اخر الروايات

رواية اردتك عمرا فكنت عابرا الفصل الرابع 4 بقلم الهام عبدالرحمن

رواية اردتك عمرا فكنت عابرا الفصل الرابع 4 بقلم الهام عبدالرحمن 


الفصل الرابع🌹
بقلمى الهام عبدالرحمن 🌺
صلوا على الحبيب المصطفى 🌺
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
كان "يونس" جالسًا في البلكونة في نهاية يوم طويل، يتكئ على ذراع الكرسي، ويحتسي كوبًا من الشاي، محاولًا تهدئة أعصابه وسط ضجيج الشارع وضوء الغروب المتسلل بخفة.
من داخل الشقة، كان صوت "ليلى" يعلو وهي تتحدث على الهاتف، ثم فجأة صاحت بنفاد صبر:
ليلى من داخل المنزل: آه يا سمر، استني بقى... الفون هنج تاني! لا والله اتقفل! يا نهار أبيض!
خرجت "ليلى" إلى البلكونة وهي تحمل الهاتف بيدها وهى تشعر بغضب شديد، ووجهها ممتقع من الضيق.
ليلى بغضب: التليفون دا بقى بيستفزني بجد، كل شوية يهنج، وكل ما أكلم حد يقفل لوحده! أنا مش ناقصة دا كله.
رفع "يونس" حاجبه وسألها بهدوء :
يونس: فى ايه بس ياحبيبتى اهدى كدا وقوليلى مالك؟
ليلى بتنهيدة وتكشيرة:
ما انا لسة قايلة اهو الفون بيهنج وبيقفل لوحده كل شويه... أنا زهقت، ونفسي أغيّره.
يونس وهو يرتشف الشاي: خلاص ياحبيبتى انا هاخده معايا بكرا واوديه لحد من اللى بيصلحوا الموبايلات وان شاء الله يرجع احسن من الاول.
ليلى بضيق ورفض: لأ يا يونس، أنا عاوزة أيفون برو ماكس ١٦ .
سعل "يونس" فجأة وكاد يشرق، ثم نظر لها بدهشة:
يونس: إييييه؟ أيفون؟ برو ماكس كمان؟ إنتي عارفة تمنه كام يا ليلى؟
ليلى بلا مبالاة: ايوا عارفة طبعًا، تمنه ٩٨ ألف... بس انت مش هتشتري لي عربية يعني، دا تليفون!ماهو انا مش اقل من صحباتى كل واحدة فيهم شايلة ايفون وبعدين يرضيك ليلى حرم الرائد يونس تشيل فون اقل من ايفون.
يونس ساخرًا: يا بنتي أنا ضابط، مرتبي يادوبك مقضينا بالعافية! انا لو كان معايا المبلغ دا مكنتش قعدت فى البلد اصلا .
ليلى وهي تمسك إيده وتتكلم برقة: والنبي يا بيبي، دا حتى عيد ميلادي قرب، وأنا عاوزة أتباهى بيك قدام صحابي... وأقولهم جوزي جابلي أيفون، مش أقل من كده واعرفهم قد ايه انت بتحبنى ومش بتستخسر فيا حاجة .
تنهد "يونس" وهو يبتسم رغما عنه، ثم قال:
يونس:ياحبيبتى الحب مش بالمظاهر ولا بالهدايا اننا نبقى متفاهمين دا يبقى حب اننا نخاف على مشاعر بعض دا حب اننا نقدر بعض ونحترم بعض دا حب لكن لا يكلف الله نفسا الا وسعها.
ليلى بضيق:يعنى يايونس انا ما استاهلش تفرحنى فى عيد ميلادى؟!
يونس:لا طبعاً تستاهلي سيبيها لله، ربنا ييسرها، وإن شاء الله ربنا يقدم مافيه الخير.
في صباح اليوم التالي، توجه "يونس" إلى منزل والدته، كما اعتاد أن يفعل كلما ضاق صدره أو احتاج لحضن دافئ يحتويه. صعد السلم بخطوات بطيئة، وكأن الهموم أثقلت روحه، حتى وقف أمام الباب وطرقه بخفة.
