اخر الروايات

رواية عيون لا تنام كامله وحصريه بقلم ايمان سالم

رواية عيون لا تنام كامله وحصريه بقلم ايمان سالم



                                              
عيون لا تنام // بقلم إيمان سالم 

+



                              
ظلام حالك 
خطوات حذرة
أنفاس منتظمة 
سكون تااام واعتياد مؤلم 
تقترب من تلك الطاولة ترفع يديها بحرص تمسك كوبها المحبب والمميز ثم تضع به مقدارها المعتاد وتلتفت بخطوة واحدة لتلك الالة تضغط عليها فيسقط الماء المغلي بصوته وحرارته التي لفحت يديها يصل حد الامتلاء فتشعر به، ترفع يدها وتتناول الكوب متجه لمقعدها المعتاد ايضا عند تلك النافذة التي لا تعلم ما خلفها ولكنها احبتها واصبحت عادتها الجلوس امامها تتناول شايها الصباحي في صمت ..… الصمت الذي أصبح حياتها الجديدة إضافه إلي الظلام ….

+



                              
لكن اليوم ربما مختلف كأيام آخري قلائل حين استمعت لجلبة وأصوات عالية في الخارج انتفضت بذعر فكانت صرخاته جنونية وكلماته قوية بشكل كبير ومثير ربما للدهشة أوالشفقة، كسرت السكون المحيط بها .... نهضت سريعا فسقطت بعض قطرات الشاى الساخن على ملابسها صرخت متألمة ثم نفضت الثوب سريعا عن جسدها حتى لايحترق متمتمه بغضب وعبوس "كنت ناقصك أنت كمان " … وضعت الكوب علي الطاولة وهي تتنهد بغضب واتجهت للباب تفتحه وتطل منه بنصف جسدها لتستمع ما في الأمر رغم تخمينها السريع وقفت وعينيها مسلطة للامام بلا هدف ….. الصوت عالي وارتفع أكثر وأكثر عندما فتحت الباب ..…

+



                              
"أنا عاوز أعرف يعني ايه الكلام ده ؟! يعني ايه دي مش مستشفي؟! امال أنا هنا بعمل ايه ،هما فيييين ،أنا عاوز امشي من هناااا،خرجوني من هنااااا ؟!
صرخ الممسك بيديه: ممكن تهدي الاول 
-اهدي ايه وزفت ايه أنا عاوز اعرف دلوقتي حالا انا هنا بعمل ايه لما دي مش مستشفي؟!
انتهي وقت الصمت فأطلق الكلمة التي احتجزها لاخر مرحلة وها قد حان الآن دورها : "دي دار للمكفوفين ،فهمت دلوقتي أنت هنا ليه "

+



                              
صمت طوووويل انفاسه تتأجج ،بلا انقطعت انفاسه، لا يصدق ما يسمع كيف تكون دار لرعاية المكفوفين .... يقصد انهم تخلوا عنه بتلك الطريقة تلك الخدعة كيف لهم ذلك ؟! كيف طاوعتهم انفسهم لفعلها ؟!....لكن ما قهره حقا أنه لن يبصر من جديد سيبقي في الظلااام هذا دائما ، وفوق الظلام ..… شعوره بالوحدة وكأنه عشها عمر ، يقتله الان ما فعلوه هو موووت بالبطئ ...شعر بثقل علي صدره جاثم بقوة  لأول مرة يريد الصراخ بصوت عالي ،الجري بعيدًا لاميال لكنه غير قادر علي فعل شئ سقط على الارض جاثيا على ركبتيه ..…انهار تمامًا، اقترب احدهم منه ليساعده علي الوقوف .... دفع يده في عنف ... لا يريد شئ ولا شفقة ....هل يشفق عليه الغريب !.... كيف إن كان القريب لم يشفق عليه و القى به هنا .... لهم ... من لا يعرفهم ..… في مكان غريب لا يعرفه ... لقد خدعوه! ابتسم بألم ساخر علي ما هو فيه وتعجب ولكن لما العجب ... فتلك الحياة خدعه كبيرة نحيها وتدور الدوائر وكما فعلنا يوما يفعل بنا .... مرار يعيشه الان احساس مرهق حقًا ….. كيف له أن يطيق كل هذا ....بمفردة كيف؟!

