رواية العنود والغول الفصل الخامس 5 بقلم رباب عبدالصمد
البارت الخامس
يعنى انا أجلت نشر الرواية للإجازة علشان التقى تفاعل فتصدمونى بقلته برده يعنى مجهود كدة راح ؟
............
نظرت له متوترة وقالت بسرعة لا اشكرك لا اود ان يرانى احدأ معك وهمت ان ترحل ووقفت فجاة وسالته : كيف حال عمر لقد استوحشته كثيرا
ابتسم لها وقال بهدوء : لقد صار عمره سنة وانتى تمنعين نفسك عن رؤيته وربما انتى اكثر الناس قد يشعر معكى بحنان امه فرائحة الاخوات تتشابه
توترت من كلمته وقالت : انى اطمئن عليه من راجية وعلمت انه بصحة جيدة
اذا انتى لم تفهمين شيئا مما قلته انفا
نظرت له بعين مستفهمة فرد عليها دون ان تسال وقال بابتسامة عذبة وهو يميل قليلا نحوها : الان سارد عليكى دون ان تسالى لاثبت لكى ان الجهاز العصبى يفهم حتى النظرات ويترجمها ولاثبت لكى انه فى مقدورى ان اقرا وجهك ببساطة
توترت اكثر ولكنها ظلت صامته بينما قال هو : الم اقل لكى هناك فرق بين الصحة وبين الجياع للعواطف وعمر فى صحة جيدة ولكنه فاقد لمشاعر الام او الخالة الودودة مثلك
ابتلعت ريقها فى توتر وقالت بصوت متلعثم : سازوره بالتاكيد وهمت ان ترحل من امامه الا انه استوقفها بصوته العذب مرة اخرى وقال : متى
عنود : قلت سازوره ولم اقل سازوره قريبا
وليد : ولكنى اريده ان يكون قريبا
اخذت نفس عميق وقالت : سيكون قريبا
افسح لها الطريق ولازالت ابتسامته تشرق وجهه وقال بنفس صوته الرخيم : اريده فى القريب العاجل وسانتظرك ولن امل
خرجت بسرعة قبل ان ينطق بحرف اخر وما ان خرجت الا ووقفت قليلا لتستنشق بعضا من الهواء النقى الذى شعرت انها تفتقده كلما واجهته ثم ابتسمت على حالها ومدت يدها لتربت على قلبيها وكانها تهدا من نبضاته وعاودت السير فى طريق عودتها لمنزلها وما ان دخلت لبيتها الا واول شىء فتحته هو حاسوبها وبدات تكتب له
ما ان شعر باهتزاز هاتفه ينبا عن وصول رسالة الا وضحك وهو يبتعد عن العجوز وقال انها هى ايها العجوزساتركك الان لاعيش احلامى السعيدة معها
ضحك عليه مراد ولوح له بيده وهو يراه يغادر المكان
.......
العنود : مرحبا بك ايها الغول انا اكتب لك الان وانا فى قمة سعادتى فقد انست اليوم بحديث طويل معه وكم وددت الا ينتهى هذا الحديث ابدا
وليد : مادمتى سعيدة فهذا اهم ما فى الموضوع ايا كانت طبيعة تلك المقابلة ولكن استشعرى السعادة وهناى بها نفسك ولكن لى طلب عندك فما دمتى اشاركك سعادتك الان فاود ان اشاركك اسرارك فكم انا ايضا اود ان اشارككى اسرارى ولكنى اشعر انك لا ترغبين
عنود : على العكس تماما ولكنى اخشى ان حكيت لك الا تفهمنى او ربما تغيرت صورتك عنى و هذا ما اخشاه فانا حقا اشعر معك بتكامل غريب
الغول : ان كنتى تعرفين معنى كلمة التكامل حقا ما كنتى شعرتى ان صورتك ستتبدل ملامحها فالشى المتكامل ان نقص فيه شىء نقص فى نصفه الاخر ايضا فالمتكاملان لا يصيران متنافران ابدا حتى وان توهموا التنافر
مر الوقت عليهم استفاضت فيه عنود بالكلام مع الغول وللوهلة الاولى شعرت بالسعادة انها حكت له كل شىء بصراحة ولم تشعر منه باى مبادرة لفهمها بعكس ما قالت ولعل هذا قربها منه اكثر وربطها اكثر ولكن الغريب ان بدا بداخلها شعور غريب فبدات تشعر انها تكلم وليد او ربما استشعرت انهما متشابهين درجة ان يصبحوا شخص واحد فقد طلبت منه ان تحادثه صوت وما ان سمعت نبرة صوته الدافئة الا وودت ان تراه ولكنها كانت تخشى ان ينفرها هو
لكن ما اسعدها انه لم يرهقها فى طلب اعلاء صوته فقد قدر هو حالتها وحدثها بصوت تسمعه مما جعلها لا تشعر بغر به معه ولا حرج
عنود : هل لى ان اعترف لك بشىء . ان صوتك لدافىء حنون على الرغم من قوة نبراته لكنه اخذنى لعالم اخر
ضحك عاليا فاقشعر جسدها فقد شعرت ان من يضحك هو وليدها
صمتت للحظة وعادت تقول : لقد صار اكثر جاذبية بعدما اطلق لحيته واجمل ما فيها تلك الشعرات البيضاء التى تتخلل سوادها
لم يضحك هذه المرة على الرغم منسعادته وهى تصفه هكذا ولكن هو الاخر كان يتخيل قمة ملامحها وقال : انتى ايضا تمتازين بصوت هادىء يبعث الحياة فى اذن من يسمعه ولعل اباكى كان محقا ان يغار عليكى
تعجبت من كلمته وقالت : هل اخبرتك من قبل ان هذا هو راى العجوز ام انه مجرد رايى لك
وليد : بل انتى من اخبرتينى ايتها الصغيرة بكل مادار بينك وبينه
.......
استيقظ وليد فى صباح اليوم التالى واخذ حمامه وخرج من غرفته ورائحة عطره المنعشة تركت خلفه نسيم نبه ولاء انه خرج لتوه من غرفته فركضت نحو باب غرفتها وفتحت المقبض بسرعة حتى انه هو الاخر تنبه لصوت فتح الباب وعلم انها تسرع لتلحق به قبل ان يهبط لوالدته فى الحديقة ونادت عليه بصوت يملاه الرجاء للاستيقاف
ولاء : وليد
اهتز وليد للحظات فلازالت نبرات صوتها تذكره بالم حب مضى ومع ذلك وقف لها
وليد بثبات : اهلا ولاء كيف حالك ؟
ولاء : ليس لى اى حال مادمت افترقت عنك
وليد بجفاء : يا ولاء ليس لهذا الكلام اى داعى الان
ولاء : الا زلت تعاند وتصر على الا تغفر لى ؟
وليد : يا ولاء انا لا اعاند انا فقط اواجهك بحقيقة انتى تحاولين اغفالها
اقتربت منه ولاء ومدت يدها ولامست كفه لعله يشعر بالحنين لها من لمساتها وهذا بالفعل ما فهمه منها فسحب يده بهدوء بينما واصلت هى قائلة : الم تعد تحن الى لمساتى بعد ان كنت لا تشعر الا بدفئها
وليد : ارجوكى يا ولاء قلت لكى لا داعى لهذا الكلام فقد كبرنا ونضجنا وخاض كل منا تجربته الخاصة
ولاء : ولكنى تجربتى معك هى الحقيقة الوحيدة فى حياتى التى لم اشعر بانى انثى الا وانا اعيشها معك
ما سرت فى ارض مشيناها معا الا رايتك فى مدى خطواتى
ما غبت عن عينى وربك ساعة فروحى وروحك ساكنان بذاتى
وليد : انظرى الى حديثك يا ولاء لتتنبهى انتى تتحدثين بصيغة الماضى والماضى لا يعود
ولاء : الماضى لا يعود ولكن الحب الحقيقى لازال ينبض بقلوبنا
وليد : ارجوكى يا ولاء لا تستخدمى صيغة الجمع
ولاء: ومن قال انى استخدم صيغة الجمع فانا وانت دوما ما كنا شخص واحد
وليد : نعم هذا صحيح وصحيح ايضا اعترافك باننا كنا
ولاء بدموع : ارجوك لا تعذبنى بحبى لك اكثر من هذا
وليد : انا لا اعذبك البتة ولكن انتى من تعذبين نفسك وانا ارحمك من نفسك فخافى من نفسك عليكى فانا لم ولن اعد اليكى ...
