رواية عودة بدران المر الفصل الرابع 4 بقلم هدي زايد
الفصل الرابع
========
جذبها من ذراعها وقال :
- بطلي جنانك دا بقى وبعدين ما أنتِ رحتي اتخطبتي واتكتب كتابك وأنا متكلمتش عاوزة إيه بقى اعرفها ولا اعرف غيرها أنتِ مالك ؟!
- اومال مال مين يا حبيبي إيه دلوقتي شيرين مبقتش تعجب إيه دلوقت شيرين بقت مش ذوقك بصيت بنت الذوات وبقينا مش قد المقام ياسي بدران ؟!
دفعها تجاه باب الشقة وهو يحذرها قبل أن ينفذ صبره قائلًا:
- امشي بدل ما انادي على خطيبك يلمك
ضربته في كتفه بغيظٍ شديد
- بقى خايف على السنيورة اشبع بيها يا بدران بس وحياة أمي ما هخليك تتهنى بيها طول ما أنا عايشة وبكرا تقول شيرين قالت
جذبها من خصلات شعرها بقوةٍ شديدة وهو يتوعد لها رافعًا إصبع الشهادة نصب عيناها وقال:
- قسمًا برب العزة إن قربتي منها ولا دوستي لها على طرف ماحد معرفك مقامك غيري
ختم حديثه بنبرة مغتاظة وهو يلكزها في خدها بأنامله وقال:
- لمي اللي باقي من كرامتك وابعدي عني وسيبني في اللي أنا في اتقفنا .
دفعها على سلالم الدرج بعنف هبطت الدرج
وهي تتوعد لهما بالإنتقام ورد الصاع صاعين
كاد أن يلج الشقة لولا وجود " تولين" وبين يدها دلو من الماء المستخة القتها في وجهه وهي تقول :
- متقلقش دي مياه مواعين هتنضفك بردو
جفف وجهه وهو يتنفس بعمقٍ محاولًا كظم غيظه اوصدت باب الشقة طرق وهو يحدثها من بين أسنانه :
- افتحي الباب بدل ما افتح دماغك
سندت بكتفها على باب الشقة وقالت بنبرة ساخرة:
- معلش بقى أصل أنا نضفت الشقة خليك هنا لحد الصبح عم مصطفى الزبال هيلم الزبالة كلها مرة واحدة ومتنساش تجيب بنت عمك معاك عشان ياخدكم كلكم طالعة واحدة .
دخل من الباب الخلفي للشقة بينما كانت تتحدث لكنه لم يرد عليها حتى تفاجئت به يقف أمامها وهو يقول :
- بقى أنا افضل على باب الشقة لحد ما عم مصطفى يجي وبترمي عليا مياه مواعين ها ؟!
انتفضت إثر كلماته نظرت له وقالت بقلق
- لا دي دي مش مياه مواعين صدقني
تابعت حديثها قبل أن تغادر الردهة
- دي مياه مكان المياه بتاعت البط اللي بتربيه لي في البلكونة مشروعك الجديد
عادت وقالت بنبرة مغتاظة
- طول عمري اسمع إن البلكونات دي اتعملت عشان الناس تحط فيها ورد وزرع إلا أنت حاطط لي فيها بط ووز ومحرمني ادخلها بسببهم
ابتسم لها بسماجة وقال:
- أنا بتاجر في البط بس لسه لما المزرعة بتاعتي تقف على رجليها هبقى اجيب فراخ بلدي ووز
رفعت سبابتها نصب عيناها وقالت:
- لم مزرعة البط بتاعك دي بدل ما ارميهم لك في الشارع يا بدران أنا بحذرك اهو
نظر لها وقال بهدوءٍ حد الاستفزاز
- جدعة اعمليها وأنا املا البيت كله بط ووز ورومي وابقي وريني هتعملي إيه مش عجبك سيبي الشقة عادي جدًا
********
في المساء
كان جالسًا يستمع لحديث العم شوقي رئيس اللجنة العرفية وهو يتحدث عنه وعن تلك الفتاة التي لم تُكمل عشرة أيام على مجيئها
بدأت آلسنة الناس تأخذهم حكاياتهم الجديدة
كانت عيناه لاتبرحان وجه العم ومن معه محاولًا فهم ما يريد الوصول إليه، بينما كانت هي تتابع ردة فعله حين قال بعصبية مفرطة وهو يقف عن مقعده:
- أما عجايب والله العظيم يعني من عشر ايام كانت نفس القعدة وكلكم بتقنعوني بإني أنا وهي نقعد في نفس الشقة ودلوقتي جاين بكل برود تقولوا قعادك في نفس الشقة غلط وحرام والحلال إيه إني اسيبها لها البيت وابات في الشارع !!!!
