رواية رد قلبي الفصل الرابع والعشرين 24 بقلم وسام اسامة
لحلقة الرابعة والعشرون الجزء الأول" كوني أكثر تعقلاً"
..................................
عزيمة كبيرة فعلتها تقى وجمعت بها عائلة جواد وعائلتها وايضا ريشة التي اضحت فردًا منهم..وبعثت تقى دعوة لصالح ولكنه رفضها بتهذيب متعللاً بعمله
ولكنها كانت عزيمة ثقيلة علي قلب ريشة وروحها
إبتلعت رمقها بصعوبة وهى ترى مريانا تُمازحة وهو يستقبل مُزاحها بسعة صدر..بينما هي تجلس في مقعد بعيد علي طاولة الطعام تنظر لصحنها بصمت
لتسمع مريانا تقول بعربيتها الضعيفة..
-شَريف متحاولش تغلبني في الأكل بسرعة..دي مُشكلتي مع مامي
تحدثت مريم باسمة بإقتضاب ناظرة لجواد..
-اتفضل بعد ماكانت بتقولي هتتغير اهي مبسوطة انها بتاكل زي الهمج
ضحك جواد قائلا وهو يخص صغيرته بنظرة حنونه..
-طالما بتعمل كدا معانا ومش قدام حد سيبيها يامريم
هزت مريم رأسها بلا فائدة بينما صرخت مريانا بحنق قائلة..
-شَريف بطل تحط الحاجة الخضراء دي في أكلي
ثم هتفت بتقززThis is disgusting
ضحك شَريف ورفع كتفيه ببرائة
-الله مش بهتم بصحتك وعايزك تاكلي بسلة ترم عضمك كدا ياحبيبتي
ضحك البعض بينما رفعت وجهها تحدق به بصمت
والشحوب يزحف لبشرتها وزاغت بعيناها وعقلها يُكرر
حبيبتي
حبيتي
حبيبتي!!2
يقول لإبنة عمه حبيبتي..ويُمازحها بتلك الطريقة اللطيفة
يعبث بخصلاتها الصفراء ويداعب وجنتها بشقاوة
يضع أمامها حبوب البازلاء ويضحك بخفوت
مريانا وشَريف كانا نجمين طاولة الطعام..وكم بدو يليقان ببعضهما بشدة..مريانا بجمالها ورقتها التي تُذيب القلب
وشَريف بوسامتة وحسه الفُكاهي
دمعت عيناها وتضخم حلقها بغصة صعبة مؤلمة
واستمرت بتقليب طعامها بصمت ولازال شَريف ومريانا يتحدثان بصخب وضحك1
شعرت ريشة بنظرات مُسلطة عليها لترفع وجهها وتجد ادم يحدق بها بصمت غريب..ازاحت عيناها عنه بتوتر وضغطت على كفها تهون عليها ذاك الإرتباك الغريب الذي يقتحمها من كلما نظرت لوالد خطيبها
تنحنح ادم بين الجميع ليقف قائلا..
-انا هقوم اقعد في الجنينة شوية
لينظر لجواد قائلا..
-خلص الاكل وتعالى عشان نرتب سفري بكرة
ثم وجه حديثه لريشة قائلا..
-خلصتي أكل !
انسحبت انفاسها وحركت رأسها بإرتباك مُتمتمة.
-اه اه خلصت الحمدلله
-طب تعالي ورايا ..نلعب دور شطرنج علي ماعمك جواد يخلص يلا
دُهشت..ولم تكن الوحيدة بل أن جميع الجالسين دُهشوا مثلها وخاصة شَريف الذي رفع حاجبية..لينظر الي والدتة
ليجدها دامعة شاردة..تنظر لطبقها بصمت وكتفيها مُنحنيان وكأن عليهما جبال من الهموم والألم
ليترك شوكته وقد انسدت شهيته فجأة
بينما تابع بعيناه سير ريشة خلف والده..وأدرك خوفها من قبضتها التي تضمها بقوة..مما تخاف تلك الفتاة !
تحدثت مريانا بصوت منخفض..
-حبيبتك شكلها غريب ياشَريف
رفع حاجبه متسائلا..
-غريب ازاي !
رفعت كتفها قائلة...
-ساكتة..حزينة مبتتكلمش..اممم عادية جدا
مكنتش فاكراك هتحب واحدة زيها
همهم شَريف ولم يُجيب علي كلماتها..بل ان عقله منشغل بما سيقوله والده لريشة..لما تقبلها هكذا فجأة
صار يوجه لها حديث..ويخبرها ان تشاركة اللعب ايضًا
ماخطة أدم الصياد نحوها..ايحاول اقناعها بالمغادرة !
