اخر الروايات

رواية اردتك عمرا فكنت عابرا الفصل الخامس 5 بقلم الهام عبدالرحمن

رواية اردتك عمرا فكنت عابرا الفصل الخامس 5 بقلم الهام عبدالرحمن 


الفصل الخامس 🌹
بقلمى الهام عبدالرحمن 🌺
صلوا على الحبيب المصطفى 🌺
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
في منتصف الليل، كان "يونس" يتقلب على السرير، والعرق يتصبب من جبينه رغم برودة الجو. وجهه مشدود، وصدره يرتفع وينخفض بسرعة كأنه يجري وهو نائم.
في الحلم…
كان يقف بمفرده في صحراء واسعة، الظلام يعم المكان، لا يرى اى شيئ حوله، فجأة تتشققت الارض اسفل قدميه، ووقع في حفرة عميقة، عميقة جدا …
لايستطيع ان يلمس الأرض، ولا يستطيع ان يثبت نفسه، يقع ويصرخ:
يونس داخل الحلم:
"اااه الحقونى حد سامعني؟ أنا فين؟! حد ييجى يساعدنى"
الظلمة حالكة، كأنها تمتص أنفاسه، وهو يحاول فرك عينيه حتى يستطيع ان يرى اى شيئ…، لكن دون جدوى، فالسواد يحاوطه من كل اتجاه.
وفجأة… سمع صوتها.
مسك من بعيد، كان صوتها باكي:
"ما تخافش يا يونس… أنا جنبك، أنا مش هسيبك."
تجمد في مكانه، بدأ قلبه يدق بعنف، والصوت أصبح أقرب.
مسك بإصرار ودموع:
"هتعدي المحنة دي… أنا هطلعك، اسمعني، صدقني، إنت مش لوحدك انا هنا جنبك وهساعدك بس لازم تقوى."
بدأ يشعر بيد تتشبث بيده، تحاول ان تُخْرِجه، تحارب الظلمة من اجله. شعر بيدها تشد عليه، تعافر، تقاوم، حتى وجد نفسه أخيراً يتحرّك… يخرج من هذا الظلام الدامس.
و لكن قبل ان يخرج تمامًا من الحفرة… استيقظ.
فتح "يونس" عينه وهو يأخد انفاسه بعنف، كأنه كان يغرق، هب جالسا بسرعة على الفراش، يده على صدره، ووجهه يتصبب عرقا. نظر حوله، وجد نفسه فى حجرته وزوجته ليلى تنام الى جواره.
يونس بصوت واطي وهو بيهمس:
"إيه دا؟ الحلم دا… غريب… ليه مسك؟ ليه هي؟ وليه كنت بسمع صوتها بس؟ ليه مكنتش قادر اشوفها"
جلس قليلا في مكانه، لا يستطيع العودة الى النوم مرة اخرى، عقله يفكر بهذا الحلم الغريب، وقلبه لا يشعر بالاطمئنان.
هب واقفا من على فراشه، وذهب وتوضأ، ثم دخل حجرته مرة اخرى ، وفرش سجادة الصلاة.
وقف يصلي ركعتين قيام ليل، قلبه مضطرب، وكل سجدة كان يدعي:
"اللهم إن كنت تعلم أن في قلبي خير فاهديني… واهدِ لي أمري، وافتحلي باب من عندك فيه راحة لقلبي."
بعدما انتهى من الصلاة والدعاء ، مسح وجهه، وعاد لينام، لكن قبل ان يغفل، قال لنفسه:
"غريبة… ليه حسيت وهي بتشدني كأنها طوق نجاة؟ وكأنها شايفاني أكتر من أي حد؟"
ثم أغمض عينيه، ونبضات قلبه تتسارع لا يزال صدى صوتها يردد فى عقله…
"هتعدي المحنة دي يا يونس... أنا جنبك."
يونس: اللهم اجعله خير اللهم انى قد سلمت وجهى اليك فعافنى واعف عنى.
ثم ذهب فى سبات عميق.
بعد مرور أسبوع، حان موعد عيد ميلاد "ليلى".
