رواية ظلمات حصونه الفصل السابع 7 بقلم منة الله ايمن
-البارت السابع-
+
❈-❈-❈
+
ظلت تستمع إلى صوت الجرس الآتي من هاتفها منتظرة الرد، ليأتيها صوت والدتها التي لطالما تمنت لو كانت والدتها الحقيقية، لتعقب بلهفة:
+
- ماما.
+
ما إن أستمعت إلى صوتها حتى أعتدلت فى جلستها، والأن قد شعرت ولو بجزء بسيط من الطمأنينة لسماع صوتها، ولأول مرة ترفع يدها لتزيح دموعها منذ أن عادت من المشفي، لتجيبها بلهفة مماثلة:
+
- ديانة، أنتِ كويسة يا بنتي؟ طمنيني عليكي عمل فيكي أيه البني أدم ده؟
+
بالكاد استطاعت أن تمنع شهقاتها من الخروج وأنهمرت الدموع من عينيها، ولكنها عملت جاهدة على أن لا تُظهر شيئا، هى تعلم أن "منال" تخاف عليها كثير، كيف لها أن تُخبرها بما فعله ذلك الحقير معها؟ لتجييها متماسكة:
+
- أنا كويسه يا ماما متقلقيش عليا، المهم أنتي خلي بالك من نفسك ومن مالك وملك وأنا هبقى أجي أشوفكوا قريب.
+
ليس من الصعب أن تكتشف "منال" كذب "ديانة"، ليست نبرتها الباكية فقط، بل أيضا ضعفها وإنكسار صوتها، تلك الفتاة التى لا تُقهر تتحدث الان بكل ذلك الضعف والخوف، لتصيح "منال" بعتاب:
+
- بتكدبي عليا ولا على نفسك يا ديانة؟ عمل فيكي أيه خلاكي مكسوره كده؟
+
لم تعد تتحمل تلك الكلمات التي تقودها للإنهيار الحتمي لتجد أن الهروب هو حلها الوحيد الأن، عليها أن تغلق المكالمة قبل أن تفصح عن كل شيء ويصبح الوضع أسوأ مما تظن:
+
- يا حبيبتي مفيش حاجة أنا كويسة خالص ومحصلش حاجة، أنا بس كلمتك أطمنك عليا وهبقى ارجع أكلمك تاني، سلام دلوقتي.
+
أنهت "ديانة" مكالمتها مع والدتها وشرعت فى البكاء، أخذت شهقاتها تتعالى كثيرا لتبدو وكأنها صُراخ أليم، لتسقط أرضا مُعلنة عن إنهيار كامل قِواها ولأول مرة تستسلم لذلك الضعف بعد ما فعله بها هذا اللعين.
+
فقد أخذ يُهينها بكل الأشكال بداية بزواج إجباري منه وظل يضغط عليها بتهديده أن يقتل عائلتها أو يأذيهم، وكسر الرجل الذي كان يريد الزواج منها وتزوجها أمام عيناه، لكنه لم يكتفى بكل ذلك.
+
فقد أستغل صدمتها ورهبتها من كل ما حدث وأخذ يُهينها أكثر، أجبرها على أرتداء ذلك الثوب اللعين الذى لم تتوقع يومأ ان ترتديه أمام نفسها وليس أمام شخص غريب عنها ولم يسبق لها أن ترأته، ليجعلها تشعر بالخذى والخوف أمامه، وبآخر الأمر تركها وهو يُحقر من أنوثتها ويقلل من شأنها كإمرأة.
+
لم يكتفي بهذا القدر من الأهانة بل أجبرها على ان تدخل معه إلى ذلك المرحاض ولم يخجل منها قط، ليتجرد من كامل ملابسه أمامها ولم يراعي كونها فتها لم يسبق لها أن ترى رجلا بهذا الشكل.
+
ليطلب منها أن تُساعدة فى الإغتسال وكأنه شخص عاجز عن الحركة وإلا ليفعل بها هو هذا، ليصبح ليس أمامها حل أخر.
