي... من برة بس.
***
في الوقت ده، كان مازن بيكلم جوري، صوته فيه قلق بسيط وطلب صريح.
مازن:
ـ أنا محتاج رأيك في عرض ضحي، ومش عايز أقرر غير لما أسمعك.
جوري:
ـ اعمل الحاجة اللي أنت مرتاح لها يا مازن... شوف راحتك فين، هنا ولا هناك، وبعدين قرر.
مازن ابتسم وهو بيحاول يخفف التوتر:
ـ أنا بسألك عشان تحيريني أكتر.
جوري بابتسامة خفيفة:
ـ أبدًا والله مش بحيرك. أهم حاجة تكون مرتاح نفسيًا في المكان اللي هتختاره، سواء هنا أو هناك.
وبعدين، مش يمكن دي فرصة حلوة ليك؟ تتعلم بره، وتيجي تفتح هنا مستشفى أو عيادة ليك.
مازن وهو بيهمس تقريبًا:
ـ أنا راحتي وأنا معاك... قصدي، وإنتي جنبي، أقصد وإحنا مع بعض يعني، في نفس الكلية... مش عايز أتخلى عنك.
***
جوري قلبها اتنفض، كانت دايمًا حاسة إنه معجب بيها، وهي كمان مش بتكرهه... بالعكس، ده الوحيد اللي كان معاها في كل لحظة صعبة.
لكن هي مش ناوية ترتبط دلوقتي، وحياتها معقدة أكتر من إنها تدخل مشاعر جديدة فيها.
خافت جدًا... خافت يحبها أكتر، وخافت تضعف، خافت يبعد وتفضل لوحدها من تاني.
***
قفلت معاه، ومسكت الموبايل بإيد بتترعش.
كانت نفسها تقوله "خليك معايا، متسافرش وتسبني"، وكانت واثقة إن لو قالتها، مازن مش هيسافر.
لكن سكتت... ونزلت دمعة من عينيها قبل ما تغمضهم وتسلم أمرها لربنا.
*****
تاني يوم، مازن كلمها وطلب يقابلها بره البيت.
اترددت شوية، لكن وافقت بعد ما اتحايل عليها كتير.
لبست فستان شيك بسيط وطرحة بلون هادي، كانت باينة هادية لكن قلبها متلخبط.
نزلت من البيت، ركبت تاكسي، وكل الطريق بتفكر: "هو عايز يقول إيه؟ هيوديني فين؟"
وصلت للمطعم اللي قالها عليه.
***
مازن كان قاعد مستني، عينه متعلقة بالباب، وأول ما شافها داخلة، اتنهد وهو بيقول في نفسه:
"يا رب... أعمل إيه؟ أقولها إني حبيتها ومقدرش أعيش من غيرها، ولا أعمل إيه؟
خايف أعترف لها تبعد عني وأخسرها، ولو سكت، يمكن تكون لحد غيري."
**
كانت دخلة بخطوات هادية، ونظرتها فيها تحفظ، لكنه شافها زي القمر.
ابتسم وهو بيقف يستقبلها وقال بنبرة دافية:
ـ صباح الخير.
جوري وهي بتقعد قدامه، صوتها هادي لكنه حازم:
ـ صباح النور. جايبني هنا ليه يا مازن؟ إنت عارف إني مش بحب أخرج مع شباب.
مازن بابتسامة خفيفة وهو بيحاول يخفف الجو:
ـ أولًا، أنا مش شباب... هو إحنا مش إخوات؟
ثانيًا، بقي كنت عايز أودعك... لأني هسافر بعد كام يوم.
جوري بسرعة وهي بتحاول تخبي توترها:
ـ تروح وترجع بالسلامة يا مازن.
معلش، أنا مضطرة أمشي دلوقتي.
مازن وهو بيحاول يتمسك بهدوئه:
ـ طيب اشربي حاجة الأول... واستني أوصلك.
