رواية العنود والغول الفصل الرابع 4 بقلم رباب عبدالصمد
البارت الرابع
صمت وليد وابتلع ضحكته وقد اصابته غصة ولم يعد يعرف بما يجيبه
ساد الصمت فترة وعندما شعر مراد ان وليد حلت به الذكريات عاد وكرر سؤاله مضيفا عليه ان الذكريات الاليمة قد تنجلى بذكريات اكثر بهجة مع اناس نحبهم
صرخ وليد وكاد ان يبكى فقد اغرورقت عيناه وقال : ولاء ؟ واه من ولاء لقد ذبحتنى دون ان تترفق حتى بى والمتنى فى نفسى حتى كدت انتحر لولا وجود عنود فى حياتى
وبدا يسترسل فى حديثه وكانه اصبح فى عالم اخر او ربما لانه كان يريد حقا ان يتحدث ليخرج ما فى صدره
وليد : لقد كنت انا ووولاء مثال نادر للعاشقين فقد وصلت معها لدرجة ان انصهرت انا فى داخلها وانصهرت هى فى كل كيانى لقد اقتربنا من بعضنا حتى بت اتنفس برئتيها هى وانبض بقلبها هى فقد كانت هى اهم اولوياتى فكنت اشعر بالالم قبل ان تتالم هى
نظر للعجوز وبدت عصبيته تعلو قال : هل تصدقنى فيما اقوله ايها العجوز ؟
ولكنه اجاب على نفسه غير منتظرا اجابة العجوز وقال : ولما لا وانت قد تذوقت نفس الكاس . لا والله لم تتذوقه فانت قد خانتك انثاك لانك اهملتها اما انا فكنت من الاساس اعيش لها فكنت كلما كبرت هى عاما اشعرانى انا كبرت عامين عاما من عمرها وعاما من عمرى لقد كنت احبها حبا جما والحق يقال هى ايضا كانت تحبنى فكانت تفهم صمتى وتقرا ما يدور فى خلدى قبل اى احد اخر
صمت قليلا وكانه يجاهد ان يستنشق انفاسه ثم نظر للعجوز واخذ يشير بكفه الى صدره ويقول : لقد كنت اسكنها هنا فى صدرى حتى انى كنت ارى امى ولاء واختى ولاء وكل الاناث ولاء حتى المرضى كنت اعالجهم وكانى اعالج ولاء فكنت اشعر بالامهم لانى اعتقد انها هى من امامى
لقد شاركتنى كل شىء فعشنا حياة لا تضاهيها حياه
ثم صرخ فجاة وقال : ولكنها خانتنى . اطاحت بحبى وبكرامتى ورجولتى مع اول نزوة مرت بها و لم تسمع يوما انين قلبى فقد غلفت قلبها بغلاف الجحود لحبى
هل انت تسمع شهقتى وانينى او هل تحس بخيبتى وحنينى
مالى اراك مضيت عنى راحلا وتركتنى فى حسرتى وشجونى
لقد استيقظت يوما ولكنه ليس كاى يوم . يوم وفاة ابى فوجدتنى مسئول عن عائلة كبيرة تحتاج الى مال لتعيش وانت تعلم اننا من اسرة متوسطة الحال فما كان منى الا انى سافرت لاعمل فى الخارج واكمل دراستى العليا من هناك واصعب ما كنت اعنيه هو بعدها عنى ولكنها كانت تلازمنى فى احلامى وصورتها كانت محفورة فى احداقى فكنت اشعر انى لم افتقدها وتواعدنا انى ساعود وقد جهزت بيتنا وبالفعل سافرت واجتهدت وكنت ارسل المال لامى ولها وقررت ان ابنى بيت كبير يضم عائلتى ويضم اخوة ولاء لان والدها كان متوفى فكنت اشعر انى والدها مثلما انا حبيبها وكانت امى ترسل لى الصور وهى فرحة بالبيت الجديد فكنت اقول لها افعلى كل ما يسر ولاء فانا كل ما افعله لها ولكنى فى ذات الوقت بدات اشعر بفتور فى علاقتها ولكنى كنت اكذب نفسى واقول انى واهم فما بيننا اكبر من هذا او ربما كنت ابحث عن اى ذنب لها لاعطيها العذر عليه لاهون عن نفسى
ابتسم ابتسامة باهتة ساخرة على نفسه وقال لقد كنت اكذب نفسى لاجلها
واشتهى منك ذنبا ابنى عليه العتاب
حتى اذا كان ذناب فتحت له للعذر باب
صمت قليلا ثم استطرد قائلا : بل والعجيب انى كنت اطلب من امى طلاء البيت بالالوان التى تحبها ولاء وصممت ان تجهز البيت بفرش من اختيارات ولاء حتى شقتى لم يكن لى فيها اى راى فكان كل شىء هى التى اختارته وكم كنت سعيدا عندما وجدت انى وصلت باسرتى الى بر الامان وحان الوقت لاعود واخذ ولاء فى حضنى واضمها واختفى بها عن العالم وكنت كلما اقرا رسائلها اشعر بشىء غريب فيها فعلى الرغم من كلمات العشق المكتوبة الا ان فيها برودة لم الفها منها وكلما حادثتها صوت تغلق الهاتف وترسل لى برسالة ان صديقتها معها او اخيها جوارها او ...او..كثير من الحجج ولكنى كنت اكذب نفسى وفى النهاية عدت
عدت وانا ارسم فى خيالاتى كيف سيكون ضمى لها حتى كنت انبه نفسى واقول انتبه يا وليد فهى رقيقة قد لا تتحمل شوق ضمك لها فضمها برفق
كنت مشتاق لادفن وجهى فى بين شعيرات راسها كما كنت افعل من قبل
ولكنى ما ان وصلت واخذت انادى عليها بلهفة حتى اصيبت بالفجيعة
لقد تزوجت من سنة وان من كانت ترسل لى رسائل العشق هى امى لانها كانت تخاف ان انهار وانا وحدى فى بلاد الغربة فعلمت وقتها لما كنت اشعر بالبرودة فى الرسائل لانها لم تكن منها
رفع راسه الى مراد وقال : نعم ايها العجوز الاحاسيس لا تكذب حتى وان كذب الكلام فالاحاسيس كما العيون لا تكذب ابدا فالعيون ايضا تشعر بالكذب ولكنها منعتنى من رؤيتها والا فكنت علمت من اول نظرة فى اعماق عينيها
انها فعلت هذا لانها كانت تحفظنى وكانت متاكدة انه بمجرد نظرة فى عينيها ساغوص فى اعماقها واعرف الحقيقة
