اخر الروايات

رواية عزف السواقي الفصل الثالث والستون 63 بقلم عائشة حسين

رواية عزف السواقي الفصل الثالث والستون 63 بقلم عائشة حسين 



«الثالث والستون»
سارت حافية لا تشعر بشيئ ، تنغرس شظايا الزجاج وشوائب الطريق في قدمها فلا تتأثر، تعرقلها الحجارة فلا يُفنى حماسها رغم فتور النظرة، عينيها تركض في استعجال لبلوغ الوجهة، أنفاسها كساقية قديمة تدور مصدرة أنين موجع ينبض في صدرها وقلبها المحتقن، مرّ شريط العمر أمامها ببطء، فالمسافات لا تقصر بالرغبة في الوصول بل تزداد طولًا، رغم قصر المسافة بين بيت أختها وبيت أبيها لكنها شعرت بطول الطريق وبطء الوقت،في مشقة الطريق رأت نفسها صبية تركض خلف ابن خالتها بغرام فابتسمت، شعرت بحرارة أنفاسه وهو يميل معترفًا بالحب وبرغبته في الاحتفاظ بها ككنز، رأت جحيم غضبه على من يأذيها، وأخيرًا نعشه يركض فبكت، بكت بما أوتيت من حزنٍ .. تنازلت عنه فبدأت سلسلة لا تنتهي من الهزائم والانكسارات، ضيعته فضاعت هي وتلاشت في وجود لا ترغبه رغم احتفاظها به داخل قلبها وابقائه حيًا داخلها.
رأت رؤوف وجعها الخاص، والرغبتين المتقاتلتين دومًا في قلبها، جزءان منها يتناحران، جزء يشفق عليه مما فعلته ويحاربها مذكرًا لها بفضائله وجزء يبغضه حد الموت... وصلت المنزل فوقفت تشاهد الأحداث والصور، تسمع صوت والدها يزعق ووالدتها تهدئه، رأت نظراته الزاجرة وعصاه المرفوعة دائمًا في وجهها.... وأخيرًا اغتصابها وحرقها حية.. تسلحت بقوة هائلة، غذتها تلك الذكريات بدافع قوي للانتقام فدخلت مهرولة تبحث عنه بلهفة وحش جائع،صعدت للدور العلوي ،المكان خاليًا منه لكن رائحته المنفرة عالقة في كل زوايا البيت، ملابس والدها مبعثرة وحاجيات والدتها ملقاه وصورهما القديمة ممزقة، عدا صور هدى.. زمجرت بغضب شديد قبل أن تركض لسطح المنزل حيث وصلتها دندنته وخيط رفيع من دخان تعرف رائحته... بدا منتشيًا ،اختار تلك البقعة البعيدة خوفًا من شبح خاله الذي يطارده في كل ركن، صعد للأعلى؛ ليتخلص منه و من الاختناق الذي يشعر به، وقفت أمام السرير الجريدي الذي يتمدد فوقه مبتسمة بلهاث، شعر بالحركة حوله فوجّه ضوء هاتفه بسرعة للشبح الذي يقف أمامه وهو ينتفض جالسًا، بين الوعي واللاوعي سأل بنبرة مهزوزة «مين؟»
اقتربت أكثر بوجه مشوّه، تُجيبه بابتسامة ساخرة «آيات»
انتفض واقفًا يحملق في وجهها قائلا بعصبية وحدّة «عايزة إيه؟»
أجابته وهي تقترب منه أكثر نازعة عباءتها من على جسدها «أنت الي عايز»
فغر فمه ناظرًا لجسدها المشوه بذهول فقالت بتهكم «متستغربش أنا نفسي مش عارفة أزاي لسه حية؟ يمكن علشان اللحظة دي ويمكن ربنا أراد يخلّص مني»
تراجع خطوة للوراء بحذر، يحاول السيطرة على هلعه من هيئتها والثبات ،تسمرت قدماه أرضًا بإرادة حية فاقتربت منه حد الإلتصاق، تحسست وجهه هامسةً «مش أنا كنت حامل منك وسقطت»
دفع كفها بعيدًا عنه باشمئزاز وقرف فاقتربت منه من جديد بابتسامة عازمة ونظرة مصرّة «تصدق يا علاء اكتشفت إن كل الي حصلي بسببك»
دفعها بعيدًا ملتقطًا أنفاسه يصرخ «أنتِ هتتجنني عليا»
ضحكت قائلة «لاه خلاص أنا جيت أوريك بس وصلت لإيه بسببك»
تملّص منها بعصبية وغرور « لا روحي ارمي بلاكي على غيري، شوفي رؤوف أو الواد التلفان الي عرفتيه»
طفرت الدموع من عينيها بغزارة وهي تصرخ «منك لله أنت شيطان»
هتف بسخرية وهو يستدير مخططًا للهرب من قبضتها الليلة أو قتلها «الشيطان هو أبوكي الي خد فلوسي ودلوقت أنا عايز فلوسي وورثي منه كمان»
نظرت حولها باحثة عن شيء حتى وجدت حجرًا فأمسكت به، شعر بها فالتفت، فجاءت ضربتها القوية في جبهته، ضربته بعزمها كله، بقوتها التي احترقت يومًا والآن تخرج من بين الرماد للثأر، تأوه فأرضى ذلك قلبها وغرورها، ترنح فضحكت بانتشاء والقمر فوقهما شاهد يُدوّن النهاية في سجلاته من الأعلى،لا يأسف على حالهما بل يعبس في وجهيهما.
