اخر الروايات

رواية ظلمات حصونه الفصل الثاني عشر 12 بقلم منة الله ايمن

رواية ظلمات حصونه الفصل الثاني عشر 12 بقلم منة الله ايمن 


                                        
-الفصل الثاني عشر-

+


❈-❈-❈ 

+


أرتخى جسده تحت تدفق المياه الباردة التي منحته الإنتعاش بعد تلك المعركة بينهما، وقف يُفكر فيما فعله منذ قليل وسبب فعلته تلك؟ أحقا كان يُريد فعلها وأستغل الوضع! أم كان يُفرغ بها ما يحمله منذ عشرون عاما؟ لماذا إذًا تعامل معها بهذا اللطف واللين؟ لماذا كان يُضاجعها وكأنهما يُمارسان الحب؟ 

+


لماذا لم يفتك بها ويجعلها تصرخ ألمًا وليست متعة؟ لماذا صرخ معاها وهو لم يعتاد أن يصرخ أمام هؤلاء العاهرات التي يُضاجعهم؟ لما شعر بكل تلك النشوة والاستمتاع عندما أستمع إلى صرخات المتعة خاصتها وهو لم يكترث لأستمتاع أية إمرأة من قبل؟ 

+


حرك رأسه أسفل المياه مُحاولا طرد تلك الأفكار من مُخيلته، ثم قام بغلق صنبور المياه وألتقط إحدى المناشف القطنية ولفها حول خصره وألتقط أخرى واضعًا إيها حول عنقه وشرع فى الخروج من المرحاض مُتجها نحو غرفة تبديل الملابس، ليوقفه صوت بكائها المرير. 

+


شعر بالدهشة من هذه الوضعية التي رآها بها، إنها تجلس على الفراش عارية تمامًا كما تركها، ولكنها أعتدلت فى جلستها وضامت ساقيها إلى صدرها وذراعيها ملفوفان حولهما مُحضتنة إياهما وتدفن وجهها فى ركبتيها، وصوت بكائها ونحيبها يملأن المكان. 

+


أندهش لكونها تبكي ولأول مرة يرأها منهارة هكذا، لم يسبق له أن يرآها بهذا الضعف من قبل، حتى عندما قام بأخذ عُذريتها لم يراها تبكي حينها! لماذا إذا تبكي الأن؟ 

+


بينما كانت هي تبكي قهرًا وألمًا على ما حدث بينهما، تشعر بكثير من الإهانة التي لم تتعرض لها من قبل، لم تكن تتوقع أن يأتي عليها يومًا وتطلب بل وتُلح على رجُلًا أن يمارس الجنس معها، وليس أي رجل بل ذلك الحقير الذي تتمنى قتله، والذي يفعل أية شيئًا ليُشعرها بالذلة والمهانة. 

+


إنه يريد تعذيبها والأن نجح فى تجريدها من كبريائها بجعلها تترجاه أن يفعل ذلك معها ليزداد بكائها ونحيبها، تريد أن تقتل نفسها فضلًا عن أن تتواجد معه مرة أخرى تحت سقف واحد، رفعت راسها مُحاولة التوقف عن البكاء وتنظيم أنفاسها، للتفاجئ به يقف أمامها، لتسحب الأغطية عليها بسرعة مُحاولة إخفاء جسدها عنه رامقة إياه بنظرات الكراهية. 

+


أدرك هو سبب بكائها عندما رأى فعلتها تلك ليُخمن أن هذا هو سبب بكائها، إنها تشعر بالإهانة والذل بسبب ما حدث بينهم، ليشعر بطيف من الإنتصار والفخر على ما فعله بها، وعزم على أن يُزيد من إشعارها بالإهانة ليزداد شعوره باللذة والمتعة من ضعفها أمامه، ولأول مرة يشعر بهذا الكم من القوة وهو يرى ضعف إمرأة أمامه، ليهتف بإبتسامة مُستهزئة: 

+


- كلهم فى البداية بيعملوا زيك كده، بس لما بيجربوا ويعجبهم هما اللي بيجوا لحد عندي ويترجوني عشان أنام معاهم تاني. 

+



                
شعرت بكثير من الغضب والكراهية تجاهه لتشبيهها بالعاهرات الذين يمارس معاهم تلك القذارة، ولم تستطيع السيطرة على غضبها أكثر من ذلك، لتنهض دون إرادة منها أو وعي وسريعًا ما توجهة إليه لاكمة إياه فى صدره صارخة فى وجهه بضيقًا وغل: 

+


- أنت فاكر نفسك أيه!! أنت حيوان، ومعندكش دم، ومش بتحس، وإبن... 

