رواية نجمة ليلي الفصل الحادي عشر 11 بقلم سارة مجدي
اسكربت
الجزء الثانى من قصه عرفان و عذراء
+
كانت تقف فى مطبخ الحجه عفيفه تقوم بتحضير وجبه الإفطار ... و على وجهها إبتسامه ناعمه بسبب أصوات ضحكاتهم التى تصل تمحوا آثار الماضى المؤلم
دخلت إليها جنه و هى تقول بمرح
بابا بيقولك هنفطر النهارده و لا لأ
لتنظر إليها عذراء بأبتسامه حانيه و قالت و هى تمد يدها بصحن الفول
لأ يا ست جنه هنفطر النهارده
لتأخذ الصغيره الصحن من يد والدتها و هى تقول بسعاده
و أخيراً
و غادرت المطبخ و هى تقول بصوت عالى
الطعاااااام
لتضحك عذراء بصوت عالى و هى تستمع لصوت عرفان و هو يقول
حان وقت الطعام حسب التوقيت المحلى لسيدة القصر السيده عذراء
كانت الحجه عفيفه تتابع ما يحدث بسعاده كبيره و فرحه ... فولدها لقد شعر أخيراً بالسعاده ... و وجد كل ما يريد ... وأصبح بفضل عذراء و أبنائها أب
اجتمع الجميع حول طاولة الطعام لتناول الطعام بين ضحكات عرفان مع عبد الرحمن الذى أتم عامه الثانى ... و بين جنه التى دائماً دائماً ملتصقه به تحب حديثه و تشعر دائماً بالأمان جواره
أنتهوا جميعاً من تناول الطعام ليقف عرفان يقبل يد والدته و رأس عذراء و وجنة عبد الرحمن وأشار لجنه لتقف تمسك يده و قال
هوصل جنه المدرسه و هرجع على الورشه ... و لما تخلصى إللى وراكى حصلينى يا أم جنه
لتهز عذراء رأسها بنعم و هى تتذكر ذلك اليوم بعد أن خلدت الحجه عفيفه ليحمل عرفان الصغيره و كان عبد الرحمن بين ذراعيها و نزلا إلى شقتهم و بعد أن وضعا الصغيرين بسريرهما طلب منها عرفان أن يجلسوا قليلاً معاً فلديه أمر يريد مناقشته
أعدت كوبان من الشاى و جلست بجانبه ليقول مباشره
عندى فكره كده مش عارف هتوافقى عليها و لا لأ
خير ان شاء الله
قالتها بابتسامتها الهادئه التى تجعلها تتغلل إلى روحه كل يوم أكثر من اليوم الذى قبله أخذ نفس عميق و أعتدل ينظر إليها مباشره و قال
أيه رأيك لو نطلع نقعد مع أمى فالشقه فوق ... و نفتح الشقه دى ورشه و نقلب دكانة البقاله لمحل ملابس و نبيع فيه الشغل إللى بتعمليه .
ظلت صامته تنظر إليه ... و هى تفكر و ظل هو الأخر صامت يرتشف من كوب الشاى و ينتظر قرارها حتى قالت
و ماله فكره حلوه اوووى كمان ... بس لازم تاخد إذن ماما عفيفه ... ده بيتها و لازم الأول موافقتها
صمتت لثوانى ثم قالت من جديد
كمان الموضوع ده محتاج مصاريف كتير توضيب و مكن
ليقاطعها قائلاً
كل حاجه هتدبر متقلقيش و لا تشيلى هم ... فكرى أنتِ بس هتقدرى على الشغل الأول لوحدك و لا محتاجه حد معاكى
أجابته سريعاً و هى تقول
لأ خلينا الأول على الضيق كده لحد ما المشروع يقف على رجله
و ها هو أصبح المحل ملئ بالبضاعه المتجدده و يعمل به شاب و فتاه و الورشه يعمل بها خمس فتايات و شابان من أبناء المنطقه و يبحثون عن محل جديد خارج المنطقه كفرع جديد لهم
عادت من أفكارها على صوت ضحكات عبد الرحمن أثر مداعبة ماما عفيفه له و مزاحه اللذيذ بكلماته النصف مفهومه أنهت تنظيف المطبخ و احضرت بعض الوجبات الخفيفه و الفاكهه و وضعتها على الطاوله أمام ماما عفيفه و قبلت رأسها و وجنة الصغير ونزلت إلى الورشه
كانت تتابع عمل الفتايات ... و تقوم هى الأخرى بقص بعض الأقمشة و تجهيزها و عقلها يعيد عليها كل ما حدث خلال السنتين
عرفان الذى أصبح لها كل شئ فى الحياه ذلك الرجل الحقيقى الذى جعلها تشعر بالأمان و الراحه و الثقه من جديد فى البشر و بالتأكيد ليس كل البشر
أخذت نفس عميق و هى تتذكر أن جنه أصبحت صديقته تجلس معه بالساعات يتكلمون لا تعلم ما هى تلك المواضيع المهمه التى تجعله يجلس مع تلك الصغيره يستمع منها و يحدثها فيها ... و مداعبته المستمره لعبد الرحمن و أخذه له معه فى كل مكان و شرائه لأى أى شئ يطلبانه الصغيرين ... و أيضاً أهتمامه الكبير بها و براحتها ... صحيح هو مازال متحفظ بعض الشئ فى علاقته معها .. و يتعامل أحياناً برسميه ... كتسميتها بلقب أم جنه ... وطلبه لها كزوجته على أستحياء ... ذلك ما يجعلها تشعر بالخوف و كأنه تزوجها فقط لكى يكون أب للصغيرين ..و هى فوق البيعه
خرجت من أفكارها على صوته يقول
مالك يا أم جنه فى حاجه أنتِ تعبانه
رفعت عيونها إليه التى كانت تتجمع بها الدموع و قالت
لأ أنا كويسه ... مفيش حاجه
و أخفضت رأسها و هى تعود للتركيز فيما كانت تفعله بحصره تزداد يوم بعد يوم .. و كان هو يشعر بالحيره لكن ليصبر حتى يكونوا بمفردهم و سيعرف ما بها
مر اليوم ثقيل عليهم و كأن كل منهم كان يحمل فوق كتفه جبل ضخم من الهموم و الأحزان
و كالعاده صعدت هى قبل منه لتحضر العشاء ... و أغلق هو الورشه و تأكد من إغلاق المحل و صعد إليهم يحمل بين يديه الحلوى للصغار و شئ آخر خبئه عن الجميع حتى يكون معها بمفرده
و بعد ساعه دخل إلى الغرفه و هو يقول
أخيراً ناموا ... عبد الرحمن تعبنى جداً
لتنظر إليه بحزن و قالت بصوت مختنق
كتر خيرك على صبرك عليهم ... هبقى أنيمهم أنا
ليقطب جبينه و شعور بقبضه قويه لتمسك بقلبه تعتصره ليأن من الألم و هو يقول
ليه بتقولى كده ... دول ولادى خير أيه إللى بتتكلمى عنه .. ده أنتوا الخير نفسه
لم تنظر إليه لكنها كانت تستمع إلى كلماته و هى تحاول بشق الأنفس ألا تبكى ليكمل هو قائلاً بأقرار
من يوم دخولكم حياتى و أنا كل حاجه أحلوت و بقت مختلفه وجميله و ليها معنى ... سمعت كلمه بابا إللى فى عمرى كله ماكنتش هسمعها غير بسببك و بسبب ولادك .... و على إيدك زاد مالى و ربنا فتح عليا ... يبقا كتر خير مين على مين يا عذراء
رفعت عيونها الباكيه إليه ... فها هو أسمها من بين شفتيه يجعل قلبها يقفذ داخل صدرها كطفل صغير لكنها لا تستطيع أن تقول له ذلك لا تستطيع أن تطلب منه أن يعبر عن حبه لها .. أن يقول لها مالا يشعر به ... هى قد أحبته و عشقت كل تفاصيله و حفظت كل عاداته و أصبحت تقلده أحياناً ... فهو دائما يستيقظ ليصلى قيام الليل و يظل جالس بجانب الشباك ينظر إلى السماء و بين يديه سبحه والده رحمه الله يسبح دون إنقطاع حتى صلاة الفجر ... يتوضئ و يقبل جبينها و يغادر لصلاة الفجر بالجامع ... استيقاظه باكرا يوم الجمعه و إعداد الإفطار ... و صوت القرآن الذى لا يتوقف إلا وقت الأذان و صلاة الجمعه و أخذه لعبد الرحمن معه إلى المسجد رغم صغر سنه حنانه و خضوعه إلى أمه دون إهدار لرجولته كل عاداته متى يأخذ حمامه اليومى ... ماذا يفعل قبل نومه كل شئ ... لقد غرقت فى كل تفاصيله و أصبحت تشعر مثله و ترى العالم كما يراه هو
