رواية رد قلبي الفصل الثامن والعشرين 28 بقلم وسام اسامة
رواية رُد قلبي
الحلقة الثامن والعشرون " جروح يدها"
.................................
في مقهى متواضع أمام احد المستشفيات الخاصة
مد عمار يده بسيجارة لأدم ليقول الأخر نافيًا..
-ماانت عارف..بطلت
إبتسم عمار وهو يضع السيجارة بين شفتيه قائلا..
-من ساعة مااتجوزت وانت بطلت حجات كتير..مبقتش أعد
لم يبتسم أدم..بل شرد في الماضي..في أدم القديم ذاك الشاب الطائش المُتجبر قاسي القلب..كان أكثر الناس جحودًا ويأس..كان يُدخن ويشرب الكحول ويتحكم بمصائر الناس..كان شخصًا سيئ بكل المقاييس الى أن رأها..تقى الجميلة..حوريتة الشاردة التي انتشلته من غياهب قسوته..غزت قلبه بأقل مجهود ليُصبح أسيرها..اسير قلبها الحنون
تحدث عمار وهو ينفث دخان سيجاره..
-الحياة دي غريبة اوي ياجدع..شوف عدت سنين طويلة على الي فات..بس يجي أوقات تحس انك بتحن للماضي..بتحنله بالوحش والحلو الي كان فيه
تتمني ولو دقيقة من الي فات
همهم أدم مؤيدًا حديثه..لتغيم عين عمار بحنين غريب ووخزة ألم في قلبه ليقول بصوت متحشرج...
-فاكر شهد
نظر له أدم بدهشة ليقول..
-انت لسه فاكرها ياعمار !
تنهيدة حارة خرجت من عمار ليقول..
-شهد متتنسيش ابدًا..كانت احلى من انها تتنسي مع التفاصيل التافهة1
عقد أدم حاجبيه ليقول بعد صمت..
-انا افتكرتك بتحب منة مراتك..ماكنتش اتخيل انك تفضل فاكر شهد دي..
ضحك عمار ساخرًا ليقول..
-طب ماانا بحب منة جدا..ايه دخل الحب في شهد
منة حاجة وشهد حاجة..شهد كانت عالم كبير ميدخلش العالم دا غير الشجاع..الي عنده القدره يخرجها من سواد أيامها..كانت حاجة ناعمة رغم قشرة القوة الي تبان...بس منة عكسها منه شبه لون السما..صافية وشقية ومتدلعة..هي الي تخرجني من همومي بشقاوتها وضحكها
-أمال بتحن لشهد ليه بقا !
تنهد عمار قائلا ببساطة..
-لأني حبيتها..لكل ست طعم ولون
طبعا الكلام دا مش خليك..انت اوفى راجل في العالم
أنهى كلماته وقهقه بمرح ليقول أدم بجمود..
-انا عمري ماحبيت ولا حنيت لست غير مراتي
لأني من أول ماحبيتها وانا عارف ان مفيش حاجة هحتاجها في اي ست تانية..كل الستات زي بعض نفس الشكل ونفس الطبع إلا هى..هي دايما مختلفة
غص حلقه ليُكمل بٱختناق..
-حبي ليها زي ماهو بالظبط..كل مابشوفها بحس اني أول مره اشوفها..قلبي بيرجع يدق كأنها أول مره
كل يوم حبي وهوسي بيها يزيد ...لدرجة اني زهقت من نفسي
حاول عمار تحليل كلماته المُختنقة ليربت على كتفه قائلا...
-هي مبتحبكش بنفس القوة دي يعني
هز ادم رأسه نافيًا ليقول بهدوء..
-لا مفيش مجال لمقارنة حبها لحبي..هي بتحبني بس انا بحبها اكتر ماهي بتحب نفسها حتى
انا بحبها أكتر مابحب ولادي..اكتر مابحب اي بشر في الدنيا
-طب وهي !
ضحك أدم دون فُكاهة ليقول..
-لا هي بتحبني وبتحب كل البشر عادي
انا الي أڤورت في حُبي ليها..مفروض ان انا عجزت وميهمنيش بقا الحب والكلام دا
تنهد عمار بشرود ليقول..
-سبحان الله..زمان كنت بتقول لنفسي هيجي يوم وأدم هيزهق من البت دي و...آاااه ياجدع في ايه
كان أدم قد لكمه في كتفه بعنف لكلمة "بت"
ولم يغضب عمار أبدا..بل فرك كتفه بألم وهو يضحك قائلا...
