رواية تحالف الاقدار الفصل الخامس 5 بقلم دنيا احمد
الفصل الخامس { ما قبل العاصفة }
بعتذر عن التأخير في معاد تنزيل الفصل انهاردة لكن بما إننا إجازة فمعاد الفصل بأذن الله يوم الجمعة الساعة ١٢ بدل ٩
+
في منزل فرح و مراد
+
نبس مراد بهمس وهو يطالع أشرف الذي كان رفقة أبيه أمام باب منزلهم : أنت عايز ايه
+
هتف والد فرح بنبرة هادئة غير مُبالية لنبرة مراد المُختنقة : لازم نتكلم و نشوف حل فاللي حصل انهاردة
+
زفر مراد أنفاسه بخنق و هو يطالع زوجته المُستلقية بأمان لم يعكر صفوه شئ ؛ لأنها في حضرته و بين أحضانه الحنونة لا تشعر بأن مصدر قلقها الوحيد ها هو مرة آخري فوق أعتاب منزلها ينوي تدمير لحظاتها الهادئة خرج بخفة من المنزل بعد أن أخذ المفاتيح من فوق المائدة أغلق الباب بخفة و هو ينبس بنبرة جادة : بيت والدتي فاضي هنتكلم فيه
+
هتف أشرف بنبرة مُتسائلة بغضب : وليه منتكلمش في بيتك
+
التفت مراد يُطالعه بحدة غزاها الغضب و هو يُجيبه بحدة : بعد اللي حصل انهاردة فرح معندهاش استعداد تشوف حد و لا تتكلم مع حد هي خايفة منكم و نفسيتها تعبت و هي دلوقتي نايمة معنديش استعداد تصحي تشوفكم و تخاف تاني
+
ثم أكمل بحدة و هو يتنقل بنظراته بين أشرف و والده : صدقت أنها هديت مراتي تبعت بما فيه الكفاية و أنا مش هسيبها تخاف حتي في نومها و أنت يا أشرف بعد اللي عملته مع أختك مش معايا أنا مليش كلام معاك كلامي مع كبيرك و بس
+
هتف أشرف بنبرة مُتسائلة بغضب و إستنكار : و ده معناه ايه ان شاء الله
+
أجابه مراد بحدة : يعني اللي سمعته أظن الكلام واضح مش محتاج يتكرر
+
تنقل بنظره تجاه والد أشرف و هو يهتف بجدية : لو حضرتك عايز تتكلم معايا لازم نكون لوحدنا لأني غير كدة مش هنقدر نتكلم القرار قرار حضرتك و أنت يا أشرف صوتك ميعلاش علشان أختك نايمة و أنا مش عايزاها تعرف إنكم جيتوا أساسًا
+
في منزل عائلة الهواري
+
أغمض يونس عيونه بقوة وهو يري تجمع الحشود حول المنزل زفر أنفاسه بقوة و هو يستمع لضجيجهم و أصواتهم العالية التي اغرقها الاستفهام و الفضول و كذلك صيحات رجال الشرطة وهي تبعدهم عن المنزل ، ابتعد عن المنزل بانزعاج حين اصطدمت عدستيه بأضواء الكاميرات و هي تلتقط الصور
+
طالع يونس جده و هو يهتف بنبرة جادة : جدي خلي الحراس يطلعوا يساعدوا البوليس
+
هتف يحيي بنبرة مُتسائلة و عيونه تتابع الموقف بقلق امتزج بالخنق من تجمهر تلك الحشود حول المنزل : فكرك هيمشوا يا يونس ده بالنسبة ليهم سبق صحفي و كله بيدور علي اللي يلحق الأول
+
هندم يونس ثيابه و هو يُجيبه بثقة : أنا هخليهم يمشوا و حالًا هتشوف بنفسك
+
في منزل فرح
+
تنهد والد فرح و هو يربط فوق ذراع ابنه هاتفًا بنبرة هادئة : طب امشي أنت يا أشرف و أنا هتكلم مع جوز أختك و اجي
+
كاد أشرف أن يرفض حديث والده بحدة و هو يطالعه بأعين انبثق من نظراتها الغضب و الإعتراض علي حديث والده لولا نبرة والده و هو يطالعه بنظرة ايقن هو معناها جيدًا خاصة حين سمع نبرة والده و هو يتكأ فوق حروفه : اسمع الكلام يا أشرف و امشي دلوقتي
+
راقب مراد انصراف أشرف و من بعدها دلف لمنزل والدته رفقة والد فرح ، رفع عيونه بإنتباه يراقب والد فرح ينتظر حديثه بعد أن بدأ وميض أمل يطفو بداخله ، ربما يهدم والد فرح توقعاته و يكون تلك المرة منصف لوحيدته التي تجرعت منه القهر و الخذلان منذ أن رأها حتي تلك اللحظة ، تمني أن يكون أدرك خطائه و يود إصلاحه قبل فوات الأوان
+
ولكن دائمًا تأتي الرياح بما لا تشتهيه السفن أتت كلمات والدها هادمة لكل أمانيه و طموحاته حين استمع لنبرته الغاضبة : عجبتك كدة اللي عملته فرح
+
علي الناحية الآخري بمنزل أدهم
+
ركب أدهم سيارته و تحرك بسرعة يسابق الزمن لأجل الوصول لنقطته لم يخفَ عنه مُتابعة الشرطة له بالطبع ذلك الحاجز الذي كان يحول بينه و بين الوصول إلي هدفه
+
ضرب المقود بعنف جرح كفه ، أغمض عيونه بقوة يحاول كبح غضبه الذي بلغ اشده تلك المراقبة تمنعه من الوصول للهدف المنشود و هو يسابق الزمن ليصل له بأقصي سرعة
+
ضغط فوق المقود بكفيه بقسوة يشعر بالدماء تتصاعد لرأسه بعنف يكاد يفقد عقله و رفته قدرته علي التحكم بأعصابه التي بدأت في الانهيار بعد تلك المكالمة ، و في تلك اللحظة تحديدًا و قبل أن يفقد صوابه لمعت عدستيه بمكر حين اقتحمت تلك الفكرة عقله ، هو تعلم علي يد شياطين كيف يتلون ليتخفي عن أنظار الكل و خاصة عن الشرطة ، تلك السنوات التي قضاها برفقة اولائك المجرمين كانت كفيلة بأن تحوله لشخص آخر ماكر ، قاسي مثلهم تمامًا ليستطع النجاة من وسط تلك الوحوش التي قُيد بين ظلماتهم بدون أمل للنجاة
+
اتجه للمستشفي التي توجد بتلك المحافظة دلف للمستشفي بخطوات هادئة و هو يتجه لموظف الاستقبال ينبس بنبرة مُتسائلة بهدوء يُخفي خلفه ذلك الغضب الذي كان يسري بكل خلية بجسده و عقله المُتحفز بشراسة للقادم : دكتور باسم موجود دكتور الطوارئ موجود
+
