اخر الروايات

رواية عودة بدران المر الفصل الخامس 5 بقلم هدي زايد

رواية عودة بدران المر الفصل الخامس 5 بقلم هدي زايد 


الفصل الخامس
=========
كانت جالسة داخل حجرتها تحاول الوصول لأي حلًا بديل، وقفت عن الأريكة عاقدة ذراعيها خلف ظهرها ثم تعود بهما للأمام مكورة إحدى كفيها ضاربة به الآخر، نظرت لأبيها وجدته يطالعها في صمتٍ تام اتجهت نحوه متسائلة بنبرة حائرة:
- أنت إيه رأيك يا بابا ؟!
تابعت وهي تقف عن حافة الفراش قائلة:
- قول أي حاجة إلا إني اتجوز البتاع اللي برا دا !!
هزت رأسها علامة الضيق وقالت:
- مجرد التخيل بس ببقى انتـ ـحر، ثم مش الناس اللي هتخليني اتجوز لمجرد تافهات بيقولوا عليها عادات وتقاليد !
سحبت نفسًا عميقًا وهي تنظر لوالدها ثم قالت :
- أنا جت لي فكرة كويسة واعتقد إنها هتناسب بدران بردو
خرجت من غرفتها متجهة حيث غرفة "بدران" ناداته أكثر من مرة بنبرة خافتة خرج على إثر صوتها حين ارتفع، كان في سباتٍ عميق تئثاب وهو يتسأل بفضول:
- خير في حاجة ؟!
- لا لا متقلقش تعال بس كلم بابا
- خير !
طرق قبل أن يلج أشارت له بالجلوس ثم أعطت له كأسًا من العصير وهي تقول بإبتسامة واسعة
- اتفضل لسه فاضل نص ساعة على الفجر
رد بإبتسامة واسعة وقال:
- استاذة تولين ارمي مصيبتك على طول بلاش طقم الحنية دا !
- دي أصول الضيافة يا أستاذ بدران
تنهدت وهي تتجه نحو والدها وقالت:
- بص أنا فكرت أنا وبابا كويس اوي وقررنا إننا نشتري نصيبك من الشقة
نظر لوالدها الذي مازال لم يغير تلك النظرة التي تنم عن عدم الرضا، جارها في الحديث وقال:
-وناوية تشتري بكام ؟!
ردت بإبتسامة واسعة وقالت:
-يعني نقدر نقول اتفقنا بشكل مبدئي ؟!
-لا دا مجرد سؤال فضول يعني
-اها، طب مجرد إجابة شوف نصيبك بكام وأنا هدفع لك
- مليون يناسبك ؟!
نظرت لوالدها ثم نظرت له وهي تقول بدهشة
-إذا كان الشقة كلها مجبتش نص الرقم دا أنت نصيبك لوحده ازاي يبقى مليون
رد ببساطة شديدة وقال:
- والله الموضوع عرض وطلب أنتِ عرضتي وأنا طلبت رقم قادرة عليه ولالا ؟!
سكت مليًا وهي تتنفس بعمق ثم قالت:
- طب سبني احسبها مع نفسي ويومين وهرد عليك و لو اتفقنا هتسيب الشقة قبل يوم الخميس اتفقنا ؟!
- مافيش مشكلة اسيبكم أنا
غادر "بدران" الحجرة تاركًا إياها تفكر مع والدها بصوتٍ عالِ وقالت:
- أنا بفكر أروح لصفوت
اتسعت أعين والدها ما أن وصل لمسامعه اسم بن أخيه نظرت له في حيرة وقالت :
- مالك يا بابا اتغيرت فجأة ليه كدا لما قلت صفوت ؟! ماهو ابن عمي وأكيد مش هايسبني مش كدا ؟! عارف لو عمتو كانت في مصر كنت طلبت منها تساعدني
سألته بنبرة حانية
- خايف عليا ؟! متقلقش أنا هبقى كويسة وابن عمي عمره ما هيأذيني
تابعت حديثها بمرح
- هو صحيح كنت بديله على دماغه كل ما بشوفه ومن احنا صغيريين وحتى لما كبرنا بس خلاص بقى كبرنا يا رضوان
استطردت حديثها بقلق قائلة:
- أنا بس خايفة يكون لسه في قلبه حاجة ناحيتي من وقت ما رفضته !