عادت من أفكارها على صوته و هو يقول بقلق
أم جنه أنتِ كويسه ؟ مالك ؟
لم تعد تحتمل لتنحدر تلك الدمعه الحبيسه التى أمسكتها كثيراً ليقترب منها سريعاً و الخوف يرتسم داخل عينيه و هو يقول
ليه الدموع .. أنتِ تعبانه .. في حاجه مزعلاكى ؟
هزت رأسها بلا و هى تقول بحزن شديد
و لا أى حاجه ... هحتاج أيه من إللى أنا فيه ؟ ربنا يخليك لينا .. و نفضل عايشين فى خيرك و أمانك
و غادرت من أمامه سريعاً حتى لا تبكى أكثر ... حتى لا تقول مالا يجب أن يقال ... تمددت على السرير و هى تلوم نفسها
عايزه أيه أكتر من أمان بيت و معامله طيبه و أب مش مخلى ولادك عايزين حاجه ... بلاش طمع قلبه مش ليكى ... قلبه مش ليكى يا عذراء مش ليكى
لتخبئ وجهها فى الوساده حتى لا يستمع لصوت بكائها الذى لم تعد تستطيع السيطره عليه
ظل هو جالس مكانه يشعر بالصدمه ... كلماتها ألمته بشده ألم تشعر به حتى الأن .. لا ترى منه غير فضل و تفضل عليها هى و أولادها و بدء عقله يصور له مواقف كثيره لها حين يذهبوا لشراء أى شئ لا تفكر أن تحضر لنفسها أى شئ و حين يطلب منها ترفض بعدم أحتياجها لشئ .. تفعل كل ما يريدونه هم لا تطلب هى شئ ... أخذ نفس عميق و هو يشعر بالهم يتثاقل داخل قلبه فتوجهه إلى الحمام و توضئ و وقف بين يدى الرحمن يطلب منه العون و راحه القلب و البال
فى صباح اليوم التالى استيقظت عذراء على صوت جنه الواقفه بجانب السرير غاضبه و هى تسأل عن والدها الغير موجود بالبيت .... جلست سريعاً تنظر إلى ابنتها بقلق ثم قالت
يمكن نزل الورشه
لا مش فى الورشه و مخرجتش الشارع علشان أشوفه فى المحل علشان مأستأذنتش
ربتت عذراء على وجنة ابنتها التى تنفذ تعليمات والدها دون تهاون
نزلت عن السرير حتى تبدل ملابسها و ترى أين ذهب
قبل ذلك بقليل كان عرفان أنهى صلاة الفجر .. و لم يعد يحتمل فخرج من البيت و قام بفتح المحل و جلس فيه يفكر فى كل تلك الشهور التى مرت عليهم .. هى تتعامل معه جيداً .. تجعله يقوم بكل ما يخص الأولاد كما يفعل أى أب لأولاده حتى ذلك اليوم الذى قدم فيه أوراق جنه إلى المدرسه و حين تعاملت المديره معه بتجاهل لأنه ليس والد الطفله وقفت لها عذراء قائله بقوه
عرفان يبقى والد جنه و ملهاش أب تانى غيره ... و هو المسؤل عنها أكتر منى أنا
وقتها شعر أنه يود أن يحملها و يضعها فوق رأسه و يدور بها على كل إنسان على وجه الأرض يخبره أن تلك المرأه هى حبيبته زوجته و كل ما له فى الحياه
لكنه الأن لا يفهم ما بها .
خرج من أفكاره على دخولها المحل و جنه التى ركضت إليه تضمه بقوه و هى ترتدى ملابس المدرسة ... ظلت عذراء تنظر إليه بعيونها المنتفخه التى تحمل عتاب كبير لم يفهم سببه هل هو عدم وجوده صباحاً كعادته و خروجه دون أخبارها أم أن هناك شئ آخر لا يفهمه
يلا يا جنه أتأخرتى على مدرستك
قالتها عذراء بأمر ... و هى تشير للصغيره بأن تقترب منها ... لتنحنى الصغيره تقبل يد والدها و هى تسأله ببرائتها التى علقت روحه و قلب الأب بها من أول لحظه
حضرتك إللى هتيجى تاخدنى و لا ماما برضوا
نظر إليها بأبتسامه صغيره وربت على رأسها و هو يقول
و من أمتى بابا موصلكيش و مجاش يخدك .
ثم نظر إلى عذراء و قال
معلش خليكى هنا على ما أوصلها و أرجع او حد من الشباب يجى
هزت رأسها بنعم ليمسك يد الصغيره و غادر و هو يفكر ... كيف يحل كل ذلك أن هناك شئ يؤلمها كما يؤلمه و لابد من حل ذلك الأن
أوصل الصغيره و عاد سريعاً ليجد أنور ذلك الشاب الذى يعمل بالمحل موجود فيه ... ألقى التحيه عليه و صعد سريعاً إلى الشقه بعد أن تأكد أنها ليست بالورشه أيضاً ... سينهى الأمر الأن ... سيعلم ما بداخلها و يريح قلبه الذى يتألم لأجلها و بسببها و يريحها هى الأخرى مما يؤلمها لو كان هو السبب
وقف عند الباب ينظر إليها و هى جالسه أرضا أسفل قدمى والدته تضع لها ذلك المرهم الذى وصفه الطبيب لألم قدميها و هى تبتسم لها بحب و تطمئنها أنها ستكون بخير ... ظل ينظر إليها حتى شعر بشىء يجذب بنطاله ليجده الصغير ينظر إليه بأبتسامه واسعه و يرفع يديه عاليا و يردد
بابا أوبح
ليحمله بين يديه يقبل و جنتيه و يداعب معدته لتعلوا ضحكاته لتلفت أنتباه السيدتان إليهم و حين أنتهى من مداعبة الصغير الذى بكا من كثرة الضحك توجه عرفان إلى والدته و وضع الصغير على قدمها و أمسك يد عذراء و سحبها خلفه و هو يقول
خلى عبد الرحمن معاكى يا أمى شويه ... محتاج أم جنه فى كلمتين
كانت عفيفه تشعر بالاندهاش من حال ولدها لكنها أيضاً ترى حاله و حال عذراء و تشعر أن هناك شئ ما بينهم
صعد بها إلى سطح البيت و دخل إلى تلك الغرفه التى تم فرشها ببعض الأثاث الذى كان موجود بشقتهم القديمه و أغلق الباب و هو يقول
مش هنخرج من الأوضة دى إلا لما أفهم فى أيه ؟
نظرت إليه بحيره و عدم فهم و هى تقول
أنا مش فاهمه حاجه ؟
مالك يا عذراء ... أنا مزعلك فى أيه ؟ عيونك ليه ديماً بتلومنى ؟
قالها برجاء و توسل ... لم يتحمله قلبها خاصه مع نطقه إلى أسمها التى تمنت كثيراً ألا يتوقف عن نطقه و أن تظل طوال عمرها تستمع إليه من بين شفتيه و بذلك الأحساس
أخذت نفس عميق و هى تجلس على تلك الأريكة و قالت
هو أنت بتحبنى يا عرفان ؟
ليقطب جبينه و هو يتوجه ليجلس بجانبها و قال بصدق
من كل قلبى ... و محبتش قبلك و لا هحب بعدك
رفعت عيونها إليه و قالت بألم
بتحبنى علشان أنا عذراء و لا علشان أنا أم جنه و عبد الرحمن ؟
ليبتعد بظهره إلى الخلف قليلاً و هو يستوعب ما بداخل قلبها .. و الحقيقه تصفعه بقوه أنها لا تعلم مكانتها لديه و داخل قلبه ... ترى أهميتها لديه فى أولادها فقط
اقترب منها و أمسك يديها و نظر إلى عيونها و هو يقول
بحب عذراء ... إللى قلبى دق لأول مره بأسمها إللى قبلها لا عرفت معنى الحب و لا عشته ... بحب البنت إللى صحت قلبى العجوز و إللى كان قرب يموت من كتر ما هو خالى ... صحيح عبد الرحمن و جنه هديه حياتى ... و أملى الكبير إللى عمرى ما أتمنيت أحلى و أغلى منهم .. لكن حبك ملوش علاقه بحبهم ... أنتِ لوحدك هديه غاليه و لو محافظتش عليها أبقى حمار