هكذا فكر شَريف وعيناه تحترق بغيظ من والده
وطاقة عدائية غريبة تزداد داخلة..طاقة يود لو يفجرها دون تردد..
استفاق من شرودة على وقوف جواد مستأذنًا ليُجري مكالمة..لتنفجر تقى باكية حينما سألتها مريم "مالك"
كانت تبكي بخفوت وجسدها يرتعش بقوة..وخالتة مريم تربت علي ظهرها مُتمتمة بلين..
-كفاية ياتقى هو مش مهاجر دا مسافر معانا كام يوم وراجعلك..وبعدين ماجواد كمان هياخد اجازة شهر وهيسافروا المزرعة..انا معملتش كدا ليه !
تحدثت تقى بألم ولازالت تبكي..
-عمره مابعد عني اكتر من يومين تلاتة ..اكتر مره بعد فيها لما غاب اسبوع وانا حامل في سيدرا..وكان بيجي يطمن عليا وانا نايمة..ادم مبقاش يحبني يامريم
نفت مريم وهي تُبرر قائلة..
-ايه الي بتقوليه دا لا طبعا..ادم عمره مااخد أجازة ف..
قاطعتها تقى بعذاب وهي تطرق رأسها..
-فا قرر ياخد أجازة مني ويجرب حياته من غيري
انا زعلته وهو قرر يعاقبني بطريقة قاسية اوي
تحدثت سيدرا التي وقفت من الطاولة...
-بابا قرر ياخد أجازة لما لاقي ان اهتمامه بقا ملوش لازمة
وان مفيش مقابل للي بيعمله..ولما ملقاش المقابل قرر ميديش..راجعي نفسك وشوفي انتي بتاخدي منه ومبتديش غير اللوم بقالك كام سنة3
هتف شَريف بحدة..
-سيدرا
وكأنها انتظرت هتافة الحاد لتنظر له ساخرة وتهتف بقوة..
-حبيب ماما كله بسببك انتا..بابا هيسيب بيته وشغله وهيروح بعيد بسببك انتا وماما..وبعدين انا اختك الكبيرة متحاولش تستخدم النبرة دي معايا1
زاد بكاء تقى لتهتف مريم بضيق من حدة سيدرا..
-اظن ان مفروض متدخليش في الي بين ادم وتقى
ملكيش حق تقفي وتحاسبيها كدا انتي بنتها مش امها
تجاهلتها سيدرا وسارت لغرفتها دون حديث لتتنهد مريم بحدة قائلة...
-بنتك بقت غريبة ياتقى كتر قعدتها مع ابوها بقت مغرورة وفظيعة زيه..مكانش ناقص للعيلة حد قليل الذوق تاني3
زمجرت حودي بحدة هاتفة..
-بابا مش قليل الذوق
ثم وقفت وذهبت الي غرفتها هي الاخري
والضيق يحتل وجهها..لتصبح طاولة الطعام فوضى
قلبت مريم عيناها وربتت علي كتف تقى هاتفة..
-ااه ربنا يكون في عونك ياتقى والله عايشة مع نُسخ صغيرة من جوزك
المهم متزعليش
لتنظر لشَريف باسمة..
-انتا الي عاجبني في البيت دا..ماتيجي تعيش معانا احسن
هتفت مريانا بإعتراض..
-لااا شَريف خنيق يامامي..لما بخرج البسي دا ومتلبسيش دا..حقيقي austere
ضحكت مريم ليقول شَريف بخشونة..
-دي رجولة يابنتي ولاد بلدك دمهم حامي1
مسحت تقى دموعها لتبتسم بشحوب..
-من شابه أباه
صمت شَريف وهو يتسائل هل يشبه اباه
هل يشبه الصياد بأي شكل من الأشكال !
***
تنفست غزال بحدة وهي تقف في المشفي تكتف يدها..للمرة التي لم تعد تحصيها اتصلت بعبيده والأخر لا يرد عليها اطلاقا..منذ اول أمس وهو يتخذ منها موقفًا عدائيًا..وقد نشب الخلاف بينهم وهو يوصلها بعدما غادرت ريشة وخطيبها الوسيم
استرجعت الخلاف الذي حدث معهم وهو يرص علي أسنانه بغضب قائلا...
-انتي ايه الي عملتيه دا..ايه طريقتك دي مع ريشة
بتعملي معاها كدا ليه
تنفست بحدة لتقول..
-البت دي انا مش طيقاها اصلا ومش شايفة ان انا اتعاملت معاها بغرابة
أغمض عيناه بقوة يكظم غضبه ورفع يده يضعها خلف رقبته..