بترت كلامه وكادت ان تكمل هى لولا انها سمعت صوت ركض عبير وهى قادمة نحوهم وتدندن
عبير : صباح الخير يا والدى العزيز صباح الخير يا ابلة ولاء
نظرت ولاء للارض حتى لا تكتشف عبير دموع عينيها ونظرات التوسل لوليد وقالت : صباح الخير ياعبير ثم تحركت من امامهما
عبير وضعت يدها لتتابط وليد وقالت : لازالت تسترجيك للرجوع اليس كذلك ؟
وليد : وما شانك انتى ايتها المشاكسة صغيرة افراد البيت
عبير بمرح : لم اعد صغيرة فقد تجاوزت العشرون عاما منذ شهرين وكبرت واصبحت اتعقل الامور وافهم من حولى جيدا وربما اصبحت مثلك افهم فى لغة الوجوه
اطلق ضحكة عالية وهما يسيران نحو الخارج وقال : مهما حاولتى فلن تكونى تلميذة ذكية وان اردتى ان احكم عليكى حقا لابد ان تسمحى لى بدخول معبدك هذا واشار بيده على باب غرفتها وهو يغمز لها بطرف عينه فضحكت هى وقالت : اعدك انى لن اسمح لاحد بزيارتها الا انت و...
تنبهت قبل ان تكمل عبارتها فبترتها على الفور وقالت : اقصد انك ستكون اول من يدخلها
غمز لها مرة اخرى زقال : اعرف ان اول من سيدخلها ولكن السؤال من هذا الذى ساسبقه انا فى الدخول الى معبدك
احمرت وجنتيها واكتفت بابتسامة عذبة له لانها تعلم انه يعلم اسم الشخص الذى بترت هى عبارتها قبل ان تنطق اسمه ولم يكن هذا الشخص سوى سليم ابن الدكتور مراد
عبير فى محاولة لانهاء استفزاز اخيها لها : هيا يا ابى اسرع فامى تستعجلنا على الفطور
ما ان خرجا وليد وعبير وقد سبقتهم ولاء الى الحديقة حتى وجدا كلا من امه وخالته وسليم فى انتظارهم على الفطور
.......
بعد ان تناولوا الفطور جلس وليد جوار امه بينما جلست خالته ام ولاء امامهم وجلست ولاء جوارها
الوالدة : كيف حال مركزك الطبى يا بنى هل انتهيت منه
وليد : نعم يا اماه وان كنا لازلنا فى طور التجهيزات الاخيرة ولكنه يصلح لاستقبال اى استشارات اما الجزء الخاص بجراحة المخ فلازال هناك بعض التجهيزات الاكبر حجما
ولاء : هل من الممكن ان تاخذنى فى زيارة له فاريد ان ارى ما كنا نحلم به بعد ان اصبح حقيقة
لم يلتفت اليها وليد متعمدا بينما رد عليها وهو لازال ينظر الى امه : ما رايك يا اماه ان تاتوا معى جميعكم لترون حلمى منذ القدم
شعرت ولاء بالخزى لانها فشلت فى جذب زمام الكلام نحوها
الام : لا هعليك منى انا وخالتك يا بنى بل خذ ولاء وعبير وسليم وان اردت فادعو اختك هبة وزوجها احمد ليذهبوا معك
وليد : بالطبع يا امى سيسعدنى ذلك
تفرق الجميع كلا لما يسويه فدخلت امه وخالته ليعدوا طعام الغذاء بينما جلست عبير بجوار سليم يتحدثون فى ركن بعيد قليلا عن وليد
اما هو فشرد قليلا فى عنود وما ان تذكرها وتذكر كلماتها معه امس الا وارتسمت ابتسامته صافية على ملامحه
لاحظته ولاء فانقبض قلبها فها هى نفس ابتسامته العذبة التى كان يحتضنها يوما ما بها ولكن الان فياترى هى لمن خاصه انها تعلم انها ليست لها بل انه لم يلمح اقترابها منه من الاساس فهو كان فى عالم اخر وهذا ما اشعرها بالانقباض وسالت نفسها فى خوف : هل وجد حب اخر دونها
انتبه اخيرا لها ونظر لها ولم يعلق ولكنه شعر بالتوتر وهى تجلس هكذا الى جواره
وليد لم يعد يحبها ولكننا لا ننكر ان داخله بقايا شعور لحب كان قوى لها فنحن بشر ولا يمكن ان نمحى من ذاكراتنا اى شىء مؤلم كما اننا لا نستطيع ان نمحوا كل ما هو يسعدنا فكلاهما مشاعر تقطن فى الفؤاد وسبحان من قال ان القلب لا يسمى فؤادا الا عندما يحب ايا كانت نتيجة الحب تلك هل ستنتهى نهاية سعيدة ام يعقبها فراق والم
ولاء : هلا اعطيتنى فرصة اخيرة لاسكن قلبك ثانية . ارجوك يا وليد فانا قد اخطات واعترفت بخطاى فاغفر لى
هنا تجهمت ملامحه وارتسمت بدلا من الابتسامة العذبة ملامح مملوءة بالحزن واخذ يستنشق هواءه بصعوبه فكررت مقولتها كنوع من الرجاء
فجاة اعتدل فى جلسته حتى اصبح مقابلا لها وامسك بمعصميها بكل عصبيه وقال وهو يضغط على فكيه من فرط العصبيه وقال : انتى لم تخطاى انتى خنتى فلا تتلاعبى بالالفاظ فشتان بين تلك وذاك فجميعنا نخطىء ونصيب وما الحياة الا مواقف خاطئة ومواقف صائبة ولكن ليس جميعا خائنين وانتى غدرتى بى وانا فى اضعف اوقاتى . غدرتى بى وانا فى اشد الاحتياج الى كلمة تشجيع منك لان اواصل الحياة
كان يلزمنى قربك يا ولاء وليس مجرد وجود لك فى حياتى وليتك تعرفين الفرق بينهما كم كنت اتمنى ان اجدك الى جوارى دون ان اكون مضطر لطلب ذلك منك كم كنت اتمنى ان تكسرين معى اسوار الحياة الحائلة بيننا وبين حياتنا التى كنا نتمناها ونتقاسم تخيلنا لها
كنت اظن انه لم يخلق ما قد يبعدك يوما عنى . كنت احتاج الى امان كثيرا ما كنت ابسه اليك وانا فى اشد الحاجة اليه
ان كان كل شىء سهلة والحياة سهلة فلاى ميزة اخترتينى
كنت استمد قواى منك و كنت ارى نفسى فى عينيكى بل كنت ارى الحياة باكملها فى ملامحك فكنتى انتى الحياة
اين الحب الذى كنتى تتغنين به فاى حب هذا الذى تركتينى فيه مع اول عسرة
حاد ببصره عنها وصمت قليلا وكان قد استرجع ذكرياته الاليمة ثم عاد ونظر لها مرة اخرى وقال بنبرات تحمل فى طياتها كل الم وحسرة : لما يا ولاء فعلتى بى هذا لقد كنتى لى كل شىء وكان على ان اتحمل انى فجاة اجدك لاشىء فى حياتى فى حين انتى وقتها كنتى تتنعمين بدفء احضان رجل غيرى لما هربتى من حياتى واخذتى فؤادى معكى