امتلأ بيت "يونس" بالضيوف؛ أهله وأهل زوجته، وكان المكان مزينًا بألوان زاهية وبالونات معلقة في كل ركن، رائحة الكعك تملأ الأجواء والموسيقى تنساب بخفة بين الأحاديث والضحكات.
اعتذرت "مسك" عن الحضور، بحجة انشغالها بالدراسة، لكنها في الحقيقة لم تستطع تحمل رؤيته يحتفل مع امرأة غيرها، تضحك له، وتُمسك بيده أمام الجميع.
حضرت "ليلى" الحفل بكامل أناقتها، كانت مُبتهجة، تتحرك بخفة وسط صديقاتها: "سمر"، و"رقية"، و"نيلي"، تنسق الضيافة وتستقبل الهدايا بابتسامات متألقة.
وبعد انتهاء التهاني، وقف "يونس" أمامها، يمسك علبة صغيرة مزينة بشريط ذهبي، ابتسم وهو يناولها إيّاها.
يونس بهدوء وابتسامة:
"كل سنة وانتي طيبة يا حبيبتي، عقبال 100سنة."
أخذت "ليلى" الهدية بحماس، فتحت العلبة سريعًا، لكن ما إن وقع نظرها على ما بداخلها، حتى تبدّل وجهها تمامًا.
كان الهاتف "أوبّو" جديدًا، وسلسلة ذهبية أنيقة كُتب عليها اسمها، لكنها كانت تنتظر شيئًا آخر… شيئًا أغلى وأفخم.
ليلى بصوت منخفض وغاضب:
"إيه دا يا يونس؟ فين الآيفون؟ مش أنا قولتلك عايزة آيفون؟!"
يونس متفاجئًا:
"في إيه يا ليلى؟! إيه الأسلوب دا؟"
ليلى ترفع صوتها:
"أسلوب! إنت جاي تحرجني قدام أهلي وصحابي بهدية تافهة زي دي؟! وبتعلق على أسلوبي كمان؟!"
سادت لحظة من الصمت المشحون، الجميع تبادل النظرات بارتباك.
عادل والد ليلى بغضب:
"ليلى! إيه الكلام اللي بتقوليه دا؟! الراجل كتر خيره، جاب اللي يقدر عليه، دا بدل ما تشكريه؟!"
ليلى بحدّة:
"أشكره! أشكره على إيه؟ على إنه استخف بيا؟ دا ظابط، المفروض يجيبلي كل اللي بتمناه… مش يعاملني كأني عايشة على الهامش."
يونس يحاول التماسك:
"ظابط؟! يعني موظف بياخد مرتب آخر الشهر… المفروض أسرق عشان أحققلك أحلامك؟! ليه ماتعيشيش على قد إمكانيات جوزك؟!"
ليلى وهى تنفجر غاضبة:
"أنا مش ذنبي إني ست عايزة تعيش وتتبسط! مش أدفن نفسي معاك في الفقر!"
بدأت فاطمة والدة "مسك" تتدخل، بهدوء لتهدئة الموقف:
"يا بنتي ميصحش كده… الكلام دا يبقى بينك وبين جوزك، مش قدام الناس."
ليلى بغضب أكبر:
"وإنتي مالك؟ بتتدخلي بيني وبين جوزي ليه؟ هو إنتي كنتي مامته؟دى مامته نفسها متكلمتش!"
يونس بصوت هادر غاضب:
"ليلى! احترمي نفسك، واتكلمي عدل… خالتي فاطمة في مقام أمي، وحذارى تكلميها بالطريقة دى تانى!"
فاطمة بوجه حزين وصوت مرتعش:
"اهدا يابني… هى عندها حق. أنا آسفة يا بنتي. يلا يا عبد الرحمن، نمشي على بيتنا، كفاية لحد كده."
أمسك عبد الرحمن بذراع فاطمة، وخرجا في صمت ثقيل، وسط نظرات متوترة من الحاضرين.
و"يونس" ظل واقفًا في مكانه، يحدّق في "ليلى" بدهشة وألم… كأن شيئًا بداخله قد انكسر.
بعدما انصراف الضيوف، خيّم الصمت على البيت.
بقايا الزينة ما زالت معلقة، والأنوار تومض ببطء كأنها تحتضر.
