رواية ظلمات حصونه الفصل الخامس 5 بقلم منة الله ايمن
-البارت الخامس-
+
لو سمحتوا متنسوش التصويت، أضغطوا على النجمة ☆ وأعملوا متابعة عشان تشجعوني أنزل أسرع ويوصلكوا أي حاجة أنزلها، أستمتعوا بالفصل
+
❈-❈-❈
+
طرق الباب بحماس ولهفة كى يرى عروسته الصغيرة ويعتذر منها على عدم حضوره حفل خطبتها، دلف المنزل مُناديا إياها بحب وإشتياق:
+
- يا عروسة، أنتى فين يا حبيبة قلبي؟
+
لاحظ هدوء المنزل الغير مُعتاد عليه وعدم وجود أحدًا مما أثار قلقه، وبلحظة فتح باب المنزل ودلفت منه شقيقته الصغيرة التى كانت يبدوء عليها أثار البكاء وبمجرد أن رأته أمامها شرعت فى البكاء مرة أخرى دون توقف
+
اسرعت "ملك" بالركض نحوه لتدفن وجهها داخل صدره ولا تستيع أن تقف عن ذلك الإنهيار والإرتجاف، بينما شعر "مالك" بالقلق والرهبة مما فعلته شقيقته ليربط على كتفيها مُحاولا تهدئتها:
+
- مالك يا حبيبتي بتعيطي كده ليه؟ وفين بابا وماما وديانة!
+
أجابته بصعوبة من بين شهقاتها وبكائها المرير:
+
- في فى واحد جيه إمبارح وقال إنه أبن عم ديانة وهددنا بمسدسات وناس كانت معاه وضرب أدهم وأتجوز ديانة وخدها ومشى، بعدها ماما إنهارت وأغمى عليها وبابا أخدها المستشفى وأنا لسه جايه من هناك
+
توسعت أعيُن "مالك" بصدمة كبيرة، كيف حدث كل هذا خلال ليلة واحدة؟ ترى من يكون هذا الشخص الذى جاء إلى منتصف بيتهم وأختطف شقيقته من منتصف منزلهم؟ هو لا يعترف إنها لديها عائلة سواهم، مهما كان ذلك الشخص سيذهب ويأخذها منه رغما عنه
+
رمقها بكثير من الغضب الممذج بالقلق من أن يحدث ل"ديانة" شيء مُتسائلا:
+
- أسمه أيه أبن عمها ده؟
+
رفرفت بأهدابها بتوتر وهى ترتجف من أثر بكائها مٌعقبة:
+
- جواد، جواد الدمنهورى
+
❈-❈-❈
+
تحذير هام..
هذا المشهد قد يحتوي على ألفاظ ومشاهد عنيفة للبالغين فقط وقد لا تروق للبعض، إذا كنت لا تُحبذ هذا النوع من المشاهد أرجو عدم القراءة..
+
توسعت زرقاوتاه بكثير من الغضب الذى أعتلى ملامحه التى تصرخ بالجمود والحدة، ليرمقها بضيق ولم يستطع التحكم بنفسه بعد تلك اللحظة، لقد تخطت كل الحدود التى لم يتخطها أحد معه من قبل.
+
الثوران الشديد هو أقل ما يصف حالته بعد وقاحتها معه، هى بالنسبة له ليست إلا عاهرة مثل تلك العاهرات التى يستأجرهن ليفرغ معهن شهوته بأحقر الطرق المُمكنة والمؤلمة أيضا، وهي واحدة من تلك العاهرات الاتي يجب أن يتعلمن كيف تكون المُعاملة مع أسيادهم.
+
رماها بنظرة مليئة بالتوعد وقد أمتلأت مُخيلته بأفكار كثيرة لن تتركها سوا وهى تتوسل له أن يرحمها ولن يفعل، هذه الحقيرة ستُحاسب على وقاحتها معه وستتعلم كيف تتحدث إليه مرة أخرى.
+
كادت "ديانة" أن تُكمل حديثها لتمنعها صفعة قوية أسقطتها أرضا من شدتها ونتج عن أثرها تلك الدماء المُنسدلة من فمها، وتلك ليست إلا البداية بالنسبة له.
+
اقترب منها جاذبا إياها من خصلاتها البنية بقوة حتى شعرت إنه سيقتلعها من مكانها، كانت كالعصفورة بين يديه بسبب ضخامة جسده مقارنة بها وقوته البدنية أيضا، بينما كانت هي تتأكلها النيران من شدة الغضب والكراهية تجاهه.
+
كم ودت أن ترد له تلك الصفعة ولكن جذبه لخصلاتها جعلتها عاجزة لا تقوى على فعل شيء بين يديه، لتصرخ به متألمة:
+
- سيب شعري يا زبالة يا حيوان.
+
لم تكن كلماتها سوء حافز له لكي ينفذ ما خطر بباله منذ البداية، هي لا تفعل شيء سوا إنها تزيد من حجم غضبه الذى سيفتك بها الأن ويجعلها تصرخ مستنجدة بأحد ينقذها من بين يديه.
+
بينما هو فقد أصبح كحمم البركان الذى على وشك الإنفجار ولن تسلم من بين يديه إلا عندما ينتهي من تلقينها درسً قاسً يجعلها ترتعب كلما سمعت صوته أو رأته، بينما أخذ يتقدم نحوها بمكر شديد لتصيح هى بقلق:
+
- لو قربت مني خطوة كمان هقتلك يا كلب يا حقير
+
انهال عليها مُمسكا قميصه الذي أنتشله من وسك ملابسه التي كانت موجودة فوق الفراش، وذلك لكي يُحكم به يديها حتى يتمكن من تأديبها دون حركة منها لدفاع عن نفسها، أنتهى من تكبيل يدها ثم جذبها مرة أخرى من شعرها مُعقبا بأسنان ملتحمة من شدة غيظه:
+
- أنا هوريكي الحقير ده هيعمل فيكي أيه يا بنت الكلب.
+
دفعها بشدة على الفراش وصعبت عليها الحركة جدا بسبب يديها المُكبلة، بينما ازداد حقدها وكراهيتها الشديدة تجاهه.
+
لم يكن يرتدي بعد سوا تلك المنشفة الملفوفة حول خسره بينما باقي جسده كان عاري تماما، أمتدت يده لنزعها بعيدا عنه، ليصبح عاري تماما أمامها.
+
شهقت بخجل وفزع فى نفس الوقت، ولديها كامل الحق فى هذا، بسبب ذلك الوضع الذى هي فيه، نائمة فى فراشه مُكبلة الأيدي، بينما هو عارى تماما هكذا، يبدو وضع غير مريح بالمرة! لتصرخ فيه بريبة وقلق:
+
- أنت بتعمل إيه يا مجنون أنت؟
+
رمقها بنظرة حادة وثاقبة جعلتها تبتلع من شدة إرتباكها مُضيفا:
+
- أنا هوريكي الجنان اللى على أصوله دلوقتي
+
التقط سرواله الداخلي من بين كومة الهدوم التي قذفتها في وجهه منذ برهة، بينما شعرت هى بالحرج من تفكيرها وإندفاعها فيما قالته.
