اخر الروايات

رواية دماء علي اوراق الورود الفصل التاسع 9 بقلم آثر توفيق

رواية دماء علي اوراق الورود الفصل التاسع 9 بقلم آثر توفيق



الحلقة التاسعة
اصبحت اللقاءات بين حاتم وداليا مجددا بصورة يومية يلتقيان كل يوم صباحا ليصحبها الى البورصة وهناك الى مكتبه لمناقشة الاعمال وشرح طرق توقع ارتفاع وانخفاض الاسهم وكان اكثر ما ادهشه انه حين بدا فى تعليمها لم يعلمها الاسلوب الذى كان يتبعه ولكن علمها اساليب اخرى اكثر فاعلية واعتمادا على السوق واكتشف حينها ان كثيرا من ارباحه كانت بفعل الحظ وليس اعتمادا على ذكائه اما داليا فقد اثبتت عقلية قادرة على التعلم وكفاءة فى العمل وقدرة على ابتكار افكار رائعة حتى ازداد تعلقا بها فاصبح يصحبها بسيارته بعد المكتب لتعليمها القيادة ثم العشاء قبل ان يتركا بعضهما ويذهب الى وحدته التى لم يكن يشعر بها قبلها 
وبمرور الايام اصبحت بمثابة شريكته ومحل ثقته وموضع اسراره حتى اسرار العمل والخطط المستقبلية التى لم يكن يعرف احد عنها شيئا .
حاتم : شوفى يا داليا انتى ايه رايك فى شغل البورصه ؟
داليا : بصراحه مش مضمون ومهما كانت خبرتك وحسن توقعك لازم تستنى الغلطه اللى ممكن تضيع كل تعبك سنين ووقتها ممكن تقوم تانى وممكن لا 
حاتم : طيب اسمعى السفريه اللى قلتلك عليها قبل كده ومأجلها دى انا مسافر ماليزيا فيه مجموعة مستثمرين قابلتهم فى منتدى اقتصادى من مدة بينتجوا اجهزه منزليه وكانوا عاوزين وكلاء فى مصر لكن المناقشات تطورت للتصنيع فى مصر ومحتاجين شريك مصرى وده اللى هو انا 
داليا : هايل جدا الاستثمار فى مجال الصناعه اضمن وأأمن من البورصه ومستقبل وعمله صعبه بس محتاج امكانيات جباره 
حاتم : شوفى يا داليا انا عندى الامكانيات الماديه ومش عن طريق الميراث وبس لكن انا كسبت ملايين كتير من شغلى الفكره كلها انى مش قادر اتخيل انى اسافر شهر بحاله من غير ما اشوفك كل يوم 
داليا : هو انا ما ينفعش اسافر معاك ؟ حتى كسكرتيره او مساعده او اى حاجه 
حاتم : مش حينفع ياريت ينفع انا اصلا باعلمك الشغل علشان تمسكى شغلى لحد ما ارجع 
داليا : امسك الشغل ؟ يا حاتم انا ما كملتش عشر ايام 
حاتم : انتى اشطر منى انا كنت امسك النشره وابص لسعر السهم والسلعه واتوقع وبتيجى معايا بالحظ السهم ده حيعلى اشترى والسهم ده حينزل ابيع انما انتى ما شاء الله عليكى بتدرسى الموضوع من كل الزوايا وعندك قدره غريبه تربطى كل المعلومات ببعضها 
ابتلعت ريقها ونظرت اليه بحزن 
داليا : هو انت لازم تغيب شهر ؟ يعنى ما ينفعش اقل من كده ؟
حاتم : هو المفروض كمان اكتر من كده لان المفروض افضل هناك فترة معايشة اشوف مصانع المجموعة واسلوب الادارة ودورة الانتاج وحاجات كتير ما تكفيش فى شهر لكن حقيقى مش حاقدر ابعد عنك اكتر من كده 
داليا : بس ......
حاتم : خلاص يا داليا نكمل كلامنا فى الموضوع ده بعدين خلينا دلوقت نستنى نتيجتك لانى مستنيها على نار صدقينى يا داليا انا مستنيها اكتر منك 
.......................