-خد بالك الموقف دا حصل من ٣١سنة
لما كنت بقولك عملت ايه مع البت دي ساعتها كنت هتاكلني
إبتسم ادم ليقول بتحذير..
-خد بالك وانت بتتكلم عليها ياعمار
تنهد عمار ليقول بحنق..
-كنت بقول انك هتزهق من المدام وتسيبها وترجع تاني زي ماكنت..وأكيد مش هتفضل كدا ..بس طلعت سحرالك باين
ضحك عمار وهو يبتعد بعدما القى كلماته بشقاوة
ليتنهد أدم ويصمت ليقول عمار...
-طب ماتفهمني ايه الي مزعلك !
نظر له أدم لثوان قبل أن يقول..
-مراتك بتحب عيالك وبتهتم بيهم أكتر منك !
صاح عمار بحنق ليقول...
-متفكرنيش ياأدم..اصحى الصبح الاقيها راحت تزور ابنها ومراته..ياستي اقعدي وهما يجولك لحد عندك
ودي ابدا..اروح واطمن بنفسي...انت عارف شهد بنتي مسافرة بره مع جوزها..كل شوية ترن عليها فيديو وتقعد تعيط وتقولها تعالي بقا
اجي انا اسافر لشغلي بالأيام..تكتفي بإتصال ولا اتنين تطمن باكل وبشرب ولا لا وتقفل
افضل اقولها يابنتي مليش غيرك وملكيش غيري
تقولي لا مليش غير ولادي..
ثم إبتسم ساخرًا ليُكمل..
-واديها لما دخلت تعمل عملية مين الي متمرمط وراها غيري..عيالها بيجوا يقعدوا شوية وكل واحد على بيته..وانا وهي الي مع بعض
همهم أدم ليقول بتساؤل..
-وانت مخدتش موقف ليه !
عقد عمار حاجبيه قائلا..
-وانا هاخد موقف من ايه بالظبط..من حبها لولادي !
لا طبعا ماخدش موقف..انا بلفت نظرها واعاتبها واعمل نفسي مقموص..وبعدها اشغل نفسي بأي حاجة غير اني اركز في الموضوع دا
-تشغل نفسك ازاي !
همهم عمار ليقول...
-بأحفادي طبعا..او بالشغل..اوالقراءه مثلا
اي حاجة غير اني احط في دماغي انها بتحبهم اكتر مني وانها زهقت مني..اصل دي طبيعة الأنثى..حنانها على ولادها وأڤورة المشاعر عند الستات
صمت أدم يفكر بكلماته ليقول عمار وقد أدرك حساسية أدم من إهمال زوجته..
-الفت نظرها وفهمها انك ابنها الرابع والي دايما محتاجلها زيهم بالظبط...مظنش انها هتتجاهل عتابك
تنهد أدم بثقل ليقول...
-انا هسافر بكره..هروح مع جواد أفصل شوية في المزرعة..ويحلها ربنا بعد كدا..سلامة مراتك
وقف ادم من المقعد ليقف عمار هو الأخر ويقول..
-الله يسلمك..اول ماترجع كلمني..نرجع نقعد ونتكلم بلاش الغيبة تطول بينا
همهم أدم وعانقة بمحبة وغادر مع أول خيوط النهار
اتجه للقصر مباشرة وهو يفكر في حديث عمار
ليحسم الجدل داخله..سينشغل عنها..سيهتم بهوايات جديدة..سيفعل أي شيئ يجعله مُنشغل عنها وعن إهمالها
وصل لمدخل القصر وفتح الباب الكبير وأغلقه خلفه
وتابع سيرة لغرفتهم ولكن توقف فجأه وهو يراها نائمة على الأريكة في بهو القصر..وترتدي ملابسها كاملة وحجابها..اين كانت !..من الواضح انها كانت تنتظره وغفت
اشتعل غضبه منها كيف تنام في بهو القصر هكذا وجواد ومراد في الأعلى هل جُنت وفقدت عقلها
إقترب منها يوقظها بنبرة حادة رغم خفوتها
لتستيقظ سريعًا هاتفة بنعاس..
-انت جيت امتى
همهم بجمود وغيرة قائلا...
-لسه جاي..انتي ايه الي منيمك هنا!
إعتدلت في جلستها لتُغمغم بنبرة ناعمة..
-حضرت شنطتك وشنطتي عشان نروح بيت تيتا الله يرحمها..هنروح سوا
لانت ملامحه وعقد حاجبيه وتعالت دقات قلبه المُتعب بحبها...
-قصدك ايه
وقفت وحاوطت خصره لتضع رأسها على صدره هامسة بصوتٍ مُحب مُعتذر..