خلعت "ليلى" فستانها الفاخر، وخرجت إلى الصالة ترتدي رداءً منزليًا أنيقًا، لكنها كانت متجهمة، متحفزة.
كان "يونس" يقف عند النافذة، يداه في جيبيه، لا يتحرك… فقط ينظر للفراغ بعينين مطفأتين.
استدارت ليلى نحوه بحدة:
ليلى:
"مش ناوي تقول حاجة؟"
استدار ببطء، ونظر إليها بصمت لثوانٍ قبل أن يرد:
يونس بهدوء مخنوق:
"أقول إيه؟ أقول إني اتفاجئت بمراتي بتغلط فيا قدام الناس؟ ولا أقول إني كنت بفكر أفرّحك، بس لاقيتك بتكسفيني قدام الكل؟"
ليلى بتنهيدة حادة:
"ماهو انت اللي جبت الكلام دا لنفسك… أنا قولتلك بوضوح أنا عايزة إيه، وانت طنّشت، وجبتلي حاجة متتناسبش مع اللي قلته."
يونس بعينين لامعتين:
"انتي شايفة الموضوع هدية؟ أنا شايفه احترام! شايفه شُكر وتقدير! أنا مش ATM يا ليلى… أنا بني آدم. جوزك، اللي بيجري وبيتعب علشان يوفرلك اللي يقدر عليه."
ليلى ببرود:
"وأنا مالي؟ أنا اتجوزتك عشان أعيش… مش علشان أتحاسب على كل حاجة بحلم بيها."
اقترب منها ببطء، وصوته بدأ يرتفع:
يونس:
"بس انتي متجوزتنيش كده… انتي اتجوزتي منصبى ومكانتى بين الناس،والمفروض ياهانم انك اتجوزتينى وإنتي عارفة أنا مين… وعارفة ظروفي… ورضيتي… يبقى ليه دلوقتي فجأة بقيتى شايفة ان حياتك معايا غلط؟!"
بقلمى الهام عبدالرحمن صلوا على الحبيب المصطفى
ليلى بتحدى:
"ماهى اللي بتتجوز ظابط، بتتوقع مستوى معين! مش تقولي ظابط ومرتب ومكانة، وفي الآخر تعيشني حياة أقل من اللي كنت فيها عند أبويا؟!"
يونس بمرارة:
"آه… فهمت. يبقى هو دا السبب الحقيقي. انتي متجوزاني علشان اللقب، علشان ألبسلك بدلة ظابط وتتصوري جنبي وتفتحي بيها مواضيع مع صحابك… مش علشان تبني بيت… ولا علشان تحبي راجل يبقى سند ليكى."
سكتت، وشعرت للحظة أنها ذُبحت بكلماته، لكنها رفعت رأسها بتحدٍ:
ليلى:
"وإنت؟ إنت اتجوزتنى ليه؟
يونس صوته حزين لكن حاسم:
"أنا اتجوزتك علشان كنت شايفك بنت ناس، تقدر تحس، وتقدر تصون… بس شكلي كنت غلطان."
تسمرت في مكانها، وصمتهما أصبح أثقل من أي كلمات.
ثم تابع بصوت منخفض لكنه قاطع:
يونس:
"أنا رايح أنام في أوضة تانية… مش قادر أكمل الحوار دا دلوقتي. ومش عايز آخد قرارات وأنا غضبان… لكن لو فضلت الأمور بالشكل دا، يبقى لازم نراجع نفسنا كويس… أوي."
تركها واقفة، تنظر إليه وهو يبتعد، لأول مرة تشعر أنها فعلاً على وشك أن تخسر شيئًا… مش مجرد ظابط، ولا مرتب، لكن رجل… رجل كانت تظن أنه دائمًا موجود، لكنه بدأ يختفي.
فى صباح اليوم التالى كانت الشمس دافئة بشكل غير معتاد وكأنها تكذب ماحدث الليلة الماضية فى منزل يونس. كانت مسك تجلس فى الشرفة هى ووالدتها التى يبدو على ملامحها الحزن فتنهدت مسك بقلة حيلة وقالت....
