رواية روح ملاكي الفصل الحادي والعشرين 21 بقلم رحمه نبيل
21
كانت مريم ترتعش برعب وهى تحاول أن تعدل من نظارتها خوفا من نظرات كريم التي كان يصوبها لها حاولت دفعه بيدها بعيدا ولكنه امسك يدها وضغط عليها بشدة وتحدث وقد وصل وجعه لمداه :
- مش حاسة بيا ها؟؟ مش حاسه بوجعي؟ مش حاسه بالنار اللي بتاكل فيا لغايه مابقيت حاسس اني بتحرق؟؟
نظرت له مريم بتشوش بسبب دموعها التي غطت نظارتها وهى تهمس بإرتعاش ورعب وجسدها ينتفض تحت يده :
- عايزة سليم، سليم، انا خايفة آوي يا كريم ابعد انا خايفة
صرخ بها كريم وقد فقد عقله تماما مما يحدث :
- آنتي مفكره انه بيحبك ها؟؟ ال**** إسلام مش بيحبك أبدا ده بيضحك عليكي افهمي بقى بيضحك عليكي مع صحابه وواخدك نكتة ليهم
نظرت له بصدمة وعدم تصديق ثم هزت رأسها برفض وهى تحاول دفعه ولكن لم تستطع فصرخت به :
- انت كداب اسلام بيحبني وهو قالي كده، انا شوفت حبه في عيونه وهو الوحيد اللي بيحبني، هو بيحبني بس انت مش بتحبه أساسا عشان كده بتقول عليه الكلام ده، انت كداب وهو كان عنده حق لما قالي انك هتحاول تبوظ الجوازة، هتحاول تبعد الوحيد اللي حسسني اني مرغوبة حرام عليك انا عملت ليك ايه
رفع كريم الهاتف امام عينها لترى بنفسها حديث اسلام عنها مع اصدقائها وهو يسخر منها فقد اخترق كريم حسابه ليراقبه بناءا على تعليمات براءة، خلعت مريم النظارة بأيدي مرتعشة وهى تمسحها من دموعها وترتديها وهى ترتعش ولا تريد أن تصدق، ومن صدمتها وكسرة قلبها حاول عقلها ان يجد اى حل ليبرر لاسلام موقفه هذا فهى لن تعود مجددا الفتاة الحمقاء التي يسخر منها الجميع بعدما شعرت انها مرغوبة لأول مرة في حياتها فتحدثت بلا وهى كلمات لم تقصدها ولكن لتمنع ذلك الألم الذي بدأ يتغلغل بداخلها :
- انت اللي عملت كده صح؟ انت شاطر في الحجات دي وتقدر تزور الشات فأنت اللي عملت كده عشان انت مش بتحبه وعايز تبوظ الجوازة وخلاص
بكت مريم بشده ثم صرخت بكريم وهى تضرب صدره بعنف :
- يا أخي سيبني في حالي انت عايز مني ايه بقى
وصل كريم لحافة صبره فصرخ بها وهو يصفعها بشدة :
- اخرسي بقى
وضعت مريم يدها على خدها بصدمة وقد تجمدت في وقفتها بينما كريم نظر ليدة وهو يضغط عليها بعنف ثم أغلق عينه وصرخ وهو يضرب يده في الحائط ويسب نفسه لما فعله ومريم مازالت في حالتها وهى تنزوي في الركن وتضع يدها على خدها بصدمة ودموع اقترب منها كريم وقد سقطت دموعه وهو يقول برجاء :
- مريم انا اسف والله اسف حقك على قلبي، بالله عليكي ما تزعليش مني، انا اسف
نظرت مريم له بدموع ثم قالت وهى تشهق بعنف :
- بيضحك عليا؟ كلهم بيضحكوا عليا؟ عشان انا وحشة صح؟ محدش بيحبني عمري ما حد حبني عشان انا وحشة صح؟
انهار كريم في هذه اللحظة وهو يجذبها لاحضانه بعنف ويبكي بحدة وشهقاته تعلو وهو يردد بجنون ويضمها اكثر وكأنها يرغب بإخفائها عن هذا العالم برمته :
- لا لا لا،انتي مش وحشة لا انتي احلى واحدة في العالم ده كله وأطيب واحدة في العالم كله، انتي احلى واحدة والله يا ريمو
بكى بعنف اكثر وهو يضمها اليه ويصرخ بها :
- انا اسف، انا اسف والله اسف يا مريم، يا رتني كنت انشليت ولا مديت ايدي عليكي، والله غصب عني والله
اخذت شهقاته تعلو بشدة فنظرت له مريم ومسحت دموعه بحنان ثم قالت بحزن وهى تهز رأسها برفض :
- لا متعيطش انا بس إللي اعيط عشان انا اللي استاهل الحزن اللي انا فيه ده
انتحب كريم وهو يضمها اكثر :
- لا اوعى تقولي كده انتي متستحقيش غير السعادة، والله العظيم يا ريمو مش هخلي حد يزعلك أبدا ولا هخلي الدموع تقرب من عيونك تاني والله بس انتي وافقي واتجوزيني ماشي
نظرت له مريم بعدم وعى وصدمة فابتعد هو عنها ومسح دموعه بسرعة وقال لها ببسمة موجوعة :
- بصي انا انا هجيب شقة ليا هنا في العمارة دي عشان تكوني جنب سليم ماشي، وهجيب عربية صغننة ليا انا وإنتي بس، وهجبلك كل حاجه بتحبيها لحد عندك بس انتي وافقي والله هعوضك يا مريم، والله هعوضك
سقطت مريم أرضا وهى تبكي اكثر لما فعلته بكريم ولتلك الحالة التي اوصلته لها، اوصلت كريم لكى يترجى وصالها، كريم الذي تتمناه اى فتاة يترجاها هى مريم التي لا ترى ما تحت قدميها، لم يكذب الناس حين وصفوها بالعمياء، فهى رأت حب اسلام رغم انه خداع، ولم ترى حب كريم رغم انه واضح ولكن هى كانت عمياء
انحنى كريم على ركبته وقال بصوت حنون زاد من شعورها بالذنب :
- مريم انا وجعتك؟ اسف بصيلي طيب لو عايزة اروح لاسلام واقنعه انك مــ
لم يكمل حديث حيث رفعت له نظرها وهى تصرخ :
- لا مش عايزة اشوفه الحقير ده مش عايزه اشوفه انت بكرهه بكرهــــــــــــــــــــــــــــــــــــه