+
نهاية بأمره لها أن تجلس تحت قدميه لكي يرتدي ملابسه، من يظن نفسه هذا الحقير! أهو يرى نفسه أحد السلاطين وهي إحدى جواريه؟ وعندما إنفعلت وطفح كيلها من تلك الأشياء زاد تلك الاهانة البغطاء.
+
كبلها وألقى بها على الفراش جاعلًا إياها عاجزة عن الحركة، وأنتشل حزامة وأخذ يجلدها دون رحمة أو شفقة.
+
كيف تجرأ على فعل هذا بها؟ هل يراها كإحدى عاهراته التي يعرفهن ليظن نفسه بعد كل هذا يستطيع أن يُقبلها؟
+
مهلا أهو حقا كاد أن يُقبلها! ما هذا الغبي الملعون؟ كيف يراها حتى يفعل كل هذا! أم إنه شخص مجنون وليس لديه عقل ليميز به؟ عليها أن تعرف سريعا ما الذي يريده منها بالضبط حتى تستطيع الفرار منه.
+
❈-❈-❈
+
تجلس بجانبها كالعادة لتقص عليها ما حدث خلال يومها وأيضا لتُخبرها بما حدث فى منزل "جواد"، عسى أن تُزيح ما بدخلها من توتر وقلق مما يمكن أن يفعله شقيقها بتلك الفتاة، والتي عندما رأتها شعرت وكأنها لا تستطيع أن تكرهها، من الواضح جدا عليها إنها بريئة للغاية.
+
- أنتي عارفة يا عمتو النهاردة اليوم كان صعب أوي، بس اللى حصل عند جواد مفيش أصعب منه، أنا قلبي كان هيقف لما جواد ومالك مسكوا فى بعض لولا تدخل ديانة.
+
لاحظ ملامح القلق والرهبة على وجه "ماجدة"، لتشعر بالغباء الشديد لإنها لم تقص عليها الأمر من بدايته وجعلتها تخاف هكذا، لتحاول تطمئنتها مُضيفة بتوضيح:
+
- معلش يا حبيبتي أنا نسيت أقولك على اللى حصل النهاردة، هحكيلك.
+
أمتلأت أعيُن "ماجدة" بالدموع من كل ما حدث لتلك الفتاة التي لم يكُن لها أي ذنب بما حدث، فقد حُرمت من والديها وهى رضيعة وحرمت من أهلها طوال تلك السنوات والان ستُحرم من الراحة والسعادة لباقي حياتها.
+
ربطت "زينة" على كتف "ماجدة" مُحاولة تطمئنها:
+
- أنا عارفة إنها ملهاش ذنب فى كل اللى حصل، وعارفة إن جواد مش هيرحمها، بس متقلقيش إياد قالي إنه هيحاول يعقل جواد على قد ما يقدر ويخليه ميأذيهاش.
+
ضيفت ما بين حاجبيها بعد إستعاب بعد أن ذُكر أسم "إياد"، هى تعلم إنه صديق "جواد" ولكن أين رأته "زينة" لكى يُطمئنها، أدركت "زينة" ما صرحت به ملامح وجه "ماجدة" لتضيف:
+
- منا مكملتلكيش ، أنا وعدت مالك إن بعد ما يقولي كل حاجة هاخده ونروح نشوف ديانة بسيارتنا ما روحنا.
+
أكملت لها ما حدث فى منزل "جواد" والشجار الذي حدث بينه وبين "مالك" وتدخل "ديانة" وحديثها ل "مالك" وتحديها ل "جواد" لتُعقب:
+
- أنتى عارفة يا عمتو، أول مره فى حياتي أشوف بنت فى قوتها وجرأتها، كان واضح جدا إنها مش فى أحسن ظروفها وواضح إن جواد كان متخانق معاها ورغم كل ده وقت قدامه وأتحدته وأنا عمري ما شوف حد قدر يتحدى جواد لحد النهاردة.
+
أبتسمت "ماجدة" بحسرة على جرأة تلك الفتاة التى تؤكد لها إنها قد ورثت هذه الصفة من أبيها وإنها لازالت تحمل الكثير والكثير من صفات أبناء هذه العائلة العنيدة.
