اخر الروايات

رواية للقدر اقوال اخري الفصل الرابع 4 بقلم فاطمة مصطفي وايمان جمال

رواية للقدر اقوال اخري الفصل الرابع 4 بقلم فاطمة مصطفي وايمان جمال


                    

- الأحلام الوردية ليست سيئة ولكن الأسوأ هو أن تتحول إلى كابوس قد أوقعت ذاتك به دون أن تدري.

+


فتح خالد عينيه بكسل، ليلتفت برأسه قليلًا مقابلًا وجه رحمة الملائكي بشعرها الأسود الذي يغطي نصف وجهها باِنسيابه فوقه، أعطاها هالة من الجمال والفتنة.

+


غزت الابتسامة وجهه على تلك الفتاة الذي لم يلقاها الى صدفة حين تشاجر ابنه مع أحد زملائه وذهب هو بناءً على إستدعاء المدير له حينها رأها عندما كان راحلًا مع ابنه بعد انتهاء الأمر.

+


وقعت عينيه عليها صدفة كانت بريئة رقيقة وبسيطة ربما ليست فاتنة ولكنها جذبته منذ اللحظة الأولى شعر وكأن شيئًا خفي يجذبه نحوها ببطء ربما كان ذلك نتيجة حديث صغيره الذي ألقى اليها السلام وهم عابرين فبادلته بابتسامة وهي تقترب منه قائلة بنبرة رقيقة قد راقت له:

+


- ازيك يا عمر عامل ايه مشوفتكش انهاردة يعني؟

+


أجاب الصغير بابتسامة وهو يمد يده لها ليصافحها:

+


- انا تمام الحمد لله والله كانت مشكلة صغيرة وانحلت خلاص.

+


التفت الصغير الى والده ليشير اليه قائلًا:

+


- أحب أعرفك بابا.

+


ويبدو أنها المرة الأولى التي لاحظت فيها وجوده حين رفعت عينيها اليه مبتسمة برقة ممزوجة بطفيف من الخجل قائلة دون أن تمد يدها:

+


- أهلًا يا فندم.

+


لقد أعجبته نبرتها الرقيقة التي أجبرته على الابتسام بسمة بسيطة زانت وجهه القاسي وكاد أن يرد ليقاطعه صوت عمر الذي تحدث بحماس وابتسامة يقدمها اليه:

+




                
- دي مس رحمة يا بابا.

+


لم يلتفت لصغيره المزعج بل تحدث بعدما صمت الأخير بما كان يريد قوله مُحاولًا إخراج نبرته رقيقة بعض الشئ:

+


- تشرفنا يا أنسة رحمة.

+


أومأت له بابتسامة خجولة ثم استئذنت منهم لكي تذهب لأن موعد حصتها قد حان.

+


تابعها وهي ترحل بنظرة إحباط لا يعرف كنهها ولكن أكثر ما كان يدهشه هو ذلك الانجذاب الغريب نحو هذه الفتاة.

+


كانت صدفة جميلة ولكن لاحقًا عرف أنها لن تكون الأخيرة حين زارته اخته بعدها بفترة قاربت الإسبوعين تقريبًا ومن مغزى حديثها عرف مقصدها من هذه الزيارة.

+


صارحته بأنها قد وجدت له عروس مناسبة له وبالطبع ظلت تمدح بأدبها وأخلاقها وجمالها وسمعتها الطيبة وظلت تتحدث الكثير والكثير ليرد عليها هو بحزم بعد أن مل من حديثها:

+


- سمية إنتِ عارفة ردي أنا مش هتجوز تاني خلاص.

+


امتعض وجهها وهي تتسائل في ضيق:

+


- ممكن أفهم ليه بقى يعني؟

+


اجابها في هدوء وبساطة:

+


- أولًا أنا معرفهاش ثانيًا أنا إيه ضمني انها فعلًا كويسة وهتعامل عمر كويس ثالثًا ودي الأهم انا مش واثق إن عمر هيتقبلها أساسًا مهما حاولت أنا عارف ابني كويس كان متعلق بمامته الله يرحمها ومش هيعرف يتعود على غيرها.