فتحت له والدته "حسناء" وهي تبتسم بسعادة، واحتضنته كعادتها بحرارة.
حسناء: تعالى ياحبيب قلبى ادخل هو انت معندكش شغل النهارده ولا ايه؟ مالك ياضنايا وشك مش مريحني، فيك إيه؟
يونس وهو يبتسم بتعب: مفيش يا أمي، شوية دوشة كده فى الشغل...
دخل وجلس في الصالة، فأحضرت له كوبًا من العصير وجلست إلى جواره، تراقب ملامحه التي لم تفلت منها، ثم قالت بإصرار:
حسناء: متكدبش عليا يايونس، أنا عارفة ابنى كويس، شكلك زعلان ومخنوق... مالك ياحبيبي؟
تنهد "يونس" تنهيدة ثقيلة، وأسند رأسه على ظهر الكنبة، ثم نظر إليها وقال:
يونس: مش زعلان ياماما... بس تعبان، تعبان اوى... أنا والله مش مقصر مع ليلى، بحاول أفرّحها، أخرجها، أجيب لها اللى تقدر عليه إيدي، بس هى طلباتها ما بتخلصش، وأنا يادوبك بدفع أقساط العربية، وبنصرف بالعافية، المرتب بيطير قبل نص الشهر.
حسناء وهي تطبطب على يده وتبتسم بحنان: ماهى يا حبيبي لسه صغيرة، نفسها تعيش وتفرح زى صحباتها، وانت عارف البنات بيبصوا لبعض وبيحبوا الدلع والحاجات دي. دورك إنك تحتويها وتفرّحها، حتى لو بإمكانيات بسيطة.
يونس: والله ياماما أنا بحاول، بس إمكانياتي على قدي، امبارح فضلت تتكلم عن الآيفون البروماكس، اللى تمنه ٩٨ ألف! تخيّلي؟! دا أنا لو جمعت مرتبي سنة مش هجيبه وهى بتتعامل معايا وكانى بقبض ملايين فى الشهر .
ضحكت "حسناء" بهدوء ومدت يدها إلى درج جانبي، ثم أخرجت ظرفًا صغيرًا وضعته في كفه.
حسناء: خد يابني، دول 10 آلاف جنيه كنت محوشاهم للطوارئ، روح هاتلها تليفون كويس بدل اللى عندها، ووقت ما ربنا يفرّجها عليك ابقا هاتلها الآيفون، يا سيدى ومتزعلهاش.
يونس: ياماما هو انا جاى احكيلك عشان اخد منك فلوس انا بس بفضفض معاكى شوية من خنقتى.
حسناء بحنان: وهو انت مش ابنى الوحيد ان مكنتش انا اساعدك واقف جنبك مين هيساعدك خد الفلوس ياحبيبى وهات لمراتك هدية حلوة وفرحها واجبر بخاطرها عشان ربنا يرضيك.
نظر إليها "يونس" بامتنان، ثم أسرع ليحتضنها ويقبّل يدها بحب:
يونس: إنتى أحنّ مخلوقة على وش الأرض، والله يا أمي.
حسناء:ربنا يهدى سركم ياضنايا ويرزقكم الذرية الصالحة.
يونس:امين يارب العالمين.ثم اكمل ضاحكا سبحان الله ناس يجيلها تليفون جديد وناس تمشى بموبايلها اللى جار عليه الزمن دا أنا رغم انى ظابط الا انى مش شايل ايفون ولا عمرى حتى فكرت اجيبه وراضى بالموبايل الكحيان بتاعى وبقول ربنا يستر ويفضل اصيل وابن ناس ويشد حيله وميهنجش كدا معايا لحد مااخلص من اقساط العربية وبعدين اجدده.
ضحكت "حسناء" من قلبها وقالت مازحة: طيب اسكت ليسمعك ويزعل ويعملها فيك ويهنج هو كمان.