ابتسمت إبتسامه صغيره ثم قالت بخجل
طيب ليه على طول بتقولى يا أم جنه ؟ هو أنا أسمى وحش ؟
بخاف
قالها سريعاً لتقطب جبينها باندهاش ليكمل موضحا
بخاف أنطقه قلبى يتعلق بيكى أكتر بخاف أقوله .. مقدرش أبطل أنادى بيه ... كنت خايف أكون أنا بس اللى بحبك ... هو أنتِ بتحبينى ؟
لتهز رأسها بنعم و هى تنظر أرضا ليهمهم برفض و قال
عايز أسمعها و لا مستحقهاش
رفعت عيونها تنظر إليه و قالت بصدق
تستحق الدنيا كلها ... تستحق حبى و قلبى و روحى و عمرى ... تستحق كل حاجه حلوه فى الدنيا
ليضمها بقوه وهو يأن بألم .. و رغم أنه كان يتعامل معها كزوجه طبيعيه له إلا أن تلك الضمه الأن تختلف تماما عما كان يشعر به سابقاً
بدأت الحياه تختلف منذ ذلك اليوم و بدء الحب يظهر فى كل معاملاتهم ... كلماتهم و نظرات عيونهم فكل شئ كان جميل و سهل و مريح و الأن أكثر جمالاً و سهوله و راحه
مرت السنوات و ها هى جنه فى سنتها الأخيره بالجامعه تنتظر النتيجه و أصبحت تمسك أمور المحلات و الحسابات و عبد الرحمن فى الشهاده الثانويه و لكنه أصبح رجلاً يعتمد عليه صديق والده و يده اليمين فى العمل رغم صغر سنه و أصبح السند داعم لوالدته و أخته كما رباه عرفان رجل حقيقى كانت عذراء كلما شاهدته تشعر بالفخر فكم يشبه والده فى كل شئ ... نفس حركاته و يتحدث مثله تماما .. كانت جدته لتفخر به بشده .... كانت عذراء تفكر فى كل ذلك و هى تقف على باب غرفة إبنها تنظر إليه و هو ينهى صلاته قبل أن يذهب إلى إمتحانه و حين رفع رأسه إليها قالت بأبتسامه ثقه
طبعاً منمتش مش كده
ليقف سريعاً و اقترب منها و قبل يديها و رأسها و هو يقول بأقرار مرح
طبعاً ما أنتِ عارفه إبنك بقى ... خلصت المذاكره و صليت قيام الليل و
و أكملت هى عنه
و فضلت تسبح و تستغفر و تقرأ قرآن لحد الفجر
ليخفض عبد الرحمن رأسه بخجل ... لتربت على كتفه و هى تقول
أبوك عرف يربى ... ربنا يبارك فيك يا حبيبى
ليقبل يدها من جديد لتكمل هى كلماتها
بابا مستنيك ... روحله على ما أصحى جنه و أجهز الفطار
جنه صاحيه يا ست الكل .. مش عبد الرحمن بس إللى بابا عرف يربيه
قالت جنه ذلك ببعض الضيق ... لتضحك عذراء على غيرة ابنتها على والدها حتى من أخيها و علت ضحكاتها حين قال عبد الرحمن
يا بنتى أكيد بابا عرف يربيكى ما هو بابا أصلا شاطر ... لكن أنا الراجل يعنى أنا إللى شبهه
ثم تركها و غادر بعد أن أخرج لسانه لها ... لتضرب جنه الأرض بقدمها و هى تقول
شايفه إبنك يا ست ماما
شايفه يا قلب ماما ... كل يوم نفس الخناقه ... روحى يا حبيبتى لبابا و هو هيحل المشكلة دى زى كل يوم و تركتها و دخلت المطبخ
قالت عذراء باستسلام لذلك الشجار اليومى من منهم يشبه عرفان أكثر ... و رغم غيرتها الشديده على عرفان و على أن أولادها لا يشعروها بذلك الحب الكبير كوالدهم إلا أنها فى غاية السعاده من تلك العلاقه القويه بين أولادها و والدهم
كان عرفان كالعاده يستمع إلى ذلك الشجار و هو مبتسم ... أن ذلك الشجار له فائدتان ... الفائده الأولى يجعل قلبه ينبض بالحياه و يشعر بالسعاده أن له حقاً أبناء يحبونه و يتنافسون على قربه ... و الفائده الثانيه أنه يجعل صغيرته تحتاج إلى الدلال و إثبات مكانها بقلبه فتفتنه كل يوم عن اليوم الذى يسبقه و تجعله يشعر أنه مازال شاب صغير عليه أن يثبت لمحبوبته كم هو يحبها و مغرم بها
أجتمعوا جميعا على طاولة الطعام بين مرح لا يتوقف من عبد الرحمن ... و صمت من جنه و لأول مره و ذلك أقلق عرفان و عذراء بشده و حين أنتهوا من تناول الإفطار ذهب عبد الرحمن مباشره إلى مدرسته تلحقه دعوات والديه أن يوفقه الله فى امتحاناته
كانت جنه مازالت سارحه ليناديها عرفان بهدوء لتنظر إليه بتردد و قلق ليقطب جبينه و هو يقول
مالك يا بنتى .. فيكى أيه ؟
اخفضت جنه رأسها و هى تقول بخجل
أصل يا بابا .. أقصد يعنى ... فى الحقيقه
لم يعد يحتمل و التوتر و القلق وصل إلى أشده نفخ بضيق و هو يقول بشئ من العصبيه
فى أيه يا بنتى قلقتينى ؟
و كذلك كان حال عذراء التى تقف عند باب المطبخ لكنها ظلت صامته تنتظر فى مكانها ما سيقوله عرفان و أيضاً ما ستقوله جنه
خيم الصمت لدقيقه كامله على الجميع حتى قالت جنه بخجل
فى واحد عايز يتقدملى
ظهرت السعاده على ملامح عذراء و لكن عرفان ظل صامت ينظر إلى جنه باندهاش و صدمه
و كانت جنه تجلس أمامه تنظر إليه بخجل كبير وهو يشتعل غضباً صغيرته تحب كيف هذا من ذلك الذى سرق قلبها دون أن ينتبه ... نظر إليها من جديد ليجدها تنظر إليه برجاء و شوق تنتظر رده و قراره
نفخ بضيق للمره الذى لا يعلم عددها ثم قال
- و ده مين بقا ان شاء الله و ابن مين كمان و عرفتيه فين و إزاى متقوليليش حاجه زى كده
كانت وجنتيها تتلونان بالأحمر القانى من كثرة الخجل
فى نفس الوقت التى كانت تقف بعيدا تتابع ما يحدث بأبتسامه سعاده و راحه و هى تتذكر كل ما حدث معها من البدايه حتى تلك اللحظه و تعلق جنه به و صداقه عبد الرحمن أخذت نفس عميق و هى تنتبه لما تقوله جنه
ده معيد عندنا فى الكليه ... وكمان أخو واحده صاحبتى
ظل عرفان صامت ينظر إليها ثم قال و عيونه تلمع بالدموع
كبرتى يا جنه خلاص و هتتجوزى ... هتخرجى من حضن بابا خلاص
اقتربت منه و جثت على ركبتيها أمامه و هى تقول
حضنك ده بيتى و أمانى يا بابا .. أنت بابا إللى معرفش بابا غيره و لو أنت مش موافق فأنا كمان مش هوافق
ظل ينظر إليها ثم أبتسم إبتسامه صغيره و هو يقول
عرفيه أنى هنتظره يوم الجمعه بعد صلاه العشا
ثم نظر إلى عذراء و قال
و لا أم العروسه ليها رأى تانى
لتقترب عذراء و على وجهها إبتسامة سعاده و ضمت جنه إلى صدرها بحنان و هى تقول
هو فى كلام بعد كلامك يا أبو العروسه
رغم سعادته النابعه من سعاده صغيرته إلا أنه يشعر أن قلبه يحترق من الغيره ... سوف يقتل ذلك العريس بدم بارد و سوف يشعر بالراحه
عاد عبد الرحمن من إمتحانه سعيد بشده أنه إمتحانه الأخير و قد اقترب خطوه من تحقيق حلمه ... حين سمع عن خبر خطبة أخته ... توجه إلى غرفتها و طرق بابها و حين سمع صوتها يسمح له بالدخول
وقف عند الباب ينظر إليها و قال بهدوء
هو انتِ فعلا موافقه على العريس ده ؟
هزت رأسها بنعم و قالت بخجل
بس القرار قرار بابا و قرارك
ظل ينظر إليها ثم قال باستفهام
مش محتاجه إننا نعرف عيله بابا و ماما .