+


لمح ابتسامتها تتسع وهي تجيب أسئلته بهدوء وحماسة لمحها في نبرتها بوضوح:

+


- أولًا إنتً قبلتها قبل كدة ثانيًا هي فعلًا محترمة وكمان بتعامل عمر كويس جدًا ثالثًا وده الأهم زي ماقولت عمر بيحبها أوي ومتعلق بيها جامد.

+


قطب حاجبيه بشك وهو يتسائل في ريبة:

+


- هي مين دي بالظبط يا سمية وايه الي خلاكي واثقة من كلامك أوي كدة.

+


أجابته سمية في توتر من نبرته:

+


- دي تبقى الأنسة رحمة مدرسة عمر في المدرسة وصحبتي.

+


انفك حاجبيه ليرتفع أحدهم لأعلى في تعجب قبل أن تخرج نبرته تنم أنه فهم جيدًا مافي الأمر:

+


- امم صحبتك قولي كدة بقى وصاحبتيها إمتى وازاي دي يا ست سمية.

+


تنحنحت سمية في حرج قبل أن تتحدث قائلة:

+


- قابلتها في مرة وأنا بجيب الولاد من المدرسة وعجبني أسلوبها في الكلام والمعاملة أوي وبعدها عمر قالي انها مدرسته وهو بيعزها أوي وبيحب يقعد معها كتير لأنه بيرتاحلها ولما سألت عنها زملائها كلهم شكروا فيها وفي أخلاقها فقولت مفيش مانع اني أصاحبها ودخلتلها من سكة الولاد وكدة وبقينا صحاب فعلًا وعرفت منها انها مُطلقة وعايشة لوحدها لأن أهلها كلهم مش من القاهرة وبعيد عنها بعد وفاة أبوها وأمها عرفت أنا واثقة ليه.

+



        

          

                
تسائل خالد مجددًا بشك:

+


- وانتِ مصحباها من إمتى؟
_ من تلت أربع شهور كدة.
- انتِ ليكي علاقة بمقابلتي بيها؟

+


زاغت نظراتها للحظات قد أعطته الإجابة ليومئ برأسه بمعنى قد أوحى لها انه فهم ملعوبها لتتحدث سريعًا تشرح له موقفها:

+


- والله الموضوع كان صدفة فعلًا أنا كنت متفقة مع عمر إن في أي وقت تروحله فيه المدرسة يعرفك عليها وموضوع خناقته مع صاحبه كانت فرصة كويسة بس والله ما قولتله يتخانق مع حد دي جات بالصدفة.

+


أومأ عدة مرات بهدوء لتتسائل هي بشك:

+


- ها في ايه؟

+


فاجئها بسؤاله القلق:

+


- وأنا إيش ضمني إنها تقبل الموضوع ما هي متعرفنيش كويس وبعدين ممكن تكون عندها عقدة من جوازتها الأولى ومش عاوزة تعيد الموضوع تاني.

+


ارتسمت علامات الدهشة فوق وجهها فور أن أدركت ما كانت غافلة عنه فصمتت لبرهة تفكير قبل أن تعاود الحديث مجددًا قائلة بحماس:

+


- أنا عندي حل الموضوع ده بس إنتَ وافق.
_ أسمعك الأول.

+


أطلقت نحوه نظرة غضب قبل أن تعاود التحدث قائلة بحكمة إمرآة قد أخذت خبرتها من حياة النضج التي تمر بها:

+


- اسمع إنتَ في الأول هتحاول تتكلم معاها بخصوص عمر يعني تحاول كدة تكتر من إنك تروح تجيبه وتسألها عنه مثلًا ممكن تاخد مشكلة عمر مع صاحبه حجة وتسألها مثلًا عن رأيها في سلوكه وطبعًا ده يحصل على فترات متباعدة شوية مش كل يوم مثلًا لا خليها كل إسبوع تكررها مرة كل مثلًا أربع أيام لحد ما تحث إن طريقتها معاك مبقتش متحفظة أوي.

+


_ وبعدين...!!!!