+
ولكنها تشعر أيضا بالخوف الشديد عليها فهذا، أبن أخيها تربى وترعرع على أيد "هناء" ولهذا لا يضعف أو يحن، هو يحمل بداخله الكثير من الكراهية والغضب تجاه تلك الفتاة وأيضا تربية "هناء" ستكون لها تأثير قوي عليه، ترى ما الذي سيفعله بتلك المسكينة؟
+
لم ينتبه أي منهما لتلك التى تقف بجانب باب الغرفة وأستمعت لكل ما دار بينهما كعادتها، هى دائما تصتنت عليهم حتى تكون على علم بكل ما يحدث فى هذا المنزل، بل بهذه العائلة بأكملها.
+
أبتسمت "هناء" بمكر على ما أستمعت إليه وعزمت على أن تستغله لإشعال النار بين "جواد" وهذه الفتاة التي ستتلذذ بما سيفعله بها "جواد" بعد ان يستمع لما ستقوله له.
+
صاح هاتف "زينة" مُعلنا عن وجود إتصال لها لتجدها صديقتها التى أتفقت معها على أن يخُرجان معا، لتوجه حديثها نحو "ماجدة" بحب:
+
- طب يا روح قلبي، أنا خارجة دلوقتي ولما أرجع نبقى نكمل كلامنا.
+
أومأت لها "ماجدة" بالموافقة وأنسرفت "زينة" سريعا من المنزل.
+
❈-❈-❈
+
صدح صوت جرس الباب بأرجاء المنزل معلنا عن مجئ أحد، توجهت "ملك" لفتح الباب لتصرخ منصعقة عندما رأته:
+
- باباا، ألحقوني هيخطفني أنا كمان زي ما خطفوا ديانة.
+
للحظة تجمد "إياد" بمكانه مما أستمع إليه ومن صراخ تلك الفتاة وكأنها طفلة صغيرة، وبلحظة أسرع فى وضع يده على فمها مُغلقا ذلك الانذار الموجود بحنجرتها:
+
- هششش أيه سرينة عربية!! أنا عايز مالك أخوكي.
+
أتسعت عينا "ملك" بصدمة بينما أبعد "إياد" يده عن فمها لتصرخ مره أخرى:
+
- عايز أيه من مالك كمان ياعصابة.
+
دفعها "إياد" من ذراعها إلى الدخل بفقدان أمل بها مردفا:
+
- لا اندهيلي حد كبير أكلمه، أنا زهقت من صداع العيال ده.
+
أعتلت وجهها ملامح الغضب والانزعاج من معاملته لها وكأنها طفلة، لتصيح بوجهه بعد أن شعرت بقليل من الأمان تجاهه:
+
- أيه أندهيلي حد كبير دى!! أنت شيفني عيله صغيرة؟
+
أغمض "إياد" عيناه بنفاذ صبر من كثرة ثرثرة تلك الفتاة، بينما أعاد نظره إليها مرة أخرى متفحصا تلك التى تُصيح وكأنها فى العاشرة من عمرها، بينما جسدها كأنثى بالغة ويصرخ بالأنوثة ليضيف:
+
- هو أنتي متعرفيش تتكلمى من غير سرسعة!! طب يا أنسة هاعملك على إنك مش عيله، أنا إياد المنزلاوي مدير إدارة شركات الدمنهوري للعقارات وصاحب جواد الدمنهوري وطبعا أنتي عارفة الباقي.
+
أمتعضت ملامحها غضبًا عند سماع أسم ذلك الحقير الذي أختطف شقيقتها، لتصيح به بغضب:
+
- أيوه أنت شعال عند المجرم اللي خطف ديانة، جي عايز مالك في أيه دلوقتي.
+
رفع حاجبه بإعتراض على حديثها مُضيفا بتصحيح:
+
- أولا مسمهاش شغال عنده أسمها شغال معاه، ثانيا مسمهاش خطفها أسمها أتجوزها، ثالثا أنا مش جي اؤذي حد، بالعكس أنا جي أطمنكم عليها ولو مجيتى ملهاش لازمة يبقى بعد أذنك.