جوري بلطافة وابتسامة مجاملة:
ـ شكرًا يا مازن، أنا في مشوار مهم لازم أروحه، وإن شاء الله نتقابل قبل ما تسافر.
***
مشيت من المطعم وقلبي متقلّب، مخنوقة جدًا.
كان نفسي أقوله "متسافرش"، لكن أنا مش أنانية.
لازم يعيش حياته ويشوف مصلحته.
هو لحد إمتى هيفضل يهتم بيا؟
أنا مش هقدر أبادله أي مشاعر، غير الأخوة... وبس.
***
مشيت في الشارع مش شايفة قدامي، رجلي كانت بتوديني لأي مكان من غير وعي.
فجأة، لمحت بنت واقفة جنب حيطة، وشها مداري بشعرها، وبتعيط.
قلبي شدني ليها. قربت منها وسألتها بلطف:
ـ مالك يا قمر؟ إيه اللي مضايقك كده؟
البنت بصوت باين فيه الخوف والكسوف:
ـ أنا آسفة، مقدرش أقولك حاجة.
جوري بحنية وهي بتحط إيدها على كتفها:
ـ اعتبريني أختك يا ستي... وقولي.
البنت بدموع بتنزل من غير صوت:
ـ في ناس ليها دين عندي... وأنا مش عارفة أسدّه.
جوري باستغراب وعطف:
ـ كام المبلغ؟
البنت وهي بتمسح دموعها بأطراف جلابيتها:
ـ 5000 جنيه.
جوري اتأثرت جدًا، وبدون تردد، فتحت شنطتها وطلعت كل اللي معاها وقالت:
ـ اتفضلي يا قمر... وسدي ديونك بيهم.
**
البنت بذهول وهي بتبص للفلوس:
ـ وانتي ذنبك إيه بس تدفعيلي؟
أنا مش عارفة هرجعهم ليكي إمتى، وبعدين دول أكتر من اللي أنا محتاجاه.
جوري بابتسامة فيها أمان:
ـ مش كتير ولا حاجة... أنا مش عايزاهم يا ستي،
اعتبريهم هدية من أختك.
وبلاش تكسفيني.
وده رقمي، لو احتجتي حاجة كلّمي عليه، أنا اسمي جويرية.
***
البنت كانت واقفة مكانها، مش مصدقة، وفضلت تدعي بكل قلبها.
جوري اتكسفت من كتر الدعوات، ومشيت من غير حتى ما تعرف اسم البنت.
طول الطريق كانت بتفكر: "الناس دي إزاي مش قادرين يستنوا عليها شوية عشان مبلغ صغير زي ده؟"
وهي ماشية، اكتشفت إنها صرفت كل فلوسها ومفيش معاها حتى أجرة تاكسي، فقررت تمشي لحد البيت.
***
في نفس الوقت، مازن كان بيكلم حاتم في التليفون.
قابله بره، وأول ما حاتم شافه، قال بهزار، وهو بيضحك:
ـ مالك ياضَ؟ عمال تقول عايزك ضروري وبره البيت!
هو الموضوع فيه مزز ولا إيه؟
مازن ضحك بخفة، لكنه خد الموضوع بجدية وهو بيقعد:
ـ اقعد يا عم... مزز إيه بس؟ أنا ناقص ذنوب؟
أنا هسافر بعد كام يوم، وقلت أودعك،
و... وعايز أوصيك على جوري.
هي ملهاش حد يسأل عليها، وهي بتعتبرك أخوها.
أرجوك، خد بالك منها.
حاتم بنبرة جدية وبنظرة فيها احترام:
ـ جوري بقت واحدة من عيلتنا خلاص، متقلقش عليها.
بس إنت هتسافر فين؟ وليه؟
مازن حكى له عن عرض ضحي ليه.
حاتم:
ـ ربنا يوفقك يا صاحبي... بس هتوحشنا والله.
مازن وهو بيبتسم بشكر حقيقي:
ـ وأنت كمان يا حاتم... أنا ارتحت ليك جدًا، وحسيتك أخويا بجد، مش كلام.