تراجع خطوتين قبل أن يتمالك ويحاول الانقضاض عليها، لكنها ركلته بساقها أسفل بطنه فتركها منحنيًا، أمسكت بالحجر مرة أخرى وضربت رأسه صارخة فيه، أمسك ساقها فركلته، نهض مترنحًا يزيح الدماء عن وجهه ويبصقها فدفعته بقوتها للحائط الواهي المصنوع من فضلات البهائم ، حائط لا يملك أقدام ثابتة، مهزوز صنعه والدها بأبخس الأثمان ليكون مقبرة ربيبه ومحطته الأخيرة، صرخ فزعًا حين وقفت أقدامه على الحافة بعدما سقط الجدار، طار ذراعاه في الهواء، محاولًا التحليق والنجاة،أدار نظراته ينظر لمجهول ينتظره ثم إليها باستنجاد قبل أن يسقط محاطًا بصرخاته وضحكاتها المجنونة، فوق مصطبة أبيها الاسمنتية تهشم جسده، تحطمت رأسه، فاقتربت أكثر تتأمله من العلو وهي تبتسم بجنون... قبل أن ترتدي عباءتها وتركض حافية من جديد،
تخطت المنزل والشارع حتى وصلت للمقابر الموحشة دون شعور، تدور في فلك الماضي وترقص مشاعرها حافية على جمر الندم، وحدها في زمان ومكان مستأصل من الماضي في بقعة لطالما وقف العمر عندها ولم يمر، على مر السنوات كانت تتجرع الندم، وكلما تعبت أثقلت كاهل غيرها به، تتنصل كالمعتوهة من الذنب محملة غيرها الأثم علها ترتاح أو يهدأ بالها فكان لرؤوف النبيل الجزاء الأكبر منه.
على قبر حبيبها جلست لاهثة تنتحب معتذرة له، تسكب الدموع و الآهات، تفسر، تبرر، تصيح ضاربة وجهها بعنف ثم تنكمش بأنين.. تجسد أمامها بصورته النقية، خرج من تحت ركام الماضي، نحته الألم والندم أمام عينيها فحملقت مرددة اسمه، جلس قربها، تلاشت ابتسامته ظلل عينيه عتابًا حنونًا مدت ذراعيها له معتذرة، تستنجد به فابتعد عنها ورحل آسفًا، نهضت واقفة هرولت مناديةً عليه حتى ذاب في آخر ظلام الليل، جلست من جديد متشنجة يكاد قلبها يتوقف من شدة البكاء، وحمى الهذيان تلعب بعقلها وتفرض الهواجس، تشوش بصرها بأشباحٍ من الماضي، نظرت لأبيها هلعة، زحفت متوسلة أن يتركها لكنه لا يفعل كما كان، انهال بعصاه فوق رأسها فصرخت متلوية تستنجد.
مرّ من أمام المقابر حين طلع النهار قرأ الفاتحة وسار بين القبور يدعو حتى اصطدمت عيناه بجسد، اقترب منه بفزع، جلس على ركبة واحدة يهتف بحذر وهو يحاول تبيّن ملامحها المغطاة، تململت متأوهة تنطق بأسماء مجهولة متزامنة مع ندائه القلق «إيه جايبك هنا يا ست؟ أنتِ مين؟»
طرق صوته الوعي، صفعه فانتفضت مرددة اسمه تظنه هاجسًا كتلك التي عاشتها الليلة أو شبحًا يريد الثأر، حملق فيها ينطق اسمها مستنكرًا «آيات»
زحفت بعيدًا عنه بانفعال واضح، ابتعدت عنه قدر الحماية وهتفت وهي تنظر حولها «أوعى أبوي يشوفك هيقولي أتجوزك وأنا وعدت حبيبي مسبهوش»
توقفت نظراتها على ملامحه المتأسفة بشفقة، انتفضت واقفة تهتف «كفاية خلاص سيبوني أنا تعبت مش هعمل حاجة قتلت علاء وخلاص»
ارتجفت حين وقف جاحظ العينين بذهول فنهضت متعثرة في ذيل عباءتها المغبر، ركضت أمامه كالمجنونة تتوسل«ابعد عني يا علاء» تبعها وهي مازالت تهرب متوسلة أشخاصًا وهميين، تدور حول نفسها لا تسمع سوى صوت جنونها وصخبه ، حاول إيقافها فلم يفلح، ركضت بأقصى سرعتها لا تعي شيئًا، عبرت الطريق غير منتبهة لصراخه «اقفي»
ضحكت قائلة وهي تواصل الركض «لاه مش هاجي»
عاد أدراجه محاولًا الاتصال بمؤمن تاركًا لها حتى لا يتورط في مصائبها، نائيًا بنفسه حتى سمع صوت صراخ سيارة تزامن اللحظة مع صراخها هي الأخير، أغمض عينيه متنفسًا بعمق قبل أن يعيد الهاتف لجيب جلبابه ويرحل بعيدًا غير آسفٍ عليها.