+
التفت "إياد" وكاد أن يذهب بينما شعرت "ملك" بالحرج من طريقتها معه دون مبرر هو حتى لم يأتي لأزعاجهم بل جاء لكي يُطمئنهم، لتهتف بارتباك وعدم تركيز:
+
- إياد.
+
ماذا الذي حدث الأن! هي فقط نادته بأسمه، لما اذا شعر بتلك القشعريرة التى صارت بجسده للحظة!! اهذه أول مره يُناديه احدا بأسمه!! بالطبع لا، لما اذا شعر بذلك؟ اللعنة على جسده العاهر.
+
سريعا ما أستطاع "إياد" إعتدة السيطرة على نفسه وأستدار إليها مرة أخرى، لتتقدم هي عدة خطوات تجاهه مُحمحة بعد إدراكها بما تفوهت به مُعتذرة:
+
- قصدي أستاذ إياد، أنا أسفه على الطريقة اللي قابلتك بيها، بس أنت أكيد مقدر الظرف اللي أحنا فيه.
+
أبتسم لها بهدوء مُحاولا إشاح نظره عن تلك الكريزتان الذي تمني منذ أول مرة ألتقى بها أن يلتهمهم، ولكنه يُحاول السيطرة على نفسه، ولكن كيف لزير النساء ذاك أن يُسيطر على نفسه أمام كل هذا الجمال؟ ليُعقب:
+
- متتأسفيش أنا مقدر كويس اللي أنتوا فيه، وعشان كده كنت جى أطمنكوا، أومال فين مالك؟ لسه مرجعش ولا أيه!
+
شعرت تجاهه بالكثير من الراحة والاطمئنان مُأكدة لنفسها إنه شحص جيد أفضل من ذلك "الجواد" المغرور لتجيبه بثقة:
+
- مالك لسه فى أسكندرية، قدم طلب نقل لهناك وهيدورلنا على بيت هناك عشان نبقى جمب ديانة لحد ما نشوف الموضوع ده هيخلص على أيه، لأن ماما حالتها صعبة جدا وعايزه تبقى جمبها.
+
لم يُدرك لما شعر بهذا القدر من السعادة عندما علم بانتقالهم إلى هناك، لما يخطط عقله الأبله، ليعقب بلباقة:
+
- أسكندرية هتنور، ممكن أخد رقم تليفونك؟ يعني عشان أبقى اطمن وصلتوا أمتى وأبقى اطمنكوا على ديانة.
+
يا له من مُحتال هو لم يترك فرصة مهما كانت صغيرة إلا وأستغلها ولكن لما كل هذا؟ بينما أبتسمت الأخرى بود وقامت بإخراج هاتفها من جيب بنطالها المنزلي وقاموا بتبادل أرقام الهواتف، ليبتسم لها بإعجاب مُضيفا:
+
- أنا هستأذن أنا بقى وأول ما توصلوا أديني خبر.
+
بادلته الابتسامة بعد أن شعرت بطيف إعجاب بشخصيته وحديثه ومُعاملته معها مُعقبة:
+
- أكيد إن شاء الله.
+
التفت "إياد" ذاهبًا وظلت هي تُطالعه حتى أختفى من أمامها، لتعود إلى الداخل مرة أخرى.
+
❈-❈-❈
+
صف سيارته بالمرأب الخاص بقصر والده وهو لا يعلم كيف سيُصلح الأمر بينه وبين شقيقته بعد ما فعله فى صباح اليوم، هو حقا لم يكن يريد أن يُخيفها ولكنه كان مُشوشًا حينها، ليرى ماذا بوسعه أن يفعله حتى يُراضيها.
+
ترجل من سيارته مُتجها إلى داخل القصر ليُلاقيه هذا الصوت المُرحب به بلهفة وسعادة:
+
- جواد بيه ده أيه الخطوة العزيزة دي، نورت القصر كله
+
قابلها بجموده الذي أعتاد عليه جميع من حوله، لُعقب بثبات دون أن ينظر لها وهو لايزال يتقدم بتلك الخطوات نحو الداخل وهى تتبعه بأحترام:
+
- أهلا يا حُسنة، فين زينة.