+


كانت تتفوه بكل كلمة وهي تلكمه فى صدره، ليقاطعها قابضا على رسغها بعد شعوره بالغضب لكونها تدفعه بتلك الطريقة، بل وتتطاول عليه بالحديث، ليسحق أسنانه غضبًا مُعقبًا: 

+


- عارفة لو فكرتي ترفعي صوتك أو إيدك عليا مرة تانية أنا هعمل فيكي أيه؟ 

+


رمقتة بغضب وتحدي والدموع مُتحجرة فى عيناها، إنها لم تتعرض لتلك الإهانة من قبل، لم يعُد يُهمها شيئًا، فهي تظن أنها رأت أسوء ما لديه، ولكنها لا تعلم إنها لم ترى شيئا بعد، لتصرخ فيه بحنق: 

+


- هتعمل أيه يعني؟ هتقتلني! ياريت عشان أخلص منك ومن قرفك ده. 

+


أزداد من شدة قبضته على يدها بغضب لكونها تتحداه مُضيفًا بسخرية: 

+


- لااا، أقتلك ده أيه!! أنا مش هقتلك بالساهل كده، أنا هخليكي تتمني الموت فى كل لحظة وأنا ببهدلك وبطلع عين أهلك، ولما أبقى أزهق منك وأحس إني فشيت غليلي هبقى أموتك وأريحك. 

+


دفعت يده بعيدًا عنها وأعتلت وجهها ملامح الإشمئزاز مُضيفة بإحتقار: 

+


- أنت أحقر إنسان شوفته فى حياتي. 

+


كادت أن تبتعد عنه، ليجذبها مرة أخرى وجعلها تلتف رغما عنها،ليصبح ظهرها مُقابلًا لصدره ووجهها مُقابلًا للفراش، ثم عقد ذراعيها أمامه خلف ظهرها وسريعا ما قام بالضغط على ظهرها راغمًا إياها على الإنحناء أمامه، ليصبح منتصفها السُفلي من الخلف مُقابلًا لرجولته هاتفًا بتوعد: 

+


- كلمة كمان وهوريكي أنا حقير قد أيه وهخليكي تشوفي جزء بسيط جدًا من حقارتي. 

+


أمتدت يده للقبض على مؤخرتها مما جعلها تنتفض بين يديه فزعًا وذعرًا، ليبتسم بإنتصار مُضيفًا: 

+


- بس المرة دي مش هتبقى زي من شوية لا، دي هتبقى مختلفة عنها تمامًا فى المكان.. 

+


رفع يده وتهاوى بصفعة قوية على مؤخرتها مما جعلها تصرخ ألمًا مُكملًا بمكر: 

+


- وفى الإحساس كمان وهتندمي ندم عمرك، لأن اللي هعمله فيكي مظنش إن حد عملوا معاكي قبل كده، وأنتي وشوقك بقى. 

+


أبتلعت "ديانة" ريقها بخوف وذعر بعد أن أستنبطة ما يعنيه وإنه يُهددها بممارسة تلك العلاقة المُحرمة حتى بين الأزواج والمؤلمة جدًا أيضا، بينما لاحظ هو فزعها وذعرها، ليعزم على أن يمرح معها قليلًا ويستمتع بأن يُشعرها بمزيدًا من القلق والتوتر. 

+



        
          

                
أمتدت يده لتلك المنشفة التي تُحاوط خصره وسريعًا ما قام بنزعها، ممَ جعلها تشعر بالفزع الشديد وأخذت ضربات قلبها فى التزايد، ليأتها صوته الرجولي مُستفسرًا: 

+


- لسه عايزة تقولي حاجة؟ 

+


أستطاعت الإفلات من قبضته حول خصرها وسريعًا ما فرت من أمامه برعب وهلع مُتجهة نحو المرحاض وأوصدت الباب خلفها بلهفة، بينما لم يستطيع "جواد" السيطرة على ضحكته المُستمتعة ممَ حدث، وتلك أول مرة له منذ فترة طويلة أن يضحك بمصداقية هكذا، ليتجه هو الأخر نحو غرفة تبديل الملابس عازمًا على الذهاب إلى الشركة. 

+


❈-❈-❈ 

+


أنتهى من تناول الإفطار بعد أن بدل ملابسه مُستعدا للذهاب إلى الشركة، دلف سيارته مُحددًا وجهته، ليوقفه صوت رنين الهاتف مُعلنًا عن إتصالًا، ليلتقط الهاتف ورد عليه بعد أن علم هوية المتصل، ليأتيه صوت أنثوي يصرخ بأستغاثة: 

+


- ألحقنا يا هاشم بيه. 