حاتم بهزار وهو بيضربه على كتفه:
ـ عارف إني لا أقاوم وأتحب.
ضحكوا سوا، وقعدوا شوية يتكلموا، وبعدها كل واحد راح بيته... وكل واحد شايل حاجة تقيلة في قلبه.
*****
في بيت مرام....
مرام:
ـ ماما، أنا طالعة عند جوري شوية.
فريدة:
ـ طيب يا حبيبتي، متتأخريش، زمان أبوك راجع.
مرام:
ـ حاضر يا أحلى فري في الدنيا.
طلعت، ورنت الجرس. جوري فتحت وهي باين عليها الإرهاق من ملامح وشها وقالت بصوت واطي:
جوري:
ـ تعالي يا مرام.
مرام بقلق وهي بتركز في وش جوري:
ـ مالك يا بنتي؟ شكلك مش عاجبني خالص.
جوري وهي بتحاول تبتسم:
ـ مفيش حاجة، أنا لسه داخلة البيت... ده أكيد إرهاق مش أكتر.
مرام وهي بتحط إيدها على كتف جوري:
ـ طب وربنا... شكلك واقعة!
مين يا بنت... مازن؟ صح؟ قولي بقى واعترفي.
جوري وهي بتتأفف وبتتجه لجوا الشقة:
ـ بقولك إيه، أنا مش نقصاكي يا مرام، بطلي هبل!
أنا ومازن... مفيش بينا أي حاجة من اللي في دماغك.
وغيري السيرة دي أحسن لك.
***
بعد شوية، حاتم راح البيت وطلع رن الجرس على شقة جوري.
جوري كانت جوه بتبدّل، فصرخت من بعيد:
جوري:
ـ أنا هدخل ألبس الإسدال، افتحي الباب إنتِ يا مرام.
مرام قامت وفتحت الباب، لقت حاتم واقف بيبتسم بمرح.
مرام وهي بتحاول تبان طبيعية:
ـ جوري بتلبس الإسدال... اتفضل.
حاتم بهزار وهو داخل:
ـ طيب، مفيش "أزيّك" حتى؟
مطمرش فيكي يا بنت عم أيمن... أخص!
مرام بكسوف واضح:
ـ إزاي حضرتك؟
حاتم بضحك وهو بيقلد صوت توفيق الدقن:
ـ صلاة النبي أحسن!
"كان بيقولها بصوت توفيق الدقن"
جوري خرجت من أوضتها، وسمعت آخر جملة... ضحكت في سرها وقالت في نفسها:
"واضح إننا هنشرب شربات قريب."
جوري بصوت عالي:
ـ تعالَ يا تيموا، ادخل وسيب الباب مفتوح.
حاتم وهو بيهزر:
ـ أسيبه مفتوح ليه؟ والآنسة مرام معانا!
جوري:
ـ عشان إحنا اتنين بنات لوحدينا يا حاتم، وشوشو شاطر.
حاتم بابتسامة خفيفة وهو بيهز راسه:
ـ كده يا جوري؟
وأنا اللي قلت إنتي اللي فيهم، وفاهماني!
أنا محترم على فكرة، يا آنسة مرام. هما اللي واخدين عني فكرة غلط.
بس أكمني فرفوش وبهزر...
طب والله، الزوج الفرفوش رزق، صح يا آنسة مرام؟
مرام وشها احمر جدًا ومردتش.
جوري بسرعة:
ـ معلش يا مرمر، ممكن تجيبيلي مايه؟ أنا عطشانة.
معلش بقى...
مرام دخلت بسرعة المطبخ، وهي هتموت من الكسوف.
جوري وقفت قدام حاتم، بينهُم مسافة، وقالت بهدوء:
ـ وبعدين معاك يا عم؟
هو ده غضّ النظر اللي اتفقنا عليه؟
البنت اتكسفت منك يا أخي!
حاتم بضحك وهو بيحك دماغه:
ـ طب والله أنا غلبان...