أشار لها كريم ان تهدأ ثم قال :
- طب انا اسف اهدي طيب، اللي انتي عايزاه انا هعمله ماشي؟
هزت رأسها ثم قالت بصوت ضعيف تتخلله شهقات ضعيفة :
- عايزاك متسبنيش يا كريم ارجوك مش مستعدة اخسرك عشان واحد زبالة زيه خليك جنبي
اقترب منها كريم وقال بحنان شديد :
- حتى لو انتي كنتي طلبتي مني اسيبك عمري ما كنت هعمل كده يا مريم، لانك هتفضلي مريم الصغنونه اللي انا سمتها هتفضلي مرِيم حبيبة كريم
سمعت ام رأفت طرق على الباب فنهضت وهى تتحرك بثقل بسبب ضرب تلك المجنونة لها ازدادت ضربات الباب
فصرخت بغضب :
- يوووه ما تهدا هو أنا نايمة ورا الباب ولا إيه جاك شلل
فتحت الباب بكدة وكادت تصرخ لولا انها لمحت رأفت وهو يسقط عليها بتعب وقد امتلئ وجهه بالجروح كما أن جسده شبه مدمر صرخت والدته بفزع وهى تلتقطة بسرعة وصدمة مما حدث له :
- رأفت يا حبيب امك كنت فين يابني وايه اللي عمل فيك كده
تنهد رأفت بوجع ثم قال :
- دخليني الأول ياما انا جسمي مبقاش فيه عضمة سليمة
امسكته والدته ثم سندته للاريكة حتى تسطح عليها وهو يصرخ بوجع شديد فضربت والدته صدرها بخوف :
- من ايه ده انت عملت حادثة ولا إيه
ضحك ابنها بسخرية وهو يتأوه :
- آه خبطت في قطر قام فرمني
تحدث والدته بفزع شديد وعدم تصديق :
- قطر؟ قطر ايه يابني ده
تحدث رأفت بغضب وحقد :
- الكلب ابن ال**** اللي عند الست أشرقت لقيته في يوم مستنيني قدام البنك واخدني لمخزن وبقى كل يوم يتصبح ويتسمى بيا لما مبقتش قادر اتنفس من الوجع وانهاردة خلاهم يسيبوني
نهضت والدته برعب وهى تهتف :
- ليه هى سايبة ولا إيه ده انا أفضح الكونتسية اللي فرحان بيها دي اديني الصور وانا بقى هوريه
ضحك ابنها بصخب وهو يمسك بطنه بوجع :
- صور ايه ده اخد التليفون خلاه ابيض ومسح الصور من كل مكان بعدين كسرة ميت حتة
عضت والدته على شفتيها بغيظ شديد ثم قالت :
- يعني إيه هنسكتله؟ طب والله لاكون وا
لم تكمل حديثها بسبب نهوض ابنها وهو يصرخ بغصب :
- خلاص خلصنا يا اما لا هنعمل ولا نسوي المرة دي رجعت مكسر المرة الجاية الله اعلم هنرجع ازاى
نهضت والدته ثم تخصرت وقالت :
- يعني إيه يابن بطني
تحدث رأفت وهو يدخل غرفته :
- يعني خلصنا ياما يارتني ما سمعت كلامك من الأول، الحكاية خلصت هنا واقفلي بقى على الموضوع ده لاني مش هفتحه تآني عايز اعيش حياتي بعيد عن القرف دة كله يارتني ماسمعت شورتك السودة دي، هدمر حياتي بأيدي عشان مين، عشان أشرقت؟؟ يتهني بيها مش عايز اشوف خلقتها أساسا ولو سمعتك ياما بتجيبي سيرة الموضوع ده تاني، انا هسيبلك البيت
أنهى حديثه ودخل للغرفة بوجع وهو قد قرر غلق هذا الموضوع للأبد
كان الجميع يجتمع في شقة ادهم وقد أتى عزيز ومعه رؤوف ليحضروا عقد قران ادهم وهالفيتي وحضر أيضا المأذون
نظر ادهم للجميع ببسمة وضربات قلبه تتسارع بشدة في انتظار طلتها عليه وفي ثواني شعر بضربات قلبه تصرخ مطالبة قربها حينما وقعت عينه عليها تتهادى في فستان من اللون السكري وهى تقترب من مكانه وعيناها معلقة عليه بينما هو تنفس بعنف لا يصدق انها امامه ملاكه ووردته، عالمه بأسره المتمثل في تلك الفتاة
نظر بجانبه لاصدقائه فوجد شادي يمسك دف ويطرقه بحماس شديد وهو يغني اغنية (الزين والزينة) ابتسم له ادهم بأمتنان واخذ الجميع يصفق بحماس شديد مع شادي اتجه زين لبراءة وامسك يدها بحنان وهو يبتسم لها بعشق بينما هى بادلته نظراته بنظرات مشابهه اتجه ادهم لام فتحي وقد نسى تماما جميع من حوله، توقف امامها مباشرة وهمس بعشق كبير :
- دقايق يا ملاكي دقايق وتكوني ليا ومعايا دايما
نظرت هى لعنيه بدموع واخيرا قد عوضها الله بمن ينتشلها من هذه الحياة القاسية لنعيم عشقه
تقدم رؤوف وهو يستند على يد زين وتوقف امام هالي وهو يمد يده بإرتعاش لها ودموع شديدة فبكت هى بعنف وارتمت في أحضانه وهى تضمه اليها باحترام وتقدير وهو أيضا يهمس لها :
- مبارك ياقلب عمك مبارك يا حتة من قلبي، اخير هموت وانا مرتاح
بكت هالي بعنف اكبر وهى تضمه إليها :
- بعد الشر عليك يا عمي ربنا يطول في عمرك يا يارب ويديمك ليا يا غالي
ابتعد عنها رؤوف وهو يمد لها يده ليمسكها ويتقدم للطاولة التي يوجد عليها المأذون وتبعهم ادهم بسرعة ولهفة ثم جلس على الطاوله وهو يقول :
- بلا يا شيخنا الله يكرمك خلص الحوار على السريع
ضحك الجميع على لهفته تلك بينما هو كان لا يرفع عينه عنها
ركضت براءة بسرعة وأخذت من شادية السماعات التي احضرتها من الأعلى وغمزت لها وقالت :
- تتردلك في الأفراح يا شوشو
ضحكت شادية وهى تدخل وتزغرد بشدة وخلفها باقي الفتيات، واشرقت التي تجهزت أيضا ومعها والدتها ومريم التي تبتسم بفرحة بسبب سعادة اخوتها
