رواية عودة بدران المر الفصل الثامن 8 بقلم هدي زايد
الفصل الثامن
¤¤¤¤¤¤¤¤
خرجت " تولين" من حجرة مكتبه متجهة حيث المحامِ الخاص بالشركة وكاتم أسرار أبيها، اندفعت
دون أذن و قالت بنبرة حادة
- أنا عاوزة أعرف ازاي اللي اسمه بدران دا يبقى هو رئيس مجلس الإدارة ؟!
- ممكن حضرتك تهدي عشان تعرفي كل حاجة
- متقوليش اهدي أنا هادية خالص اهو اتفضل احكي
وقف المحامِ من خلف مكتبه وهو يجذب ملف صغير وضعه أمامها وقال
- دا ملف الوحيد اللي محاولش رضوان بيه يقرب منه
- ملف إيه دا ؟!
- حصته من الشركة بتاعت جدك محمد العفيفي الله يرحمه واللي كان صفوت بيسعى بكل قوته إنه يخلي يتنازل عنها وإنه هيضارب بيها في البورصة بس كان والدك رافض وقال إن دي آخر حاجة فاضلة من ميراثه من جدك الله يرحمه وإنه مأمنه مايفرطش فيها مهما حصل ، بعدها بشهرين صفوت ابن عمك جه وقال لـ رضوان بيه إن الفلوس كلها راحت وخسروا كل مليم حطوا في البورصة
ردت " تولين " باهتمام وقالت:
- ودا حقيقي ؟!
- لا طبعًا مش حقيقي صفوت ابن عمك مش ساذج للدرجة دي
- قصدك إن بابا اللي ساذج !!
- أنا آسفة مش قصدي بس اللي اقصده إن والدك كان مدي له الأمان اوي وطبعًا متحملش اللي حصل ودخل في غيوبة ولما فاق منها فقد القدرة على النطق
ردت بحزنٍ وشفقة قائلة:
- وبعدين ؟!
- صفوت ابن عمك حاول يضغط عليه عشان يتنازل عن ميراثه بحجة إنه يديره بس رضوان بيه رفض و فضل مفهم الكل إنه لا بيعرف يكتب ولا يضغط على القلم بسبب الشلل اللي اصابه في ايده وهنا صفوت ابن عمك قرر يمنع عنكم الأرباح بحجة الأزمة اللي اتعرضت لها الشركة في الفترة الأخيرة بس في الحقيقة
تابعت " تولين" مكانه وقالت:
- إنه بيضغط على بابا عشان يتنازل عن آخر شئ يملكه مش كدا ؟!
- بالظبط، بعدها راح الشقة اللي حضرتك ساكنة فيها حاليًا وأنا كنت هنا عين لي بتنقل كل تحركات صفوت لحد ما اكتشفت إن صفوت ناوي يرفع قضية حجر على رضوان بيه
ردت " تولين " بنبرة ذاهلة وقالت:
- أنت بتقول أيه ؟!
- زي ما حضرتك سمعتي كدا بالظبط للأسف يا أستاذة تولين صفوت بيه كان بيحاول بكل جهده يحصل على كل ما يمتلكه والدك وعشان كدا قرر يكتب الجزء دا بإسم بدران المُر
ردت تولين بنبرة مغتاظة لتذكرها ماحدث وقالت:
- أنا بردو مش فاهمة ليه مكتبوش بإسمي أنا ؟!
- حضرتك بنت وآسف في اللي هقوله خبرة في الدنيا قليلة و مش هتعرفي تسدي قصاد صفوت بيه
ردت تولين بنبرة ساخرة وقالت:
- وبدران هو اللي هيعرف يسد؟! بدران اللي ساب حقه لعمه عادي كدا !!
رد المحامِ وقال بهدوء
- تعرفي ليه اسمه بدران المُر مع إن دا مش اسم عيلته ؟!