وجاء يوم تعليق النتيجة وفى السادسة صباحا كان ينتظرها عند محطة الترام كالعادة وانطلقا سويا الى الجامعة وكانت داليا متوترة كثيرا بينما كان هو هادئا تماما 
حاتم : قلقانه ؟ 
داليا : ازاى اقلق واستاذى يبقى حاتم فريد ؟ انا متطمنه جدا بس مستعجله اعرف النتيجه علشان خاطرك بس 
حاتم : ماما ما قالتش حاجه لما لقتك نازله بدرى كده ؟
داليا : ماما ؟ فين ماما دى ؟ ماما عمرها ما كانت موجوده فى يوم زى ده مسافره طبعا ولا فى دماغها 
بدا عليها الضيق واشاحت بوجهها جهة النافذة فمد يده يدير وجهها اليه قائلا بابتسامة 
حاتم : ما تضايقيش نفسك يا دوللى انا معاكى 
داليا : دوللى ؟ الله وكمان بتدلعنى وعاوزنى اتضايق ؟ طب اتضايق ازاى وانت جنبى يولعوا بجاز هى وجوزها واخوها طالما انت جنبى الدنيا وما فيها 
القت نفسها فى حضنه فاختلت عجلة القيادة فى يده وتماسك بسرعة واوقف السيارة ومسح على شعرها بحنان وهو يقول مازحا 
حاتم : حتخلينا مره نعمل حادثه 
داليا : بعد الشر عليك من الحوادث بس ما قدرتش امسك نفسى عارف ؟ انا نفسى انام على صدرك 
حاتم : وانا نفسى نروح نشوف النتيجه 
وصلا للجامعة قبل تعليق الكشوف وهناك التقت بصديقاتها وتم التعارف بينهن وبين حاتم وانتظروا جميعا فيما ذهب هو لاحضار الكولا للجميع وعندما عاد كان يقف بهدوء وينظر اليها مشجعا اما هى فكانت تحاول جاهدة اخفاء قلقها فلا تنجح الا فى اظهاره .
واخيرا تم تعليق الكشوف وكانت داليا من الحاصلين على تقدير جيد جدا ومن فرحتها تعلقت بعنقه اما الجميع وتحت انظار صديقاتها المندهشات وبعد قليل اصطحبها وانصرفا الى السيارة 
حاتم : على فكره فرحة النتيجه لما تتعلق بتبقى كبيره جدا انا ما رضيتش اضيع عليكى الفرحه دى واقول على النتيجه انا عرفتها امبارح من الكنترول 
داليا : يعنى كنت عارف النتيجه وساكت ؟ 
حاتم : كان لازم اتطمن انا ما نمتش من يومين من القلق بس بعد ما عرفتها قلت اسيبك تفرحى لما تشوفيها مع اصحابك وهى بتتعلق 
طفرت عيناها بدموع الفرحة قائلة 
داليا : انا مش عارفه اقول ايه انا ...
حاتم : لالالا بلاش دموع المهم دلوقت لازم نحتفل مولاتى الاميره تحب نروح فين ؟
داليا : يعنى حنحتفل بنجاحى مع بعض ؟
حاتم : ومعاكى للصبح والمكان اللى تقولى عليه والتورته اللى تعجبك واى حاجه تفكرى فيها مجرد تفكير حتكون بالنسبالى امر واجب النفاذ 
داليا : فرحان بنجاحى ؟
حاتم : اكتر من اى فرحه حسيتها فى حياتى واكتر من فرحتى انا نفسى يوم نجاحى 
داليا : ليه ؟
بهت حاتم من السؤال وتردد قليلا قبل ان يقول 
حاتم : مش عارف فكرت كتير بصراحه مش قادر احدد السبب الحقيقى لاهتمامى بيكى ولا فرحتى لنجاحك ولا سعادتى وانتى معايا كل اللى اعرفه انى ما بقيتش قادر اتخيل حياتى من غيرك 
نظرت له بمزيج من الحب والاعجاب والامتنان وقالت 
داليا : وقف العربيه 
حاتم : ليه ؟
داليا : بدل ما نعمل حادثه اصلى لازم دلوقت حالا اترمى فى حضنك 
...................... 