قامت براءة بتشغيل اغنيه (كتبوا كتابك) وأخذت تغني هى والفتيات معه
وبعد دقائق صدح صوت المأذون بجملته المعهودة :
- بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير وعافية
وبمجرد انهائه لكلمته نهض ادهم سريعا وحمل هالي بعشق وهو يضمها اليه بعدم تصديق ثم أخذها وابتعد عن الجميع بسرعة ريثما ينتهون من عقد قران سليم
اخذ ادهم ام فتحي لممر جانبي بعيدا عن الجميع ثم ضمها إليها بشده وهى أيضا ضمت رأسه إليها بعشق وعدم تصديق ولكن فجأة شعرت بدموع تخترق حجابها ووصلت لرقبتها ففتحت عينها بصدمة وحاولت أبعاد رأسه عن رقبتها ولكنه رفض قالت هى :
- ادهم انت بتعيط مالك يا ادهم
بكى ادهم بعدم تصديق انها الان بين يديه وزوجته امام الله والجميع ضمها اكثر وهتف بصوت ضعيف :
- كنت خايف، كنت خايف تضيعي مني، كنت خايف متبقيش ليا ومعايا
ابتعد عنها ونظر لها نظرات عشق قد تخطت الحدود ثم امسك رأسها وقبلها بكل ذرة عشق يمتلكها وهمس :
- بعشقك يا ملاكي بعشقك يا كل حياتي
بكت هالي من كم المشاعر التي تحاصرها ثم اقتربت منه ووقفت على أطراف اصابعه ثم قبلته على خده بحنان وهى تمسك وجهه بين يديها وتهمس له :
- من يوم ما عرفتك سواء وانت صغيرة او وانا كبيرة اعتبرتك كل حياتي وكٲن العالم بتاعي كله بيدور حوالين ادهم، وارجع اقولك ان ادهم مينفعش يكون لغير ام فتحي، وأم فتحي مينفعش تكون غير مع ادهم
ضحك ادهم من بين دموعه ثم ضمها بشده حتى ارتفعت عن الأرض وهى مازالت بين أحضانه حيث تمنت الا تخرج منها أبدا
أنهى المأذون عقد القران الثاني وانطلقت الزغاريد بصوت عالي ضم زين براءة وهو يقبل رأسها بحنان وينظر للجميع بفرحة شديدة، بينما كانت شادية تضم أشرقت بحنان وهى توصيها على سليم الذي كان يحدث والدته مكالمة فيديو لتكون معهم فيها الأمر حيث كان الأمر مفاجأه لم تستطع السفر بهذه السرعة
ذهبت مريم لسليم وضمته بسعادة وهى تبكي بتأثر واخيرا حقق أخيها حلمه
ابتسم لها سليم وهو يضمها اليه بحب وباليد الأخرى يمسك يد أشرقت التي كانت تنظر لهم بحنان وتربت على ظهر مريم
بينما كريم كان يقف بعيدا عنهم رامقا مريم بعشق يتمنى لو استطاع ان يكون اليوم هو زواجهم هم أيضا ولكن صبرا يا صغيرتي فإن غدا لناظره قريب
نظر شادي للجميع ببسمة وشرود وهو يتمنى لو كانت منه معهم وبينهم الان ولكن للأسف ليس كل ما يتمناه المرء يدركه
خرج ادهم وهو يمسك يد ام فتحي ولم يتركها ثانية وبدأ الجميع يغني ويرقص وتتعالى صيحات الفرحة كما حمل الشباب ادهم واخذوا يقذفونه في الهواء وهم يصيحون بسعادة كبيرة ويغنون له ثم امسك الأربعة ببعضهم البعض واخذوا يرقصون رقصة تشبه الدبكة
فوقعت عين ادهم على زين الذي يرمقهم من بعيد ببسمة فركض له وامسك يده وجذبه معهم ثم أخذوا الخمس شباب يرقصون بسعادة كبيرة ويصيحون بصوت جهوري وشاكر كان يصور كل ما يحدث كى يحتفظ به، مسح عزيز دمعة هبطت منه وهو يسمع صدى ضحكات ابنه التي لاتخرج كثيرا وقد شكر الله على كل شئ حدث لهم منذ دخول براءة لحياته
حمل فرج العصا واخذ يرقص بها وسط الشباب وبراءة تصفر له ثم أمسكت عصا وأخذت تراقصه بها كما يفعل الصعايدة عادة وفرج يضمها بحنان وحب كبير وهى تضحك له وأم أشرقت بعيدا تصفق وهى تبكي بتأثر لفرحة ابنتها واخيرا وجدت من يسعدها
لاحظ عزيز والدة أشرقت التي تقف بعيدا وحدها فابتسم وذهب إليها وطلب منها الاقتراب من الجميع فابتسمت له بخجل وذهبت حيث شادية والجميع وهكذا عمت الضحكه والسعادة قلوب الجميع حتى فُتح الباب ودخل منه اخر من كانوا يتوقعون
هتف رؤوف وهو ينهض بتعجب وصدمة :
- فادي؟
كانت منه تقف امام المرآة وهى تراقب والدتها تعطي الأوامر للسيدة ان تعدل من وضع الفستان الذي ترتديه ثم اقتربت منه منه قائلة ببسمة :
- ايه رأيك بقى يا منه جميل اوي، انا متأكده ان العرض ده هيكون خبر الموسم
ثم قالت ببسمة خبيثة :
- وكمان خبر خطوبتك برامي هيكون قنبلة
لم تجب عليها منه حيث كانت تقف امام المرآة وكأنها تمثال من الشمع فقط للعرض ولكن بلا مشاعر او شئ اخر
زفرت شاهي بضيق وهى تقف خلفها وتنظر لها خلال المرآة :
- يمكن تشوفيني دلوقتي اني ظالمة او غيره بس بعدين بنفسك هتفهمي انا بعمل كده ليه
ثم وجهت حديثها للفتيات اللاتي كن يضعن اللمسات الأخيرة على الفستان الرئيسي بالعرض :
- روحوا شوفوا شغلكم
انصرفت جميع الفتيات وهى خلفهم وتركت منه تقف امام المرآة وسمحت لنفسها اخيرا بالبكاء ثم أمسكت إحدى المزهريات بجانبها والقتها في المرآة وهى تصرخ بجنون وتبكي بعنف ثم سقطت أرضا وهى تشهق وتصرخ لعل احد يشعر بوجعها ذاك ولكن من يشعر بها في وسط هذا المكان الذي استبدل من به قلوبهم بحجارة
