اخر الروايات

رواية ساهر الفصل السادس 6 بقلم داليا السيد

رواية ساهر الفصل السادس 6 بقلم داليا السيد 



الفصل السادس
علاقة من لا شيء
دق باب الغرفة ولم ينتظر أي رد وهو يفتح ويدخل ليراها ممددة على الفراش وضمادة حول رأسها وضمادات حول ذراعها اليسرى وعيونها مغلقة وتحتها هالات سوداء، أغلق الباب واندفع الغضب له وهو يتذكر كلمات رجل الشرطة بالخارج الذي قال "ثلاث رجال هجموا على الفيلا بعد منتصف الليل، الخادمة شعرت بهم فصرخت وآسيا ضربت واحد منهم على رأسه فسقط فاقد للوعي، أحدهم حاول السيطرة عليها ولكنها قاومته بقوة حتى سقطا سويا من فوق السلم وهرب هو والرجل الثالث وهي أصيبت إصابات بالغة وتم القبض على الرجل المصاب ولكنه لا يتحدث بأي شيء
لو كان ظل معها بالأمس لما حدث كل ذلك أو على الأقل كان سيمكنه التعامل مع هؤلاء المجرمين بدلا منها ولم تكن لتصاب بأي أذي، تحرك حتى وقف بجوار فراشها وهو يرى وجهها الشاحب وكدمة زرقاء تحت عيونها فتألم ولا يعلم السبب، مجرد أن أحدهم أراد الضرر بها أصابه بجنون ونسى جدالهم بالأمس
"آسيا، آسيا هل تسمعيني؟"
لم تصدق أنها تسمع صوته حقا؟ كانت غاضبة من نفسها لما فعلته معه بالأمس وشعرت بالحزن لرفضها له مرة أخرى وهي لم تقصد رفضه بأي مرة، لفت وجهها له وفتحت عيونها لتراه واقفا وشعره متناثر حول وجهه، لا مكان للبدلة بل قميص مفتوح الصدر وجينز عادي وكم يكون جذاب بتلك الهيئة
انحنى عليها وقال "كيف تشعرين؟"
دمعت عيونها وقالت "متعبة، جسدي يؤلمني"
كان سعيد لأنها لم ترفض وجوده بعد ما قاله لها بالأمس بلحظة جنون، كلاهم كان غاضب وبالتأكيد تناسوا ما كان، رفع يده لوجنتها ومررها عليها بعيدا عن كدمتها وقال بألم من أجلها "نعم عرفت أنكِ سقطتِ من على السلم، يا لكِ من شجاعة"
أغمضت عيونها وابتلعت ريقها وهي تقول "لقد كاد.."
ولم تستطع وقف الدموع التي أوقفت الكلمات فأمسك يدها السليمة وهو يتألم من أجلها وهمس "ولكنه لم يستطع أليس كذلك؟ أنتِ بطلة سيدتي الجميلة"
فتحت عيونها الباكية لتراه منحني ليقترب منها مبتسما لها وهي لا تنكر سعادتها لوجوده رغم ما يحدث دائما بينهم فقالت "لا، لم يمكنه أن يفعل بي أي شيء لكنت قتلته وقتلت نفسي"
ضم يدها بين يديه وقال "هذا رائع لم الدموع إذن؟"
أخفضت عيونها وقالت "تعبت من الخوف"
لم يفهم ماذا كانت تعني ولكنه قال "سأضع حراسة على الفيلا"
رفعت عيونها له وقالت "أنت!؟"
ترك يدها بيد ورفع الأخرى لوجهها وقال "ترفضين مرة أخرى؟"
كانت تحب تلك اللمسات منه، هو فقط من سمحت له بذلك فقالت "أنا لم أرفض بأي مرة ساهر، أنت من تفهم كلماتي بمعنى الرفض، بلندن كنت أعلم من أنت ومغامراتك تتحدث عنك وأنا لست تلك المرأة كما وأن إنقاذ الشركة وقتها كان هو كل ما يسيطر على عقلي، بالأمس كان لابد أن تفهم أن لا رجال بحياتي ولكنك"
وصلت أصابعه على شفتيها ليوقفها عن الحدث وقال "واليوم؟"
قالت "اليوم أنت هنا ولم تتركني وحدي"
ابتسم وقال "أستحق مكافأة"