لأ طبعاً أنا مليش أب غير بابا عرفان ... و مليش عيله غيره
قالتها سريعاً دون لحظه تفكير ليبتسم عبد الرحمن وقال دون أن ينتبه أن عرفان كان يقف عند باب المطبخ يستمع إلى حديثهم
أنا كنت عارف و متأكد من رأيك ده ... حبيت بس أسألك علشان لو كان نفسك أن عريس الغفله ده يعرف عليتنا إللى أحنى منعرفهاش
لتضحك جنه وهى تقول ما بين مزاح و جد
زى ما قولت عيلتى هى بابا عرفان و ماما و أنت ... كمان أحنى نفسنا مش عايزين نعرفهم نعرفهم على عريس الغفله ليه ؟
ضحك الأثنان بصوت عالى و ضم عبد الرحمن أخته بحنان فرغم أنه الأصغر إلا أنه الأطول و الأضخم ... اقترب عرفان منهم بعد أن أخذ نفس عميق براحه و قال بأبتسامه
أحضان و حب من غير بابا ينفع كده
ليركض الأثنان إليه سريعاً و ألقوا بأنفسهم بين ذراعيه حين خرجت عذراء من الغرفه تنظر إليهم بأبتسامه ليشير إليها عرفان بالاقتراب لتركض إليهم تتنعم بذلك العناق الذى يعبر عن الحب و الحنان و قوه تلك العائله
مرت الأيام كانت عذراء تقوم بتجهيز البيت لأستقبال العريس الذى سأل عنه عرفان جيدا وعلم عنه كل شئ و أطمئن أنه شخص يستحق صغيرته حقاً ... و مع ذلك ظل على موقفه سوف يقتله لا أحد يأخذ صغيرته منه
حضر أحمد وعائلته فى الميعاد المحدد و كان فى أستقبالهم عرفان و عبد الرحمن و جلس الجميع بعد أن رحبت بهم عذراء بأبتسامتها المرحبه ... كانت الجلسه هادئه فقد كانت العائلتان يشبهان بعضهم كثيراً و متقاربان فى المستوى و ذلك جعل تفاهمهم بسيط و سهل و رغم أن أحمد شاب جيد جداً و شديد الأحترام وأى أب يتمنى زوج مثله لأبنته لكنه يشعر بغيره كبيره و حقد فهذا الأحمد سوف يأخذ منه جنته الصغيره ... حبه الأول و ابنة قلبه و عمره ... نظر عرفان إلى عذراء و قال ببعض الضيق التى لاحظته هى بقلب العاشقه التى تفهمه من نظره
نادى جنه يا أم جنه
لتهز رأسها بنعم و هى تقف لتغادر الغرفه و بعد عدة ثوان عادت و معها جنه التى رحبت بها والدة أحمد بشده و كذلك والده ... الذى قال بمرح
زوقك حلو يا واد
ليضحك الجميع خاصه حين قالت إيمان أخت أحمد الصغرا
فعلاً زوقه حلو جدا ... لدرجه توجع القلب .. أنا كده هتعقد
ليضحك الجميع بمرح و جلست جنه بجانب رقيه والدة أحمد بعد طلبها هى ذلك
أجلى أحمد صوته و قال بجديه رغم تلك الإبتسامه التى ترتسم على وجهه
عمى أنا يسعدنى و يشرفنى أطلب أيد الآنسه جنه بنت حضرتك ... و عايز أقول لحضرتك أنى عارف كويس هى عند حضرتك أيه ... و غاليه عندك قد أيه ... و مش هقول أن ده الطبيعى بس هقول أنى فاهم ومقدر موقف حضرتك ... و بجد هحاول أتفهم أحساسك كأب
صمت لثوان و كان الجميع ينظر إليه و على وجوههم إبتسامة سعاده بكلمات ذلك الشاب الرائع ليكمل أحمد حديثه
جنه بالنسبه ليا نعمه كبيره و حبى الكبير ... أوعدك أنى أحترمها .. و أحافظ عليها .. ولو فى يوم و ده مستحيل كرهتها هيكون تسريح بأحسان
ظهرت نظرات الحب فى عيون جنه ... و سعاده و أطمئنان فى عيون عذراء .. وإحترام فى عيون عبد الرحمن ... و ظل عرفان صامت ينظر إليه ثم أخذ نفس عميق و قال
شوف أنا أحترمتك .. و مصدقك ... بس مش هعرف أوعدك أنى هحبك ... أنت عايز تاخد منى روحى
صمت لثوان ثم قال
رغم كده أنا موافق .. هنقرأ الفاتحه دلوقتى .. و الشبكه بعد أسبوعين ... وكتب الكتاب قبل الفرح بيوم ... و مفيش مقابلات بره .. و لا خروج ... هتيجى يوم الجمعه بس تقعد معانا شويه و بس
لينفجر الجميع ضاحكا بعد أن أنهى عرفان كلماته ليقف أحمد و أقترب من مكان جلوس عرفان و مد يده و هو يقول
نقرأ الفاتحه
ليقف عرفان و وضع يده بيد أحمد و قال
نقرأ الفاتحه
رفع الجميع أيديهم ... و قرأوا جميعاً الفاتحه ... ليقف والد أحمد وقال
أوامرك أيه بقا يا أبو العروسه ؟
نظر عرفان إلى جنه و قال بقلب أب حقيقى يرى ابنته أغلى ما فى الحياه
بنتى عندى أغلى من الدنيا و اللى فيها ... و أنا مليش طلبات .. الأصول هتتعمل ... و إللى أحمد مش هيقدر عليه هيكون هديه منى لجنه
لتقف جنه و ركضت إليه لتضمه بقوه و تخبئ نفسها داخل صدره الذى طالما حماها و سقاها من حنانه و عطفه و مازال
ربنا يباركلي فيك يا بابا ... و متحرمش منك أبدا
ثم أنحنت تقبل يديه بحب و إحترام ... حركه تعودت عليها منذ كانت صغيره تخطف قلبه و روحه
أقترب عبد الرحمن من أحمد و قال بصوت واضح يسمعه الجميع .