+


- لا سيب بعدين دي عليا أنا ملكش دعوة أول ما تحس بإن طريقتها اتغيرت معاك قولي وأنا هتصرف. 

+


وقد حدث سار على تعليماتها لمدة شهرين وقد شعر حقًا بتغير نبرتها المتحفظة الصارمة ولكنها مازالت تحتفظ ببعض الخجل وحينها قامت سمية بمفاتحتها في الأمر وقد أخذت وقتها في التفكير حتى وافقت على مقابلته أخيرًا.

+


الغريب في كل هذا أنه فعل ما طلبته شقيقته دون إعتراض مع انه كان يستطيع الرفض وعدم إرهاق ذاته ولكن ذلك الاحساس الغريب بالارتياح اتجاه هذه الفتاة ربما هو ما أجبره على الموافقة.

+


عاد إلى واقعه راسمًا ابتسامة حنونة فوق ثغره لتلك الذكرى قبل أن يلتفت نحوها يطالعها بنظراته التي عبرت عمَّ بداخله جيدًا، ولكن للاسف لا يستطيع التحدث على الأقل الآن.

+



        
          

                
تنهد بتعب وهو ينهض متجهًا نحو المرحاض؛ ليأخذ حمامه اليومي الذي يساعده على الاستيقاظ جيدًا.
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
فتح خالد باب منزله وهو يتقدم للداخل بإرهاق واضح، تقدم مباشرة لغرفة النوم ظنًّا منه أن رحمه تتواجد في المطبخ أو ما شابه، ليتمدد على الفراش في إرهاق واضح بعدما عاد باكرًا من عمله عندما شعر بإجهاد شديد؛ بسبب ذلك المشروع الذى أخذ الكثير من وقته وسبب في ابتعاده عن طفله ورحمة لأكثر من شهرين.

+


زفر بتعب وهو يستعد لإغلاق عينيه، ولكن يبدو أن ليس مقدر لها الغلق حين التفت نحو باب المرحاض الذي فُتح للتو، لتطل من خلفه زوجته مُرتدية مئزر الحمام بلونه الأسود الذي يصل إلى منتصف ركبتيها مظهرًا ساقيها البيضاء، وشعرها الأسود الغجري يتناثر على وجهها، أعطتها هالة جميلة مبعثرة. 

+


وكانت الصدمة من نصيبها حين التفتت لتقابل عينيه؛ فلقد ظنت أنه سيأتي في ميعاده ولم تتوقع قدومه باكرًا أبدًا.

+


ارتبكت ملامحها مخفضة نظرها سريعًا؛ فهذه أول مرة يراها بهذا الشكل طوال الشهرين المنصرمين.

+


أبعد أنظاره عنها لينظر إلى سقف الغرفة وهو يستمع لسؤالها عن حاله بعدما لاحظت حالته:

+


-  مالك في حاجة؟

+


أجابها وهو يرفع يده مدلكًا رقبته بتعب:

+


- مفيش، شوية إجهاد من الشغل.

+


قطعت رحمة المسافه بينهم في ثوانٍ معدودة بقلق شديدة، لتجلس بجانب رأسه التي أمسكتها وهي تتفحصها بقلق:

+


- مالك؟ حاسس بإيه؟

+


اعتدل خالد جالسًا فوق الفراش وهو يبتسم بخفة على ردة فعلها، ثم أمسك يديها يربت فوقها بحنان قبل أن يتحدث بابتسامته الهادئة وهو يحاول تهدئتها:

+


- إهدي يا رحمة، قولتلك شوية إجهاد وإرهاق مش أكتر، أنا بس محتاج أنام شوية وهبقى كويس. 

+


أمسكت بيديه مرة أخرى قائلة:

+


- طب أعملك حاجة تشربها أو حاجة تاكلها؟ 

+


هز رأسه نافيًا قبل أن يستمع لسؤالها الآخر:

+


- طب أعملك إيه؟

+


ضحك خالد بخفة وهو يلتفت إلى الجهة الأخرى يوليها ظهر، ثم تحدث بتعب:

+


- اعمليلي مساج أحسن.