+


فزع من صراخها مُدركًا أن هناك مشكلة كبيرة قد حدثت، ليصيح مُستفسرًا: 

+


- فى أيه يا هند؟ 

+


لاحظ أنها قد أبتلعت بقلق مما يتضح له أنها خائفة من ردة فعله، ولكنها بالطبع ليس أمامها حلًا أخر، يجب أن تُخبره بكل ما يحدث امتثالا لأوامره، لتجيبه بتوتر: 

+


- الست هانم كنت بقطعلها فاكهة ودخلت المطبخ أطفي على الأكل، رجعت لقتها ماسكة السكينة وحطاها على رقبتها ومحدش عارف يسيطر عليها. 

+


- لو جرالها حاجة هدفنكوا صاحين أنتي فاهمة؟ أنا جاي حالًا. 

+


صرخ بها وأعتلت وجهه ملامح الصدمة والهلع، وسريعا ما ألقى الهاتف جانبه وقاد إلى ذلك المكان الذي يُخفيها فيه عن أعين الناس بعد أن شاع إنها قد توفيت من عشرين عاما. 

+


بعد قليل من الوقت وصل إلى هذا المكان وسريعًا ما سحب مكابح السيارة بشدة، لدرجة أن السيارة قد صاحت من هول صدمة الإحتكاك، ترجل منها على عجل وركض مُتجها إلى داخل المنزل. 

+


وقف مصدومًا ممَ يراه، "لبنى" تقف وتحمل ذلك السكين واضعة حرفه الحاد على رقبتها مُحاولة استجماع شجاعتها لنحر عُنقها ودموعها تنساب بكثرة، لن تنجح فى إثبات براءتها أمام "هاشم"، ولكن إذا كان موتها سوف يُنقذ حياة إبنتها؟ ستفعله. 

+


ليأتها صوته المُحذر بغضب ممزوج بالرعب صارخا بها كي يوقفها: 

+


- لبنى. 

+


أرتجف جسدها عند سماع صوته، لتُحاول أن تفعلها قبل أن تضعف مرة أخرى، عساها أن تُرحم من ذلك العذاب التي هى أسيرته منذ أكثر من عشرين عامًا، ليتجه إليها "هاشم" بسرعة وقبل أن تنجح في ما كانت تنويه التقط منها السكين وسريعًا ما ألقاه أرضًا وسيطر على يديها فى قبضة يده صائحًا بمن حوله بغصب: 

+



        
          

                
- أطلعوا كلكوا برا. 

+


سريعا ما نفذ الجميع أمره وخرحوا من الغرفة، ليُحول "هاشم" نظره نحو "لبنى" التي تقف أمامه وهي تبكي بإنهيار بين يديه، ليأخذ نفسًا عميقًا براحة وأطمئنان لكونها لم يحدث لها شيئًا، ولكن لماذا يشعر بالراحة من كونها ما زالت بخير ومن المفترض إنه أول شخص يريد قتلها وتعذيبها! 

+


هل يشعر بالشفقة تجاهها ويريد أن يرحمها؟ كلا، أتاه صوتًا بداخله يُزجره بالنهي، بالطبع لا يريد رحمها ولكنه يريد أولًا أن يرى عذابها وحسرتها على أبنتها عندما يقتلها أمام عينيها كما فعلت به عندما قتلت زوجته وأبنته التي كانت في رحمها، أو هذا ما يُحاول إقناع نفسه به. 

+


شعر بالضعف الشديد عندما تذكر ما حدث لزوجته وجنينه فى هذا اليوم، امتلأت عيناه بالدموع وهو يوجه حديثه نحوها مُعقبًا بانهيار: 

+


- ليه عملتي فينا كلنا كده؟ ليه دمرتي عيلة بحالها؟ قتلتى مراتي واللي فى بطنها ودمرتيني ودمرتى بيتي، ودمرتي أختي وأتسببتي فى موت أخويا، خلتيني أعمل حاجات أندم عليها لحد دلوقتي، خلتيني أخطف واحده ست وأحبسها وأنا اللي عمري ما أستقويت على حد ضعيف، خلتيني بدور على بنت أخويا الوحيدة وأبقى عايز أقتلها لأنها بنتك أنتي، رغم إن جواد جابها إلا إني مش قادر أروح أشوفها، مش عارف ممكن أعمل أيه لو شوفتها، فى الأول وفى الأخر هي بنت أخويا. 

+


كان يتحدث بصدق هذه المرة غير مُدركًا لما يقوله، عندما يسقط المرء فى هاوية الإنهيار لا يُدرك ما يقول، ولكن المؤكد إنه يقول ما بداخل قلبه بصدق، لتشعر هي بالقليل من الراحة ولأول مرة تتأكد أن قلب "هاشم" لا يزال نقيًا ولم تنجح "هناء" فى تدنيسه بعد. 