*********
أعاد مؤمن هاتفه بهدوء شديد وسكون لم يحركه الخبر، بدت صفحة وجهه كنهر رائق لم يتأثر بالحجر الملقى في ركوده، جلس جوار زوجته التي استعادت شيئًا من حيويتها حاوطها بدفء ذراعيه وغمرها بحنانه، عادت الطمأنينة لقلبها والأمان لصدرها، بعد مواجهته لعلاء أمس، سكن بحر عينيها الثائر وهدأ بصفاء، لم يمر ما حدث عابرًا بل أعاد ترتيب الأشياء في نفسها من جديد وتوازن قوتها، أطعمته الشطيرة ببهجة سرعان ما تبخرت حين قالت «يلا افطر عشان أنزل أشوف آيات»
بنفس الهدوء أجابها «آيات مش موجودة»
نفضت كفيها وهي تسأله بحاجبين ملتصقين «راحت فين؟»
نظر لعينيها بقوة ململمًا شظايا روحها يفجر قنبلته «راحت لعلاء وجتلته»
انتفضت واقفة تهتف بذهول «واه كيف وإزاي؟»
وازاها نهوضًا يسرد أمامها ما عرفه من رؤوف بأسف «فالليل قبل الفجر راحت ورمته من فوق وبعدها راحت على الجبانة تزور واد خالتها وهناك عالطريق خبطتها عربية وهي دلوك في المستشفى »
ضربت خديها «يا مري يا مري»
هدأها مقترحًا راضيًا داخله عن تلك النهاية «البسي عبايتك وتعالي أوديكي» بدموع تُسكب تحركت وهي تتجرد من جمودها ناحية آيات فعلى كل حال هي رائحة والداها والبقية الباقية لها من عائلتها، تابعها بقلبٍ مكلوم يخشى عليها من الصدمة والخوف، أبدلت ملابس صغيرها وخرجت راكضة وهو خلفها يمسك بكف صغيره، سبقته للسيارة جلست منتظرة فصعد متجهًا للمشفى وهما في حالة من الصمت الثقيل.
داخل المستشفىاستقبلهم الطبيب بالخبر اليقين «البقية فحياتكم»
ضم مؤمن زوجته الصارخة لأحضانه متوليًا إعمار قلبها من جديد والدعم لتمر تلك المحنة بسلام وتغلق تلك الصفحة للأبد.
******
رأته يقف وسط رجاله يهتف بما لم تسمعه، دققت النظر في ملامحه المتشبعة بالحزن وجلست منتظرة قدومه، جاء إليها عاصفًا يحمل فوق رأسه عمرًا مهدوراً لملمه من بقاع المحن ،تجاهل وجودها وصعد للأعلى وعلى وجهه إمارات التفكير العميق، رفعت حاجبها مندهشة بنظرات تضيق بتفكير فوق جسده الصاعد للأعلى، تحركت للخارج وقفت أمام المنزل منادية «رمضان»
«نعم يا ست؟»
قالها الرجل البعيد الواقف جوار البوابة فأشارت له بكفها«تعالى»
امتثل أمامها مُلبيًا بطاعة «نعم اؤمري؟»
سألته باهتمام وهي ترمي نظراتها تجاه الرجال المتجمعين «خبر ايه؟ مال الحاج عبادي؟»
نظر الرجل خلفه ليتأكد من عدم سماع أحد لهما وابتعادهم اللحظة وهمس «الحاج بيجولهم يمشوا ورا الأستاذ حامد وميخلهوش يغفل عن عينيهم»
سألته باهتمام والشك يعربد داخلها «ليه؟»
همس الرجل بحيرة «مخابرش بس هو ولعله فأرضه وبيروحله لوحده مبياخدش حد مننا معاه»
أطبقت شفتيها ضائقة قبل أن تصرفه «ماشي روح يلا لشغلك»
قال بأدب «عن إذنك يا ست»
استدارت فاصطدمت بزينب خلفها، صعقتها بنظراتها الحادة فانتفضت زينب متلعثمة تبرر وقوفها «كنت عايزة أسألك هنطبخوا إيه النهاردة موسى كان عايز حمام»
ابتسمت السيدة بسخرية قبل أن تجيبها بهدوء بارد أرجف الأخرى «متشليش هم هبلغ البنته يطبخوه»
تعجبت زينب من ودها الممدود بالسلام وهدوئها رغم برود ملامحها، انسحبت متخبطة تخشى من صرامتها وخبثها المتواري ونظرة عينيها المربكة، صعدت مرتبكة متوترة بينما جلست السيدة مُفكرة في الأمر تربط الخيوط.