قرر والدها أن يغمض عيناه تهربًا من ضغطها في أن يحاول أن يكتب لها ردًا على تساؤلاتها، ليته لم يخبرها بأنها يستطيع الكتابة بيده اليسرى، تعلم أنه يتهرب ولن تضغط عليه كما حذرها الطبيب كي لا تسوء حالته بعد التحسن الذي بدا يزحف نحوه .
*****
في عصر اليوم التالي
كانت تقف أمام والدها داخل الشرفة تربت على كتفه بحنو وحب قائلة:
- مش هتأخر متقلقش ادعي لي بس أعرف احلها أنا طلبت من بدران يقعد معاك
تابعت بتحذير واضح بنبرة مرحة
- اوعى تخرج معاه ولا تأكل برا أنت حر يا رضوان أنا بقلك اهو .
كادت أن تذهب لكنها عادت سارت تجاه المطبخ تنحنحت قبل أن تلج وقالت :
- عارفة إن هتقل عليك معلش هو أنا عملت له كل حاجة ساعة مش هتأخر
- مافيش مشكلة عم رضوان حِمل تقيل ولا حاجة يلا بالسلامة من هنا بقى .
*****
خرج من المطبخ حاملًا بين يده كوبًا من الحساء الدافئ، جلس على المقعد ثم وضع أمامه الصحن نظر له وقال باسمًا:
- عملت لك شوربة لسان عصفور إنما إيه حكاية تهدأ بس شوية عشان تعرف تأكلها
تابع بغمزة وهو يقول:
- متقلقش هخرجك الحسين نتسحر هناك
استطرد بنبرة مغتاظة
- بس إياك بنتك متقلبهاش ضلمة علينا وتقف لنا فيها زي اللقمة في الزور
لاحت إبتسامة عريضة ما إن ذكر كلماته المغتاظة عن ابنته، أشار ببصره تجاه الدفتر
سأله "بدران" بفضول وقال:
- عاوز تكتب حاجة ؟!
أومأ له علامة الإيجاب، التقط الدفتر ثم ناوله وبدأ العم رضوان كتابة جملة غير واضحة بسبب رعشة يده لكنه استطاع فهم ما كتبه بصعوبة بالغة نظر له وقال بتساؤل:
- مالها بنتك تولين ؟!
كتب كلمة واحدة مختصرة لما يحدث حوله
( اتجوزها )
نظر "بدران" للدفتر ثم عاد ببصره. قال بتساؤل:
- اتجوزها ؟!
أومأ له علامة الموافقة بينما رد عليه بجدية قائلًا:
- إيه اللي شفته مني يخليك تثق فيا اوي كدا لدرجة إنك تجوزني بنتك إيه هو يا عم رضوان اللي مخليك واثق كدا دا عمي اللي أنا من لحمه ود مه مأمنش إنه يديني بنته مع إني عمري مافكرت أأذيها حتى لما داست عليا سبتها وقلت ربنا يعوضني خير بعيد عنها، أنت بقى مش خايف اتجوزها وارميها بعد كدا ؟!
ابتسم له وكتب
( كنت عملتها من زمان)
رد "بدران" بضيق وقال:
- أنت مش فاهم أنا مش هتكسف لما اقولك كدا بس أنا مش لاقي أأكل نفسي يبقى ازاي هأكلها
تابع بنبرة حزينة:
- متزعلش مني بس بنتك من وادي وأنا من وادي تاني خالص أنت نفسك متحملش ووقعت لما مقدرتش توفي طلباتها اللي متعودة عليها مابالك أنا اللي المفروض جوزها أنا لو قلبت مصباح علاء الدين بردو مش هعرف اعيشها في المستوى اللي كانت عايشة في
استكمل بتذكر وقال:
- أنت ليه متقولش لابن اخوك يتجوزها أنا عرفت إن عندك أخ واللي فهمته انهم نفس المستوى بتاعكم يعني إنتوا الاتنين كبار انما أنا بأكل نفسي بالعافية لامؤاخذة يعني
كتب العم رضوان
( مش هتصرف على بنتي أنت مجرد صورة قدام الناس)
قرأ "بدران" عبارته وهو يتنفس بضيق ثم قال بضجر
- حتى لو زي مابتقول ماهي بردو شرعًا مسؤولة مني
تابع برجاء وقال
- ياعم رضوان الله يبارك لك شوف لك حد غيري أنا لما حطيت المليون جنيه حطيته عشان شفت في عينك توسل اني ارفض
ختم حديثه قائلًا بإقتراح
- اقلك خلي ابن عمها يتجوزها هو اولي بيها مني
كتب العم رضوان جملته بعصبية تناول "بدران" قرأ بأعين ذاهلة نظر له وقال بداهشة:
- اخوك و ابنه السبب في شللك ؟! مستحيل !