+


بينما تذكر هو علاقته مع "هناء" وما يُعانيه معها تحت مُسمي الزواج، ليستمر فى إنهياره أمامها وكأنه يتحدث إلى نفسه: 

+


- وأكتر حاجة ندمان عليها لحد دلوقتي، هي جوازي من هناء، اللي هي أخت مراتي، واللي أنا عارف إنها كانت بتحب أخويا ومع ذلك وافقتها فى طلبها، وأديتها وعد إني مش هقربلها طول العمر. 

+


إندهشت ملامحها لما أستمعت إليه، فقد سبق لها وأن علمت أن "هناء" كانت تُحب "شرف"، ولكن هذه أول مرة تعرف فيها أن "هاشم" كان على علم بذلك الشيء، وهذا يُفسر سبب قبول "هاشم" لطلبها هذا، بينما استعاد هو سيطرته على انهياره، ليقبض على ذراعيها بغضب وكراهية والدموع تتساقط من عينيه مُضيفًا: 

+


- شوفتي بقى عملتي فينا أيه؟ عشان كده أنا مش هسيبك تموتي بالساهل كده، لازم أعذبك زي ما أنا اتعذبت، لازم أحرق قلبك زي ما حرقتي قلبي، لازم أكويكي بناري اللي أنا مكوي بيها بقالي عشرين سنة، اشتياق وحرمان وضعف وعذاب، لازم تدفعي التمن يا لبنى. 

+


هزت رأسها بنفي تُحاول للمرة المليون أن تجعله يفهم إنها لم تفعل شيئا، ولكن لا فائدة من ذلك، بينما "هاشم" لم يعد يستطيع السيطرة على نفسه أكثر من ذلك فتلك الرغبة والحرمان بداخله لا يرأفان به أبدا، بالإضافة إلى تلك الشفتان المرتجفتان أمامه الذي يود أن ينتقم منهما. 

+



        
          

                
لينقض عليها مُلتهما شفتيها بمنتهى الغضب والقسوة غير مُكترث لتلك التى أنصعقت من صدمتها مما فعله وتُحاول دفعه بعيدا عنها ولكن دون فائدة، هو كالجدار لا يتحرك ابدا. 

+


ظل ينتقم من شفتيها حتى غرق في سحريهما، بينما "لبنى" لم تعد تستطيع إبعاده خصيصًا بعد شعورها بالإختناق وإحتياجها للهواء، وبعد لحظات ليست بقليلة أخيرًا أبتعد عنها بعد صياح هاتفه مُعلنا عن وجود إتصالًا من "جواد". 

+


شهقت "لبنى" مُحاولة تنظيم أنفاسها بعد شعورها بالإختناق التام وظنت أنه يُحاول قتلها، بينما هو شعر بالصدمة والغضب من نفسه مما فعله، كيف لم يستطع أن يسيطر على حاله؟ ماذا فعلت تلك اللعينة حتى أجبرته على تقبيلها؟ كيف لم تمنعه عن فعل ذلك! 

+


رمقها بكثير من الغضب والإشمئزاز مُلقيا عليها وحدها خطأ ما حدث الأن، مُحاولا إقناع نفسه إنها كانت تستطيع أن تمنعه ولكنها لم تفعل، صفعة قوية تهاوت من يده على وجهها مُعقبًا بإحتقار: 

+


- كنت عارف إنك وسخة ونجسة. 

+


سريعا ما رحل هاربًا مما فعله تاركًا إياها خلفه غارقة فى بُحور ما يحدث ودموعها لا تتوقف عن الإنسياب مُلقية الذنب على نفسها، على الرغم من أنها حقا لم تقدر على إبعاده عنها. 

+


❈-❈-❈ 

+


ألقى هاتفه على المكتبه بإنزعاج ونفاذ صبر ليأتيه صوت "إياد" الجالس أمامه مُستفسرًا: 

+


- أيه مبيردش بردو؟ 

+


أغمض عيناه مُجيبًا بإقتضاب: 

+


- لا. 

+


لاحظ "إياد" إنزعاجه ليُحاول تهدئته وإشغاله بأمر آخر، وأيضا ليُخبره بما يجب أن يحدث الفترة القادمة: 

+


- زمانه جي يمكن عنده مشوار ولا حاجة، المهم فرع الشركة بتاعتنا فى لوس أنجلس، المفروض هنمضي صفقة كبيرة مع شركة عقارت كبيرة هناك ومحتاجين حد يسافر كمان أسبوع ضرورى، وهاشم بيه أنت عارفه بقاله حوالي سنة مش بيسافر لإكمال صفقات، يعني مفيش قدمنا غير معاليك اللي لازم تسافر. 

+


قال جملته الأخيرة بإستهزاء ظنًا منه أن "جواد" ليس لديه مزاج للسفر، بالطبع لن يقبل تلك السفرية الأن وعملهم سيتعطل بسبب مزاجيته اللعينة، ليفأجئه "جواد" مٌجيبًا برسمية: 

+


- تمام، أحجزلي فى طيارة الأسبوع الجاي. 