رد العم شوقي وقال بتفهم لهذه العصبية
- يا ابني محد قال تبات في الشارع احنا بنقول تبات فوق السطوح في اوضتك اللي فوق وتسيب لهم الشقة ونمشي زي شرع ربنا ما بيقول
وفي شرع مين اسيب بيتي ودنيتي واعيش فوق السطوح سيبت حقي مرة وقولتوا عيب تقف قصاد عمك ولو ليك حق هتاخده ومن عشر ايام قولتوا عيب ترمي راجل مريض وبنته في الشارع والمفروض كل اللي لي حق ياخده والنهاردا جاين بربطة المعلم وبتقولوا اطلع فوق السطوح وعيش عشان أنت راجل وهي ست والشيطان تالتكم في شرع مين دا ؟!
أردف "بدران" عبارته الطويلة والغضب يتملكه لقد فاض به حقا، منذ عشرة أيام تقريبًا وهو يرَ بشكلٍ يومي نظراتٍ و همسات هنا وهناك تنم عن الغضب لتواجده مع "تولين" في نفس المكان رد أحد الشباب الذي تقاضى من بن عمها أجرًا لزرع هذه الفتنة وقال بغضبٍ مكتوم متضامًا مع "بدران"
- حق ربنا بيقول يا عم شوقي إن هي اللي تمشي بدران دا اخونا الكبير ومتربي معانا وعرفينه وعرفين أخلاقه لكن عدم لامؤاخذة دي واحدة لسه داخلة علينا جديد منعرفهاش ولا تعرفنا يبقى هي اللي تمشي
رد صديقه وقال مؤيدًا:
- ايوة صح هي اللي تمشي
ليرد بعض الحكام متأثرين بكلامهم وقالوا:
- يبقى الأستاذة تطلع فوق بقى
ردت " تولين" لتعلن عن وجودها أخيرًا وقالت بعصبية لا تختلف عنه:
- اطلع فين وانزل منين ومين ادى لكم الأذن تتكلموا في اللي ملكوش في أصلًا
رفعت سبابتها نصب أعينهم وقالت بتحذير
- خروج من الشقة دي أنا مش هخرج واللي مش عجبه الباب يفوت جمل
عقدت ساعديها أمام صدرها متابعة حديثها قائلة:
- لا بدران والف راجل زيه يقدر يتعرض لي أنا أعرف كويس اوي اوقف كل واحد عند حده اتمنى تلتزموا حدودكم معايا وتعرفوا إنتوا بتتكلموا مع مين
نظرت له وقالت بنبرة يعلمها جيدًا حين تغضب
- إن كنت موافق على الكلام دا يبقى اتفضل اطلع من هنا وفورًا عشان أنا مش هطلع لو مين ما كان يكون فكر يخرجني فهمت يا بدران ؟!
رد " بدران "وقال بعصبية وهو يزيح حامل الشاي لتترشق بعضًا من قطع الزجاج داخل يده
- أنا مش خارج من هنا فاهمة ولا لا ! عجبك على كدا مش عجبك عندك بدل الحيطة أربعة اخبطي دماغك فيهم
يبقى تكتب عليها و تفضلوا إنتوا الاتنين في الشقة طالما محدش منكم راضي يسيبها للتاني وبكدا يبقى الناس ملهاش عندكم حاجة وتقطعوا السنة اللي بيتكلم
قالها العم شوقي وهو يسبح على مسبحته نظر كلايهما له وعلامات الدهشة والذهول يعتريان وجهيهما، سألته " تولين" بتهكم قائلة:
- إيه العته اللي بتقولوا دا ؟!
