رواية نجمة ليلي الفصل العاشر 10 بقلم سارة مجدي
بدايه جديده
+
كانت تجلس ارضا تستند الى الحائط المتهالك تنظر الى الامام بعيون خاويه لا روح فيها ..... فبعد كل تلك المعاناه و الالم التى عاشته ... و الذل و المهانه اليوم تخلصت من كل ذلك اليوم تحررت و ارتاحت و اراحت الانسانيه منه .... اليوم اصبحت قاتله لكنها تشعر بالسعاده و الراحه رغم كل تلك الجروح و الكدمات الزرقاء المنتشره فوق جسدها و وجهها و ايضا ملابسها الممزقه و غصلات شعرها المبعثره فى كل مكان
تحركت خطوه واحده حتى تمسك بهاتفها واتصلت على مركز الشرطه و حين اجابوها قالت بصوت هادئ
- عايزه ابلغ عن جريمه قتل
صمتت لثوانى قليله ثم قالت
- ايوه متأكده علشان انا اللى قتلت .. و العنوان (.....) فى انتظاركم
و اغلقت الهاتف و عادت الى جلستها من جديد بعد ان فتحت باب بيتها على مصرعيه فى انتظار الشرطه
و بالفعل بعد عده دقائق وصلت الشرطه الى ذلك العنوان لتجد ذلك المشهد البشع جسد رجل ضخم ممدت ارضا وبه طعنات كثيره و متفرقه و الدماء منتشره فى كل مكان
كان الضابط يقف ينظر الى ذلك المشهد المقزز بأندهاش خاصه حين وقعت عينيه عليها و هى على تلك الجلسه الهادئه اقترب منها و وقف امامها و قبل ان يتحدث بشئ قالت هى
- انا اللى قتلته
قطب جبينه بحيره و اندهاش ليتقدم العساكر سريعا و امسكوا بها و كادوا ان يغادروا ليجدوا الناس جميعا مجتمعه امام البيت و كل منهم يهمس بشئ بين (( قتلته ... احسن غار فى داهيه .... شافت منه كتير ... جهنم و بئس المصير ... كان مفترى و جبار ... و الله جدعه ارتاحت منه و من عيشته ))
كان الرائد نديم الخولى يستمع لكلمات الجيران و سكان الحى و هو يشعر بالاندهاش و الفضول لمعرفه قصه تلك الفتاه و ما سبب قيامها بفعل شنيع كهذا
كان يجلس خلف مكتبه ينظر اليها بتفحص سيده فى الثلاثين من عمرها ... يبدوا على وجهها الراحه و الهدوء رغم تلك الدمعات المتجمده داخل عينيها و رغم كل تلك الجروح التى مازالت تنذف و اثار لجروح اخرى قديمه منتشره على جسدها الواضح منه اجزاء كثيره وقف على قدميه و اخذ الجاكيت الخاص به و مد يده به لها لتنظر اليه بأندهاش ليقول
- غطى جسمك
لتنظر الى جسدها سريعا لتنتفض بخجل شديد و مدت يدها تمسك الجاكيت سريعا تضعه فوق جسدها و نظرت ارضا بخجل ... كان يشعر بعدم الفهم من تصرفاتها الغريبه كيف لقاتله مثلها ان تكون بهذه الاخلاق الجيده و الخجل الشديد جلس على الكرسى مره اخرى و قال
- احكيلى بقا كل حاجه
رفعت عينيها تنظر اليه و قالت بتوسل
- ممكن اقعد علشان الموضوع طويل
هز راسه بنعم و اشار لها على الكرسى الموجود امامه لتجلس بهدوء و اخذت نفس عميق و قالت
- انا اسمى وداد محمود عندى 34 سنه .. كنت متجوزه من عزوز ابو سريع من اكثر من عشر سنين قتلته ليه علشان هو كلب و حيوان ... معدوم الضمير و الاحساس و الانسانيه ... مريض و ميعرفش الرحمه و لو رجع بيا الزمن من جديد هقتله تانى و تانى
كان يستمع اليها بتركيز شديد ... ثم قال
- لسه تقرير الطب الشرعى بس من المعاينه المبدئيه انك طعنتيه اكتر من 10 طعنات نافذه
- انا معرفش ضربته كام مره بس كل اللى انا عرفاه انى ضربته بعدد السنين اللى عشتها معاه فى ذل و هوان بعدد المرات اللى ضربنى فيهم و اخد حقه الشرعى منى فيه بالغصب و الضرب
قالتها سريعا ردا على كلمات نديم .... ثم صمتت فجأه تحاول ان تهدء انفاسها المتلاحقه و تركها هو تاخذ كل ما تحتاجه من وقت ... و بعد عده دقائق قالت