+


أندهش "إياد" مما أستمع إليه ليهتف مستفسرًا: 

+


- أنت بتتكلم جد! السفرية دى مش يومين أو أسبوع، دي ممكن تعدي الشهر. 

+


أمتعضت ملامحه بقليل من الإنزعاج مُعقبًا بحزم: 

+


- هو أنا عيل صغير معاك مش هبقى فاهم اللي بقوله ولا ايه يا إياد؟ 

+


لاحظ "إياد" إنزعاج صديقه وأدرك إن هناك شيء ما يُعكر صفو مزاجه، ليُفضل إنهاء الحديث قبل أن يزداد الامر سوء ويتشاجران: 

+



        
          

                
- لا يا عم أنت حر، براحتك. 

+


خرج "إياد" من المكتب تاركًا إياه خلفه يفكر فيما حدث بينه وبين "ديانة" صباح اليوم، ليشعر بكثير من الغضب لكونه يفكر بها دائما، إنها تُشبه اللعنة التى تُصيب الإنسان، ما زال لا يستطيع تفسير ما حدث بينهم، اهو حقا كان يريد أن يقوم بممارسة علاقة معها! أم إنه فعل هذا لكي يشعر بالإنتصار على "هناء" بكونه أهان الفتاة التى أستطاعت إهانتها؟ 

+


أم إنه كان يحاول أن يُقنع نفسه إنه يستطيع أن يعصي أولمرها ويفعل ما يريده؟ شعر بالتشتت من تلك التناقضات بداخله، ليلتقط هاتفه وسريعًا ما شرع فى الخروج من الشركة بأكملها. 

+


❈-❈-❈ 

+


بعد مرور أكثر من أسبوعين.. 

+


جالسة بغرفتها وشعور القلق لم يُفارقها منذ يومان، وذلك بعد أن لاحظت إطالة فترة غيابه عن المنزل، لا تُنكر إنها تشعر بالراحة من عدم وجوده، ولكن الأمر أصبح مُريباً بالنسبة لها، يكفي إنها تعيش بهذا المنزل بمفردها. 

+


نعم فى نهاية كل أسبوع تأتي لها تلك الفتاتين الذين سبق وأن أتوا إليها بالملابس من قبل، ولكن هذه المرة يُحضرون لها جميع الأغراض التي يمكن أن تحتاجها من طعام وشراب، ولكن هذا لا يعني أن تتقبل حبستها بهذا المنزل، لقد حاولت الخروج منذ عدة أيام ولكن هؤلاء الأوغاد على البوابة لم يسمحوا لها. 

+


اللعنة على هذا الغبي الذي يظن نفسه المُتحكم الأول والأخير فيها، حتى إنها لا تعلم أين هي؟ ولا يُمكنها أن تورط "مالك" فى هذا الأمر، يكفي إنها تتحدث إليه وتطمئنه على نفسها من وقت لأخر هو وجميع أسرتها، لن تورط أحد بينها وبين ذلك الحقير، إنها تتذكر جيدًا ما حدث بعد ذلك اليوم. 

+


•• 

+


تجلس بغرفتها تُفكر فيما حدث بينهم منذ ثلاثة أيام، لتمتعض ملامحها بالكثير من الغضب عندما تذكرت كل ما فعله بها، تلك الطريقة المُهينة التى أفقدها بها عُذريتها بأمر من هذه المرأة الحقيرة، ولم يكتفي بهذا الأمر بل مارس معها ولأول مرة بهذه الطريقة الخبيثة مما جعلها تشعر وكأنها عاهرة من تلك العاهرات الذي يعرفهن. 

+


أغمضت عينيها بكثير من الإشمئزاز والكراهية عازمة على أن تمنعه من التقرب إليها مرة أخرى حتى ولو وصل الأمر لأن يقتلها أو تقتله. 

+


قطع تفكيرها صوت صياح مكابح سيارته التي توقفت فجأة مُعلنة عن وصله، لتشعر بالقلق والتوتر من فكرة مجيئه وذهبت كل شجاعتها وكأنها تبدلت إلى فتاة أخرى تخشى قُربه، تململت بفراشها مُصطنعة النعاس حتى تستطيع الهروب من ذلك اللعين. 

+


فتح "جواد" باب الغرفة بإندفاع وكأنه نسى وجودها، لتقع عيناه على تلك التي تتوسد الفراش غائبة فى نومها، وقف أمام فراشها لتشعر هي بقربه وأرتجف قلبها خوفًا من تنفيذ تهديده الذي أخبرها به صباح اليوم، ولكنها هدأت قليلا عندما شعرت بإنصرافه وتوجهه نحو غرفة تبديل الملابس. 