هز الموظف رأسه بإيجاب هتف أدهم بنبرة لبقة : ياريت تبلغ إني أدهم الشناوي مستنيه برة بس ياريت بسرعة لأني تعبان جدًا و هو اللي متابع معايا دايمًا
+
هتف الموظف بعملية : حالًا يا فندم هكلمه و ابلغ حضرتك علطول
+
و قبل مرور خمس دقائق وصل ذلك الشاب و الذي كان بعمر مُماثل لأدهم و هو يرتدي معطفه الطبي هتف بنبرة هادئة : منور يا أدهم تعالي أوضة الكشف علشان اقيس لك الضغط بدل جيت هنا يبقي هتحتاج محلول
+
دلف أدهم رفقة باسم إلي أحد غرف الكشف و بمجرد أن أغلق الباب نبس بنبرة مُتسائلة بقلق : في ايه يا أدهم قلقتني
+
هتف أدهم بنبرة مُتعجلة مُرتعشة بقلق : لازم امشي من هنا يا باسم و البوليس بيطاردني لو متحركتش في كارثة هتحصل
+
ثم أكمل بنبرة غاضبة جعلت أسنانه تطبق فوق بعضها بعنف : و أنا لو هموت استحالة اسمح بده يحصل
+
نبس باسم بنبرة قلقة و هو يضع كفه فوق كتف أدهم هاتفًا بنبرة مُنهكة بحزن اتضح من عدستيه التي كانت تطالعه بصدق : أدهم أنا مش مبسوط بالطريق اللي أنت فيه ده ابدًا يمكن أنا الوحيد اللي قلبي مجابنيش اقاطعك من ساعة ما دخلت في الطريق بس ده مش معناه إني موافق علي اللي أنت فيه ده
+
لمعت عيون باسم بدموع شكلت حلقة كريستالية فوق عدستيه و هو يهتف بقهر انبثق من بين حروفه : أنت كدة مش بتحمينا أنت بتضيع نفسك تفتكر أحنا من غيرك منقدرش نعيش أنت ضهرنا
+
ثم أكمل برجاء يستجديه و قد هبطت دموعه تُغرق وجنتيه كطفل يستجدي أبيك حتي لا يتركه : علشان خاطري ارجع عن الطريق اللي أنت فيه أحنا كلنا محتاجينك معانا
+
سرعان ما تبددت نظرات الغضب و القسوة التي كانت رمادتيه غارقة بهم لآخري حنونة لينة اقترب من باسم يمسد فوق كتفه بحنان و هو يهتف بنبرة حنونة لم يخص شخصًا بها سوي بعض أشخاص قلة بتلك الحياة و ذلك الصغير كان من ضمنهم : وبعدين معاك يا دكتور هتفضل طول عمرك عاطفي كدة أنت الوحيد اللي بتحسسني إني ليا لزمة لدرجة إني بحسك ابني
+
رفع أنامله يُزيح دموع صديقه وهو يهتف بنبرة مُتحشرجة غزاها الحب الذي اختلط بالمشاكسة : كأني خلفتك و نسيتك متزعلش مني يا باسم بس أنت عارف إني الرجوع من الطريق ده تمنه غالي لدرجة إني مقدرش استحمله
+
عادت نظراته تلك المرة أكثر قسوة و لمعت بها نظرات التوعد و الغضب التي عكرت صفو رمادتيه و كأن النبرة الحنونة التي رافقها النظرات الحنونة الدافئة اختار أن يخصه بها بعيدًا عن العالم بأكمله و قسوته في حقه و حق تلك القلوب المُعلقة به ، الخيط الوحيد الذي يخص قلبه في تلك الحياة و يربطها به
+
هتف بنبرة حادة ملائها الثبات : الكلام ده مبقاش فيه منه فايدة أنا لازم اتحرك دلوقتي لأني ريهام و إياد في خطر هتظبط الورق و مش هتخلي حد يعرف إني مش هنا صح
+
اومأ الآخر بموافقة و هو يهتف بنبرة متوترة : أكيد بس الق اتحرك
+
ثم أكمل بتوصية : خد بالك من نفسك و منهم أنا عايزكم ترجعوا هنا بخير أنا هستناك لا الله الا الله
+
أجابه أدهم بهدوء قبل أن يخرج من الباب الجانبي للغرفة بسرعة : محمد رسول الله
+
في منزل عائلة الهاشمي
+
دلف شريف لغرفة ابنته التي كانت غارقة في النوم بفعل المادة المُهدئة التي سيدوم أثرها حتي الصباح ، اقترب من فراشها بخطوات هادئة و هو يدثر ابنته بالغطاء جيدًا
+
اقترب منها يلثم جبهتها بقلق بلغ اشده حين رأي وجهها الشاحب و حاوط كفيها الباردين ، غرز أنامله بين خصلاتها البنية بلونها المميز يُدلكهم بلطف اقترب من ابنته يضمها لأحضانه بقوة يلثم جبهتها و كفيها و هو يهمس بإعتذار تخلله الندم : حقك عليا يا نن عين بابا أنا فعلًا مكنتش الأب اللي تستاهليه بدل ما اقف جنبك بعد موت ريم جيت عليكِ حقك علي عيوني يا حبيبتي بس أوعدك هعوضك
+
تنقل بنظراته يُطالع صغيرته الغافية و بداخله معركة طاحنة ، ذلك الندم الذي يسري في روحه و قلبه يتآكلهم ببطئ كسم خبيث ينتشر بأرجاء الجسد بدون أن يرسم أي علامات أو دلالات واضحة تدل علي انتشاره حتي يصل لُمبتغاه و يقضي علي خصمه بضربة قاتلة ، ذلك تمامًا ما يشعر به فهو الأرض يجتاحه شعور الندم يُقحمه في حرب تفوق قدراته علي المواجهة أو حتي الصمود ، كل الأخطاء مغفورة إلا جُرمه بحق صغيرته
+
أغمض عيونه بيأس وهو يزفر أنفاسه بقوة يحاول تخفيف ذلك الثقل الذي يجثو فوق أنفاسه ، ولكن بدون فائدة لازال يشعر بانحسار أنفاسه و اختناقها كأن العالم بما فيه يحجب أنفاسه ، لم يكن يعلم هل ذلك ألم صحوته بعد أخطائه أم ألم خذلانه من أهله و خيانته لهم التي بدأت مرراتها تتسلل لقلبه ، تلك الخيانة التي لم يظن يومًا بأنها احتمال يمكن أن يقتحم حياته و عقله و علي الرغم من الأماني أصبحت تلك الخيانة وشيكة جدًا
+
حديث عاصم و يونس الذي كان يرفضه رفع الستار المحجوب عن عيونه بشأن الحقائق التي اندثرت عن عيونه و لم تختفِ تلك الغمامة عن عيونه سوي مواجهته برفقة عائلة الهواري
+
اتسعت إبتسامته بحنان حين تذكر صغيرته في طفولتها و كم كانت حنونة ، تذكر كل ما يخصها مُنذ أن ولدت تلك الذكريات التي كانت و مازالت لها طابع خاص بقلبه و أثرها لن يندثر ابدًا