ضحك الاثنان معًا، وفي قلب "يونس" سكينة لم يجدها في أي مكان سوى عند أمه
كان "يونس" ما زال يجلس إلى جوار والدته "حسناء"، يشرب كوب العصير الذى أعدته له بنفسها، بينما تسلل إلى قلبه شيء من الراحة بعد البوح والفضفضة. الجو ساكن، إلا من صوت طقطقة أكواب المطبخ وصوت العصافير خارج اسوار البلكونة ، حين رنّ جرس الباب فجأة.
انتفضت "حسناء" واقفة وقالت وهي تمسك بطرف الطرحة:
حسناء بابتسامة: اكيد دى مسك كانت قايلة انها هتيجى تقعد معايا شوية
لكن "يونس" رفع يده سريعًا وقال بلطف:
يونس: لا خليكى يا أمي استنى ، أنا هفتحلها.
نهض بخفة وتوجه إلى الباب، وفتح بهدوء، فما إن انفتح الباب حتى التقت عيناه بعينيها.
كانت "مسك" تقف على العتبة، بحجابها الرقيق، ووجهها الذى لم يتغير كثيرًا سوى بملامح نضج وخجل طاغٍ. عيناها تلاقيتاه للحظة، ثم ارتبكت سريعًا، واتسعت عيناها بدهشة، وتوردت وجنتاها، كأن قلبها صفعها من الداخل.
وقفت مسك متسمّرة في مكانها، عاجزة عن النطق.
"يونس" بهدوء وابتسامة دافئة:
ازيك يا مسك اتفضلى.
ابتلعت ريقها وبدأت تدير وجهها سريعًا إلى الجهة الأخرى، وهمّت بالرجوع للخلف:
مسك بصوت متوتر: ها... ازيك يا ابيه أنا كنت جاية أقعد مع خالتو شوية، بس طالما انت موجود... خلاص، همشي انا وابقى اجيلها وقت تانى.
مد يده بخفة، وصوته خرج بنبرة لم يستطع إخفاء حنينها:
يونس: رايحة فين يا مسك؟ استني!
توقفت مكانها، ولم ترفع عينيها، ظلت تحدق في البلاط كأنها تتهرب من نظراته التى شعرت أنها تكشف ما تُخفيه من اشتياق له.
عاد صوت "يونس" بنبرة دافئة:
يونس: ادخلي يا بنت خالتي ولا أنده لخالتك تطلع تاخدك بالعافية؟
ابتسمت بخجل وقالت بنعومة:
مسك: ما ينفعش، يعني... مش حابة أكون تقيلة.
يونس: بطلى هبل وادخلى يلا محدش هنا هياكلك، ثم غمز لها بطرف عينه.
دخلت مسك وجلست بجانب "حسناء" على الكنبة، بينما جلس "يونس" على الكرسي المقابل، يتأملها بدهشة... خمس سنوات مرت كأنها دهر كامل، ومع ذلك، ها هي أمامه... جميلة، رصينة، وفي عينيها نفس الحياء القديم، لكن بملامح امرأة صارت تعرف الدنيا أكثر.
يونس بابتسامة وهو يميل قليلاً للأمام:
يونس: بسم الله ما شاء الله، كبرتى يامسك ... واحلويتى كمان.
شعرت مسك بالخجل الشديد ولم تستطع الرد عليه
نظر "يونس" إلى "مسك" من جديد وقال بنبرة عاتبة:
يونس: بقالى خمس سنين مشوفتكيش، ولا حتى مرة فكرتى تبعتيلي رسالة؟ تليفون؟ أي حاجة... ده أنا كنت فاكر إنك نسيتيني خلاص.
مسك بخجل وهدوء: ما نسيتش والله... بس كنت بقول ان خلاص بقالك حياتك وزوجة تهتم بيها وانا كمان كان عندى دراستى اللى كانت شاغلة كل وقتى.
يونس: المهم، إيه أخبارك؟ ماما كانت قالتلى انك خلصتى الدبلومة بعد الكلية.
مسك: اه الحمدلله وبشتغل دلوقتى... مترجمة في شركة سياحية ، وبحضر الماچستير كمان .
اتسعت عيناه بدهشة وانبهار، ثم ابتسم بفخر وقال:
يونس: الله أكبر! بجد؟! ما شاء الله عليكي يا مسك... والله رفعتى راسي، بنت خالتي، شاطرة ومتربية ومحترمة وطموحة .