******
بعيد عن الأعين المتلصصة والمتصيدة سار جوار الرجل قائلًا «يعني أنت معارفش عمليته الجاية متى؟»
أجابه الرجل بصوته الخشن وهو يتأكد من وضع الشال فوق فمه وتخبئة ملامحه جيدًا «لاه معنديش خبر لسه يا أستاذ حامد»
وقف حامد مُفكرًا قليلًا قبل أن يسأله بقلق «وناوي على إيه هو؟»
أوضح الرجل وهو يتلفت حوله بقلق مخافة أن يكشفه أحد «لاه كل الرجالة الي جايبهم للمصالح من بعيد مبيطلعش حد منينا واصل دلوك حتى فحريق أرضك جاب أنفار كراو من أرمنت».
تنهد حامد قائلًا «ماشي بس حاول تعرفلي ناوي على إيه؟ ومتى العملية الجاية»
أجابه الرجل بقلق يتصاعد «حاضر بس أنا لازم أمشي دلوك يا أستاذ مينفعش اتأخر»
هز حامد رأسه متفهمًا «ماشي روح دلوك أي حاجة تعرفها بلغني»
«حاضر» قالها الرجل وانصرف بينما وقف حامد مكانه يطرد الضيق من صدره مع الأنفاس، أخرج هاتفه ونقر فوقه ثم وضعه فوق أذنه «أيوة يا يونس راعي لنفسك لو في حاجة كلمني»
«اطمن مفيش حاجة يا أخوي تمام»
«ماشي هروح أشوّط عالجماعة»
«ماشي يا أخوي خلي بالك من نفسك»
أنهى الاتصال وسار في الطريق مدندنًا بأشعاره متنعمًا بنسمات الهواء الباردة حتى وصل للمنزل، تسطح فوق السرير المصنوع من جريد النخل ناظرًا للسماء ونجومها هامسًا لها بشوقه «وحشتيني يا غزولة»
*************
نظرت رأفة للخراب حولها بشهقة واقفة في حلقها، اتسعت عيناها على كل ركن سارت فيه ولعبت، كل غصن حمل ضحكاتها من نسيم الهواء ثم جلست منهارة تضم ركبتيها لصدرها متوحدة مع الألم، تبكي في عجزٍ وقلة حيلة وهي تنظر لباب المنزل المغلق، جاء حاملًا فأسه يدندن بصورة تناقض ما حوله، من يراه يظنه معتوهًا، لمحها من بعيد فرمى فأسه وهرول ناحيتها باهتمام تخطى الحائط بقفزة مرنة توحي بخفته وجلس جوارها يسأل بحنان«مالك يا رأفة في إيه»
مسحت دموعها بكمها قائلة وهي تنظر إليه «دورت عليك كتير يا عم فينك؟ وإيه حصل؟»
مسح على رأسها قائلا بابتسامته الواسعة «خير اطمني أنا موجود اهو»
استفسرت وهي تنظر للمكان من حولهما بحزن «وهتعمل إيه فالأرض»
أجابه بحنان ونظرة رضا «ولا حاجة هنزرعها من تاني»
صمتت غير مهتدية لرد يناسب فجيعتها في الأمر، متخبطة تستصعب ما يقوله غير مقتنعة به فربت على رأسها ممازحًا يجرفها معه في تيار الرضا «إيه رأيك تساعديني واديكي حتة أرض»
سألته بقلق «فين جدتي وغزل وقاسم وعبود»
كرمش وجهه قائلا بمزاح «طرت وراهم واجعين راسي»
ضحكت برقة فقال وهو ينهض «مش بيخلوني أشتغل برواقة يلا تعالي ونسيني وأنا بشتغل»
نهضت نافضة التراب عن ملابسها تقول «حاضر يا عم»
حانت منها التفاتة لشجرة غزل قائلة ببهجة «شجرة غزل زي ما هي يا عم» قالتها وركضت ناحيتها متفقدة فسار خلفها حتى وصل ونظر إليها قائلا «أيوة زي ما هي وأنا قبلت البشرى يا رأفة»
*********
اليوم التالي
هتفت والدته بخوف وهي تنظر من الباب للخارج «واه ليه الرجالة دي يا رؤوف؟ خبر ايه يا ولدي كفانا الشر؟»
هتف بابتسامة دافئة تصدرت انفعالاته «خير متجلجيش دول عشان يحموكم»
تدخل والده قلقًا متوترًا «من إيه؟ واشمعنا دلوك؟»
جلس متنهدًا فجاورته والدته بينما ظل والده واقفًا يغمره بالنظرات القلقة منتظرًا قوله، أشار له رؤوف «اجعد يا أبوي»