+
لمعت عيونه بدموع و هو يهتف بهمس : حبيب قلب بابا أنتِ أنتِ الكفة الربحانة في حياتي و قلبي دايمًا و هتشوفي بنفسك يا حبيب بابا
+
عاد مرة أخري يلثم جبهتها و هو يضمها لعناقه بقوة ذلك العناق الذي افتقده كثيرًا ، ذلك العناق الذي هو بحاجة ماسة إليه أكثر من ابنته ، بعد رحيل زوجته حورية هي مصدر الأمان و الحنان في حياته ، هو اخطأ بحق وحيدته التي تمنحه الأمان و هو بعد ما فعله كاد أن يُلقي بنفسه في أحضان البرد البعيد عن دفئ ابنته و حنانها
+
امتعضت ملامحه بغضب حتي عيونه تحولت لآخري حادة ملائها التوعد حين لمح وجنتي ابنته و علامات الأصابع التي تركت أثر واضح فوق وجنتي ابنته حتي أنها تلونت باللون الأحمر الداكن
+
ابعد صغيرته عن أحضانه وهو يضع جسدها بعناية فوق الفراش يُحكم الغطاء عليها قبل أن يخرج من غرفة ابنته يُغلقها بالمفتاح جيدًا و هو يتجه إلي الأسفل حيث كانت عائلته بأكملها مُجتمعة
+
دلف إلي الغرفة بخطوات مُسرعة و هو يتنقل بنظره بين أفراد عائلته بنظرات غاضبة لأول مرة لم تكن مُستسلمة بل غارقة بالغضب
+
استمع لنبرة أخيه و هو ينبس باختناق : اللي حصل انهاردة ده مكنش ينفع خالص يا شريف أحنا لازم نتكلم
+
هتف شريف بنبرة جادة يؤكد حديثه : هنتكلم أكيد و دلوقتي
+
اقترب شريف من مازن وهو يهبط فوق وجنتيه بصفعة قاسية ملائها الغاضبة
+
في منزل عائلة الهواري
+
هندم يونس ثيابه قبل أن يخرج من المنزل بخطوات ثابتة وقف بين الحراس و عناصر الشرطة التي منعت تقدمهم تجاهه أو تجاه المنزل
+
نبس بنبرة جادة حين علت أصواتهم المُتسائلة و همهمات الفضول و الصدمة : لوسمحتوا لحظة حابب أقول حاجة
+
صمت الكل بفضول و بدأوا تسجيل أقواله و منهم من جهز الكاميرات ، كان الكل في ترقب لما سيقوله يونس الهواري أحد أفراد أحد العائلات الكبيرة في سوق العمل و الذي سيتحدث عن ابنة رجل أعمال مشهور قُتل منذ ساعات و أصبحت هي و والدها محط أهتمام للكل
+
و بالطبع لأن الفضول كان هو سيد الموقف الكل امتثل لطلب يونس و نبرته الجادة التي اشعلت الفضول و التحفز بداخل الكل
+
هتف يونس بنبرة جادة وهو يطالع الحشد المُتجمهر أمام منزله : أنا معنديش أي معلومة اقدر أقدمها ليكم بخصوص قتل راجل الأعمال المشهور الأستاذ مدحت ولا أي معلومات بخصوص بنته و أنا حبيت اطلع علشان اكلمكم بنفسي إني أي محاولة للدخول أو أي صورة أو خبر هينزل بخصوص العيلة بتاعتنا انهاردة هيعرض صاحبه للمسألة القانونية لأني زي ما انتوا شايفين محدش قال تصريح يخص الموضوع ده
+
يعني أي خبر هينزل هيكون تشهير فياريت تتفضلوا خلال خمس دقايق لأني مش حابب حد يتعرض لأي أذي في شغله تقدروا تتفضلوا و أوعدكم لو في معلومات هنطلع نبلغكم بيها علطول تقدروا تتفضلوا
+
وقف يراقبهم بضهر مُنتصب و أعينه تراقبهم براحة حين رأي انصرافهم بخوف عقب حديثه زفر أنفاسه بهدوء حين بدأت أصواتهم العالية تنخفض تدريجيًا حتي أختفت و من بعدها و أخيرًا أصبحت الساحة حول منزله و أخيرًا خالية من الناس و من تلك الحشود
+
طالع الحراس و هو يهتف بإنهاك : خليكم واقفين و لو لقيتوا زي صحفي ياريت تخلوا أي حد من البوليس يبلغه باللي قولته و أي حاجة غريبة تحصل بلغوني
+
دلف للمنزل بخطوات مُنهكة و قد استولي الإرهاق علي جسده و عقله الذي أصبح في أمس الحاجة للراحة و الإنفصال عن الواقع المُنهك الذي داهمه اليوم بضراوة
+
اقترب منه عامر و هو يُطالعه بفخر امتزج بالحنان وهو يحاوط وجهه هاتفًا بنبرة هادئة : أنا عارف إني اليوم كان طويل عليك و إنك تعبت بس لازم تعرف إني فخور بيك يا حبيب جدك و لازم تتأكد إني وراك أنت و أخواتك في أي قرار تاخدوه المهم عندي راحتكم يا حبيبي
+
مسد فوق وجهه بحنان و هو يردف بتأكيد : اطلع كل و ارتاح عقبال وصلي و القرار اللي تاخده هو اللي هيحصل و أنا في ضهرك مهما حصل و واثق إني قرارك هيكون هو الصح متفقين
+
اتسعت إبتسامة يونس بحب و هو يلثم كف جده مُردفًا بنبرة مُتحشرجة بحب : متفقين يا حبيبي ربنا يديم وجودك ليا
+
هتف عامر وهو يطالع أحفاده : أمير جاي الصبح عايزكم تكونوا كلكم موجودين علشان نفطر مع بعض يلا تصبحوا علي خير يا حبايبي
+
بعد مرور وقت جلس يونس بحديقة المنزل الخلفية برفقة عاصم و يحيي و مالك
+
هتف عاصم بنبرة مُتسائلة وهو يطالع يونس الذي استند بضهره فوق الأرجوحة الموجودة بالحديقة : طب هتعمل ايه في موضوع الوصية ده هتقبل و لا لا أنا عارف إنه مسؤولية كبيرة و إنه قرار صعب بس هتعمل ايه بتفكر في ايه
+
أغمض يونس عيونه بإنهاك وهو يزفر أنفاسه المُضطربة بقوة ، يشعر و كأنه في عمق محيط واسع بدون مُنقذ و هو من يجب عليه إتخاذ القرار و إنقاذ نفسه ، حتي الوقت و الظروف غير عادلة بحقه و حقها ، حتي ذلك الحق القدر لم يكن عادلًا ليمنحهم وقت كافي حتي للاختيار
+