حماتك هو بابا مش ماما أبدا أستعد يا حلو أيامك الجايه كلها فل
ليضحك الجميع من جديد بسعاده ... إنتهى اللقاء و دلف كل من جنه و عبد الرحمن إلى غرفهم ... أقتربت عذراء من عرفان الذى كان يجلس على تلك الأريكة الكبيرة التي تحتل حائط كامل من غرفة نومهم و جثت على ركبتيها أمامه فهى كانت تراقبه منذ دلف إلى الغرفه بعد رحيل أحمد و أسرته
أنا ربنا بيحبنى اوووى ... و بيحب ولادنا اوووى علشان رزقهم بأب زيك ... أنت أكبر نعمه فى حياتنا يا عرفان
ليضع يديه حول كتفيها حتى يوقفها ثم أجلسها بجانبه و هو يقول بصدق
وأنتوا أحلى هديه من ربنا ليا ... بس
صمت لثوان لتربت على ساقه و هى تقول
بس أيه يا عرفان ؟
نظر إليها و هو يقول بحزن شديد
جنتى هتسيب بيتى و تروح بيت تانى تنوره و جنه اللى سمعت منها أول كلمة بابا .. إللى قلبى أتخطف من أول لحظه شوفت فيها برائة عيونها
قبل أن تقول أى شئ سمعوا طرقات على الباب ثم دخول جنه و هى تقول
ممكن أتكلم معاكم شويه ؟
أشار لها عرفان بالأقتراب ... أقتربت منه و جلست بينه هو و أمها و أمسكت يديهم معا وقبلتها بأحترام وهى تقول
أنا أسعد بنت فى الدنيا ... لما ربنا يرزقنى بابا حضنه هو الدنيا و إللى فيها و أم مفيش فى حنيتها و حنانها يبقى أنا محظوظه و ربنا بيحبنى
صمتت لثوان ثم نظرت إلى عرفان و قالت
أول يوم فى المدرسه البنت إللى اتصحابت عليها سألتنى بابكى أسمه أيه قولتلها عرفان و بعد شويه دخلت المس و نادت على أسمى و لما قالت جنه سالم موقفتش و مردتش و لما المس ندهت على كل الولاد و مفضلش غيرى جت سألتني أنتِ أسمك أيه قولتلها جنه قالتى طيب مردتيش ليه لما ندهت عليكى قولتلها بكل البرائه إللى فى الدنيا بابا مسموش سالم بابا أسمه عرفان
أخذت نفس عميق ثم قالت
وقتها كنت حاسه بالتوهه و أنى مش فاهمه حاجه بس حضنك و كلامك و حبك الكبير ليا خلانى أنسى أى حاجه و لا أفكر مين سالم و إزاى أسمه هو إللى ورا أسمى
أنحنت مره ثانيه تقبل يديه و هى تقول بصدق
أنت بابا و أحلى بابا .. و عمرى ما أبعد عنك فى يوم و أحمد عارف ده كويس و فاهمه .. أنا هفضل جنتك أنت بس
ليضمها عرفان بقوه وعيونه تتجمع بها الدموع كما عذراء التى لم تستطع حبسها داخل عيونها
مرت ثلاث سنوات و ها هم جميعا يقفون خارج غرفة العمليات ينتظرون خروج جنه و طفلتها كان عرفان لا يستطيع الجلوس فقلبه معلق بذلك الباب الذى يقفل على صغيرته أقترب منه أحمد الذى كان يشاركه نفس الخوف و القلق لكنه حب يهون عليه و لو قليلاً .. فوضع يديه على كتفه و قال
إللى جايه دى بنتى أنا ... هتشوفها بالحجز و وقت ما أنا أقرر
نظر عرفان إليه و من بين دموعه التى أغرقت وجنته قال
حقك ... وربنا ما يوجع قلبك يوم ما تفارق بيتك لبيت جوزها زى ما قلبى وجعنى ولسه بيوجعنى
ليضمه أحمد بقوه وهو يقول بأسف
أنا آسف يا عمو و الله ما كنت أقصد ... ده أنت هتبقى أحلى جدو
فى تلك اللحظه خرجت الممرضه و بين يديها الطفله الصغيره و هى تقول
مبروك ما جالكم
ليقول أحمد سريعاً و بصوت عالى
هاتيها لحضن جدو
ليبتسم عرفان و هو يضم الصغيره بشوق و تذكر حين أحتضن عبد الرحمن فى لحظه مشابهه و أيضاً حين ضم جنه إلى حضنه لأول مره لتقترب عذراء تمسك بذراعه و تقبل رأس الصغيره و هى تبتسم بسعاده رغم الدموع التى تغرق وجهها لينظر عرفان إلى أحمد و قال
خد بنتك إذن فى ودنها ... وقولنا هتسميها أيه
ليقترب أحمد وهو يقول حضرتك إللى هتأذن فى ودنها وحضرتك كمان إللى هتسميها
شعر عرفان بسعاده كبيره وهو يقرب شافه من أذن الصغيره و بدء يأذن فى أذنها ثم نظر إلى عذراء و أحمد ثم قال
أمها كانت جنتى و جنه أبوها الحلوه دى هتبقى جنتنا كلنا .. نسميها جنات
ليبتسم أحمد و هو يداعب وجه طفلته و قال
و هى جنات
كانت فرحة جنه بطفلتها لا يوصف خاصه و هى ترى تقارب أحمد و والدها الذى جمعهم حب الصغيره مرت أيام و أيام و أصبحت الصغيره مصدر بهجه و سعاده للجميع حتى ذلك اليوم الذى عاد عبد الرحمن من الجامعه غاضب بشده حاولت عذراء أن تفهم ما حدث معه ... لكنه لم يخبرها بشئ و حين شعر بحزنها و قلقها أخبرها أنه حدث مشكله صغيره فى الجامعه و هو غاضب من تصرف بعض زملائه ... لم يطمئن قلبها .. بل شعرت أنه لا يقول الحقيقه .. إذا الحل بيد عرفان الذى دلف إليه بعد أن قصت عليه كل ما حدث .. حين رآه عبد الرحمن وقف و هو يعلم جيدا أن والدته قصت عليه ما حدث و أنها غير مقتنعه ... بما قاله لها
جلس عرفان على طرف السرير صامت ينظر إلى عبد الرحمن دون أن ينطق بحرف ليجلس عبد الرحمن أمامه و قال
أنا بحب
أعتدل عرفان فى جلسته ونظر إلى ولده باهتمام .. ليكمل عبد الرحمن
بنت زميلتى فى الكليه ... و لما أتأكدت من مشاعرى روحت كلمتها علشان أطلب رقم والدها و البنت كتبتهولى فعلا من يومين ... بس النهارده لقيت واحده صاحبتها جايه تقولى كلام سخيف و أنى مش راجل و مش قد كلامى و أنى كنت عايز أتسلى .. و سابتنى و مشيت و بعدها شوفت البنت واقفه بعيد و نظراتها كلها لوم و عتاب و أنا مش فاهم حاجه
ظل عرفان صامت لعده ثوان ثم قال
بس أنا عارف و فاهم .. شوف دلوقتى لو أنت عايزها فعلاً يبقى تكلم بابها حالا و تحدد معاه معاد بكره ... و تطلب منه أنه ميقولهاش حاجه لحد ما نروح ليهم بكره ماشى
هز عبد الرحمن رأسه بنعم فوقف عرفان حتى يغادر الغرفه ليقول
طيب مش هتفهمنى إللى أنت فهمته ؟
نظر عرفان إلى ولده بأبتسامه ثم قال
بكره هتفهم و سيبنى بقا أروح أفهم أمك ... بدل ما ننام كلنا النهارده من غير عشا
