رواية عودة بدران المر الفصل الخامس عشر 15 بقلم هدي زايد
حرك رأسه علامة الإيجاب وقال:
- احنا ولدين هو اكبر مني بسنة واحدة بس ولما ابويا طلق أمي اخدته و أنا رحت لأبويا ولما اتجوزت وجوزها طلب منها تسيبه جه وقعد معانا سنة واحدة بس
- راح فين كدا بعد كدا ؟!
- مش عارف
- يعني إيه مش عارف ضاع يعني ؟!
فرغ " بدران" فاه وقال بمرارة :
- مش عارف ضاع ولا أنا اللي ضايعته
نظرت له وقالت بعدم فهم
- يعني إيه ؟!
زفر ما برئتيه وهو ينظر في سقف الغرفة ثم عاد ببصره لها وقال:
- احنا فضلنا أنا واخويا متمرطين بين أبوياو أمي لحد ما كبرنا وبقى عندنا بتاع خمستاشر سنة كدا بعدها ربنا كرم اخويا فيصل وبقى يشتغل في مصنع ملابس بيشتغل ويصرف علي نفسه و مصاريف دراسته
نظرت" تولين " له قائلة بفضول
- و أنت كنت فين ؟!
في الشارع
قالها " بدران" وهو بمرارة في حلقه، والدموع تكاد أن تفر من عيناه، بينما كانت تستمع له بجميع حواسها ونظرات الشفقة والعطف تسيطر على كامل ملامحها، تابع بهدوءٍ ظاهري وقال:
- أنا لما لاقيت ابويا يرميني لأمي وامي ترميني لأبويا قمت قلت وهو أنا هفضل كدا لخد إمتى اتهان من كل واحد شوية واسكت لكن اخويا كان بيكسبهم بطيبته وهدوئه و اتلموا عليا ولاد الحرام وملوا دماغي بإني خلاص بقت راجل ومش محتاج لحد منهم واقدر اجيب مصاريفي واكتر وفعلا دخلت الدايرة دي
نظرت له " تولين " وقالت بتساؤل :
- دايرة إيه ؟!
طالعها في صمتٍ لايعرف إن تابع حديثه وعرفت ما يخفيه عنها سيكون بداية علاقتهما أم نهايتها للأبد احتوت خوفه وهي تحتضن كفيه بين راحتيها قائلة بإبتسامة بشوشة
- أيًا كان اللي كنت في زمان أنا مسامحاك في لأني مكنتش في حياتك وأنت تُبت عن الحاجات دي يبقى خايف من إيه ؟!
- مش جايز تغيري رأيك ؟!
- مستحيل
- جبتي منين الثقة دي ؟!
- ثقتي فيك مش هتتهز مهما حصل ولو مش حابب تكمل كلام في الموضوع دا أنا مش عاوزة أعرف طالما دا مريحك
- ولو قلت لك إني هرتاح أكتر لو اتكلمت ؟!
ابتسمت له ثم قالت بنبرة تملؤها الحنان
- و أنا سامعك جدًا
تنهد بعمق وهو يُكمل حديثه وقال:
- أنا كنت في البداية لما اتعرفت على الشلة اللي قلت لك عليها دي كنت بساعدهم يكسروا عربيات ياخدوا حاجات من ناس غنية بحجة إن دول اللي يستحقوا السر قة لأنهم مش حاسين بالفقرا بس دا كلام أهبل واللي يصدقه أهبل زيهم، جه واحد فيهم قالي السكة دي مش بتاعتك ومش هتكسبك فلوس تصرف براحتك تيجي معايا
- تروح معاه فين ؟!
عقد لسانه ولم يردها عليها لتفاجئه هي بإجابة سؤالها قائلة:
- مخد رات ولا حاجة أصعب منها ؟!
- لا مخد رات وقالي وقتها إن مكسبي فيها هيبقى حاجة حلوة اوي و أنا اشتغلت فيها حسبة شهرين بس لما لاقيت في شباب بتموت بسببها سبتها قلت كفاية ذنوبي اللي هروح بيها مش حِمل ذنوب غيري زي ما تقولي كدا كان لسه جوايا حتة نضيفة مش قابلة اللي أنا في، وبعدت ورحت لسكة تانية وهي فتح الخزن
- خزن !!