كنت اتمنى ان اجدك جوارى وتفهمين كلماتى دون ان اترجاك لسماعى كنت اتمنى ان تكونى هنا جوارى لانك انت كنتى تريدين هذا قبلى
كنت فى اشد الحاجة لقلب يحارب الدنيا معى وكنت اظنك انتى هذا الشخص فاكتشفت انما احارب وحدى بل وجدتك انتى اول المحاربين لى
بكت بحرقة وقالت : ابدا يا وليد لم تكن احضان دافئة بل كانت احضان باردة بل كانت كالجليد
صعق من ردها واستنكرها وقال بكل غضب : اذن ان كنتى وجدتيها دافئة ما كنتى تذكرتينى للابد ؟
سالتها عن فؤادى اين موضعه فانه ضل عنى عند مسراها
قالت لدى قلوب جمة جمعتها فاين انت تعنى ؟
تحجرت الدموع فى احداقى واجتها فقلت اشقاها
قالت مقاطعة له وهى لازالت تبكى : ابدا يا وليد ليس كما تفهم ولكنى اكتشفت انى لم ولن اشعر بدفء اى حضن اخر الا حضنك حتى وان كنت احضن بين اضلعى النار ذاتها
قام من مكانه وقد اصبح وكانه يقف على جمر من نار من اجابتها وقال بعصبية : انتى كاذبة ولكنك تبررين خطا اختيارك بانك لم تنعمى بغيرى وان كان صحيحا ما تقولين لكانت عينك ايضا رفضت ان ترى غيرى ولكنك كاذبة انتى اخترتيه عن اقتناع منك لانك خشيتى ان يذهب عمرك وانتى تنتظرينى
شهقت من بكاءها وقالت : ربما فانا انثى واخاف ان اصبح عجوز فلا احلو فى عين اى رجل
انتى كنتى لى الدنيا وكنت لا ارى الا جنتك وجمال ملامحك ومهما طال العمر بنا كنت لم ولن ارى الا الجمال فيكى وان كنتى شعرتى بصدق حبى لعلمتى انكى كنتى لى الحب النقى الذى لم يدنس باى مشاعر من قبلك فقلبى اول ما نبض نبض لكى وبين يديكى
قالت بلغت الثلاثين فهل ترى انى كبرت على الجمال فزالا ؟
قلت الذى سواك ابدع صانع فزادتك تلك الثلاثون جمالا
كالبدر منتصف الجمال كماله والا انتى اشد منه كمالاً
ولاء : ولكن الواو والواو لا يشكلان الا قلبا جميلا قلبى وقلبك (تقصد اول حرف من اسميهما )
دفن وجهه بين كفيه وقال : كفاك ارجوكى . كفاكى تمزيق فى ذاتى لانى اتذكر كم كنت غبيا لاننى كنت احب بصدق كنت غبيا لاننى انا من خذلت نفسى عندما راهنت على انك اولى الناس بالوفاء لحبى
وكان يجب على ان اعرف ان الوفاء ليس بما رايته بام عينى ولكن الوفاء هو ما كان يحدث من خلفى ولكنى كنت اعمى
وقتها عرفت ان الافضل ان لا ابحث عن انثى اتمناها بل ابحث عن انثى تتمنانى فتفخرى بى تاجها اما انتى فجعلتينى مثل نعلك خلعتينى وقتما شئتى بل رميتينى
وانى اراك بعين قلبى جنة يا من بقربك مر الحياة يطيب
وارى الحياة بدون وصلك مرة وارى جروحى ما لها طبيب
وارى الغروب اذا التقينا متعه وارى الشروق لدى الفراق غروب
مدت يدها وخلعت سلسلتها التى كانت ترتديها وسحبت يده ووضعتها في كفه وقالت : انظر الى حرفينا الم يكونا معا قلبا واحدا مثلما فى تلك السلسة
استطردت قائلة : انظر اليها والى القلب الم تكن هذه اول هدية لى منك ؟ اقسم لك انى لم اخلعها من يومها حتى وانا على ذمة رجل اخر فمعناها لا يفهمه الا كلانا واذا نظرت فى كل ركن لوجدت مثله محفور على اشجار الحديثة وعهلى الجدران وحتى على تخت نومك اعنى انى لم ولن افارقك يا وليد حتى مهما كابرت وعاندت
وضعتها فى كفه ورحلت من امامه بسرعة
بينما هو امسك بالسلسلة وتامل الحرفين فقد التحم الحرفين وهما متقابلين حتى صرن يرسلمان قلبا فاغرورقت عيناه على ذاك الجب الصادق الذى عاشه يوما ولكنه يعترف بكامل قواه وعقله انه كان ومضى ولكنه الان يحيى حب من نوع اخر حب جاءه فجاة فاختطفه دون ان يشعر دون اى ترتيبات منه ودون اى تعود عليه فربما كان حبه لولاء فيه شىء من التعود على شىء من البراءة والنقاء حيث انه لم يحب غيرها لانه لم يرى غيرها اما الان فهو يحب بالقلب والعقل يحب وهو ناضج يفهم معنى الحب فشتان بين هذا وذاك فى المشاعر فالاول حب كله حرارة وعنفوان شباب وغيرة قاتلة وربما رغبة جنسية كذلك اما الان فهو فى غنى عن كل ذلك فهو يحب بثبات وبعمق وبنضج وبعد تجربة وبعد زواج كذلك فحبه لعنود لم يحتاج فيه لعنفوان او لرغبه ولكنه يحبها لاجلها هى . يحبها لاجل الحب الحقيقى فلا مجال لرغبة او طيش
اخذ نفس عميق وهو يتذكرها فى مثل هذا الموقف ويقارنها بولاء فابتسم وقال بصوت هامس لنفسه : والله ان العين لتصنع مع الواو القلب والاحتضان بل ويتلاحمان سويا كما ان العين والغين ايضا يشكلان دائرة مغلقة لا يسمحان فيها لاى دخيل وهنا كان يقصد حرف الغين فى كلمة الغول
.....
دخلت ولاء وما ان وجدت امها الا وارتمت فى حضنها واخذت تبكى وتقول : ما عاد يحبنى يا امى ورفضنى بشدة
ربتت الام على ظهرها وهى تشد عل حضنها وقالت مواسية لها : يا بنيتى انه مجروج جرح عميق فجرحة كان على قدر حبه ووليد كان لا يحبك حب عادى
ولاء بدموع : ولكنى استرجيته ان يغفر لى ذلتى ولكنه لم يفسح لى اى طريق للسماع او العودة الى قلبه
ردت عليها خالتها ام وليد : لا تبكى يا بنيتى سيهدا بالتاكيد ولكنه يحتاج الى وقت انا ادرى الناس بابنى فهو عندما يحب يحب بكل كيانه وما صدر منكى ليس بالهين
ولاء : ما يقهرنى الان يا خالتى ليس صده لى بل لانى رايت فى عينيه عشق جديد
تعجبت كلا من والدتها وخالتها على كلامها وكذبوا شعورها
خالتها : لا يا بنيتى انتى تتوهمين ذلك لانك لم تعتادين صده و..