ثم صمت لثوانٍ، وهو يسرح بعينيه، يقارن بلا وعي...
ليلى، التي لا تهتم إلا بالمظاهر والطلبات، والتي لا تحب اكمال دراستها ، لا طموح لديها سوى أن يكون هاتفها الأغلى بين صديقاتها.
بينما مسك، الهادئة الطموحة، التي تشق طريقها بجهدها، بذكائها، برقتها الممزوجة بالقوة.
تمنى في تلك اللحظة، دون أن يصرّح، لو أن لزوجته روحًا تشبه روح "مسك"، لا شكلها... بل جوهرها،ان تكون طموحة مثلها .
يونس: ها بقى مش ناوية تفرحينا بيكى ولا ايه؟
بقلمى الهام عبدالرحمن صلوا على الحبيب المصطفى
مسك بضيق حاولت مداراته: انا مبفكرش فى الجواز دلوقتى لسة قدامى المشوار طويل لما اخلص الماجستير وبعدين الدكتوراه ساعتها ابقى افكر.
ذهبت حسناء الى المطبخ لتحضر لمسك بعضا من العصير فاستغل يونس الموقف وجلس بجوار مسك وسالها بخبث...
يونس: قوليلى بقا ياكتكوتة هربتى ليه المرة اللى فاتت وحبستى نفسك ومرضتيش تسلمى. عليا ولا تقعدى معايا؟
مسك بغضب مكتوم: اولا انا مش كتكوتة انا مش عيلة صغيرة قدامك ثانيا انا مهربتش ولا حاجه انا بس اتفاجات وكنت محرجة عشان... يعنى... عشان.... كنت من غير الحجاب.
يونس بغمزة: لا بس البيچاما كانت حلوة اوى عليكى وشعرك طول وبقا جنان بقيتى غزالة بجد.
هبت مسك واقفة وهى جاحظة العينين وقالت بغيظ: على فكرة انت قليل الادب اوى يا ابيه وميصحش تقولى كدا.
ضحك يونس بشدة وهو يقول: طيب تيجى ازاى دى قليل الادب وابيه فى جملة واحدة مش راكبة مع بعضها ياكتكوتة.
مسك بصراخ: بطل تقولى كتكوتة دى انا كبرت ومبقتش صغيرة.
يونس بضحك: متعصبة ليه بس ياكتكوتة؟
مسك: يووووه انت بقيت مستفز.
ثم جرت من امامه وذهبت الى منزلها وظل هو ينظر فى اثرها بابتسامة وهو يقول بهمس.
يونس: لسة زى ما انتى يامسك بريئة وخجولة.
عادت حسناء من المطبخ حاملة صينية عليها كوب العصير ولكنها نظرت للمكان بدهشة وقالت...
حسناء: هى مسك راحت فين؟ اوعى تكون رخمت عليها زى عوايدك يايونس.
يونس بابتسامة: يظهر انها بقت بتتكسف اكتر من الاول. ثم شرد قليلا وهو ينظر فى اتجاه الباب وكانها بنتظر عودتها مرة اخرى.
حسناء وهي تجلس بجواره:
هو انت سرحت فى ايه كدا يا يونس؟
يونس بابتسامة خفيفة:
مستغرب… مستغرب هي كبرت كده إمتى؟! كنت فاكرها لسة عيلة صغيرة عمرى ما اتخيلت انى اشوفها عروسة زى القمر بالشكل دا ، انا فاكرها وهى صغيرة دايمًا كانت تستخبى ورا مامتها لما تيجي عندنا… ودلوقتي بقت بنت ناضجة، رزينة… شكلها متغير، بس روحها لسه زي ما هي.
حسناء بحنان:
"مسك" متربية… وطيبة، ومؤدبة، ومجتهدة. طول عمرها قلبها نضيف، وأنا دايمًا بدعيلها ربنا يكرمها بإنسان يستاهلها.
يونس وهو بيتمتم بصوت شبه مسموع:
يابخته اللي هيتجوزها.