لقد رات عيناها غيرى فاطاحت بحبى وعندما لمت امى انها قد دمرتنى لانها عيشتنى فى وهم كبير كان يكبر داخلى كل يوم وان كانت قالت لى من البداية كان الزمان لملم جروحى فالبعد له عامل فى النسيان كما الزمان له عامل ويومها كرهت كل شىء حتى البيت الذى بنيته بمجهودى ولامتنى امى على هذا ولكنى عذرتها فهى لم تعرف ما كنت اشعر به وقت ذاك فكنت كل خطوة اخطوها فى البيت اراها فيها حتى جدرانها فكانت تنبعث منها عبير عطرها
غائب عنى لكنه يقف فى منتصف كل اشيائى
لقد ظنت امى انى ساشفى من هواها بين ليلة وضحاها
واتيت اليك هنا وتقوقعت بعيدا عن الاعين مثلك حتى ظهرت عنود فى حياتى وحادثتها كما الغريق الذى يبحث عن اى انسان يتحدث معه ووجدتنى اتحدث فى اى شىء معها ولكنى لم اتحدث عن نفسى وعن جرح كرامتى فوجدتها انسانه ذات عقل وتصادقنا حتى وجدتها تعتقد انى ابث فيها حب الحياة ولكن فى الحقيقة هى من كانت تبعث فى حب الحياة فكم عانت هى اكثر منى ولكنها كانت تمتلك اصرار على البقاء اكثر منى فوجدتنى افقت لحالى وعدت لعائلتى وللحياة مرة اخرى والحق يقال كنت اود ان ارى عنود تلك فقد اصبحت عاشقا لها دون ان اراها وكنت اتعجب لذلك وزاد اصرارى لرؤيتها لانى كنت اود ان احكى لها كل شىء عن حياتى ولكنها كانت تتمنع وتهرب من رؤيتى
وما ان خرجت للحياة الا ووجدت ولاء قد طلقت من زوجها وعادت الى بيتى لانها لم تجده مثل وليد فهى ارادت ماله وكانت تريد ايضا ان يكون حبه نسخة من حب وليد ففجعت فيه ولم تتحمله ولكنها كانت غبية فان كانت تريد حب مثل حب وليد لعاشت معه اولا حياة مثل ما عاشتها مع وليد حتى تنصهر فيه وينصهر فيها ولكنها لم تتحمل
لو كان ينساهم قلبى نسيتهم لكن قلبى لهم والله قد الفا
اموت شوقا ولا القاكم ابدا يا حسرتا ثم يا شوقا ويا اسفا
وكان لزاما على ان اهرب منها بالزواج من غيرها لانها بدات تراودنى فى كل لحظة عن حبها مرة اخرى وكم الحت على فى الرجوع ولكنى كنت اعافر وفى الحقيقة انا كنت اعافر نفسى لان حبها كان لايزال ينبض فى قلبى
وللوهلة الاولى ظهرت سما اخت عنود فى حياتى على انها ممرضة تعمل معى فى نفس المركز الذى كنت اعمل فيه وعرضت على نفسها
وقتها لم انظر الى جمالها ولا الى طباعها وكل ما كنت افكر فيه كيف اهرب من ولاء والحق يقال كنت وقتها احتاج الى عنود تلك الشبح الذى اعادنى للحياة
وجاء يوم الزفاف ولم اشعر ابدا بانى عريسا بل والادهى انى لم ارى سما عروسا بالمرة بل كنت اراها وسيلة للهروب وفجاة ومن بين المدعويين وقعت عينى على فتاة تكاد لا تحيد ببصرها عنى ولكنها منزوية بعيدا وتبدوا حزينة ولكنى لم ابالى وفجاة وجدت عبير اختى تسحبها لاجل اخذ صورة معنا وما ان اقتربت الا وتذكرتها فقلت فى نفسى انها صديقة عبير القديمة ونظرت اليها على انها مثل ابنتى كما كنت انظر لعبير ولكنى لم اتذكر اسمها ولاحظت ان بصرها كما هو لا تحيده عنى ولكن كانت الطامة الكبرى وانا اسمع سما تناديها باسمها وتقدمها الي
وقتها انقبض قلبى وسالت بلهفة عنود ؟ لاتاكد مما سمعت ووقتها اخذت اتحدث مع اختها فى ليلة عرسنا عنها حتى خشيت ان كلماتى ولهفتى تفضحنى امام اختها وكم كنت اود ان اهرب اليها واعترف لها بانى انا الغول وانك لى شريان الحياة ولكنى عجزت
نظر للعجوز وعينيه مغرورقه بالدموع وقال : لاول مرة اشعر بعجزى حقا ايها العجوز فحتى عند صدمتى فى ولاء يومها بكيت قهرا عليها فكنت اشعر انى قد انتهيت عندما فقدتها وكم شعرت انى حقا ضعيفا ولكنى مع عنود لم ابكيها هى بل بكيت نفسى وعجزى
نعم كنت عاجزا والضعف ليس كالعجز افهمت ما اقصده
اوما مراد بنعم وكان قد تحلى بالثبات ليساعده ان يخرج ما فى صدره فوليد اول مرة يحكى له كل هذا فطبيعته كتوم على الرغم انه محب للحياة والحياة لا تحب الكتوم لان الكتمان يحرمه اللذة ولكن وليد كان له القدرة ان يكيف حاله فكان حالة فريدة
مراد باسف : ولكن توجعك وانت تتحدث عن ولاء يدل على انك لازلت تحبها فعلى مقدار الالم يكون مقدار الحب فالحب الذى يصحبه الالم هو اصدق انواع الحب
ظنوا بانى قد خلوت من الهوى فما ابصروا قلبا عليك يهيم
نافقت حين تساءلوا ن حبنا فاظهرت كرهك والفؤاد بك متيم
وليد : لا ايها العجوز انا حقا اتالم وحقا كنت احبها حبا ضاهى الالم الذى تراه فى عينى الان ولكن هذا لا يعنى ان لازلت احبها ولكنى اتوجع من ذكرى حب ابيض نقى ضاع فى زخم الحياة حتى انى تاكدت ان حبى اصبح مثل اى حب فاشل ولم يكن كما كنت اتوقع انه حب نادر
مراد : ما رايك ان تقترب منها اكثر لتعرفك عن قرب ربما زال هذا الحاجز بينكما
وليد : ليتها ترضى تقابلنى ولكنها عنيدة انا اعرف انها لن تاتى لاى مكان انا فيه
مراد : بالعكس يا وليد هى تشتهى اى مكان انت فيه ولكنها خائفة من القرب منك
وليد : ليتها تعلم ان فى القرب منى كل الامان لها
مراد : لا عليك من هذا فانا كفيل ان اجمعها معك هنا
عادت لوليد بشاشته التى اعتاد ان يرسمها على وجهه وغمز له بنصف عين وقال : اراك بدات تستعيد نشاطك قرب انتهاء فترة بياتك الشتوى هذه
اطلقا كلاهما ضحكة عالية ثم قال مراد : اريد منك اعلان عن مركزنا وانا على البقية
.......