إنتي اللي ظلماني يا فوزي.
إيه؟ مبتهزرش؟
جوري بابتسامة خفيفة:
ـ هزر، بس بحدود يا حاتم.
البنت مش أختك، ولا خطبتك، ولا مراتك.
يبقى لازم تحط حدود... عيب يا بشمهندس.
حاتم:
ـ معاكي حق، أنا زودتها شوية.
جوري:
ـ شوية بس؟
بص، إنت ممكن تهزر معاها براحتك خالص، بس بشرط...
حاتم وهو بيمثل الترقب:
ـ قولي بسرعة! الهي متوقعي في ضيقة أبدًا يا شيخة.
جوري بنظرة جادة:
ـ تدخل البيت من بابه يا حاتم، مش من الشباك.
اللي بتعمله ده غلط وحرام،
هي متجوزكش عشان تحب فيها بعينيك كده.
لما تبقى مراتك... حبها براحتك.
حاتم بارتباك بسيط وهو بيعدل قميصه:
ـ هو أنا مفضوح قوي كده؟
جوري:
ـ بصراحة؟ آه.
بس مرام كويسة... وإنت كمان كويس.
وسبحان الله، الطيور على أشكالها تقع.
حاتم بزعل مصطنع :
ـ قصدك إيه يا بت؟
جوري وهي بتضحك:
ـ يعني اتنين مجانين زي بعض.
والله أنا خايفة تخلفوا ولد أجن منكم.
دخلت مرام بالعصير وقالت:
ـ أنا قلت أعمل لك عصير أحسن من الميّه يا جوري.
حاتم قرب ناحية جوري وقال بصوت هادي وهو بيضحك:
ـ رحمتك مني لما طلعت، وإلا كنت نفختك على الكلام اللي قلتيه ده.
بس بسرعة قال:
ـ بس ده ميمنعش إنك فعلاً لفتي نظري لموضوع الجواز،
أنا كنت مأجّله شوية.
جوري:
ـ خير البر عاجله يا حاتم.
وبعدين بصت لمرام وقالت:
ـ تسلم إيدك يا مرمر.
مش تباركي لحاتم؟
مرام بدهشة:
ـ مبروك طبعًا، بس على إيه؟
جوري بخبث وهي بتشرب العصير:
ـ أصله ناوي يخطب قريب...
وكان جاي يقولي هي مين.
مرام اتفاجئت، وشها اتغير وقالت بضيق وهي بتقوم بسرعة:
ـ آه... ألف مبروك.
معلش يا جوري، لازم أنزل، ورايا حاجات مهمة.
وسابتهم ونزلت من غير ما تستنى رد.
حاتم ببُعد نظر:
ـ ليه؟
***
جوري بابتسامة خفيفة وهي بتجمع الكوبايات:
ـ عشان أتأكد من موافقتها قبل ما أطلبها ليك.
مش أنا أختك برده؟
حاتم:
ـ أحلى أخت في الدنيا.
بس هي زعلت ليه ونزلت بسرعة كده؟
جوري وهي بتلمع في عينيها لمعة ذكاء:
ـ هتعرف قريب يا عريس.
كلم باباك ومامتك الأول، وسيب مرام وأهلها عليا، وأنا هظبطك.
حاتم:
ـ شكراً يا جوري...
إنتي دايمًا بتفكري في سعادة كل اللي حواليكي،
بس... ليه مش بتفكري في سعادتك إنتي كمان؟
جوري وهي بتبص للسقف وتبتسم ابتسامة خفيفة:
ـ سعادتي في رضا ربنا عني.
هو في أحلى من كده؟
حاتم:
ـ ونِعم بالله...
بس لازم تخرجي من الدائرة اللي دخلتي نفسك فيها دي.
جوري:
ـ قصدك إيه؟ وضّح.
---
الفصل خلص، بس الحكاية لسه في أولها...
تفتكروا حاتم يقصد إيه بكلامه؟
وجوري... هتفتح لقلبها باب جديد؟
