اخر الروايات

رواية عودة بدران المر الفصل الحادي عشر 11 بقلم هدي زايد

رواية عودة بدران المر الفصل الحادي عشر 11 بقلم هدي زايد 


الفصل الحادي عشر
===========
وقف عن الأريكة بهدوءٍ شديد كي لا يوقظها خرج على أطرافه وصد الباب خلفه، اتجه حيث الشرفة
جلس فيها وهو يُشعل لفافة التبغ خاصته، تنهد بعمق سندت بكتفها على باب الشر فة وقالت بخفوت
- ممكن أعرف سبت الأوضة وقمت ليه ؟!
نظر لها وقال بهدوء
- تولين من فضلك بلاش حركات العيال دي
ردت وهي تجلس جواره وقالت:
- طب قل لي إيه حكاية شيرين وجاية هنا ليه ؟!
- ما أنا قلت لك جاية عشان عمي رافض يدخلها بيته
- أنت مصدق الكلام الأهبل دا ؟!
- طبعًا لا
- اومال دخلتها ليه !!
- مكنش قدامي أي حل تاني ماسكة فيا وبتعيط و الوقت متأخر قلت لها تيجي والصباح رباح
- يعني هي هتمشي بكرا ؟!
- اكيد
- طب احلف بأغلى حاجة عندك انها هتمشي بكرا
- وحياة اغلى حاجة عندي هتمشي بكرا ارتاحتي كدا ؟!
- لا لسه
- في إيه تاني ؟!
- عاوزة ارجع الشغل الافتتاح قرب
شاح بوجهه للجهة الأخرى ثم عاد وهو يقول بهدرء
- احنا مش اتفقنا إن مافيش شغل ؟!
رفعت كتفيها بالتزامن مع انقلاب شفتاها وقالت بغنج وهي تداعب السحاب المثبت في منامته القطنية وقالت:
- أنا ما اتفقتش معاك على حاجة أنت اللي حكمت بكدا
نظر ليداها التي تداعب السحاب ثم نظر لها وقال بهدوء لا يعرف من أين أتى به وقال:
- معلش اسمعي كلامي بس الفترة دي وأنا اوعدك أول ما الدنيا تتحسن هرجعك تمسكي الشغل من تاني اتفقنا
ردت بنبرة طفولية وقالت:
- طب احلف إنك هتعمل كدا ومش هترجع في كلامك
- مش هرجع في كلامي
ردت بغنج مبالغ فيه وقالت:
- لا قول وحياة تولين عندي هرجعك الشغل
حثته على القسم وهي تقول
- يلا بقى قول يا بيدو
استسلم لها وقال
- وحياة تولين عندي هرجع الشغل في أقرب في فرصة
اتسعت إبتسامتها و قالت بسعادة وهي تعانقه بقوة
- حبيبي يا بيدو
ما إن وثبت عن مقعدها رَ "شيرين" وعلم سبب كل هذا الدلال السبب الرئيسي لكل هذا هو إغاظتها ليس إلا، ما إن غادرت الردهة ونيران الغيظ والغضب تتطايران من عيناها، ربت على كتفها بخفة مخاولًا فك يدها المحاوطة لعنقه وقال
- خلاص دخلت جوا و هي زي الفولة في النار
نظرت له بإنتصار بينما رد هو وقال
- بت أنتِ كيادة اوي
- جدًا على فكرة
تابعت بجديتها وقالت
- مبحبش حد يضايقني
- هي ضايقتك ؟!
أومأت برأسها علامة الإيجاب بينما رد باسمًا وقال:
- معلش أنا بكرا هحاول ارجعها بيت ابوها واقفل الموضوع دا خالص بلاش تحتاكي بيها عشان هي بتاعت مشاكل أساسًا و لسانها طويل
ردت بنبرة ساخرة لكن لم تخلو من الغيرة وقالت
- غريبة عارف عنها كدا و كنت ناوي تتجوزها عادي يعني ؟!
رد بجدية مصطنعة وقال:
- اعمل بقى ما كنت وحداني ومش لاقي حد ياخد بحسي و أنتِ عارفة الوحدة وحشة و قلت خدها وعلمها الأدب يا واد
سألته بتردد قائلة:
- أنت كنت بتحبها بجد؟!
نفث سحابة دخان كثيفة في الهواء ثم نظر لها وقال :
- بصي هو مايتقالش حب ممكن تسمي تعود عِشرة إعجاب كدا يعني وبيني وبينك كنت ناوي اتجوز فقلت بنت عمي اولي
- إيه المنطق الغريب دا تاخد واحدة لمجرد تعود. عِشرة !!
تابعت بمكر قائلة:
- يعني كدا لو اتعودت عليا هتتجوزني عادي ؟!