+
أستغلت إنشغاله بإرتداء ذلك السروال وعافرت عازمة على النهوض من هذا الفراش قبل أن ينتهي، بينما لم يسعفها الوقت وكان قد أنتهى بالفعل من إرتدائه تلك القطعة فقط.
+
اقترب منها بهدوء دون التفوه بكلمة رامقا إياها بنظرة ثاقبة لم تستطيع أن تُفسرها أو تُدرك معناها، ودفعها مرة أخرى لتستقر على الفراش، ليزداد توترها ولم تستطع التماسك أكثر من ذلك وهي تراه بهذا الشكل لتصرخ فيه بإنفعال شديد:
+
- فكني حالا وبطل شغل المجرمين بتاعك ده.
+
لاول مرة ترى تلك البسمة المبهمة على وجهه والتي لم تلامس عيناه حتى إنها لم تعي معناها، ليأتها صوته الرخيم مردفا بحدة بعد أن تلاشت البسمة من على شفتيه:
+
- هو أنتي لسه شفتي حاجة من شغل المجرمين!!
+
أخذ يدور حول الفراش ليزيد من توترها وإربكاها، ولطالما كان الضغط النفسي والشعور بالرهبة أبشع بكثير من العذاب الجسدي والشعور بالألم، أستقر أمام زرقاوتيها مباشرة ليرى نظرة التحدي لم تفارق خاصتيها
+
تلك الفتاة تبدو قوية حقا بالرغم من الارتباك والقلق الوضحان على حركة جسدها، إلا أن عنيها لم تفقد نظرة التحدي والجمود تلك، حسنا لنلعب يا صغيرتي، أضاف مبتسما باستهزاء:
+
- تعرفي، أنا كنت ناوي أقتلك أول ما ألقيكي، بس بعد ما شوفتك وشوفت نظرة التحدي والكبرياء دي فى عنيكي فكرت فى فكرة أحسن بكتير، قولت لازم أكسر غرورك وكبريائك دول وأذلك وأخليكي تنزلي تحت رجلي وتترجيني عشان أرحمك وأموتك، ولما أبقى أمِل من اللعبة دي أبقى أموتك.
+
رمته بكثير من الحقد والكراهية ولا يزال العند والكبرياء مُلازمين ملامح وجهها، لتقابله بإشمئزاز شديد قائلة:
+
- أنا مش هقولك أنت عايز تنتقم مني أو تقتلني ليه؟ ولا هخاف منك ومن تهديداتك دي، أنا هقولك جملة واحدة بس، أنت بتحلم، أنا عمرى ما هكسر نفسي لحد، ولو عايز تقتلني متضيعش وقتك وأقتلني دلوقتى، عشان أنا مش هعمل اللى أنت مستنيه ده.
+
ابتسم بمكر وشر وأصبحت نظرة عيناه حادة تجعل من يراها يشعر بالرهبة والفزع، ولكنها تماسكت وحافظت على ثباتها أمامه، ليعقب هو بتحدي:
+
- هنشوف!!
+
أثنى ركبته فوق الفراش وهو يتجه نحوها بينما يديه الأثنان يعبثان بكومة الملابس بجانبه، لتشعر بالفزع من محاولته لتقرب منها وهى لا تدرك ماذا يدور فى رأسه؟ زجرته بحدة وإنفعال:
+
- أنت بتعمل إيه يا حيوان يا زبالة أنت؟ أبعد عني بدل مع أبهدلك
+
- تبهدلي مين يا واطية يا بنت الواطية، طب وريني بقى هتبهدليني أزاى وأنا بعيد تربيتك من أول وجديد عشان أنتي ملاقتيش راجل يربيكي.
+
تفوه بتلك الكلمات وهو يسحب حزامه الجليدي من جانب بنطاله بغيظ كبير مما جعل قلبها يرتعب مما أستمعت إليه، لماذا يمسك بذلك الحزام!! ماذا ينوي أن يفعل بها!!
+
- أبعد عني بقولك.
+
قالتها بصراخ بينما قام هو بثني حزامه لكي يُزيد من شدة وقوة ضربته رامقا إياها بنظرة توعد وغضب قائلا:
+
- اللي يغلط يتحاسب وأنتي غلطتي بدل الغلطة عشرة، عشان كده هحاسبك ومش هسيبك غير وأنتي بتبوسي رجلي عشان أرحمك.
1
ارتفعت يده بهذا الحزام لأعلى ما أمكنه ثم تهاوى به فوق جسدها بقوة شديدة، لتصرخ هى بألم لم تشعر به من قبل وظنت أن لحمها قد تمزق من شدة تلك الضربة
+
لم يترك لها هُدنة حتى تأخذ نفسها ليُفاجئها بالجلدة الثانية التى أشعرتها بلهيب النيران فى ثائر جسدها، لتصرخ به مُحاولة إيقافه عما يفعل:
+
- آآآه كفاية أنت بتعمل كده ليه؟
+
لم يكترث لصرخاتها التى تكاد تصل إلى خارج المنزل ولا لسؤالها الذى لم يُجيبهاوعليه إلى الأن، ليزداد من حدة ضرباته لها، ليتهاوى عليها بالجلدة الثالثة مُضيفا:
+
- بعلمك الأدب اللي محدش علمهولك، ومش هبطل ضرب فيكي لحد ما تتأسفي وتترجيني إنى أرحمك
+
على الرغم من أن تلك الجلدات لا ترأف بها وتشعرها بكثير من الألم الذى تجربه لأول مرة فى حياتها، إلا أن ألم كبريائها وكرامتها سيؤلماها أكثر إذا أستمعت لما يقوله، لن تذعن له حتى لو ضربها بالرصاص:
+
- نجوم السما أقربلك، عمرك ما هتسمع أي حاجه من دول مني حتى لو هتموتني.
+
شعر بالكثير من الغضب ليُناولها الجلدة الرابعة بقسوة تفوق هؤلاء الذين سبقوها، ليتمزق حلقها من شدة الصراخ من تلك الضربة التى توزعت على ثائر جسدها، مما يجعل أى شخص مكانها يصرخ بطلب الرحمه والعفو، ولكنها ليست بهذا الضعف خصيصا عندما يصل الأمر إلى كبريائها، لم تكن ضعيفة يوما ولذلك لن تضعف أمام قسوة وجبروت هذا الشخص، ستُحارب فى سبيل الحفاظ على كبريائها حتى ولو كان أخر يوم فى حياتها.
+
ظلت تصرخ بألم على أثر تلك الجلدات التى تتهاوى عليها تاركة تلك العلامة الحمراء على جسدها الحليبى، بينما هو لم يعد يحتمل ذلك الغضب وأخذ يجلدها بغضب وقسوة أكبر لدرجة أن بعض الأماكن بجسدها أوشكت على الإنفجار بالدماء.