طاف بها شوارع الاسكندرية كلها شرقا وغربا من ابو قير الى المنشية ذهابا وعودة وهو يطلق الكلاكسات ابتهاجا بنجاحها ثم ذهبا الى المطعم المعتاد لتناول الغذاء وبعدها قاما الى التراس لشرب القهوة ومن هناك الى بحرى لاكل الايس كريم واخيرا اشترى لها تورتة كبيرة وسالها اين ترغب فى الذهاب فاجابت 
داليا : يعنى المكان اللى عاوزه اروحه حتودينى ليه ؟
حاتم : لو عاوزه تروحى شرم الشيخ او الغردقه او طابا تحت امرك حتى لو عاوزه تسافرى بره مصر 
داليا : لا هو المكان اللى نفسى اروحه مش بعيد ده قريب جدا وقريب لقلبى كمان بس ما رحتش هناك قبل كده دى اول مره 
حاتم : فين المكان ده ؟ احنا لفينا مع بعض اسكندريه كلها 
داليا : فعلا انا رحت معاك كل مكان فى اسكندريه ورغم ان فيه اماكن كتير رحتها قبل كده انما معاك كانت كأنها اول مره بس المكان ده فعلا حتبقى اول مره اشوفه 
حاتم : حيرتينى فين المكان ده ؟
داليا : بيتك 
نظر اليها بدهشة فاضافت 
داليا : اه ما تستغربش نفسى اشوف بيتك واحتفل معاك هناك بس مش عاوزه اروح النهارده لو ما عندكش مانع 
حاتم : البيت وصاحب البيت تحت امرك  
اتجها معا الى منزله ودخل بسيارته الى الجاراج وحمد الله ان لم يرهما احد حتى دخلا المصعد وصعد الى شقته الدوبلكس الانيقة التى تحتل الطابقين الثالث والرابع بالكامل وهناك جلسا على مقعدين متجاورين فى الصالة قبل ان يقول 
حاتم : ادينا وصلنا البيت ايه رايك تحبى تتفرجى على البيت الاول واللا نحتفل الاول ؟ 
داليا : الاول لازم تعرف ان ماما مسافره وانا نفسى اقضى معاك يومين تلاته لو انت موافق 
حاتم : اعملى اللى نفسك فيه اجازه من الشغل علشان خاطرك 
قامت متجهة نحو باب الشقة فقال مازحا 
حاتم : ايه ناويه تهربى ؟ الباب مفتوح 
استدارت اليه وابتسمت ثم وصلت عند الباب والتقطت شبشبه وعادت اليه وهى تركع على ركبتيها امامه قائلة 
داليا : اصلى نفسى النهارده ابقى امينه يا سى السيد حاتم 
خلعت جذاءه وجوربه والبسته شبشبه فقال 
حاتم : عارفه ان فيه بنات كتير عملوا كده وكنت بابقى مبسوط وحاسس انى ملك وتحت رجلى جوارى لكن المره دى احساسى مختلف 
مد يديه يرفعها عن الارض واضاف 
حاتم : داليا ... مش عاوزك تعملى كده تانى 
داليا : حتى لو قلتلك ان دى اسعد لحظه فى حياتى ؟ وانى سعيده وحاسسه وانا تحت رجليك انى ملكه مش جاريه ؟
عجز عن الرد فهناك العديد من الاحاسيس المختلفة مع داليا لم يشعر بها مع غيرها 
.......................
صعدت لمشاهدة الشقة الانيقة التى يقيم فيها بمفرده بعد وفاة والديه كانت غرف النوم بالطابق الاعلى وكانت الغرفة الاولى هى غرفة نومه عرفتها من منامته التى وجدتها ملقاة فوق الفراش حيث نزل مبكرا فلم يعلقها وكانت غرفة واسعة تحتوى على غرفة نوم انيقة بها فراش واسع ولها حمام خاص وبها جهاز تليفزيون اما الغرفة المجاورة فكانت تماثلها تقرببا فى كل شيء وهناك غرفة معيشة وغرفة اخرى بها سريرين صغيرين 
نزلت بعد قليل للطابق السفلى لتجد حاتم قد اعد التورتة وجلب المشروبات والاطباق والاكواب ووضع بعض الشموع فى التورتة وحين وصلت اليه اطفا الانوار واشعل الشموع وقبل يدها مهنئا فاقتربت منه وعانقته وغابا فى قبلة طويلة اهاجت مشاعره ومشاعرها حتى كادا ان ينسيا نفسيهما الا ان حاتم تراجع فجاة ومسح عرقه بينما تركها تلتقط انفاسها وتحاول السيطرة على مشاعرها وهو يتشاغل عنها بتقطيع التورتة بعد ان اعاد اضاءة الانوار وناولها الطبق قائلا 
حاتم : خساره ان المره الاولى اللى نحتفل فيها بنجاحك تبقى اخر سنه النهارده من اجمل ايام حياتى 
داليا : حاتم انا عارفه ان اللى حاقوله مش جديد وقلته قبل كده لكن مش لاقيه حاجه اقولها غير انى .... بحبك  
......................