تلك الشابة تركها والدها بين النيران علي أمل أن يُنقذها هو و يحميها ، تذكر ذلك العهد الذي قطعه لوالدها تذكر حروف والدها المُلتاعة و هو يوصيه علي ابنته و لحظة استسلامه بعد أن اخبره يونس بكلمات لم تكن عابرة بل كانت عهدًا و ميثاق قطعه يونس سيظل يسدده طوال حياته ، تلك الكلمات لم تكن عادية بل كانت عهد بُعث من ألم عظيم و خسارة فادحة ، عهد من رماد بُعث من رماد تلك الحادثة التي منها بدأت القصة تنسج خيوطها
+
هتف يونس بنبرة مُنهكة تخللها الضياع : مش عارف يا عاصم حاسس إني محتار قرار كبير و مسؤولية كبيرة مش قادر اتخيل إني في يوم و ليلة حياتي تتغير كدة أنا مش بتكلم علي الأملاك واضح إني بنته فعلا معندهاش خبرة في حاجة زي كدة و فعلا هتحتاج حد يساعدها و أنا معنديش مشكلة في كدة هي في الأول و الآخر دي أملاكها بس فكرة الجواز دي هي اللي مسؤولية كبيرة أوي
+
اقتحمت سحر حديثهم و هي تهتف بحكمة بعد أن جلست جوار ابن أختها : يونس يا حبيبي خلينا نتكلم بالعقل أنت لحد دلوقتي مفيش بنت قدرت تشدك أو حتي قررت ترتبط و مفيش حاجة بتحصل صدفة في الدنيا واضح إني البنت دي اختيار ربنا ليك و بدل سيب اختيار ربنا ليك و تدبيره مش يمكن ده يكون أحسن حاجة حصلت في حياتك
+
نبس يحيي بنبرة هادئة امتزجت بالحكمة : طنط عندها حق يا يونس كدة كدة جدي عمره ما كان هيوافق إني أحنا نساعدهم أو يدخلوا بيتنا إلا لو واثق من نزاهة أستاذ مدحت الله يرحمه و أخلاقها طبعا
+
أردف عاصم بنبرة مُؤيدة لحديث ابن عمه و والدته : أنا شايف إني عندهم حق في كلامهم يا يونس أحنا كلنا حابين نشوفك متجوز و عايش حياتك أنا متأكد إنك مش قادر تنسي وعدك لأبوها قبل ما يتوفي و واثق إنك حاسس دلوقتي بالمسؤولية و ده اللي محسسك إني مفيش قدامك إختيار تاني بس أحنا بنبص للموضوع وجهة نظر تانية
+
أومأت سحر برأسها بموافقة و هي تهتف بنبرة حنونة و يدها تمسد فوق كتف يونس برفق : أحنا طبعا مش بنضغط عليك كلنا بنتكلم معاك لمصلحتك إنما أنت حر و أحنا كلنا في ضهرك في قرارك و مع ذلك فكر في كلامي لو هتقبل الوصية بموضوع الجواز لازم تعرف أنه مفيش جواز مشروط لو هتقدر تشوف الموضوع زي ما اتكلمنا و تقرر إني الجواز ده يكون فرصة ليك و ليها إنكم تحبوا بعض و يكون بينكم مودة و رحمة و لو لقدر الله ده محصلش ساعتها انفصلوا لو هتقدر تعمل كدة من غير ما تحسسها إنها مجرد شفقة أو اتفاق يبقي تقدر تنفذ الوصية دي
+
ثم أكملت و هي تهتف بنبرة لينة ملائها الثقة : البنت دي في محنة و موقف صعب محتاجاك يا يونس علشان أنت راجل مسؤول و حنين و يا بختها اللي هتعيش معاك و تاخد نصيبها من حنيتك و كل اللي في قلبك فكر يا حبيبي في كلام خالتك و صلي استخارة و شوف ايه اللي قلبك هيطمن ليه و اعمله
+
اقترب يونس يحاوط كف خالته يلثمه بإمتنان و هو يهتف بحب : ربنا يديمك ليا يا سحورة
+
لمع ثغرها بإبتسامة حنونة و هي تهتف بدفئ : و يخليك يا حبيب خالتك و يديمكم لينا كلنا
+
هتفت بنبرة مُتسائلة بفضول : ايه بقا اللي حصل عند حورية احكولي
+
في منزل والدة مراد
+
رفع مراد احدي حاجبيه بصدمة و هو يهتف بنبرة مُتسائلة باستنكار : فرح عملت ايه معلش
+
ثم أكمل بنبرة حادة اعتلاها التوبيخ و هو يطالعه باستنكار : أنا كنت متوقع إني بعد اللي حصل انهاردة و اللي حضرتك شوفته بنفسك إني حضرتك مقدرتش تستني للصبح علشان تيجي تطمن علي بنتك و تصالحها بعد اللي أخوها عمله في حقها إنما جاي تلومها
+
ابتسم بتهكم و هو ينبس بحدة : ابنك انهاردة في لحظة كان ممكن يقتلني حضرتك متخيل اللي كان هيحصل أنا مكنتش هبقي موجود و ابنك كان هيضيع مراتي و نفسه و حضرتك جاي تلومها هي
+
هتف والد فرح بنبرة مُتذمرة و هو يُجيبه بهجوم : ما هو فرح هي السبب في اللي حصل لو كانت اتقيت شره و اديته اللي هو عايزه مكنش كل ده حصل ايه المشكلة أخوها مزنوق و محتاج مساعدة ليه تبخل عليه بالمساعدة و باللي في إيدها ايه الجحود ده في الأول و الآخر أخوها
+
تهكمت ملامح مراد بغضب واضح اعتلي قسمات وجهه و هو يردف بنبرة حادة اتضح بها الغضب الذي تخلله التوبيخ : واضح إني حضرتك مصمم إنك تفضل شايف الصورة غلط و مش عايز تدي نفسك فرصة قبل فوات الأوان مع إني الكل حواليك بقا فاهمها من ساعة اللي حصل و محمد و أحمد هيتجننوا علشان يطمنوا علي أختهم و يطيبوا خاطرها عاملين يعتذروا ليا و مش عارفين يقولوا ايه و لا يعملوا ايه مع إني مش محتاج ده منهم أنا حقي عندي هين إنما حق فرح لاء
+
ولادك التلاتة حاسين نفسهم عين مكسورة قدام نفسهم و قدامي بعد اللي أشرف عمله و اللي مكنش مجرد غلطة ده جريمة لما حضرتك مشيت و هربت من الموقف قولت بيحاول يفصل بينهم علشان الموضوع ميكبرش مش تيجي تلوم بنتك أنها معدتش تطلع ورثها ليه علشان يروح يسمم بيهم الناس و كلنا عارفين إني دي الحقيقة
+
هز والد فرح رأسه بنفي وهو يهتف برفض : ده مش حقيقي هما بيقولوا كدة بس علشان محدش يساعده
+
