رواية حرائق الحياة كامله وحصريه بقلم مهرائيل اشرف
الفصل الأول: بنت المطر
"هند" بنت الـ17 سنة، ماشية حافية، هدومها مقطعة، وعيونها بتدور في كل اتجاه كأنها بتدور على حنية مفقودة.
ولا لقمة تسد جوعها، ولا هدوم تداري جسمها، ولا حتى طرحة تحوش بيها ريح البرد.
السما كانت متلبدة، والغمام لونه كحل، والريح بتزوم كأنها بتنذر بشيء مش خير.
وما هي إلا لحظات، لحد ما المطر نزل...
مش نقط، لا... ده كان سيل!
هدومها غَرقت، شعرها لزق على جبينها، وجسمها بيرتعش من البرد.
وقفت تحت نخلة، بس النخلة ملهاش ظل...
ولا حد سائل فيها.
فجأة... وقف عربية فخمة على طرف الطريق.
نزل منها راجل لابس جلابية ناصعة البياض، عقال سُود، وصوته هادي لكن مهيب:
– "انتي منين يا بِنيّة؟"
ما قدرتش ترد، كانت بتترعش من البرد.
قرب منها، ورمى على الأرض عباية صوف كبيرة:
– "غطي نفسك، الدنيا ما بترحمش."
– (وهو بيطلع من جيبه ظرف) "خدي دول... فلوس ودهب، وسيري على بركة الله."
وما استناش، راح راكب عربيته ومشي، كأن ملاك نزل من السما وطلع تاني.
بس الراحة ما طولتش...
من أول الزقاق، طلعوا تلاتة...
وشوشهم متغطية، وسكاكينهم في إيديهم.
قربوا منها، شدوا العباية، وقع منها الظرف.
ربطوا إيديها، وسدوا بُقها.
لكن...
قبل ما يأذوها، سمعوا صوت رجليْن بتجري...
وإذا بيه، "سليم"، راكب حصانه، وابن واحد من كبار العائلات في البلد.
نزل من على الحصان، وعينيه مولّعة نار: