رواية للقدر اقوال اخري الفصل الخامس 5 والاخير بقلم فاطمة مصطفي وايمان جمال
- الله إذا أحب عبدًا إبتلاه فإحمد ربك واعلم أن لكل شر نهاية جميلة تكون العوض الأجمل عن كل مُر الحياة.
+
ترجلت من سيارة الأجرة التي توقفت أمام تلك البناية التي تقبع بها شقتها وهي تمسك بيدها عمر وباليد الأخرى بعض الحقائب ثم حاسبت السائق واتجهت بخطوات مُسرعة قليلًا الى الأعلى فهي لديها العديد مما يجب فعله قبل أن يعود زوجها ولكن تلك الكارثة القابعة أمامها تنتظرها منذ فترة على ما يبدو هي ما أخبرتها أن اليوم سيكون عسيرًا.
+
رأته جالسًا بجانب البواب يدخن إحدى سجائره الرخيصة في نهم بينما ارتسمت ابتسامة صفراء واسعة فور أن وقعت عينيه عليها.
+
كانت تريد تجاهله وهي تسرع في خطواتها الى الداخل متصنعة أنها لم تراه ليوقفها صوت البواب الذي ناداها باحترام وهو يقترب مع ذلك الكابوس الأزلي الذي يبدو أنها لن تتخلص منه بسهولة.
+
تحدث البواب بعملية يخبرها عن مُنتظرها:
+
- الأستاذ كان مستني حضرتك يا ست هانم.
+
تابع البواب نظرات الحقد التي ألقتها في وجه ذلك البارد عديم الاحساس الذي قابلها بنفس الابتسامة الصفراء بينما تحدث لينهي ذلك الصمت الثقيل على المكان:
+
- معلش يا رحمة كنت عاوزك في حاجة مهمة متقلقيش مش هاخد من وقتك كتير.
+
تطلعت اليه ومن ثم الى ذلك البواب الذي تغيرت نظرات متابعته الى الشك لتزفر بضجر وهي تمد يدها الممسكة بالحقائب الى البواب ثم تحدثت وهي تعطيه المفتاح:
+
- معلش يا عم فتحي ممكن تطلع عمر فوق بس علشان ميطلعش لوحده وتطلعلي الحاجة دي كمان.
+
أمسك الرجل بأغراضها ومازالت نظرة الشك بعينيه نحوهم لتبددها هي بكلماتها التي وجهتها لـ وائل بجدية:
+
- معلش أصل جوزي مش فوق ومينفعش أطلعك وهو مش موجود.
+
ربما لم تبدد شكه كليًا ولكنه إحترم حديثها ليمسك بيد الطفل الذي كان يتابع كل شئ في فضول فتابعتهم رحمة حتى اختفوا عن الأنظار ومن ثم التفتت اليه مُتحدثة بغضب وهي تجز على أسنانها:
+
- هي حصلت تيجي هنا كمان..!! إنتَ عاوز إيه بالظبط؟ بقالك شهرين بتحوم حوليا قارفني رسايل ومكالمات في إيه؟ ما تحل عني بقى.
+
عاود الابتسام كاشفًا عن أسنانه الصفراء النخرة قبل أن يتحدث بخبث:
+
- إخص عليكي حتى مش مراعية العشرة.
+
ابتسمت مُتهكمة قبل أن تتحدث بسخرية:
+
- عشرة..!! العشرة الي هانت عليك في أول فرصة يا وا*ي.
+
اختفت ابتسامته لترتسم الجدية على ملامحه بينما يقول وأسنانه تصدر صوت احتكاك ينم عن غضبه:
+
- شوف مين بيتكلم الي الكل كان عارف سمعتها كويس بس مكنش بيتكلم.
+
تمالكت نفسها من أن تصفعه بصعوبة قبل أن تتحدث ومازال حصار أسنانها مستمر:
+
- والله الوا*ي بيفكر كل الناس شبهه بس نهايته علشان ميشرفنيش إني أشوف خلقتك دي تاني إخلص وقول عاوز إيه؟
+
زفر في غضب حاول تهدئته حاليًا قبل أن يخبرها بما يريد في جدية:
+
- ولا أنا يشرفني أساسًا بس يلا أنا عاوز منك حاجة تخص جوزك أصله داخل مشروع كبير كدة وفي ناس تابعي يهمهم إن مهندس تاني هو الي يمسك المشروع وبشطارتك بقى تجبيلي ملف المشروع.
+
اشتعل الغضب بعينيها كجمرات من النار الملتهبة وهذه المرة كادت تصفعه حقًا ولكنها منعت نفسها بصعوبة بالغة حتى لا تلفت انتباه المارة وهي تكور قبضتيها قبل أن تتحدث من بين أسنانها الملتحمة مُهددة:
+
- أقسم بالله لو ما مشيت من وشي دلوقتي لهبيتك النهاردة في القسم.
+
توترت نظراته وكاد أن يتحدث الا أنها لوحت أمامه باصبعها السبابة وهي تردف في غضب مانعة إياه من الحديث:
+
- ولتاني مرة بقولهالك أعلى ما في خيلك اركبه مش أنا الي اتهدد من واحد نجس زيك.