-الإستصغار الي عاملتيها بيه دا..او بمعني اصح الإستحقار..والتقليل منها قدامي وقدام خطيبها رغم انها في مقام اختك
دي طريقة مش غريبة !
رفعت غزال رأسها بغرور هاتفة..
-لا دي مش اختي..دي الخدامة الي كانت شغالة عندي
وانا بعاملها زي ماتستحق انتا مش عارف حاجة
تجعد وجهه بغضب أكبر ليقول بعد صمت..
-تمام اقعدي مع نفسك وفكري كلامك دا..لما تحسي بغلطك كلميني عشان تعتذري عن التفكير المتخلف دا
اندفعت الدماء الي رأسها لتهتف بحدة.. ولكن إج
-انا متخلفة ياعُبيده..بتشتمني عشان دي !
-قولتلك تفكيرك متخلف..مشتمتكيش..والبتاعة دي بني ادمة زيك واسمها ريشة..وكلمة زيادة ياغزال صدقيني هتندمي
صمتت غزال وهي تكاد تموت غيظًا من كلماته المستفزة
وتجاهلته تماما ولم تُحادثه..ليُفاجئها بتجاهله هو الأخر
مما زاد غضبها وغيظها منه..ولكن تسرب الخوف داخلها
علاقتهم لازالت كالغصن الأخضر من السهل كسرها
وبعدما حادثت رغد تسرد ما حدث بكامل غضبها
لتقول رغد ناصحة اياها ان تنحني للموج حتي تنتهي زوبعة الخلاف..عليها ان تُتظهر اكثر تعقلا ورفق
ولا يجب ان تنفرها منه بتلك الطريقة..لتصمت غزال وتسمع كلماتها بتأني وتفكر بها
لذالك حاولت الإتصال به كثيرًا ليُجيب اخيرًا ولكن إجابات باردة خالية من اللين او الإهتمام بل اكتفي بقول..
-هتكلمي ريشة وتعتذريلها ياشروق
هتفت بعِناد وقد غضبت من جديد لتهتف بصوت مرتفع..
-ماعاش ولا كان الي يخليني أعتذر..ولا حتى عشانك
كانت ثورتها تلك سببًا ليقول بهدوء ومن ثم يتجاهلها تماما..
-تمام متتصليش بيا تاني غير لما تعرفي غلطك وتعتذري
ليغلق الهاتف بعدها بينما هي شخص بصرها بقوة
ويدها تُمسك بالهاتف بعنف هامسة بغل..
-ريشة ريشة ريشة الله ياخدك ياشيخة
لتُمسك بالهاتف وتتصل برغد صارخة وشاكية ماحدث
لتؤنبها رغد علي كلماتها المندفعة وتعلمها بما عليها فعله وتمتص غضبها وعنجاهيتها الغير مُبرره
لتحاولش غزال ان تتصل به من جديد
ولا لا فائدة..لا يُجيب..حتي أن والدها استفاق من وعكته ولكن كانت صحته متدهورة أثر إهماله في تناول أدويته
إستفاقت من شرودها وهي تراه قادمًا ومعه أورق مؤشرات صحة السيد كامل لتسير جواره هاتفه برفق..
-عُبيده لازم نتكلم وو
استمر بتجاهلها ودلف الى غرفة كامل وأغلق الباب
لتشيح عيناها بحدة وتدلف خلفة..ليقابلها وجه كامل المُرهق لسأله عُبيده باسمًا..
-صحتك عاملة ايه دلوقتي ياحج
حرك كامل رأسه بتعب وأردف بصعوبة..
-الحمد..لله..بخير
-تستاهل الحمد ديما..قولي في حاجة معينة وجعاك دلوقتي..حاسس بإيه
نفي كامل وأغمض عيناه ليرتاح قائلا..
-انا كويس مش حاسس بحاجة..بس عايز اطلع من هنا وارجع بيتي
كاد عُبيده يجيبه ولكن أسرعت غزال تقترب منه وتُمسك يده قائلة برفض..
-لا يابابا مينفعش لما نطمن علي صحتك نبقا نشوف موضوع دا
لم يجادلها كامل بل حرك رأسه بإستسلام تام
واغمض عيناه بسكينة جعلت عُبيده يتوجس
ليقترب منه قائلا..
-متأكد انك كويس ياحج !
همهم كامل وهو يتحدث بلسان ثقيل..
-اه محتاج انام بس
همهم عُبيده بإيجاب واستعد ليخرج من الغرفة بعدما وضع له "محلول" يساعده في إستعادة وعيه
وخرج متمنيا له صحة أفضل..لتتبعه غزال بإلحاح قائلة...