-قصدي اني مش هسيبك ياأدم
رجلي على رجلك لو رايح فين
انا معاك لآخر الدنيا ياأدم
مابال قلبه المُلتاع ينبض بجنون وكأنه كان يركض بسنوات عمره !..مابال كرامتة الأبية تستكين الآن وتنام قريرة العين..وجسده ينتفض شوقًا ليدين تلك الحورية صاحبة القلب القاسي !
أراح ذقنه على رأسها برضى غريب
يرضيه منها أبسط الأشياء..يسكن وتهدأ عواصفة مع أول كلمة ناعمة تخرج منها..تفر قسوته حينما تضع يدها على صدره وتستكين بين ذراعيه..هو الآن في أفضل حالاته لتُزيد من خفقات قلبه عندما وضعت قُبلة دافئة على قلبه وتقول بصوت لامس قلبه المُثقل بحبها...
-اوعى تشك يوم في حبي ليك..انا اموت لو بعدت عني..انا مليش غيرك في الدنيا..ولادي دول بحبهم عشان هما منك ومن ريحتك..انا اس..1
قاطع اسفها عندما وضع أنامله على شفتيها قائلا..
-بس متقوليش حاجة..يلا بينا نمشي
غمغمت وهي تنظر للأعلى تحت نظراتة الثاقبة..
-طب هنمشي من غير مانسلم على الولاد وجواد ومريم وو
قطعت حديثها عندما رأت حاجبه يرتفع بتحذير
لتتنهد بإستسلام قائلة...
-نبقا نتصل بيهم نقولهم
ضحك أدم بإرتياح حاوط كتفها بيده..وهاتف السائق ليدلف ويأخذ الحقائب..وانطلقوا حيث بيت الحاجة عايدة رحمها الله..فب قلب الحارة الشعبية
مع حوريتة..
***
كان عُبيده يسير في طرقات المشفى وهو واجم الوجه شارد الذهن..يؤدي عمله بعملية شديدة وعقله منشغل بما حدث مع غزال وإنفصاله عنها..رغم ضيقة من وضعهم إلا انه يرى انه فعل الصواب بإنفصالهم ماكان يجب علبه ان يُكمل علاقة يعلم أن طريقها قصير
مر يومين على تلك الليلة الذي خلع بها خاتمه ووضعه بيدها وتركها وغادر..من ليلتها لم يُحادثها أو يرد على إتصالاتها..لا يرد على ندائاتها حينما يصعد الدرج..بل يتجاهلها تمامًا ويتحاشى النظر لها حتى
كانت غاضب لدرجة جعلته يمقتها بشدة
تنهد بحدة وهو يُتابع سيرة وينفض عن عقله أي تفكيره في غزال وفي علاقتهم الفاشلة
ولكن توقفت أنفاسه لثوان وهو يراها..واقفة أمامه بكل ضعف..بكل حزن وألم وتشتت..تطالعه بنظرات تائهه باكية
وبخطوات مترددة إقترب منها قائلا بقلق..
-انتي بتعملي ايه هنا في الوقت دا..ومالك شكلك عامل كدا ليه..في ايه ياغزال ردي
هزت رأسها بحركات متتالية وهو تُحدقه بنظرات لائمة ومتألمه..ومدت يدها التي تسيل منها الدماء بغزارة..لتضح له علامات جروح بشعة مرسومة على يدها من أول كفها الى رسغها...هتف بجزع وهو يُمسك يدها...
-مال ايدك شكلها عامل كدا ليه
شهقت بعنف وهي تنظر له دون حديث بل صارت تتلاشى في الهواء بعدما تحولت لضبابٍ أسود غريب
شهق بقوة وهو بنتفض من فراشه لا يدري مالذي يحدث..ظل يشهق بقوة سامحًا للهواء بالدخول الي رئتيه وجبينه يتصبب عرقًا رغم برودة الشتاء
إعتدل في فراشة وقد استوعب أن هذا ماهو إلا كابوس غريب مثله عقله الباطن نتيجة تلك الأحداث التي حدثت مؤخرًا بينه وبين غزال...تنهد بحدة وهو يمسح وجهه بتشتت ليسمع صوت هاتفة يصدح برنين متواصل
أمسك هاتفه يحدق بإسم المُتصل ليجدها بطلة كوابيسة..غزال تتصل..كالعادة منذ أن أنفصلا تتصل ولا يُجيب..ولكن بعد ذاك الكابوس المُريب حسم أمره ليرد عليها بصوتٍ أجش من النوم...