+
بينما ظلت هى تصرخ ببكاء وألم مُنهالة عليه بالشتائم ولكن دون فائدة، هى وقعت بين يديه الان ولن يتركها سوى بخروج روح أحدهما!
+
تصرخ بكل ما بها من قوة إلى أن تمزق حلقها من شدة الصراخ وأخذت تصيح به فى بصراخًا وبكاء مرير:
+
- كفاية بقى أبعد عني يا كااافر أنا بكرهك.
+
لم يكترت لتلك الكلمات أو لهذا الصراخ الذى كان يصدع بالمنزل بأكمله، بل أزداد غضبة أكثر وأزاد من شدة ضربه لها لاهثا بحدة:
+
- ولسه هخليكي تكرهيني أكتر وهوريكي يا بنت لبنى الوسخة وهفضل أبهدلك لحد ما روحك النجسة تطلع فى أيدي يا واطية.
+
لم تتبين تلك الكلمات التى تفوه بها لتو، هي لم تعد تستمع إلا لتلك الضربات المُتهاوية على جسدها وصُراخها الذي مزق حنجرتها وذلك الدوار الذي تملكها حتى قاربت على فقدان وعيها من كثرت الألم والصراخ:
+
- سبني بقى معتش قادرة أستحمل، كفاية بق...
+
ثقلت رأسها بشدة وفى لحظة سقطت هي الأخرى وانقطع صوتها مرة واحدة بعد أن فقدت وعيها من كثرة الألم وتلك الدماء التى تخرج من بعض الأمكان فى جسدها.
+
توقف رامقا إياها بأشمئزاز وأحتقار وسريعا ما ألقى بالحزام بعيدا عنه وهو يزفر ببعض من الراحة.
+
ابتعد عنها ملتقطا هاتفه المحمول ثم بدأ بالبحث عن رقم ما وأتصل به غير مكترثا لما فعله بها، وبمجرد أن أتاه الرد صاح بحدة وتصلط:
+
- هاتلي دكتور وتعالى على فيلا برج العرب دلوقتي حالا.
2
أنهى إتصاله دون الإنتظار لسماع رد "إياد" الذى صُعق من طلب "جواد"، بينما هو نظر لها بكثير من الغضب والتوعد هاتفا بعد أن ألقى الهاتف بجانبها:
+
- مش هسسيك تموتي بالسهوله دي، أنا لسه ببدأ معاكي ولسه محسستكيش بربع اللى أنا حسيت بيه بسببك أنتي وأمك.
+
❈-❈-❈
+
يجلس الجميع حول طاولة الطعام يتناولون الافطار وكلا منهم منشغلا فى ما يخصه، فهم ليسوا بالاسرة المحبة للمناقشة وتبادل الأحاديث والأقوال، كل منهم لديه عالمه الخاص به الذى يشغلة ويروق لهم أيضا حوار أنهم لا يتبادلوا الاراء، فكل منهم لديه وجهة نظره الخاصة التى تبعد كل البعد عن وجهة نظر الأخرين..
+
كانت "زينة" ممسكه بهاتفها منشغلة فى الحديث مع صديقتها عبر أحد مواقع التواصل الإجتماعى، هى لا تكترث لهذا الحديث بين والدها وزوجته التى تكون خالتها شقيقة والدتها المتوفية، بل تتجنب التعامل معها على قدر المستطاع
+
هى لا تجد بينهم لغة حوار على عكس "ماجدة" تماما، فهى عندما توجه الحديث إليها فيما يخصها تشعر بالتأثر والأهتمام للاستماع إليها، على الرغم من كونها لا تستطيع الكلام ولا الحركه، إلا إنها حنونة وذو قلب طاهر ونقى
+
أما بالنسبة لتلك المرأه المغرورة "هناء" فهى لا تتاثر بشيء، لطالما كانت قاسية كالحجارة لم يرها أحدا تبتسم سوا مرات معدودة تكاد تكون مرة كل عدة اعوام، هى جافة المشاعر،حادة الطباع وهكذا ربت "جواد" على ان يكون مثلها، حاد الطباع، قاسي القلب، جاف المشاعر، مغرور لا يحب ولا يحن ولا يكترث لمن حوله، ماذا تنتظر من طفل كبُر وترعرع على يد امرأة كهذه
+
بينما "هاشم" كان يتفقد حسابه على أحد المواقع مُتابعا أخر الأخبار فى مجال عمله وهل مازالت شركته تتصدر المركز الاول بين شركات العقارت فى الوطن العربي؟ ومن أهن المراكز الاولى عالميا فى هذا المجال أم تغير شيء!!
+
انتهى الجميع من تناول الطعام وشرعوا فى النهوض مستعدون لبدء يومهم، بينما انتبهى الجميع لصوت جرس باب القصر يصدع بقوة وكل هذه الطرفات التى كادت أن تخترق هذا الزجاج، ليفزع الجميع من تلك الهمجيه، بينما أسرعت العاملة فى الذهاب لفتح الباب
+
دلف "مالك" بكثير من الغضب والتوعد لهذا الحقير الذى أقتحم منزله ليلة أمس وأخطتف أخته، عازما على أن يُكسر عظام راسه وأخذ أخته والعودة بها إلى منزلهم، ليصيح بصوتٍ عالٍ مناديا إياه بتوعد:
+
- أنت ياللى أسمك جواد، أنزلي هنا زي الرجالة
+
صُدم الجميع من كلمات هذا الشاب الغريب الذى لم يسبق لهم أن يروا من قبل، على أية حال هذا إما هو مجنون وفقد عقلة تماما ليأتي ويقول مثل هذا الحديث ل"جواد الدمنهورى"؟ أو إنه لا يعرف جيدا من يكون هو الشخص الذى يناديه، والذى بالمناسبة هو محظوظ جدا لعدم وجوده بالمنزل والإستماع لما قاله، وإلا لما كان أستطاع أن يخرج مرة أخرى على قدميه
+
رمقة "هاشم" بحدة وإنزعاج مما تفوه به، من هذا الذى يتجرأ ويدخل إلى قصرِه بتلك الهمجية ويتحدث عن إبنه بتلك الطريقة، صاح زاجرا إياه بإنفعال شديد مستفسرا:
+
- أنت مين؟ وأزاى تدخل بيتي بالطريقة دي؟ وعايز أيه بالظبط من جواد؟
+
أجابه "مالك" بكثير من الغضب والنيران تطاير من بُنيتيه بإنفعال شديد:
+
- زى ما أبنك دخل بيتي فى غيابي وخطف أختي وضرب خطيبها وهدد أهلي بالسلاح.
+
خمن "هاشم" أن هذا الشاب قد يكون أبن تلك العائلة التى كانت تمكث عندهم أبنة أخيه، ليغمض عينيه مُحاولا إستدعاء الهدوء السيطرة على أنفاسه الغاضبة، بينما هتفت "زينة" بصدمة مما أستمعت إليه مستفسرة:
+
- جواد خطف أختك أزاى يعني! وهيخطفها ليه أصلا هو زعيم عصابة؟ وبعدين مين هى أختك دي؟!