رد بنبرة ساخرة وهو يضع كفه على صدره قائلًا:
- محسوبك اجدع واحد يفتح أي خزنة مهما كان نوعها
تابع بمرارة وقال:
- وهي دي كانت آخر كل حاجة في حياتي وحياة كل اللي اعرفه
- ازاي ؟!
- كنت شغال فتاح خزن لمدة سنة وشوية وبعدها جه واحد صاحبنا اتفق معانا نروح نسرق محل دهب بعد ما راقبه كويس وعرف كل حاجة عن صاحب المحل في اليوم دا أنا كنت تعبان ومش قادر اروح في حتة عرفتهم يعملوا إيه وكان معاهم كان شغال تحت ايدي وسابوني ومشيوا وجه فيصل اخويا ودي كانت أول مرة يقابلني بعد سنتين بحالهم كنت عندي وقتها سبعتاشر سنة
سألته "تولطن" بفضول وقالت
- وهو مات عندك
رد نافيًا وقال:
- لا
- اومال إيه اللي حصل ؟!
- لما شافني كدا اخدني على الدكتور وبلغ صحابي اللي كانوا في الشقة قاعدين معايا وقتها يبلغ الباقي إن بدران مش راجع هنا تاني وإن اللي هايقرب لي تاني هايبلغ عنه، هو كان بيجي لي كل فين وفين عشان مكنتش بقعد في مكان معين فـ كان كل ما يروح مكان يا عيني يعرف إني سبته وسايب له خبر اني في المكان كذا ويجي لي ولما جالي المرة دي كنت تعبان بقى
- هو أنت كنت تعبان مالك ؟!
- كنت واخد رصاصة و طلعتها في البيت والجرح كان ملتهب اخدني وعلاجني وعاملني بني آدم من تاني
نظر لها وقال بمرارة:
- بس دا مكنش عاجب ابويا
- معقول ؟!
- اه والله زي ما بقلك كدا مكنش عاجبه واتخانق معاه وقاله الحر امي دا مايدخلش بيتي
ردت بنبرة مختنقة إثر البكاء
- ورجعت تاني لصحابك مش كدا ؟!
- لا، فيصل اخويا الشهادة لله ما سبنيش خالص بنى لي الاوضة اللي فوق السطح دي وقعدني فيها
كنت في عز البرد ارتعش وعز الحر ابقى همو ت من الحر كان كتر خيره بيعمل اللي يقدر عليه وقتها ماهو كان عيل بردو ومابيشتغلش ولو اشتغل يوم عشرة مش شغال وابويا اللي بيصرف عليه فـ كان يحوش مصروفه ويجيب لي حاجة في حاجة، لحد ما أنا خليت عندي دم وبقت بساعده اشتغلت في ورشة تحت البيت بتصلح عربيات مش عشان حبًا في شغل العربيات لا عشان بس ابويا لما يشوفني تُبت عن الشغل الحرام يرجعني البيت تاني بس بعيد عنك قلبه كان حجر الله يرحمه بقى .
تنهد بعمق ثم قال :
- فجأة دخل عليا اخويا وقالي مبروك يابدران ابوك وافق يرجعك المدرسة من تاني بيني وبينك موضوع الدراسة دا مكنش في بالي أصلًا بس قلت يمكن لما اكمل دراستي يرجعني تاني للبيت وانام نومة نضيفة بس كأني معملتش حاجة يوم ورا يوم وخلص فيصل اخويا الثانوية العامة بمجموع كبير
وكان خلاص هيبقى دكتور في الكلية العسكرية وابويا فرح بي وعمله فرح وهيصة كبيرة وبقى يقول ابو الدكتور راح أبو الدكتور جه بس وقتها العسكرية رفضته بسبب نظره
نظر لها وقال بنبرة صادقة
- اوعي تكوني فاكرة إني كنت بغيير من اخويا لا والله بالعكس كنت فرحان له اوي وكنت أنا كمان بتباهى بي وسط الناس
تابع بمرارة وقال:
- بس زي ما أنتِ عارفة مافيش حاجة بتفضل على حالها وإن الزن على الودان أمر من السحر
- يعني إيه ؟!