ليضحك عبد الرحمن بصوت عالى ليغادر عرفان و هو يفكر ... أولاده قد كبروا وعاش عمره بين مشاكلهم و فرحهم و سعادتهم عاش عمر مليئ بالسعاده بفضلهم و أصبح جد الأن بفضل الله و جنه ... أبتسم و هو يفكر حين يضم جنات يعود إليه نفس الأحساس حين ضم والدتها أول مره و هى صغيره و أيضاً حين حمل عبد الرحمن أول مره
دلف إلى الغرفه ليجد عذراء تقف أمام خزانته و هى سارحه و بين يديها قميص قديم له أقترب منها و هو يشعر بالأندهاش من أين أتت به أنه لم يراه منذ سنوات
فى أيه يا عذراء .. و جبتى القميص ده منين ؟
نظرت إليه و قالت بصوت مختنق من الدموع
كنت برتب الدولاب ... ولاقيت القميص ده ... القميص اللى كنت لابسه أول مره شوفتك فيها .. ساعه ما عطفت عليا أنا و بنتى و بقلبك الطيب و بحنية ماما عفيفه الله يرحمها خلتونى أحس أن ليا بيت و عيله و مكان
ضمها إلى صدره بحنان و قال بحب
أنا اللى محظوظ أن ربنا بعتك ليا .. و عشت معاكى عمرى كله سعاده و فرح ... و بقيت أب و جد و شكلى كمان هبقا جد تانى قريب
لتقطب جبينها و هى تقول بأندهاش
هى جنه حامل تانى و أنا معرفش ؟
ليهز رأسه بلا و قص عليها ما قاله عبد الرحمن ... لتجلس على السرير و هى تقول
معقول ... عبد الرحمن كبر و بيحب و عايز يتجوز
أقترب منها و ضمها من جديد و هو يقول
اه كبروا بس أحنا لسه صغيرين ... و أنا بحبك .. و أنتِ وحشتينى
لتخبئ وجهها فى تجويف عنقه بخجل ليقبل كتفيها و جانب عنقها و هو يهمس بكلمات الحب التى جعلتها تستسلم له ككل مره برضا و سعاده
فى صباح اليوم التالى كان البيت على قدم و ساق .. جنه كانت تقوم بكى قميص عبد الرحمن ... و عرفان ذهب ليحضر الزهور و الشوكلاته ... و أحمد أخذ السياره حتى يقوم بتنظيفها .
أما عذراء كانت تجلس فى غرفه عبد الرحمن تنظر إليه و هو يعيد ترتيب أغراضه كل وقت و آخر كانت الدموع تملئ عيونها لكنها دموع السعاده و الفرح .. أقتربت منه و ربتت على ذراعه و قالت
سيب إللى فى إيدك ده و أدخل خد دش دافى كده علشان تفوق و أحلق .. و سيب كل حاجه علينا و متقلقش
ليقبل يديها بحب و إحترام و إبتسم و هو يقول
ربنا يخليكى ليا يا أمى .
و وضع ما كان بيده على السرير و توجهه إلى الحمام ... بدأت عذراء فى لملمة كل تلك الأغراض و رتبت الثياب من جديد و تركت على سريره الملابس الذى سيذهب بها ... و أخرجت حذائه من مكانه و قبل أن تضعه على الأرض بجوار السرير لاحظت أنه يحتاج إلى التنظيف .. بدأت بالفعل بتنظيفه فى نفس اللحظه التى خرج فيها عبد الرحمن من الحمام و دلف عرفان من باب الغرفه
ركض عبد الرحمن إلى والدته وجثى أمامها و أخذ من يدها الحذاء و قبل يديها بأحترام و هو يقول
أيه يا أمى ده ... أنتِ بتعملى أيه ؟
لتربت على وجنته بحنان و هى تقول بحب كبير
هو أنا كل يوم ابنى هيروح يخطب .. دى فرحتى بالدنيا و إللى فيها
ليقترب عرفان منها و جلس بجانبها فى نفس اللحظه التى قال فيها عبد الرحمن
يا أمى أنا إبنك و خدام تراب رجليكى .. تسلم إيدك
و أنحنى يقبل يديها من جديد ثم أنحنى حتى يقبل قدميها و لكنها بمساعدة عرفان منعته من ذلك و هى تضمه بين ذراعيها بحنان ... كان هو ينظر إلى والده بحب و أمتنان و كان عرفان يبادله النظرات بفخر
توجه الجميع إلى بيت العروس ... و كان الجميع سعيد بذلك ... أستقبلهم والد العروس بترحاب كبير و طلب منهم الجلوس وبصوت عالى نسبيا قال
أنتِ فين يا أم العروسه ؟
لتظهر سيده رقيقه ... و على وجهها إبتسامة سعاده قائله بتراحب
يا أهلا و سهلا شرفتوا و
و صمتت و هى تنظر إلى عرفان بصدمه .. جعلت الجميع يشعر بالحيره .. و الأندهاش خاصه مع نظره عرفان ثم أخفض عينيه أرضا .. ليقف والد العروس الأستاذ عبد الحميد و هو يقول
مالك يا إلهام فى حاجه و لا أيه ؟
لتنظر إليه بثقه و قالت
الدنيا دى صغيره اوووى .. معقول يكون حما بنتى هو عرفان
قالت آخر جمله و هى تنظر إلى عرفان الذى رفع رأسه ينظر إليها بأبتسامه صغيره و قال
فعلاً الدنيا صغيره اوووى .. و القدر ليه أختيارات كتير محدش يقدر يتخيلها
كانت عذراء تنظر إليها بتفحص و كأنها تقارن بينها و بين من تقف أمامها بكامل أناقتها و جمالها الذى لم يخفيه الزمن و كأنه شعر بها بقلبه الذى لم يعد أحد يسكنه غيرها فنظر إليها و أمسك بيدها و قال بأبتسامه رقيقه
- و النهارده جاين نخطب بنتكم لأبننا ... و ان شاء الله يكون فى نصيب
لتبتسم له عذراء بسعاده و قالت
- ان شاء الله يكون فى نصيب علشان الولاد يكونوا مبسوطين
جلست إلهام بجانب عذراء أمام نظرات كل من عبد الرحمن و جنه الزاهله و نظرات أحمد المندهشة
جلس عبد الحميد على الكرسى الموجود خلفه و هو يقول
- فعلا صدفه غريبه ... بس أكيد أحنا كبار بما فيه الكفايه علشان الماضى ميقصرش على مستقبل الأولاد ... ده طبعاً لو فى نصيب
أكد الجميع على كلماته ... لكن عبد الرحمن عيونه كانت ثابته على والدته يحاول أن يفهم دواخلها ... وهو قد أتخذ قراره إذا شعر أن أرتباطه بتلك الفتاه سيجعلها تحزن فلن يتمم الأمر
لكن نظرات و الده و كلماته و أستمراره فى الإمساك بيدها جعله ينتظر و يرى ما سيحدث حتى قالت عذراء
- أحنا مش هنشوف العروسه و لا أيه ؟
لتقف إلهام و هى تقول
- ثوانى بس
بعد عدة ثوان عادت و خلفها فتاه رقيقه بملامح رقيقه و لكن ارتسم على وجهها معالم الزهول حين وقعت عيونها على عبد الرحمن الذى وقف ينظر إليها بأبتسامه صغيره
ليقول والدها
- أقعدى يا منه
جلست بجانب عذراء التى رحبت بها بسعاده فقد رأت فيها فتاه تليق بولدها
بدأ عرفان فى الأتفاق مع والدها على كل أمور الزواج و رغم أن الجميع كان يشعر بالاندهاش من كيفيه التعامل بتلك الطريقه خاصه زوج إلهام الذى لم يتحدث فى الأمر
و كأن الأمر لم يكن