+
أنهت كلامها ثم اتجهت بخطى غاضبة الى داخل البناية غافلة عن نظرات ذلك الوائل التي تكاد تحرقها حية ولكن حسنًا هو لن ييأس وستخضع هذه الحمقاء لرغبته شائت أم أبت ستفعل.
+
أما عنها فاستقلت المصعد وهي تلهث عدة مرات وكأنها كانت تركض من شدة الغضب الذي يعتريها وهي تحاول تهدئته قبل أن تتنفس بعمق بعد أن نجحت في تهدئة ذاتها وقد عزمت على إنهاء هذه المهزلة عاجلًا وليس أجلًا.
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
كان المساء قد أسدل ستائره حين جلست رحمة أمام المرآة تصفف شعرها بينما أخدت تفكر في أحداث اليوم العسير فمنذ تركها لذلك الوائل وعقلها يعمل في جميع الاتجاهات.
+
كانت قلقة في أن يخبر البواب زوجها بشئ عن ذلك الزائر المقيت ولكن عودة خالد المعتادة الهادئة هي ما أخبرتها أنه لم يخبره.
+
ربما هي إطمئنت من جهة زوجها ولكنها غير مطمئنة من جهة ذلك النذل لا تعرف ما يجب فعله معه كيف تتخلص منه لا تعرف هل عليها إخبار زوجها؟ بالأمر ربما لا يجب هذا على الأقل حتى ينتهي من عمله المهم الذي يشغله هذه الفترة، ولكن ماذا إن فعل هذا الغبي شئ لا يُحمد عقباه؟ إذا يجب عليها إخباره كي يأخذ الحذر باعتبار أن هناك جزء مهم في الأمر يخصه.
+
عقدت العزم على ذلك ثم شرعت تنهي تصفيف خصلاتها حين وصلتها رسالة عبر مواقع التواصل الإجتماعي، أمسكت بالهاتف لترى الرسالة قبل أن تعتري علامات الصدمة وجهها وهي ترى صورة لها في أحضان ذلك الوغد في وضع غير لائق.
+
شهقت في صدمة واضعة يدها فوق فمها تكتم شهقتها وهي تنظر الى شاشة الهاتف في ذهول بالتأكيد هذه ليست هي من المستحيل أن تكون هي فلم تمر بذاكرتها ولو موقف واحد اقتربت فيه منه بهذه الطريقة الرخيصة.
+
أغلقت الهاتف سريعًا وهي تلقي به فوق طاولة الزينة أمامها بينما استندت بطرفي معصميها فوق الطاولة لتسند رأسها الى كفيها ومازالت تعابير الصدمة تحتل ملامحها حتى سالت دموعها رغمًا عنها لتضع يدها على وجهها تبكي بحرقة على ما فعلته بنفسها.
+
أخذت تبكي وتشهق عدة مرات ولا تعرف كم من الوقت مر عليها حتى استمعت الى صوت دق على الباب لتسمح وجهها سريعًا بإحدى المناديل الموضوعة أمامها قبل أن تسمح للطارق بالدخول.
+
انفتح الباب ليطل منه خالد الذي وقف على عتبته وهو يتطلع نحوها مُتسائلًا:
+
- ايه يا رحمة خلصتي ولا......
+
بتر جملته فور أن وقعت عينيه على وجهها الأحمر وعينيها المنتفختين وهيئتها التي كانت دليل واضح على بكائها.
+
دلف الى الداخل مُغلقًا الباب خلفه ثم اتجه اليها سريعًا ليجثو على قدميه أمامها مُمسكًا بيديها بينما تسائل في جزع:
+
- مالك إنتِ كنتي بتعيطي؟
+
لم تستطيع كبح ذاتها أكثر لتنفجر باكية بحرقة من كثرة اختناقها مما أثارت فزعه أكثر ليمد يده أخذًا إياها بين أحضانها مُحاولًا بكل الطرق تهدئتها ليساعدها على النهوض وهي مازالت تشهق بخفوت ليجلسها فوق الأريكة وهو بجانبها حتى هدئت شهقاتها قليلًا.
+
ربت فوق شعرها طابعًا قبلة رقيقة فوقه قبل أن يلقي نظرة فوق وجهها الذي تحول حقًا لـ اللون الأحمر من كثرة بكائها يكاد قلقه يقتله ويدفعه دفعًا قويًا للسؤال عما بها ولكنه قلق من أن تعاود البكاء والتألم مجددًا ربما عليه الانتظار قليلًا.
+
ظل صامتًا وهو يمسح فوق خصلاتها بينما يضمها اليه أكثر يخبرها رسالة صامتة أنه بجانبها ولن يتركها ويبدو أنها فهمت رسالته جيدًا بعدما أخرجت كل ما بداخله في البكاء لتكتشف في النهاية كم كانت حمقاء في كل شئ.