جلس عدنان متململًا يحدق فيه ببعض الخوف، مال رؤوف بجذعه للأمام مشبكًا كفيه أمام نظراته قائلًا «مكنتش أحب أدخلكم فحاجة ولا أعرضكم لأذى، طول عمري بعيد بمشاكلي وهمومي ومعايزكمش تشيلوا همي ولا تشيلوا أي هم طول ما أنا موجود»
مسحت نجاة على رأسه دامعة العينين بحنان فتنهد متابعًا «بس غصب عني المرة دي، قاسم جده عايزه وأنا مش هديهوله مهما حصل، لا الواد يتحمل ولا أنا هفرّط فيه وأنسى وصية صاحبي»
نظر كلًا من عدنان ونجاة لبعضهما بذعر، يتحاوران بالنظرات، أحس بهما رؤوف فقال بحزن يدحض أي محاولة منهما للرفض أو الاعتراض «الواد حتة مني، مش هتحمل غيابه عني ولا مكروه يصيبه»
هتف عدنان حاسمًا الصراع «ولا احنا هنقبل يتاخد ولدنا يا ولدي، خايفين عليك كد خوفك على قاسم بس ظننا فربنا يحفظك ويحميك»
ابتسم رؤوف بتحفظ قبل أن يعتدل في جلسته مقبلًا كف أبيه
ربتت نجاة على كتفه مؤازرة له تدعمه «متخافش علينا يا ولدي ربنا يحميك وينصرك»
نظر لحجرة جدته بارتباك مصارحًا لهما بما في نفسه بكلمة واحدة تحمل الكثير «جدتي»
طمأنه والده من ناحيتها متوليًا أمرها «اطمن متحملش همها خليك فهمك أنت أنا هتصرف»
نظر إليه رؤوف بامتنان قبل أن يلتفت ناحية يونس الواقف خلفهما ينادي «رؤوف عايزك»
نهض رؤوف واستدار فوجد أخيه يقف متسمرًا وبيده حزمة أوراق تركها فوق مكتبه بالمندرة، أنبأته ملامح أخيه برد فعله فابتسم مطبقًا شفتيه في استعداد لحرب من نوع خاص، هتف يونس بعصبية وهو يهز ملف الورق «إيه دِه يا أخوي؟»
وقف رؤوف عاقفًا كفيه خلف ظهر يخبره ببساطة «الي عايزك تعمله من بعدي يا يونس»
هتف يونس بشتات وقلبه يهوي بين قدميه «يعني إيه من بعدك؟»
وضع رؤوف كفه فوق كتفه قائلًا «يعني لو جرالي حاجة يا يونس»
أسقط يونس الأوراق من كفه مبعثرًا لها كما نظراته وهتف بغضب خبأ خلفه هزيمته وضعفه «مش هيجرالك حاجة وأنا مش هاخد الورج دِه»
وضعت نجاة كفها على صدرها وقلبها المضطرب بدموع مزلزلة بينما جاء طاهر على صوت يونس ووقف مكانه ضائعًا.
هدأه رؤوف بلطف وحنان «ما تجمد يا واد الأعمار بيد الله»
هبطت دموع يونس لأول مرة وقال باهتزاز غير مسبوق وضعف «لسه بدري يا أخوي، لسه في حاجات كتير معملنهاش ومحققنهاش»
لان رؤوف وأشفق عليه من معاناته الواضحة فاقترب وعانقه هاتفًا «هتحقق كل حاجة يا بابا بإذن الله وهتعمل كل الي عايزه»
همس يونس بنبرة سيطر عليها الألم «لسه آسيا يا أخوي فرحتنا الكبيرة»
ربت رؤوف على ظهره موصيًا بلطف «عارفك هتاخد بالك منها لو مكنتش موجود»
انفجر يونس في البكاء كطفل ضائع منهزمًا أمام الفكرة «إلا دي يا رؤوف»
اقترب طاهر دامعًا فابتعد رؤوف عنه هامسًا حين رأى فيروز تهبط من الدرج «مرتك جات اقف على حيلك كده وأجمد»
أشاح يونس ماسحًا دموعه بكفه بينما جلس عدنان متعبًا تائه الفكر متخبط، عانق طاهر رؤوف بصبيانية بعدما دقق فيه النظر بخوف، ضحك رؤوف وبادله عناقه هامسًا «مش محتاج أوصيك على غزل وآسيا الخال والد»
هتف طاهر بصوت مبحوح «محدش عندي أغلى منك فالدنيا كلها حتى سماسم»
ابتعد عنه رؤوف بعدما قبل رأسه وخرج مرهقًا لا مزيد من حديث ومواجهات متعبة.
تبعه يونس بعدما عانقت نظراته زوجته، وجلس طاهر مكانه أرضًا صامتًا ببؤس.