+


ابتسمت بخفة وهي تثني ركبتيها خلفه لتجلس فوقهم قبل أن تمسك بكتفه تدلكه بأناملها الرقيقة، ليغمض هو عينيه مستمتعًا بتلك الراحة التي غزته فور أن لامسته أناملها.

+



        
          

                
التفت إليها بابتسامته الرجولية بعدما انتهت، ليتحدث قائلًا بامتنان:

+


- تسلم إيدك، شكرًا تعبتك معايا.

+


تحدثت هي بابتسامتها الرقيقة وهي تقول:

+


- تعبك راحة.

+


شرد بنظره في وجهها للحظات لا يعلم ماهية ذلك الشعور الذي يجتاحه نحوها أهو حب أم إعجاب؟ هناك الكثير من الأسئلة تدور بخلده نحو مشاعره الجديدة تلك ولكن كل ما يعرفه أنه أصبح يعتاد عليها لدرجة أنه يشتاق اليها كلما ابتعد عنها يفتقدها بكل عادتها حقًا ربما هذا تفسير كافِ لمشاعره وعليه استنتاجات كثير ربما سيعلمها لاحقًا.

+


تحول شروده الى دهشة فور ان أخفضت نظرها عنه في خجل فعلم انه اطال النظر اليها ليتنحنح كي يجلي حلقه ثم تحدث بمرح محاولًا تلطيف الجو:

+


- هو مش البُرنس ده بتاعي بردوا...!!

+


رفعت نظرها نحوه بعقدة حاجب ثم عاودت النظر الى ذلك المئزر لثواني قبل أن تعض على شفتيها بحرج وهي تبتسم ببلاهة قائلة بخفوت:

+


- ملقتش غيره الصراحة.

+


أطلق ضحكة خافتة على حرجها اللطيف قبل أن يلتفت الى الأمام بصمت لثواني فلقد بدأ الاحراج يتسلل اليه هو الأخر بعدما استنتج انه يعوق راحتها فبديهيًا بعد أن أنهت استحمامها تريد تبديل ثيابها وهو الآن أصبح العائق لها كي تحصل على راحتها في إكمال مهمتها.

+


حك جبهته بإحراج قبل أن يلتفت اليها متسائلًا:

+


- هو عمر فين؟

+


اجابته في خفوت:

+


- في أوضته نايم.

+


_ تمام أنا هروح أشوفه.

+


وقف على قدميه مُتجهًا نحو الباب قبل أن تستوقفه وهي تتجه نحوه قائلة في هدوء:

+


- طيب استني غير هدومك على الأقل.

+


التفت اليها ولم ينتبه انها كانت تقف خلفه مباشرة فتراجعت هي مُجفلة على أثر حركته المفاجئة وكادت ان تسقط على ظهرها بعد أن تعركلت قدميها بطرف السجادة على أثر حركتها فأسرع هو ممسكًا بمعصمها ليجذبها نحوه يساعدها على الاستقامة في وقفتها فاستندت بيدها على كتفه حتي تستعيد اتزانها.

+


رفعت نظرها نحوه لتتفاجئ به يبتسم تلك الابتسامة الرجولية التي تميز بها هو خاصة لتزيده وسامة فوق وسامته ليسلبها وعي عقلها الذي شرد في تلك الابتسامة الرائعة.

+


ومازاد أمرها سوءً حين اقترب من أذنها ليهمس بصوت أجش:

+


- ابقي خودي بالك مرة تانية.

+



        
          

                
كاد أن يبتعد لكنه تذكر شيئًا ليعاود الإقتراب قائلًا في رقة:

+


- على فكرة شكلك قمر في القصير إبقي كرريها بقى.

+


ابتعد قليلًا لينهي حديثه بقبلة أودعها على خدها الذي أصبح كتلة حمراء شبيهة بالطماطم عاود رسم تلك الابتسامة المُهلكة قبل أن يتركها مُتجهًا الى الخارج كما قرر.