زفر ضاحكًا وهو يقول بهدوئه السائد منذ بداية الجلسة
- أنتِ اللي يتعود عليكي مش يتجوزك دا يروح مستشفى المجانين، أنتِ صوميل عقلك فكت على الآخر
وثبت عن مقعدها بغضبٍ طفولي ضربته في كتفه بغيظٍ وهي تقول:
- شكرًا يا رخم
لحق بها قبل أن تغادر الردهة حاول إيقافها لكنها كانت عنيدة كعادتها معه، نجح في تثبيتها على الجدار وقف مقابلتها وقال بعتذار للمرة المئة بعد الالف لكنها لم تقبل ذلك الأسف، رفعت كتفيها ببراءة وهي تحرك رأسها علامة الرفض و التعنت الشديد، لمحت بطرف عيناها ظل " شيرين" وهي تسترق السمع، حاوطت عنقه وقالت بغنجٍ بالغ
- لو عاوز تصلح غلطك قولي بحبك يا تولين بصوت عالي
فهم مغزى حديثها وعلم أنها محاولة جديدة لإغاظة ابنة عمه، قرر أن يلعب على نفس النهج ولكن لمنع " تولين" مما تفعله، اقترب منها حد الالتصاق ارخت جفنيها بعنف وهي تمتم من بين أسنانها قائلة بوعيد
- اقسم بالله لو قربت لي لاصوت والم عليك الناس اتلم
همس بنفس النبرة و عطرها الفرنسي يتخلل أنفاسه، حدثها أمام كرزتيها وهو مغمض العينين
- بطلي تكيدي فيها عشان هتقلب عليكي في الآخـ....
فتحت عيناها وقبل أن تدفعه في كتفه خرجت "شيرين" وهي تتنحنح بصوتٍ عالِ، عاد خطوة للوراء وهو يخلل أنامله في خصلات شعره الطويلة و قال بتوتر
- أنا أنا طالع السطح
لولا خروجها لـ تماد معها و طبع أولى قبلاته، شرعًا هي زوجته لكن ماذا عن عهدهُ مع والدها، على ما يبدو أن ما تفعله " تولين" من افعال جنونية مع ابنة عمه ستؤدي به هو لحافة الهاوية ولن ترأف بهِ لذلك يجب عليه أن يبقى في غرفته بسطح البناية بدأ في ترتيب الغرفة والتي احترقت بالكامل نزع كنزته القطنية وقبل أن يُلقي بها اشتمها ليجد عطرها معلقًا فيها، ارخى جفنيه وهو يتذكر قربه الشديد منها، انتشل نفسه محركًا رأسه يمينًا ويسارًا، تنقل هنا وهناك ليُنهي جزء يصلح للنوم فيه .
*********
في صباح اليوم التالي
هبط على سلالم الدرج بهدوئه المعتاد، قرع الناقوس ثم ولج بعدها، كانت " تولين " تشاهد التلفاز وهي تتناول قهوتها الفرنسية وقف يحدثها بإبتسامة بشوشة وقال:
- صباح الخير
ردت بنبرة مقتضبة وقالت:
- صباح النور
تعجب من نبرتها المتقضبة لكنه تجاهل ذلك، جلس على الأريكة وقال:
- هي شيرين لسه نايمة ؟!
نظرت له بأعين مليئة بالغضب والغيظ الشديد لكنها ردت بنبرة جادة وقالت:
- لا في الحمام
وقف عن الأريكة وقال:
- طب كويس اروح اخد أنا بقى لبسي من الأوضة قبل ما تخرج
كاد أن يلج غرفته لكن عاد وقال بتساؤل
- هو حصل حاجة بينك وبينها ؟!
- لا
-اومال مالك قالبة كدا ليه على الصبح ؟!
- صبح !! احنا العصر يا استاذ قصدي ياعريس
ظن أنها تسخر من تلك الكلمة لكن ملامح وجهها تعبر عن الحزن و الضيق، تركها وهو لا يعرف مالذي حدث، خرجت " شيرين" من المرحاض وهي تدندن بكلمات أغنيتها المفضلة محاولة إغاظة " تولين" والتي تحاول أن تتظاهر باللامبالاة، كادت أن تلج الحجرة لكنها اصطدمت بـ بدران فقالت:
- يقطعني مكنتش أعرف إنك هنا
تابعت بغنج بالغ وقالت:
- صباح الخير
لم تتحمل " تولين" سماع كلمة واحدة، لملمت حامل الإفطار خاصتها واتجهت حيث المطبخ
وقفت تُنهي الوجبة الخاصة بأبيها وبداخلها نيران لا تعرف سببها و ربما تعرف لكنها تنكر ذلك .