+
كاد "مالك" أن يزجرها بها بحدة بسبب طريقتها التى تتحدث بها إليه، ليوقفه صوت "هاشم" الذى صاح بثقة وكان ما حدث شيء عادي:
+
- أولا هو مخطفهاش هو أتجوزها، ثانيا هى مش أختك هى بنت أخويا، ثالثا هى ملهاش خطيب غير جواد من وهى فى بطن أمها، رابعا أطلع برا بدل ما أخلى الامن يجى يشيلك ويرميك برا
+
أزداد غضب "مالك" مما تفوه به ذلك الرجل، وكم تمنى أن يُلكمه فى وجهه ردا على ما ثرثر به، متى تذكر إنها تكون أبنة أخيه؟ أين كانوا طوال تلك السنوات؟ أليست تلك الفتاة التى لم يريدوا أن يعترفول بها وكانوا يخططون لقتلها؟ لن يتركهم ليفعلوا بها شيء
+
بينما "زينة" قد شعرت بالصدمة مما أستمع إليه، عند من يتحدث والدها وذلك الشاب! أية أبنة عم يتحدثون عنها! هل لديها أبنة عم سوا هذه ديا..، كلا هل حقا تزوج "جواد" من هذه الفتاة الذى تدعو "ديانة"؟ كيف له أن يفعل هذا! أليست هذه أبنة المراة التى أدخلت الحزن والتعاسة إلى هذا البيت وكسرت قلوب جميع من فيه وتركت لهم جرح لن يُنسى قبل وفاتها؟
+
كيف تزوجها وهو لطالما كان يود أن يقتلها؟ هى بالطبع ترفض تلك الفكرة وتعرف أن "ديانة" ليس لها أية ذنب فيما فعلته والدتها، ولكن كيف تغير رأى "جواد" هكذا وتزوجها! أم إنه تزوجها حتى ينتقم منها ويُذيقها شتى أنواع العذاب؟ كانت شارده تفكر فيما أستمعت إليه، بينما أفاقها صوت "مالك" الصارخ بغضب فى وجه "هاشم":
+
- بقولك أيه الكلام ده ميدخلش عليا، دلوقتي بقت بنت أخوك؟ ولا عايزين تخلصوا عليها؟ أنا مش همشي من هنا إلا وأختي معايا وإلا هبلغ عنكوا وأوديكوا فى ستين داهية
+
ابتسم "هاشم" على كلماته بسخرية قائلا:
+
- وهتبلغ تقولهم أيه بقى! أنا عايز أختي اللى هى مش أختي عشان عمها وأبن عمها اللى هو جوزها خدوها مننا
+
كاد "مالك" أن يفقد أعصابه وينهال على هذا الرجل المغرور ويجذبه من رقبته إلى أن يخبره أين "ديانة"، ولكن سريعا ما تدخل رجال الأمن ممسكين به دافعين إياه لخارج المنزل بعدما أن أخضرتهم "هناء"، بينما صاح "مالك" بغضب مُهددا إياهم:
+
- أنا مش هسكت وهبلغ عنكوا وهفضحكوا قدام الدنيا كلها وهعرفة أخدها غصب عنكم
+
أسرع "هاشم" فى التوجه الى مكتبه مغلقا الباب خلفه بحدة هاربا من إبنته التى لن تجعل هذا الموضوع يمر مرور الكرام، بينما نظرت هى إلى والدها وهو يسير نحو مكتبه بعتاب حتى أختفى من أمامها، لتحول نظراتها تجاه "هناء" التى يبدو عليها الرضا الشديد مما يحدث، لترمقها بغضب ثم التقطت حقيبتها وأسرعت فى الخروج من هذا المنزل الذى لم تعد تفهم به شيء
+
❈-❈-❈
+
أنتهى الطبيب من فحصها بعانية لمعرفة إن كانت تعاني من أية نزيف داخلي أو أية مشكلة تستدعي نقلها إلى المشفى، ومن المؤكد أن هذا الطبيب الخاص ب"جواد" والذى يُحضرة كلما لُزم الامر
+
بالطبع لاحظ الطبيب علامات أصابع يده على وجهها أثر صفعات كثيرة تهاوت على وجهها، بالإضافة إلى تلك الجلدات التى من الواضح إنها نالت جزء كبير جسدها إن لم يكن جسدها بأكمله، يبدو إنها تعرضت للكثير من العنف إلى أن فقدت وعيها، يالها من مسكينة حقا
+
رمق الطبيب "جواد" ببعض من العتاب وكم تمنى لو يستطيع أن يصرخ به عما فعله بتلك المسكينة، ولكنه سريعا ما تذكر من يكون هو "جواد" وما يمكن أن يفعله به لو صدر منه ما لا يقبل به
+
عمل جاهدا على أن لا تظهر نبرة العتاب ولا الملامح المنزعجة عليه وهو يتحدث إليه مستفسرا عما حدث، حتى يكسب الوقت إذا كان هناك شيء يستدعي ذهابهم إلى المشفى، شيء كاغتصابه لها مثلا وإلا لما ليفعل بها هذا؟
+
- جواد بيه بعد إذنك ممكن أعرف أيه اللى حصل بالظبط عشان لو فيه حاجه ألحق أتصرف؟
+
رمقة "جواد" بهدوئه المعتاد عاكسا تلك الضجة الكبيرة التى تحدث بدخله، ماذا يقول له؟ أيخبره إنه أخذ يصفعها ثم كبل يديها وانهال عليها بكثير من الجلدات إلى أن فقدت وعيها وكل هذا دون مبرر؟
+
أم يخبره إنه كان ينتظر فرصة صغيرة كى يبدأ معها بلعبة الجلاد والضحية؟ بالطبع لن يقُل هذا الهراء، ليس من حق أحدا أن يتدخل بينه وبينها، هى ملكه وله كامل الحق ان يفعل بها ما يشاء، هذه الفتاة أبنة المرأة التى أفقدته والدته وطفولته وحياته بالكامل، وقد حان الان موعد الانتقام
+
زفر "جواد" بعمق مُحاولا إستعادة هدوئه وثباته مُجيبا إياه بإستهزاء:
+
- وأنت مستنيني أعرفك شغلك بيتعمل أزاى؟
+
حمحم الطبيب بحرج من إستهزاء "جواد" به وأضاف موضحا ما يود أن الإستفسار مستحضرا شجاعته، وها قد تناسى خوفه لان إذا كان ما يفكر به حدث بالفعل فتلك الفتاة تحتاج النقل إلى المشفى فى الحال:
+
- يا جواد بيه البنت اللى قدامي واضح جدا عليها أثار الضرب والعنف، وواضح إنها كانت متكتفه، وأظن كل ده بيوحى لشئ واحد بس، إن دى مُحاولة اغتصاب ولو كان ده فعلا حصل لازم تتنقل للمستشفى حالا و..