فى غرفة المعيشة بالطابق السفلى جلسا على الاريكة وهى تضع راسها على صدره وتتثائب 
حاتم : شكلك عاوزه تنامى احنا من الساعه سته فى الشارع وانتى اكيد تعبانه بس مش عارف حتعملى ايه فى الهدوم 
داليا : حاروح اجيب هدوم من البيت  
حاتم : مش عاوز حد يشوفك لا وانتى خارجه ولا وانتى داخله انا حانزل معاكى بالعربيه لحد الترام وتروحى تجيبى هدومك وترجعى على الترام ونيجى 
داليا : ليه كل ده ؟ انا مبسوطه انى معاك وما يهمنيش حد 
حاتم : انا يهمنى مش عاوز مخلوق يجيب سيرتك بكلمه 
داليا : غريبه ان فيه ستات وبنات كتير دخلوا شقتك وما كنتش بتهتم 
حاتم : داليا انتى غبر اى حد وما تقارنيش نفسك بحد 
وبالفعل نزلا لاحضار ملابسها وعادا ثانية 
حاتم : عندك اوضتين نوم واوضة ضيوف اختارى اللى تعجبك وانا حانام فى الاوضه التانيه 
داليا : انا حانام فى اوضتك 
حاتم : خلاص وانا حانام فى الاوضه التانيه وممكن تقفلى على نفسك بالمفتاح 
داليا : انت عارف انى معاك باكون متطمنه اى واحده فى الدنيا لازم تحس بالامان مع حاتم فريد انا مش حاقفل بالمفتاح 
حاتم : مش خايفه منى ؟ 
داليا : طبعا لا لانك ما بتقبلش تاخد اى حاجه من اى واحده بدون رضاها ومين فى الدنيا ما ترضاش تديك روحها ؟ 
ذهبت داليا للنوم فى غرفة حاتم واحتضنت الروب الخاص به واخذت تتشممه وتقبله وهى تتمنى لو ان حاتم هو الذى فى احضانها وفى النهاية ذهبت اليه فى الغرفة المجاورة كان ممددا على الفراش عارى الصدر يرتدى شورت قصير فجلست على حافة الفراش 
داليا : مش عارفه انام طيفك معايا فى الاوضه وعلى السرير مش سايبنى حاتم انا عاوزه حبك وحضنك وحنانك 
اقتربت منه فاعتدل ليقاجا بها تلقى نفسها فى حضنه فضمها بقوة وشوق وهو يمسح على شعرها بحنان ويحاول ابعادها قائلا 
حاتم : بلاش يا داليا ارجوكى روحى اوضتك انا لاول مره اكون مشتت بين انى اكون عاوز حاجه ومشتهيها ومش عاوزها انا خيالك ما بيفارقنيش لحظه 
داليا : طيب ليه نعذب نفسنا طالما انا راضيه ؟
حاتم : لو اى واحده غيرك كنت رضيت وقلت هى اللى اختارت لكن انتى لا انتى غير اى حد عندى 
داليا : انا عندى الرغبه وبرضايا وعمرى ما حاقول غير كده 
حاتم : حتندمى يا داليا الموضوع ده مش سهل انتى سارقاكى السكينه ومش مدركه لكن البنت هى اللى بتدفع التمن لوحدها وده تمن كبير 
داليا : حادفع تمن السعاده اللى حالاقيها فى حضنك ؟ موافقه ومستعده ادفع التمن ده عمرى كله 
حاتم : لا يا داليا ارجوكى بلاش راجعى نفسك طيب بلاش النهارده خليكى فى اوضتك ولو فكرتى بعقل واتراجعتى انا مش حازعل لكن لو صممتى بصراحه مش حاقدر امنع نفسى اكتر من كده 
انصرفت اخيرا وهى تحترق ودخلت للحمام لتحصل على دوش بارد فشعرت ان الماء يفور حين يلامس جسدها الملتهب والذى لم تطفئ برودة المياة نيرانه وعادت الى الفراش ليعاودها طيفه من جديد ليلهب مشاعرها فتقوم لتاخذ دشا جديدا حتى غلبها النوم بين شد وجذب .