اتت عنود الى العجوز بوجه بشوش وما ان راها الا وسر لاجلها وسالها عن سبب انبساطها هكذا وانفراجة ملامح وجهها فقالت وهى تطلق ضحكة عذبة : لقد رانى لتوى ابن عمى وانا قادمة اليك واستوقفنى يهددنى ان لم اتزوجه سيخرب على اى عمل التحق به ولكنى تحديته وقلت له افعل ما تريد وارينى قوتك وانا سافعل ما اريد ولن اخشى منك وان استطعت ان تمنع عنى اى رزق فاعلم ان الله سيرسله لى من بين ثنايا الجدار رغما عنك
ضحكت اكثر وقالت : كاد ان يضربنى على معاندتى له ولكنه تفاجا بى اقترب من القصر فنسى امر ضربى وسالنى بفجع : هل جننتى لتقتربى من قصر الغول اللعين ؟ ولكن ما افجعه اكثر حتى وقف امامى متيبس الاقدام هو اجابتى له عندما قلت له ان الغول صديقى الصدوق
كم زادت نشوتى عندما شعرت بارتعاد اوصاله
نظر لها مراد متعجبا وقال : يا بنيتى ليس كل شىء يجاب بالعناد بل هناك كثير من الامور التى تحتاج الى الروية والحكمة
عنود : انا استطيع ان اكون حليمة فى كل شىء الا مع الرجال
العجوز : انكى اكتسبتى وصف لهم منذ الصغر ولكن للاسف وصف خاطىء حتى بتى تابين معرفة الحقيقة
عنود : اى حقيقة وكل ما فى حياتى يخرب بمجرد ظهور رجل فيها
مراد : يا عنود لقد خلق الله الكون وفيه الرجل والانثى ليقتسمان الحياة بينهما فلا يجوز للرجل ان يعيش دون امراة ولا يجوز للمراة كذلك ولا تنكرين على نفسك احساسك باحتياجك للرجل فهذا فى حد ذاته هدم لذاتك وانتى من تهدميها ليس الرجل كما تزعمين بل على العكس قد يظهر فى حياتك رجل ينير لكى الطريق فتسعدى بما ترينه لانه ما كنتى لترينه لولا مصباحه
صمتت لانها من داخلها مقتنعه بكلامه ولكنها تابى التامين على كلامه
مد يده وامسك بمعصمها وسحبها لتجلس امامه بينما كانت هى مستسلمة له
مراد : لماذا لم تعطى والدك اى عذر فى خيانته تلك ولماذا تعطى لامك كل المبررات
قالت بعصبية : لان امى كانت مغلوبة على امرها تحملت منه الكثير ولم تشتكى يوما حتى فاض بها الكيل
مراد : ولماذا فاض بها الكيل ؟
عنود : من كثرة نزواته
مراد : ولماذا لم تواجهه من اول نزوة بل العجيب انها صبرت عليه
عنود وقد بدا يعلو صوتها نتيجة عصبيتها : انها تحملت لاجلنا
مراد : لا تدافعين عنها وهى المخطاة من الاساس ولن تحاولين ان تعيشين نفس دورها
عنود بضيق وقد استقامت واقفة : امى مخطاة ؟ بعد كل هذا تقول انها هى المخطاة ؟ حقاً انك تدافع عن بنى جنسك ولا تنصفنا
مراد : اهداى يا عنود واسمعينى للنهاية
عادت وجلست ولكنها كانت ترتعد من فرط عصبيتها
مراد هو الاخر قام من مكانه واخذ يصب كوبين من العصير ثم عاد اليها وهو يشير الى كرسى اخر فقامت من مكانها وجلست عليه وهى متعجبة تصرفه فكيف له وهو يراها هكذا عصبية ويقوم هو بكل هدوء ويصب عصير ويدعوها للجلوس فى مكان اخر فما دخل كل هذا بما كانوا يتحدثون فيه
مراد : اردت ان تبدلين مكانك لان مجرد حركة بسيطة كهذه قادرة على التخفيف من ارتعادة اوصالك هذه ثم جلس امامها وقال بكل هدوء : اسمعينى واعقلى ما ساقوله لكى حقا الخطا الاول كان عند امك لاسباب كثيرة وساوضحها بطريقة اخرى
ماذا تفعلين ان علمتى مثلا ان اختك قد ادمنت المخدرات ؟
عنود : ساتحدث معها بهدوء وان لم اخرج بنتيجة سانهرها وربما انتهى لضربها او حبسها ولكنى لن اياس ابدا
مراد : عظيم جدا كونك قلتى لن اياس والسؤال الان هل ستذكرين لزوجها انها مدمنه ام ستخفين عنه الحقيقة
عنود بسرعة : بالطبع لن اقول حتى لا اهز صورتها امامه او ربما يطلقها ولكن ان رايت فيه الخير ربما قلت له بهدوء حتى نجد حل ولكن بعد ان اكون انا قد استنفذت حلولى
مراد : جميلة كل اجاباتك ولكن امك لم تفعل ايا من هذا كله فهى يئست من اول نزوة واستشعرت فيه الخيانه مع انها لم تحاول وفضلت ان تعيش دور المقهورة بدلا من ان تساعده على ترك تلك الخصلة او حتى عجزت ان تنظر لنفسها ربما العيب كان منها وانها كانت المتسببة الاولى فى خيانة والدك ولكنها لم تذكر لكم هذا ولكنها ذكرت لكم فقط انه خائن لم تذكر مساوئها وذكرت مساوءه فشبيتم وعقولكم مملوءة بالكره له وربما ان كانت ذكرت لكم خصاله الحميدة لبحثم عنه لتساعدونه
يا عنود هناك امور بين الزوجين لا يفهما الا كلاهما ولكنها اخفت ما يقربه منكم وتفوهت بعكسه وليس معنى هذا انى ابرر الخيانة على الاطلاق ولكنى لا ابرر تصرفها فكان يكفى ان تخفى المها عنكم حتى تترك له صورة طيبة كما فعلتى انتى بالنسبة لاختك عندما قررتى الا تخبرى زوجها
صمتت ولم ترد وكانما اقتنعت بكلامه ثم عادت وقالت بعناد : لم اقتنع بكلامك لانه حقا يبرر الخيانة وامى لم تكن مخطاة
ابتسم عليها وقال : اسمعى يا عنود ساشرح لكى الموضوع اكثر لان هذا يقع فى مجال تخصصى
هل تعلمين ان هناك مايسمى الجهاز العصبى فى جسم الانسان ؟
ردت بسرعة : طبعا فهو المسئول الاول عن الاحساس واللمس
مراد : انه المسئول عن كل شىء يا عنود عن الاحساس واللمس والشم والنظر وكذلك الحب والكره فهو قادر على ترجمة نظرة العين وكون ما تحمله من حب او كره وكذلك يترجم ارتعاد اوصالك عندما ترين شخص او تسمعين شىء ما
المهم هذا الجهاز هو المسئول الاول عن توصيل المشاعر والاحاسيس للقلب وبناء عليه نقول ان القلب احب هذا او كره هذا فالقلب ياتى دوره بعد الجهاز العصبى وليس كما يفهم الجميع ان القلب هو المسئول الاول وهذا الجهاز مكون من اجزاء دقيقة جدا تتصل بكل جزء فى الجسم بل ويربط جميع الاجهزة و ببعضها ولما كان كونه جهاز مثل بقية اجهزة الجسم فهو معرض للتلف