- كنت راجعه يوم من الشغل فى معادى زى كل يوم لكن الشارع كان فى ناس كتير ملموين مهتمتش اصلى مش اجتماعيه و لا ليا اصحاب كتير فى الشارع ... بس سمعتهم و هما بيقولوا ان عزوز ابو سريع خرج من السجن و لما طلعت البيت عرفت من ابويا ان عزوز ده بلطجى المنطقه من قبل احنى ما ننقل فيها و كان اتحبس فى قضيه مخدرات ... بعد اسبوعين من اليوم ده و انا راجعه من شغلى عزوز كان قاعد على القهوه و لما عديت من قدامه سمعته بيقول (( بكره انول المراد و تبقا ليا يا جميل )) مهتمتش لكلامه و لا اصلا كنت اتخيل ان الكلام ده ليا لكن الصدمه لما ابويا ندانى قبل ما ادخل اوضتى و قالى (( جايلك عريس و انا موافق عليه و يوم الخميس كتب كتابك )) فضلت ساكته و مستنياه يضحك او يقول انه بيهزر لكن سبنى و مشى ... مشى من غير حتى ما يعرفنى مين العريس صدمنى صدمه عمرى من غير حتى ما يفهمنى السبب لكن امى قربت منى و قتها و قالتلى ان بلطجى الحته طلب ايدى و لما ابوكى فكر يرفض هدده انه هيقتل اخويا و هيرمى على وشى مايه نار و هيسوء سمعتى فى الحاره كلها و لاقيت نفسى بيتكتب كتابى على بلطجى الحته و من اول يوم معمله زباله و لا كأنى واحده جايبها من الشارع يقضى معاها ليلة ... كل يوم ضرب و اهانه و ذل كل يوم جسمى بيتقطع كنت ممسوكه من ايدى اللى بتوجعنى و ديما مهددنى بأهلى لحد ما جت الفرصه ابويا اتوفى و اخويا اخد امى و سافر رتبت و خططت لكل حاجه
كان يستمع اليها و هو يشعر بالشفقه و الحزن عليها فتاه بسيطه تمر بكل هذا و تتعرض لكل هذا و لكنها فى الاول والاخير قاتله ..... اكملت هى كلماتها
- جهزت العشا و حطيت فى كميه كبيره من المخدرات اللى بيشربها و بعد الاكل دماغوا تقلت قولتله تحب ارقصلك عجبته الفكره و قعد يقول كلامه القذر اللى اتعودت عليه بدأت ارقص و لما حسيت انه خلاص استسلم تماما جبت السكينه و فضلت اضربه بيها و انا بيمر قدام عينى كل اللى حصل من اول مره شفته فيها لحد اللحظه دى و بعدين اتصلت بيكم
كان نديم يشفق عليها و يتمنى لو يستطيع ان يساعدها لكنها انسانه واعيه و بكامل قواها العقليه و ايضا معترفه بجريمتها تحولت القضيه الى القاضى الذى لم يكن من الصعب عليه اصدار الحكم بأعدامها ... كانت وداد تبتسم بسعاده حين سمعت لحكم القاضى و كانت طوال الوقت تستغفر و تدعوا الله ان بغفر ذنبها الكبير
قبل تنفيذ الحكم طلبت من اداره السجن رؤيه الضابط نديم الذى لبى طلبها و حضر فورا حين وقعت عينيها عليه قالت بتوسل
- انا عارفه انك ملكش دخل بالى هقوله بس انا مليش حد غيرك دلوقتى لانى معرفش عنوان اخويا و امى
قال لها بأبتسامه
- انا تحت امرك يا ست وداد .. بس طمنينى عليكى الاول
ضحكت بستهذاء و هى تقول
- انا واحده خلاص مستنيه ملك الموت و مرحبه بيه جدا لان موتى هو بدايه حياه جديده نظيفه و مفيهاش ظلم بس قبل ما امشى لازم اطمن على بنتى
+
قطب نديم جبينه بحيره و قال
- بنتك ... انتِ عندك بنت
هزت راسها بنعم و هى تقول
- خلفتها فى اول سنه جواز ... و اول ماولتها طلبت من الممرضه اللى كانت فى المستشفى انها تاخدها و تروح بيها فى اى مكان و تقول لابوها انها ماتت و هو مهتمش فى الحقيقه علشان هى بنت كان نفسه فى ولد تانى يوم رجعتلى الممرضه و قالتلى ان بنتى فى دار ايتام (......) و كل وقت و التانى كنت بروح ازورها من غير ما تعرف انى امها .. ارجوك خدها من دار الايتام خليها فى بيتك ان شاالله خدامه بس متعش طول عمرها فى الدار ابوس ايدك لحد ما تلاقى اخويا و امى
ابتسم لها ابتسامه طمئنينه و قال
- متقلقيش ... بنتك فى عينى
و ها هو بعد خمس سنوات يقف امام قبرها يخبرها بما حدث طوال السنوات الخمس الماضيه ... ببحثه عن اخيها و والدتها الذى لم يثمر عن شئ و ايضا يخبرها انه قد قام بأقناع زوجته بتبنى نفوس لان الله لم يمن عليهم بالانجاب و ها هى ابنته تشرفه كل عام بنجاحها بتفوق و ايضا طمئنها ان زوجته تحبها بشده و تهتم بكل تفاصيلها ..
- اطمنى يا ست وداد اطمنى بنتك فى عينى
و كاد ان يغادر و لكنه شعر و كأن احد همس جوار اذنه بشكرا ليلتفت حول نفسه لكنه لم يجد احد فغادر و هو يقرأ الفاتحه لها حين اتصلت نفوس به تخبره ان لا يتأخر و ان يحضر معه الحلوى التى تحب ليخبرها بقدومه و ان الحلوى المفضله لها بحوزته
تمت
بقلمى ساره مجدى
+