اما حاتم فلم يذق للنوم طعما وهو يحاول تفسير التغيير الذى طرا عليه ويبحث عن جواب لسؤال ملح 
( لماذا داليا بالذات يخشى عليها من امر سبق له ممارسته مع العديد من السيدات والبنات دون ان يهتم ) 
حتى اصبح الصباح وهو فى فراشه متيقظا دون ان يصل الى جواب شافى
#دماء_على_اوراق_الورود
استيقظت داليا صباحا بعد ليلة بطلها الارق ونزلت للطابق السفلى لتجد حاتم فى الليفنج روم جالسا على الاريكة وهو لا يرتدى سوى الشورت فقط وقد مدد ساقيه على مقعد صغير امامه بينما كانت هى ترتدى تيشيرت طويل يصل للركبة فاقتربت بدلال لتجلس فوق ساقيه عكس جلوسه ووجهاهما متقابلان 
داليا : صباح الخير يا حبيبى انت ما نمتش ؟ 
حاتم : مش قادر مش عارف انام خالص انتى نمتى كويس ؟ 
داليا : تخاطيف حرام عليك عمال تعاكسنى طول الليل وفى الاخر تقوللى نمتى ؟ طيب ازاى ؟ 
حاتم : وبعدين يا داليا ؟ صدقينى انا خايف عليكى صدقينى عمرى ما خفت على واحده غيرك ولا حتى اهتميت 
قبلته لتمنعه من قول المزيد وباعدت وجهها قائلة 
داليا : مش قادره ولا انت قادر طيب ليه نعذب نفسنا ؟ الا بقى اذا كنت مش عاجباك 
داعبت انفه بشعرها فاهاجت مشاعره وهو يتشمم عطرها المثير وخصلاتها الذهبية تلامس وجهه وتتناثر على شفتيه وانفه وعينيه فلم يستطع الصمود اكثر من ذلك فازاحها من فوق ركبتيه ونهض ليصحبها الى الاعلى لغرفة نومه ولم يخرجا منها الا بعد العصر 
.....................
اعدت له طعاما شهيا لم يذق مثله من قبل وهو المعتاد على المطاعم والوجبات الجاهزة وبعد الغذاء الذى تاخر كثيرا جلسا فى غرفة المعيشة الصغرى بالطابق الاعلى لمشاهدة فيلم رومانسى بينما هى تضع راسها على صدره وتحيط عنقها بذراعه ووجهها يتالق سعادة حتى يكاد يضيء بينما هو يتاملها وهو يخالجه شعور بالذنب يشعر كأنما ذبحها بسكين قاسية لا ترحم .
ماذا دهاه ؟ لم تكن تلك المرة الاولى التى يقيم فيها علاقة مع فتاة بكر ولم يخالطه الشعور بالذنب مطلقا قبل هذه المرة ولم يحاول ان يبرر لنفسه او يبرئها معللا ما حدث انها هى من اختارت . كان يدرك جيدا ان داليا وحيدة تعانى قسوة الحياة والحرمان العاطفى وانها لا تدرك ما اقدمت عليه ولكنه ضعف امام سحرها وانوثتها التى لا تقاوم والان فان شعوره بالاثم يذبحه ذبحا وهو يحتضن قتيلته التى لم تجف دماؤها بعد 
نامت فى حضنه بعمق فانحنى يتامل وجهها الفاتن ويطبع قبلة على شفتيها حرص على الا توقظها وبقى طويلا يتاملها حتى نام وهى فى احضانه وبقيا مكانهما حتى الصباح حين استيقظ على صوت الباب فى الطابق السفلى يفتح فاسرع بالنهوض وايقاظ داليا وهو يرتدى التيشيرت 
حاتم : داليا اصحى البسى هدومك بسرعه سعديه جت وانا نسيت اتصل بيها 
داليا : سعديه ؟ سعديه مين 
اسرع بالنزول للاسفل دون ان يرد عليها ليستقبل سعدية الشغالة التى تاتى يوميا لتنظيف شقته ماعدا يوم واحد فى الاسبوع هو يوم عطلتها فاسرع اليها قائلا
حاتم : ازيك يا سعديه ... انتى ... معلش نسيت اقول لك ما نجيش النهارده اصل .... اصل بصراحه عندى ضيوف 