ولم ينتظر الرد وهو يقبلها برقة جعلتها تتخدر ولا تتحرك بل ووجدت نفسها سعيدة حتى ابتعد ولم يطيل ولكن ظل وجهه قريب منها وقال "كنت أعلم أن قبلتك ستكون جمرة من النيران المشتعلة"
ابتسمت فتراجع وقال "الرجل بالخارج قال أن والدك أراد الحضور"
قالت "نعم ولكني رفضت، الطبيب قال أني قد أخرج غدا بالصباح"
جذب مقعد بيده وجلس بجوار الفراش وقال "وكيف سنباشر مشروعنا وأنتِ بهذا الدمار؟"
ردت بغيظ مفتعل "لست كذلك، غدا سأكون بخير، هو قال أني سأمارس حياتي بعد يومين"
عقد ذراعيه أمام صدره وقال "ألا تشعرين بالتعب من أداء دور المرأة الحديدية؟"
ظلت عيونها ثابتة على عيونه وهي تذكر كلمات جورج لها "لن يمكنكِ القيام بدور القوية لنهاية العمر آسيا"
جذبها صوته فقالت "بابا بحاجة لي قوية"
قال بهدوء "يمكنك الاعتماد علي"
كادت تسأله بأي صفة ولكنها تراجعت وهي تختار كلمات أخرى "لديك ما يكفيك من مسؤوليات"
مال للأمام وقال "يمكنني التعامل، لا تشغلي بالك فقط ثقي بي"
كلاهم لا يعلم ما الذي يتحدثان عنه؟ ما العلاقة التي أصبحت علاقة من لا شيء؟ هل يمكن أن تكون حقيقة؟ صحيحة؟ كلاهم لا يجد إجابة، فقط يرغبان بوجودهم معا، حتى ولو كان بخلافات لا تنتهي فهذا لا يوقف تلك الرغبة الموجودة بينهم، تلك القبلة تؤكد أن هناك شيء بينهم وكلاهم يرغب به
أغمضت عيونها ورحلت للنوم وربما شعرت بالأمان بوجوده وأنها لم تعد بحاجة لتحمل شيء جديد على عاتقها
ظل معها طوال اليوم وهي ما بين نائمة ومستيقظة ولكن وجوده منحها الراحة ورحل هو الآخر للنوم على المقعد بجوارها بعد أن هاتف حمزة واطمأن على ريان الصغير وحلا وبالطبع القائد فقط من يعرف بمكانه
وصلا بسيارته للفيلا ولم تحتاج لمساعدته وهي تنزل من السيارة فقد كانت أفضل بكثير وهو يدخل معها وعزت يتحرك تجاههم على مقعده الكهربي والخوف واللهفة واضحين على ملامحه وهو يهتف
"ابنتي كيف حالك؟ كدت أموت خوفا عليك"
تحركت له فقبض على يدها وهي تقول "أنا بخير بابا لا تقلق"
قبل جبينها وابتعدت فالتقى بساهر وقال "لا يمكنني معرفة كيف أشكرك على ما فعلته معها ساهر"
ابتسم ساهر وقال "لم أفعل سوى الصواب سيد عزت، أعتقد أنها بحاجة للراحة سأمر بالغد"
تمنت ألا يرحل وعزت تولى الأمر وهتف "لا، ستبقى معنا للغداء، نحن بحاجة للحديث"
نظر لعيونها فمنحته نظرة رجاء للبقاء وقالت "سأبدل ملابسي وأعود لكم، اسمحوا لي"
تابعها وهي تتحرك لأعلى وقبل أن تختفي منحته نظرة تطمئن بها أنه ما زال موجود ولن يرحل، عاد لعزت الذي قال "تعالى ساهر أحتاج أن تسمعني قبل أن تنزل آسيا"
اندهش ساهر من كلمات الرجل الذي لف مقعده وتحرك للمكتب فتبعه ساهر وهو يتساءل عما يريده عزت منه
دخل عزت المكتب وقال "أغلق الباب وتعالى بني واجلس"
نفذ ساهر وتحرك ليجلس أمام عزت الذي حدق بعيون ساهر الذي قال "ماذا هناك سيد عزت؟ أشعر بالقلق"