قاطعتها ولاء وهى تبكى بمرارة وتشير الى نفسها وقالت : لا يا خالتى ولكن لانى اقرب الناس الى وليد واعلم كيف اقرا عينيه وما داخل اعماقه فهو يعشق اخرى وربما انه فى البداية ولكنه يعشق حقا وانا اعلم منكى فى هذا فقد قرات لمعة عينيه
خالتها بتعجب وفى نفسها : ايعقل هذا ؟ هل نسى وليد ولاء ومن تلك التى فى مقدورها ان تنسيه حبه لها ؟
دخل عليهم وليد فى تلك اللحظة فنظر اليهم ونظر الى ولاء وعرف انها كانت تبكيه لهم فاشاح عنهم واغرب بوجهه وتوجه للسلم ليصعد الى غرفته وهو يقول لامه : من فضلك يا اماه ان تكرمتى فلتعدى لى فنجان من القهوة
ولم يحاول ان يتفوه باى حرف اخر حتى لا يفتح اى مجال اخر للكلام
.........
فى الحديقة عبير تجلس مع سليم وفى قمة نشوتها وهو يمطرها بكلماته العذبة
سليم : انا اشفق عليكى يا عبير ولا اريدك ان تظلمى نفسك بالارتباط بانسان عاحز ليس فى مقدوره ان يسعدك كما ينبغى وربما ان تركتى لنفسك برهة من التفكير لفهمتى ما اقصده فانتى فى ريعان شبابك ويتمناكى اعظم الرجال فلما اجبرتى نفسك على الارتباط بى
عبير بحزن من كلامه : لما تقول هذا يا سليم هل ترانى اجبرت على الارتباط بك ومن هذا الذى اجبرنى ان لم يعرف احد بحبنا حتى الان
صمتت لبرهة وقالت : ان كان هناك اى اجبار فى ارتباطى بك فقلبى هو من اجبرنى واعتقد ان القلوب ان احبت فقد استحكمت على كامل الجسد اذا فقلبى هو من اجبرنى يا سليم على حبك وان كانى لى اى اختيار اخر بالعقل لاخترتك ايضا
سليم بحزن واغستسلام : ولكنى عاجز وليس لى اى اهل
عبير : انا لم احبك لشكلك او لنسبك والا فهل انت احببتنى لهذا السبب
قاطعها بسرعة نافيا : لا انا احببتك لانك عبير ايا كان شكلك او نسبك
عبير : ولما تعتبر ان اخالفك فى حبى وان حبى لا يرتقى لحبك ؟
سليم : انا اعرف مقدار حبك يا عبير ولكنى اشفق عليكى
عبير : من ماذا ؟ انسيت ان وليد اخى قال انك ستجرى العملية فى القريب وستشفى باذن الله
سليم : لا تضحكين على نفسك يا عبير وليد يبث فى مجرد امل وانتى تعلمين انه قال انه يبحث عن اى فرد من عائلتى حتى يوافق على اخذ بعض الخلايا الجزعيه منه وهذا مستحيل فاعمامى لن يرضوا بمثل هذا والا فلما تركونى من الاساس هنا ولم يتولوا هم شانى ؟
عبير : ايا ما كان انا احبك كما انت هكذا ويكفينى فخرا انك تفوقت فى دراستك وتعمل الان معيدا فى كلية من كليات القمة وغدا سيكون لك شان كبير وسافتخر انا انى زوجتك
ابتسمت وقالت : اين غذائى اليومى ام نويت ن تضنى علي به اليوم ؟
ابتسم لها واخرج ورقة من جيبه وقال : ان كانت تلك الاشعار هى غذائك فهى غذائى وروحى انا ايضا فلا تعلمين كم هى سعادتى وانا اكتبها لكى
اخذتها منه وقالت ساكتبها على جدران معبدى بجوار اخواتها
سليم بابتسامة حالمة : متى سادخل لمعبدك هذا وارى ما فيه ؟
ابتسمت خجلا وقالت : لن تدخله الا يوم زفافنا فهذا عهدى مع نفسى الا يدخله الا اثنين انت واخى وليد
سليم : ومتى سيدخله وليد ؟
عبير : سيدخله وقت ان ابوح له بحبى لك ولكنى حتى الان خجلة منه فهو يعاملنى كابى كما تعلم ولهذا فهناك حاجز احترام بيننا يقيدنى
سليم : اعتقد انه يعلم ما بيننا فوليد رجل ذكى ويقرا الوجوه بحرفية رائعة
عبير : اعلم انه يعلم ما بيننا ولكن علمه شىء ومصارحتى له شىء اخر
سليم بقلق : هل تعتقدى ان سيبارك زواجنا ام انه سيرفضنى ؟
عبير : عجبا لك من اين تقول انك تعلم ان اخى يقرا الوجوه بمهارة وانه يعلم اننا مرتبطين وفى ذات الوقت تشكك فى موافقته ؟
سليم : يا عبير انا اتكلم عن اخ فوليد ايا كان مدى معرفته بحبنا الا انه اخ ويريد لاخته افضل رجل و..
عبير مقاطعه : اخى يعلم انك افضل رجل وانك خير من يصوننى خاصة وانت نفسك تربية يده مثلى تماما ثم ان اخى يثق فى اختياراتى فلا داعى للقلق ولا تنسى ايضا انه دوما يعترف بجميل والدك عليه
هنا تجهم وجه سليم وبتر الكلام وشعرت هى بذلك وهمت ان تكمل الا انهم سمعوا صوت نغمات عذبة هادئة تاتى من نافذة غرفة وليد فحدقت عبر فى وجه سليم بدهشة وبفرحة عارمة قامت من مكانها وكانها تطير وقالت لقد عاد اخى للعزف على عوده اذن فجرح قلبه قد شفا وسيعود الى الحانه الهادئة مرة اخرى
فرح سليم كذلك مثلها ولكنها لم تعطيه فرصة للحديث بل ركضت نحو غرفة اخيها مسرعة
ما ان دخلت مسرعة الا ووجدت ولاء تبكى لانها هى الاخرى سمعت الحانه وشعرت بما شعرت به عبير بينما وجدت والدتها تصعد السلم ببطء وفى يدها فنجن قهوته فغمزت لها عبير وسبقتها على درجات السلم وفتحت باب حجرته بلهفة وكانت لازالت تركض واقتربت منه وجلست تحته تستمع لعزفه ولازالت الابتسامة تعلو وجهها ودخلت خلفها امها وهى كذلك منتعشة الملامح لانها شعرت ان ابنها اخيرا عاد الى طبيعته
انتظت عبير وامها حتى انتهى من عزفه وصفقت عبير بينما اقتربت امه منه وقبلت راسه بحنان وهى تر بت على ظهره
عبير بفرحة : ما اعذبه لحن يا ابى
بينما قالت امه بحنان : منذ زمن وانا اتمنى ان اراك تمسك عودك يا بنى حتى اتاتكد انك سعيد حقا ولا تتمثل السعادة
وضع عوده بجواره وقبل يد امه وابتسم دون ان يتفوه بحرف
عبير : اراك يا ابى تعزف لحنا عذبا فمن يا ترى صاحبة الهامه
يعنى انا أجلت نشر الرواية للإجازة علشان التقى تفاعل فتصدمونى بقلته برده يعنى مجهود كدة راح ؟
............