- يعني ابويا فضل يزن على ودنه ويقوله دا مقامك واخوك ما بيحبش لك الخير مع إن والله العظيم محدش فرح قدي لـ فيصل لما دخل كلية الطب لحد ما مافي وهو رايح الجامعة قلت اوصله واجرب العربيةاللي صلحتها اخبارها إيه وصلنا الجامعة ولسه بينزل من العربية وقف واحد صاحبه بس باين عليه ابن ناس اوي ومعاه بنت كدا من النظرات عرفت إنها بينها وبين فيصل حاجة فسأله صاحبه هي دي عربيتك الجديدة قاله لا دا بابا بعت لي السواق بتاعه بعربية من عربيات الشركة أنا عربيتي لسه مجتش من برا
سألته بنبرة متعاطفة قائلة:
- نكرك قدام الناس ؟!
رد بإبتسامة 'قال:
- الشهادة لله لي حق دا كنت لابس لبس مبهدل ويكسف لي حق بردو
- بتبرر له يا بدران ؟!
- ياستي اهو أي حاجة تخلي عقلي يهدا من التفكير في القديم وخلاص .
- وأنت ليه مقلتش إنك اخوه ؟
- محبتش اكسفه واطلعه كداب وبعدين فكرته بيهزر معاهم ولما مشيوا بقلها بهزر إنه نكرني وهنا كانت القشة اللي قطمت ضهر البعير بجد
- ليه قالك إيه ؟!
فرت دمعة من محبسها بالتزامن مع دموعها التي نزلت تضامنًا معه، ابتسم لها بمرارة وقال:
- قالي إن لا مستواه ولا مكانته يخلوا يقول لصحابه على واحد زيي و إن ابعد بالذات عن صحابه عشان دول ناس تانية خالص غير صحابي ابويا عرف يزرع جواه الواحشة
ردت " تولين" بنبرة مغتاظة من عائلته وقالت:
- متظلمش ابوك اخوك اللي وحش من الأول بس مكنش عنده الفرصة يظهرها
- لا يا تولين كتر خيره بردو في اللي عمله معايا مين في سنه بيهتم بدراسته ويدور على اخوه ويجـ....
ردت "تولين" وقالت:
- اخوك عمل كدا مش حبًا فيك دا عشان أنت نقطة سودا في ملفه في العسكرية بلاش تبرير لأي حد ولا أي حاجة وهي واضحة زي عين الشمس .
تنهد بعمق ليختم حديثه وقال:
- بعد الموضوع دا ما حصل قفلت على نفسي وبعدت عنه وعن ابويا وعن الدنيا كلها وقفلت على نفسي في اوضتي فوق السطح وخدت السطح مشتل وزرعت في، لحد ما جه في يوم خبط عليا وقالي إنه اسامحه وإنه مكنش قصده سامحته عشان هو اخويا الكبير وعشان كل حاجة عملها معايا حتى لو زي ما بتقولي لمصلحته بس كفاية إنه ساعدني بردو، فيصل قعد معايا اليوم دا كله لحد الساعة خمسة الفجر وبعدها قالي مسافر يومين يصيف فيهم قالي تعال معايا
تابع بنبرة ساخرة
- وحمدت ربنا وقتها اني مرحتش
- ليه ؟!
- كان ابويا قالي أنت اللي قتـ ـله
- هو اتـ...
- لا مات غرقان في البحر بس ابويا مكنش هايحسبها كدا فهماني، ابويا متحملش وقع من طول جت له شلل في ساعتها من الصدمة ومبقاش في غيري يشيله ويحطه بعدها شهرين ابويا حصله متحملش يعيش في الدنيا من غير فيصل أكتر من شهرين لكن قدر يعيش و أنا بعيد عنه عشر سنين بحالهم !!
- ومامتك عملت إيه لما عرفت إن فيصل اتوفى ؟!
ضحك وقال وهو يكفكف دمعة من عيناه
- لا دي كانت عايشة في عالم تاني
- ازاي ؟!