بقلمى الهام عبدالرحمن صلوا على الحبيب المصطفى
حسناء بتبصله بتركيز، وسألته بخبث الأمهات:
إيه؟ قولت إيه؟
يونس وهو بيعدل قعدته وبيشرب بسرعة:
ولا حاجة يا أمي... بقول ربنا يسعدها، هى تستاهل كل خير.
حسناء وهى تبتسم :
آه..ربنا يسعدكم جميعا يابنى.
يونس وهو بينفخ بإحباط وراحة ممتزجين:
ياااه يا أمي... أنا اللى كنت جاي أشتكيلك من مراتي ومشاكلها، لاقيت نفسي بفتكر أيام الطيبة والبساطة.قاعدتى مع مسك رجعتلى كل ذكريات زمان ياريت الايام دى كانت دامت كانت كلها بركة وخير.
حسناء وهي بتطبطب على إيده:
مفيش حاجة بتضيع عند ربنا يا يونس... لا نية طيبة، ولا مشاعر حقيقية ربنا يهدى سرك ويفرح قلبك ياحبيبي.
يونس وهو بيبتسم ببساطة:
آمين يا أمي… انا هقوم بقا عشان الحق اروح شغلى لانى كنت واخد اذن ساعتين بس.
بمجرد ما أغلقت "مسك" باب شقتها خلفها، أسندت ظهرها عليه، تحاول التقاط أنفاسها التي انفلتت منها من فرط الارتباك. لم تكن تتوقع أن تراه بهذا القرب، بهذا الحضور… كأن السنوات الخمس لم تمر، كأن كل شيء تجمّد عند لحظة الفقد الأولى.
وضعت يدها على صدرها، مكان قلبها الذي ظل ينبض كطبول الحرب منذ لحظة رؤيته… حتى نبرات صوته التي لم تتغيّر، ما زالت تملك قدرة غريبة على سلبها توازنها، أما عينيه… شعرت وكأنها اسيرة لهما.
انهمرت دموعها فجأة، دون إنذار، كأنها كانت محبوسة تنتظر فقط صدمة اللقاء لتتفجّر.
همست لنفسها وهي تتحسس دموعها:
"أنا لسه بحبه... والله لسه بحبه، قلبي عمره ما نسيه... حتى بعد السنين دى كلها...مهما فضلت أكابر واقول انى قوية وهقدر انساه بس انا عارفة انى مش هنساه بسهولة ."
بقلمى الهام عبدالرحمن صلوا على الحبيب المصطفى
جلست على طرف الكنبة، تضم ركبتيها لصدرها، وتخبئ وجهها فيه كطفلة تبحث عن مأوى.
مسك، بصوت مخنوق:
"هو كان قدامي... بيضحكلي... وبيتكلم كإن مفيش حاجة، وأنا... وأنا قلبي بيموت جوايا... حضوره بيخضّني، بيخطفني، وأنا مش قادرة أقاوم، مش قادرة أنسى، ومش قادرة أفتكر من غير ما أتوجع..."
رفعت وجهها ومسحت دموعها بكفّها المرتعشة، ثم نظرت لنفسها في مرآة الغرفة المقابلة كأنها تسألها:
مسك وهي تهمس لنفسها:
"أنا عملت إيه؟ ليه دخلت؟ ليه ما مشيتش؟ ليه قلبي وجعني أول ما شُفته؟ هو ليه لسه ساكن فيا بالشكل ده؟"
ثم ضحكت ضحكة باكية، ساخرة من ضعفها:
مسك:
"يااه يا مسك... إنتى بتكدبي على مين؟ عمرك ما نسيتيه، وعمرك ما هتعرفي تنسيه، ده حبك الأول... لا دا حبك الوحيد."
غطّت وجهها بكفيها وبدأت تبكي من جديد، بصمتٍ هذه المرة... صمتٍ مليء بالألم، والندم، والحنين المكبوت. كانت تدرك تمامًا أن ما تشعر به الآن، لن يشفى بسهولة، فحب مثل حبها لـ"يونس" لا يُنسى… يُخفى، يُكابر عليه، لكنه لا يموت.


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close