- لا، وما يهمنيش اعرف بصراحة
- بدران المرعي أو خلينا نقول بدران المرعي سابقًا و المُر حاليًا واحد من أهم المزاورين في البلد إن مكنش رئيسهم
ردت بنبرة ساخرة وقالت:
- و المفرو كدا اطمن وارتاح ؟! دا كدا أنت بتخوفني على مالي أكتر
- متقلقيش دي كانت قضية خسرانة حاولوا الناس تلفقها له وطلع منها
سألته بفضول لا تعرف من أين أتت به وقالت:
- ناس مين ؟!
أجابها باسما وقال:
- عمه
- وعمه يعمل كدا ليه ؟!
- لا دا عمه دا حكايته حكاية ابقى احكي لها بعدين المهم دلوقت تطمني وتعرفي إن رضوان بيه مبيعملش حاجة غلط ووجود بدران هنا في الوقت دا تحديدًا هو أهم حاجة عملها والدك في الفترة الأخيرة
تنهدت بعمق وقالت بتساؤل:
- طب وأنا إيه اللي يضمن لي إن بدران مايطمعش في نصيبنا وياخده لنفسه ؟!
أشار بسبابته وقال:
- اقرا اللي قصادك دا يسجن بدران بكرا الصبح لو لعب بديله
- اقرار إيه دا ؟!
- دا اقرار مضى عليه بدران من غير ما ياخد باله من ضمن الورق اللي مضى عليه والاقرار دا بيقول إن هو المسؤول الوحيد عن أي صفقة مشبوهة تمت خلال الفترة اللي هو مسكها
ردت" تولين " بدهشة وقالت:
- و هو ازاي يمضي على حاجة زي كدا ؟!
- ماهو أنا قلت لك مكنش واخد باله ودي كانت ورقة من ضمن ورق كتير اوي مضى عليه
- بابا عارف الكلام دا ؟!
- الحقيقية لا لأنه لو عرف مكنش وافق وعشان كدا الورقة أنا محتفظ بيها في مكتبي ومبخرجها مهما حصل لأنها لو وقعت في ايد حد بدران ممكن يتسـ ـجن فيها .
*********
بعد مرور يومان
كان صفوت يعمل في صمتٍ تام متظاهرًا بتقبل قرار عمه، أما " تولين" فقد هدأت لتوهم الجميع أن الأمر بالنسبة لها لا يعنيها وأن هذه رغبة أبيها فلا داعي للتعصب والتعنت الشديد، مازالت تمكوث في الشقة مع " بدران" لعدم توافر المال في الوقت الحالي لشراء شقة جديدة، عادت للحارة بعد أن قضت معظم وقتها في جلسة العلاج الطبيعي
مع والدها، تشاجرت مع سائق سيارة الأجرة كعادتها ثم قام بطردها ونست حقيبتها الحلدية وكل متعلقاتها داخل السيارة، كانت تمشي في الشوارع الجانبية ولأنها متشابه حد التطابق ضاعت بينهما، تعب والدها وبكى من فرط الآلمه ربتت على ظهر يده وقالت برجاء
- وحياتي يا بابا بلاش تعيط أنا أنا مش عارفة اعمل إيه أنا تُهت ومش عارف ارجع ازاي معلش عشان خاطري اتحمل شوية
نظرت بعيناها لتجد مقهى صغيرة على ما يبدو أنها أتت هنا من قبل الحارة مألوفة بالنسبة لها
هرعت تجاه المقهى وقالت:
- من فضلك متعرفش اوصل ازاي لبدران
طالعها النادل من رأسها حتى اخمص قدميها وقال:
- بدران مين يا ست ؟!
- اسمه بدران المُر أنا عاوزة اوصل للحارة بتاعته أو حتى اكلمه في التليفون
نظر النادل لأحد الجالسين وقال:
- عباس معاك رقم بدران المُر ؟!