+



        
          

                
بعد وقت ليس بكثير خرج من غرفة تبديل الملابس بعد أن بدل ملابسه، لتظن هي إنه قادم للنوم بجانبها، ولكنها أندهشت من مُغادرته الغرفة غالقًا بابها خلفه، لتُدرك إنه سيتجه إلى غرفة أخرى وذلك الشيء راقها كثيرًا، ولكن الأمر أصبح مُخيفًا بالنسبة لها بعد أن مر الأسبوع كامل وهو يتجنبها تماما وكأنها غير موجودة من الأساس، إنه يستيقظ باكرًا ويقضي اليوم كُله بالخارج ولا يعود سوا لينام فقط ويُعيد نفس الأمر كل يوم لمدة أسبوع كامل، بينما يزداد قلقها وخوفها من ذلك الهدوء الذى تملكه ولكنها تُطمئن نفسها ظننا أن هذا جيد. 

+


••• 

+


كان ذلك قبل ثلاثة أسابيع، فهى منذ مرور ذلك الأسبوع وهي لم تراه أبدا حتى إنه لم يأتي إلى البيت، أصبح الأمر مُريبا جدًا بالنسبة لها، فقد بقيت لثلاثة أسابيع تجلس فى هذا البيت بمفردها وهى لم تعتاد هذا الأمر، حتى إنها لا تستطيع الخروج من هذا البيت، لا تملك سوا هذا الهاتف الجديد الذي أرسله لها بعد أن أخذ هاتفها ذلك اليوم الذي سمعها فيه وهي تُحدث "أدهم". 

+


قطع تفكيرها صوت جرس الباب مُعلنا عن قدوم أحدهم، لتُسرع نحو الباب ولكنها توقفت للحظة ظنًا منها إنه قد يكون "جواد"، ولكنها تتذكر أن بحوذته مفتاحًا وإذا كان هو لكان لم يضرب الجرس، فتحت بحظر شديد لتتفاجئ بتلك التي تقف أمامها، تشعر وكأنها رأتها من قبل ولكنها لا تتذكر من تكون. 

+


كيف دخلت إلى هنا! هل سمح لها الحرث بالدخول؟ أهي من هذه العائلة حتى سمحوا لها؟ متى ستتخلص من هذه العائلة؟ رمقتها بإهتمام مُستفسرة: 

1


- أي خدمة؟ 

+


قابلتها الأخرى بابتسامة صادقة وهي تقوم بخلع نظارتها مُجيبة إياها بود: 

+


- أنا زينة بنت عمك. 

+


أطالت "ديانة" النظر إليها وهي لا تعلم ماذا تفعل! أتُدخلها أم تطردها؟ لقد رأت ما يكفيها من تلك العائلة بداية من ذلك "جواد" نهاية بتلك المرأة الوقحة، ولكن الشيء الذى يُربكها هو ابتسامة تلك الفتاة التي لا تعلم أهي صادقة أم لا؟ ليأتيها صوت "زينة" مُستنكرة: 

+


- أيه هتسبيني واقفة على الباب كتير كده ولا أيه! 

+


حمحمت بحرج وقررت أن تُدخلها على الأقل تتحدث إلى أحدًا أفضل من التحدث إلى نفسها طوال تلك الفترة الماضية، لتهتف بترحيب؟ 

+


- لا طبعًا، أتفضلي. 

+


دلفت "زينة" المنزل وجلست بصحبة "ديانة" مُحاولة معها بدأ الحديث دون إشعارها بأي هجوم أو لوم عليها، لتبتسم لها مُضيفة بود: 

+


- طبعا أنا كان نفسي أقعد معاكي من بدري، تقريبا من أول ما عرفت إنك أنتي وجواد أتجوزتوا، بس بصراحة كنت مستنية شوية لحد ما الأمور تهدء، وأستغليت سفر جواد وقولت أجي أقعد معاكي شوية. 

+



        
          

                
ضيقت "ديانة" ما بين حاجبيها بصدمة مُستفسرة: 

+


- هو مسافر؟ 

+


شعرت "زينة" بالدهشة من صدمة "ديانة" وكونها لا تعلم عن سفر زوجها، ولكنها تذكرت شدة "جواد" وجفائه وعدم إكتراثه لإخبار أحدًا عما يفعله،وخصيصًا تلك التي يظنها عدوته، لتُحاول إصلاح ما أفسدته بحديثها: 

+


- هتتعودي متقلقيش، أصل جواد كده بيعمل الحاجة ومش بيعرف حد خالص عنها، ده أنا عرفت من بابا بالصدفة. 