جاءه صوت من خلفة يكمل كلامه : وان تلف كره او ربما بحث عن الحب
ما ان سمعت كلماته الا وقامت مفزوعه من مكانها وهمت بالرحيل
ولم يكن القادم سوى وليد الا انه سد عليها الطريق وقال بصوت هادىء : اراكى تكرهين اى مكان وجدت فيه فلماذا ؟ هل تسببت لكى فى شىء دون قصد ؟
رفعت راسها ونظرت اليه وما ان رات لحيته وقد ازداد جاذبية ورجوله بها فقالت فى نفسها يا الهى لم اعد اتحمل النظر اليه فقد ازداد جمالا على جماله ثم تنبهت لحالها قتلعثمت وقالت : لا انك لم تفعل اى شىء على الاطلاق ولكنى كنت لتوى راحلة
وليد : انتى كاذبة لانكى كنتى لتوك تستمعين اليه دون ان تقاطعيه
نظرت له وهى مقتضبة الحاجبين وقالت : من فضلك لا تقل كاذبة ولا تتجرا على بالكلام
وليد : اعتذر منكى وياليتك تكملين جلستك ان تقبلتى اعتذارى وان اردتى ان ارحل سارحل ولكنى اود الا ارحل
نظرت له وابتسمت ابتسامة عذبة على كلمته وعادت وجلست بهدوء ولكنها حاولت ان تتجنبه وان تتجنب دخولها اى حوار ثنائى معه
تباً لكبرياء يمنعنى عنك ويقول لو اراد هو لفعل
انا كم ا ردت لقائك كثيرا ويهزمنى لابقى قيد الامل
ضحك العجوز وقال : لقد وقعتى بين اثنين كل تخصصهم الجهاز العصبى ولكن احذرى وليد فهو قادر على قراءة الوجوه
نظرت له نظرة خاطفة وديرت وجهها عنه فقد شعرت بصدق كلام العجوز
ضحكا كلاهما حتى قال العجوز : والله ان اعطيتيه حتى جانب وجهك سيقراه انه لماهر
قال لها وليد ليزيد من توترها : بل قادر ان اقرا حالتك من عينيك ومن اصابعك فكل شىء ينطق بشىء ولكل جسد لغة خاصة به واصدق لغات الجسد تلك التى تكمن فى الحركات العفوية الغير مباشرة او ربما المباشرة فكلها تعبر عن صاحبها حتى ان الانسان قد يقرا شخصية شخص امامه حتى وان حادثه من وراء حجاب فنبرة الصوت تعبر كذلك
كادت ان تقوم من مكانها الا ان وليد استوقفها مرة اخرى وهولايزال يضحك عليها وقال : لا عليكى اجلسى فساكمل لكى انا ما بداه العجوز
جلست على وجل وهى تجول بعينيها بين كليهما فقد خافت ان صدق كلام العجوز واستطاع وليد ان يقراها
بدا وليد الحديث بجدية وقال : ولما كان الجهاز العصبى معرض للتلف فتكمن تلفياته فى نهاياته العصبية الموصلة لاجزاء الجسم فيصبح الانسان فى حالة جياع دائم للمشاعرفلا يكفيها اى مشاعر من اى جهة
نظرت له شذرا علامة على عدم اقتناعها ولكنها تجنبت ان تتكلم معه
شعر هو بها فقال : تمام مثلما فهمتك من مجرد نظرتك هذه على الرغم من انكى لم تنطقين حرفا ولكنى استطعت ان اترجم نظراتك وتعبيراتك وللوصف اكثر
ما رايك ان اتيتى بشخصين واطعمتيهما نفس الطعام ونفس الشراب على مدار فترة ثم حاولتى ان تقارنى بينهما فستجدين ان كلاهما مثلا هضم الطعام ولكن ليس بنفس الدرجة وان احدهما استفاد منه كل الاستفادة بينما الاخر يجوز ان يكون حدث لديه عسر هضم او ربما هضمه ولكن ظل جسده محتاجا لفيتامين الف مثلا فما السبب اذن بما ان كلاهما اكلا نفس الاكل
السبب هو خلل الجهاز الهضمى للاخر ولكى نحل تلك المعضله ونعوض هذا النقص نظل نعطيه الفيتامين الذى ينقصه لنعوضه
ولكن هل هذا حلا ؟ لا والله ليس هذا الحل وانما الحل يكمن فى معالجة الخلل الذى اصاب الجهاز الهضمى لاننا ربما ان ظللنا نعطيه ما ينقصه دون علاج السبب ثد يؤدى هذا لظهور مرض جديد مثل السمنة مثلا
كذلك الجهاز العصبى هناك علاجات تصلح من تلف تلك النهايات حتى يصير الانسان طبيعى وقد يكون هذا العلاج بالعقاقير او بالاحتضان والحب
توجهت بنظرها وسالت العجوز هروبا من الحديث معه وقالت وكأن الحديث قد شغفها لمعرفة الحل حقا لانها استشعرت انه ربما كان هناك خللا فى علاقة امها وابيها تسببت فى قطع العلاقة نهائيا وقالت : كيف يكون العلاج بالعقاقير او بالاحتضان
مراد : العقاقير مثلها مثل اى عقاقير لاى مرض او ربما كان الخلل نفسى لان المريض يحتاج لمن يسمعه او يحبه بطريقة معينه هو يريدها ولكن ما ان يصطدم بالواقع فيهرب بحثا عما يشبع رغبته فى الحب مع انسان اخر يستشعر معه انه يفهمه ويعطيه ما ينقصه فهذا ليس بارادته بل هو يتحرك بمشاعره وهذا يحدث ايضا فى الاطفال فقد ترين ان هناك طفلا دائم الالتصاق بامه او ابيه ودوما ما يقارن نفسه باخوته ليكتسب حبهم اكثر او ربما بعد عن كلاهما وبحث عن الحنان فى مكان اخر مع مدرسته او مدرسه مثلا او ربما مع صديق يفهمه اكثر
عنود : كلامك هذا يعنى ان الرجل الخائن سيظل خائن مهما قابل
وليد : من قال هذا ؟ الانسان الخائن هو فى حقيقة الامر يبحث عن الحب وقد يرى ان الحب ربما لا يكون الا فى العلاقات الحميمة ولكن غيره قد يراه موجود بمجرد الفضفضة وغيره يراها تكفيه بمجرد ان يصادق انثى مثل الطفل كذلك فقد يرى الحب فى امه او فى ابيه او فى كلاهما
فكل يرى الحب بما يستشعره هو ولكن الاجدر ان يرى من يفهم طبيعته
عنود وهى لا تزال توجه كلامها لمراد ووليد مستشعر هروبها منه : اتقصدا بكلامكما هذا ان ابى ربما كان يعانى من جفاء فى العلاقة بينه وبين والدتى فبحث عما ينقصه فى الخارج وان امى لم تفهمه وربما ان حاولت لتغير كل شىء
وليد : ربما ان فهم كلا منهما الاخر وتنازلا عن بعض اراءهم لاكمال العلاقة ولكن ابيك لم يحاول ان يشرح لها ما ينقصه بل تركها وبحث عما يريده بعيدا وهذا يعيبه فكان اولى له ان يتحدث معها فيما ينقصه حتى تكمله هى