تم الأتفاق على كل شىء و تمت قرأه الفاتحة و حين عاد الجميع إلى البيت و قف عبد الرحمن أمام والديه و قال بقلق
- أنا مش عارف أنا حاسس بأيه ... أحس بالسعاده أنى خطبت البنت اللى بحبها و لا أحس بالذنب أنى فتحت باب قديم أتقفل و ممكن دلوقتى يعمل مشاكل
كانت عذراء تفكر فى كل ذلك بالفعل ... هل من الممكن أن يعود عرفان للتفكير فى إلهام من جديد هل سينتهى إستقرار حياتها و تدور داخل دوائر الشك و الخوف أنتبهت من أفكارها على صوت عرفان و هو يقول
- لأ يا عبد الرحمن أفرح و أتبسط لأن مفيش أى حاجه تستاهل أنك تحس بالذنب علشانها
ثم نظر إلى عذراء و قال
- بعد جوازى منك بسنتين و بعد ما فتحنا المحل كنت واقف يوم فيه دخل عليا عبد الحميد و إلهام و هما مش عارفين أن المحل ده بتاعى هما قالولى كده وقتها رغم أنها عارفه البيت لكن متخيلتش أن محل البقاله بقى محل ملابس شيك كده و وقتها قولتلها أنك صاحبة الفضل و إن بسببك الخير ملى حياتى و الفرح سكن كل جزء فيها و كانت إلهام و قتها معاها منه على إيدها عندها سنه و علشان كده لما رحت عندهم توقعت كل إللى جه فى دماغكم بس أنا مش عايزكم تخافوا من حاجه إلهام ماضى .... ماضى عمره ما هيرجع و لا هيكون له تأثير على الحاضر او المستقبل ... إلهام كمان لقت حب و كل إللى كانت بتتمناه فى عبد الحميد و بناتها
كان عبد الرحمن يستمع لكلمات والده بسعاده و راحه و توجه بهدوء إلى غرفته حتى يترك المجال لهم فى الحديث كما يريدون فلقد تأكد أنه لن يكون سبب فى أى مشاكل او خلاف
ظلت عذراء صامته تماما أمام كلمات عرفان التى سكنت قلبها و روحها و زرعت داخل قلبها الأطمئنان و الراحه كان عرفان ينظر إليها بحب مع إبتسامه رومانسيه ناعمه
- يعنى مفيش فى قلبك غيرى
ليهز رأسه بلا و قال مأكد
- و لا هيكون
لتبتسم إبتسامه صغيره
- يعنى لسه بتحبنى
- ومحبتش و لا هحب غيرك
لتبتسم بسعاده ليضمها إلى صدره بحنان و همس بجانب أذنها
- عندى إستعداد أفضل أثبتلك حبى عمرى كله بس كمان نفسى تأمنى و تصدقى أنك عندى بالدنيا و إللى فيها
لتنظر إليه بسعاده و أمان و همست
- أنا عمرى ما وثقت غير فيك
بعد مرور عده أيام
كان يقف أمام المحل يرى العمال و هم يعيدوا ترتيب المحل بعد إمداده بالبضاعة الجديده حين و قف بجانبه شاب بهيئه مميزه و قال
لو سمحت فين بيت الأستاذ عرفان
أعتدل عرفان ينظر إليه باهتمام و هو يقول
- أنا عرفان .... مين حضرتك
أخذ الشاب نفس عميق براحه و هو يقول
- أنا عايز حضرتك فى موضوع شخصى .. لو سمحت
ظل عرفان صامت ينظر إليه باندهاش ثم أشار له و قال
- خير ان شاء الله ... أتفضل
صعد به إلى شقته و فتح الباب و هو يقول
- معايا ضيف
لتغلق عذراء باب المطبخ المطل على صالة البيت ليشير له عرفان بالدخول
ليدلف ذلك الشاب و هو ينظر أرضا و توجه مباشره إلى أقرب كرسى و جلس بهدوء
جلس عرفان أمامه و قال
- مين حضرتك و عايزنى فى أيه ؟
- أنا يوسف ابن عم جنه و عبد الرحمن
قالها يوسف بهدوء و هو ينظر فى عينى عرفان بثقه ليقطب عرفان حاجبيه و ظهر الضيق على ملامحه فى حين أن قلبه كان يرتعش خوفاً إلا أنه قال ببرود
- عايز أيه ؟
شعر يوسف بتحفز الجالس أمامه و ضيقه أيضاً و لكن عليه أن يقوم بالأمر وأن ينهى كل ما مضى
- أنا جاى علشان أرجع الحق لأصحابه ... علشان أنهى كل الخلافات القديمه و كل المشاكل إللى حصلت ... أرجع الغايب لبيته و أرجع حق المظلوم
فى تلك اللحظه أنفتح باب البيت و دخل عبد الرحمن ينظر إلى الضيف باندهاش و أقترب من عرفان و هو يقول
- خير يا بابا أنت كويس .. ماما كويسه
ثم نظر إلى يوسف وقال
- مين الأستاذ ؟
ليقف يوسف و مد يديه و قال
- يوسف خيرى عنان
ظل عبد الرحمن صامت ينظر إلى الواقف أمامه بضيق ليبعد يوسف يديه و هو يقول
- أنا مقدر موقفكم ... بس أنا فى كلام كتير عندى عايز أقوله ... و مش هينفع غير فى وجود جنه و مرات عمى
ليقترب عرفان منه و قال بغضب مكتوم
- عذراء مش مرات عمك ... عذراء مراتى أنا وبس أنت فاهم
ليخفض يوسف رأسه و قال
- أنا آسف مكنتش أقصد ... بس لازم الجميع يكون حاضر
توجه عبد الرحمن إلى أحد جوانب الغرفه و أتصل بجنه و طلب منها الحضور فى نفس اللحظه التى دلف فيها عرفان لعذراء التى أبتسمت و هى تقول
- ضيفك مشى
ظل صامت ينظر إليها لتقطب جبينها و هى تقول
- مالك يا عرفان هو فى حاجه حصلت
أقترب منها وحاوط كتفيها و قص عليها كل ما حدث وقاله يوسف لتشهق بخوف و هى تهمس
- ولادى ... هياخدوا ولادى
ليضمها إلى صدره بقوه و هو يقول
- متخافيش يا عذراء أنا موجود و لا يمكن أسمح أن أى حاجه تحصل عكس إللى أنتِ عايزاه
قبل جبينها فى نفس اللحظه التى وصل إليهم صوت طرقات على الباب فقال
- دى أكيد جنه ... يلا نطلع و أطمنى أنا و عبد الرحمن و أحمد لا يمكن نقبل أن أى حاجه تحصل عكس إللى أحنا عايزينه
هزت رأسها بنعم و خرجت لتجد جنه تجلس بجانب أحمد الذى يحمل الصغيره جنات و بجانبهم عبد الرحمن أقترابا من مجلسهم ليقف يوسف ينظر إلى عذراء بأحترام و قال
- أزى حضرتك ... يا ترى فكراني
ظلت صامته تنظر إليه بخوف واضح و غضب و حزن ليقول هو بأبتسامه صغيره
- أولا أنا عايز أعتذر لحضرتك عل كل حاجه و الإعتذار ده مش منى أنا بس لا ده من العيله كلها العيله إللى من بعد إللى حصل معاكى ما بقتش عيله و لا بقى فيها خير بأى شكل
شعر الجميع بالحيره و عدم الفهم ليكمل هو قائلا
- بعد ما كل العيله قررت أنك تمشى و من غير ما تخدى أى حاجه من الورث مكرم أخويا الكبير بعت وراكى واحد من الغفر علشان يطمن عليكى ... و كان ديما يبعت ناس تسأل عنك ... لأنه كان رافض قرار العيله بس وقتها مكنش فى إيده أى حاجه يعملها .