قال الرجل "اسمع يا بني، ربما لم أراك إلا مرتين أو ثلاثة ولكن ما عرفته عنك وعن إخوتك جعلني أثق بك جيدا، لن أتحدث عن رفيق وعلاقتي به فهي توقفت منذ سنوات نسينا عددها وحتى لو عادت الآن فلن تكون كما كانت لكن أنت وإخوتك مثار للإعجاب بشهادة الجميع ويكفي ما فعلته بلندن وما فعلته بالأمس مع آسيا"
احتار ولم يفهم شيء وهو يقول "أنا لا أفهم شيء"
ارتد الرجل بمقعده وأخذ نفس عميق قبل أن يقول "هناك من يهدد حياة آسيا ولكنها لا تعرف شيء وما حدث بالأمس لم يكن صدفة"
تجمد بمكانه والصدمة جعلته يفقد النطق ولاحظ عزت ذلك فانحنى للأمام وقال "أعلم أنك قد لا تصدق ولكنها الحقيقة، ما الذي جعلني أنهي أعمالي بلندن وأعود هنا؟"
وأخيرا نطق "هل تشرح لي فأنا لا أفهم"
تنفس عزت بصعوبة للحظة محاولا تنظيم أنفاسه ثم قال "أنت كنت موجود وقت ما حدث بلندن وما فعله نيك معك ومعها وهي طردته"
هز رأسه فأكمل الرجل "نيك وميشيل أخو زوجتي السابقة شركاء بكل شيء وبالطبع آسيا طردت الاثنين مما جعلهم يشنون حربا قويا عليها، كل اقتراحاتك هي نفذتها بدقة طوال شهرين ونجحت ولكنها نست أن نيك وميشيل كانوا يبيتون بالخفاء بانتظار اللحظة المناسبة، يوم الافتتاح"
صمت الرجل ففقد ساهر صبره وهتف "ماذا فعلوا؟"
أخفض الرجل وجهه وقال بألم "لن يمكنني التحدث عن الأمر دون إذن منها، من حقها وحدها أن تخبرك لكن منذ ذلك اليوم وهي رحلت، تركتني وعادت لوالدتها وأنا لم أستحق ما فعلته لي وقتها لكن منذ عدة شهور وعندما اكتشفت خيانة كاترين لي وسمعت دون أن تشعر الحقيقة التي كنت غافل عنها وقتها طردتها وطلبت الطلاق ورحلت لأعيد ابنتي وهناك عرفت أن أحدهم نشر فيديوهات مشبوهة لكاترين سببت لها فضيحة كبيرة فضلت أن تنهي حياتها بسببها وألقت نفسها من فوق مبنى مرتفع، لم أهتم ولكن ميشيل ما زال يريد آسيا، هو لا يريد قتلها هو يريدها له وما حدث لأخته زاده رغبة أكثر من باب الانتقام مني لأني بالنسبة له سبب بما حدث لكاترين"
تراجع ساهر بالمقعد وهو يحاول التركيز قبل أن يقول "تذكرني بقصة أعرفها جيدا"
كان يتحدث عن جاسم أخيه وزوجته مايا، ردد عزت "ماذا!؟"
نهض وتحرك وهو يمرر يده بشعره وقال "لا شيء، أنت تظن أن ميشيل هو من أرسل رجاله لخطفها"
هز عزت رأسه وقال "نعم لأنه هاتفني بالأمس وأخبرني بذلك وأنه ما زال يريدها رغم هروبنا لمصر ولن يتوقف عن محاولاته والرجل الذي تم القبض عليه لا يعرف شيء ولن يمنح الشرطة أي شيء، أنا ثرت وغضبت وأخبرته.."
وصمت وهو يخفض وجهه فتحرك ساهر له وهتف به "أخبرته ماذا؟ لن تتوقف الآن؟"
لم ينظر الرجل له وهو يقول "أخبرته أنها تزوجت ولن يمكنها الزواج من رجل آخر"
تسمرت قدماه بالأرض ولم يعد يفهم شيء وصمته جعل عزت يرفع وجهه له وساهر لا يتنفس حتى فأكمل عزت "بالطبع لم يصدق ولكن كان علي إكمال الكذبة بأننا عقدنا قرانها وزفافها بنهاية الاسبوع"
تنفس بصعوبة من دقات الكلمات على رأسه ثم ابتعد وهو يقول "ولكنه لا يصدق ولن يصدق فما الحل؟"
سمع عزت يقول "الحل بيدك بني"
التفت له وهو لا يفهم شيء وشحب وجه عزت وهو يقول "لقد رأيت بعيونك وعيونها إعجاب متبادل بينكم وظننت أنك قد تساعدنا بذلك و.."