+
أجابته بلهفة وأحترام وهى مازالت تتبعه:
+
- زينة مش هنا خرجت مع واحدة صحبتها من قيمة ساعة كدة.
+
توقف وهو يزفر براحة من عدم وجودها، فهو كان يخشى لقائها معه، لطالما كان لا يُجيد الاعتذار ومُحاولات الإرضاء فإذا كانت تدللت عليه حينها لن يستطيع السيطرة على غضبه، ليلتفت ثم أضاف بإقتضاب:
+
- طيب أبقى عرفيها إني جيت سألت عليها.
+
- جواد.
+
كاد أن يُغادر ليوقفه صوتها الجامد الخالي من أية مشاعر او إحساس، والذى لم يفشل ولو لمرة أن يُشعره بالعجز والتوهان بين مشاعره التى لم يفهمها بعد، أهو يُحبها أم يخاف منها؟
+
ليُغمض عيناه بنفاذ صبر من ذلك اليوم الذي لا يريد أن ينتهي بسلام، ليأتيه صوتها الممتلئ بالحدة والذى لا يقل شيء عن جموده:
+
- هو أنت ملكش فى البيت ده كله غير زينة ولا ايه؟
+
رمقها بنظرة خاطفة مُضيفا بهدوء مُميت:
+
- كنت مستعجل.
+
أدركت "هناء" إنه ليس فى مزاج رائق ليتحدث الأن وأن به أمرًا يُغضبه، لتستغل تلك الفرصة عازمة على أن لا تجعلها تمر مرار الكرام مردفة بهدوء مماثل له:
+
- فين الامانة؟
+
شعر بالغرابة من سؤالها الذي لم يستطع أن يفهمه، عن أي أمانة تتحدث! وماذا تعنى بكلمة "أمانة" تلك!! شعر بالتخبط من كثرة التفكير ولكنه عمل جاهدًا على أن يُحافظ على ثباته وهدوئه مُستفسرًا:
+
- أمانة أيه!
+
بالطبع لن يفهمها فهي أعتمدت على استخدام الألغاز، ولكنه ليس بساحر حتى يُخمن ما تفكر به، لتعزم على أن تترك حيائها كأنثى على جنب وتتحدث معه كأحد الرجال الذى لا يعرف للخجل معنى، لتعقب مُوضحة:
+
- فين شرف مراتك؟
+
للحظة لم يستوعب عن ماذا تتحدث تلك المرأة؟ ليعجز عن السيطرة على ملامح وجهه التي ارتسمت عليها علامات الإنفعال والمُطالبة بالتوضيح:
+
- مش فاهم!
+
صاحت به زاجرة إياه بحدة يعتاد هو عليها منها دائمًا منذ أن كان طفلًا صغيرًا:
+
- لا أنت فاهمني كويس أوى يا جواد وعارف أنا عايزه أيه، وده حقي عشان أنا اللي ربيتك بعد أمك الله يرحمها، وعشان بردو أنا وأنت ومراتك من عيلة واحدة وشرفنا واحد، وبما إن عمتك ماجدة أنت عالم بحالها وأبوك مشغول فى شغله يبقى مفيش غيري يجري ورا الشرف ويعرف مين اللي حافظ ومين اللي فرط.
+
حقا هى تتحدث معه بهذا الامر! إذًا بما إنها لم تخجل بالحديث معه فى هذا الموضوع، هو أيضا لن يخجل وسيُحدثها بطريقتها، ليُضيف مستفسرًا:
+
- أنتي عايزاني أنام معاها؟
+
ما تلك المرأة التي لا تعرف للخجل أو للحياء معنى! أهي لا تُدرك إنها تتحدث مع أحد الرجال الناضجين؟
كيف سمحت لنفسها أن تتحدث معه بهذا الأمر؟ لتُفاجئه بالمزيد من جراءتها وإنعدام حيائها موضحة:
+
- لأ وأظن مش أنا اللي هقولك تجيبه أزاى؟ فى مليون طريقة وأنت راجل وفاهم، ممكن تاخدها عند دكتورة وتتأكد هي بنت أو لا وتخلي الدكتورة تعملها فض لغشاء البكارة وتجيبه توريهولي، وممكن تعملها أنت بنفسك من غير ما تنام معاها، ولو مش هتعرف تنفذ أي حل من دول أنا اقدر أتصرف واجيلها بنفسي.