ابتسم مراد بتهكم و هو يُجيبه بتهكم : لا حقيقي و حضرتك عارف و متأكد أنه كدة و الطبيعي إني لا أنا و مراتي نقبل إني يخرج من ذمتنا قرش يروح للسم ده و ده حقها أخوها مش في زنقة أخوها بيتاجر في المخدرات و بيسم الناس و شيطانه راكبه لدرجة أنه كان عنده استعداد يكون قاتل في لحظة و مع ذلك أنا حياتي فدا فرح بس أنه يفكر يمد ايده علي مراتي و كمان يهددها ببلطجية علشان عايز ياخد حقها بالعافية أنا استحالة اسمح بيه و لا اتهاون فيه
+
ثم أكمل بنبرة غاضبة : فلو حضرتك فاكر إني هعمل زيك و الوم مراتي ده استحالة يحصل لو السما انطبقت علي الأرض واضح إني حضرتك الوحيد اللي واقف في صف ابنك في الغلط الكل بيحاول يساعده معادا حضرتك بتغرقه و بتخليه يكتب نهايته بإيده لدرجة إنك خليت بنتك تخاف و تحس بالأمان و أنت لسة علي وش الدنيا
+
امتعضت ملامح الآخر بغضب امتزج بالقسوة و هو ينبس بحدة رافضًا لحديث مراد بخنق : و أنت بقا اللي هتقول ليا المفروض اعمل ايه و معملش ايه مع ولادي ولا هتفرض عليا اعامل عيالي إزاي و اربيهم
+
رمقه مراد بصدمة لم يكن قادرًا علي تخطيها والد فرح المُتعنت الذي يرفض كل محاولات السلام و الصُلح ، لم يكن أبًا جيدًا كفاية ليستمع للآخرين حتي لو بعد وقت ، لم يحاول بتاتًا في أن يُصلح اخطائه أو يكفر عن جرمه بحق صغيرته حتي لو بعد فوات الأوان ، اختار أن يجعل من أشرف غمامة فوق عيونه تحجب عنه الحقائق و المكاسب
+
هو ليس بشريف ليندم و تداهمه صحوة الحقيقة حتي لو متأخرًا ، لقد فات الأوان و لن يكون القدر مُتساهلًا لدرجة أن يمنحه فرص لإصلاح الماضي و استيعابه أو حتي الندم خاصة بعد فوات الأوان
+
طالعه مراد بأسف قبل أن يُجيبه بنبرة حادة مُشابهة لنبرته و هو يؤكد : لا طبعا مقدرش زي بظبط ما مفيش حد يتدخل بيني و بين مراتي و يجي فاكر أنه يقدر يجبرني اتعامل معاها إزاي علشان هو شايف أنها غلطانة و مش عايز يصدق غير كدة
+
رفع رأسه بشموخ وهو يهتف بثقة : الكمال لله واحده إنما أنا فرح في عيوني كاملة مش هي اللي محتاجة تتربي ولا هي غلطانة و قرارها محدش ليه الحق يراجعه فيها أنا في ضهرها و استحالة اغلطها في يوم حتي لو غلطت
+
ثم أكمل بنبرة مُتسائلة وهو يطالعه بخنق : أظن حضرتك فهمت قصدي من الكلام أنا شايف أنه واضح بما فيه كفاية
+
انتفض الآخر بقلق و هو يحادثه بتلك النبرة القاسية التي تلازمه دومًا هي و هو سمة واحدة من شيم شخص قاسي : فهمت بس كدة تقدر تبلغها إني تعتبر نفسها ملهاش أخ
+
ابتسم مراد بتهكم و هو يتكأ فوق حروفه هاتفًا بهدوء : هو كدة أساسًا أشرف اللي هدد أخته ببلطجية و مد ايده عليها ميستحقش يكون أخوها مش هي اللي تكون أخته من انهاردة مش عايز فرح تشوفه و لو صدفة و لا عايز يكون ليها علاقة بيها مراتي حامل و أنا عايزها تعيش في أمان علشان ده حقها عليا
+
ثم أكمل بنبرة قاسية غزاها التهديد و الحدة و هو يرمق والد فرح بغضب : لو أشرف قرب ليها تاني يا حمايا أنا هبلغ عنه متزعلش بس أنا معنديش في حياتي أغلي من فرح و مش هسيب حاجة تضرها حتي لو كان اللي منها تصبح علي خير يا حمايا
+
في إحدي الأماكن النائية في محافظة السويس وصل أدهم إلي ذلك المكان الذي حاوطه الظلام من كل أطرافه ، الظلام و الصمت يجوبان المكان و الذي كان عبارة عن مستودع قديم مُتهالك
+
من يراه يظن أنه من مجهور من المستحيل أن يحوي به أفردًا ، حتي أن الصمت القاتل الذي يعم المكان و الذي يشبه الفخ في أخبث صوره ، يختطف الضحية إلي حيث مركزه ثم ينقض عليها و ذلك المكان تمامًا كالفخ من يراه لا يمكن أن يُخيل أن ذلك الهدوء الظاهري ما هو إلا صمت يسبق جريمة تُطهي علي نار باردة
+
دلف للداخل بخطوات مُسرعة لم تداهمها رهبة المكان أو حتي الخوف من المجهول ، تحرك صوب الداخل و كأنه يعرف مُبتغاه عن ظهر قلب ، بنفس مُتأهبة بنيران الغضب التي قادته بكل ثبات للتقدم للداخل بدون خوف و بداخله نيران غضب نابعة من نزعة الحماية التي استولت علي قلبه ، نيران قادرة علي إشعال الحرائق بذلك المكان و من به
+
بنيران لن تهدأ ألسنتها ابدًا و لن يُري رمادها اقتحمم المكان بسرعة و لكن توقفت خطواته حين رأي رجلين أقوياء البنية يحاوطوا شاب في عمر ممُاثل له بقوة يقيدوا ذراعيه خلف ضهره بقبضتهم و وجهه بها بعض الجروح التي تبدو أنها وليدة وقت راهن و من بعدها استمع لصوت همهمة و صراخ أنثوي مكتوم
+
توسعت عيونه حتي أن رمادتيه اشتعلوا بغضب بلغ أشده حين رأي ذلك المشهد تنقل بنظراته بين هولاء الرجال بغضب و هو يهدر بنبرة حادة قاسية : انتوا اتجننتوا مين اللي قال ليكم تعملوا كدة
+
ثم أكمل بنبرة حادة يأمرهم : سيبوه حالًا
+
هز الرجل رأسه بنفي و هو يُجيبه بحدة : الأوامر اللي عندنا إني أحنا مينفعش نسيبهم يا باشا
+
ابتسم الآخر بتهكم و هو يخرج سلاحه يصوبه ناحيتهم وهو ينبس بتهديد و عيونه لامعة بنيران الغضب الذي لو أنفلت منه سيحول ذلك المكان لرماد بكل تأكيد : تمام نفذ الأوامر و أنا هموتكم واحد واحد و اللي يقدر يقف قدامي يوريني نفسه
+
أردف بنبرة قاسية و يطالعهم بتهديد : سيبوه حالًا
+