+



                              
هزت رأسها بـ نفي تشعر بالآسي تجاه فتكرار تلك الأحداث يؤلمها كثيراً، زفرت بقوة وهي تدخل من جديد وتغلق الباب خلفها ترتكز عليه بظهرها متمتمة بكلمات طالما قالتها في وحدتها لتصبر نفسها علي ألا تتضعف في يوما ما: معلش بكرة هتتعود وهزت رأسها في حركة تأكيدية مصاحبة لتكرار الكلمة في عقلها «هتتعود»…….وشردت لشهور قد مضت لـذلك اليوم الذي لن تنساه ما حييت اليوم الذي خذلت في اقرب من لها 

+



                
ذهااااااب.
يا نادية أنتِ عارفه كويس أنا بعز "ضى" قد ايه وبعتبرها بنتي الكبيرة
عارفه طبعا يا ممدوح من غير ما تقول ..… بســ
مفيش بس أنا بعمل كده لمصلحتها أنتِ شايفه إن الوقتي بقي لها ظروف خاصة ومحتاجة كمان رعاية خاصة تناسب ظروفها، اللي أحنا مش قادرين نتكيف عليها ولا هي كمان قادرة ، هي محتاجة حد يساعدها غيرنا 
ردت بغضب: ممدوح لاحظ أنها اختي 
ممدوح وهو يقترب منها :عااارف، عشان كده الدار دي كويسه أنا سألت لحد ما وصلت لها وبتاخد فلوس مش مجانية يعني مش هدفي من وجودها هناك اني اخلص منها ابدا، هدفي ان الكل يكون مرتاح وهي أولنا

+



بتردد واضح وملامح عابسة :مش هقدر أقول لها حاجة من الكلام ده يا ممدوح عاوزني اقولها اختك مش مستحملاكي وهترميكي في دار للمكفوفين انا بكدة بكسرها أكتر ماهي عشان خاطري فكر تاني في الموضوع ده بلاش تتسرع

+



جلس بعيدا عنها واشعل سيجارته وتناول نفس قصير ثم نفث الدخان عاليا بقوة وتحدث بهدوء: معنديش مانع بس مش ملاحظه إن حياتنا اتقلبت 180 درجة من ساعة اللي حصل لاختك 
نظرت له بتعجب وصمت ،لم تتفوه بحرف واحد رغم رغبتها في ذلك
اتبع ينفث الدخان عاليا: أنتِ حتي نفسك معدتيش فاضية ليا ومش عاوز اقولك إن الاولاد متأثرين بالموضوع ده ازاي

+



نهضت متحدثه بلهجه غاضبة: كل ده من يوم اللي حصل مع احمد ..… مش كده؟
نفث الدخان بقوة مؤكدا برأسه وكلماته: ايوه معاكِ حق الولد لسه لحد النهاردة بيتألم والحمد لله إنها جت علي قد كده يا ناديه
صرخت به: مكنش قصدها ايـــه! هنعمل ايه يعني هنعلق لها المشنقة علي حاجة حصلت غصب عنها في ايه يا ممدوح مش كده ،أنت عمرك ما كنت قاسي بالشكل ده

+



القى السيجارة ارضًا ودهسها وهو يتجه للنافذة متحدثا بحنق : مش قسوة، بس عندك علم إن الحرق هيفضل معلم في جسمه مش هيروح أبدًا 
تحدثت بغضب: يوووووه، عارف دى المرة الكام انك تقول لي نفس الكلمة دي وتوجعني بيها 
-منا بكرر لك عشان تبقي فاكرة بس، لان شايفك مش متأثرة بالموضوع 
هدأت نبرتها وتحدثت بألم ودموع : فاكره من غير تكرار أنت ناسي انه ابني كمان، بس ياريت تفتكر انها اختي الصغيرة بردة  ومش ممكن اتخلي عنها عشان بقت عميا وملهاش حد غيرنا 
التفت لها متحدثا: ومين قالك اني عاوزك تتخلي عنها أنا عمري ما هطلب منك ده ابدا ولا هعمله 
بتهكم ومرار واضح في كلماتها: امال بتسمي اللي بتطلبه مني ده ايه يا ممدوح؟!
ممدوح وهو يقترب منها يضم كتيفها بذراعه :أنا بعمل كده لمصلحتها ومصلحتنا كلنا صدقيني ده انسب قرار للكل فكري بعقلك.... ومش هنرميها هناك وخلاص لا طبعا هنزورها علي طول وهنكون جمبها في كل حاجة 

+



على نحيبها متمتمة بصوت مختنق: مش متخيله والله اللي بتقوله ده وانها تروح مكان غير هنا ازاي بس، لا لا صعب عليا الموضوع قوي وخصوصا بظروفها دي امال هي اما تعرف هتعمل ايه أنا عمري مقدر اقول لها حاجة زي دي ابدا مستحيــل 
ممدوح وهو يقبل رأسها سيبي الموضوع ده عليا أنا اللي هكلمها فيه "وضمها له هامسا" خلاص بقي ممكن تهدي وبلاش دموعك دي!