-الو
وصله صوتها الحزين وهي تقول..
-أخيرًا قررت ترد عليا ياعُبيده
حاول ألا يقع تحت تأثير نبرتها الباكية ليقول..
-خير ياغزال في حاجة !
شهقت باكية لتقول..
-وهو فين الخير دا وانت بعد خلاف صغير بينا نهيت خطوبتنا كإنك كان نفسك تخلص مني
تنهد وهو يُبعد الهاتف عن أذنه لثوان قبل أن يتنهد بقوة قائلا..
- غزال اهدي واسمعيني..دا الصح ارتباطنا كان غلط من البداية وانتي عارفة ان طباعنا مش زي بعض ولا اسلوبي شبه اسلوبك..احنا مختلفين لدرجة الخلاف
يرضيكي تدخلي علاقة آخرها الفشل !
صمت ليسمع ردها ولكن لم يصله سوى البكاء ليُتابع بلين كي تفهم دون جرح لكرامتها...
-ومش معني اننا انفصلنا كدا احنا هنكون اعداء..لا بالعكس..انا أخ ليكي عوزتيني اي وقت هكون موجود عشانك بس اهم حاجة تعرفي ان علاقتنا مكانتش هتكمل
لأول مره تهمس مُعترفة بحبه قائلة بهمس باكي..
-بس انا بحبك..ومقدرش اشوفك أخ
إقشعر بدنه من إعترافها بل وزادت خفقات قلبه
ياالله حتى إعترافها غريب على إيقاعه..إعتراف مُشبع باللوعة واللهفة.. ولكن تحكم في إنفعاله ليقول
-انا اسف ياغزال..بس مش هينفع انا هقفل مع السلامة
أغلق الهاتف وألقاه خلفه بحدة وهو يُغمض عيناه ويحاول إبعاد هيأتها في ذاك الكابوس عن عقله
وصوتها الباكي في الحقيقة عن اذنه..وقد حسم الوضع داخله...لا تعني لا..لن يُكمل معاها
هو لا يريد فتاة سطحية تافهه تنشر عجرفتها وأذى لسانها على الجميع..بل يود فتاة خلوقة بلسان لا ينطق سوى بكلام العقل والحكمة
أما غزال كل رصيدها في الحياة دلال وغنج
لا شيئ سوى ذالك..أين باقي الصفات إذًا !
والإجابة لا يوجد..إذا مافعله صواب وإنفصاله عنها أمر نهائي لا يقبل بالتراجع ابدا
وقف عن فراشه وسار نحو المطبخ ليفتح المُبرد ويشرب الماء البارد كعادة قديمة له..يشرب الماء البارد في كل فصول السنة..ولكن ماهي سوى لحظات ليسمع صُراخ عالٍ أفزع البناية بأكملها..وماكان هذا سوى صراخ...غزال
***
بعد مرور إسبوع على الأحداث السابقة
كانت تكتب الملحوظات وعقلها شارد..لا تستطيع فهم ما يحدث حولها ..منذ أن غادر والداها وتولت هي مسؤلية القصر وهي تشعر بالتشتت
شَريف وزوجته هادئان لدرجة غريبة بل أن زوجتة صارت حزينة كئيبة لموت أحد أقاربها..لذا زاد على صمتها الحزن..جودي صارت شاردة صامتة أحيانًا..ومُشرقة ثرثارة أحيانًا..لا تستطيع تحديد مالذي يحدث مع شقيقتها
ومايُزيد إرهاقها مُديرها الفظ الذي يُثقل كاهلها بالأعمال..بل وتقريعه الدائم إذا نست أمر من أوامره الكثيرة
تنهدت سيدرا بإرهاقٍ واضح وهي تتمنى لو تُطبق بيدها حول رقبة موسى لتُزهق روحه وتتخلص من عنجاهيته وواقاحته لتهمس لنفسها
"اهدي ياسيدرا..المهم مصلحة الشغل المهم ننجز شغلنا اهدي من امتى حد بيعرف يستفزك اهدي"
ثوان وسمعت صوته عبر الجهاز وهو يقول ببرود..
-القهوة والدونات فين يااستاذة
كادت تصفع رأسها في المكتب حتى تفقد وعيها أو تدلف لمكتبه وتقتله وتُخفي جُثته أو تُقطع بدنه حلقات مُستديرة مجوفة لتُشبه دوائر الدونات التي يأكل منها كميات غير معقوله..لتتحدث بعصبية عبر الجهاز..
