اخر الروايات

رواية نجمة ليلي الفصل الرابع عشر 14 بقلم سارة مجدي

رواية نجمة ليلي الفصل الرابع عشر 14 بقلم سارة مجدي 


 


                                              

اسكربت ١٤ 

صحيح صغير بس مش هينفع يبقا اكبر من كده 


+




                              

كان يصرخ بصوت عالى دوى صداه فى ارجاء المشفى و كان الجميع ينظر اليه بشفقه و حزن شديد 

خاصه مع صرخته الاخيره قبل ان يجلس ارضا و يحاوط راسه بكفيه وهو يقول 

- انا مليش غيره ... قولوله يرجع قولوله انى بحبه و الله بحبه هو عندى اغلى من الدنيا و من نفسى انا كنت بقسى عليه علشان يبقا راجل يعتمد عليه .... ياخد قلبى ويعيش ده لسه مشفش حاجه فى دنيته .... خلوه يرجع ... خلوه يرجع 

كان الجميع يدعوا له بالصبر و السلوان فلقد فقد ابنه الذى لم يكمل عامه الخامس و العشرون 

و كان هو يسترجع كل ما كان يقوم به و ما كان يحدث ...كل القسوه ، الجحود ، الظلم و المعامله الجافه الذى لم يرى ابنه منه غيرهم 

اغمض عينيه و خرجت منه اااااه الم قويه و هو يتذكر اخر كلمات وحيده 

- انت عمرك ما حبتني و لا خفت عليا ... انت بتكرهني زى ما كنت بتكره امى .. انا مشفتش منك غير القسوه و الظلم و الكره ... انا كمان بكرهك ... بكرهك

ثم ضرب على موضع قلبه و هو يقول بألم و كره

- قلبى اتكسر بسببك .... بيتألم ... مجروح منك قلبى بينزف و انت مش حاسس و لا هتحس

اغمض عينيه بألم لادراكه كلمات ابنه و المه و حزنه و ادراك مدى خطئه 

حين اقتربت الممرضه و هى تقول 

- محتاجين حضرتك جوه 

نظر اليها بتشتت و ضياع و احساس كبير بالخساره ثم وقف بتثاقل 

ليعود و يجلس من جديد قدميه لم تعد تحملانه  كل قوته التى كان بها يقسوا على وحيده ذهبت ادراج الرياح و لم تعد موجوده الان 

لكنه تحامل على نفسه و ذهب معها لتجحظ عيونه و هو يرى ذلك الشرشف الابيض البغيض يغطى وجه ابنه يحجبه عنه و كأنه حتى يرفض ان يودعه لاخر مره 

انتبه لكلمات الطبيب 

- اجرائات الغُسل و الدفن هتم كلها حالا  

و مد يده ببعض المتعلقات التي كانت بحوزه ياسين 

ليمد منذر يديه المرتعشة يمسك بهم خاتم والدته الذى لم يفارق يده منذ وفاتها محفظه نقوده و ميداليه مفاتيحه و ظرف ابيض يبدوا عليه القدم اثار فضوله لكنه آجل ذلك حتى يقوم بواجبه الاخير تجاه ابنه 

رغم انه لم يقم بأى واجبات له ... هو كان السجان و الجلاد هو كان القاضى الظالم هو كان كل الظلم و القسوه بدل من ان يكون باب الحب و الرحمه 

اقترب من سرير ياسين و جثى على ركبتيه بجانبه رفع يديه ليرفع ذلك الغطاء عى وجهه ينظر الى وجه ابنه للمره الاخيره و لكن هناك شىء خفى امسك بيده يمنعه من الاقتراب توقفت يده فى الهواء دون ايراده منه 