ووالدتك اخطات لانها لم تحاول ان تفهمه وتساله وفضلت ان تعيش دور المقهورة
ولكنهما ان علما ان علاقة الرجل بالمراة تشبه لعبة المكعبات بان كل ركن فيها يكمل ما ينقص الاخر لعاشا حياة هادئة
صمت قليلا ثم عاد يثول ولا تنسين اننا نبنى راينا هذا على مجرد استنتاجات بناء على معطيات انتى التى اعطيتيها لنا وقد يكون الحل شىء اخر ولكن هذا ينبرى ان نتحدث الى كلاهما وبالطبع قد استحال هذا الان
صمتت قليلا لعلها تستوعب ما قالاه كلاهما لها ونظرت فى ساعتها وقامت مفزوعة وقالت : لقد تاخرت كثيرا وقد حل ظلام الليل استاذنكما الان
قامت بسرعة فقام وسد عليها الطريق وقال : ارجوكى انتظرى ساوصلك فالوقت حقا قد تاخر
صمت وليد وابتلع ضحكته وقد اصابته غصة ولم يعد يعرف بما يجيبه
ساد الصمت فترة وعندما شعر مراد ان وليد حلت به الذكريات عاد وكرر سؤاله مضيفا عليه ان الذكريات الاليمة قد تنجلى بذكريات اكثر بهجة مع اناس نحبهم
صرخ وليد وكاد ان يبكى فقد اغرورقت عيناه وقال : ولاء ؟ واه من ولاء لقد ذبحتنى دون ان تترفق حتى بى والمتنى فى نفسى حتى كدت انتحر لولا وجود عنود فى حياتى
وبدا يسترسل فى حديثه وكانه اصبح فى عالم اخر او ربما لانه كان يريد حقا ان يتحدث ليخرج ما فى صدره
وليد : لقد كنت انا ووولاء مثال نادر للعاشقين فقد وصلت معها لدرجة ان انصهرت انا فى داخلها وانصهرت هى فى كل كيانى لقد اقتربنا من بعضنا حتى بت اتنفس برئتيها هى وانبض بقلبها هى فقد كانت هى اهم اولوياتى فكنت اشعر بالالم قبل ان تتالم هى
نظر للعجوز وبدت عصبيته تعلو قال : هل تصدقنى فيما اقوله ايها العجوز ؟
ولكنه اجاب على نفسه غير منتظرا اجابة العجوز وقال : ولما لا وانت قد تذوقت نفس الكاس . لا والله لم تتذوقه فانت قد خانتك انثاك لانك اهملتها اما انا فكنت من الاساس اعيش لها فكنت كلما كبرت هى عاما اشعرانى انا كبرت عامين عاما من عمرها وعاما من عمرى لقد كنت احبها حبا جما والحق يقال هى ايضا كانت تحبنى فكانت تفهم صمتى وتقرا ما يدور فى خلدى قبل اى احد اخر
صمت قليلا وكانه يجاهد ان يستنشق انفاسه ثم نظر للعجوز واخذ يشير بكفه الى صدره ويقول : لقد كنت اسكنها هنا فى صدرى حتى انى كنت ارى امى ولاء واختى ولاء وكل الاناث ولاء حتى المرضى كنت اعالجهم وكانى اعالج ولاء فكنت اشعر بالامهم لانى اعتقد انها هى من امامى
لقد شاركتنى كل شىء فعشنا حياة لا تضاهيها حياه
ثم صرخ فجاة وقال : ولكنها خانتنى . اطاحت بحبى وبكرامتى ورجولتى مع اول نزوة مرت بها و لم تسمع يوما انين قلبى فقد غلفت قلبها بغلاف الجحود لحبى
هل انت تسمع شهقتى وانينى او هل تحس بخيبتى وحنينى
مالى اراك مضيت عنى راحلا وتركتنى فى حسرتى وشجونى
لقد استيقظت يوما ولكنه ليس كاى يوم . يوم وفاة ابى فوجدتنى مسئول عن عائلة كبيرة تحتاج الى مال لتعيش وانت تعلم اننا من اسرة متوسطة الحال فما كان منى الا انى سافرت لاعمل فى الخارج واكمل دراستى العليا من هناك واصعب ما كنت اعنيه هو بعدها عنى ولكنها كانت تلازمنى فى احلامى وصورتها كانت محفورة فى احداقى فكنت اشعر انى لم افتقدها وتواعدنا انى ساعود وقد جهزت بيتنا وبالفعل سافرت واجتهدت وكنت ارسل المال لامى ولها وقررت ان ابنى بيت كبير يضم عائلتى ويضم اخوة ولاء لان والدها كان متوفى فكنت اشعر انى والدها مثلما انا حبيبها وكانت امى ترسل لى الصور وهى فرحة بالبيت الجديد فكنت اقول لها افعلى كل ما يسر ولاء فانا كل ما افعله لها ولكنى فى ذات الوقت بدات اشعر بفتور فى علاقتها ولكنى كنت اكذب نفسى واقول انى واهم فما بيننا اكبر من هذا او ربما كنت ابحث عن اى ذنب لها لاعطيها العذر عليه لاهون عن نفسى
ابتسم ابتسامة باهتة ساخرة على نفسه وقال لقد كنت اكذب نفسى لاجلها
واشتهى منك ذنبا ابنى عليه العتاب
حتى اذا كان ذناب فتحت له للعذر باب
صمت قليلا ثم استطرد قائلا : بل والعجيب انى كنت اطلب من امى طلاء البيت بالالوان التى تحبها ولاء وصممت ان تجهز البيت بفرش من اختيارات ولاء حتى شقتى لم يكن لى فيها اى راى فكان كل شىء هى التى اختارته وكم كنت سعيدا عندما وجدت انى وصلت باسرتى الى بر الامان وحان الوقت لاعود واخذ ولاء فى حضنى واضمها واختفى بها عن العالم وكنت كلما اقرا رسائلها اشعر بشىء غريب فيها فعلى الرغم من كلمات العشق المكتوبة الا ان فيها برودة لم الفها منها وكلما حادثتها صوت تغلق الهاتف وترسل لى برسالة ان صديقتها معها او اخيها جوارها او ...او..كثير من الحجج ولكنى كنت اكذب نفسى وفى النهاية عدت
عدت وانا ارسم فى خيالاتى كيف سيكون ضمى لها حتى كنت انبه نفسى واقول انتبه يا وليد فهى رقيقة قد لا تتحمل شوق ضمك لها فضمها برفق
كنت مشتاق لادفن وجهى فى بين شعيرات راسها كما كنت افعل من قبل
ولكنى ما ان وصلت واخذت انادى عليها بلهفة حتى اصيبت بالفجيعة
لقد تزوجت من سنة وان من كانت ترسل لى رسائل العشق هى امى لانها كانت تخاف ان انهار وانا وحدى فى بلاد الغربة فعلمت وقتها لما كنت اشعر بالبرودة فى الرسائل لانها لم تكن منها
رفع راسه الى مراد وقال : نعم ايها العجوز الاحاسيس لا تكذب حتى وان كذب الكلام فالاحاسيس كما العيون لا تكذب ابدا فالعيون ايضا تشعر بالكذب ولكنها منعتنى من رؤيتها والا فكنت علمت من اول نظرة فى اعماق عينيها