تابع بتساؤل وقال:
- ازاي هما السبب ؟!
نظر له ثم كتب في دفتره برجاء
( بنتي هتضيع مني وأنا مش هعرف اعمل لها حاجة )
ضاق صدره ولأول مرة نظر له وقال:
- و هو أنا كنت عرفت اعمل لنفسي ؟! الله يبارك لك متحملنيش فوق طاقتي أنا هقف معاها كـ أخ لكن زوج وتحط في رقبتي مسؤولية أكبر مني اعذرني مش هعرف .
بعد مرور أكثر من ساعة
عادت و على وجهها الحزن الشديد، اتجهت مباشرةً حيث غرفتها صفعة الباب خلفها ارتمت بجسدها فوق الفراش واجهشت بالبكاء
طرقات خفيفة جعلتها تتوقف فجأة كفكفت دموعها قامت بفتحه وقالت بعصبية مفرطة
- نعم في إيه ؟!
رد "بدران" بتساؤل
- أنتِ كويسة ؟!
ردت بعصبية قائلة:
- و أنت مالك ليك إيه عشان تسأل انا كويسة ولالا
نظر لأبيها وقال بضيق مكتوم
- طب يا رضوان هاسيبك دلوقت وهرجع لك تانـ...
سحبت والدها وقالت بحدة وصرامة
- امشي اطلع برا وملكش دعوة بي تاني وحسك عينك تقرب له و إلا هطلب لك البوليس أنت فاهم ولالا
رد "بدران" وقال بضيق
- المفروض ارد عليكي بس احترامًا للراجل المريض اللي محتاج يرتاح أنا مش هرد عليكي مع إن والله ماحد مريض غيرك .
جذبته من طرف قميصه لـ يوليها ظهره و دفعته للخارج ثم صفعة باب حجرتها قائلة بعصبية مفرطة
- امشي برا مش عاوزة أشوف وشك .
****
في العاشرة مساءً
كان نائمًا على الأريكة غلبه النعاس ولم يشعر بحاله لم يتناول أحدًا منهم وجبة الإفطار استقيظ على صوتٍ هادئ يوقظه برفق فتح عيناه ثم ارخها ثانيةً وهو يزفر بضيق ثم استدار بجسده واضعًا يده على أذنيه، لم تتوقف عن مناداته فقرر الرحيل قائلًا بنبرة حادة
- سا يب لك الدنيا وماشي اياك ترتاحي بعدها
دخل غرفته ليبدل ملابسه بينما وقفت هي تحدثه من الخارج، فتح الباب وقال بعصبية
- بقلك إيه أنا متحملك ومتحمل الشوية اللي بتعمليهم كل يوم والتاني دول وبقول معذورة انما قلة أدب أنا مبحبش زي ما بحترمك تحترميني ودا مش بمزاجك دا غصب عنك
- أنا آسفة
- وأنا مش قابل اسفك دا
- إيه اللي يرضيك طيب ؟!
- سبيني في حالي ينفع ؟!
- حاضر هاسيبك بس أنا كنت عاوزة اقلك على حاجة
تنهد "بدران" وينظر لسقف الردهة وقال:
- استغفر الله العظيم يارب، يارب الصبر من عندك
-حاجة واحدة وبعدها مش هزعجك تاني والله العظيم
- خير ؟! عاوزة تزعقي لي تاني ؟! ولا يمكن عاوزة تضربيني المرة دي ؟!
- أنا بعتذر لك على اللي حصل الصبح والله ما كنت اقصد
نفذ صبره وهو ينظر لها وقال بضيق
- أنتِ بترغي كتير ليه ؟! ما تقولي عاوزة إيه خليتي امشي !!
نظرت له ثم سكتت مليًا قبل أن تستجمع شجاعتها وهي تقول بنبرة مختنقة :
- أنا عايزة اتجوزك
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close