+



        

          

                
هزت رأسها بالنفي بين احضانه مازالت غير قادرة علي استيعاب الفكرة ولكنها غير قادرة علي الرفض أيضا تقف في منطقة شائكة وكلا الطريقين الواجب عليها السير في احدهما اصعب من الاخر عائلتها واختها، فما عساها أن تفعل تشعر بالاختناق الشديد 
ضمها له اكثر .... استكانت بين احضانه تدعو الله بأن يلهما الخير ويكتب لضى كل الخير فهي لا تستحق غيره

+



كانت في الخارج ..… تتجه لغرفة اختها ووصلت للباب مرورا بالحوائط التي تقابلها رفعت يديها لطرقه ولكن جائها صوت زوج اختها من الداخل شعرت بالحرج واتجهت لتغادر المكان ولكن تحجرت قدماها عند سماعها تلك الكلمات التي وصلتها كسهم بل كرمح رشق في قلبها فلم يجرحه فقط بل فتته وتناثرت اجزاء منه بخروجه للجهة الاخري شعرت بالدوار كادت تسقط لولا تمسكت بالجدار المجاور لها، غير قادرة علي التنفس تشعر بالاختناق روحها تسحب ببطئ، لم تتوقع في يوما ان تستمع منه لتلك الكلمات تشعر الان بالتيه، الضياع ، الالم كل هذا فوق الظلام  .... كانت تريد الهروب بعيدا عن كلماته التي فجعتها بل قتلتها لكنها غير قادرة علي الحراك ولو انش واحد جسدها غير مطاوع لها والدموع كبحر هائج كثيرة ترتطم بجفونها المغلقة تنهدت وهي تفتح عينيها لفيض جارف واخيرًا تحركت ارجلها في خطوات وئيدة لغرفتها كادت تتعثر أكثر من مرة في طريقها حتي وصلت اغلقت الغرفة بعد دخولها واتكأت علي الباب بظهرها تبكي بنحيب عالي ها قد سمحت لنفسها بالتفريغ عن ما تشعر به من ألم ووجع ،نزلت لاسفل جالسه خلفه تضم ركبتيها لصدرها وتهز رأسها بهسترية شديدة كيف .. ايعقل ... ما ..…ماذا .... اسئلة كثيرة تقتلها كيف يفعل بها ذلك؟ .... ايعقل هذا اخي ممدوح الذي طالما حسبته ذلك؟! ... ما ذنبي في كوني اصبحت عمياء؟!  هل اصبحت شئ سئ لتلك الدرجة؟ اصبحت حمل علي الجميع!!  .... ماذا سأفعل وما هو مصيري القادم ....؟! 
بكاء وبكاء بلا انقطاع حتي جفت الدموع من عينيها أكثر من ساعتان في غرفتها علي تلك الصورة حتي نهضت بوهن شديد لفراشها ارتمت عليه تشعر بان كل خليه في جسدها تئن ضمت نفسها بقوة تتمني لو يكون كل هذا كابوس ... كل ماحدث وتستيقظ منه تفتح عينيها صباحا تري نفسها في المرآة من جديد تبصر كل شئ من حولها تعود حياتها لرتمها السابق بكل ما فيه ..… تعود كما كانت تلتئم جراح قلبها وروحها.... لقد تخلي عنها الجميـــع ....كلهم ! حتي اقرب قريب آه من ذلك الألم الذي تشعر به الآن ،أنها في اسواء أيام حياتها تمنت آخر شئ قبل أن تغفو لو تصعد روحها لخالقها حتي تتخلص من ذلك الالم ومن تلك الحياة كاملة فما عاد فيها شئ يستحق البقاء

+



كان وجهها عابس بشدة تتذكر هذه الاوقات وكأنها مازالت تحياها لم تفق من شرودها إلا علي كلمة الممرض في الخارج سيبـــوه دلوقتي هتيعود علي وضعه الجديد اخرجوا كلكم وخليك أنت هنا علي باب الاوضه عشان لو عاز حاجة 

+



سيبووووه انتشلتها من الالم لالم أكبر ..… الوحدة التي تحياها … اخذت نفس طويل وفتحت الباب مرة اخري متجهة للغرفة المجاورة لها طرقت الباب ثلاث طرقات كعادتها 
جائها الصوت من الداخل :ادخلي يا ضي

+



#############

+



كان في غرفته المطلة علي الحديقة وتلك النافذة الواقف أمامها مكتوف الايدي يتأمل المكان في النهار طالما عشقه ليلاً وعشق تلك الصورة التي لن ينسها مهما حاول اخراجها من عقله بل من قلبه فهي اصبحت وشم ابدي نورها في الظلام وهي تقف في هذا الجزء من الحديقة البعيد عن الاعين مازال مسحوراً به ، ابتسم متذكرا أن كل من هنا كفيف لا يري سوى من يعمل فقط ولن يتواجد أحد هناك من العمال في ذلك التوقيت ، تذكر صوت المطر وصوتها وهي تتنفس عاليا وتضحك ابتسم وكأنه يسمعه الان وصداه يداعب كيانه بقوة وما دمر كل ذرة فيه هو رؤيتها وهي تخلع معطفها السميك جانبا وتظل بذلك الثوب الخفيف القصير الذي لا يتناسب مع برودة الجو تطلع لها بعينان سودويتان من فرط الإثارة نعم فقطرات الماء جعلت الثوب يُفصل جسدها كأنها تمثال منحوت ايه من الجمال كادت عينيه تغادر محلها مع دورانها حول نفسها ارتفعت انفاسه بقوة يهز رأسه محاولا الثبات والابتعاد عن النافذة لكنه غير قادر وما تعجب له اكثر هو سقوطها ارضا ظن انها تعرقلت فتصلب كل عرق في جسده لكن صوت بكائها المكتوم الذي وصل له وشهقاتها المنفلته زادت من عبوسه تمني لو ينزل لها يحتضنها يأخذها لعالمه الوحيد تنتمي له هو فقط فوق سريره عرشه الدائم الذي لا يعرف غيره مع جنس حواء لكن و لاول مرة تتحرك مشاعره لكائن حي انثي بطريقة مختلفة وكانت هي من حركت الكامن في داخله «مشاعره» تعجب مما شعر به وقتها ومما يشعر به الان مازالت تلك الذكري تحمل له نفس المشاعر بل أكثر منها

+



################

+



ادارت المقبض متجه للداخل في خطوات اكثر حذرا .... جائها صوتها المرح: ايه النور ده ضي هانم في الاوضه عندي مش مصدقة نفسي والله .... اتفضلي اتفضلي والله النهاردة يوم تاريخي في الدار كلها
ابتسمت ضي من قلبها وهتفت في بشاشة رغم أنها لم تراها ولكنها احستها: طول عمرها منورة بصاحبتها 
ميسون: اكيد جايه تسألي عن حاجة مهمة 
ضى بخجل: دايما كده كسفاني ،ايه عرفك اني جاية لحاجة مهمة

+



ميسون وهي تضع الكتاب من يدها وبضحكة رائعة: هو انا مش عارفاكي انتِ خلاص بقيتي عشرة شهور وجيران وعارفه انك مبتشرفيش اوضتي الا إذا كان في حاجة مهمة مش زي أنا كل دقيقة عندك 
شعرت ضى بالحرج اكثر كعادتها ولكنها ضحكت متحدثه: ماشي مقبولة منك، وفعلا كنت عاوزه اسأل عن حاجة هو ايه حكاية الجديد اللي كان صوته عالي ده هو مين وليه اهله عملوا معاه كده ؟!

+



نهضت من مقعدها متحدثه: لا الموضوع طويل هعمل شاى بقي ونحكي
ضى بتعجب :يعني انتِ عارفه الموضوع
ميسون  وهي تجهز الاكواب: ايوه طبعا مفيش حاجة هنا بتستخبي عليا وانتِ عارفة كده كويس وإلا ما كنتيش سألتيني
ضي وهي تجلس: انا قلت كده بردة طب اعملي الشاى يالا واحكيلي الحكاية كلها 
ميسون وهي تجلس: الحكاية بقي ………

+



تفاعل حلو ورأيكم في الفصل 
دمتم بخير

+



     
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close