نظر لها العم شوقي بعتابٍ ولوم ثم قال:
- كتر خيرك يا بنتي
تابع بجدية وقال:
- الحل دا آخر حل وصلتونا لي طالما محدش منكم راضي يتنازل
وقف عن مقعده وتبعه الرجال، نظر لكلايهما وقال بهدوءٍ:
- النهاردا الخميس، الخميس اللي بعده في نفس المعاد يانقول مبروك ليكم على الجواز يا نقول للي رافض الجواز لم هدومك وبالسلامة من غير مطرود
رد "بدران" بعصبية وهو يقول:
- مطرود مين يا عمنا دا بيتي ومش هخرج منه غير على قبري واللي مش عجبه بالسلامة
تابع حديثه بنبرة تحذيرية وقال :
- وأشوف واحد بيتكلم في حقي ولا حق عم رضوان وبنته
ختم حديثه بوعيد وهو يكور قبضته بقوةً شديدة وقال:
- وربي ما هرحمه ولا هرحم اللي يتشدد له
نظر له العم شوقي بغضبٍ جم وقال:
- كدا ؟! طب بقى يا بدران
نظرلها وقال بنفس النبرة:
- وأنتِ كمان اسمعي يا أستاذة تولين، احنا لو وقفنا معاكي ومع ولدك فـ احنا وقفنا عشان احنا ولاد بلد وجدعان، وولاد البلد اللي المفروض بدران منهم مايرضوش بكدا أبدًا والصح إنه كان هو اتحرك من نفسه ومكنش انتظر لما الناس اتكلمت عليكي وعليه
تابع بإنهاك وقال:
- بس هو راجل والكلام مش هيأثر عليه لكن أنتِ اللي هتتأثري بالكلام
ختم حديثه وقال:
-معاكم أسبوع من دلوقت ونقعد نفس القعدة دي تاني ونعرف رد كل واحد فيكم كان إيه ولو إنتوا زي ما إنتوا كدا يبقى إنتوا الاتنين هتبقوا برا الشقة دي وبرا الحارة كلها، الحارة طول عمرها نضيفة مش على آخر الزمن يجي شوية عيال زيكم ويوسـ....
كاد "بدران" أن يقبض على تلابيه لكنه ضم أنامله وهو يحذره قبل أن ينفذ صبره
- لآخر مرة بحذرك متحاولش تستفزني عشان صبري تجاهك قرب ينفد .
خرج العم شوقي وتركهما يفكران في الحل الذي توصل إليه، كلاهما يرفضان هذا لكن التفكير بهدوء بعيدًا عن الضغط لن يضر في شئ ، وقف داخل المطبخ يصنع لنفسه قدحًا من القهوة يحاول ربط الأحداث التي تحدث
من حوله، كادت أن تلج لكنها تراجعت وهي تقول بجدية
- لما تخلص ابقى ناديني عشان اعمل لبابا الأكل
كاد أن يسكب القهوة لكنه لم يغلق الموقد في الوقت المناسب تركها وهو يتأفف بضجر، خرج
وجلس على الأريكة يشاهد التلفاز بشرودٍ تام
بعد مرور خمس دقائق
تنحنحت وهي تحمل راحتيها قدحًا بدلًا من الذي فشل في صنعه، انتبه لها اعتدل في جلسته تبسمت له وقالت بمرح:
- بدران دي بدل اللي فارت منك بس يارب تعجبك
نظر لها وعلامة الدهشة تعتري وجهه نظر حوله ثم عاد ببصره لها وقال بتساؤل:
- هو أنتِ كويسة ؟!