كانت سعديه امراة كبيرة فى السن ويبدو انها تعرف حاتم من زمن بعيد فقالت بابتسامة ساخرة 
سعدية : عندك ضيوف تانى يا استاذ حاتم ؟ ربنا يتوب عليك من الضيوف دول طيب ايه المشكله ؟ اول مره اجى الاقى عندك ضيوف ؟ 
حاتم : معلش اصل دول يعنى .... معلش بلاش النهارده 
سعديه : خلاص انا حانضف الدور ده واروق المطبخ وامشى علشان حتى المشوار ما يبقاش على الفاضى 
دخلت الى المطبخ لتجد بقايا التورته فى الثلاجة وبقايا الطعام الذى اعدته داليا فاندهشت ولكنها سارعت بغسل الاوانى والاطباق وترتيب المطبخ واصطحبت المكنسة الكهربائية عائدة الى الصالة لتجد داليا هناك فتاملتها وشعرت انها تختلف عن كل ما راتهن سابقا عند حاتم ولم يكن يعبا ان ترى ابا منهن الا هذه حاول جاهدا ان يصرفها حتى لا تراها رغم انها لا تعرفها قبلا 
كانت جميلة كالوردة تخطف القلوب حين تراها خسارة ان تسير فى هذا الطريق الشائك فلتدعو الله ان تكون تلك الوردة سببا فى هداية حاتم الذى تثق سعدية تماما ان بداخله خيرا ما زال نائما مستترا خلف المظهر العابث اللاهى وهى اكثر من يعرف ذلك لما فعله معها 
شردت تتذكر وفاة زوجها سائق المستشار فريد زهران فى الحادث الذى اودى بحياة الاثنين معا ورغم حزن حاتم وقتها ولم يكن جاوز العشرين بعد الا ان ذلك لم يمنعه من اقامة عزاء لائق لعامر سائق ابيه بعد دفنه الذى تاخر عدة ايام قضاها عامر فى العناية الفائقة قبل ان يلقى ربه بينما توفى المستشار فور الوصول للمستشفى وتذكرت كيف حاول حاتم كثيرا حملها على قبول راتب شهرى منه كمعاش لزوجها حتى تستطيع تربية ابنتها ولكن اصرارها على الرفض والبحث عن عمل جعله يعرض عليها الحضور لتنظيف شقته التى لا تجد فيها اى عناء 
افاقت من ذكرياتها على صوت داليا المرتبك 
داليا : ازيك يا ابله سعديه انا ... انا داليا جارة حاتم .... اصل اصل اصل امبارح نتيجتى طلعت ونجحت وكان حاتم هو اللى بيذاكرلى وعلشان كده صممت احتفل معاه 
ابتلعت ريقها بتوتر واضافت بمرح مصطنع 
داليا : انتى اكلتى من التورته ؟ دى بتاعة النجاح اصلى ... اصلنا سهرنا واتاخرت وخفت انزل بالليل متاخر واضطريت ابات بس انا كنت نايمه فى اوضة الضيوف 
ابتسمت سعديه كأنها تصدق كل ذلك وقالت ببساطة 
سعديه : الف مبروك يا بنتى التورته جميله بس انا سنانى ما تستحملش 
داليا : معلش حته صغيره علشان تباركيلى مش حتعمل حاجه 
سعديه : من عينيا علشان خاطرك حاكل من التورته الف مبروك قوليلى هو الاكل اللى فى التلاجه انتى اللى عاملاه ؟
داليا : اه ايه رايك حلو ؟
سعديه : شكلك طباخه وست بيت شاطره 
داليا : استنى عليا النهارده لما ادوقك المحشى بتاعى حتاكلى صوابعك وراه 
سعديه : يا بنتى الكولسترول هو انا بقيت اقدر اكل الحاجات دى ؟ 
داليا : انتى محسسانى ان عندك مية سنه ليه ؟ انتى لسه مش كبيره قوى للكلام ده واللا انتى زعلانه منى فى حاجه ؟
سعديه : ما عاش يا حبيبتى اللى يزعل منك انتى دخلتى قلبى من اول ما شوفتك 
داليا : خلاص نتغدى مع بعض النهارده 
......................