- مصدقتش إنه مات وفضلت عايشة سنة كاملة على انه عايش وبعدها بردو ماتت وكل اللي كان على لسانها كنت هخطب لك خلاص يا فيصل كنت هخطب لك خلاص يافيصل
نظر لها وقال بنبرة ساخرة
- تحسي إن بدران دا كان جاية الدنيا عشان يتهزأ ويتمسح بي بلاط الشوارع مع إن أنا كنت كل اللي بدور عليه هو حضن حنين مش أكتر وحد يطبطب عليا ويقولي أنا جنبك ومتخافيش من الدنيا دي
فتحت له ذراعيها وقال بإبتسامة واسعة:
- تعال ليا أنا
ابتسم لها ونفذ ماقالته له استقرت رأسه عند صدرها بينما ربتت بكفها على كتفه و بالأخرى تمرر أناملها قائلة بنبرة حانية:
- أنا جنبك ومتخافش الدنيا دي
تابعت بمرح
- خاف من تولين بس
رد وهو مازال محتفظ بنفس وضعيته وقال:
- دا أنا بترعب منها مش بخاف بس !
******
دلوقتي يا حج شوقي كانت اللمة دي موجودة عندي من شهرين عشان اتجوز بدران عشان هو شاب ولوحده والشيـ ـطان تالتنا وقلت تمام. واتجوزنا. لكن تقول إيه بقى لما تبقى بنت عمه متجوزة واتطلقت تلات مرات وتيجي تعيش هنا بحجة إن ابوها رميها ومش عاوزها لا وبكل بجاحة الدنيا اللي فيها تطلب ايد جوزي ويتجوزها عشان يبقى محلل
وطول ما هي قعدة هنا تتمايل بجسمها يمين وشمال عشان بس تلفت نظره اعتقد إن اللي محتاج يتلم هو بنتك يا حج محمد مش أنا وإن كان على جوزي فهو راجل ومافيش حاجة هتضره مش دا كلامك يا حج شوقي ولا أنا غلطانة يا أستاذ نوح ؟!
أردفت "تولين" عبارتها الطويلة وهي تجلس بين مجموعة من رجال الاحكام العرفية، الوضع بالنسبة لها غاية في الصعوبة، تلك المرأة التي تلتف حول زوجها لابد أنها ستنجح في إحدى محالاوتها ولكن لن تدع لها هذه الفرصة أبدًا
ولج"بدران" وعلى وجهه دهشة وذهول شديدان القى التحية ثم صافح "نوح المحمدي" و من معه جلس جوارها وبدأ يسمع لشكوى عمه حين قال بغصبٍ مكتوم:
- يرضيك يا بدران غلط مراتك دا في بنت عمك
- أنا مراتي مبتغلطش
-لا غلطت وقالت كلام عليها ماينفعش حتى يتقال
- أنتِ قلتي عليها كلام ميتقلش ؟!
-ايوة
-جدعة
-يعني أنت موافق على قلة الأدب بتاعت مراتك ؟!
- لا لو على قلة الأدب يبقى بتاعت بنتك مش مراتي أنا مراتي متربية وعارفة دينها كويس الدور والباقي على اللي قابلة على نفسها الرخص وعاوزة تفرق بين راجل ومراته وأنا مافيش حاجة تفرقني عن مراتي أبدًا ؟!
ماحدث للتو لم يعجب " نوح" تلك النبرة وهذه الموافقة على كل شئ تقوله زورجته، لم يروق له على ما يبدو أن " بدران" يريد إغاظة عمه بتلك الطريقة قاطعه وهو يقف عن الأريكة وقال:
- أنا شايف إننا في حضانة ودي مش قعدة ناس كبيرة وعاقلة المفروض إنها بتحل مشكلة
لما تكبروا ابقوا بلغوني
رد " بدران" بعتذار وقال بأدبٍ
- متزهلش مني يا عمي بس اللي المفروض إنه عمي دا كان السبب في انه يأكل عليا حقي ورث ابويا واخويا الله يرحمهم وسكت وقلت ماشي باع لي شقتي وباعها لمواتي في نفس الوقت والمفروض ارفع عليه قضية واودي ورا الشمس وبردو قلت يا واد عمك وعيب متقفش قصاد بعض في المحاكم لكن بنته لامؤاخذة تيجي لي وتقعد معايا في شقتي بحجة إن ابوها مش عاوزها وادخلها بيتي تروح تقع بيني وبين مراتي وترمي عليا كلام بالباطل محصلش والمصيبة إنه كلام يسوء سمعتها هي مش أنا وتبعت لمراتي صور اني في اوضة نومها لامؤاخذة دا بقى تسمي إيه ؟!