+
أسكتته لكمة شديدة من "جواد" ليسقط أرضا مرطتما بتلك الزهرية الموضوعة فوق هذه المنضدة لتسقط هى الأخرى أيضا، لينحني "جواد" ممسكا إياه من عنقه بحدة
+
كان ليلفظ أنفاسه الأخيرة بين يديه، ولكن من حسن حظه أن "إياد" كان يقف بالخارج واستمع إلى تلك الضجة وتدخل بالوقت المناسب وإلا كان قتله "جواد" بين يديه
+
فصل "إياد" بين "جواد" وهذا الطبيب مُحاولا تهدئة صديقه إلى أن نحج فى التفرقة بينهم، أيتعد الطبيب وهو يلهث مُحاولا تنظيم أنفاسه بعد ما فعله به الأخر
+
صاح "إياد" موجها حديثه نحو الطبيب مستفسرا عما حدث وما الامر الذى جعل"جواد" ينهال عليه هكذا؟
+
- ممكن أفهم أيه اللى حصل يا دكتور؟
+
مسح الطبيب على عنقه محاولا فك تشنج عضلات رقيته إثر شدة قبضته "جواد" مُحاولا تفسير الأمر له:
+
- يا إياد بيه أنا قدامي حاله واضح إنها تعرضت للضرب والعنف الشديد وإيدها الأتنين واضح عليهم إنها كانت مربوطة ده غير حالة الإغماء اللى هى فيها، وده بيثير الشكوك حول إن دى مُحاولة اغتصاب، ولو كان ده فعلا حصل لازم تتنقل المستشفى فورا لان وارد يكون حصل نزيف أو تهتك فى الرحم وده خطر جدا، هو ده كان سؤالي لجواد بيه؟
+
رمي "إياد" صديقه بنظرات من الغضب والعتاب قبل أن يوجه حديثه نحو الطبيب مُعتذرا:
+
- أنا أسف جدا يا دكتور، بس ممكن حضرتك تستنى برا دقيقة واحدة
+
تفهم الطبيب حديث "إياد" وإنه سوف يستفسر منه عما حدث؟ ليخرج الطبيب من الغرفة منتظرا بالخارج، بينما توجه "إياد" بنظرات العتاب نحو "جواد" الذى أدرك ما يدور بعقل صديقه، ليصيح به هو الأخر بغضب:
+
- أيه عايز تعرف أنت كمان إذا كنت نمت مع مراتى ولا لا؟
+
زفر "إياد" بيأس من طريقة صديقه، بينما حاول إنتقاء كلماته كى لا يغضبه أكثر:
+
- جواد أنا وأنت صحاب من زمان وعمرى ما فكرت أدخل فى أمور عيلتك والتطفل عليكم ولا عمرى هعمل كده، بس البنت دى لو حصلها حاجه هتقع فى مشكلة كبيرة خصوصا بعد اللى حصل إمبارح، ولو فعلا عملت كده لازم نعرف الدكتور عشان يلحق يتصرف!
+
رمقة "جواد" بنظرة منزعجة ولكنه أقنع نفسه بحديث "إياد"، ليزفر بملل من ظنهم فيه بإنه سوف يمارس معها شيئا، هو يشمئز منها فكيف له أيمارس معها شيء؟
+
أغمض "جواد" عينيه مردفا بهدوء مُصطنع:
+
- لا، مقربتش منها، خلاص كده!!
+
شعر "إياد" بالغضب من مراوغة صديقه معه فى الحديث ليعقب بإستفسار:
+
- أومال أيه اللى حصل يا جواد؟
+
تنهد "جواد" بملل من كثرة أسئلة "إياد" له وإنه لا يترك له مفر، ليشعر بإنزعاج من تلك الثرثرة عازما على أن يخبره ما حدث حتى يتخلص من تلك المسرحية:
+
- ضربتها يا إياد اتكلمت معايا بأسلوب وحش فضربتها، أرتحت؟
+
رمقه الاخر بنظرات شك مردفا باستفسار:
+
- طب وربط إيدها ليه وضربتها أزاى عشان يغمى عليها كده
+
إنزعج "جواد" كثيرا من ذلك الحديث ليقرر أن ينهيه مُفصحا بالأمر لصديقه، الذى لاول مرة يراه غاضبا بهذه الدرجة:
+
- بالحذام يا إياد، ضربتها بالحذام، قلت أدبها عليا بنت الكلب قطعت هدومها وربط إيدها بيها وجبت حذامي ونزلت عليها بيه لحد ما أغمى عليها، وكان نفسى أفضل أضربها لحد ما روحها تطلع فى ايدى بس لسه مش هموتها دلوقتى، لما أخلص انتقامي كامل منها وأحس إني شفيت غليلي وقتها بس هموتها وأريحها.
+
فزع "إياد" من هيئة صديقه المفزعة والتى لم يرَه بها من قبل، بالإضافة لتلك الطريقة التى ضرها بها، لولا إنه صديقه منذ الطفولة وأنه يعلم حقيقة الأمر ويلتمس له العذر، لكان صفعه بقوة وأخذ تلك المسكينة ورحل الأن، ما ذنبها فيما فعلته والدتها! لما يجعلها تدفع تمن أخطاء غيرها وهى لم تفعل شئ؟
4
لم يرِد "إياد" أن يفتح معه مجال للمناقشة الان، فعليه أن يخرج لطبيب ليخبره ما عليه فعله بالضبط.
+
❈-❈-❈
+
- لو سمحت
+
التفت إليها وهو لايزال يشعر بالكثير من الغضب عازما على أن يعرف مكان شقيقته ويخلصها من بين يدي ذلك الحقير الذى أرغمها على الزواج منه ولا يعرف ما هى نوياه تحاهها، حول عينيه نحو مصدر الصوت وبمجرد ما تقابلت عينيهما صاح فيها بحدة وتوعد:
+
- أعرفي إني مش هسكت ومش هسيبكوا فى حالكوا وهعرف أجيب اختى وأوديكوا فى ستين داهية
+
حاولت "زينة" تهدئته كى تفهم ما الذى حدث بالضبط؟ وإذا كان هناك طريقة تستطيع أن تنقذ بها شقيقها وتلك الفتاة قبل أن يفعل بها شيء ويدمر مستقبله، لتضيف بهدوء:
+
- طب ممكن تهدى وترد على أسألتي اللى هسألهالك دي وبعدها أوعدم هاخدك وأخليك تشوفها، أنا عارفة جواد ممكن يكون أخدها على فين
+
صمت قليلا كي يفكر هل عليه أن يثق بها وبحديثها! أم هي تُعطله حتى يستطيعون فعل شئ ب"ديانة" قبل أن يصل لها؟ ولكنه أستشعر صدقها عندما نظر إلى أعماق زرقاوتيها الصافيتان، زفر بقليل من الاطمئنان فعلى ما يبدو إنها فتاة بريئة ولم تكن تعرف شيئا عما حدث.