ابتعد الرجال عن ذلك الشاب الذي انتفض بقوة و هو ينبس باسم ريهام بلوعة تحرك تجاه مصدر الصوت مُتعجلًا و خلفه أدهم
+
رمق زوجته التي كانت مُقيدة فوق الكرسي و فمها مُكمم ، همهمت بصراخ مكتوم حين طالعت إياد و أدهم و هي تطالعهم بأعين مُرتعبة غزاها الدموع التي اغرقت صفحة وجهها خاصة حين شعرت بفوهة أحدي الأسلحة تجاه رأسها تبعها نبرة آحدي الرجال و هو يهتف بقسوة و عيونه تتنقل بينهم : الباشا بيقولك دي أخرة تدخلكم في اللي ملكوش فيه عموما دي قرصة ودن إنما لو المرة الجاية هخليك تقول علي الكتكوتة يا رحمن يا رحيم
+
في منزل عائلة الهاشمي
+
انتفض مازن و هو يطالع عمه بصدمة انبثقت من عدستيه التي سرعان ما تخللهم الغضب و هو يتكأ فوق حروفه هاتفًا بنبرة مُتسائلة بحدة : القلم ده ليا
+
إجابه شريف بحدة و هو يؤكد حديثه وهو يراقب الغل المُنبثق من عدستي مازن : لولا إنك ابن أخويا مكنش هيبقي قلم يا مازن أنا مموتش علشان تمد إيدك علي بنتي أي كان مين يفكر يمد ايده عليها أنا عندي استعداد اقطع ايده
+
رمقته فوزية بغل و هي تصرخ بنبرة مُتهكمة و هي ترمقه بنظرات غاضبه : و ده من امتي يا أخويا ان شاء الله هو مش من يوم مراتك و اللي بنتك عملته و أنت ساكت ملهي في حزنك و سيبانا نتصرف
+
ثم أكملت بغل قاصدة إشعال نار الفتنة بداخله مجددًا كما فعلوها سابقًا : ولا هو أحنا اللي كانت أمنا مدفونة مكملتش يوم و هربنا من البيت في نصاص الليالي علشان نقابل رجالة كأني مفيش لا خشا و لا حيا
+
كانت تطرق فوق جرح تريد أن تعود ألهبته من جديد تملئ الاجواء ، حين لاحظت أن نيران فتنتهم علي وشك أن تندثر و تتحول لرماد لن يدوم منه سوي ذكري لربما تختفي مع رماد تلك الفتنة ، لذا قررت أن تضغط فوق ذلك الوتر تشعل النيران من جديد قبل أن ينتهي أمرهم
+
فتلك النيران إذا اندثرت سيحل موضعها الحقيقة و يُحجب الستار عن حقائق لن يتحملها الكل بل وقتها ستكون الحرب الأكثر ضراوة و قذارة نشبت ، و لكن سوء الحظ ضرب شريف بتلك الأمال الشيطانية عرض الحائط و هو يصيح بغضب و عيونه تتنقل بين أخوته بصدمة لم يستطع إخفائها أو التحكم بها : علشان كنت غبي سبت للحزن فرصة أنه يكسرني و يخليني لقمة طرية في عيونكم و واضح إني ده اللي كنتوا بتحلموا بيه
+
ثم أكمل و لكن تلك المرة بنبرة علي الرغم من هدوئها إلا أنها كانت تحوي بداخلها الكثير من القهر : قولت إني انتوا ضهري اللي ينفع اتسند عليه بس حتي ده كان غلط و أنا من غفلتي كنت رافض افتح عيني و اشوف الشماتة اللي مالية عينكم و القسوة مع بنتي اللي معملتش ليكم حاجة كأنكم مصدقتوا بنت العز اللي محدش كان يقدر يرفع عينه فيها و أبوها كان كان عاززها علي الكل بقي ليكم سلطة عليها
+
رفع رأسه بشموخ و هو ينبس بقسوة : بس لاء بنتي مغلطتش و لو رجعنا للموقف اللي بتتكلموا عليه هيظهر حاجات كتير أوي تخليكم متقدرش ترفعوا عينكم فيا بالعكس ساعتها أنا اللي هيكون ليا حساب عندكم و كدة كدة هو جاي إنما حورية لسة زي ما هي بنت العز اللي ربنا يقدرني و يخليني اعزها العمر كله
+
ثم أكمل بنبرة غاضبة و هو يهتف بحدة : بنتي محدش ليها سلطة عليها هي حرة و محدش ليه حق يهينها أو يمد ايده عليها أي كان مين بنتي هتتجوز اللي بيحبه و بيحبها عاصم و من انهاردة اعملوا حسابكم إني محتاج نفض الشراكة اللي بينا في اسرع وقت و كل واحد ياخد حقه و أنا عمري ما هظلمكم إنما بنتي خط أحمر
+
ابتلع رأفت لُعابه بقلق و هو ينهض مُردفًا بنبرة قلقة يحاول تهدئة الموقف المُحتدم : اهدي بس يا شريف أنت دلوقتي متعصب و حقك اطلع ارتاح و نتكلم و اللي عايزه هو اللي هيمشي
+
في منزل عائلة الهواري
+
هتفت صفاء و التي أتت أثناء حديثهم تجلس بجانب أختها : متزعلش نفسك يا عاصم يا حبيبي معني المواجهة اللي حصلت دي إني ان شاء الله الأمور هتتحسن
+
ثم أكملت بنبرة مُختنقة و هي تمتم بضيق : هو أهله السبب منهم لله استغلوا وفاة داليا الله يرحمها و حزنه علشان يوقعوا بينه و بين بنته و بينا بس والله مسألة وقت و الأمور هترجع أحسن من الأول
+
هتفت سحر بثقة و هي تمسد فوق كف ابنها بحنان : بكرة حورية هتبقي مراتك ده أنا مربيها علي ايدي محدش هيبقي مرات ابني غيرها علشان هي اساسًا بنتي و غالية عليا زي بنتي بظبط دي كبرت قدام عيوني
+
ثم أكملت بنبرة هادئة و هي تربط فوق كتفه بلطف : ينفع متقلقش من حاجة طول ما أحنا موجودين و أخواتك في ضهرك
+
اقترب يونس من عاصم و هو يرفع ذراعه يضعه فوق كتف عاصم و هو يهتف بُمشاكسة : يا عم متقلقش أحنا كدة كدة هنخليك تتجوزها ان شاء الله لو خطفناها مهو أحنا مش هنضحي بيك برضو
+
ثم أكمل بنبرة شرسة مغايرة تمامًا لنبرته المُشاكسة : ثم لو شوفتك مضايق تاني يا عاصم هولع في البيت بيهم
+
ضحكت سحر بحب و هي تهتف بتمني : ربنا يديمكم لبعض يا حبيبي و نفرح بيكم كلكم يلا اطلعوا ارتاحوا علشان اليوم كان صعب عليكم و محتاجين نكون مع البنت دي من أول اليوم محدش عارف حالتها هتكون ايه
+