بعد مرور عشرة دقائق كاملة
خرج " بدران" من المرحاض اتجه حيث المطبخ ليتناول أي وجبة سريعة قبل خروجه
كانت على وشك أن تُنهي الطعام لكنه استوقفها متسائلًا بفضول
- هو أنتِ تعبانة ؟!
- لا
- اومال مالك زي ما يكون حد زعلك ليه ؟!
رست الصحون على حامل الطعام ثم قالت بهدوئها المعتاد
- مافيش أي حاجة تقدر تزعلني ولا أي حد كمان
حملت الطعام وخرجت من المطبخ وقبل أن تطأ قدماها الثانية استوقفها قائلًا:
- ابقي عرفي عمي إني جاي له كمان شوية
- تمام
نبرتها المقتضبة، نظراتها الساخطة، وكلماتها المبطنة بمعانٍ لا يعرفها سوى رجل حكيم مثله جعلته يتوقف قليلًا أمامها.
بعد مرور عدة دقائق
جلس على الأريكة مقابلة العم رضوان و قال بهدوء
- يعني اتوكل على الله واوافق على العرض المتقدم لي دا يا عم رضوان ؟!
أومأ " رضوان" برأسه علامة الإيجاب، حرك الآخر رأسه وقال بهدوء
- على خيرة الله
وقف عن حافة الأريكة وقال:
- هستأذن أنا بقى عشان اتأخرت اوي على الشغل النهاردا
ردت " تولين" بنبرة ساخرة وهي تسير خلفه
- معلش ما هو أنت سهران طول الليل يا حرام
- اه والله كنت شغال طول الليل لما اتهد حيلي فـ....
ظنت أنه يحاول إغاظتها فقامت بضربه على كتفه ثم دفعه بعيدًا عن باب ححرة أبيها وقالت بنبرة حادة
- بص بقى يا اسمك إيه أنت قلة أدب مبحبش و لو أنت مش بتخاف على اسمك وسُمعتك أنا يا حبيبي بخاف ومعلش بقى لم نفسك أنت والجر بوعة اللي معاك دي
- هو إيه اللي حصل ؟! هو ترتيب السطح بقى مسخرة وقلة أدب ؟!
-معرفش بقى دا ترتيب السطح ولا ترتيب حاجات تانية أنا واحدة محترمة مليش إني اتكلم فيها وعمومًا معاك النهاردا وبكرا البتاعة دي لو مامشيتش من هنا هلم الناس واقولهم إني مش بقبل بالمسخرة في بيتي مفهوم ولا مش مفهوم ؟!
رد " بدران" وهو ينظر لها وقال
- لا بصي أنتِ ما شفتيش الوش التاني بتاع بدران لسانا الطويل دا يقصر بدل ما اقصره أنا وتهديد مبتهددش تمام ؟!
- تمام تمام مافيش أي مشكلة أنت اللي اخترت ومتزعلش من اختيارك
فرغ فاه ليتحدث لكن صوت ناقوس باب الشقة قاطعه اتجه نحو الباب، ما أن فتحه تأفف بداخله ليجد عمتها ماثلة أمامه، تجاوزته
وولجت الشقة تبادلت مع ابنة أخيها العناق والقبلات ثم قالت :
- مالك يا روحي زعلانة ليه ؟! اوعي يكون الحيوان دا زعلك !! اطلقك منه فورًا
ابتسمت لها ثم سارت تجاهه ما إن خرجت
" شيرين" حاوطت ذراعه بقوة وقالت بإبتسامة واسعة
- دا، دا حبيب مراته اللي مدلعها ومخليها اسعد واحدة في الدنيا
لفت له وجهه وقالت بتساؤل
- مش كدا يا حبيبي ؟!
- طبعًا طبعًا
جلست عمتها ثم بعد ذلك تعرفت على "شيرين" مر الوقت و جاء وقت نومها طلبت من ابنة أخيها بنبرة هادئة
- تولي يا روحي معلش ممكن تحضري لي سريري عشان ارتاح شوية احسن حاسة إني تعبانة
- حضرتك هتباتي هنا ؟!
- اه يا تولي مالك في إيه ؟!
- مافيش بس أصل أنا معنديش سرير زيادة هي كنبة بس اللي بنام عليها عند بابا
نظرت لها وقالت بنبرة متعجبة
- إيه دا بتسيبي بدران وتنامي مع رضوان في الاوضة ؟!
رد" بدران" بنبرة ساخرة وقال
- اصلها لسه مش متعودة على القرب يا خالتي
- متقوليش يا خالتي بتعصبني
- هو أنتِ دايمًا كدا متعصبة هي العصبية دي وراثة عندكم ؟!