-استاذ موسى تقدر تدوس على الزرار الإسود دا بيوصلك دايركت للبوفية المسؤول عن القهوة والدونات
اغلقت الجهاز بحدة وهي تُزمجر بغيظ
بينما موسى داخل مكتبه يكتم ضحكة عالية وهو يغمض عيناه وجسده يتحرك مع ضحكته المكتومة..تستحق تلك المُتعالية مايفعله معها..والغريب في الأمر انه يرق لحالتها المُتعبة من كثرة الأعمال التي يُكلفها بها..ولكن مع أول نبرة حادة او نظرة مُتعالية يسوقه عِناده ليأمرها بالمزيد والمزيد
يذكر جيدًا حينما اشتكت إسلوبه وطريقة سير العمل معه ليُجيبها ببرود وتحدي..
-انا فاكر ان تدريبك معايا على انك عاملة عادية في الشركة مش مفروض اجاملك على انك بنت صاحب الشركة فا أخفف عليكي وشغل الوسايط دا
كعادتها العدائية إنتفخت أوداجها لتقول بحدة مكتومة..
-لا انا عاملة زي اي حد مش محتاج تجاملني..بس كلفني بشغل يستحق اضيع عليه يومي ومجهودي
إكتفى بالتلويح ببرود لتنصرف..وبالفعل إنصرفت بحدة بعدما ألقته بنظر زاجرة..في ذاك الوقت فكر أن تلك الفتاة ماكانت لتكون هنا لولا ان والدها هو صاحب الشركة وأن لها ظهرًا قوي تستند عليه وتعمل بغض النظر عن مهاراتها أوأحقيتها بهذا العمل مادون ذالك لا..وأن صلافتها وجمودها ذاك لتترفع بهم وتتعامل بغرور...وداعم ذاك الغرور إسم الصياد الذي يأتي بعد اسمها
ولكن مع مرور الوقت إكتشف جدها وتفانيها في العمل
العمل عندها رقم واحد ثم يأتي بعده اي شيئ أخر
وجود سيدرا في هذا المنصب ليس لأن المُدير أدم الصياد
بل لأنها فتاة مُجتهدة تُعطي العمل كل وقتها وتركيزها
يُراهن أن سيدرا تلك في وقتٍ قصير سيكون لها شأن عالِ
فالقدر أعطاها المال والمركز والإجتهاد
ورغم إعترافه بإجتهادها وقدرتها على تولي الأعمال
إلا انه يستمتع في إثارة غيظها بجموده وعدم شُكرها على ماتفعله أو أن يثني على ذكائها..بل يُقابلها بكلمته المُعتادة
"هو انتي جبتي الديب من ديله ! "
وأيضًا طلباته المُتكرره وخاصة "القهوة" تُثير جنونها
لذا لا ينفك عن طلبها..سواء كان بحاجة لها أو لا
وخاصة بعدما سمعها تشكو لأحد عبر الهاتف أن مُديرها " المُستفز" يُشعرها وكأنها "صبي قهوة" كلما نظر في وجهها هتف بغلظة " القهوة فين"
وقتها ظل يضحك خلسه من تصويرها للموقف وتقليدها لنبرة صوته الخشنة..وجنت على قومها مراكش..صار يطلبها لتُجن أكثر وأكثر
إستفاق على دخولها لمكتبه وهي تُمسك بعض المُلحظات
وكعادتها واجمة صامتة تطرق بكعبها بحدة وكأنها تود كسر الأرض من تحتها..ليُجعد وجهه ويُردف بجمود مصطنع..
-قهوتي فين
طفح الكيل وفاض لتهتف بعصبية وهي تُلقي الملفات أمامه...
-عند امك2
شخصت عيناه بحدة ليقول..
-نعم
صفعت المكتب بيدها بعنف لتصرخ به..
-عند الست والدتك هي الي تعملك حاجتك ولا عند المدام..انا هنا لشغل يعني أرقام وحسابات ومبيعات وتنفيذ..مش عشان اعملك الكوكيز او القهوة والدونات..مش انا الي هروح أبلغ الموظفين للإجتماع
مش انا الي هبقا مسؤولة عن نضافة مكتبك عشان حضرتك عندك وسواس نضافة وتعقيم..انا سيدرا الصياد
ألقت كلماتها العنيفة وهي تتنفس بصعوبة اثر انفعالها الزائد بينما هو ينظر لها بحدة..ليكتفي بكلمة...
-اطلعي برة شوفي شغلك
أخذت بعض الأنفاس الغاضبة وخرجت كاالعاصفة من مكتبه وهي في أعلى حالات غضبها..بينما طرق موسى على مكتبه وهو يفكر في إنفجارها الغريب