نظرت له متوترة وقالت بسرعة لا اشكرك لا اود ان يرانى احدأ معك وهمت ان ترحل ووقفت فجاة وسالته : كيف حال عمر لقد استوحشته كثيرا
ابتسم لها وقال بهدوء : لقد صار عمره سنة وانتى تمنعين نفسك عن رؤيته وربما انتى اكثر الناس قد يشعر معكى بحنان امه فرائحة الاخوات تتشابه
توترت من كلمته وقالت : انى اطمئن عليه من راجية وعلمت انه بصحة جيدة
اذا انتى لم تفهمين شيئا مما قلته انفا
نظرت له بعين مستفهمة فرد عليها دون ان تسال وقال بابتسامة عذبة وهو يميل قليلا نحوها : الان سارد عليكى دون ان تسالى لاثبت لكى ان الجهاز العصبى يفهم حتى النظرات ويترجمها ولاثبت لكى انه فى مقدورى ان اقرا وجهك ببساطة
توترت اكثر ولكنها ظلت صامته بينما قال هو : الم اقل لكى هناك فرق بين الصحة وبين الجياع للعواطف وعمر فى صحة جيدة ولكنه فاقد لمشاعر الام او الخالة الودودة مثلك
ابتلعت ريقها فى توتر وقالت بصوت متلعثم : سازوره بالتاكيد وهمت ان ترحل من امامه الا انه استوقفها بصوته العذب مرة اخرى وقال : متى
عنود : قلت سازوره ولم اقل سازوره قريبا
وليد : ولكنى اريده ان يكون قريبا
اخذت نفس عميق وقالت : سيكون قريبا
افسح لها الطريق ولازالت ابتسامته تشرق وجهه وقال بنفس صوته الرخيم : اريده فى القريب العاجل وسانتظرك ولن امل
خرجت بسرعة قبل ان ينطق بحرف اخر وما ان خرجت الا ووقفت قليلا لتستنشق بعضا من الهواء النقى الذى شعرت انها تفتقده كلما واجهته ثم ابتسمت على حالها ومدت يدها لتربت على قلبيها وكانها تهدا من نبضاته وعاودت السير فى طريق عودتها لمنزلها وما ان دخلت لبيتها الا واول شىء فتحته هو حاسوبها وبدات تكتب له
ما ان شعر باهتزاز هاتفه ينبا عن وصول رسالة الا وضحك وهو يبتعد عن العجوز وقال انها هى ايها العجوزساتركك الان لاعيش احلامى السعيدة معها
ضحك عليه مراد ولوح له بيده وهو يراه يغادر المكان
.......
العنود : مرحبا بك ايها الغول انا اكتب لك الان وانا فى قمة سعادتى فقد انست اليوم بحديث طويل معه وكم وددت الا ينتهى هذا الحديث ابدا
وليد : مادمتى سعيدة فهذا اهم ما فى الموضوع ايا كانت طبيعة تلك المقابلة ولكن استشعرى السعادة وهناى بها نفسك ولكن لى طلب عندك فما دمتى اشاركك سعادتك الان فاود ان اشاركك اسرارك فكم انا ايضا اود ان اشارككى اسرارى ولكنى اشعر انك لا ترغبين
عنود : على العكس تماما ولكنى اخشى ان حكيت لك الا تفهمنى او ربما تغيرت صورتك عنى و هذا ما اخشاه فانا حقا اشعر معك بتكامل غريب
الغول : ان كنتى تعرفين معنى كلمة التكامل حقا ما كنتى شعرتى ان صورتك ستتبدل ملامحها فالشى المتكامل ان نقص فيه شىء نقص فى نصفه الاخر ايضا فالمتكاملان لا يصيران متنافران ابدا حتى وان توهموا التنافر
مر الوقت عليهم استفاضت فيه عنود بالكلام مع الغول وللوهلة الاولى شعرت بالسعادة انها حكت له كل شىء بصراحة ولم تشعر منه باى مبادرة لفهمها بعكس ما قالت ولعل هذا قربها منه اكثر وربطها اكثر ولكن الغريب ان بدا بداخلها شعور غريب فبدات تشعر انها تكلم وليد او ربما استشعرت انهما متشابهين درجة ان يصبحوا شخص واحد فقد طلبت منه ان تحادثه صوت وما ان سمعت نبرة صوته الدافئة الا وودت ان تراه ولكنها كانت تخشى ان ينفرها هو
لكن ما اسعدها انه لم يرهقها فى طلب اعلاء صوته فقد قدر هو حالتها وحدثها بصوت تسمعه مما جعلها لا تشعر بغر به معه ولا حرج
عنود : هل لى ان اعترف لك بشىء . ان صوتك لدافىء حنون على الرغم من قوة نبراته لكنه اخذنى لعالم اخر
ضحك عاليا فاقشعر جسدها فقد شعرت ان من يضحك هو وليدها
صمتت للحظة وعادت تقول : لقد صار اكثر جاذبية بعدما اطلق لحيته واجمل ما فيها تلك الشعرات البيضاء التى تتخلل سوادها
لم يضحك هذه المرة على الرغم منسعادته وهى تصفه هكذا ولكن هو الاخر كان يتخيل قمة ملامحها وقال : انتى ايضا تمتازين بصوت هادىء يبعث الحياة فى اذن من يسمعه ولعل اباكى كان محقا ان يغار عليكى
تعجبت من كلمته وقالت : هل اخبرتك من قبل ان هذا هو راى العجوز ام انه مجرد رايى لك
وليد : بل انتى من اخبرتينى ايتها الصغيرة بكل مادار بينك وبينه
.......
استيقظ وليد فى صباح اليوم التالى واخذ حمامه وخرج من غرفته ورائحة عطره المنعشة تركت خلفه نسيم نبه ولاء انه خرج لتوه من غرفته فركضت نحو باب غرفتها وفتحت المقبض بسرعة حتى انه هو الاخر تنبه لصوت فتح الباب وعلم انها تسرع لتلحق به قبل ان يهبط لوالدته فى الحديقة ونادت عليه بصوت يملاه الرجاء للاستيقاف
ولاء : وليد
اهتز وليد للحظات فلازالت نبرات صوتها تذكره بالم حب مضى ومع ذلك وقف لها
وليد بثبات : اهلا ولاء كيف حالك ؟
ولاء : ليس لى اى حال مادمت افترقت عنك
وليد بجفاء : يا ولاء ليس لهذا الكلام اى داعى الان
ولاء : الا زلت تعاند وتصر على الا تغفر لى ؟
وليد : يا ولاء انا لا اعاند انا فقط اواجهك بحقيقة انتى تحاولين اغفالها
اقتربت منه ولاء ومدت يدها ولامست كفه لعله يشعر بالحنين لها من لمساتها وهذا بالفعل ما فهمه منها فسحب يده بهدوء بينما واصلت هى قائلة : الم تعد تحن الى لمساتى بعد ان كنت لا تشعر الا بدفئها
وليد : ارجوكى يا ولاء قلت لكى لا داعى لهذا الكلام فقد كبرنا ونضجنا وخاض كل منا تجربته الخاصة
ولاء : ولكنى تجربتى معك هى الحقيقة الوحيدة فى حياتى التى لم اشعر بانى انثى الا وانا اعيشها معك
ما سرت فى ارض مشيناها معا الا رايتك فى مدى خطواتى
ما غبت عن عينى وربك ساعة فروحى وروحك ساكنان بذاتى
وليد : انظرى الى حديثك يا ولاء لتتنبهى انتى تتحدثين بصيغة الماضى والماضى لا يعود
ولاء : الماضى لا يعود ولكن الحب الحقيقى لازال ينبض بقلوبنا
وليد : ارجوكى يا ولاء لا تستخدمى صيغة الجمع
ولاء: ومن قال انى استخدم صيغة الجمع فانا وانت دوما ما كنا شخص واحد
وليد : نعم هذا صحيح وصحيح ايضا اعترافك باننا كنا
ولاء بدموع : ارجوك لا تعذبنى بحبى لك اكثر من هذا
وليد : انا لا اعذبك البتة ولكن انتى من تعذبين نفسك وانا ارحمك من نفسك فخافى من نفسك عليكى فانا لم ولن اعد اليكى ...