-عبيده استنى عايزاك
ليلتفت اليها قائلا بهدوء....
-نعم
تنفست بحدة قبل ان تقول بلين..
-عُبيده انا أسفة..مقصدش ازعلك ولا اضايقك مني
لكن انا متعودش حد يجبرني علي حاجة
لم يتحرك لنبرتها الناعمة تلك بل هتف بجمود..
-هتعتذري عن غلطك
إقتربت منه مُمسكة بيده بلهفة..
-انا اعتذرتلك اهو وبقولك تاني انا اسفة و..
قاطعها بحدة..
-غزال انتي فاهمة بتكلم عن ايه..بقولك اعتذري لريشة علي غلطك فيها
عضت علي شفتيها بقوة هامسة..
-طب هبقا اعتذرلها واراضيها و..
قاطعها مرة اخري وهو يُكتف يده..
-لا هتتصلي بيها دلوقتي وتعتذريلها حالا قدامي
وهتعامليها بطريقة كويسة لو حصلت بينكم صدفة
ومش هتكرري الإسلوب دا تاني
شعور هائل بالإهانة اعتراها لتهتف بإعتراض..
-عُبيده متعملش كدا
رفع كتفيه قائلا بحزم وملامحة لا تُبشر بتراجع..
-ليكي الحرية توافقي او ترفضي
زي ماانا ليا الحرية اكمل حياتي مع واحدة عاقلة واكون مرتاح لطباعها او لأ..فاهمة ياغزال
وصلها تهديدة الصريح لتبتلع غصة بحلقها وتقول بخفوت وقد بدأت الدموع بالزحف الي عيناها وقد كتمت غضبها بصعوبة..
-فاهمة
لتُخرج هاتفها وتطلب رقم ريشة تحت نظراته..ووضعت الهاتف علي اذنها ليقول..
-افتحي المايك
ضربة أخري لها ولكنها اطاعته ليصلهم صوت ريشة التي قالت بقلق..
-الحج كامل حصله حاجة
تنفست غزال بصعوبة وشعور هائل بالضغط يقبع علي صدرها لتقول بصوت مختنق..
-لا بابا كويس..كنت بكلمك عشان..
وصمتت لا تسطيع إخراج الكلمة لتنظر لعُبيده برجاء ولكن نظرته الجامدة جعلتها تهمس..
-عشان اعتذرلك علي الي حصل..انا..انا اسفة ياريشة
صمت تاااام خيم علي الجميع..غزال تحترق بمحلها وعُبيده يتابعها بصمت وريشة منصدمة تماما بما سمعته لتقول دون فهم..
-انتي كويسة
زادت الغصة بحلق غزال لتُهمهم بخشونة..
-بطلي رغي كتير..انا اسفة مقصدش سلام
لتغلق الهاتف فورا تحت نظراته الغير راضية
ليقول بيأس..
-مفيش فايدة..المهم انك اعتذرتي
وميتكررش تاني الي حصل ولا تفكري ترفعي صوتك عليا
كانت الدموع تحرقها بشدة..كتمتها بصعوبة غير طبيعية ليقول بنفس جمودة..
-ادخلي اقعدي ما جدك..وركزي معاه شوية..بلاش إهمال..دواه وأكله من أولوياتك بلاش انانية و..
صمت عندما رأها تنفجر باكية بقوة كاطفلة تعرضتت لتعنيف قاسي..لتضع يدها علي وجهها وتبكي بقهر وحدة كبيران..وقد انعكس ذاك المجهود عليها
في ثوان معدودة تحولت بشرة وجهها البيضاء الي حمراء من شدة البكاء..وعيناه الجميلة تلطخت بكحلها الأسود..والدموع تزداد غزارة
بدأت النظرات تلاحقهم من بكائها الغريب وكأن احدهم قد مات وتبكيه
ليهمس بلين وقد رق قلبه لبُكائها..
-غزال متعيطيش الناس بتبص علينا
تجاهلته واتجهت الي غرفة كامل وارتمت علي صدرة تفرغ كل ذاك الضغط علي صدر جدها..ليستقيق كامل علي ثقلها ودموعها..ليحاوطها ويربت علي ظهرها بصمت..دون ان يسأل او يعلم تفاصيل
بينما عُبيده يتابع مايحدث وداخله شخصان يتجادلان..واحد يؤنبه علي قسوتة معها وتلك الحدة المؤلمة وإجبارها علي مالا تريدة..وآخر يخبره انه علي صواب ..بل ويلومه علي إرتباطة من تلك المُدلله حد الفساد..وبين الشخصين كان عُبيده تائه
وتمنى داخلة لو كانت غزال أكثر تعقلا
***
غَالِية