ابتسمت ملء شدقيها وقالت :
- ايوة كويسة
تابعت بتساؤل :
- إيه هتكسفني ومش هتاخد القهوة ؟!
تناوله بقلق وهو يقول:
- طب ياستي شكرًا
جلست مقابلته وهي تقول بجدية:
- بس أنا ليا عندك طلب ممكن
كاد أن يرتشف من القهوة لكنه ت كه وهو يقول بنبرة ساخرة
- هي الدخلة دي أنا حافظاها كويس، مبتجريش ناعم كدا غير وتجيبي لي مصيبة وراكي انما ترمي لي المصيبة عادي زي باقي الخلق لا ازاي ؟!!
- أنا بتكلم جد على فكرة
- سترك يا رب خير ؟!
- إيه رأيك لما يجي يوم الخميس تقولهم إنك رافض الجواز وبكدا تاخد الأوضة اللي فوق وا....
رد مقاطعًا بتساؤل:
-ومترفضيش أنتِ ليه ؟!
تنهدت بعمق محاولة تحمل ذاك الأحمق
- أنت ناسي إن بابا طريح فراش وبيحتاج يروح للعلاج الطبيعي يومين في الأسبوع هطلع بقى ازاي وانزل دا تعب عليه دا غير تعب العلاج نفسه واظن أنت بتشوفه اليوم اللي بيروح ويجي بيبقى عامل فيهم ازاي
احتسى رشفة من القهوة ثم نظر لها وقال :
- لا هو بيتعب بصراحة
-شفت بقى
أشار بيده وقال :
-خلاص ارفضي الجوازة وأنا وعمي نقعد ناخد بحس بعض وأنتِ اترمي فوق السطوح
ردت بنبرة مغتاظة قائلة:
- اترمي !!
سحبت نفسًا عميق قبل أن ينفذ صبرها وقالت:
-ماهو بابا طول النهار بيحتاجني جنبه وكمان مواعيد الدوا ضروري ياخدها الدقيقة والثانية
-ابقى اديها له أنا، أنا وهو بقينا صحاب متحاوليش مش هسيب الشقة مش عجبك ارفضيني وسيبي الشقة عادي جدًا
ردت بنبرة معاتبة وقالت:
- اخس عليك هي دي الشهامة والرجولة
رد مؤيدًا وقال:
- دا هي دي عين الشهامة والرجولة، دا أنا مأخدتش على قفايا بسبب الشهامة والرجولة اجرب ابقى ند ل مرة يمكن يجيب نتيجة
وقفت عن مقعدها وهي تتنهد بعمق، طالعته بنظراتٍ تملؤها الغيظ الشديد وهي تقول بتحذير
- أنت هتندم على رفضك لقرارك دا
- مش مشكلة مش أول مرة اندم على قرارتي
كادت أن تذهب لكنه استوقفها وهو يقف عن الأريكة نظر لها وقال باسمًا:
- وعشان أنتِ جدعة وعملتي لي فنجان قهوة أنا مش هرجع مكسورة الخاطر كان في نيتك تاخدي رأي وأنا مش هرجعك زعلانة أبدًا
ابتسمت ملء شدقيها وهي تتسائل بحماس قائلة:
- يعني موافق إنك ترفضني وتطلع فوق السطوح ؟!
رد بنفس الإبتسامة وقال:
- لا
- اومال إيه مش هرجعك زعلانة أبدًا
- مش أنتِ و أنتِ داخلة عليا بفنحان القهوة ابتسمتي وكنتي عاوزة تعرفي رأي في قهوتك ؟!
- اه بس دا عـ....
رد "بدران" بإبتسامة واسعة وقال:
- قهوتك زي وشك الاتنين مايتشافوش يا أستاذة تولين والله
ختم حديثه وهو يغادر الردهة
- مافيش حاحة هتوديني في داهية غير إني ماشي اجبر بخاطر اللي يسوى ومايساوش
هيه يلا ربنا يجعلنا من جابرين الخواطر لا
كسـ ـريها .