نبس يحيي بنبرة مُنهكة و أعين مغلقة : ياريت يلا بينا علشان الجو بقا برد فجأة زي ما تكون هتمطر
+
دلفوا كلهم إلي الداخل حاوطت صفاء ذراع ابنها و هي تهتف بهدوء : يونس بالرغم من كل حاجة حصلت إلا إني معرفش ليه مطمنة لفكرة جوازك من البنت دي و حاسة إني حياتك هتفضل مُرتبطة بيها
+
مسدت بيدها فوق وجنتيه و هو تهمس بحنان : تصبح علي خير يا حبيب ماما ربنا ينور طريقك و يريح قلبك يا حبيبي يلا ندخل من البرد قبل ما تمطر
+
بعد مرور وقت بسيط انهي يونس صلاته و اتجه إلي الأريكة التي كانت بجانب غرفته التي تغفو بها جميلة
+
هتفت يارا بنبرة مُتسائلة : أنت هتنام هنا يا يونس
+
هز يونس رأسه بموافقة و هو يهتف بإنهاك : اه حابب أكون جنب الأوضة علشان لو صحت أو حصل حاجة احس بيها مش عارف ايه اللي ممكن يحصل
+
بدأت يارا تُساعده في وضع الأغطية فوق الأريكة : هروح اجيب لك غطا تاني علشان الجو برد
+
بعد مرور دقائق عادت و هي تحمل فوق ذراعها غطاء شتوي سميك بعض الشئ وهي تضعه فوق الأريكة شهقت بخوف حين استمعت لزخات المطر التي تسابقت في الهطول بدون سابق إنذار ، قبل ثوانِ قليلة كانت الأجواء هادئة تمامًا فقط مُلبدة بالغيوم التي تُنذر باقتراب العاصفة التي ستقتلع ذلك الهدوء الزائف و تبدده تمامًا
+
ازدادت حدة هطول الأمطار تبدد ذلك الهدوء و من بعدها صوت الرعد الذي رافقه اضواء السماء الساطعة ، لقد أتت العاصفة بعد هدوء لم يُتوقع أن يخلفه عاصفة
+
نبست يارا بنبرة مُرتعشة بخوف طفولي : هو ايه اللي حصل فجأة ده أحنا لسة نص تسعة أنا هدخل انام مع جدو أنا بخاف من الرعد
+
ابتسم يونس بخفة و هو يهتف بحنان : ماشي يا لمضة تصبحي علي خير يا يارا هانم
+
ارتمي يونس بإرهاق فوق الأريكة أغمض عيونه جين داهمت ذاكرته أحداث ذلك اليوم العصيب ، زفر أنفاسه بقوة و هو يتذكر كيف جذب جميلة من قبضة والدها التي علي الرغم من ضعفها إلا أنه وضع قوته الواهنة كلها في التمسك بصغيرته حتي وصل هو و تركها بين قبضاته بإستسلام ، كيف يمكن أن يخون تلك الوصية ، كلماته الآخيرة بأنفاس متقطعة و أعين زائغة مُتعلقة بإبنته عالقة بذهنه نبس بنبرة مُنهكة بتضرع : يارب نور طريقي و ارشدني
+
نهض يونس حين استمع لزخات المطر التي ازداد هبوطها بحدة كأنها تصطدم بمنزلهم اقترب من النافذة يراقب هطول المطر بعنف و هو يصطدم بكل شئ بدون سابق إنذار كالقدر تمامًا يهبط فوق حياة بالبشر و يصطدم بها دون سابق إنذار ، رفع عيونه يراقب السماء المُلبدة بغيوم حجبت النجوم و ضوء القمر خلفها بل بدأت بالاصطدام ببعضها ليظهر من بين طياتها رعد عاصف رافقه أضواء البرق التي غزت الغيوم و انعكس أثرها علي كل مكان
+
بدأ يتمتم بالأدعية خاصة حين استمع لصوت الهواء و عواصفه القوية التي كادت تقتلع كل شئ من نصابه الصحيح اتجه ببصره تجاه الضجيج الذي سمعه من غرفته اتجه بخطوات مُسرعة يراقب النافذة التي فُتحت أثر الهواء و بدأ الهواء يتسرب منها للداخل برفقة المطر
+
اتجه بخطوات مُتعجلة إلي النافذة يُغلقها بإحكام و هو يخرج إحدي الأغطية السميكة يدثر جسد تلك الغافية فوق فراشه يحاول حمايتها من برودة الأجواء من حولهم و هنا أدرك أن تلك لن تكون العاصفة الأولي التي تقتحم دربهم و تُعيقهم يبدو أن تلك ما هي إلا بداية العواصف التي ستقتلع الكل من جذوره و ترغمه علي خوض معارك و طرق لم تكن له من البداية
+
في منزل مراد و فرح
+
دلف مراد لمنزله بخطوات هادئة حذرة حتي لا يُزعج فرح ، اتسعت إبتسامته بحنان حين راقب نومها الهادئ بملامح مُسترخية بسلام فوق الأريكة اقترب منها بخطوات هادئة يجلس بجانبها و هو يدثرها بالغطاء بحماية ، مرر يده بحماية و لمسات حنونة فوق معدتها و هو يراقبها بعدسات غارقة بحزن ، هي المُهزومة في حرب لا أمل للنجاه منها مُهزومة من والدها بدون أمل للتعافي
+
راقب تململها بإبتسامة شغوفة و هو يربط فوق كتفيها بلطف و هو يهمس بحنان : كملي نوم يا فروحة لسة بدري يا حبيبي
+
تنقل مراد بنظره تجاه هاتفه الذي اصدر يُعبر عن وصول رسالة له وقعت عيونه فوق تلك الرسالة و التي لم تكن من شخص سوي أحمد أخو فرح "مراد أوعي تخلي أشرف يتعامل مع فرح بأي شكل من الأشكال مهما حصل الله يخليك"
+
عند أدهم
+
اتسعت عيون أدهم و احترقت رمادتيه بنيران الغضب و هو يهدر بنبرة عنيفة بتهديد و هو يطالع ذلك الذي يصوب سلاحه تجاه ريهام : أنتوا باين عليكم اتجننتوا ابعد السلاح ده عنها احسنلك
+
لاحت إبتسامة مُتهكمة فوق ثغر ذلك الشاب و هو يسحب سلاحه الذي اصدر ضجيج دوي أثره بإنحاء ذلك المكان المُهجور وهو يهتف بنبرة هادئة تخللها التهديد و هو يتنقل بعدستيه بين أدهم و إياد : دي أوامر اللي أعلي مننا يا باشا و مع ذلك أحنا عملنا احترام ليك و محدش قرب للسنيورة و لا لمسها مع إني دي مكنتش الأوامر ولا زودنا العيار علي البيه بس المرة الجاية لو إياد ادخل فاللي ملوش فيه السنيورة الحلوة اللي تحت إيدي الله اعلم هيحصل فيها ايه
+