صرخت ام فتحي بصوت عالي ولهفة غريبة على الجميع :
- فــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــادي
انهت صراخها وهى تركض له بسرعة كبيرة وتلقي نفسها لاحضانه و تضمه بشده وتبكي وتضحك في نفس الوقت فهذا هو فادي أخيها العزيز ورفيقها الوحيد والذي كان سبب خلاصها من قسوة إخوته من كان يعطيها الطعام عندما تحرمها والدته من ذلك، من كان يضمها وقت بكائها، من كان يداويها وقت تعبها، فادي ذلك الرقيق الحنون عكس إخوته، رغم انه كان يدعي دائما قسوته وضربها امام إخوته حتى لا يمنعوه من الاقتراب منها، الوحيد الذي كان يخفف عليها ليالي حزنها
ضمها فادي بشده وهو يتنهد براحة لسلامتها ثم همس لها بعشق اخوي وحب كأنها ابنته وليست اخته في الرضاعة :
- قلب فادي وعمره، وكل دنيته ياهالفيتي القلب
ابتسمت هالي بدموع فهو الوحيد الذي كان يناديها بأسمها كاملا
ابتعدت عنه وهى تنظر له بحب ثم حذرته وهى تطلب منه أن ينزلها ضحك لها وهو يرى ملامح ادهم التي اسودت بشكل مرعب فهمس فادي لها :
- جوزك شكله هيقتلني
ضحكت ام فتحي بخفوت على ادهم وقالت :
- انت عرفت؟
هز رأسه بإيجاب وقال ببسمة حنونه وهو يربت على رأسها :
اممم بابا قالي
تحدث ادهم وقد فاض به الكيل وهو يتجه له ويلكمه بعنف شديد وغضب جحيمي صارخا به :
مش عشان اخوها يبقى تسوق فيها
ضحك فادي وهو يضع يده على أنفع بألم :
- كده برضو يا ابو النسب ده انا حبيبك برضو
نظر له ادهم بإشمئزاز وهو يجذب ان فتحي لاحضانه :
- حبيبي طول ما انت بعيد عن ام فتحي
ضحك فادي بعنف على ذلك الاسم الذي أطلقه ادهم على ابنة عمه
تحدث زين بمكر وهو يضحك :
- فادي جاسوسي العزيز، الظاهر انك مش جاسوس ليا انا بس
ضحك فادي وهو يغمز لزين ويقول :
- اى حد عايز جاسوس على اخواتي انا في الخدمة ياباشا
ابتسم له زين ففادي دائما كان عينه التي يرى بها كل شئ في منزل الشريف
تحدث كريم متدخلا بالسؤال الذي يدور في رأس الجميع الان :
- هو مش ده فادي الشريف اخو مؤنس وشامل برضو ولا انا غلطان
هز ادهم رأسه وقال وهو ينظر لفادي بغموض :
- هو فعلا يبقى اخوهم واخو ام فتحي في الرضاعة برضو
سليم وهو ينظر للجميع جيدا ثم قال بتصميم :
- لا معلش تفهموني بقى اللي بيحصل هنا
دخل عبدالرحيم لغرفة ابنته بغضب شديد وعدم تصديق لما سمعه بالأسفل من زوجته فصاح هادرا بأبنته :
- صحيح اللي سمعته ده يا منه، انتي هترجعي تآني لعروض امك المهفوفة دي
رفعت منه عيونها وهى تنظر له بحزن ودموع فهى تفعل كل ذلك لأجله هو لا غيره فلا غالي لها بهذه الحياة سوى والدها العزيز
مسحت دموعها ثم نهضت وهى تحمد ربها أنه لم يعلم بعد بأمر عقد قرانها وقالت :
- عادي يعني يا عبده، انا مليت من البيت وقولت اشغل نفسي شوية، كمان عشان ده حلم ماما من زمان والعرض ده انت عارف مهم ليها ازاى
اقترب منها عبدالرحيم وهو يجذبها لتستدير وتواجهه ثم نظر لعيونها جيدا وهو يقول بنبرة اظهرت لها انه يعلم جيدا دواخلها:
- مش عليا الكلام ده يا منه انا عارفك آكتر من نفسك يابنتي ريحي قلبي وقوليلي هى امك اجبرتك على كده
هبطت دموع منه بشدة وهى تلقي نفسها في أحضان والدها ونحيبها يرتفع وهى تشعر بمرارة في حلقها مما تمر به، شعور ان والدتها تتخذها أداة لتحقيق أحلامها يقتلها بعنف ودون رحمة
صرخت في أحضان والدها وهى تبكي بعنف وتقول :
- متسبنيش يابابا بالله عليك ما تسبني يابابا
ابعدها عبدالرحيم عنه بفزع وهو ينظر لوجهها ويفكر في سبب انهيارها :
- ابعد عنك ايه يا منه؟؟ أنا لا يمكن ابعد عنك ياقلب ابوكي، ليه بتقولي كده؟
ابتلعت منه ريقها وعى تحاول السيطرة على احزانها وقالت :
- أصل أصل امبارح حلمت بكابوس وحش آوي يابابا رمن وقتها وانا خايفة آوي، اوعى تسبني يابابا ارجوك
ضمها عبدالرحيم بقلق شديد وشعور ان ابنته حزينة يقتله نظر لها بغموض وعاهد نفسه على فعل ما خطط له سابقا
جلس الجميع في انتظار تفسير ما يحدث فبدأت ام فتحي تقص عليهم ما حدث من جهتها :
- في يوم كنت نازلة عادي اجيب العلاج لعمي، فسمعت صوت شامل وهو بيزعق في فادي، فخوفت علي فادي وجريت للمكتب اشوفه بيزعق ليه؟ فسمعت بالصدفة ان شامل عايز يخلي الصفقة الأخيرة بإسم عمي، يعني يدخل شحنة غير قانونية للبلد بس بتوقيع عمي عشان لو حصل حاجة يكون عمي هو اللي في وش المدفع
نظر رؤوف أرضا وهو ناكسا رأسه بحزن على أولاده الذين لا يهمهم سوى الأموال، امسك فادي والده وضمه اليه بحنان وهو يقبل رأسه بأسف شديد على ما يفعله إخوته
اكملت ام فتحي بدموع وهى تتذكر ما حدث :