بترت كلامه وكادت ان تكمل هى لولا انها سمعت صوت ركض عبير وهى قادمة نحوهم وتدندن
عبير : صباح الخير يا والدى العزيز صباح الخير يا ابلة ولاء
نظرت ولاء للارض حتى لا تكتشف عبير دموع عينيها ونظرات التوسل لوليد وقالت : صباح الخير ياعبير ثم تحركت من امامهما
عبير وضعت يدها لتتابط وليد وقالت : لازالت تسترجيك للرجوع اليس كذلك ؟
وليد : وما شانك انتى ايتها المشاكسة صغيرة افراد البيت
عبير بمرح : لم اعد صغيرة فقد تجاوزت العشرون عاما منذ شهرين وكبرت واصبحت اتعقل الامور وافهم من حولى جيدا وربما اصبحت مثلك افهم فى لغة الوجوه
اطلق ضحكة عالية وهما يسيران نحو الخارج وقال : مهما حاولتى فلن تكونى تلميذة ذكية وان اردتى ان احكم عليكى حقا لابد ان تسمحى لى بدخول معبدك هذا واشار بيده على باب غرفتها وهو يغمز لها بطرف عينه فضحكت هى وقالت : اعدك انى لن اسمح لاحد بزيارتها الا انت و...
تنبهت قبل ان تكمل عبارتها فبترتها على الفور وقالت : اقصد انك ستكون اول من يدخلها
غمز لها مرة اخرى زقال : اعرف ان اول من سيدخلها ولكن السؤال من هذا الذى ساسبقه انا فى الدخول الى معبدك
احمرت وجنتيها واكتفت بابتسامة عذبة له لانها تعلم انه يعلم اسم الشخص الذى بترت هى عبارتها قبل ان تنطق اسمه ولم يكن هذا الشخص سوى سليم ابن الدكتور مراد
عبير فى محاولة لانهاء استفزاز اخيها لها : هيا يا ابى اسرع فامى تستعجلنا على الفطور
ما ان خرجا وليد وعبير وقد سبقتهم ولاء الى الحديقة حتى وجدا كلا من امه وخالته وسليم فى انتظارهم على الفطور
.......
بعد ان تناولوا الفطور جلس وليد جوار امه بينما جلست خالته ام ولاء امامهم وجلست ولاء جوارها
الوالدة : كيف حال مركزك الطبى يا بنى هل انتهيت منه
وليد : نعم يا اماه وان كنا لازلنا فى طور التجهيزات الاخيرة ولكنه يصلح لاستقبال اى استشارات اما الجزء الخاص بجراحة المخ فلازال هناك بعض التجهيزات الاكبر حجما
ولاء : هل من الممكن ان تاخذنى فى زيارة له فاريد ان ارى ما كنا نحلم به بعد ان اصبح حقيقة
لم يلتفت اليها وليد متعمدا بينما رد عليها وهو لازال ينظر الى امه : ما رايك يا اماه ان تاتوا معى جميعكم لترون حلمى منذ القدم
شعرت ولاء بالخزى لانها فشلت فى جذب زمام الكلام نحوها
الام : لا هعليك منى انا وخالتك يا بنى بل خذ ولاء وعبير وسليم وان اردت فادعو اختك هبة وزوجها احمد ليذهبوا معك
وليد : بالطبع يا امى سيسعدنى ذلك
تفرق الجميع كلا لما يسويه فدخلت امه وخالته ليعدوا طعام الغذاء بينما جلست عبير بجوار سليم يتحدثون فى ركن بعيد قليلا عن وليد
اما هو فشرد قليلا فى عنود وما ان تذكرها وتذكر كلماتها معه امس الا وارتسمت ابتسامته صافية على ملامحه
لاحظته ولاء فانقبض قلبها فها هى نفس ابتسامته العذبة التى كان يحتضنها يوما ما بها ولكن الان فياترى هى لمن خاصه انها تعلم انها ليست لها بل انه لم يلمح اقترابها منه من الاساس فهو كان فى عالم اخر وهذا ما اشعرها بالانقباض وسالت نفسها فى خوف : هل وجد حب اخر دونها
انتبه اخيرا لها ونظر لها ولم يعلق ولكنه شعر بالتوتر وهى تجلس هكذا الى جواره
وليد لم يعد يحبها ولكننا لا ننكر ان داخله بقايا شعور لحب كان قوى لها فنحن بشر ولا يمكن ان نمحى من ذاكراتنا اى شىء مؤلم كما اننا لا نستطيع ان نمحوا كل ما هو يسعدنا فكلاهما مشاعر تقطن فى الفؤاد وسبحان من قال ان القلب لا يسمى فؤادا الا عندما يحب ايا كانت نتيجة الحب تلك هل ستنتهى نهاية سعيدة ام يعقبها فراق والم
ولاء : هلا اعطيتنى فرصة اخيرة لاسكن قلبك ثانية . ارجوك يا وليد فانا قد اخطات واعترفت بخطاى فاغفر لى
هنا تجهمت ملامحه وارتسمت بدلا من الابتسامة العذبة ملامح مملوءة بالحزن واخذ يستنشق هواءه بصعوبه فكررت مقولتها كنوع من الرجاء
فجاة اعتدل فى جلسته حتى اصبح مقابلا لها وامسك بمعصميها بكل عصبيه وقال وهو يضغط على فكيه من فرط العصبيه وقال : انتى لم تخطاى انتى خنتى فلا تتلاعبى بالالفاظ فشتان بين تلك وذاك فجميعنا نخطىء ونصيب وما الحياة الا مواقف خاطئة ومواقف صائبة ولكن ليس جميعا خائنين وانتى غدرتى بى وانا فى اضعف اوقاتى . غدرتى بى وانا فى اشد الاحتياج الى كلمة تشجيع منك لان اواصل الحياة
كان يلزمنى قربك يا ولاء وليس مجرد وجود لك فى حياتى وليتك تعرفين الفرق بينهما كم كنت اتمنى ان اجدك الى جوارى دون ان اكون مضطر لطلب ذلك منك كم كنت اتمنى ان تكسرين معى اسوار الحياة الحائلة بيننا وبين حياتنا التى كنا نتمناها ونتقاسم تخيلنا لها
كنت اظن انه لم يخلق ما قد يبعدك يوما عنى . كنت احتاج الى امان كثيرا ما كنت ابسه اليك وانا فى اشد الحاجة اليه
ان كان كل شىء سهلة والحياة سهلة فلاى ميزة اخترتينى
كنت استمد قواى منك و كنت ارى نفسى فى عينيكى بل كنت ارى الحياة باكملها فى ملامحك فكنتى انتى الحياة
اين الحب الذى كنتى تتغنين به فاى حب هذا الذى تركتينى فيه مع اول عسرة
حاد ببصره عنها وصمت قليلا وكان قد استرجع ذكرياته الاليمة ثم عاد ونظر لها مرة اخرى وقال بنبرات تحمل فى طياتها كل الم وحسرة : لما يا ولاء فعلتى بى هذا لقد كنتى لى كل شىء وكان على ان اتحمل انى فجاة اجدك لاشىء فى حياتى فى حين انتى وقتها كنتى تتنعمين بدفء احضان رجل غيرى لما هربتى من حياتى واخذتى فؤادى معكى