أخذ نفس عميق ثم قال
- أبويا عمل حادثه بعد خروجك من بيت العيله بثلاث شهور و من وقتها و هو مش بيتحرك و لا بيتكلم و أمى أطلقت منه و أتجوزت واحد تانى و عمتى خسرت إبنها و حفيدها فى نفس الحادثه و من الصدمه
صمت لثوان ثم قال بإقرار
- و من وقتها وهى فى مصحه نفسيه ... و تقدرى تقيسى على ده كل العيله كل واحد ظلمك و ظلم ولادك ربنا أنتقم منه بطريقه بشعه و صعبه
خيم الصمت لعدة دقائق إلا من بعض شهقات تخرج من جنه
أخذ يوسف نفس عميق ثم أخرج ورقه من جيب الچاكت ثم وقف على قدميه أمام عذراء ومد يده بالورقه قائلا
- كل إللى أتبقى من أملاك العيله أخويا باعها و حولها لفلوس
وأشار إلى الحقيبه التى كانت معه منذ البدايه و وضعها على الطاوله منذ دخوله المنزل
- وده جواب من مكرم لحضرتك ... أنا معرفش مكتوب فيه أيه ... بس هو طلب منى أسلمه لحضرتك مع الشنطه و أطلب منك برجاء شخصى منى و منه أنك تحاولى أنك تسامحى علشان اللعنه دى متأذنيش أنا و هو
مدت عذراء يديها تمسك ذلك الظرف و هى تنتفض بعد أن عادت إليها ذكرى تلك الأيام بكل ألمها و خوفها و ضعفها
ليضمها عرفان بقوه حانيه ... يدعمها و يقويها ليتحرك يوسف كى يغادر فلحقه عبد الرحمن
تكلم معه لبعض الوقت ثم غادر يوسف بهدوء
ليعود عبد الرحمن يجلس فى مكانه من جديد لتفتح عذراء ذلك الظرف و بدأت فى قرأة ما كتبه لها مكرم
(( السيده عذراء ... زوجه عمى بعد السلام أعتذر بشده عن كل ما حدث معكِ قديما ... و أعتذر عن كل العذاب و الشقاء و الخوف و كل ما مر بك من ذكريات مؤلمه لا تكفى كلمه آسف عن محوها لكن أنا موقن أن السيد عرفان أستطاع بكل ما لديه من حب و أحتواء و رجوله أن يعوضك أنتِ و أولاد عمى عن ما مضى و لكن و لكى تعود كل الحقوق لأصحابها مع ذلك الجواب مبلغ مالى كبير هو ثمن كل ما تبقى من أملاك العائله تكفيراً عن كل ما حدث .... و أتمنى أن نحصل على غفرانك ))
+
كانت دموعها تغرق وجهها و كذلك جنه التى تتذكر بعض من ذلك الماضى المؤلم
كان عبد الرحمن يشعر بغضب كبير و فى نفس الوقت بعض الراحه فهم لم ينعموا بكل ما أخذوه و عذاب و الدته لم يذهب هبائا
+
و لكن ها هم يروا بعيونهم أنتقام الله و حقهم يعود إليهم دون تعب او مجهود منهم او سعى
- ناويه تعملى إيه بالفلوس دى يا عذراء ؟
قالها عرفان باستفهام لتنظر إليه و إلى أولادها ثم قالت
- دى فلوسهم و هما إللى يقرروا أنا من زمان اوووى مبقاش ليا حق فى العيله دى من يوم ماعرفتك و حبيتك و بقيت كل حياتى أنت وولادى
نظر عرفان إلى جنه و عبد الرحمن و قال
- يبقى الفلوس تتوزع بشرع ربنا و كل واحد فيكم يعمل بيها إللى يريحه
وافق الجميع على كلمات عرفان لكن جنه و عبد الرحمن لم يتركوا الأمر يمر هكذا
أقتربا الأثنان من والديهما و جلسا أمامهم يقبلون يديهم بأحترام و حب تأكيد على أهميتهم و غلاهم و إن المال لن يفرق معهم كثيراً
بعد مرور سنه كان اليوم هو عرس عبد الرحمن و منه و كانت سعاده عرفان فى ذلك اليوم مختلفه تماما عن يوم عرس جنه وقتها كانت قطعه من قلبه تفارقه لتسكن قلب آخر و لكن اليوم آبن قلبه أول من حمله بين يديه أصبح مهندس و الأن يتزوج ليأسس حياه جديده
أصرت عذراء على حضور يوسف و مكرم فهم لم يكن بيدهم شىء فى ذلك الوقت و حين أستطاعا تصحيح الوضع لم يتأخر أى منهم او يفكر فى الأمر
كان العرس مليء بالسعاده و الفرح خاصه مع أقتناع الجميع أن لكل منهم حياته التى لن يعيشها غيره مهما حاول الجميع .. و إن الظلم ظلمات و إن من حق الجميع إختيار ما هو مناسب له
.... و له هو فقط .. و ذلك ما جعل كل من عذراء و إلهام يتعاملان بحب حقيقى دون شك أو خوف
أقترب عرفان من عذراء التى كانت تقف فى إحدى جوانب القاعه تشاهد إبنها يراقص زوجته بسعاده كبيره و بجانبه أخته تراقص زوجها أيضاً
ضمها بحنان لتتسع أبتسامتها ليهمس بجانب أذنها
- بحبكِ
- بحبك
أبتسم إبتسامه واسعه و أكمل
- عبد الرحمن أتجوز
هزت رأسها بنعم ليكمل
- عملت إللى عليا يا عذراء و لا قصرت فى يوم ؟
ظلت صامته لثوان و الدموع تتجمع فى عيونها ثم قالت بصدق
- عمرك ... عمرك ماقصرت كفيت و وفيت راعيت و كبرت ربيت و علمت أدبت و فهمت و صاحبت
صمتت لثوان أخرى حين أنحدرت تلك الدمعه الحبيسه من عينيها و عينيه لتكمل
- كنت الأب و الأمان و السند و البيت .... كنت الهدوء و السكينه و الراحه ... كنت صمام الأمان و مفتاح السعاده كنت الحضن الكبير اللى ساع الكل و ضلل علينا
نظرت إليه و قالت بحب كبير .... كبر سنين عمرهم مع كبر الأيام و الساعات و الدقائق التى سعدت بها و هى بين ذراعيه و فى أمان أحضانه وراحه بيته
- أنت جنتى على الأرض و يارب أكون معاك فى جنه رب العالمين
كان ينظر إليها بعشق كبير و إحساس بالفخر يزدهر داخل قلبه يشعره بأهميته أمسك يديها و قبل أن يرفعها إلى فمه كانت هى تقبل يديه و هى تنظر إليه بفخر و إحترام و حب
ليمسح دموعها بأطراف أصابعه ثم أمسك يديها و جذبها خلفه إلى منتصف المكان المخصص للرقص و بدء يتمايل بها على نغمات الموسيقى الهادئه ليصفر عبد الرحمن بسعاده و مشاغبه و صفقت جنه بسعاده و أيضاً ضمها أحمد و هو يشارك عبد الرحمن بصافرة عاليه لتخبىء عذراء و جهها فى صدر عرفان بخجل الذى ضمها بحنان و حمايه و همس
- بحبك
ثم قالها بصوت عالى قليلاً
- بحبك
لتصل لمن حولهم ليعلوا التصفيق و التهليل لتغمض عينها بسعاده و هى تشعر براحه لا وصف لها و كأنها ملكت الدنيا و ما فيها
+
(( كن مظلوم و داخلك يقين أن حقك عائد بفضل الله و لا تكن ظالم ينتظر عقاب الله ))
+