- وقتها فادي اعترض من غير ما يبين انه مش موافق يعني حاول يجيب الموضوع من ناحية انه مش منطقي لان عمي تعبان بس شامل كان مصر على كلامه فجأة لقيت حد ماسكني من ورا ببص لقيته مؤنس كان شافني وانا بتصنت، وقتها حسيت برعب الدنيا كلها اتجمع في قلبي من نظراته كان بيبصلي بصة خلتني اتمنى الموت ولا اني اشوف اللي بيفكر فيه
ضمها ادهم بحنان وهو يحاول التحكم بغضب لأجل كل ما عاشته بعيدا عنه، استندت هى برأسها على صدره وهى تكمل بشرود :
- اخدني وقتها للمخزن وهو بيجرني وراه وبيقولي انه هيندمني على اللي عملته ورماني في المخزن وسابني ومشي وانا قعدت اصرخ اني مش هقول لحد بس يفتح ليا عيطت كتير ومحدش سمعني ناديت ومحدش رد عليا لحد ما نمت من التعب محستش بنفسي غير وصوت جنبي بيصحيني بفتح عيني لقيته فادي وهو بيديني شنطتي وفلوس وبيقولي انه أمن الطريق واني لازم اهرب بسرعة
سقطت دموعها بشدة وهى تتذكر تلك اللحظات بينما فادي يرمقها بشفقة فأكملت هى ببسمة تتخلل دموعها :
- وقتها عطاني عنوان وقالي خدي ده عنوان ادهم روحي عنده وهو هيساعدك، وقتها مصدقتش نفسي وقعدت اقوله انه بيضحك عليا فحلفلي وقتها انه دور عليك لغاية ما لقى العنوان، ما صدقتش نفسي واخيرا هلاقي ادهم، الفارس اللي عطاني حصان وانا صغيرة وقالي انه دايما هيحميني
ضمها ادهم بشده بشدة وكأنه يرغب في إدخالها في صدره ومسحت هى دموعها وهى تقول :
- وقتها هربت وخرجت من البيت وانا بوعد نفسي اني مش هدخله تآني أبدا، ورحت للموقف وخوفت وقتها اركب اول عربية ممكن توديني القاهرة ليكون حد مراقبني، فحاولت اضللهم وركبت عربية لدمياط ومن هناك كنت هتصرف في حاجة توديني القاهرة، المهم اطمن ان محدش ورايا بس جينا في استراحة ونزلت واخدت معايا محفظتي عشان اشتري اكل ليا وسيبت شنطتي فيها بس وانا في الاستراحة شوفت رجالة شامل بيدوروا عليا في كل مكان فاستخبيت منهم لحد ما يمشوا بس للاسف لما مشيوا كانت برضو العربية اللي جيت فيها مشيت وقتها ملقتش غير عربيات قليلة بتعدي من هناك ولقيت عربية لعيلة، كانت رايحة دمياط واخدوني معاهم ومن هناك ركبت للقاهرة بس بمجرد ما وصلت هناك معرفتش اروح فين لان العنوان كان في شنطتي، حسيت الدنيا ضاقت ومبقتش واعية ايه اللي بيحصلي خرجت تليفوني واتصلت بفادي وانا بعيط وبقوله العنوان ضاع مني، ومرة واحدة سمعت صوت عربيات عالي وصريح، ملحقتش اشوف حتى فيه إيه، وحسيت بنفسي بتخبط في حاجة جامد وبس، دي اخر حاجه فكراها قبل ما ادخل في الغيبوبة
اكمل فادي القصة ليفهم الجميع ما حدث كله :
- لاني كنت اخر واحد مكلمها فالناس اتصلوا بيا وقتها جيت بأسرع وقت لقيتها اتنقلت للمستشفى ولما اطمنت على حالتها، طلبت نقلها للمستشفى اللي بيشتغل فيها ادهم على أمل انه يشوفها او يصادفها وبالفعل نقلتها للمستشفى دي وبقيت اراقبها كويس وحطيت عيون ليا هناك عشان أخبارها توصلي، طبعا الوقت ده كله واخواتي مفكرين اني بصيع او بشرب زى ما هما واخدين فكرة عني، بس انا اللي كنت بحاول ابين ليهم الموضوع ده عشان محدش يركز معايا واقدر اني اوصل أخبارهم لزين وفي نفس الوقت اتابع شغلي
انتبه له والده وقال بنبرة متعجبة :
- شغلك؟؟
ابتسم له فادي وهز رأسه بإيجاب :
- ايوة يابابا شغل، انا بدأت من الصفر وبفلوس حلال بعيدا عن عيالك، واشتركت مع شلة صحابي وفتحنا شركة استيراد وتصدير صغيرة والحمدلله ربنا رزقني وبقى عندي شقة وعربية وكله من تعبي وفلوسي و
صمت لا يعلم كيف يقول ذلك ولكنه تنهد وقال :
- واتجوزت
نظر له المنيع بصدمه من ضمنهم هالي فهى لم تعلم ذلك أبدا فقالت بتعجب :
- حسناء؟؟
هز فادي رأسه بحزن وقال :
- ايوة بس انا كتبت الكتاب بس لحد ما اخلص كل حاجة هنا واخلص من مؤنس وشامل وكنت هعلن جوازي منها بس شامل سبقني وعرف كل حاجة عنها.......... وقتلها
شهق الجميع بفزع فيبدو ان شامل ذلك ليس بالهين أبدا ولكن اكمل فادي ببسمة باهتة لا يريد فتح هذا الجرح ابدا رغم انه لم يندمل بعد ولكن يكفي بكاءا لا يريد أن ينهار امام الجميع :
- المهم نرجع لموضوعنا، انا اللي كنت ببعت رسايل لادهم وصاحبه عشان ميدوروش ورا مؤنس وشامل وانا اللي حذرتهم ان شامل ومؤنس عرفوا مكانك في المستشفى وطبعا انا كنت براقب ادهم وصحابه ٢٤ ساعة وعارف كل حاجة بتحصل معاهم، ولما اخدوكي هنا اتطمنت عليكي، وانا اللي ساعدت عزيز باشا عشان يطلع بابا من البيت طبعا بتعليمات من زين باشا، وطبعا قبلها كنت قابلت ادهم وبلغته كل حاجه
ابتسم له زين بحنان فذلك الشاب أبدا لم يكن يشبه إخوته بأى شكل من الأشكال بل كان دائما طاهر وطيب القلب وحنون بدرجة كبيرة على كل من حوله.