و من داخله يشعر ان ياسين يرفض ان يرفع عن وجهه الغطاء يرفض ان يراه يكره كما قال 

اخذ عده انفاس متلاحقه و سالت تلك الدمعات فوق وجنتيه و هو يقول 

- سامحنى يا ياسين ... سامحنى يا ابنى و الله ما فى فحياتى اغلى منك ... كان نفسى اضمك و اشم رحيتك لاخر مره ... بس انا فعلا يا ابنى مستاهلش انا استاهل اعيش اللى باقى من عمرى بعذاب انى انا سبب موتك .... و هستنا عقاب ربنا على اللى عملته فيك .. و فى امك 

و مع اخر كلماته مد يديه تحت الشرشف يمسك بيد ابنه البارده الخاليه من دفىء الروح ليشهق بصوت عالى وجسده ينتفض برهبه و انحنى يقبلها ... و يشعر ببرودتها على شفتيه و هو يغمض عينيه حتى يحتفظ بتلك اللحظه لباقى حياته .... كان يود ان يضمه لاخر مره لكن يعلم جيدا انه مذنب و لا يستحق فأعتدل جالسا و خبىء و جهه بين كفيه يبكى بصوت عالى و هو يقول برجاء و توسل

- يارب ارحمه ... انا مرحمتوش ... يارب اكرمه ... انا مكرمتوش .... يارب فرحه .... انا مفرحتوش ياااااارب ابنى ياااارب 

كان الطبيب و الممرضين و المسؤل عن الغُسل الكل يبكى حزنا على ذلك الاب الملكوم و ذلك الشاب الذى غادر الحياه صغير 

تمت كل الاجراءات سريعا و تم تجهيز ياسين لملاقاه  ربه و بسبب معامله منذر السيئه للجميع لم يستطع ان يتصل باى من افراد العائله للصلاه على وحيده لكن الله ارسل عدد لم يستطع منذر حصره من اجل ياسين ... كل طاقم المستشفى ... و اهل المرضى و كل من كان يمر بجوار المستشفى وسمع نداء المسجد المجاور عن صلاه الجنازه 

و امام المقابر لم يستطع ان يظل واقف على قدميه 

خانتاه ليسقط ارضا على ركبتيه و اصوات الدعاء تعلوا جواره على ذلك  الشاب المسكين 

و علا صوت الشيخ و هو يقول 

- ادعوا لاخوكم انه يسأل الان 

ليعلوا صوت بكاء منذر و هو ينظر الى السماء قائلا 

- يارب ارحمه ... انا مرحمتوش ... يارب اكرمه ... انا مكرمتوش .... يارب فرحه .... انا مفرحتوش ياااااارب ابنى ياااارب ابنى ياااارب 

كان الجميع ينظر اليه بشفقه و يدعوا له بالصبر ..... لا احد يعلم ما كان يحدث و ماذا فعل ذلك الرجل فى ابنه الوحيد ... كان يقسوا و يظلم كان يظهر الكره و يخبىء الحب ... ظلم ولده طوال حياته و اليوم انتبه حين صفع بحقيقه الفراق 

رحل الجميع و ظل هو على جلسته امام القبر ينظر اليه يرجوه ان يرحم جسد ولده الصغير .... يدعوه ان يكون حانى عليه فهو لم يرى منه حنان يومًا 

مر الوقت ساعه تلحقها اخرى و هو يتذكر مواقف كثيره مرت بهم 

حين كان ابنه صغير صاحب خمس سنوات فقط و وقع من فوق درجات سلم البيت و ركض الى امه يبكى جرح قدمه 

لتضمه بحنان و هى تربت فوق ساقه برفق تواسيه ببعض الكلمات ليقترب منذر منهم و جذبه من ذراعه و صرخ به قائلا 

- هو انت مش راجل ... هو فى راجل بيعيط علشان جرح صغير انشف و خليك راجل 

كان ياسين ينظر اليه برعب و خوف لتقترب هاديه و اخذته منه و هى تنظر اليه بعتاب حزين و دلفت الى غرفه ياسين و وضعته على السرير و بدات فى مداواة جرحه و هى تقول 