ثم أكمل و هو يتكأ فوق حروفه بشر و هو يقرب سلاحه من تلك المقيدة التي كانت تطالع إياد و أدهم بنظرات مُرتعبة غزاها الدموع و هي تطالعهم بتوسل تنتظر منهم أن يُنقذوها من قبضة الوحوش كعادتهم : و حضرتك عارف يا أدهم باشا إني ساعتها مش هتشوف خير
+
قنبلة موقوتة انبثقت من فم ذلك الشاب و هو ينبس بكلماته التي تخللها التهديد بوضوح لم يتخفي خلف ستار الكلمات الغير مباشرة ، يهدده بأهم نقطة تربطه بالحياة و تجعله يتمسك بحبال الحياة بيده التي انهكتها الجروح الغائرة التي بلغ نزيفها اقصاه و علي الرغم من وهن الحبال التي تربطه بالحياة بل أنها علي وشك التمزق إلا أن ما تبقي من ذلك الحبل هو أولويته الوحيدة في الحياة حمياتهم و ها هو ذلك الغبي اقترب من ذلك الخط الأحمر و اقتحمه بكل غباء مُعلنًا عن نفسه كطرف ضعيف في حرب لم يربحها سوي أدهم حينما تكون المعركة علي أمله الوحيد بحياته عائلته
+
تبددت نظرات الغضب التي كانت تُغرق رمادتيه لآخري غزاها الغموض و التوعد و هو يرمق ذلك الرجل الذي يصوب سلاحه تجاه ريهام و الرجال من خلفه ببرود ، رفع سلاحه يصوبه تجاه ذلك الشاب و هو يضغط فوق الزناد يصوب علي ذراعه
+
دوي صوت طلقة خلفها الآخري التي اصابت ذراع ذلك الشاب و من بعدها كفه ، صرخ الشاب بتألم و هو يسقط فوق الأرض بعد أن سالت الدماء من ذراعه و كفه بغزارة بعد أن اصابتهم رصاصة أدهم التي كانت تعرف هدفها جيدًا
+
نبس أدهم بنبرة حادة تخللها التهديد و هو يصوب سلاحه تجاه الرجال قبل أن يخرجوا أسلحتهم : قسمًا بالله اللي هيحرك ايده ناحية سلاحه أنا مش هضربه بالنار في دراعه روحه مش هتكفيني
+
صرخ بتهديد و هو يهتف بعنف : حالًا تطلعوا برة و حتي لو اللي مشغلكم بنفسه جيه هنا ميدخلش و إلا والله العظيم أولع في المكان بيكم
+
ركض إياد تجاه ريهام يفك وثاقها و هو يُبعد ذلك الاصق عن فمها بلطف رفع يده يُحيط وجهها بحنان يُديره له و هو يطالع عيونها المُتسعة بصدمة تخللها الرعب و هي تطالع تلك الدماء التي اغرقت الأرضية من حولها
+
مرر أنامله بلطف يُزيح تلك الدموع التي اغرقت وجهها و كست عدستيها و هو ينبس بنبرة حنونة دافئة يهدهدها بها : متخافيش يا حبيبتي أنا هنا مفيش حاجة اهدي
+
جثا بركبتيه فوق الأرضية يقترب منها و هو يمرر يديه فوق وجنتيه يربط فوقهم و هو يهتف بتأكيد : أنا هنا يا حبيبتي أنتِ بخير معايا و أنا كويس و أدهم كمان موجود متخافيش كله تمام
+
راقب شفتيها التي ارتعشت بعد أن ارتجف جسدها و عادت دموعها من جديد تُغرق وجهها و ملامحها الشاحبة و هي تنتقل بين أدهم و إياد بنظرات زائغة بخوف ، ضمها لأحضانه يلطف يُخفيها بداخلهم و هو يمسد فوق ضهرها برقة و بين كل حين و الآخر يلثم قبلة دافئة حنونة فوق جبهتها الملتصقة بصدره
+
و لأن الرياح لا تأتي بما تشتهيه السفن شعر أدهم بأحدهم يصوب السلاح تجاه رأسه ، و كحال الدنيا مُخادعة تمامًا و ماكرة و لأنها لم تكن يومًا عادلة بحقه أتت تلك الضربة تُكمل دائرة كبيرة من الخذلان و الضربات القاسية التي لم تعرف الرحمة بحقه ابدًا عادت الحرب من جديد تعلن نفسها عدوًا له اقتحم ساحة الحرب بعد أن الظن الكل أن نتيجتها محسومة
+
و انطلقت رصاصة دوي ضجيجها بكل أطراف ذلك المكان المهجور . كان هدفها غير معروف هل تنوي إصابته في لحظة غزاها الغدر لتأتي تلك الرصاصة و تعبر جسده كآخر خطوة في رصاصة أتت من خلفه ارتسمت بها كل معاني الغدر أم أن هدفها لم يكن فقط العبور من جسده بل كانت تنوي إنهاء حياته لترسم لوحة كاملة من الغدر يكون هو ضحيتها
+
كل ذلك كان مجهول في وسط مشهد مفعم بالنيران و إطرافه مُحترقة بنيران الحماية و الغدر الذي لم يسبق لهم ابدًا أن يتقاطعوا بنقطة ما و لكنهم التقوا هنا تمامًا ، كانت لوحة مجهولة لم تحدد بعد و لكن اليقين الوحيد بها أن المُستهدف كان أدهم
+
في منزل عائلة الهاشمي
+
لاحظ شريف إرتجاف جسد ابنته اقترب منها يُعانقها بحنان و هو ينبس بنبرة حنونة بجانب أذنها : متخافيش يا حبيبة بابا أنا هنا
+
ابتلع لعابه بقلق حين طالع وجهها المتعرق و لامس حرارة جسدها المشتعلة انتفض بقلق يتفحص حرارتها بقلق بلغ اشده حين اكتشف أنها عالية بل أنها علي وشك أن تصل للأربعين
+
في منزل عائلة الهواري
+
نهض يونس بتكاسل يفتح عيونه التي ملائها النعاس و ارتسم بها الإرهاق بعد أن استمع لرنين هاتفه المتكرر رفع هاتفه يرد دون النظر لهوية المتصل و وقتها استمع لصوت محامي مدحت الذي هتف بنبرة قلقة : حصل حريقة في مكتب أستاذ مدحت من شوية و بعد ما طفوها اكتشفوا إني كل الأوراق اللي في الخزنة اتسرقت
+
ثم أكمل بنبرة آخري أكثر قلقًا يضيف علي الكارثة آخري يقصها علي يونس : أهل أستاذ مدحت هيكونوا عندك بالكتير الصبح عايزين يفتحوا الوصية و ياخدوا جميلة معاهم حتي لو بالعافية ...يتبع
+
حابة جدا اعرف رأيكم في الرواية و في الشخصيات و الأحداث لحد دلوقتي و ايه حبكة متحمسين تعرفوا تفاصيلها أكتر و ايه اللي هيحصل فيها
+
بقلم : دنيا أحمد
+