نظر له ادهم بأمتنان شديد وقال :
- مش عارف اشكرك ازاى، بسببك روحي رجعت ليا بعد سنين عشتها زى الميت
نظرت له هالي بعشق، فأبتسم له فادي وقال :
- خلي بالك من اختي وكده شكرك وصلني
ضم ادهم هالي لاحضانه وهو يقول بحب :
- في قلبي قبل عيوني
فتح سليم باب شقتهم وهو ينظر لتلك التي تقف وهى تنظر أرضا بخجل شديد وتتمنى لو تركض لاسفل فأبتسم سليم بحنان وقال وهو يشير بيده لها :
- تعالي يا أشرقت
نظرت أشرقت ليده الممدودة بتردد وهى تلعن نفسها على موافقة الجلوس معه بمفردهم فقد استأذن والدتها ليختلي بها بعض الوقت، فهو يرغب في محادثتها وحدهم بعدما اخذت شادية مريم لتجلس معها وذهب الجميع تاركين الشقة لادهم وعروسه الجديد.
امسك سليم يدها ليخرجها من شرودها ثم وقف امامها وهو ينظر لعيونها بعشق وقال بهمس جعل جسدها يرتجف من نبرته :
- أشرقت انتي خايفة مني؟
رفعت أشرقت عينها له ونظرت له ثواني قبل أن تهز رأسها برفض وتقول بهمس منخفض دليل على خجلها :
- لو هخاف من الدنيا كلها عمري ما هخاف منك يا سليم
ابتسم لها سليم ثم سحب يدها وسار بها لشقته وهى خلفه فقط تنظر له بحب دخل سليم وأغلق الباب ثم جذبها للبهو واجلسها على الاريكة وهمس لها بحنان وحب :
- خليكي هنا شوية وجاى
نظرت له بتعجب وهى تهز رأسها بموافقة فأبتسم لها ثم ابتعد قليلا ولكن عاد مجددا وهو يقبل جبينها بحنان وهمس لها :
- مبارك يا زوجتي العزيزة
انهي حديثه وهو يخرج من الشقة بسرعة ويغلق الباب وتلاحقه نظراتها المتعجبة لتصرفه ولكن كانت شاكره له حقا فقد أعطاها فرصة لتتمالك نفسها، اخذت تدور بعينها في تلك الشقة التي لم تطأها قدمها منذ كانت طفلة صغيره تأتي لتلعب مع سليم بها، ابتسمت ودموعها تهبط وهى لا تصدق هذه الحياة، من كان يظن ان تدخل هذه الشقة مجددا ولكن ليس بحثا عن سليم، بل زوجة لسليم
سمعت صوت فتح الباب فنهضت وهى تنظر وجدته سليم يحمل حقائب كثيرة وهو يقترب منها ببسمة واسعة وسعادة تكاد تغرق العالم رفع الحقائب وهو يقول وكأنه يحدث صغيرته وليست زوجته :
- بصي جبتلك ايه، نزلت جبت كل الحلويات اللي بتحبيها وجبت شوكولاتات كتير اوي اوي وجبت كل الايس الكريم اللي بتحبيه
وضع الحقائب واخذ يفرغها وهو يتحدث :
- معلش سيبتك ونزلت لاني مكنتش عامل حسابي
رفع نظره لها وقال ببسمة حنونة :
- لو كنت اعرف ان انهاردة هتكوني على اسمي انا كنت جبتلك الدنيا كلها يا أشرقت
هبطت دموع أشرقت بشده ثم نهضت واقتربت منه فننر هو لها بتعجب ولكن تجمد جسده وهو يشعر بها تندفع له وتضمه بعنف وهى تبكي وتتحدث من بين شهقاتها :
- بحبك يا سليم والله العظيم بحبك اكتر من نفسي
خرج سليم من حالة زهولة وهو يضم خصرها إليها بقوة ويغمض عينه براحة شديد واخيرا قد أصبحت بين ذراعيه بعد ليالي طويلة من المعاناة.
نظرت شادية وبراءة لمريم التي تبكي منذ ذهب سليم مع أشرقت
زفرت براءة وهى تقترب منها وتضمها بحنان قائلة :
- مريم يا حبيبتي انتي زعلانة ان سليم اتجوز؟
هزت مريم رأسها برفض وهى تقول بخفوت :
- لا لا انا فرحانة خالص والله، بس هو هيوحشني
نظرت براءة لشادية لثواني ثم انفجرن بالضحك على تلك الفتاة الصغيرة رغم عمرها الكبير
بينما مريم لوت شفتيها بضيق وهى تنظر لاسفل، لا تريد أن تخبرهم سبب حزنها الحقيقي والذي اكتشفته قبل عقد القران، لم يسأل احد على إسلام ولما لم يأتي حيث اتصلت به وقد اسمعته كلام جرحه واهانه كما فعل معها، واخبرته الا يريه وجهها حتى لا تفضحه امام الجميع اغمضت عينها بوجع تأبى تذكر او التفكير في كل ما تمر به، خرج شادي من غرفة بعدما استحم ثم قال براحة :
- الواحد مكانش عايش يا جدع
هزت براءة رأسها وهى تقول بجدية :
- فعلا النتانة بتخلي الواحد يحس انه مش عايش
نظر لها شادي بحنق ولكن لفت نظره مريم التي كانت دموعها ما تزال تبلل خدها، فأقترب منها وهو يهمس بحنان :
- اميرتي زعلانة ليه
رفعت مريم عينها لشادي وهى تبتسم بخفوت، فقد مر وقت طويل لم يناديها بهذا اللقب، اكمل شادي بحنان وحب اخوي :
- حد زعل اميرتي وانا اضربه
هزت مريم رأسها بنفى وهى تمسح دموعها فاكمل شادي وهو يدفع براءة لتسقط أرضا :
- لا فيه حد مزعلك، قولي مين، يكونش الواد سليم
هزت مريم رأسها برفض، فأكمل هو :
- طب ابيهك ادهم
ضحكت بضعف وهى تهز رأسها برفض، فأكمل يعدد لها الاشخاص :
- طب انا زعلت اميرتي مني طيب
وايضا رفضت فقال بخبث كبير وهو يركز انظاره عليها :
- ما هو اكيد مش كريم، ده كريم مش بيأذي نملة
وعند سماع اسم كريم ازداد بكائها وهى تردد في رأسها انها هى من ظلمت كريم، كريم الذي لم يأذيها يوما، كريم أقرب الأقربين لقلبها، من لم تعرف له تصنيفا في حياتها بعد، تذكرت انها كانت قبل ما فعله كريم ستفاتح أخيها في أمر رفض إسلام حتى لا تظلمه بمشاعرها المجهولة نحو كريم والتي لفتت براءة نظرها لها، كما أن اعتراف كريم مازال يتردد صداه في عقلها وقلبها معا.