انها فعلت هذا لانها كانت تحفظنى وكانت متاكدة انه بمجرد نظرة فى عينيها ساغوص فى اعماقها واعرف الحقيقة
لقد رات عيناها غيرى فاطاحت بحبى وعندما لمت امى انها قد دمرتنى لانها عيشتنى فى وهم كبير كان يكبر داخلى كل يوم وان كانت قالت لى من البداية كان الزمان لملم جروحى فالبعد له عامل فى النسيان كما الزمان له عامل ويومها كرهت كل شىء حتى البيت الذى بنيته بمجهودى ولامتنى امى على هذا ولكنى عذرتها فهى لم تعرف ما كنت اشعر به وقت ذاك فكنت كل خطوة اخطوها فى البيت اراها فيها حتى جدرانها فكانت تنبعث منها عبير عطرها
غائب عنى لكنه يقف فى منتصف كل اشيائى
لقد ظنت امى انى ساشفى من هواها بين ليلة وضحاها
واتيت اليك هنا وتقوقعت بعيدا عن الاعين مثلك حتى ظهرت عنود فى حياتى وحادثتها كما الغريق الذى يبحث عن اى انسان يتحدث معه ووجدتنى اتحدث فى اى شىء معها ولكنى لم اتحدث عن نفسى وعن جرح كرامتى فوجدتها انسانه ذات عقل وتصادقنا حتى وجدتها تعتقد انى ابث فيها حب الحياة ولكن فى الحقيقة هى من كانت تبعث فى حب الحياة فكم عانت هى اكثر منى ولكنها كانت تمتلك اصرار على البقاء اكثر منى فوجدتنى افقت لحالى وعدت لعائلتى وللحياة مرة اخرى والحق يقال كنت اود ان ارى عنود تلك فقد اصبحت عاشقا لها دون ان اراها وكنت اتعجب لذلك وزاد اصرارى لرؤيتها لانى كنت اود ان احكى لها كل شىء عن حياتى ولكنها كانت تتمنع وتهرب من رؤيتى
وما ان خرجت للحياة الا ووجدت ولاء قد طلقت من زوجها وعادت الى بيتى لانها لم تجده مثل وليد فهى ارادت ماله وكانت تريد ايضا ان يكون حبه نسخة من حب وليد ففجعت فيه ولم تتحمله ولكنها كانت غبية فان كانت تريد حب مثل حب وليد لعاشت معه اولا حياة مثل ما عاشتها مع وليد حتى تنصهر فيه وينصهر فيها ولكنها لم تتحمل
لو كان ينساهم قلبى نسيتهم لكن قلبى لهم والله قد الفا
اموت شوقا ولا القاكم ابدا يا حسرتا ثم يا شوقا ويا اسفا
وكان لزاما على ان اهرب منها بالزواج من غيرها لانها بدات تراودنى فى كل لحظة عن حبها مرة اخرى وكم الحت على فى الرجوع ولكنى كنت اعافر وفى الحقيقة انا كنت اعافر نفسى لان حبها كان لايزال ينبض فى قلبى
وللوهلة الاولى ظهرت سما اخت عنود فى حياتى على انها ممرضة تعمل معى فى نفس المركز الذى كنت اعمل فيه وعرضت على نفسها
وقتها لم انظر الى جمالها ولا الى طباعها وكل ما كنت افكر فيه كيف اهرب من ولاء والحق يقال كنت وقتها احتاج الى عنود تلك الشبح الذى اعادنى للحياة
وجاء يوم الزفاف ولم اشعر ابدا بانى عريسا بل والادهى انى لم ارى سما عروسا بالمرة بل كنت اراها وسيلة للهروب وفجاة ومن بين المدعويين وقعت عينى على فتاة تكاد لا تحيد ببصرها عنى ولكنها منزوية بعيدا وتبدوا حزينة ولكنى لم ابالى وفجاة وجدت عبير اختى تسحبها لاجل اخذ صورة معنا وما ان اقتربت الا وتذكرتها فقلت فى نفسى انها صديقة عبير القديمة ونظرت اليها على انها مثل ابنتى كما كنت انظر لعبير ولكنى لم اتذكر اسمها ولاحظت ان بصرها كما هو لا تحيده عنى ولكن كانت الطامة الكبرى وانا اسمع سما تناديها باسمها وتقدمها الي
وقتها انقبض قلبى وسالت بلهفة عنود ؟ لاتاكد مما سمعت ووقتها اخذت اتحدث مع اختها فى ليلة عرسنا عنها حتى خشيت ان كلماتى ولهفتى تفضحنى امام اختها وكم كنت اود ان اهرب اليها واعترف لها بانى انا الغول وانك لى شريان الحياة ولكنى عجزت
نظر للعجوز وعينيه مغرورقه بالدموع وقال : لاول مرة اشعر بعجزى حقا ايها العجوز فحتى عند صدمتى فى ولاء يومها بكيت قهرا عليها فكنت اشعر انى قد انتهيت عندما فقدتها وكم شعرت انى حقا ضعيفا ولكنى مع عنود لم ابكيها هى بل بكيت نفسى وعجزى
نعم كنت عاجزا والضعف ليس كالعجز افهمت ما اقصده
اوما مراد بنعم وكان قد تحلى بالثبات ليساعده ان يخرج ما فى صدره فوليد اول مرة يحكى له كل هذا فطبيعته كتوم على الرغم انه محب للحياة والحياة لا تحب الكتوم لان الكتمان يحرمه اللذة ولكن وليد كان له القدرة ان يكيف حاله فكان حالة فريدة
مراد باسف : ولكن توجعك وانت تتحدث عن ولاء يدل على انك لازلت تحبها فعلى مقدار الالم يكون مقدار الحب فالحب الذى يصحبه الالم هو اصدق انواع الحب
ظنوا بانى قد خلوت من الهوى فما ابصروا قلبا عليك يهيم
نافقت حين تساءلوا ن حبنا فاظهرت كرهك والفؤاد بك متيم
وليد : لا ايها العجوز انا حقا اتالم وحقا كنت احبها حبا ضاهى الالم الذى تراه فى عينى الان ولكن هذا لا يعنى ان لازلت احبها ولكنى اتوجع من ذكرى حب ابيض نقى ضاع فى زخم الحياة حتى انى تاكدت ان حبى اصبح مثل اى حب فاشل ولم يكن كما كنت اتوقع انه حب نادر
مراد : ما رايك ان تقترب منها اكثر لتعرفك عن قرب ربما زال هذا الحاجز بينكما
وليد : ليتها ترضى تقابلنى ولكنها عنيدة انا اعرف انها لن تاتى لاى مكان انا فيه
مراد : بالعكس يا وليد هى تشتهى اى مكان انت فيه ولكنها خائفة من القرب منك
وليد : ليتها تعلم ان فى القرب منى كل الامان لها
مراد : لا عليك من هذا فانا كفيل ان اجمعها معك هنا
عادت لوليد بشاشته التى اعتاد ان يرسمها على وجهه وغمز له بنصف عين وقال : اراك بدات تستعيد نشاطك قرب انتهاء فترة بياتك الشتوى هذه
اطلقا كلاهما ضحكة عالية ثم قال مراد : اريد منك اعلان عن مركزنا وانا على البقية
.......