مرت عدة ايام انشغلا كثيرا فى العمل كانت داليا قد اتقنت كل شيء تقريبا حتى ان حاتم كان يقول دائما انها تفوقت عليه وانه اصبح يتعلم منها ولكن كان هناك جو من التوتر يخيم عليهما كلما اقترب موعد السفر 
بعد انتهاء العمل ركبا السيارة متجهين الى ابو قير والصمت ثالثهما طوال الطريق كان حاتم يتطلع اليها ويفتح فمه يهم بالكلام ثم يغلقه اما داليا فكانت تفرك كفيها بتوتر طوال الطريق وهناك بعد ان نزلا على رمال الشاطئ
حاتم : خلاص السفر كمان تلات ايام ؟
داليا : بالسرعه دى ؟ مش عارفه رغم اننا حجزنا مع بعض لكن مش عارفه ازاى الوقت عدى بالسرعه دى
حاتم : انا كمان مش عارف الوقت عدى ازاى كده فجاه لقيت فاضل تلات ايام 
داليا : هو ضرورى تسافر ؟ اه ضرورى ده شغل ومهم ربنا يوفقك وتكون بدايه قويه بس قصدى .... طيب انت حتغيب قد ايه 
حاتم : انتى عارفه حجز العوده كمان شهر هو شهر واحد مش اكتر ولما ارجع حاجات كتير حتتغير 
داليا : شهر بحاله تلاتين يوم اعيشهم من غيرك ازاى ؟ انا ماليش غيرك اتعودت اشوفك كل يوم 
حاتم : صدقينى انا كمان مش عارف حاعمل ايه فى الشهر ده ومش عارف حاعمل ايه بعده فيه قرار مهم بافكر فيه ولازم احسمه علشان لو نويت انفذ اول ما ارجع على طول 
داليا : قرار ايه ؟ خاص بالشغل برضه ؟
حاتم : لا بس مش عاوز اتكلم عن الموضوع ده دلوقت لما افكر واخد قرارى 
داليا : حاوصلك المطار طبعا ارجوك ما تقولش لا وعندى رجاء كمان افضل معاك التلات ايام دول 
حاتم : يا داليا مش حينفع  
داليا : مش حازعجك ولا حتحس بوجودى خالص زيى زى اى كرسى فى البيت حتى لو معاك واحده صاحبتك مش حاتكلم ان شالله تقول لها انى الخدامه بس ارجوك خلينى معاك التلات ايام دول 
سالت دموعها وهى ترجوه فزفر فى الم قائلا 
حاتم : داليا ارجوكى افهمينى انا خايف عليكى من كلام الناس 
داليا : ملعون ابو الناس انا ما يهمنيش غيرك طول ما انت راضى حتبقى الدنيا جميله ومش مهم اى حد ولا اى حاجه افهمنى انا بتاعتك ملكك من غير ما اطلب اى حاجه والايام دى حاكون بس مستنيه لو احتجت حاجه تلاقينى غير كده والله ما حتحس بوجودى ولا اضايقك ولو اتضايقت منى اطردنى 
صمت قليلا وتشابكت ايديهما واخيرا قطع الصمت قائلا بهدوء 
حاتم : يا داليا انا مش عاوز افارقك لحظه واحده لكن انا خايف عليكى من كلام الناس اى واحده غيرك مش حاشغل بالى ولا اخاف عليها هى حره هى اللى اختارت بارادتها لكن انتى غير اى حد بالنسبالى انتى مهمه جدا بالنسبالى ولما ارجع ..... لما ارجع ....
داليا : حتعمل ايه لما ترجع 
حاتم : لما ارجع حتعرفى بس دلوقت لسه القرار مش واضح 
داليا : يعنى انت مش موافق افضل معاك الايام دى ؟
حاتم : لا يا داليا بلاش علشان مصلحتك 
داليا : امرك بس حاوصلك للمطار 
حاتم : ده اكيد لازم تكونى اخر حاجه اشوفها قبل ما اسافر 
.....................
بعد الحاج وافق حاتم على مبيتها عنده الليلة الاخيرة قبل السفر ولكنها بدلا من الحضور ليلا حضرت من الصباح عند موعد وصول سعديه وصعدت الى غرفته فوجدته جالسا فى فراشه فارتمت عليه تحتضنه ونظرت الى وجهه المرهق 
داليا : شكلك ما نمتش طول الليل 
حاتم : ولا امبارح ولا اول من ساعة ما كنا فى ابو قير التفكير حيموتنى وقاعد من بدرى مستنيكى 
داليا : انا ما رضيتش اجى بدرى ظبطت ميعاد وصولى على ميعاد ابله سعديه قوللى ايه اللى شاغلك قوى كده بتفكر فى ايه ؟
حاتم : موضوع مهم بقالى مده بافكر فيه ومش قادر اخد قرار بس لازم خلال السفريه دى احسم قرارى النهائى 
داليا : موضوع خاص بالشغل ؟ لو بتفكر تنقل شغلك كله شرق اسيا انا مستعده اسافر معاك حتى سكرتيره 
حاتم : الموضوع مش خاص بالشغل الموضوع خاص بحياتى اهم موضوع فى حياتى كلها 
داليا : ممكن تقوللى عليه احاول اساعدك ؟