+
أشمئزت ملامحه وشعر بالغضب والشديد من حديثها، أهى تُقلل منه بحديثها هذا مثلما كانت تفعل به وهو طفل صغير؟ أهى تُغضبه مثلما تفعل دائما!! لا لن يعطي لها الفرصة على إثارة غضبه هذه المرة، ليُعقب ببرود وهو يضع يده بجيب بنطاله:
+
- أنا ميهمنيش كل اللى بتقولى عليه ده،أنا متجوزها بس عشان أذلها وأكسرها ولما أبقى أفش غليلي أبقى أموتها وأخد حق أمي، لكن غير كده ميهمنيش.
+
التفت وكاد أن يُغادر لتمنعه بجذبها إياه من ذراعيه وقد وصل غضبها حد السماء من بروده وعناده، لتصيح به:
+
- أنت لحد أمتى هتفضل مش راجل كده؟ قاعدت سنين لحد ما عرفت تجيبها ويوم ما جبتها أتجوزتها ولحد دلوقتى مشوفتش تعذيب أو ذُل أو أي حاجة من الكلام اللي بتقول عليه ده، حتى الحاجة الوحيدة اللي تهمنا منها بتقول مش فارقة معاك.
+
لاحظت أن كلماتها بدأت تؤثر به خصيصًا عندما ذكرت تربيتها له وماضيهم معا، لتصرخ مُضيفة:
+
- أيه يا جواد بنت عمك اللي بقت مراتك كانت قاعدة فى بيت ناس غريبة بقالها عشرين سنة مع أتنين رجالة أغراب عنها، والله أعلم كانوا بيعملوا معاها أيه، لا وكمان كانت حبيبه، رايحه جايه مع واحد الله أعلم العلاقة بينهم وصلت لحد فين؟ ده لو مكنتش باظت من البيت اللي اتربت فيه أصلا، وإلا مكنش الشاب اللي كانت عايشة معاه جيه هنا وقعد يزعق ويقول عايز ديانة، عايز مراتك يا جواد!
+
قالت جملتها الاخيرة بتهكم لتصل إلى ما تريد وقد نجحت بالفعل فالأن جواد يشتعل غضبا وكراهية لتلك الفتاة أكثر مما كان بداخله لها.
2
ليرمقها بأعين تشتعل غضبا ثم توجه إلى باب القصر ذاهبا وهو يقسم بداخله على أن يقتل أي شخصا يقف بطريقه.
+
❈-❈-❈
+
••
+
- بالله عليك يا محمود نأخدها معانا ونربيها مع مالك، دي شبه الملايكة الله يخليك قلبي مش مطوعني أسيبها أو نديها لحد تاني، أنا حبيتها أوى.
+
نظر لها "محمود" بقلة حيله ثم نظر إلى تلك الصغيرة التى لا حول لها ولا قوة، ليتنهد مُجيبا إياها بإستسلام:
+
- الله المستعان، ربنا يعينا ويقدرنا على تربيتها هى وأخوها.
+
ابتسمت "منال" بساعدة ثم أحتضنت تلك الفتاة الجميلة متمتمة:
+
- أوعدك يا بنتي طول منا عايشة مفيش حد هيقرب منك ابدا وعمري ما هفرق بينك وبين عيالي أبدا.
+
أغمضت "لبنى" عينيها بقهرًا بعد أن أطمأنت على أبنتها وإنها قد وقعت بين يدي تلك الاسرة الرحيمة التي سترعاها دائما وأن دعواتها قد استجابت.