+
رفعت يدها تمسح دموعها التي بللت وجهها وقميصه المنزلي وهي تبتعد عن أحضانه تحاول لملمت شتات نفسها المبعثرة وقد قررت بحق أن تخبره وليصدق ما يصدقه هي لن تخونه كي تخفي شئ لا يستحق الاختفاء وبداخلها تتمنى أن يصدقها حقًا وألا يظن بها ظن الأخرين.
+
التفتت اليه بعد برهة تركها فيها تستعيد ذاتها المسلوبة ليعتدل في جلسته بجانبها وقد وجدها فرصة جيدة للسؤال ولكنه توقف فور أن سمعها تقول بصوت خافت مختنق من كثرة بكائها:
+
- خالد أنا عاوزة أقولك على حاجة.
+
تسائل خالد في تعجب:
+
- في إيه يا رحمة اتكلمي إيه الي حصل لكل ده؟
+
ابتلعت ريقها قبل أن تتحدث بنفس نبرة الخفوت المبحوحة:
+
- أظن الوقت مناسب دلوقتي علشان تعرف سبب طلاقي.
+
صمت ولم يتحدث فلم يجد بدًا من الحديث أو التساؤل الآن فقط اكتفي بنظرة مشجعة من عينيه وقد قرر الانصات لعل يكون هذا هو سبب بكائها لا يعلم ولذلك صمت.
+
أخذت شهيقًا طويلًا ثم بدأت في الحديث قصت عليه كل ما حدث في الماضي بداية من رؤيتها لوائل الذي كان إحدى ساكني الحي الذي كانت تقطن به - جارها بمعنى أدق - وتقدمه لخطبتها ثم ما فعله معها ليلة زفافهم وتركه لها دون أن يراعي كلام الناس عنها أبدًا.
+
انتهت من السرد وهي تتطلع الى ملامحه المبهمة التي أثارت ريبتها أيعقل أنه لم يصدقها أم أنه ظن بها الظنون كالبقية لا أرجوك لا تفعل لن أتحملها منك أنتً خاصة حتما هذه المرة سأموت أرجوك لا تفعل.
+
تلك الملامح المبهمة بعثت في ذاتها الكثير من الخواطر السيئة حتى سمعت صوته الرخيم يتسائل في هدوء مريب:
+
- طيب وإنتِ بتقوليلي كدة دلوقتي ليه؟
+
رغم تعجبها من سؤاله وخواطرها التي مازالت سيئة الا أنها أجابته في صدق:
+
- وائل بقاله شهرين بيحاول يكلمني ويقنعني اني أقابله وأنا برفض وكل ما أحظره من رقم أو حساب يطلعلي بغيره لحد ما الموضوع زاد ولقيته النهاردة مستنيني مع البواب وصارحني بلي كان عاوزه كان عاوز ملف المشروع الجديد الي إنتَ داخله لأن الناس الي هو شغال معاهم يهمهم ان مهندس تاني هو الي يمسك المشروع أنا عن نفسي رفضت وطردته بس هو مسكتش و......
+
بترت كلامها بنبرة متوترة وهي لا تعرفها كيف تخبره بالبقية ليتسائل هو بنبرة أقلقتها حقًا:
+
- عمل ايه كملي..؟
+
ابتلعت ريقها وهي تقف على قدميها لتتجه الى طاولة الزينة تمسك بهاتفها لتفتحه تحت نظرات خالد المراقبة لتعود اليه ثم وضعت الصورة التي أُرسلت إليها قبل قليل أمامه قائلة في توتر قد ظهر على يدها الممسكة بالهاتف:
+
- بعتلي دي على سبيل التهديد.
+
أمسك خالد بالهاتف وقد تحولت نظراته الى الصدمة وهو يرى تلك الصورة المهينة لزوجته.
+
اشتعل الغضب بمقلتيه ليبدد أي صدمة قبل أن يرفع نظره نحو تلك الجالسة بجانبه وقبل أن يفكر في الحديث تكلمت نافية كل ظنونه بثقة قد سلحت بها نبرتها:
+
- أنا عمري ما قربت منه بالطريقة دي يا خالد وأظن الصورة باينة كويس إنها متفبركة ودلوقتي أنا مستعدة لأي قرار هتاخده وأي كلام هتقوله أهم حاجة إني خلصت ضميري وقولتلك علشان مكونش بخدعك ومتقلقش أنا عمري ما كنت أفكر إني أذيك أبدًا.
+
تعاصفت الأفكار بعقله حتى كونت دوامة من الحيرة القاسية بداخله تشوشت أفكاره بطريقة أجبرته على الصمت هي محقة بالجزء الخاص بعمله فمن أين ستعلم أن هناك من يحاول أخذ المشروع منه بأي طريقة إذًا هي ربما صادقة في هذا الجزء ولكن ماذا عن البقية؟
+
من الأفضل أن يتأكد من تلك الصورة أولًا وبناءً على هذا سيعرف ما يجب عليه فعله، لذا ودون أن يتحدث بحرف أخذ هاتفها ثم خرج من الغرفة في صمت تاركًا خلفه جسد يتأكله القلق والحيرة.