+


أومأت لها "ديانة" برأسها مُتفهمة حديثها، لتشعر "زينة" أن هذا الوقت المناسب لمُحادثتها: 

+


- خلينا فى اللي أنا جيالك عشانه، أنتي أكيد عرفتي أيه سبب جواز جواد منك وأيه اللي حصل من عشرين سنة، طبعًا أنا مش جايه أفتح فى القديم أو أتكلم معاكي فى حاجه بخصوص اللي، أنا عارفة إن ملكيش ذنب وعارفة إن اللي بيفكر فيه بابا وجواد وخالتو هناء غلط، سواء ماما أو مامتك هما الأتنين ماتوا وربنا هو اللي هيحاسب على اللي حصل أيًا كان أيه، أنا جايه أقولك إني مش معاهم فى أي حاجة، وعايزه أقولك على حاجة كمان. 

+


أبتلعت بمرارة وحزن مم ستقوله، مُكملة: 

+


- بابا وجواد مش وحشين، هما بس موجوعين من موت ماما وخصوصا جواد، لإنه هو اللي شاف الحادثة وهو أكتر واحد اتأثر، بس أنا أكيد مش هقف أتفرج وهقنعه إنك ملكيش ذنب وعايزاكي تصدقيني وتسمحيلي إننا نكون صُحاب وقريبين من بعض، لإني معنديش أخوات وكان نفسي بجد يبقى عندي أخوات بنات، بس أهو اللي حصل بقى، ياريت توافقي نكون صحاب وأخوات. 

+


شعرت "ديانة" بالصدق فى حديث "زينة" وإنها ليست مثل ذلك المغرور وتلك العقربة التي علمت إسمها للتو، يبدو أن هذه الفتاة طيبة وبريئة، ويبدو أيضا إنها لا تعلم مدى قذارة شقيقها ومُعاملته القاسية المُجردة من أية إنسانية، لتُقابلة بابتسامة ود وإمتنان: 

+


- أكيد طبعًا أقبل، أنا كمان حسه نحيتك براحة وكأني أعرفك من زمان و.. 

+


قطع حديثها صوت جرس الباب مُعلناً عن قدوم أحدًا أخر لتستأذن من "زينة" وتوجهت نحو الباب، وما إن فتحته حتى صاحت بسعادة وفرح مُعانقة إياها بلهفة: 

+


- ملك، وحشتيني، وحشتيني أوي أوي يا روح قلبي. 

+


بادلتها "ملك" العناق مُعقبة باشتياق ولهفة مُماثلة وقد ترقرقت الدموع بعينيها: 

+


- وأنتي كمان وحشتينا أوي يا ديانة. 

+


أدخلتها "ديانة" وقامت بإصطحابها إلى "زينة" ليتعرفان على بعضهما، قدمت "ديانة" ملك" إلى "زينة" بحب: 

+


- بما إنك يا زينة بتحبي جو الأخوات والصحاب وكده تقدرى تعتبرى ملك أختنا الصغيرة، ملك تبقى أختي. 

+


استنبطة "زينة" أن تلك الفتاة هي شقيقة "مالك" الذي سبق وحدثها عنها، لتبتسم لها بحب وترحاب بينما حولت "ديانة" نظرها نخو "ملك" موضحة: 

+



        
          

                
- ودى يا ملك تبقى زينة بنت عمي وأختنا الكبيرة من دلوقتي. 

+


صافحتها "ملك" بود، بينما شعرت "ديانة" بالتعجب من مجئ "ملك" إلى هنا! كيف عرفت العنوان؟ وكيف سمح لها الحُراس بالدخول، لتهتف مُستفسرة: 

+


- صحيح أنتي جيتي هنا أزاي؟ عرفتي العنوان منين! وأزاي أصلا الحُراس سابوكي تدخلي؟ 

+


أبتسمت "ملك" على ذلك ذهولها وكثرة أسئلتها مُجيبة إياها: 

+


- واحدة واحدة هفهمك كل حاجة، إنتي عارفة إن مالك جبلنا بيت ونقلنا هنا ودراسني بقت هنا، عشان كده بقيت بخرج عادي وقربت أحفظ الأماكن كمان، أما بالنسبة بقى لعرفت البيت إزاي والحرس دخلوني إزاي فالفضل يرجع لإياد بصراحة. 

+


قطبت "ديانة" ما بين حاجبيها مستفسرة: 

+


- إياد مين؟ 

+


تدخلت "زينة" موضحة الأمر لها: 

+


- إياد ده يعتبر الصاحب الوحيد لجواد وبيشتغل معاه فى الشركة وباباه كان صاحب بابا جدَا. 