- متزعلش يا ياسين ... بابا بيحبك بس عايزك تبقا قوى وشجاع 

عاد من افكاره على شهقه بكاء عاليه ثم عاد ليتذكر يوم ظهور نتيجه امتحانات الثانويه و تفرق ياسين و حصوله على اعلى الدرجات و حين ركض اليه وقال بفخر 

- نجحت يا بابا و جيبت ٩٥٪؜ 

لينظر اليه منذر ببرود و قال 

- مبروك 

لتقترب هاديه و تضمه بحنان و هى تقول بسعاده كبيره و فخر 

- مبروك يا قلب ماما ... انا فخوره بيك يا حبيبى 

اغمض عينيه بآلم و الذكرى الاقسى ترتسم امام عينيه يوم وفاه هاديه و اخبار الطبيب له بذلك الخبر و حين بكى ياسين بحزن على فراق من كانت اليد الحانيه التى تربت على كتفه من تانى حياته ببسمه الامل من كانت منفذ الامان و الثقه 

صفعه منذر على وجهه بقوه و قال ببرود 

- مفيش راجل بيعيط ... انت ولد مايع و خيخه و خلاص اللى مدلعاك راحت و انا هربيك من اول وجديد 

و من وقتها ولم يرى ياسين و لو ليوم واحد بعض الحنان و الحب و الرحمه 

انتبه ان الشمس  بدأت فى المغيب ليتذكر ذلك الظرف الغريب الذى كان برفقه ولده اخرجه من جيب بنطاله و فتحه سريعا لتكون الصفعه الثانيه 

رساله من ابنه الى لا احد الى مجهول او من يجد جسده قد فارقه الحياه فى اى مكان 

(( الى مجهول 

      ارجو منك حين تجد جسدى هذا ملقى ارضا بدون حياه لا تبحث عن عنوان بيتى او عن اهلى فقط قم بدفنى ... اكرم جسدى الذى اهانه والدى ضربا طوال خمسه و عشرون عاما .... خبئه بعيد عن عينيه ... و لا تخف ان يسأل احد عنى ... او يسألك ماذا فعلت و لماذا .... كون رحيم بى فانا لم ارى رحمه قط بعد وفاه والدتى فقد ضع جسدى الذى اهين الاف المرات داخل حفره من التراب هى ستهتم به و روحى سوف تذهب الى الرحمن الرحيم و هو بها رحيم )) 

رفع عيونه ينظر الى قبر ابنه وقال 

- مدايق من وجودى جنبك مش كده 

ظل صامت لعده ثوان و كأنه ينتظر أجابه ثم قال 

- مش عايزنى اجى ازورك تانى صح 

ايضا ظل صامت لعده ثوان ثم اومىء بنعم و كأنه سمع شىء ما ثم وقف على قدميه بعد عده محاولات كان يسقط فيها ارضا ... و نظر الى القبر نظره اخيره و رحل يجر قدميه 

وصل الى البيت بعد الكثير من الوقت و جلس ارضا خلف الباب ينظر بعيون تملئها الدموع الى الفراغ الذى يحيطه 

ذهبت زوجته ايضا من كثره قسوته رحلت و تركت صغيرها بين يده و هو القاسى صاحب القلب المتحجر و ها هو ولده ايضا يتركه و يرحل ... لماذا لم يأخذه الله و ترك ياسين ينعم بحنان والدته و بعمر مديد لماذا ابقاه الله على قيد الحياه ليرى ذلك الآلم الذى لا يتحمله احد و لكن كيف له ان يعترض كيف له ان يتمنى رحمه او شفقه. هو يستحق ان يكون بفرده و ان يتعفن جسده مثل الحيوانات التى تموت فى الشوارع المظلمه دون ان ينتبه لها احد 

هذا ما يستحقه ... و هذا ما سيناله 


+




           

الخامس عشر من هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close