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
جلست تضم ركبتيها إليها تحاوطهم بذراعيها وهي تنظر أمامها بشرود أصبح يلازمها منذ تلك الليلة التي تركها بها وذهب دون حتى أن يلقي بأي كلمة عتاب.
+
لقد مر إسبوع عليها ومعاملته معاها عادية جدًا كما هي عادته باستثناء أنه أصبح يتفادى الكلام معها على قدر استطاعته مما أصابها بالدهشة حقًا وكلما حاولت أن تتحدث معه بخصوص إعترافها كان يمنعها بأي وسيلة كتظاهره بانشغاله في الهاتف أو في رغبته في النوم مما جعلها حقًا على حافة الجنون.
+
حتى أن وائل لم يحاول الاتصال بها منذ ذلك اليوم، وهذا ما أقلقها؛ فربما يحيك لها شيئًا بهذه الصورة الذي لم يبعث غيرها بعد ذلك وبالتأكيد لديها غيرها الكثير، ولكنها لم تستطيع سؤاله لتَمنُعهُ في إكمال محادثتهم ولكنها عزمت اليوم على الحديث معه ولن تسمح له باختلاق الأعذار أبدًا وها هي تجلس في انتظاره في قلق.
+
انتفضت بخفة فور أن فُتح باب الغرفة؛ ليدلف إلى الداخل بملامحه المرهقة؛ ليتجه فورًا إلى المرحاض؛ كي يأخذ حمّامه الدافئ الذي يساعده على الراحة كعادته منذ تزوجته.
+
انتظرت فترة ليست بطويلة حتى خرج وهو يجفف شعره بالمنشفة، بينما يرتدي ملابس النوم الذي ظن أنه سيحصل عليه فور خروجه، ولكنه لم يدرِ عن تلك التي كانت له بالمرصاد.
+
ألقى المنشفة فوق الكرسي، ثم اتجه نحو الفراش؛ لينام في مكانه المعتاد، ولكنه وجدها تجلس فوقه بأريحية وهي تنظر إليه بملامح هادئة وقد ضمت ذراعيها أمامها مُنتظرة طلبه منها بأن تبتعد عن مكان نومه بلهفة.
+
ضم ذراعيه أمامه هو الأخر وهو يتسائل بصوت مرهق:
+
- خير في إيه؟
+
وقفت أمامه بعدما فكت حصار ذراعيها لتندفع مُتسائلة بتعجب ملئ بالغضب:
+
- أنا الي عاوزة أعرف في ايه مالك؟ أظن إن كلامي أخر مرة مش كلام ستات عادي علشان تنساه وتتعامل عادي أنا عاوز أعرف دلوقتي إنتَ عملت إيه لما طلعت من عندي؟
+
زفر خالد بينما ارتفعت يده لتمسح على وجهه في حين غمغم في ضيق من غضبها:
+
- هي باين عادة في كل الستات عدم الصبر ده حتى الصبر جميل يعني.
+
ارتفع حاجبيها في تعجب انتصر على غضبها وهي تتسائل في دهشة:
+
- أصبر على إيه إنتَ مش واخد بالك إنك بتخليني أفقد أعصابي ودلوقتي بتقولي صبر.
+
أطلق زفرة طويلة قبل يقترب منها محاوطًا كتفيها ثم أجبرها على الجلوس على الفراش معه قبل أن يبتسم بخفة قائلًا في هدوء:
+
- إنتِ عاوزة تعرفي ايه الي حصل وقراري كمان صح؟
+
أومأت له برأسها في صمت ليعاود التحدث مجددًا ومازال يحتفظ بابتسامته البسيطة:
+
- أولًا ماضيكي ده الي إنتِ مرعوبة منه على حد فهمي لملامحك وانتِ بتحكيه مش مستاهل كل خوفك منه لأنه حاجة متعبكيش هو الي انسان قذر وللأسف مجتمعنا متخلف لدرجة عدم الفهم حتى.
+
تنفست الصعداء فور أن أنهى حديثه هي لا تعرف كيف تشكره على ما تفوه به لقد أزال هم كان يثقل قلبها حقًا ولكنها أرادت التأكد حين تسائلت في توتر:
+
- يعني إنتَ مصدق إني بريئة من كلامهم.
+
_ ومصدقش ليه وإيه الي هيخليكي تكدبي عليا وخصوصًا دلوقتي أنا مكنتش موجود وقتها علشان أشوفك وانتِ نازلة بفستان الفرح علشان يبقى دليل قوي على كلامك ولكن دليلي الحالي هي الصورة وكلام وائل.