سمع شادي صوت رنين هاتفه في الداخل فرحمها قليلا من نظراته ودخل ليجيب على الهاتف، ثم غاب ليخرج وهو يرتدي قميصه ويقول :
- قومي يا ريمو هنروح نتفسح سوا، عوض عطاني اجازة يلا
لو كانت في وقت غير ذاك الوقت لقفزت سعيدة ولكن الآن لم تكن ترغب في شئ فهزت رأسها برفض، لم يقبل شادي رفضها وذهب ووقف فوقها وهو يقول بإصرار:
- اخلصي يا أميرة مش كفاية كل واحد مع مزته وانا قاعد في خلقة شادية وبراءة ترضيهالي دي
ضربته براءة بوسادة بينما مدت شادية يدها وضربته على ظهره، فقال وهو يضحك :
- اخلصي يابنتي هيقتلوني
نهضت مريم بتثاقل تحت اصراره وتشجيع براءة وشادية لها ثم تحركت معه نحو الاسفل فقال ببسمة :
- يلا يا ريمو هوديكي كل حتة انتي بتحبيها
ابتسمت له ابتسامة باهتة ثم لحقت به حتى وصلوا لاسفل العمارة ففتح لها الباب المجاور لمقعد السائق في سيارة عوض، نظرت له ببسمة ثم صعدت فوجدته يغلق الباب ويتجه لجهه السائق قائلا، ثم يميل على النافذة ويقول بمكر :
- افتكرها ليا يا كيمو عشان قريب هحتاجك
فزعت مريم من حديثه واستمتعت بصوته الذي وكأنه طُبع في قلبها وهو يقول :
- نردهالك وعليها بوسة يا شادي
أنهى حديثه ثم انطلق بالسيارة بينما نظر شادي في اثرها ببسمة واسعة وهو يتمنى لهم السعادة دائما وكاد يصعد للعمارة لولا صوت احد صبية ابيه وهو ينادي :
- يا استاذ شادي الراجل ده بيسأل عليك
استدار شادي بتعجب فوجد رجل كبير في السن تقريبا في عمر والده يمد يده له بأحترام وهو يقول ببسمة حنونة :
- عبدالرحيم الزيني والد منه
كان ادهم يجلس في الصالة بعد رحيل الجميع وهو ينظر أرضا ولا يعلم ما عليه فعله، هل يدخل لها الآن ويتحدث معها، ام يتركها لتهدأ فهى مرت بالكثير حقا.
خرج من شروده على يد تمسك بيده فنظر لها بتعجب وجدها تبتسم له وهى تجلس أرضا بجانبه كاد يتحدث لولا فعلتها التي جمدت الدماء بعروقه فقد مالت على يده وقبلتها بكل العشق الذي تملكه له، شعر ادهم بجسده يهتز بعنف جراء فعلتها تلك فنهض بسرعة وامسكها من كتفها ورفعها وهو ينظر لعيونها بعشق ثم اجلسها مكانه وجلس هو على ركبتيه امامها وامسك يدها كما كانت تفعل هى وقال وهو ينظر له بهيام وحب أوشك على الدخول لمراحل الهوس :
- انتي مكانك مش عند رجلي يا ملاكي، انتي فوق راسي وفي قلبي ماشي؟
دمعت عينها من حديقه فلأول مرة يشعرها احد بمكانتها، اقترب ادهم من عيونها وقبلها بحنان شديد وحب، وهو يهمس لها بأنفاس عاشقة لكل ما بها :
- وعد مني يا وردتي، العمر كله هعيشه عشانك انتي وبس، لاني واخيرا لقيت سبب اعيش عشانه، لقيت حد اعيش عشان اسعده
لم تتمكن هالي من طبت شهقاتها اكثر فخرجت منها وهى تقول :
- خايفة يا ادهم خايفة، ارجوك خليك جنبي على طول
نهض ادهم وامسك يدها ثم سحبها خلفه وهو ينظر لعيونها بحب ثم اجلسها على فراشه ونهض ونظر لها وهو يقول بحنان :
- استني هنا جايلك، متتحركيش
ثم خرج بسرعة وغاب لدقيقة او اقل ودخل وهو يحمل الحصان الخاص به ثم رفعه امام عينها وقال ببسمة :
- بصي يا وردتي، الحصان ده شهد على قصتنا كلها وحاليا انا جايبه عشان يشهد على وعدي ليكي
ثم وضعه بجانبها وهى تطالعه بتعجب كبير، نهض ادهم وهو يعدل من ثيابه ثم رفع يده وكأنه يقول قسم ما :
- اقسم انا ادهم الألفي انني اتعهد من هذه اللحظة ولبقية حياتي لوردتي وملاكي وام فتحي وهالي وهالفيتي، اني هعتبرها بنتي لما تغلط هضمها لقلبي واعرفها غلطها بدون عصبية وعمري في حياتي ما هزعلها أبدا، وهعتبرها اختي اللي ههزر معاها واعمل فيها مقالب واضحك معاها دايما
ضحكت ام فتحي من بين دموعها وهى تنظر له بعشق، بينما هو اكمل بصوت حنون اكثر :
- وهتكون امي اللي اول ما الدنيا تضيق بيا هجري لحضنها وابكي واشكيلها حزني كله واللي اول ما قلبي يوجعني هروح اضمها ليه عشان يستريح، وهتكون صاحبتي اللي كل أسراري معاها، وهتكون زوجتي االي هنسحب بعض للخير دايما، وهتكون ام ولادي اللي هكون مطمن انها تنشأهم نشأه صح، وهتكون كل حياتي اللي في بعدها هتدمر، وهتكون قلبي وانفاسي اللي في بعدها هموت.