كنت اتمنى ان اجدك جوارى وتفهمين كلماتى دون ان اترجاك لسماعى كنت اتمنى ان تكونى هنا جوارى لانك انت كنتى تريدين هذا قبلى
كنت فى اشد الحاجة لقلب يحارب الدنيا معى وكنت اظنك انتى هذا الشخص فاكتشفت انما احارب وحدى بل وجدتك انتى اول المحاربين لى
بكت بحرقة وقالت : ابدا يا وليد لم تكن احضان دافئة بل كانت احضان باردة بل كانت كالجليد
صعق من ردها واستنكرها وقال بكل غضب : اذن ان كنتى وجدتيها دافئة ما كنتى تذكرتينى للابد ؟
سالتها عن فؤادى اين موضعه فانه ضل عنى عند مسراها
قالت لدى قلوب جمة جمعتها فاين انت تعنى ؟
تحجرت الدموع فى احداقى واجتها فقلت اشقاها
قالت مقاطعة له وهى لازالت تبكى : ابدا يا وليد ليس كما تفهم ولكنى اكتشفت انى لم ولن اشعر بدفء اى حضن اخر الا حضنك حتى وان كنت احضن بين اضلعى النار ذاتها
قام من مكانه وقد اصبح وكانه يقف على جمر من نار من اجابتها وقال بعصبية : انتى كاذبة ولكنك تبررين خطا اختيارك بانك لم تنعمى بغيرى وان كان صحيحا ما تقولين لكانت عينك ايضا رفضت ان ترى غيرى ولكنك كاذبة انتى اخترتيه عن اقتناع منك لانك خشيتى ان يذهب عمرك وانتى تنتظرينى
شهقت من بكاءها وقالت : ربما فانا انثى واخاف ان اصبح عجوز فلا احلو فى عين اى رجل
انتى كنتى لى الدنيا وكنت لا ارى الا جنتك وجمال ملامحك ومهما طال العمر بنا كنت لم ولن ارى الا الجمال فيكى وان كنتى شعرتى بصدق حبى لعلمتى انكى كنتى لى الحب النقى الذى لم يدنس باى مشاعر من قبلك فقلبى اول ما نبض نبض لكى وبين يديكى
قالت بلغت الثلاثين فهل ترى انى كبرت على الجمال فزالا ؟
قلت الذى سواك ابدع صانع فزادتك تلك الثلاثون جمالا
كالبدر منتصف الجمال كماله والا انتى اشد منه كمالاً
ولاء : ولكن الواو والواو لا يشكلان الا قلبا جميلا قلبى وقلبك (تقصد اول حرف من اسميهما )
دفن وجهه بين كفيه وقال : كفاك ارجوكى . كفاكى تمزيق فى ذاتى لانى اتذكر كم كنت غبيا لاننى كنت احب بصدق كنت غبيا لاننى انا من خذلت نفسى عندما راهنت على انك اولى الناس بالوفاء لحبى
وكان يجب على ان اعرف ان الوفاء ليس بما رايته بام عينى ولكن الوفاء هو ما كان يحدث من خلفى ولكنى كنت اعمى
وقتها عرفت ان الافضل ان لا ابحث عن انثى اتمناها بل ابحث عن انثى تتمنانى فتفخرى بى تاجها اما انتى فجعلتينى مثل نعلك خلعتينى وقتما شئتى بل رميتينى
وانى اراك بعين قلبى جنة يا من بقربك مر الحياة يطيب
وارى الحياة بدون وصلك مرة وارى جروحى ما لها طبيب
وارى الغروب اذا التقينا متعه وارى الشروق لدى الفراق غروب
مدت يدها وخلعت سلسلتها التى كانت ترتديها وسحبت يده ووضعتها في كفه وقالت : انظر الى حرفينا الم يكونا معا قلبا واحدا مثلما فى تلك السلسة
استطردت قائلة : انظر اليها والى القلب الم تكن هذه اول هدية لى منك ؟ اقسم لك انى لم اخلعها من يومها حتى وانا على ذمة رجل اخر فمعناها لا يفهمه الا كلانا واذا نظرت فى كل ركن لوجدت مثله محفور على اشجار الحديثة وعهلى الجدران وحتى على تخت نومك اعنى انى لم ولن افارقك يا وليد حتى مهما كابرت وعاندت
وضعتها فى كفه ورحلت من امامه بسرعة
بينما هو امسك بالسلسلة وتامل الحرفين فقد التحم الحرفين وهما متقابلين حتى صرن يرسلمان قلبا فاغرورقت عيناه على ذاك الجب الصادق الذى عاشه يوما ولكنه يعترف بكامل قواه وعقله انه كان ومضى ولكنه الان يحيى حب من نوع اخر حب جاءه فجاة فاختطفه دون ان يشعر دون اى ترتيبات منه ودون اى تعود عليه فربما كان حبه لولاء فيه شىء من التعود على شىء من البراءة والنقاء حيث انه لم يحب غيرها لانه لم يرى غيرها اما الان فهو يحب بالقلب والعقل يحب وهو ناضج يفهم معنى الحب فشتان بين هذا وذاك فى المشاعر فالاول حب كله حرارة وعنفوان شباب وغيرة قاتلة وربما رغبة جنسية كذلك اما الان فهو فى غنى عن كل ذلك فهو يحب بثبات وبعمق وبنضج وبعد تجربة وبعد زواج كذلك فحبه لعنود لم يحتاج فيه لعنفوان او لرغبه ولكنه يحبها لاجلها هى . يحبها لاجل الحب الحقيقى فلا مجال لرغبة او طيش
اخذ نفس عميق وهو يتذكرها فى مثل هذا الموقف ويقارنها بولاء فابتسم وقال بصوت هامس لنفسه : والله ان العين لتصنع مع الواو القلب والاحتضان بل ويتلاحمان سويا كما ان العين والغين ايضا يشكلان دائرة مغلقة لا يسمحان فيها لاى دخيل وهنا كان يقصد حرف الغين فى كلمة الغول
.....
دخلت ولاء وما ان وجدت امها الا وارتمت فى حضنها واخذت تبكى وتقول : ما عاد يحبنى يا امى ورفضنى بشدة
ربتت الام على ظهرها وهى تشد عل حضنها وقالت مواسية لها : يا بنيتى انه مجروج جرح عميق فجرحة كان على قدر حبه ووليد كان لا يحبك حب عادى
ولاء بدموع : ولكنى استرجيته ان يغفر لى ذلتى ولكنه لم يفسح لى اى طريق للسماع او العودة الى قلبه
ردت عليها خالتها ام وليد : لا تبكى يا بنيتى سيهدا بالتاكيد ولكنه يحتاج الى وقت انا ادرى الناس بابنى فهو عندما يحب يحب بكل كيانه وما صدر منكى ليس بالهين
ولاء : ما يقهرنى الان يا خالتى ليس صده لى بل لانى رايت فى عينيه عشق جديد
تعجبت كلا من والدتها وخالتها على كلامها وكذبوا شعورها
خالتها : لا يا بنيتى انتى تتوهمين ذلك لانك لم تعتادين صده و..