+
اعترت الصدمة ملامحها من حديثه بينما تتحدث في ذهول:
+
- وائل..!! إنتَ قابلته فين؟
+
صمت خالد لبرهة يتفحص صدمتها قبل أن يعاود الحديث مجددًا قائلًا:
+
- أنا لما سبتك الصراحة كنت مشتت مش عارفة أعمل إيه استنيت للصبح وبعدها روحت أتأكد من الصورة الأول من صديقة بتفهم في الفوتوشوب وقالتلي إن وشك هو الفيك الوحيد في الصورة الباقي كله حقيقي وبناءً على كلامها استعنت بواحد من معارفي من الداخلية محمد زوج سمية أختي طلبت منه أنه يجبلي معلومات عن الرقم الي اتبعتت منه الصورة وعرفت اسم المحل الي اتباع منه الخط وروحت وسألت وعرفت إن وائل هو الي اشتراه وبعد ما عملنا بحث عنه في الشرطة وطلع إنه ناصب على ناس كتير، ويعتبر أنا عملت خدمة للوطن، وسلمته للبوليس، ومش هياخد أقل مِن 15 سنة سجن و إن كان على مقابلتي ليه فأنا روحتله بعد ما اتقبض عليه وهو حكى كل حاجة زي ما إنتِ قولتي ده طبعًا بعد ما كان بيحاول يسوء سمعتك قدامي بس أنا عرفت أخليه يقول الحقيقة في الأخر.
+
تسائلت وهي لا تصدق أن هذا حدث حقًا:
+
- كل ده حصل الاسبوع الي فات وأنا معرفش...!! يعني خلاص كدة أنا مش هشوفه ولا هيتعرضلي تاني...؟
+
كانت تبدو كمن يحدث ذاته وهي تحاول استيعاب ما قاله وهي مَن ظنت أن الله يعاقبها، اتضح أنه أنقذها مِن بلاء كادت أن ترمي نفسها به، كم كان الله رحيمًا بها حين أنقذها منه ومِن قذارته، لتحمد الله بداخلها كثيرًا تشكره على إنقاذه لها.
+
استفاقت من شرودها على صوته وهو يقول بابتسامته البسيطة:
+
- أيوة خلاص مش هتشوفي وشه تاني.
+
تهللت أساريرها وهي تتنفس الصعداء بينما لسانها لم يتوقف عن الحمد للحظة لانتهاء كابوس قد طال طويلًا ليتابعها بابتسامته وهو يشعر بالسعادة لأجلها حتى التفتت اليه فجأة وهي ترمقه بنظرات غضب لتُفاجئه بلكمة في ذراعه وهي تتسائل في عتاب:
+
- وإنتَ سايبني كل ده وأنا هتجنن بسببك ومتقوليش..!!
+
تحسس خالد ذراعه بألم مصطنع بينما تحدث اليها بنبرة دعمت تصنعه بقوة:
+
- يابنت اللذينَ إيه الإيد دي.
+
ارتسم القلق على ملامحها وهي تقترب لتتفحص ذراعه هامسة باعتذار:
+
- هي وجعتك أنا أسفة جدًا مكنش قصدي والله بس إنتً الي استفزتني.
+
ضحك بخفة على قلقها ليمسك بيدها ثم انحني يلثم كفها بلطف قائلًا وعينيه مثبتة على خاصتها:
+
- على قلبي زي العسل.
+
سحبت رحمة يدها في خجل وقد توردت وجنتيها بحمرة لطيفة أسرته حقًا لتحاول تغير مجرى الحديث وهي تتسائل في توتر حاولت ألا تظهره:
+
- بس إنتَ بردوا مقولتليش ليه خبيت عليا وكنت هتجنني بتصرفاتك؟
+
زفر خالد في هدوء قد تحلى به في نبرة إجابته وقد تقبل تغيرها لمجرى الحديث:
+
- الصراحة هما سببين الأول إني كنت متضايق منك أوي يعني شهرين بيضايقك وجاية تقوليلي دلوقتي بعد ما المشكلة بقيت أكبر.
+
تحدثت هي سريعًا تدافع عن نفسها:
+
- أنا مكنتش عاوزة أضايقك خصوصًا إن الموضوع مكنش كبير أوي بس لما الأمر زاد عن حده قولتلك أنا أسفة بجد.
+
عاود الإبتسام وهو يقول في هدوء:
+
- هعديهالك المرة دي بس توعديني إنك مش هتخبي حاجة عني تاني.
+
أجابت رحمة سريعًا:
+
- اوعدك.
+
صمتت لبرهة وكأنها تذكرت شيئًا لتتسائل من جديد:
+
- طيب والسبب التاني؟
+
تثائب خالد في إرهاق ورغبة شديدة في النوم قد بدأت تغزوه أكثر ليتحدث بصوت أظهر ما بداخله:
+
- لا السبب الثاني هتعرفيه بكرا علشان كدة كنت بقولك لو كنتي صبرتي يوم كمان كنتي هتعرفي.
+
_ واشمعنا بكرا....!!
+
- مزاجي كدة ويلا بقى علشان عاوز أنام.
+
تنحنحت في حرج وهي تقف على قدميها مبتعدة عن مكان نومه ليستلقي فور أن ابعدت كي يريح ذاته من عناء اليوم لتلقي عليه تحية المساء ليرد عليها بأخرى قبل أن تلتفت هي الى الجهة الأخرى تستلقي بجانبه ورغم فضولها الشديد لذلك السبب إلا أنها في قمة سعادتها الآن فلقد أزال الله أكبر الهموم من حياتها وهذا شئ يستحق أن تقيم له إحتفال إلا أنها إكتفت بحمد الله فهو الغني الحميد.