هتف ساهر وقد فهم ما يريده الرجل "أنت تمزح؟ أنا لست رجل زواج ولا أظن أن ابنتك كذلك، نحن لا نمرر خمس دقائق بلا نزاع وجدال، لا، لا يمكن"
أخفض الرجل وجهه وقال "حتى ولو كان تمثيل؟"
سخط ساهر على الرجل وقال "أنت حقا لا تهتم لابنتك، ماذا ستخبر الجميع عنها؟ أنها اليوم تزوجت وغدا لم تفعل؟ أنا لا أفهمك"
دقات على الباب فصلتهم وهي تدخل بوجهها الشاحب ولكن أفضل بعد الاغتسال واستبدال الملابس، ابتسامتها جعلتها تبدوا أجمل ولكنه لم يتحمل مواجهتها فابتعد وهي لاحظت وعزت يقول
"كيف حالك حبيبتي؟"
أبعدت نظراتها عن ساهر وقالت "بخير بابا، هل هناك شيء؟ لا تبدوان بخير"
التفت ساهر لها وقال "نعم هناك شيء آسيا"
رفع عزت وجهه له بفزع وهتف "ساهر"
تحرك ليقف بينهم وقال بغضب "من حقها أن تفهم وتتخذ قرارها"
أدارت رأسها المربوط بينهم وهي لا تفهم شيء وعزت يقول "لا يمكنني فعل ذلك بها"
انتبهت لعزت وقالت بعصبية وعدم فهم "تفعل ماذا بابا؟ من فضلك تحدث"
ولكنه لم يفعل فالتفتت لساهر وقالت بإصرار "إذن أخبرني أنت"
هتف الرجل "لا، أرجوك لا تفعل"
هتفت بغضب "ليتحدث أحد قبل أن أصاب بالجنون"
هتف هو بلا تفكير "ميشيل سبب كل ما أصابك، هو من يطاردك لأنه يريدك ووالدك أخبره أنه تم عقد قرانك وبنهاية الاسبوع الزفاف"
اتسعت عيونها مما تسمعه وهي لا تصدق ولا كلمة وعيونها تحدق بالفراغ بينما ابتعد ساهر وطأطأ عزت رأسه خجلا من ابنته التي استوعبت الكلمات وقالت "وعندما يدرك الكذبة وأن ليس هناك زفاف ولا زوج بابا؟"
لم يرد الرجل فرفعت وجهها لساهر وهي تتساءل ما دخل ساهر بالأمر؟ لم يجيبها عزت فقالت "وما علاقة ساهر بالأمر؟ لماذا أخبرته؟"
لم ينظر لها عزت وساهر لا يواجها وهي تربط الخيوط ببعضها حتى قالت "بابا أنت لم تفعل ما أفكر به!؟"
رفع وجه حزين ومتألم لها فتكونت دموع بعيونها ولكنها أرسلتها بعيدا بقوة وهي تقول "أنت لم تعرضني للبيع أليس كذلك؟"
التفت ساهر لها بينما دمعت عيون عزت وقال "لم أفعل حبيبتي أنا أردت حمايتك"
هزت رأسها بالرفض وهي تقول "حمايتي وأنت تطلب منه الزواج مني؟ هل تراني هكذا بابا؟ أنت لم تتوقف يوما عن إيلامي، كل يوم تجعلني أدرك أنك لم تردني يوما بحياتك"
تراجع عزت وهتف "لا آسيا، ليس صحيح"
هتفت بدموع وغضب "بل صحيح واليوم تعرضني للزواج وكأني لا قيمة لي أو ربما معيبة، أنا لم أفرض نفسي عليك بأي يوم، أنا فقط ظننت أنك، أنك تريد ابنتك التي لم تمنحها أي حنان بأي يوم، حرمتني من معنى الأبوة لمجرد الانتقام من ماما تركت كاترين تشوه سمعتي وصدقتها ولم تفكر يوما بأني ابنتك من لحمك ودمك، أنا لا أعرف ماذا يمكنني أن أفعل أكثر مما فعلت لتشعر بي؟ لا أعلم"
وتركتهم وتحركت للخارج وهي تنهار بلا تفكير بما قالته وتأثيره على عزت الذي تساقطت الدموع من عيونه بلا توقف بينما لحق هو بها وأوقفها بمنتصف السلم وهو يقول "هل تهدئي وتسمعيني؟"
نفضت يده والغضب هو كل ما تراه وقالت "شكرا لأنك لم تقبل بخداعي ساهر ولكن ليس هناك ما أسمعه"
لم يتركها وهو يقول بحزم "بل هناك آسيا، ذلك المجنون يريدك ولا يمكننا التغاضي عن ذلك، لذا والدك يتصرف من باب خوفه عليك"
لم يهدأ غضبها وقالت "خوفه يجعله يبيعني كالعبيد؟"
أبعد وجهه قبل أن يعود لوجهها الملطخ بالدموع وقال "لستِ كذلك أبدا آسيا، فقط عقله منحه هذا الحل بلا تفكير بعواقبه ولا يمكننا الآن محاسبته لأن لا وقت للتراجع بل لابد من إيجاد حل"
لم يكن عقلها بحالة تسمح لها بالتفكير ولكنه كان على حق ومع ذلك هي لا تريد ذلك، ليس أمامه، كرامتها تلاشت بلا عودة ولن يمكنها رفع رأسها أمامه فقالت "أنا لا يهمني أي شيء الآن ساهر، ميشيل لن ينالني بأي يوم، سأموت قبل أن يفعل ولكني لن أوافق على ما فعله هو، لن أوافق"
وانفلتت منه وهي تكمل طريقها لغرفتها وهو تمنى لو أمكنه ملاحقتها وضمها لصدره كي تبكي بين ذراعيه، مجنون هو بالتأكيد مجنون، منذ لحظة رفض فكرة الزواج منها بل من أي امرأة والآن يتحدث عن ضمها لأحضانه أي تناقض هذا الذي يلفه
صوت عزت أعاده والرجل يقول "هي عنيدة لذا لم أرغب بإخبارها بالأمر"
نزل ساهر وتوقف أمامه وقال بغضب مكتوم "وماذا كنت تريدني أن أفعل؟ أغشها وأخدعها ثم أطلب منها الزواج؟ هل هذه كانت خطتك سيد عزت؟"
أخفض الرجل رأسه وقال "أردت حمايتها، صدقني لم أجد حل آخر"
رفع خصلاته المتساقطة على جبينه بأصابعه وهو يبعد وجهه والأفكار ترفض أن تنساق له، فوضى عارمة كانت تضربه لذا لن يمكنه الوصول لأي شيء الآن فقال "كلنا الآن بحالة لا تسمح لنا بالتفكير فلنأخذ هدنة حتى نستعيد هدوئنا ونعيد التفكير، اسمح لي"
وتحرك خارجا لسيارته وما زال وجهها الملطخ بالدموع يلاحقه بلا ذهاب حتى وهو يقود السيارة لبيته فلا رغبة له بأي مكان الآن سوى أن يكون وحده
شقته المكونة من شقتين مثل حمزة كانت كلها من تصميمه وهي المكان الوحيد الذي يجد به الراحة، زجاجة وكأس ومقعد بالشرفة على النيل ومدد ساقيه وهو يتناول مشروبه وعقله لا يتوقف ومع ذلك لا يجد أي أفكار أو حلول
حبست نفسها بغرفتها وعندما استعادت ما قالته لوالدها تألمت له فهي حاولت ألا تجرحه بالماضي بأي يوم ولكنها اليوم لم تستطع، ما فعله بها جرحها بشدة لذا فقدت نفسها بسبب الألم
حاول استدعائها ليتحدث معها ولكنها رفضت وباتت الليل كله دون نوم وكثيرا ما نظرت للهاتف وانتظرت أن يهاتفها ساهر ولكنه لم يفعل ولن يفعل، هو ليس رجل زواج ولو فعل فلن تكون فتاة أجنبية كما قال، الرجل المصري يريد دائما امرأة مصرية يثق بها وبشرفها لكن ساهر لديه اعتقاد أنها كانت لرجال أخرى من قبل لذا هو لن يفكر بها كزوجة
كان لابد من اجتياز عنق الزجاجة، ميشيل لن يتوقف وسيقوم بمحاولة أخرى وأخرى لذا عليها أن تتصرف لذا منذ الصباح كانت تستعيد نفسها وارتدت ملابسها ونزلت وقبل أن تصل لغرفة عزت كان هناك دقات على باب الفيلا فتحركت المرأة لتفتح وتوقفت هي لتراه يقف أمامها
لن تنكر أن قلبها يدق بقوة لرؤيته ولكن اليوم كانت دقات أقوى، ربما دقات مختلفة أيضا، بدا متعب ولم ينم، لم يختلف عنها كثيرا بذلك، تحرك تجاهها وهي ظلت تنتظره حتى وقف أمامها وقال "هل تتزوجيني؟"
يتبع


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close