وقفت عن المقعد وقالت بضيق
- تولي تعالي وريني هنام فين أنا مش قادرة اقعد مع الحيوان دا لحظة واحدة بيعصبني
رد " بدران" وقال بنبرة ساخرة
- والله ما حد معصبني غير بدل العدس اللي لبساها دي طول عمرنا نعرف العدس بيتأكل انما يتلبس اهي دي اللي جديدة !!
بعد مرور نصف ساعة
مش عارف والله يا شيرين الحكاية هترسي على بس دا اللي عرفته
أردف " بدران" عبارته بينما جلست جواره 'تولين" بعد أن وضعت قدح القهوة خاصته أمامه وقالت بنبرة تملؤها الدلال
- القهوة يا بيدو
اقتربت منه حد الالتصاق محاوطة ذراعه بينما هو حاول فك يدها برفق لكنها رمقته بالتزامن مع رفع حاجبها الأيسر بتحذيرٍ واضح فهمه جيدًا عادت ببصرها لـ شيرين وقالت
- معلش بقى يا شيرين أصل أنتِ كدا دايما بتيجي في وقت غير وقتك يلا احكوا لي كنتوا بتتكلموا في إيه ؟!
- ابدًا يا ختي دا كان بدران بيحكي لي إن لازم محلل عشان ارجع لجوزي فـ كنت بقوله لو ينفع هو يتجوزني ويبقى محلل بدل الغريب
ردت " تولين " وهي تنظر له وقالت بنبرة تملؤها الغنج وقالت:
- أنت إيه رأيك يابيدو في كلامها مش موافق صح ؟!
فك يدها المحاوطة لذراعه وتناول القهوة وهو يقول بتوتر من طريقتها
- طبعًا طبعًا مش موافق ماهو أنا لسه متجوز مكملتش أسبوع حتى اقوم اتجوز تاني مجنون مثلا؟!
أو يمكن أنا مش ملية عينك العسلية دي
قالتها " تولين" وهي تسير باناملها على كتفه بغنجٍ بالغ تابع بذات النبرة وقالت
- هي عسلية ولا بندقية ها؟!
عادت ببصرها لـ شيرين وقالت:
- قلتي لي بقي يا شيرين عاوزة تتجوزي جوزي وأنا اروح فين ؟!
ردت " شيرين" بنبرة مغتاظة وقالت:
-أنتِ إيه ياحبيبتي ما أنا عارفة وأنتِ عارفة والدنيا كلها عارفة إنك متجوزة بدران كدا جواز سوري
ردت " تولين" وقالت بدهشة
- إيه دا هو بيدو ما قلكيش اللي حصل ؟!
- حصل إيه ؟!
عناقت ذراعه ثم سندت برأسها على كتفه وقالت
- بيدو بقى حبيبي و أنا حبيبته وقريب هايبقى عندنا نونو
رد " بدران" وقال بعدم فهم لما يخدث حوله
- نونو مين ؟!
-نونو يا حبيبي ابننا إن شاء الله أنا عارفة إنك مبتحبش تتكلم في أسرار بيتنا بس شيرين م غريبة دي زي أختك
ردت " شيرين " قائلة مغتاظة
- اخته ازاي يعني يا حبيبتي دا احنا كنا في حكم المخطوبين بل ما حضرتك تطلي بطلتك البهية !!
ابتسمت ملء شدقيها وقالت
- اديكي قلتيها قبل ما اطل عليه واول ما شافني بطلتي البهية قالي أنتِ حبيبتي وقلبي ونور عنيا و يلا نتجوز يا تولي قلت له يلا يا حبيبي مش كدا يا بيدو ؟!
رد "بدران " وقال
- انتوا الأتنين اخواتي ارتاحتوا
ردت "تولين" بنظرة يعملها جيدًا وقالت
- إيه
- قصدي إنك أنتِ اختي وأمي وحبيبتي وكل ما ليا في الدنيا دي
ردت بنبرة غنجة وقالت
- و أم عيالك
-طبعًا أنتِ أم عيالي هو أنا اطول
ردت "تولين" وهي تنظر لـ شيرين وقالت
- شفتي بقى يا شيري أنا كل حاجة عند بيدو ازاي دوري لك على حد تاني غير حبيبي يلا يابيدو عشان تنام
- بس أنا مش عاوزة انام دلوقت دا لسه المغرب مأذنة من شوية
- أنا قلت هتنام دلوقت يا بدران
- ايوة فعلا أنا نعسان اوي لدرجة مش قادر اشوف قدامي تصبحوا على خير
- بيدو
- نعم
- شيلني عشان الارض بتوجع لي رجلي
- افندم ؟!
- النونو يا بيدو نسيته ؟!
- ودا يتنسي بردو دا اللي بسببه بضرب نفسي ميت جزمة
- إيه !!
- عشان معرفتيكش من زمان يا روحي وعشت أيام سودا في بُعدك عني طبعًا
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close