اتت عنود الى العجوز بوجه بشوش وما ان راها الا وسر لاجلها وسالها عن سبب انبساطها هكذا وانفراجة ملامح وجهها فقالت وهى تطلق ضحكة عذبة : لقد رانى لتوى ابن عمى وانا قادمة اليك واستوقفنى يهددنى ان لم اتزوجه سيخرب على اى عمل التحق به ولكنى تحديته وقلت له افعل ما تريد وارينى قوتك وانا سافعل ما اريد ولن اخشى منك وان استطعت ان تمنع عنى اى رزق فاعلم ان الله سيرسله لى من بين ثنايا الجدار رغما عنك
ضحكت اكثر وقالت : كاد ان يضربنى على معاندتى له ولكنه تفاجا بى اقترب من القصر فنسى امر ضربى وسالنى بفجع : هل جننتى لتقتربى من قصر الغول اللعين ؟ ولكن ما افجعه اكثر حتى وقف امامى متيبس الاقدام هو اجابتى له عندما قلت له ان الغول صديقى الصدوق
كم زادت نشوتى عندما شعرت بارتعاد اوصاله
نظر لها مراد متعجبا وقال : يا بنيتى ليس كل شىء يجاب بالعناد بل هناك كثير من الامور التى تحتاج الى الروية والحكمة
عنود : انا استطيع ان اكون حليمة فى كل شىء الا مع الرجال
العجوز : انكى اكتسبتى وصف لهم منذ الصغر ولكن للاسف وصف خاطىء حتى بتى تابين معرفة الحقيقة
عنود : اى حقيقة وكل ما فى حياتى يخرب بمجرد ظهور رجل فيها
مراد : يا عنود لقد خلق الله الكون وفيه الرجل والانثى ليقتسمان الحياة بينهما فلا يجوز للرجل ان يعيش دون امراة ولا يجوز للمراة كذلك ولا تنكرين على نفسك احساسك باحتياجك للرجل فهذا فى حد ذاته هدم لذاتك وانتى من تهدميها ليس الرجل كما تزعمين بل على العكس قد يظهر فى حياتك رجل ينير لكى الطريق فتسعدى بما ترينه لانه ما كنتى لترينه لولا مصباحه
صمتت لانها من داخلها مقتنعه بكلامه ولكنها تابى التامين على كلامه
مد يده وامسك بمعصمها وسحبها لتجلس امامه بينما كانت هى مستسلمة له
مراد : لماذا لم تعطى والدك اى عذر فى خيانته تلك ولماذا تعطى لامك كل المبررات
قالت بعصبية : لان امى كانت مغلوبة على امرها تحملت منه الكثير ولم تشتكى يوما حتى فاض بها الكيل
مراد : ولماذا فاض بها الكيل ؟
عنود : من كثرة نزواته
مراد : ولماذا لم تواجهه من اول نزوة بل العجيب انها صبرت عليه
عنود وقد بدا يعلو صوتها نتيجة عصبيتها : انها تحملت لاجلنا
مراد : لا تدافعين عنها وهى المخطاة من الاساس ولن تحاولين ان تعيشين نفس دورها
عنود بضيق وقد استقامت واقفة : امى مخطاة ؟ بعد كل هذا تقول انها هى المخطاة ؟ حقاً انك تدافع عن بنى جنسك ولا تنصفنا
مراد : اهداى يا عنود واسمعينى للنهاية
عادت وجلست ولكنها كانت ترتعد من فرط عصبيتها
مراد هو الاخر قام من مكانه واخذ يصب كوبين من العصير ثم عاد اليها وهو يشير الى كرسى اخر فقامت من مكانها وجلست عليه وهى متعجبة تصرفه فكيف له وهو يراها هكذا عصبية ويقوم هو بكل هدوء ويصب عصير ويدعوها للجلوس فى مكان اخر فما دخل كل هذا بما كانوا يتحدثون فيه
مراد : اردت ان تبدلين مكانك لان مجرد حركة بسيطة كهذه قادرة على التخفيف من ارتعادة اوصالك هذه ثم جلس امامها وقال بكل هدوء : اسمعينى واعقلى ما ساقوله لكى حقا الخطا الاول كان عند امك لاسباب كثيرة وساوضحها بطريقة اخرى
ماذا تفعلين ان علمتى مثلا ان اختك قد ادمنت المخدرات ؟
عنود : ساتحدث معها بهدوء وان لم اخرج بنتيجة سانهرها وربما انتهى لضربها او حبسها ولكنى لن اياس ابدا
مراد : عظيم جدا كونك قلتى لن اياس والسؤال الان هل ستذكرين لزوجها انها مدمنه ام ستخفين عنه الحقيقة
عنود بسرعة : بالطبع لن اقول حتى لا اهز صورتها امامه او ربما يطلقها ولكن ان رايت فيه الخير ربما قلت له بهدوء حتى نجد حل ولكن بعد ان اكون انا قد استنفذت حلولى
مراد : جميلة كل اجاباتك ولكن امك لم تفعل ايا من هذا كله فهى يئست من اول نزوة واستشعرت فيه الخيانه مع انها لم تحاول وفضلت ان تعيش دور المقهورة بدلا من ان تساعده على ترك تلك الخصلة او حتى عجزت ان تنظر لنفسها ربما العيب كان منها وانها كانت المتسببة الاولى فى خيانة والدك ولكنها لم تذكر لكم هذا ولكنها ذكرت لكم فقط انه خائن لم تذكر مساوئها وذكرت مساوءه فشبيتم وعقولكم مملوءة بالكره له وربما ان كانت ذكرت لكم خصاله الحميدة لبحثم عنه لتساعدونه
يا عنود هناك امور بين الزوجين لا يفهما الا كلاهما ولكنها اخفت ما يقربه منكم وتفوهت بعكسه وليس معنى هذا انى ابرر الخيانة على الاطلاق ولكنى لا ابرر تصرفها فكان يكفى ان تخفى المها عنكم حتى تترك له صورة طيبة كما فعلتى انتى بالنسبة لاختك عندما قررتى الا تخبرى زوجها
صمتت ولم ترد وكانما اقتنعت بكلامه ثم عادت وقالت بعناد : لم اقتنع بكلامك لانه حقا يبرر الخيانة وامى لم تكن مخطاة
ابتسم عليها وقال : اسمعى يا عنود ساشرح لكى الموضوع اكثر لان هذا يقع فى مجال تخصصى
هل تعلمين ان هناك مايسمى الجهاز العصبى فى جسم الانسان ؟
ردت بسرعة : طبعا فهو المسئول الاول عن الاحساس واللمس
مراد : انه المسئول عن كل شىء يا عنود عن الاحساس واللمس والشم والنظر وكذلك الحب والكره فهو قادر على ترجمة نظرة العين وكون ما تحمله من حب او كره وكذلك يترجم ارتعاد اوصالك عندما ترين شخص او تسمعين شىء ما
المهم هذا الجهاز هو المسئول الاول عن توصيل المشاعر والاحاسيس للقلب وبناء عليه نقول ان القلب احب هذا او كره هذا فالقلب ياتى دوره بعد الجهاز العصبى وليس كما يفهم الجميع ان القلب هو المسئول الاول وهذا الجهاز مكون من اجزاء دقيقة جدا تتصل بكل جزء فى الجسم بل ويربط جميع الاجهزة و ببعضها ولما كان كونه جهاز مثل بقية اجهزة الجسم فهو معرض للتلف
جاءه صوت من خلفة يكمل كلامه : وان تلف كره او ربما بحث عن الحب
ما ان سمعت كلماته الا وقامت مفزوعه من مكانها وهمت بالرحيل
ولم يكن القادم سوى وليد الا انه سد عليها الطريق وقال بصوت هادىء : اراكى تكرهين اى مكان وجدت فيه فلماذا ؟ هل تسببت لكى فى شىء دون قصد ؟