مسك: يا ماما ماتقوليلى بس فيكى ايه؟ ايه اللى حصل امبارح مخليكى متضايقة بالشكل ده؟ انا من السبح بتحايل عليكى تتكلمى قوليلى بالله عليكي فيكى ايه؟
تنهدت حسناء ونظرت بتردد الى ابنتها فهى لاتريدها ان تحزن بسبب مافعلته ليلى ولكن فاض بها وارادت ان تزيح مابقلبها فقصت عليها ماحدث.
هبت مسك من مكانها وهى تشعر بغضب عارم وقالت: ايه قلة الذوق دى والجبروت اللى هى فيه دا وازاى محدش قدر يوقفها عند حدها؟
فاطمة: والله يابنتى يونس مسكتلهاش بس هى واضح انها متدلعة زيادة عن اللزوم دا حتى ابوها نفسه مقدرش عليها وامها محاولتش تمنعها.
مسك: وخالتى حسناء سابتك كدا تمشى زعلانة؟!
بقلمى الهام عبدالرحمن صلوا على الحبيب المصطفى
فاطمة: وهى بايدها ايه يابنتى هى لا حول ليها ولا قوة دا مس بيتها عشان تتحكم فى مين يقعد ومين يمشى هى ضيفة زيها زيى.
مسك بدهشة: نعم! هو ايه اللى مش بيتها دا بيت ابنها يعنى بيتها انتى بتقولى ايه يا ماما دى الاصول اللى اتربينا عليها مش تقوليلى ضيفة.
فاطمة: ياحبيبتي جيل الايام دى مابيتعاملش كدا الواحدة بتعتبر حماتها مجرد ضيفة ملهاش حق فى اى حاجة مع ان امها لو جت تلف فى البيت براحتها وتقعد براحتها وكانها صاحبة البيت وخالتك فى النهاية مش هترضى تعمى مشاكل بين ابنها ومراته عشان متخربش عليه حياته ما انتى عرفاها قد ايه هى طيبة ومسالمة.
قطع حديثهما صوت جرس الباب فذهبت مسك وفتحته فوجدت خالتها حسناء تقف ويبدو على وجهها التوتر..
حسناء: صباح الخير يامسك يابنتى.
مسك بهدوء: صباح النور تعالى ياخالتو اتفضلى.
حسناء: امك فين ياحبيبتي؟!
مسك: قاعدة فى البلكونة هروح اندهلها ولاتحبى تقعدى معاها احسن.
حسناء: لا هروحلها احسن.
مسك: وانا هروح اعملكم كوبايتين شاى يروقوا دمكم.
جلست حسناء على المقعد المقابل لفاطمة ونكست راسها وهى تقول بصوت باكى..
بقلمى الهام عبدالرحمن صلوا على الحبيب المصطفى
حسناء: حقك عليا يافاطمة سامحينى ياختى معرفتش اجيبلك حقك امبارح بس والله غصب عنى انا مقدرش اتكلم كلمة مع ليلى لان قطها جمل وكانت هتولع الدنيا حريقة اكتر ما هى والعة وكان ممكن يونس يطلقها والبيت يتخرب واطلع انا فى الاخر الحما الشريرة اللى بتخرب حياة ابنها بس والله يونس عمل الواجب ومسكتلهاش.
فاطمة وهى تربت على يد اختها: هونى على نفسك ياختى دى واحدة متستاهلش ولا تعرف حاجه عن الاصول والواجب متشغليش بالك موقف وعدى والله اللى صعبان عليا فى الموضوع ده هو يونس مكانش له الجوازة دى ابدا بقا يونس ابو قلب طيب يتجوز قليلة الرباية دى بس هقول ايابداه ربناض يهديله حاله واعرفى ياقلب اختك انا عمرى ما ازعل منك دا انا ماليش غيرك فى الدنيا.
قامت حسناء واحتضنت اختها وهى تبكى وتقول..
متحرمش منك ياروح قلبي ربنا يرضيكى ويفرح قلبك بمسك زى ماجبرتى بخاطرى.
مسك وهى تحمل صينية الشاى: خيااانة بتحضنوا بعض من غيرى لا انا كدا لازم ابلغ عنكم واقدم فيكم شكوى كمان.
ضحك الجميع وجلسوا يحتسون الشاى بابتسامة هادئة ولم لا فقلوبهم عامرة بالطيبة والنقاء ولا يعرف الحقد لهم طريق.


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close