******"***
جلس عبادي جوار زوجته ينظر إليها بطرف عينيه في صبر، سألته بخبث «خبر ايه جايب رجالة، في حاجة؟»
أجابها ببرود وابتسامة مستفزة «مفيش الاحتياط واجب»
كتمت غيظها وسألته بنفس البرود والمكر «احتياط من إيه؟»
ابتسم عبادي وقال بجدية وهو يسبر أغوارها بنظراته «سيبك من الرجالة وقوليلي ولدك الشملول جلاب المصايب فينه مباينش»
تأففت بحنق قبل أن تشبك كفيها أمام بطنها وتجيبه بحدة «جاعد»
سألها باهتمام «مرته محبلتش؟»
أجابت بعصبية لا يروقها استجوابه وتهربه«لاه وياريت متحبلش أنا أساسًا ملداش عليا وعيزاه يطلقها»
ضحك باستهزاء قائلاً «ليه مالها؟ ولا عشان مش منكسرة وتحت طوعك؟»
أشاحت بعدما رمقته بتهكم فقال «والله هو ولدك وراه إيه غير كده» ثم هتف بتأثر متذكرًا الغائب الحاضر«الله يرحمك يامصطفى كان زينة الشباب ومخه يوزن بلد بحالها، مفيش حد زيه» تمم كلماته بلمعة عين متفاخرة وشجن أثار اشمئزازها وضيقها فقالت بمصمصة شفاه حاقدة متشفية في ألمه«الله يرحمه اطلعله الجبانة وخدله قرص»
أسقط الشجن من نظراته لصدره والتفت إليها بنظرات نارية قائلًا «ارتحتي انتي منه ولو مكانش مات كنتي هتموتيه»
غضبت من قوله، أثار حفيظتها بصراحته فهتفت «ما تعقل كده ولا عايز نتعاركوا»
صارحها بما يحمله داخله ويكتمه «كرهاه انتي حتى وهو ميت، هججتيه وطفشتيه من البيت ومرتحتيش غير لما بعد عني» استرخى فوق المقعد متابعًا بشجن «ربك والحق مش أنا أقدر أدفنك مطرحك بس خايف عليه منك ومن سمّك لو خليته جاري ، زي الحرباية انتي ليكي مية لون وطريجة»
ابتسمت بسخرية وقالت ببرود وهي تنفث السم من فمها «واد ربيعة ميتساواش بعيالي مياخدش كل حاجة عالجاهز»
بخفة ومهارة انقض مقيدًا عنقها بأنامله مطبقًا عليه بشراسة وهو يقول من بين أسنانه «واهو مات ورايحة تخبي عليا إن ليه واد ومش بعيد كنتي هتقتليه وتخلصي منه» ارتبكت متفاجئة من فعلته أولاً قبل أن تتململ صارخة «اتجنيت أنت ولا ايه؟» زاد من ضغطه على عنقها قائلًا بشر وعزم نبضت به نظراته «هجيب الواد جاري وعايزك بس تقربي منه ولا تاجي جنبه وأنا أدفنك فسباط البهايم يا عفشة»
جحظت عيناها وسعلت باختناق فخفف من قبضة أنامله حول عنقها قائلًا «فكراني مدريانش بعمايلك ونايم على وداني لاه عارف وساكت وأقول معلهش»
أرخى قبضته تمامًا فابتعدت لاهثة متخبطة تسلب الأنفاس سلبًا، تابعها بضحكاته المستمتعة يعرض عليها الماء بتهكم «تاخدي ميه؟»
حملقت فيه تحاول استيعاب فعلته وهي تمسد عنقها قبل أن تترك الحجرة هاربة ممتلئة النظرات بالذعر تشيعها ضحكاته المقيتة.
*************
مساءً
كانت هناك تجلس وحدها وبرأسها ألف فكرة يحركها الشوق على موقد الحنين، تنعزل بأفكارها بعيدًا، شفتاها تتفصدان تنهيدات ناعمة ، يحدثها يونس فلا تستجيب تكتفي برد مقتضب، هو يفهما يشعر بمعاناتها فيصمت بصبر ويحيطها بالعناية، نهضت مستأذنة دخلت المطبخ تسد جوع قلبها بامتلاء معدتها وانشغال وهمي بالطعام، وضعت عسلاً أسودًا في الطبق وفوقه طحينة ثم قلّبته بمعلقة ممتلئة بالسمنة، وقف يونس خلفها يحمل اقتراحه تنحنح يُعلمها بدخوله فقالت وهي تتناول ما أعدته «أيوة يا يونس»
سكبت فيروز دهشتها في سؤال أحيط باتساع عينين «غزل بتاكلي ايه؟»
التفت غزل شارحة بتلذذ فصاحت فيروز «يالهووي ايه ده؟»
التهمت غزل الخبز الممتلىء بخلطتها في شهية «تحفة تدوقي»
اقتربت فيروز موضحة «عارفة ده فيه كم سعر حراري؟»
هزت غزل كتفها مستهينة «عادي،دا خطير والله ورؤوف بيحبه موت»
ابتسم يونس وقد لمح شوقها في نظراتها اللامعة، وتتبعها أثره في حنين، تدخل يونس معارضًا زوجته«دي وكلة حلوة للكيبفة بس خليكي أنتي في سعراتك لما تبجي زي أبو القردان»
فغرت فمها شاهقة فضحكت غزل، طاردته فيروز لاعنة تنمره الدائم، تصرخ فيه بغيظ فيركض وقاسم معه، تابعتهم غزل بأعين دامعة لا تقدر على كتم الشوق داخلها ولا التخلص من زئيره... قلّبت الصور، المحادثات، تفرست صوره ثم جلست تتابع الحبيبان وأول خطوات العشق بروح غائبة، بعد قليل جاءها يونس عارضًا فكرته وهو يغمز «تروحي لجوزك»
انتفضت واقفة تبلل ريقها الجاف من أثر الغياب بالفكرة، تدنو من رغبتها بالموافقة «أيوة»
شاكسها يونس مهيئًا لها «هيطربقها على دماغنا»
صاحت «مش مهم»
نظر لساعته بعملية قبل أن يهتف بحماس «يلا اجهزي»
ركضت لحجرتها تاركًة طبق العسل من كفيها في زهد.. نظر لزوجته المنغمسة في اللعب مع قاسم بمكر يرتب للسهر معها وحدهما الليلة.