+
وبعد معاناة مع حماسها استطاعت أخيرًا النوم في راحة دون كوابيس لأول مرة منذ عامين.
+
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
أخذت نفسًا عميقًا تحاول به تهدئة ضربات قلبها التي أخذت تدق بعنف عن المعتاد وهي تترجل مِن السيارة؛ لتقف في مقابل هذا المنزل الذي رفض استقبالها مِن قبل.
+
تنقلت بأنظارها بين هؤلاء الأشخاص الذين فور دخولها إلى هذا المكان، ولم تتركها أعينهم؛ منبهرين بهذا الغناء الذي بدا عليها وهي التي ذهبت تمسك بحقيبة نصف ممتلئة؛ لتبتلع ما بجوفها بتوتر شديد قد بدا على ملامحها البيضاء؛ لتظهر ما بداخلها بوضوح.
+
انتفضت بخفة فور أن شعرت بيده التي أمسكت بخاصتها؛ لتلتفت إليه بنظراتها الخائفة؛ ليطمئنها بنظراته الهادئة وابتسامته الحنونة وهو يجذبها خلفه إلى ذلك البيت الذي أصبحت تبغضه وبشدة، سارت معه كالمغيبة، وكيف لا وقد تملكتها الدهشة مِن نظرات الجميع إليها؛ فهي ليست نظرات بغض أو استحقار كنظراتهم لها حين ذهبت، بل نظرات غريبة لأول مرة تراها بأعينهم وهذا ما أثار دهشتها.
+
دلفت معه بخطوات بطيئة؛ لتتوقف حين توقف هو، يدق جرس الباب منتظرًا خارجه قليلًا، تشبثت به أكثر؛ محاولة بث الطمأنينة بداخلها لوجوده بجانبها، ولكن كل هذا قد ذهب أدراج الرياح فور أن فُتح الباب؛ ليطل منه آخر شخص قد تود مواجهته الآن.
+
زادت مِن ضغط يدها فوق يده فور أن التفت إليها هذا الرجل الذي يبدو أنه في نهاية عقده الخامس، يطالعها بصدمة قد اعتلت قسمات وجهه الملئ بالتجاعيد بوضوح؛ لتخفض نظرها محاولة كبت دموعها؛ تعد نفسها للاستماع إلى إهانته لها وعتابها عن القدوم إلى هنا بعد ما حدث، إلّا أنها تفاجأت به يجذبها مِن بين يدي خالد؛ ليعانقها بحنان واشتياق وهو يهتف بابتسامة واسعة:
+
- رحمة، وحشتيني أوي يا بنتي.
+
تجمدت في مكانها، وقد شلّت الصدمة تفكيرها لتُصبح كالدمية التي أصبح يحركها كما يشاء.
+
أهذا هو نفس الرجل الذي طردها مِن منزله دون أن يستمع لبكائها أو لتوسلاتها؟! أهذا هو نفس الرجل الذي غلّفت القسوة قلبه؛ ليرميها خارج منزله؟! يدعوها بمُجلبة العار عليهم! لا، بالتأكيد ليس هو؛ فهذا الحنان الذي يعانقها به الآن بالتأكيد مزيف؛ لوجود زوجها معها … زوجها الذي لا تعرف لِمَ أحضرها إلى هنا أو كيف عرف هذا المكان مِن الأساس فهي لم تخبره بالعنوان.
+
كادت أن تبعده هي بنفسها، ولكنه أنقذ نفسه حين أبعدها، وما زالت الابتسامة تزين ثغره؛ ليتجه نحو الباب يفتحه على مصرعيه وهو يدعوهم للدخول متجهًا نحو الداخل؛ يزف خبر مجيئهم إلى عائلته، بينما أمسك خالد بيد رحمة وهو يجذبها خلفه، لكنها توقفت متخشبة في مكانها وقد أبت الدخول إلى هذا المنزل مجددًا.
+
وقد اتضح له هذا مِن نظراتها النافرة التي لاحظها بعينيها حين التفت إليها؛ ليقابل ذلك النفور بنظراته المشجعة وهو يحثها بنظراته على الوثوق به واتباعه، لتمتثل في النهاية إلى طلبه، تخطو داخل هذا المنزل بخطوات بطيئة مترددة بعد عامين مِن تركه.
+
جلس كلًّا منهم في غرفة الصالون التي أُعدت جيدًا؛ لاستقبالهم بعد ترحاب حار مِن عائلة هذا الرجل بتلك الغائبة عنهم، لتنقل هي أنظارها بينهم بدهشة شديدة وقد أصابها الفضول في معرفة سر هذا التغير الغريب؛ فآخر مرة قد تواجدت هنا تلقّت كميّة إهانات لم تحصل عليها يومًا؛ بسبب ظنهم السوء بها، والآن يعاملونها بتلك الطريقة التي لم ترها حتى وهي تعيش معهم في هذا المنزل! حقًا هناك سر في هذا الأمر ويجب أن تعرفه.