+
تنهد باستسلام لفكرة أن يثق بها ويستمع لما قالته، ليس أمامه خيار أخر ليضيف بإيقتضاب:
+
- عايزة تسألي عن أيه؟
+
هتفت ببعض من الذوق والإحترام:
+
- طب ممكن نروح نقعد فى مكان هادي عشان اللي عايزة أسالك فيه كتير أوي!!
+
شعر بالتشتت لقليل مما تطلبه منه، ماذا تريد تلك الفتاة! وهل حقا ستأخذه إلى مكان "ديانة" كي يطمئن عليها! أم إنها تكذب عليه وتخاول أن تقع به فى فخً ما، ولكنه قرر أن يثق بها وإن لم تكن جديرة بالثقة تلك! سوف يجعلها تندم أشد ندمًا.
+
أومأ لها بالموفقة وسريعا ما توجها إلى أحد المقاهي لتناول الحديث فيما بينهم، كان الكثير والكثير من الأسئلة تدور برأسها لا تعلم من أين تبدأ؟ أو حتى ماذا تفعل؟ أهى تُحاول أن تجد أجوبة لأسئلتها عن الفتاة أبنة المرأة التي قتلت والدتها!! أم إنها تُحاول حماية شقيقها من أن يفعل شيء ما يُقع به فى أحد المصائب؟
+
رمقها "مالك" بنفاذ صبر بعد أن وصلَ إلى هذا المقهى منتظرا منها أن تبدأ فى حدثها بعد أن طلب كلا منها القهوة المميزة له، ليبدأ الحديث مستفيرا:
+
- ها! أتفضلي، عايزة تسألي عن أيه؟!
+
أغمضت عينيها مُحاولة أن تتناسى إنها تُحاول أن تسأل عن أبنة المرأة التى قتلت والدتها، بل إنها تسأل عن أبنة عمها، تلك الفتاة الصغيرة الغائبة منذ أكثر من عشرون عاما، لتزفر مستفسرة:
+
- هو أنتوا لقيتهوها أزاي؟ أو أصلا تعرفوا لبنى منين وجاتلكوا أمتى!!
+
ضيق ما بين حاجبيه بإستنكار مضيفابإستفسار:
+
- لبنى مين؟
+
أجابته مُعقبة بتوضيح:
+
- لبنى مامة ديانة.
+
هز رأسه بالإنكار هاتفا:
+
- أحنا إن مامة ديانة اسمها لبنى، أحنا أصلا مشوفناش مامتها دي أبدا.
+
أخذ نفسًا عميقًا بعد أن قرر إخبارها ما تريد أن تعرفه حتى ينتهي من هذا الحديث ويذهب كي يعرف مكان "ديانة" ليضيف موضحًا:
+
- كان بابا وماما راجعين من إسكندرية على القاهرة وكانوا مسافرين فى القطر، كنت أنا وقتها عندي تمن سنين، بابا وقتها لقى مكان كويس فى القطر نقدر نقعد فيه، قبل ما نقعد لقينا شنطة كبيرة وفيها بيبي، ماما فتحتها لاقتها ديانة وكان معاها ظرف، الظرف ده كان فيه ورقتين بس، شهادة ميلادها ورسالة من ولدتها بتقول:
+
" أنا عارفة إن مكنش ينفع أعمل كده بس والله العظيم غصب عني، لازم أعمل كده عشان بنتي تعيش، أنا كنت متجوزة رجل محترم جدا ومن عيلة كبيرة، خلفت منه البنت دي وتوفى من يومين وأنا أكتشفت إني عندي مرض وحش وفى المرحلة الأخيرة وخلاص هموت، أهل جوزي كانوا مقاطعينه عشان أتجوزني ولما عرفوا إنه مات خافوا إني أطلب ورث بنتي وعرفت إنهم عايزين يقتلوها بعد ما أنا أموت، بالله عليكوا اللى يلاقي بنتي يحميها ويبعد بيها عن أهلها حتى لو هتودوها لناس مبتخلفش يربوها، شهادة الميلاد دى بس عشان تصدقوا إني بتكلم جد وإنها مش بنت حرام، أرجوكوا أحموا بنتي وابعدوها عن أسكندرية كلها. "
+
- كدابة وظالمة وزبالة
+
صاحت "زينة" بتلك الكلمات بعد أن انهمرت الدموع من عينيها وشرعت فى البكاء بهستريا كبيرة عند تذكرها لهذا الحادث الأليم الذي حول منزلهم من ذلك المنزل السعيد إلى واحد أخر ملئ بالتعاسة والألم
+
بينما صُدم "مالك" من تلك الكلمات التى صرخت بها "زينة" ومن كل هذا البكاء الذي لم يستيع تفسيره! ليُخرج بعض المحارم الورقية من جيب بناله وأعطاها لها لكي تجفف دموعها.
+
لا يعلم لماذا بكائها شعره بالحزن والإكتراث؟ لماذا تأثر بها هكذا وهو لا يعرفها أو حتى سبق له رؤيتها سوى من بضع ساعات! لماذا إذا يشعر بذلك الضيق من رؤيتها تبكى!! ليضيف مُحاولا تهدئتها:
+
- طب أهدي طيب، فهميني كدابة فى أيه؟!
+
صرخت "زينة" فى وجهه بحرقة ولاتزال دموعها تنهمر دون توقف مُعقبة بألم:
+
- عشان هي اللي قتلت ماما.
+
••
+
- ماما يا ماما.
+
دلف "جواد" إلى القصر وهو يُنادى على والدته، بينما أستوقفة صوت الشجار من الطابق العلوى ويبدو أنه صوت والدته!!
+
كاد "جواد" أن يصعد الى هذا الطابق ليعرف ماذا يجرى!! ولماذا يتشاجرون بهذه الطريقة!!
+
أوقفه صراخ والدته وهى تسقط من أعلى الدرج لتقع أمام عيُنيه أرضاً مُلقاه على بطنها فاقدة النطق أو الحركة، والدماء تسيل من بين قدميها، بينما تقف "لبنى" فى الأعلى ويبدو عليها الصدمة والفزع، لتنظر خلفها وترجع إلى الوراء بسرغة بمزيد من الفزع والذُعر.
+
صاح "جواد" بكثير من الخوف والفزع صارخا:
+
- مامااا.
+
أسرع "جواد" فى الركض نحو والدته، بينما وجد "ماجدة" تسقط هي الاخرة ولكن ليست من الدرج، بينما تهاوت من فوق درابزين السُلم من الطابق العلوى مُلقاة على رأسها، ليصرخ هذا الطفل الصغير بكثير من الفزع والهلع مُستنجدا باحد متأثر ببركة الدم الذي أقتحمت ساحة القصر.
+
- خالتو هنااء الحقيني يا خالتو.
+
صرخت "هناء" بكامل صوتها بكثير من الذُعر والهلع:
+
- أيه ده!