وقف والد شيرين وقال بغضبٍ جم
- دا كلام كدب ومحصلش أنا بنتي محترمة ومستحيل تعمل كدا ابدًا لو كنت أنت هتمشي ورا كلام مراتك أنت حر لكن تطلع على بنتي كلام وخلاص دا اللي مش هقبله أبدًا أنت نسبت إن اللي متجوزها دي أصلًا نامت في بيتك قبل ما تبقى مراتك وياعالم حصل إيه بينكم هتيجي تعمل علينا احنا دور الشريفة !!
وقف " بدران" مقابلته وقال بنبرة حادة
- الزم حدك و أنت بتتكلم عن مرات بدران المُر وأي حد هيتكلم كلمة ملهاش لازمة هعرفه مقامه كويس اوي، إن كنت أنت نسيت مين هو بدران أنا افكرك وافكر مليون واحد من عينتك أنا مراتي اشرف من الرف وكلمة واحدة زيادة في حقها هوريك اللي نفسك تشوفه ومانع نفسي منه بقالي زمن
بعد مرور ساعة كاملة من هذه الجلسة وبعد مغادرة الجميع جلست جواره بعد أن اعدت له قدحًا من القهوة الفرنسية نظر لها وقال بإبتسامة بشوشة:
الناس مشيت وأنا نصرتك علي الكل اهو قدامهم بس في الحقيقة أنتِ غلطانة
ليه بقى إن شاء الله ؟!
عشان عملتي للناس دول سعر وقعدتيهم معاكي طبعًا
ايوة كدا اتعدل
بعد كدا لما تعملي حاجة زي دي ابقي عرفيني عشان اعرف اداري عليكي
وتداري ليه يا حبيبي هو أنا بخاف من حد
مثلا يعني
ولا أنا اللي الكلام عليا
أنا عارف
أنا بس بعرفهم إنهم بيعملوا نفس الحكاية بس مبيحبوش يجيبوا الغلط على نفسهم
صح كدا
بدران على فكرة محدش قاعد معانا يعني بلاش صدى الصوت دا كل شوية
لا معلش أصل اندمجت شوية
ضحكت على طريقته الساخرة في الحديث سرحت في كلامح وجهه وكأنها تريد حفظها بين طيات عقلها، انتابه القلق وهي على حالتها تلك طرقع بأنامله لينتشلها من بئر افكارها انتبهت له وقالت بنبرة هادئة
- بدران ممكن اطلب منك طلب
- اطلبي واتمني
سكتت مليًا قبل أن تقول بهدوء
- أنا مش عاوزك تزعل مني
عقد ما بين حاجبيه وقال:
-على إيه ؟!
- على أي حاجة عملتها ضايقتك مني
- تولين أنتِ كويسة ؟!
ابتسمت بخفة ثم قالت:
- اها كويسة الحمد لله
- اومال مالك في إيه ؟!
- مافيش انسى اي حاجة أنا بس متوترة شوية بسبب الافتتاح خايفة مايكنش زي ما احنا مرتبين له
ابتسم لها وقال بثقة
- متقلقش كله بأمر الله خير احنا متربين كويس اوي ومافيش أي حاجة هتخرج عن السيطرة أنا حتى عاملك لك مفاجأة بعد الافتتاح جامدة اوي
بادلته ذات الإبتسامة وقالت:
- مش اجمد من مفأجتي
- مفاجأة إيه ؟!