+
التفتت نحو خالها المدعو بـ " محمود " ثم تساءلت بجدية مقاطعة حديثهم المرح معهم والذي اندمج به خالد:
+
- في إيه يا خالي؟ مالك؟ طريقتك متغيرة ليه عن آخر مرة؟! مش عوايدك تدخلني بيتك بعد اللي حصل؟
+
صمت محمود وهو يخفض نظره إلى الأسفل باحراج منها؛ فهي محقة في أي شيء تفعله معه بعد ما فعله معها.
+
بينما رمقها خالد بنظرات مُعاتبة؛ ينهرها عن تلك الطريقة التي تحدثت بها مع خالها، ولكنها لم تهتم بها بل صبّت كل تركيزها على محمود الذي تحدث بعد فترة صمت قصيرة مخرجًا نبرته خافتة بها ندم واضح:
+
- أنا ظلمتك يا رحمة، ظلمتك وافتريت عليكِ، وسيبتك في أكتر وقت كنتِ محتجاني فيه، بس ربنا رجعلك حقك وخدهولك من كل حد ظلمك.
+
تطلعت إليه بدهشة قد زادت أضعافًا بعد ذلك الحديث الذي تفوه به، ليكمل هو بنبرة حزينة قد غلفها الندم بعدما لاحظ نظرات التساؤل بعينيها:
+
- عم وائل فضل سنة يدور على وائل وبنته بعد ما هربوا مع بعض، وفي الآخر بنته هي الي رجعلته بعد ما عرفت حقيقة جوزها ورفعت قضية خلع على وائل، فهو مسكتش وجه هنا الحارة وعملّها فضيحة، وقال قدام الناس كلها إنها هربت معاه في ليلة الفرح بس هي مرضيتش ترجعله وعمه بهدله قدمنا، وكسب قضية الخلع، ومِن ساعتها ومشفناش وش وائل ده تاني خالص، بس كل الناس عرفت براءتك يا رحمة، ومِن وقتها وأنا بدور عليكِ لحد ما الباشمهندس الله يكرمه اتصل عليّ مِن يومين وقالّي إنكم جاينلي انهارده، متصدقيش فرحتي كانت عاملة ازاي لما عرفت إنك اتجوزتي، وإن ربنا انتقم مِن وائل ده.
+
يا إلهي كم أنّ الله رحيم بعباده، قد عوضها بصديقتها حين بحثت عن السند في المحنة، ثم خالد حينما احتاجت لمن يعوضها عن تلك التجربة الفاشلة، والآن صدفة قد جعلت الجميع يعلم ببراءتها، حقًا إن الله كان كريمًا جدًّا معها.
«فالحمد لله دائمًَا وأبدًا.»
+
ارتسمت ابتسامة بسيطة فوق وجهها فور أن هتفت زوجته وابنتيه بالإعتذارات الكثيرة طامعين في كرمها حتى تسامحهم، بينما تحدث خالها باعتذار وهو يخفض نظره بخجل؛ لتلتفت إلى زوجها تأخذ منه المشورة في هذا القرار؛ ليقترب منها هامسًا لها بابتسامة بسيطة:
+
- المسامح كريم، خليكِ اسم على مُسمى يا رحمة.
+
أومأت له بخفة قبل أن تقف على قدميها؛ لتتجه نحو خالها تجلس بجانبه، ثمّ أمسكت بيده تقبّلها باحترام قبل أن ترفع نظرها إليه تحدثه بصدق:
+
- وأنا مقدرش أزعل منك يا خالو، ده إنتَ الخير والبركة بردو.
+
أدمعت عيناه بدموع الندم قبل أن يستقبلها بين أحضانه بحنان قد نافس حنان الأب في مقامه، وقد غلفته السعادة بمسامحتها، يشكر الله على وجود فتاة كرحمة بحياته.
+
بينما تنهدت هي بارتياح لكرم الله عليها، وحصولها على هذا الحنان الذي اشتاقت إليه كثيرًا؛ تاركة الماضي بكل جوارحه خلفها؛ بادئة صفحة بيضاء سيخططها مستقبلها بحروف ذهبية تلمع بسعادتها التي بدأت مِن هذا اليوم.
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
مرّ أسبوعان على تلك الأحداث، كانوا مِن أجمل أيام حياتها حقًا؛ كانت تقضي أوقاتًا جميلة مع خالد وعمر وعائلة خالد وسمية تلك الفتاة التي اتضح أنها ألطف ما يكون، وقد أخذت مِن المرح نصيبًا كبيرًا، لتُصبح أختًا لها وليست مجرد صديقة.
+
_ في إحدى الأيام _
+
عاد خالد مِن العمل مساءً بعد أن أنهى أعماله ليتفاجأ بالظلام الدامس الذي كان يغلف المنزل، هتف باسم رحمة أو عمر، ولكن لم يجيبه أحد، لينتابه القلق متجهًا سريعًا نحو مقبس الكهرباء؛ ليُضيئه قبل أن يلتفت خلفه بفزع على صوت صراخ عمر ورحمة اللذان هتفوا بسعادة:
+
- كل سنة وإنتَ طيب.