+
هبطت "لبنى" سريعا من القطار ومن ثم تحرك القطار مُتجها إلى وجهته، لتودع أبنتها للمرة الأخيرة وظلت تنظر إلى ظهر القطار ودموعها تنهمر من عينيها إلى أن أختفى نهائيًا.
+
قطعت "لبنى" تذكرة لإحدى المُحافظات الاخرى حتى تستطيع خداع "هاشم" لكى لا يعلم أن أبنتها أتجهت إلى القاهرة وظلت تجلس فى القطار منتظرة أن يتحرك أو يجدها "هاشم".
+
لم ترى تلك اليد إلا عندما جذبت شعرها حتى كاد أن يتمزق من شدة جذبته لها، ليصبح وجهها مُقابلا لوجهه وأستطاعت أن ترى تلك الدموع المُتحجرة فى عيناه، ليصيح بها فى غضب:
+
- فاكرة نفسك هتهربي مني يا لبنى، تهانى واللي فى بطنها ماتوا وماجدة بقيت عايشه زي الميتة، وأنا بقى هخليكي تتمني الموت كل ثانيه وأنا بقطع فى لحمك أنتي وبنتك و...
+
توقف من تلقائه نفسه عندما لاحظ عدم وجود تلك الرضيعة معها، لُيهشم أسنانه بغضب وأخذ يشد على جذبته لشعراها مُردفا بغضب:
+
- البت فين؟
+
•••
+
أغمضت "لبنى" عينيها بألم على تلك الذكريات المريرة وهذا الظُلم الذى وقع عليها دون أن تفعل شيئا، لتتذكر أبنتها التي نجحت فى إخفائها طوال العشرون عاما ليأتى ذلك "جواد" ويجدها بل ويتزوجها أيضا.
+
أخذت تبكى وتتحصر على ما حدث لها ولأبنتها دون أية ذنب لهما، وها هما الأن يقعان ضمن ضحايا ذلك الهوس المريضي والذي تظنه تلك المرأة بأنه يُسمى حب.
+
❈-❈-❈
+
وصل إلى منزله وقد صف سيارته بالمرأب الخاص به وهو لا يزال يشعر بالغضب الشديد مما تحدثت فيه "هناء" معه، وبعد أن فكر كثيرًا بحديثها توصل إلى حل إنه سيأخذها إلى الطبيبة كما أخبرته كى يتاكد مما قالته "هناء" له.
+
هو على أى حال لن يلمسها أبدا حتى لو أصبحت أخر نساء العالم، فهى أبنة تلك المرأة التى قتلت والدته ولن يكن بينهما سوا الكراهية والأنتقام.
+
صعد السلم حتى وصل إلى باب الغرفة الموجودة بها وقبل أن يقوم بفتح الباب أستمع لبكائها وهي تتحدث وكإنها تتحدث إلى شخص ما، ليقترب أكثر إلى الباب حتى يستمع لما تقول:
+
- أنا بجد أسفة يا أدهم أنا فعلا مكنش قصدي أجرحك باللى حصل، أنا بس خوفت عليك إن يحصلك حاجه، جواد ده معندوش رحمة وشخص حقير جدا وعشان كده أنا بحررك من كل الوعود اللي أخدنها سوا وبترجاك تنسى كل اللى كان بينا، الحيوان اللي أنا عايشة معاه ده مش عارفة هو عايز مني أيه وخايفة عليك منه، أرجوك يا أدهم سامحني وأعرف إني مليش ذنب وإني عمري ما لعبت بيك وإنى هعيش عمري كله أحترم الذكريات الحلوة اللي عشناها مع بعض.
+
لم يستطع التحكم فى غضبه أكثر من ذلك ليقوم بدفع الباب بقدمه، وقبل أن تقوم بالضغط على زر الإرسال لتلك الرسالة الصوتيه التي كانت تسجلها، أستمعت إلى صوت تحطيم باب الغرفة، لتجده يتجه نحوها بسرعة جازبها من شعرها صارخًا بها بغضب:
+
- الذكريات الحلوة اللي عشتوها مع بعض هاا، والله العظيم لخليه أخر يوم فى عمرك وعمره يا بنت الكلب يا فاجرة.
+
يتبع...
+