حاتم : الموضوع ده بالذات مش حينفع لازم اخد قرارى لوحدى بس حاقول لك اول ما ارجع اوعدك تكونى اول واحده تعرف 
داليا : طالما وعدتنى انا واثقه انك مستحيل تخلف وعدك انت اهدى وسيبها على الله وان شاء الله ترجع وانت واخد قرارك 
ادنى راسها منه وقبل جبهتها ولثم يدها فقالت 
داليا : استنانى شويه 
دخلت الى الحمام الخاص المرفق بالغرفة وعادت بعد قليل 
داليا : تعالى معايا تاخد حمام حلو كده علشان تهدى وجسمك يفك 
دخل الى الحمام وهى خلفه ومد يده يتحسس الماء فوجده دافئا 
حاتم : دى ميه دافيه احنا فى الصيف يا داليا 
داليا : الميه الدافيه تفك الجسم وتعمل استرخاء وتريح الاعصاب وانا كمان حاعمل لك ماساج وانت فى الحمام 
حاتم : ازاى ؟ انا مستحيل اخد حمام قدامك اقلع هدومى قدامك ازاى ؟
نظرت اليه بابتسامة وقالت مازحة 
داليا : ولد حتتكسف من ماما ؟ الولاد الشاطرين يقولوا لماما حاضر 
ابتسم رغما عنه قائلا 
حاتم : حاضر يا ماما 
ولكنه صمم على نزول الحمام بالشورت فجلست بجوار البانيو تدلك ضهره وكتفيه فشعر بالاسترخاء وكاد يغفو وقال بصوت ناعس 
حاتم : تصدقى عندك حق ؟ انا بانام فعلا 
داليا : ولسه لما تدخل سريرك حادلك رجليك عارف ده بقى بينشط الدوره الدمويه وتنام بعمق 
حاتم : لا لما ادخل السرير حتيجى جنبى واخدك فى حضنى علشان اقدر احس بالراحه والامان انا فعلا باحس بالراحه والامان فى حضنك 
داليا : حقيقى ؟
مد يده خلف ظهره وامسك يدها قربها اليه يقبلها قائلا 
حاتم : طبعا مش انتى ماما ؟
....................
فى السيارة الليموزين فى الطريق الى المطار قالت داليا باضطراب 
داليا : قلبى مقبوض الهم اجعله خير استر يارب 
حاتم : خير الهم اجعله خير انا حاحاول ارجع فى اقرب وقت حتى مش حاستنى ميعاد العوده نفسى ارجع فى اقرب وقت 
داليا : المهم ترجع بالسلامه 
حاتم : داليا انا عاوز اقول لك ..... قصدى اقول خلى بالك من روحك 
داليا : انت اللى تخلى بالك من روحى انا روحى مسافره معاك اللى فاضل هنا جسد بلا روح مستنيه عودة الروح لما ترجع بالسلامه 
وصلا الى المطار ودخلا تتبعهما الحقائب وانهى اجراءات السفر وقبل دخول صالة المغادرة وقف امامها وقبل يديها 
حاتم : انا .... ا .... انا 
داليا : عاوز تقول ايه ؟
حاتم : عاوز .... اه التوكيل اللى انا عملته وكل الاوراق الخاصه فى المكتب كل اللى يخص حساباتى فى البنوك واملاكى وانا اديت تعليمات لكل مديرين البنوك ان كل تصرفاتك مقبوله عندى كأنك حاتم بالظبط 
داليا : ما تشيلش هم اى حاجه تلميذتك قد المسئوليه وان شاء الله ارفع راسك بس حاول ترجع بسرعه 
توقفت عن الكلام قليلا ثم اضافت بحيرة وقلق 
داليا : مش عارفه قلبى مقبوض ليه وحاسسه ان فيه حاجه حتحصل ربنا يستر 
كان حاتم ايضا يشعر بانقباض لا يدرى سببه كان يشعر ان شرا ما سيقع وكان يتمنى لو ان شرا وقع ان يصيبه هو لا هى وهى ايضا كانت تدعو الله لو ان شرا وقع ان يصيبها هى لا هو .
سمعا النداء الاخير للرحلة فارتجفا ونظر كلاهما للاخر وبلا اى كلمة ارتمت فى احضانه وهى تبكى فشدد على احتضانها بقوة قائلا 
حاتم : ارجوكى يا داليا مش عاوز اخر حاجه اشوفها دموعك 
كفكفت دموعها وقالت وهى تحاول الابتسام 
داليا : حاضر انا اسفه ما قدرتش امسك نفسى بس ممكن قبل ما تمشى توعدنى اوى ما توصل تطمننى عليك ؟ 
حاتم : اكيد طبعا انا لازم اول ما اوصل اجيب خط واتصل بيكى مش علشان اطمنك عليا لا علشان اتطمن عليكى 
داليا : طيب ياللا ادخل علشان تلحق الطياره 
حاتم : ممكن قبل ما ادخل بوسه اخيره ؟
ادنى شفتيه من شفتيها وقبلها واحتضنها ثم باعد بينه وبينها وقبل يديها وهى تجاهد لتكتم دموعها حتى غادرها الى صالة المغادرة .




تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close