+
تنهد خالد بارتياح فور رؤيتهم سالمين أمامه، لتنتابه الدهشة فور رؤيته لتلك الطاولة المزينة تعتليها كعكة بالكريمة كما يحبها هو، بينما وقف خلفه عمر ورحمة متابعين تقدمه نحوهما بابتسامة واسعة.
+
توقف أمامهما وهو ينظر إلى كل هذا بدهشة، ثم رفع نظره إليهما متسائلًا:
+
- إيه ده كله؟! أنا عيد ميلادي لسة بكرا.
+
ضحكت رحمة بخفة وهي تلتفت نحو عمر الذي طالعها بابتسامة قبل أن يجيب على سؤال والده:
+
- الساعة دلوقتي 12 يا بابا، واحنا حبينا نكون أول ناس تقولك كل سنة وإنتَ طيب، ثم إن بكرا في بارتي كبيرة وكل عيلتنا معزومين.
+
رمقهما بعدم تصديق وابتسامة سعيدة تغزو ثغره، لتمسك رحمة بالسكين تمدها إليه وهي تحدثه بابتسامة:
+
- اتفضل، يلّا طفي الشمع وقطع التورتة.
+
تحدث عمر سريعًا بعدما أمسك خالد بالسكين:
+
- ومتنساش تتمنى أمنية.
+
أغمض خالد عيناه لثواني قبل أن يفتحهما مخرجًا أنفاسه؛ لكي يطفئ كل الشموع التي أشعلتهم رحمة فور إضائته للأنوار.
+
ليصفق له الاثنين قاضين وقتًا ممتعًا معًا قبل أن يستأذن عمر متجهًا نحو غرفته؛ لينعم بنوم هادئ، بينما اصطحب خالد زوجته إلى غرفتهم التي فور أن أغلقها خلفهم حتى حررت رحمة نفسها مِن قيد ذلك الروب الذي كانت ترتديه فوق ثياب نومها؛ لتزيحه عنها ملقية إياه فوق الفراش، وليتها لم تفعل.
+
فقد تجمد في مكانه فور أن وقعت عيناه على ذلك الفستان الأحمر الذي كانت ترتديه أسفل الروب؛ والذي يظهر أكثر ما يخفي، ليبتلع ما في جوفه بصعوبة محاولًا إشاحة نظره عنها، ولكنها لم تكن تنوي على خير حينما نادته بصوتها الناعم تجبره على النظر إليها؛ ليتجه نحوها كالمسلوب حتى توقف أمامها وقد أيقن أن الليلة لن تمر على خير، ولِمَ لا؟! فهو له كامل الحرية الآن، وهي مَن دعته بحديثها ونظراتها التي أظهرت بداخلهم عشقها له، لتسلبه مِن هذا الواقع هاربة به إلى الخيال الجميل.
+
خرجت حروف كلماته بمكر جعل مِن وجنتيها كتلتين مشتعلتين وهو يحاوط خصرها مُقربًا إياها منه:
+
- واضح إنك ناوية تخاوي عمر الغلبان ده.
+
ابتسمت بخجل مخفضة نظرها وهي تحدثه بارتباك محاولة التخفيف مِن رهبة الموقف:
+
- خالد، هو إنتَ اتمنيت إيه؟
+
وضع يده أسفل ذقنها؛ ليرفع عيناها إلى عينيه سالبًا ما تبقى مِن أنفاسها؛ لتنظر إليه كالمغيبة وهي تستمع إلى رده:
+
- اتمنيتك يا رحمة، اتمنيت تفضلي معايا لآخر أيامي، وكل ما أكبر كل ما حُبك يكبر معايا.
+
صمت وهو يقترب من أذنيها هامسًا في رقة:
+
- بحبِك.
+
وكأن فراشات العشق قد طارت خصيصًا مِن قلبها؛ لترفرف بسعادة قد اكتسبتها مِن كلمته التي جعلتها ترفرف بسعادة بين تلك الفراشات؛ لتهمس بجانب أذنه بنبرتها الرقيقة بكلمة كانت كفيلة لتوحي ما بداخلها مِن عشق:
+
- بحبَك.
+
استند بجبهته فوق خاصتها متنهدًا بارتياح فور أن استمع إلى تلك الأحرف التي خرجت كسنفونية موسيقية جميلة اللحن؛ ليردف قائلًا بعشق قبل أن يسلبها إلى عالمه الخاص:
+
" كان الطريق إليك صعبًا، ولكنه لم يكن مستحيلًا، أنا ممنون للقدر الذي ألقى بكلمته الأخيرة؛ ليجمع قلبين قد طال فراقهما. "
+
النهاية ❤️
________________________________________
تمت بحمد الله. ❤️
+
أتمني تكون نالت اعجابكم ورضاكم وشكرًا جدًا على تفاعلكم الجميل عليها بجد فرحتوني 😍❤️❤️❤️
ومستنية بحماس رأيكم عنها سواء سلبي أو إيجابي وشكرًا على تقديركم تسلمولي يارب 😍❤️
+
دمتم سالمين يا جماعة 🤗❤️