بعد قليل جاءت غزل مستعدة فسار بها قليلًا ببطء حتى لمح طيف طاهر قادمًا يلهث، سلمه عهدة الموجودين وغادر بعدما أكد لأخيه انقطاع التيار الكهربي عن القرية.
******
تسطح رؤوف فوق السرير مدندنًا كعادته، تركها يونس مودعًا بعدما رآه، خطت ناحيته بفرحةٍ وحماس، وصلت لعنده وجلست عند رأسه تسمع دندنته بصمت فاستنشق بقوة هامسًا «ايه الريحة الحلوة دي»
ابتسم بخدر وأغمض عينيه يداعب نسمات الهواء الممتزجة برائحتها . دندن فهمست متابعة ما يدندنه وقد حفظته منه «عليك العوازل لاموني»
انتفض من رقدته يتمتم «سلام قولاً من ربٍ رحيم»
كتمت ضحكتها ونهضت واقفة تهتف «وسعلي»
زحف فجلست تحت نظراته المندهشة وسؤاله الغبي «أنتِ مين؟»
لكزته هاتفة بغيظ «والله! أمال لو سبتك شهر هتحتاج حد يفكرك بيا يا أستاذ»
اقترب منها أمسك كتفيها ورأسها، هتف بفرحة امتزجت بدهشته «غزل»
نهضت مغادرة للمنزل تخلع حجابها وعباءتها السوداء فتبعها يركض بنظراته خلفها وهي تتجول في المنزل متجردة من ملابسها «ايه جابك يا بت؟ وكيف تاجي»؟»
التفتت ناظرة إليه بسخرية لا تعير سؤاله اهتمامًا فاقترب وأمسك بذراعها يسأل «مين جابك؟»
أحاطت عنقه بذراعيها هامسةً بدلال «قلبي يا متر»
أنزل ذراعيها وهتف بغيظ «ردي زين»
ابتعدت عنه متأففة تخبره بضيق «يونس » سألها بضيق «وليه تيجي من الأساس؟ وليه مقولتليش؟ وليه مبتسمعيش الكلام؟ »
صاحت بغيظ «علشان وحشتني ولو قولتلك كنت هترفض ما أنت مستحلي القعدة لوحدك ومبسوط وبتغني»
أمسك بكفها وسحبها قائلاً «بطلي رغي يلا وتعالي أرجعك مناجصش خوتة»
نفضت كفه معترضة «لأ مش راجعة»
عادت الكهرباء فهتفت بتشفي «اهي جات»
هتف بصبر «غزل هنا خطر ومش أمان مينفعش»
تجمعت الدموع في عينيها قائلة «خطر تمام،بس هو أنت فاكر لو حصلّك حاجة أنا هكون كويسة هعيش بعدك عادي؟ تحافظ على حياتي وهي بعدك ملهاش قيمة! الخطر يبقى ليا وليك يا نعيش سوا يا نموت سوا»
لان واقترب ضامًا لها بذراعيه يهدؤها بلطف قوله وحنانه «خلاص اهدي هخليكي تبيتي»
ضربت صدره بقبضتيها قائلة «هبات كدا كدا غصب عنك مش تفضل منك»
هتف بمشاكسة «جاية تقولي شكل للبيع»
تركته ودخلت حجرتهما فتبعها ممازحًا «حب تحت القصف»
زجرته بنظراتها فاقترب وضمها لصدره هامسًا بشوقه «وحشتيني جوي جوي جوي»
لانت مستجيبة لعشقه تتقبله فاتحة له أبواب قلبها «وأنت كمان أوي يا رؤوف أنا مش قادرة بجد »
همس وهو يزفر الأنفاس الملتهبة من صدره «جولي يارب»
فهمست خلفه بتضرع «يارب»
**********
وقفت في الحديقة تتحسس رقبتها لا تصدق ما فعله وإقدامه على خنقها دون تردد أو نظرة تراجع، ارتجف قلبها من هول ما أحسته ومكره، تنهدت مفكرة، لابد لها من الخلاص منه، ما عادت تأمن جانبه بعدما حدث كما أنها لن تتركه يهب ما يريد لابن ولده، لن يعيش بينهما متنعمًا في خيرها وكدها معه انتبهت على صوت خفيض يأتي من ناحية حائط السور نهضت مفتشة عن مصدره بخطوات حذرة متمهلة حتى اقتربت منه وقُدِر لها أن تسمع الاتفاق وتُصفع بخيانة أحد رجالهما
«لاه يا أستاذ حامد معرفش متى التسليم مفيش حس ولا خبر مداري المرة دي وجايب رجالة غريبة من براتنا»
تمتمت بتفكير «حامد بيدور وراه يعني ناويله»
انسحبت كما جاءت بخفة عادت للمنزل مفكرة في الأمر تقلبه وهي لا تتوقف عن تمسيد رقبتها، تُذكر نفسها بجرح كرامتها النازف، اختلت بأفكارها داخل حجرة منعزلة تفكر بجدية في الأمر حتى طرق موسى باب حجرتها فأذنت له بالدخول سريعًا
«زين إنك جيت اقفل الباب وتعالى عيزاك» قالتها بلهفة ونظراتها تطوقه كطوق نجاة جلس جوارها مُطيعًا أمرها «خير يا أما؟»
نظرت إليه مليًا قائلة «مرتك دلت أبوك على واد مصطفى»
هتف بغيظ لاعنًا لها «بت المركوب»
سألها بلهفة «وأبوي هيعمل إيه؟»
ابتسمت بتهكم قائلة وجرح كرامتها ينزف النظرات الكارهة «هيجيب الواد ويربيه هنا ويطردنا ويبعتر تعبنا عليه»
فغر موسى فمه فقالت بجدية «لازم نخلص منه قبل ما يخلص منينا كلنا والواد ياكل بعقله حلاوة»
تراجع موسى مصدومًا من اقتراحها فقالت «مسلمناش من أبوه حتى وهو ميت فكرك هنسلم من ولده؟»
هز موسى رأسه مقتنعًا بمنطقها موافقًا عليه لكنه عاتبها بلطف«بس هنجتل أبوي يا أما؟»
أراحت ظهرها لظهر الكرسي مقترحة «لاه هنحبسه يقضي الباقي من عمره في السجن ونكمل احنا»
نطق موسى بتردد «بس أبوي واعر يا أما وحويط ومبيآمنش لحد»
ابتسمت قائلة «والأستاذ حامد برضو كده»
قطب موسى مستفسرًا «وايه دخل الأستاذ فكده؟»
أجابته «بينخرب ورا أبوك ومش هيرتاح ويمكن يبوظلنا شغلنا ويعطلنا هو عايز الواد يشبع بيه واحنا نسلم كمان رقبة عبادي ونبقى خلصنا منهم ونفوق لحالنا ونقفل عين الحكومة عننا»
صمت موسى مفكرًا بعدما قال «كلام موزون بس برضو كيف هنعملها؟»
أجابته بابتسامة ظافرة حادة «الأستاذ ليه عين هنا ومستنى ميعاد تسليم البضاعة احنا هنوصلهوله من غير ما نبان فالصورة خالص»
هتف موسى بضيق «مين عينه واد المنتول دِه؟»
أجابته بالاسم فلعنه بحنق «واه شوف واد الملاعين »
سمعوا صوتٍ عالٍ قادم من الخارج فتبادلا النظرات المستفهمة قبل أن يخطو ناحية الباب ويفتحه مُطلًا منه برأسه يستفسر عما يحدث «بت يا زبيدة إيه العَفش دِه»
أجابته بضحكة مشعّة «الحاج بيجهز أوضة لواد المرحوم مصطفى» ختمت قولها بزغروته فأخرسها بهتافه «بس كفاية غوري مش فرح هو يا مشتوتة»
ابتعدت عن مرمى غضبه تباشر عملها المكلفة به بنظرة حانقة.
عاد موسى لوالدته فقالت بابتسامة مستهزئة «دِه أوله بكرة يكتبله كل حاجة ويرمينا رمية الكلاب»
شرد موسى متخيلًا الأمر بفكره المحدود ثم أفاق موافقًا على فكرتها يُعلن تأييده ويستعجل التنفيذ «يبقى نخلص عاد»
ابتسمت بظفر ثم قالت بنظرة تقدح المكر في أوانيها«اسمعني زين ونفذ الي هجولك عليه بالحرف»
*********
نهض رؤوف من نومه على رنين هاتفه، بنصف عين قرأ اسم المتصل ثم أجاب «أيوة يا زين خبر ايه؟»
هتف زين بصوت ضاحك «قوم يا حفناوي وفوق جايبلك خبر بمليون جنيه»
اعتدل رؤوف مستفسرًا عن الأمر «خير يارب»
هتف زين بفخر «طلع الميعاد صحيح والقوات بتاعتنا داهمت المكان واتقبض عليهم»
سأله رؤوف بلهفة شديدة «وعبادي»
أجابه زين «صبرك عليا هقولك ،للأسف ضرب نار عليهم فردوا واتصاب والله يجحمه دلوقت»
هتف رؤوف بفرحة غامرة «ينصر دينك يا شيخ هو دِه»
طمأنه زين برضا «عيش بقا وارمي ورا ضهرك ربك خلصك منه بدري»


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close