رفعت راسها ونظرت اليه وما ان رات لحيته وقد ازداد جاذبية ورجوله بها فقالت فى نفسها يا الهى لم اعد اتحمل النظر اليه فقد ازداد جمالا على جماله ثم تنبهت لحالها قتلعثمت وقالت : لا انك لم تفعل اى شىء على الاطلاق ولكنى كنت لتوى راحلة
وليد : انتى كاذبة لانكى كنتى لتوك تستمعين اليه دون ان تقاطعيه
نظرت له وهى مقتضبة الحاجبين وقالت : من فضلك لا تقل كاذبة ولا تتجرا على بالكلام
وليد : اعتذر منكى وياليتك تكملين جلستك ان تقبلتى اعتذارى وان اردتى ان ارحل سارحل ولكنى اود الا ارحل
نظرت له وابتسمت ابتسامة عذبة على كلمته وعادت وجلست بهدوء ولكنها حاولت ان تتجنبه وان تتجنب دخولها اى حوار ثنائى معه
تباً لكبرياء يمنعنى عنك ويقول لو اراد هو لفعل
انا كم ا ردت لقائك كثيرا ويهزمنى لابقى قيد الامل
ضحك العجوز وقال : لقد وقعتى بين اثنين كل تخصصهم الجهاز العصبى ولكن احذرى وليد فهو قادر على قراءة الوجوه
نظرت له نظرة خاطفة وديرت وجهها عنه فقد شعرت بصدق كلام العجوز
ضحكا كلاهما حتى قال العجوز : والله ان اعطيتيه حتى جانب وجهك سيقراه انه لماهر
قال لها وليد ليزيد من توترها : بل قادر ان اقرا حالتك من عينيك ومن اصابعك فكل شىء ينطق بشىء ولكل جسد لغة خاصة به واصدق لغات الجسد تلك التى تكمن فى الحركات العفوية الغير مباشرة او ربما المباشرة فكلها تعبر عن صاحبها حتى ان الانسان قد يقرا شخصية شخص امامه حتى وان حادثه من وراء حجاب فنبرة الصوت تعبر كذلك
كادت ان تقوم من مكانها الا ان وليد استوقفها مرة اخرى وهولايزال يضحك عليها وقال : لا عليكى اجلسى فساكمل لكى انا ما بداه العجوز
جلست على وجل وهى تجول بعينيها بين كليهما فقد خافت ان صدق كلام العجوز واستطاع وليد ان يقراها
بدا وليد الحديث بجدية وقال : ولما كان الجهاز العصبى معرض للتلف فتكمن تلفياته فى نهاياته العصبية الموصلة لاجزاء الجسم فيصبح الانسان فى حالة جياع دائم للمشاعرفلا يكفيها اى مشاعر من اى جهة
نظرت له شذرا علامة على عدم اقتناعها ولكنها تجنبت ان تتكلم معه
شعر هو بها فقال : تمام مثلما فهمتك من مجرد نظرتك هذه على الرغم من انكى لم تنطقين حرفا ولكنى استطعت ان اترجم نظراتك وتعبيراتك وللوصف اكثر
ما رايك ان اتيتى بشخصين واطعمتيهما نفس الطعام ونفس الشراب على مدار فترة ثم حاولتى ان تقارنى بينهما فستجدين ان كلاهما مثلا هضم الطعام ولكن ليس بنفس الدرجة وان احدهما استفاد منه كل الاستفادة بينما الاخر يجوز ان يكون حدث لديه عسر هضم او ربما هضمه ولكن ظل جسده محتاجا لفيتامين الف مثلا فما السبب اذن بما ان كلاهما اكلا نفس الاكل
السبب هو خلل الجهاز الهضمى للاخر ولكى نحل تلك المعضله ونعوض هذا النقص نظل نعطيه الفيتامين الذى ينقصه لنعوضه
ولكن هل هذا حلا ؟ لا والله ليس هذا الحل وانما الحل يكمن فى معالجة الخلل الذى اصاب الجهاز الهضمى لاننا ربما ان ظللنا نعطيه ما ينقصه دون علاج السبب ثد يؤدى هذا لظهور مرض جديد مثل السمنة مثلا
كذلك الجهاز العصبى هناك علاجات تصلح من تلف تلك النهايات حتى يصير الانسان طبيعى وقد يكون هذا العلاج بالعقاقير او بالاحتضان والحب
توجهت بنظرها وسالت العجوز هروبا من الحديث معه وقالت وكأن الحديث قد شغفها لمعرفة الحل حقا لانها استشعرت انه ربما كان هناك خللا فى علاقة امها وابيها تسببت فى قطع العلاقة نهائيا وقالت : كيف يكون العلاج بالعقاقير او بالاحتضان
مراد : العقاقير مثلها مثل اى عقاقير لاى مرض او ربما كان الخلل نفسى لان المريض يحتاج لمن يسمعه او يحبه بطريقة معينه هو يريدها ولكن ما ان يصطدم بالواقع فيهرب بحثا عما يشبع رغبته فى الحب مع انسان اخر يستشعر معه انه يفهمه ويعطيه ما ينقصه فهذا ليس بارادته بل هو يتحرك بمشاعره وهذا يحدث ايضا فى الاطفال فقد ترين ان هناك طفلا دائم الالتصاق بامه او ابيه ودوما ما يقارن نفسه باخوته ليكتسب حبهم اكثر او ربما بعد عن كلاهما وبحث عن الحنان فى مكان اخر مع مدرسته او مدرسه مثلا او ربما مع صديق يفهمه اكثر
عنود : كلامك هذا يعنى ان الرجل الخائن سيظل خائن مهما قابل
وليد : من قال هذا ؟ الانسان الخائن هو فى حقيقة الامر يبحث عن الحب وقد يرى ان الحب ربما لا يكون الا فى العلاقات الحميمة ولكن غيره قد يراه موجود بمجرد الفضفضة وغيره يراها تكفيه بمجرد ان يصادق انثى مثل الطفل كذلك فقد يرى الحب فى امه او فى ابيه او فى كلاهما
فكل يرى الحب بما يستشعره هو ولكن الاجدر ان يرى من يفهم طبيعته
عنود وهى لا تزال توجه كلامها لمراد ووليد مستشعر هروبها منه : اتقصدا بكلامكما هذا ان ابى ربما كان يعانى من جفاء فى العلاقة بينه وبين والدتى فبحث عما ينقصه فى الخارج وان امى لم تفهمه وربما ان حاولت لتغير كل شىء
وليد : ربما ان فهم كلا منهما الاخر وتنازلا عن بعض اراءهم لاكمال العلاقة ولكن ابيك لم يحاول ان يشرح لها ما ينقصه بل تركها وبحث عما يريده بعيدا وهذا يعيبه فكان اولى له ان يتحدث معها فيما ينقصه حتى تكمله هى
ووالدتك اخطات لانها لم تحاول ان تفهمه وتساله وفضلت ان تعيش دور المقهورة
ولكنهما ان علما ان علاقة الرجل بالمراة تشبه لعبة المكعبات بان كل ركن فيها يكمل ما ينقص الاخر لعاشا حياة هادئة
صمت قليلا ثم عاد يثول ولا تنسين اننا نبنى راينا هذا على مجرد استنتاجات بناء على معطيات انتى التى اعطيتيها لنا وقد يكون الحل شىء اخر ولكن هذا ينبرى ان نتحدث الى كلاهما وبالطبع قد استحال هذا الان
صمتت قليلا لعلها تستوعب ما قالاه كلاهما لها ونظرت فى ساعتها وقامت مفزوعة وقالت : لقد تاخرت كثيرا وقد حل ظلام الليل استاذنكما الان
قامت بسرعة فقام وسد عليها الطريق وقال : ارجوكى انتظرى ساوصلك فالوقت حقا قد تاخر