+


حولت "ديانة" نظراتها نحو "ملك" بمزيد من التعجب: 

+


- وده أنتي وصلتيلوا إزاي؟ 

+


قصت "ملك" عليها ما حدث منذ البداية وذهابه إلى بيتهم فى القاهرة، مرورًا بعزيمته لها على الغداء منذ ثلاث أسابيع، نهاية بإخبارها أن "جواد" قد سافر وإنه سيُحضرها لكى تراها وتطمئن عليها ويُعيدها إلى البيت مرة أخرى. 

+


مطت "ديانة" شفتيها جانبًا ويبدو عليها القلق من تلك العلاقة مُهمهة: 

+


- امم وبعدين! 

+


لاحظت "ملك" قلقها وعدم راحتها لتلك العلافة، لتُحاول أن تُطمئنها ببعضًا من المرح والمشاكسة هاتفة: 

+


- لا متقلقيش أنتي عارفة ملك كويس، آه تبان مجنونة وطقة، بس وقت الجد نهد الدنيا هد. 

+


ضحك كلا من "ديانة" و"زينة" على طريقة ملك المرحة والمليئة بالطاقة والعفوية، بينما لاحظت "زينة" إنجذاب "ملك" ل"إياد" وهذا واضح فى حديثها عنه، لتدرك إنها ليست وحدها من تشعر بذلك الإنجذاب السريع تجاه شخصًا لم تراه من قبل. 

+


هناك تلك المُشاكسة أيضا يبدو عليها الإنجذاب لذلك المُراوغ ذو الكلام المعسول الذي يُدعى "إياد"، لنرى إذًا إلى أين سنصل فى تلك المتاهة الكبيرة التي تُدعى الحياة. 

+


❈-❈-❈ 

+


جلست بصحبتها بعد أن عادت من عند "ديانة" وقصت عليها ما حدث وحديثهم معًا وإنهما أصبحا أصدقاء وتقربًا من بعضهم البعض كثيرًا. 

+


شعرت "ماجدة" بسعادة وراحة من تقرب "زينة" إلى "ديانة"، وإنها لا تُفكر فى الانتقام منها، حتى إنها يُمكن أن تُقنع "جواد" بأن لا يؤذيها وأن ينسى ما يُفكر به. 

+


لاحظت "زينة" سعادة "ماجدة" لتُقرر أن تتحدث معها فى ذلك الأمر الذي لطالما أصبح لا يُفارق بالها، لتُضيف ببعضًا من التوتر: 

+


- بصي فى حاجة كده كنت عايزة أحكيلك عليها، فاكرة مالك اللي كان جيه زعق هنا وسأل على ديانة؟ 

+


رفرفت "ماجدة" بأهدابها كإشارة منها إنها تتذكر، لتُكمل "زينة" بخجل: 

+


- بصراحة أنا وهو الفترة دي بنتكلم كتير جدًا وحاسة بحاجة غريبة أوي، حاسة إني ببقى مبسوطة وأنا بكلمة، كأننا صحاب أو نعرف بعض من زمان، بحس إني مستنياه يكلمني، أو ممكن أنا أخترع حوار عشان أكلمه. 

+


لمعت عينيها بسعادة لمجرد التحدث عنه مُضيفة: 

+


- أنتي عارفة إني مش من النوع اللى بينجذب لحد بسهولة، ولا ليا فى جو المراهقة ده، وده اللي محيرني! هو إنسان كويس ومحترم وناجح فى شغله وفى صفات كتير حلوة، يمكن عشان كده إنجذبتله! بس حقيقى يا عمتو متوترة ومش عارفة أعمل أيه؟ 

+


رمقتها "ماجدة" بنظرة حب وإبتسامة واثقة، مم جعلها تشعر وكأنها تُخبرها إنها تثق بها وإنها ستفعل الصواب بالتأكيد، لتبادلها "زينة" الابتسامة ونهضت لتُعانقها بحب. 

+


كل هذا وتلك المُتصنتة كالعادة تسترق السمع إلى حديثهما وقد شعرت بالغضب الشديد مم أستمعت إليه، لتُخرج هاتفها وأجرت إتصل لأخد الأرقام وما إن أتاها رده حتى بدأت فى إلقاء أوامرها عليه: 

+


- زينة بنت هاشم عايزاك عينك عليها وكل تحركاتها تبقى عندي لحظة بلحظة. 

+


أنهت إتصالها وعزمت على تدمير ذلك الشيء الذين يُحاولون تشيده، هى لم تقبل بالخسارة فى الماضي والان أيضا لن تقبل بها مهما تطلب الأمر، لتُتمتم بحدة: 

+


- مش هسمحلكوا تهدوا اللي بنيته من أكتر من عشرين سنه يا بنت لبنى أنتي وبنت هاشم، حتى ولو كان آخر يوم فى حياتي، واللي أنا مخططاله هيحصل يعني هيحصل. 

+


يتبع... 




تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close