+


بينما أخفضت نظرها بخجل وهي تتذكر ما دار بينهم قبل قليل واضعة يدها على خدها موضع قبلته، ابتسمت في خجل لذلك الشعور الذي لم تشعر به إلا معه، ربما حقًّا تكون تجربة جديدة وقد أنعم الله بها عليها؛ حتى تكون عوضها عمًّ حدث في الماضي، فهي لم ترى منه إلا كل خير وهذا يكفي الى الآن.
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
*وحشتيني.* 

+


ابتسمت رحمة لتلك الرسالة التي وصلت لهاتفها والتي أرسلها خالد عبر إحدى التطبيقات المشهورة، لتنظر حولها بخجل كأنه أمامها؛ فذلك الخالد أعاد إليها حياتها من جديد.

+


فتحت هاتفها مجددًا عندما وصلها إشعار بوصول رسالة، ظنت أنها من خالد ولكنها فوجئت أنها من رقم مجهول عنها.

+


«مدام رحمة، يا ترى خالد باشا عرف ولا لسة؟» 

+


بدأ عقلها بالعمل وهي تحاول فهم تلك الرسالة لترسل له:-

+


«مين؟» 

+


أتاها الرد سريعًا كأنه ينتظرها:-

+


«مش معقول مش عارفاني، أنا حبيب القلب.» 

1


شُلت يديها عن العمل وأخذت تنظر للهاتف بصدمة، أعاد مرة أخرى بعدما بدأت حياتها مع خالد بالتحسن؟ عاد ليحطم كل هذا، وأثناء تفكيرها بُعثت لها رسالة أخرى مضمونها:-

+


«مش هنتكلم كتير، أنا عاوز أقابلك بكرة في مكاننا القديم، فكراه طبعًا... تيجي ولوحدك يا إما أجيلك أنا ونعرف خالد باشا ماضي المدام.» 

+


أغلقت هاتفها سريعًا ملقية إياه فوق الطاولة التي أمامها وهي تلتفت حولها بذعر؛ خوفًا من أن يلاحظ أحدٌا من الموجودين خوفها الذي ظهر جليًّا فوق ملامحها، لتتنهد براحة فور أن وجدت الجميع منغمسًا بأعماله.

+


وضعت يدها فوق وجهها تخفيه عن الأنظار وهي تستند فوق الطاولة تحاول تهدئة نفسها قليلًا، لتستجمع أفكارها المشتتة وهي تتذكر حديث ذلك الندل، ليعود الخوف يستولي عليها مجددًا وهي تتخيل معرفة خالد بهذا الماضي.

+


لحظه لما هي خائفة من كلامه أساسًا هي لم تخطئ ولم تفعل شيئًا مُحرمًا لكي تقلق بأن يُكشف أمام أحد ولكن ما يقلقها هو أن يظن بها ظنًا خاطئًا كما ظن الجميع. 

+



        
          

                
مرت بذاكرتها ذكرى جلستها الأولى معه وكيف جعله فضوله أن يحاول معرفة السبب الذي لم يعرف أنه كان سبب في دمار حياتها ليعاود حديثه يتردد في عقلها من جديد لتغلق عينيها سامحة للذكرى بالعودة. 
^________________^
كان اللقاء الأول عاديًا بالنبسة اليها اذا تغاضينا على ان قلقها من الرجال جعلها تتجاهله نسبيًا ولكن هناك شئ غريب تحرك بداخلها حين تحدثت معه بتلك الكلمات المقتضبة ومن ثم ودعتهم ورحلت.

+


لقد شعرت بارتياح غريب له لكنها تجاهلته حتى لا تزعج ذاتها بالتفكير بدأ يتحدث اليها كلما زار ابنه الذي لاحظت أن زيارته له أصبحت إسبوعية رغم تعجبها من ذلك الا أنها فسرته بأنه قلقًا على ابنه بعد مشاجرته مع صديقه وهذا حقه ثم انه شئ لا يعنيها ولكن ما كانت تهتم الى سببه هو حديثه اليها الذي كلما أتي يجب أن يذهب اليها ويحدثها.