+
بينما لبنى وقفت مُصعقة مما حدث فى لحظة واحدة، لتُسرع فى هبوط الدرج راكضة نحو "ماجدة" التي بدت وكأنها فارقت الحياة من كثرة الدماء التي سالت من رأسها، بينما "تهانى" كانت لاتزال تتمتم ببعض الكلمات حتى غابت عن الوعي تماما.
+
صرخت "هناء" بوجه "لبنى" والدموع تنهمر من عينيها:
1
- حرام عليكى يا لبنى ليه تعملى فيهم كده؟ عشان لعب عيال صغيرين تعملى فى أختي وبنت عمي كده، منك لله يا لبنى أختي بتموت
+
أتسعت عيني "لبنى" بمزيد من الصدمة التى لاتزال تسيطر عليها وحاولت أن تتحدث مُجيبة إياها مُدافعة عن نغسها، ليقاطعها صراخ "زينة" التي دلفت القصر بصحبة والدها "هاشم" الذى صُعق من ذلك المنظر الذي يراه، زوجته وشقيقته مُلقاتان أرضا وكلا منهما تنزف الكثير من الدماء وما صدمه أكثر ما تفوهت به "هناء"، ولكنه أسرع فى الركض تجاههم صارخًا فى "هناء" أن تتصل بالاسعاف وب "شرف" على الفور.
+
أسرعت "هناء" فى التوجه نحو الهاتف وطبعت أحد الأرقام ليأتها صوته لتصرخ بألم وحرقة:
+
- الحقنا يا شرف، مراتك قتلت أختي وأختك يا شرف.
+
•••
+
أزداد بكائها ونحيبها عند تذكر ذلك الحادث المرير الذي ترك لهم الكثير من الجروح التي مذقت أرواحهم جميعا
+
بينما صُعق "مالك" من هذا الحديث الذي يستمع إليه لأول مرة وأخذ صراعًا بداخله من كثرة الأسئلة، هل حقا والدة "ديانة" فعلت كل ذلك!! حقا قتلت شقيقة زوجها وزوجة شقيق زوجها!! ولكن لماذا؟ أيُعقل تن يتسبب شجار بين النساء داخل منزل عائلي فى وقوع كارثة مثل هذه ينتج عنها مقتل أحدهم؟ كيف سيُخبر "ديانة" بهذا الامر!!
+
"ديانة"!! كيف ستعيش "ديانة" مع ذلك الشخص الذى رأى والدته تُقتل على يد والدتها!! هل تزوجها لكي ينتقم منها على ما فعلته والدتها؟ ولكن ما ذنبها؟
+
بعد الكثير من التفكير والتساؤلات فى عقل "مالك" ومُحاولاته الكثيرة فى تهدئة "زينة"، أخيرا توقفت عن البكاء ليسألها بهدوء مُقدرا حالتها وألمها:
+
- وبعدين حصل أيه؟
+
ابتلعت "زينة" بكثير من الألم ثم مررت يهدها على وجهها مٌحاوله تجفيف وجهها مُجيبة إياه:
+
- الإسعاف جت وخدت ماما وعمتوا ماجدة وبابا وخالتو هناء ولبنى راحوا معاهم بس بردو المصايب مخلصتش لحد هنا.
+
هتف مستفسرا بفضول لمعرفة المزيد عما حدث فى هذا اليوم:
+
- ليه! أيه اللي حصل تاني؟
+
أجابته متأثرة ولاتزال بعض الدموع تسقط من عينيها رغما عنها متأثرة بما ستقوله:
+
- وأحنا فى المستشفى السواق بتاع بابا جيه وبلغة بموت عمي شرف، عمل حادثة على الطريق وهو جي بسرعة وأتوفى
+
ظهرت ملامح الأسى والحزن الشديد على وجه "مالك"، بينما أكملت "زينة" بتوضيح:
+
- بابا إنهار ومستحملش الصدمة لا هو ولا خالتو هناء ولا حتى لبنى اللى أغمى عليها من الصدمة
+
مسحت دموعها للمرة المئة مُحاولة إستعادة ثباتها مُضيفة:
+
- وبعدها ماما ماتت هى واللى كان فى بطنها، وعمتو ماجدة جالها جلطة فى المخ أتسببتلها فى شلل كلي وعجزت عن الكلام ومن وقتها وهي قاعدة على كرسي متحرك لا بتتكلم ولا يتحرك.
+
أغمضت "زينة" عينيها بألم وحسرة كبيرة على ما أصاب أسرتها، بينما حاول "مالك" الأستفسار عن المزيد من التفاصيل هاتفا:
+
- طب ولبنى عملوا معاها أيه؟!
+
رمقته محاولة التماسك وإستعاد ثباتها مرة أخرى مجيبة إياه:
+
- بعد موت عمو شرف جتلها صدمة خلتها مبتقدرش تتكلم، وبعد موت ماما خدت ديانة وأختفت وبعدها بمدة قصيرة جلنا خبر وفاتها بس مكناش عارفين مكان ديانة، ومن وقتها بابا فضل يدور على ديانة، وجواد كمان لما كبر فضل يدور عليها عشان ياخدوا طارهم فى ديانة من اللي عملته لبنى.
+
تبدلت ملامح "مالك" فى لحظة من التعاطف والأسى إلى الغضب والإنزعاج مما أستمع إليه، وقبل أن يصرخ بها مُهاجما إياها صاحت هي مُعقبة بتوضيح بعد أن لاحظت ما حدث له:
+
- قبل ما تقول أي حاجة وتتعصب، أنا عارفة إنها ملهاش ذنب فى كل اللي حصل بس بابا وجواد وخالتو هناء مش شايفين كده، عشان كده أنا قاعدة معاك هنا، هي ملهاش ذنب تدفع تمن حاجة معملتهاش، وجواد كمان ملوش ذنب يقتلها ويدمر حياته عشان ينتقم من واحدة ماتت أصلا، كلهم ماتوا سواء ماما أو لبنى أو عمو شرف وربنا هو اللي هيجبلهم حقهم مش موت ديانة هو اللي هيريح ماما أو يرجعها.
+
كلمات "زينة" هدأت من إنزعاج "مالك" ولكنه مازال يشعر بالقلق على "ديانة"، ليحاول أن لا يكون وقح معها مرة أخرى مُعقبا باكتراث:
+
- طب ممكن تنفذي وعدك وتاخديني أطمن على ديانة دلوقتي.
+
أومأت له بالموافقة ثم نهض كلاهما بعد أن ترك "مالك" بعض النقود فى تلك الفتورة أمامه، وتوجه كلاهما نحو المنزل الخاض ب"جواد".
+
❈-❈-❈
+
••
+
- خير يا سي شرف؟ أيه هي الحاجة المهمة دي اللي مجمعنا كلنا علشانها!