أنهى كلامه تزامنا مع نهوض هالي وإلقاء نفسها في احضانه بعنف عاد على اثره للخلف ولكن تدارك الموقف وضمها اقوي واقوي اليه وهو يدفن وجهه في رقبتها ويتنفس بعشق ثم همس لها بحب شديد :
- وليت الحياة تتوقف وانا بين احضانك يا ملاكي، فلا حياة خارج أحضانك، ولا وجود لي بعيدا عنكي
دفنت هالي نفسها به اكثر وهى تهمس له :
- كنت دايما فارسي ومنقذي، كنت دايما أملي في بكرة، واخيرا جه الوقت اللي تكون فيه شريك حياتي وانفاسي يا ادهم
لم تتحدث مريم طوال الطريق بسبب صدمتها ونظرت من النافذة محاولة ان تبعد نظرها عنه فهى تشعر به يضعفها كثيرا فجأة شعرت بتوقف السيارة فنظرت له بتعجب فأبتشم لها وقال بحنان :
- استأذنت من سليم انك تقضي اليوم معايا وهو وافق شرط نكون في مكان مفتوح
لم تجب عليه بل اكتفت بالنظر لوجهه فأبتسم لها وترجل من السيارة دون كلمة اضافية فهبطت هى خلفة بتعجب ولكن فتحت فمها بتعجب وهى ترى نفسها امام مدينة ملاهي كبيرة، كانت الاضواء بها جميلة جدا، تقدم كريم جهة تلك مدينة الملاهي الليلة ونادى لها بصوت عالي بعدما قطع التذاكر فتقدمت منه بأقدام ضعيفة جدا وهى ترمقه بنظرات غامضة وقد فشلت في تحديد تلك المشاعر التي تحتل قلبها تجاهه
ابتسم لها كريم ودخل قبلها وهى لحقت به ولا ترفع عينها عنه فأشار هو للمدينة وهو يقول :
- بصي ياستي المدينة كلها قدامك تحبي نبدٱ بايه
لم تحب بل سقطت دموعها وهى تشعر بأختناق كبير يحتل قلبها فأبتسم هو وسحب يدها وهو يقول :
- عرفت هنركب ايه
لم ترفع عينها حتى لا يرى دموعها، وسحبها هو خلفه واجلسها في عربة ما وجلس هو بجوارها وربط حزام الأمان الخاص بها وحزامه الخاص ثم اقترب منها وهمس لها :
- عايزك تصرخي يا مريم زى ما تحبي محدش هياخد باله من حاجه طلعي كل حزنك وكل وجعك طلعي كل اللي جواكي اصرخي بوجعك يا مريم
نظرت له بدموع ثواني وتحركت العربة ببطئ حتى بدأت تزداد شيئا فشئ وبدأت الأصوات تعلو بينما مريم يتتابع امامها مشاهد عديده من اهانتها والتنمر عليها والسخرية منها ووصفها بأبشع الألفاظ، جرحها بأبشع الطرق كل شئ يمر امام عينها واخرهم تلك المحادثة بين اسلام واصدقائه عن مدى حمقها، بدأت تبكي بنشيج وصوت عالي حتى تحول بكائها لصراخ مجروح، صرخت وصرخت، صرخت وجعهها صرخت ظلمها، صرخت كل ما مرت به في حياتها
كان كريم يشعر بتمزق قلبه ويود لو يجذبها لاحضانه مجددا ولكنه لن يكرر خطأه الذي قام به في المخزن، توقفت العربة تزامنا مع توقف صراخ مريم التي كانت تتنفس بعنف وقد احمرت عينها، نظر لها كريم وقال بحنان :
- تآني يا ريمو؟
نظرت له مريم نظرات جعلت قلبه يهتز في مكانه، فهزت هى رأسها ببسمة صافية يراها لأول مرة منذ زمن على وجهها فاشار كريم لحارس تلك اللعبة انه سيصعد دور اخر وأعطى له تذكرتين اخرتين
وتكررت نفس العملية حتى أصبحت مريم تصرخ بضحكات في آخر ذلك الدور، ابتسم لها كريم بينما هى صرخت بصوت عالي :
- انا مش وحشــــــــــــــــــــــــــــة انا مش عاميـــــــــــــــــــــة.
ومجددا انتهى الدور ولكن تلك المرة كانت بسمة مريم ترتسم على وجهها بسعادة حقيقة فقد شعرت للحظه حينما كانت تصرخ بوجع انها محظوظة، نعم محظوظة فهى لديها أخوة كأدهم وشادي وسليم لديهم استعداد لفعل اى شئ لأجل سعادتها لديها والدتها وهاجر وشادية وبراءة واشرقت دائما لدعمها لديها عوض وشاكر بدلا من والدها الذي تركها صغير واخيرا لديها كريم ذلك الذي ترى به عالمها كله
نظرت لكريم الذي ابتسم لها وقال بحماس :
- استني هنا هوريكي حاجة
ثم تركها وركض بسرعة بينما هى ابتسمت له بحب وفجأة وجدته يعود ومعه دبدوب عملاق وهو يختفي خلفه فأخرج رأسه من خلفه وهو يقول ببسمة وكأنه يحدث طفلته:
- اي رأيك بقى دبدوب طولك اهو
نظرت له وهى تكاد لا تصدق كم المشاعر التي تكنها له، والتي يبدو أنها كانت ترقد أسفل الرماد حتى انتفضت لتشعل قلبها بعشق ذلك الرجل الذي احتل كيانها
ترك كريم الدبدوب أرضا وهو ينظر لها بتعجب ويقول :
- ايه مش عجبك
ولكن لم يسمع منها رد، بل تجمدت عروقه ولم يستطع النطق او التحرك وكأن عالمه توقف بالكامل حينما ألقت مريم بنفسها في احضانه وهى تصرخ وتعلنها تمام الجميع :
- بحبك يا كريم، بحبــــــــــــــــــــــــك