- لا والله
رد أحدهم وقال:
- معايا أنا خد الرقم اهو
و ما هي إلا لحظاتٍ ووضع النادل هاتفه بين يدها لتلتقطه منه و هي تقول بنبرة متحشرجة
الحقني يا بدران أنا تايهة ومش عارفة أنا فين
لا السواق نزلني وقال إن المسافة قريبة وانا دخلت من شوارع مش عارفة أنا فين ونسيت شنطتي في التاكسي
قالتها تولين من بين دموعها المنهمرة وهي تسرد له ما حدث لها ولأبيها تابعت بنبرة متحشرجة وقالت
- هتيجي بجد ولا بتقول كدا ؟!!
بدران اوعى تاخد الشقة لوحدك وتستغل تاواهني خلاص مصدقاك بس لو طلعت بتكدب يارب الشقة تو لع بيك
ضحكت من بين دموعها وقالت
- طب خلاص تعال لا أنا مش معايا فلوس اطلب حاجة إيه اديك الجرسون بتاع القهوة حاضر ثواني
فتح النادل سماعة الهاتف لانشغالهزقي تنظيف المائدة وقال
- اسمع يا ابني
- معاك يا ياباشا
- انا بدران المُر عارفني
- طبعًا يا كبير اللي ما يعرفك يجهلك اؤمرني
- تسلم اللي قدامك دول عمي وبنته شوفهم يشربوا وهاتوا وأنا جاي احاسبك خلا واطلب أكل لعمك رضوان عشان بياخد علاج و أي حاجة يحتاجوها هاتها وحسابك عندي
- عينا يا كبير تؤمر بحاجة تاني ؟!
- لا شكرًا اديني الاستاذة بقى
انتظر قليلًا ختى قامت بالرد عليه حدثها وهو يغلق أزرار قميصه وقال:
- عشر دقايق واكون عندك متقلقيش اكلي ابوكي بس وظبطي هتلاقي راجع من الجلسة هلكان ماشي سلام
أتاه صوتها وهي تحذره قائلة:
- بدران
- نعم
- اوعى تاخد الشقة مني والله ما هسيبك ويارب تووولع بيك لو خدتها
- تصدقي بالله انا لو جيت لك لاخدها و اخد ابوكي وارميكي في الشارع عشان لسانك دا روحي يلا اتكلي على الله
بعد مرور عشر دقائق
أنت جدع وجيت اهو شكرًا
العفو
يلا بقى عشان نمشي
استني اما احاسب على الطلبات
ماشي بس هات مفتاح الشقة الاول
ليه ؟!
ماهو النسخة بتاعتي ضاعت
طب خلاص في البيت ابقى اطلع لك نسخة عليها
لا طلعها دلوقت
ياستي اصبري لما نروح
قلت دلوقت روح في محل هناك اهو اعمل عنده
أنتِ طالعة قوية ومفترية كدا لمين امووت واعرف
ملكش دعوة بيا وروح اعمل نسخة جديدة يلا
حاضر
استنى عندك
خير !!
هات اي حاجة ضمان
ضمان ازاي مش فاهم ؟!
اضمن بيها انك هترجع مش هتمشي كدا ولا كدا
ولما هي الثقة رايحة في داهية بنا كدا بتكلميني ليه ؟! ها بتكلميني ليه !!!
هات تليفونك خلي معايا لحد ما ترجع
خُدي
فين يا ابني التليفون
ماهو عدة بزراير اهي مالها يعني مش فاهم ؟!
بقى دا تليفون ؟!
بيقول الو دا ولا مبيقولش ها ؟؟ مش انقذك من الشارع دا ولا لا ولا هو لازم تاتش وما تاتتشش عشان نعجب اهي أي حاجة بتقول الو والسلام يا بنت الذوات أنا ماشي اعمل النسخة وراجع
اوعي تسرقي التليفون يارب لو سرقتي التليفون يووولع في ايدك
يا ابني تليفونك محتاج يقعد في الحضانة شهرين عشان يكبر شوية