- وهي تبقى اسمها مفاجأة بردو يا بيدو اصبر كلها يومين وتعرف بس يارب تعجبك
- طالما منك أكيد هتعجبني
*********
بعد مرور يومين
وتحديدًا يوم الافتتاح الخاص بالاعمال الجديدة التي سوف تصدر تحت رعاية "بدران المُر" كانت "تولين" في ابهى زينتها بينما كان والدها يطالعها في صمتٍ تام يعلم ما يدور داخل عقل ابنته ولم يقوَ على الإعتراض حتى
وصلت أخيرًا لمنزل عائلة "نوح المحمدي"
وقفت أمامه ووالدها جالسًا على المقعد المتحرك نظرت لأبيها ثم لهم جميعًا وقالت:
- في الحقيقة ملقتش مكان انسب من هنا اجيب في بابا عارفة إني هتقل عليكم بس معلش اتحملوا بابا لحد ما بدران يرجع وياخده
نظر لها " نوح" وقال:
- يا بنتي والدك فوق دماغنا وجوا عيننا وفي أي وقت تيجي تاخديه
- شكرًا يا أستاذ نوح
نظرت لأبيها ثم جثت على ركبتها ابتسمت له وقالت بخفوت
- احتمال اروح مرجعش لو مرجعتش ابقى أنا كدا عملت اللي وزيادة الناس اللي أنت دخلت وسطهم دول عاوزين بدران وهو ملوش ذنب وأنت اللي المفروض تكون مكانه وبما إن أنت ماينفعش تدخل السبق دا يبقي جه الدور عليا ولازم ادخل السبق مكانك
حرك والدها رأسه علامة النفي وقال بنبرة متلعثمة
- مدخلتش مدخلتش
- مبقاش في وقت بابا أنا لازم امشي
بعد محاولات عديدة من منعها في الذهاب لهذا الوكر قررت أن تتحلى بالحدة والغضب لتُنهي الأزمة غادرت أخيرًا وذهبت لذاك المكان الأفتتاح ظهرت لعدة دقائق ثم انطفئت الأضواء وعادت بعد خمس دقائق تقريبًا، بحث "بدران" عنها فـ لم يجدها تعجب من اختفائها بعدما كانت بجانبه انتابه القلق بعد أن بحث عنها في كل مكان ولم يجدها، هدر بصوته قائلًا:
- يعني مش لاقينها ؟!
- والله يا بدران باشا دورنا عليها في كل مكان بس وقت ما الكهربا ما فصلت وهي حرفيًا اختفت.
- اقلبوا المكان. وترجعوا لي بيها، ميرڤت
- نعم يا مستر بدران
- آخر مرة شفتي فيها تولين كانت إمتى ؟
- كانت كانت
-مالك ماتقولي كانت فين انطقي ؟
زهران جه وكلمها وفجأة النور اتقطع وبعدها اكتشفنا انها اختفت
- بتقولي زهران ؟!
- ايوة زهران دا شاب اتعرفت عليه في النادي و من يومها وهي اتقلب حالها تمامًا حتى انا مبقتش تتكلم معايا زي الأول زهران عملها غسيل مخ حرفيا يا مستر بدران هو حضرتك تعرفه ؟!
انتبه لـ صوت أحد الحراس وهو يقول بأدبٍ:
- بدران باشا الظرف دا تولين هانم سابته لحضرتك وطلبت مني اديه لك الساعة عشرة
تناوله منه وقام بفتح بلهفة قرأ بعينه كلماتها البسيطة
( بدران مدورش عليا ولا تسأل عني أنا زهقت وحبيت اسيب كل حاجة وامشي، بابا بقي حِمل تقيل اوي عليا وأنا مش قادرة على خدمته أكتر من كدا وطبعًا مش مطلوب منك تشيله ودي لدار مسنين هو حاليًا عند نوح المحمدي، بدران مش حابة تزعل مني بس أنت مش مناسب ليا ماضيك وحش لدرجة عمري متخيلتها و مش أنت الشخص اللي ينفع يكون أبو ولادي أنا عاوز إنسان اتشرف بي أنا قبل ولادي قدام الناس، اتجوز اللي تليق بيك ومن مستواك لكن أنا بصراحة صعب عليا اتقبلك بالشكل دا وعشان كدا قررت امشي لأن مقدرتش اواجهك واقول اني مش متقبلة عيو بك دي، ياريت تعذرني وتحترم رغبتي مع السلام )