+
هتف "هاشم" كلماته بنبرة تهكم مُوجهًا حديثه نحو شقيقة الذى وأخير تخرج من جامعته وأصبح ذراعه اليُمينى وشريكه فى كل أملاكهم، ها قد أصبح راجلًا ناضج يُعتمد عليه، ليُجيبه "شرف" بمشاكسة:
+
- يعني الحق عليا إني عايز أفرحكوا بيا! خلاص يا عم مش مفرحكوا.
+
أعتدلت "هناء" فى جلستها بسرعة بعد سماعها هذه الكلمات لتضيف بلهفة وإندفاع:
+
- لا لا يا هاشم متزعلش شرف وسيبه يفرحنا بقى، متزعلش يا شرف وكمل.
+
رمقها "شرف" بإبتسامة ود وإمتنان مُردفا:
+
- تسلميلي يا بنت عمى.
+
عاد بنظرته نحو "هاشم" مرة أخرى وشرع فى متابعة حديثه:
+
- شوف بقى يا عم هاشم أنت أخويا الكبير وأبويا وصحبي وحبيبي وكل حاجة ليا فى الدنيا، عشان كده أنا معتمد على ربنا ثم عليك أنت فى الموضوع ده وتقنع أبوك، دلوقتي أنا خلصت الجامعة بقالي سنين الحمدلله ومن وقتها وإحنا كتفنا فى كتف بعض وإسمنا بيكبر ما شاء الله، جيه الوقت بقى اللي أكمل فيه نص ديني.
+
ابتسم "هاشم" بسعادة بألغة وقد أدرك ما يريد أن يصل إليه سقيقه، وأول من خطر بباله هي "هناء" ليقابله ببعض المرح والمشاكسة:
+
- عايز تتجوز!! ودي مين دي اللي أمها داعيه عليها؟ الله يكون فى عونها والله.
+
تهلل وجه "هناء" بسعادة عارمة مما تستمع إليه، فهى ظنت أن حلم حياتها سيتحقق الأن وأن اللحظة التي كانت تنتظرها منذ سنوات طوال ستلقاها الأن، ابتسمت "هناء" مُستعدة أن تستمع له وهو يلقي بطلبه للزواج منها.
+
ليأتيهم رد "شرف" مُعقبة بمرح على حديث أخيه:
+
- يا عم هي قابلة، المهم أبوك هو اللي يقبل.
+
ابتسم له "هاشم" بقليل من التشفي على لهفة شقيقه هاتفًا باستفسار مُصطنعا عدم المعرفة:
+
- دي مين دي اللي موقعاك على بوزك كده!
+
ابتسم "شرف" مٌجيبًا أخيه بسعادة بالغة:
+
- بنت كانت زميلتي فى الجامعة، حبيتها وأنا فى سنة تالتة بس هي كانت لسه فى سنة أولى واتفقنا إنها بعد ما تخلص نروح نُطلبها من عمها عشان والدها متوفي
+
صُعق الجميع من مما تفوه به وهذا لأنهم كانوا يظنون إنه سيتقدم بطلب الزواج من "هناء"، ولكن خاب ظنهم جميعا وخصيصا "هناء" التي تتغيرت ملامح وجهها ولم تتحمل تلك الصدمة وسريعًا ما شرعت فى الركض إلى خارج المنزل، بينما لحقتها "ماجدة" كى تواسيها وتخفف عنها وتابعتهم "تهانى"
+
شعر "شرف" وكأنه تفوه بشيء خاطئ! لماذا تغيرت أوجه الجميع فجأة؟ ولماذا خرجت "هناء" هكذا! ما الذي يحدث بالضبط؟ حول نظرات نحو شفيقة مستفسرا:
+
- هو فى أيه يا هاشم؟ هو أنا قولت حاجة غلط!
+
أغمض "هاشم" عينيه بهدوء كى لا يكسر قلب شقيقه هو الأخر، ولكنه لا يعلم ماذا يفعل فى مثل تلك اللحظات، ليجيبه بهدوء لعله يستطيع جعله يُعيد التفكير فى الأمر مرة أخرى:
+
- لا يا حبيبي مقولتش حاجة غلط، بس بصراحة كلنا كنا فكرينك هتطلب إيد هناء، عشان هى بنت عمك ومتربية قدامك وكده.
+
تبدلت ملامح وجه "شرف" للإنزعاج والتفور من تلك الفكرة، ليس تقليلا من "هناء" ولكنه لم ينجذب لها من البداية ولهذا هو لم يرحب بالفكرة، ليجيبه بالرفض مُحافظًا على الحدود بينهم:
+
- هناء!! هناء أختي يا هاشم، عندي زيها زي ماجدة وتهانى، مقدرش أشوفها غير كده وعمرى ما تخيلتها أصلا ولا هتخيلها فى يوم من الأيام غير أخت وبس.
+
•••
+
فتح "هاشم" عينيه بعد أن فاق من تلك الذكرى التي عادت به خمسة وعشرون عامًا إلى الماضي، ليزفر بألم والدموع ترقرقت فى عينيه متمتما:
+
- يا ريتك كنت تخيلتها يا شرف، مكنش زمان كل ده حصل يا أبن أبويا وأمي.
+
❈-❈-❈
+
صف كلا من "زينة" و "مالك" سيارتهم بالمرأب الخاص بمنزل "جواد"، بينما توجها بالسير إلى داخل المنزل
+
دلفا معا إلى الداخل وفى تلك الأثناء كان الطبيب يهبط الدرج بصحبة "إياد" الذي تفاجأ من مجئ "زينة" وذلك الشاب الذي لم يرَه من قبل، ليوجه حديثه نحو الطبيب مُدعا إياه:
+
- طيب يا دكتور شكرا على تعبك وياريت متزعلش من جواد هو بس كانت أعصابه مشدودة شوية.
+
- ولا يهمك يا إياد بيه، أهم حاجه متنساش اللي قولتلك عليه، بعد إذنك.
+
أومأ له "إياد" بالموافقة وسريًا ما رحل الطبيب، بينما شعر كلا من "زينة" و"مالك" بالقلق من تواجد ذلك الطبيب، ليقترب منهم "إياد" بهدوء مُعقبا:
+
- أزيك يا زينة!
+
أجابته والقلق والإستفسار عما يحدث مُسيطرين على ملامحها قائلة:
+
- الحمدلله يا إياد، أومال فين جواد؟ والدكتور ده كان هنا بيعمل أيه؟!
+
كاد "إياد" أن يُجيبها ولكن قاطعه صوت "مالك" الذي صاح به فى غضب وحنق مستفسرا:
+
- أختي فين؟
+
سيطرت ملامح الدهشة وعدم الأستعاب على ملامح "إياد" وكاد أن يستفسر منه عن من تكون شقيقته تلك؟ ولكن سبقه ذلك الصوت الرجولي الذى ملأ صداه المنزل بأكمله وهو يهبط الدرج واضعًا يده بجيب بنطاله بغطرسته وبروده المعتاد مُعقبا:
+
- أختك مين دي يا روح أختك؟
+
يتبع ...
+