+


ما كان يقلقها هو أنها كانت تشعر ببعض الضيق كلما تأخر في زيارته الاسبوعية تلك الى جانب أنها أصبحت تحب الحديث اليه بل تنتظر زيارته بفارغ الصبر حتى يأتي ويحدثها وان لم يأتي مرة يلزمها ضيقها وحزنها الى حين الزيارة القادمة.

+


حتى أتتها شقيقته ذات يوم تخبرها رغبته في الزواج منها كادت بالطبع أن ترفض حتى فكرة المقابلة الأولى لكن سمية أصرت عليها وقد أعطتها مهلة للتفكير كي ترد عليها بشأن المقابلة الأولى.

+


كانت مشتتة بعد ذلك الطلب أجل هي تشعر بالارتياح له وحديثه اللطيف قد نال رضاها الا أنه في النهاية رجل وبسبب ذلك الوغد أصبحت تمقتهم جميعًا حتى معاملتها مع زملائها الرجال في العمل بحدود قد وضعتها ولم يستطع أيًا منهم إختراقها قد كانت صارمة حقًا في معاملتهم ولكن ماذا عنه الآن؟

+


تعبت من كثرة التفكير هي خائفة من أن تلاقي نفس المصير مجددًا لذا ولأنها لم تستطيع تكوين قرار قامت باستشارة ربها بدلًا من حيرتها قامت بصلاة استخارة ووجدت أنها على الأقل يجب أن تقبل مقابلته الأولى.

+


وبالفعل تمت المقابلة في إحدى الكافيهات القريبة من عملها بحضور شقيقته وصديقتها حسناء التي تزوجت منذ بضعة أشهر جلسا سويًا ثم بدأ يتحدث عن نفسه بعد أن رحل الضيفان الأتيان معهم ليجلسا بعيدًا قليلًا.

+


عرفت أنه مهندس ديكور ولديه مكتب خاص وأن زوجته متوفية منذ ما يقارب العامين وهو يعيش بمفرده مع ابنه.

+


تحدثت هي أيضًا عن ذاتها وأخبرته أنها مُطلقة لكنها لم تخبره السبب الأساسي حين سألها هو في دهشة مصطنعة ناتجة عن فضوله في معرفة السبب:

+


- مُطلقة!!! بس باين عليكي صغيرة الي يشوفك يقول لسة متجوزتش يبدو إنه معندوش نظر.

+


ابتسمت في خفة لإطرائه قائلة:

+


- شكرًا.

+


تسائل مجددًا في فضول لم يستطع كبحه:

+


_ هو طلاقكم كان بسبب خلافات؟

+


أطلقت تنهيدة مُثقلة بهموم ذكريات الماضي التي داهمتها فجأة قبل أن تجيبه بكذب مُتحاشية النظر اليه:

+


- حاجة زي كدة.

+


_ باين مكنش ليكم خير مع بعض.

+


التفتت اليه تطالعه بنظرات مبهمة قبل أن تعاود الابتسامة قائلة:

+


- الحمد لله على كل حال ربنا دايمًا رايد لينا الأحسن.

+


_ الحمد لله.

+


انتهت الجلسة مع وعد بالرد القريب هي حقًا كانت ترتاح له وقررت أن تصلي استخارة بدلًا من حيرة التفكير مجددًا وعلمت أن الأفضل في الموافقة هي تثق في ربها فالخالق لا يريد سوى الخير لخلقه ويبدو أنه كان الخير وأجمل.
^__________________^

+


فتحت عينيها مبعدة يديها عن وجهها وملامحها كانت مثالًا حيًّا للتصميم على إنهاء الماضي وغلقه تمامًا وستفعل هذا؛ فهي لا تريد خسارته أبدًا؛ فلقد تعلقت به حقًا ولم ترى منه أي شر لذا لن تسمح بخسارته أبدًا. 

+


أمسكت بهاتفها من جديد تنقر فوقه لثوانٍ مُرسلة إليه:

+


«أنا مش موافقة وأعلى مافي خيلك اركبه.» 

+


أغلقت هاتفها مجددًا تلقيه فوق الطاولة وقد عزمت على إغلاق صفحة الماضي وإلى الأبد.
________________________________________

+


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close