قاطعتها ولاء وهى تبكى بمرارة وتشير الى نفسها وقالت : لا يا خالتى ولكن لانى اقرب الناس الى وليد واعلم كيف اقرا عينيه وما داخل اعماقه فهو يعشق اخرى وربما انه فى البداية ولكنه يعشق حقا وانا اعلم منكى فى هذا فقد قرات لمعة عينيه
خالتها بتعجب وفى نفسها : ايعقل هذا ؟ هل نسى وليد ولاء ومن تلك التى فى مقدورها ان تنسيه حبه لها ؟
دخل عليهم وليد فى تلك اللحظة فنظر اليهم ونظر الى ولاء وعرف انها كانت تبكيه لهم فاشاح عنهم واغرب بوجهه وتوجه للسلم ليصعد الى غرفته وهو يقول لامه : من فضلك يا اماه ان تكرمتى فلتعدى لى فنجان من القهوة
ولم يحاول ان يتفوه باى حرف اخر حتى لا يفتح اى مجال اخر للكلام
.........
فى الحديقة عبير تجلس مع سليم وفى قمة نشوتها وهو يمطرها بكلماته العذبة
سليم : انا اشفق عليكى يا عبير ولا اريدك ان تظلمى نفسك بالارتباط بانسان عاحز ليس فى مقدوره ان يسعدك كما ينبغى وربما ان تركتى لنفسك برهة من التفكير لفهمتى ما اقصده فانتى فى ريعان شبابك ويتمناكى اعظم الرجال فلما اجبرتى نفسك على الارتباط بى
عبير بحزن من كلامه : لما تقول هذا يا سليم هل ترانى اجبرت على الارتباط بك ومن هذا الذى اجبرنى ان لم يعرف احد بحبنا حتى الان
صمتت لبرهة وقالت : ان كان هناك اى اجبار فى ارتباطى بك فقلبى هو من اجبرنى واعتقد ان القلوب ان احبت فقد استحكمت على كامل الجسد اذا فقلبى هو من اجبرنى يا سليم على حبك وان كانى لى اى اختيار اخر بالعقل لاخترتك ايضا
سليم بحزن واغستسلام : ولكنى عاجز وليس لى اى اهل
عبير : انا لم احبك لشكلك او لنسبك والا فهل انت احببتنى لهذا السبب
قاطعها بسرعة نافيا : لا انا احببتك لانك عبير ايا كان شكلك او نسبك
عبير : ولما تعتبر ان اخالفك فى حبى وان حبى لا يرتقى لحبك ؟
سليم : انا اعرف مقدار حبك يا عبير ولكنى اشفق عليكى
عبير : من ماذا ؟ انسيت ان وليد اخى قال انك ستجرى العملية فى القريب وستشفى باذن الله
سليم : لا تضحكين على نفسك يا عبير وليد يبث فى مجرد امل وانتى تعلمين انه قال انه يبحث عن اى فرد من عائلتى حتى يوافق على اخذ بعض الخلايا الجزعيه منه وهذا مستحيل فاعمامى لن يرضوا بمثل هذا والا فلما تركونى من الاساس هنا ولم يتولوا هم شانى ؟
عبير : ايا ما كان انا احبك كما انت هكذا ويكفينى فخرا انك تفوقت فى دراستك وتعمل الان معيدا فى كلية من كليات القمة وغدا سيكون لك شان كبير وسافتخر انا انى زوجتك
ابتسمت وقالت : اين غذائى اليومى ام نويت ن تضنى علي به اليوم ؟
ابتسم لها واخرج ورقة من جيبه وقال : ان كانت تلك الاشعار هى غذائك فهى غذائى وروحى انا ايضا فلا تعلمين كم هى سعادتى وانا اكتبها لكى
اخذتها منه وقالت ساكتبها على جدران معبدى بجوار اخواتها
سليم بابتسامة حالمة : متى سادخل لمعبدك هذا وارى ما فيه ؟
ابتسمت خجلا وقالت : لن تدخله الا يوم زفافنا فهذا عهدى مع نفسى الا يدخله الا اثنين انت واخى وليد
سليم : ومتى سيدخله وليد ؟
عبير : سيدخله وقت ان ابوح له بحبى لك ولكنى حتى الان خجلة منه فهو يعاملنى كابى كما تعلم ولهذا فهناك حاجز احترام بيننا يقيدنى
سليم : اعتقد انه يعلم ما بيننا فوليد رجل ذكى ويقرا الوجوه بحرفية رائعة
عبير : اعلم انه يعلم ما بيننا ولكن علمه شىء ومصارحتى له شىء اخر
سليم بقلق : هل تعتقدى ان سيبارك زواجنا ام انه سيرفضنى ؟
عبير : عجبا لك من اين تقول انك تعلم ان اخى يقرا الوجوه بمهارة وانه يعلم اننا مرتبطين وفى ذات الوقت تشكك فى موافقته ؟
سليم : يا عبير انا اتكلم عن اخ فوليد ايا كان مدى معرفته بحبنا الا انه اخ ويريد لاخته افضل رجل و..
عبير مقاطعه : اخى يعلم انك افضل رجل وانك خير من يصوننى خاصة وانت نفسك تربية يده مثلى تماما ثم ان اخى يثق فى اختياراتى فلا داعى للقلق ولا تنسى ايضا انه دوما يعترف بجميل والدك عليه
هنا تجهم وجه سليم وبتر الكلام وشعرت هى بذلك وهمت ان تكمل الا انهم سمعوا صوت نغمات عذبة هادئة تاتى من نافذة غرفة وليد فحدقت عبر فى وجه سليم بدهشة وبفرحة عارمة قامت من مكانها وكانها تطير وقالت لقد عاد اخى للعزف على عوده اذن فجرح قلبه قد شفا وسيعود الى الحانه الهادئة مرة اخرى
فرح سليم كذلك مثلها ولكنها لم تعطيه فرصة للحديث بل ركضت نحو غرفة اخيها مسرعة
ما ان دخلت مسرعة الا ووجدت ولاء تبكى لانها هى الاخرى سمعت الحانه وشعرت بما شعرت به عبير بينما وجدت والدتها تصعد السلم ببطء وفى يدها فنجن قهوته فغمزت لها عبير وسبقتها على درجات السلم وفتحت باب حجرته بلهفة وكانت لازالت تركض واقتربت منه وجلست تحته تستمع لعزفه ولازالت الابتسامة تعلو وجهها ودخلت خلفها امها وهى كذلك منتعشة الملامح لانها شعرت ان ابنها اخيرا عاد الى طبيعته
انتظت عبير وامها حتى انتهى من عزفه وصفقت عبير بينما اقتربت امه منه وقبلت راسه بحنان وهى تر بت على ظهره
عبير بفرحة : ما اعذبه لحن يا ابى
بينما قالت امه بحنان : منذ زمن وانا اتمنى ان اراك تمسك عودك يا بنى حتى اتاتكد انك سعيد حقا ولا تتمثل السعادة
وضع عوده بجواره وقبل يد امه وابتسم دون ان يتفوه بحرف
عبير : اراك يا ابى تعزف لحنا عذبا فمن يا ترى صاحبة الهامه
