رواية خلف الظلال الفصل الثالث 3 بقلم يسرا
الفصل الثالث ...... بقلم يسرا
ترجلت هاله سياره الاجره بعدما نقدت السائق بضعه من الجنيهات وصعدت الدرج سريعا حتى وصلت للطابق الرابع حيث شقه والدتها
طرقت الباب مرارا ولكن دون جدوى
حاولت هاله فتح الباب بالمفتاح الذى تملكه
ولكن الباب لم يستجب ..... يبدو ان احدهم قد بدل كالون الباب بآخر
فطرقت الباب عده مرات اخرى حتى سمعتها جارتها التى تسكن الشقه المقابله لوالدتها
فخرجت الجاره من شقتها قائله : خير حضرتك مين؟
هاله بقلق: انا هاله بنت الحاجه عواطف ....هما فين ؟ ماحدش بيرد ليه؟
ارتسمت معالم الاسف على وجه الجاره وقالت : البقاء لله ..والدتك تعيشى انتى
شعرت هاله ان قد اصابتها صعقه كهربائيه عنيفه فصرخت باكيه : ايه؟ انتى بتقولى ايه؟ ماما ماتت؟ امتى ؟؟؟؟؟؟؟؟
الجاره : لا حول ولا قوه الا بالله وحدى الله ...مش كده ...هيا اتوفت من حوالى 17 يوم
فأخذت هاله فى الصراخ والبكاء بهيستريا وأمسكت الجاره بكتفها واصطحبتها الى داخل شقتها
وقالت لها : معلش البيت مش اد المقام ...احنا لسه معزلين قريب من سنه كده ..والدتك الله يرحمها كانت ست طيبه اووى وفى حالها
جلست هاله وكانت لا تزال تبكى وتنتحب شاعره انه هذا لابد ان يكون حلما وعليها ان تفيق
فقالت لها الجاره :ثوانى اعملك ليمون عشان تهدى اعصابك
حاولت هاله التماسك قليلا وقالت ولا تزال دموعها تتساقط بغزاره : لاء لاء مالوش لزوم ...حضرتك ماتعرفيش ولادى فين ؟ راحو فين بعد امى ما ماتت؟
الجاره : قوليلى يا ولاء ...ياسين وعمرو بعد ما الحاجه اتوفت جه عمك باين واخدهم وغير كالون الشقه وساب معايا نسخه من المفتاح
ثم قامت وقالت : ثوانى اجيبلك المفتاح
واخذت هاله تبكى شاعره بحرقه بالغه فى صدرها واخذت تهذى : 17 يوم 17 يوم ...اااه يا اما ......اااه
اعطتها ولاء المفتاح وقالت : عمك ساب معايا المفتاح على اساس ان اخوكى هينزل من السعوديه على شهر 8 ماقليش حاجه عنك خالص والحاجه الله يرحمها كانت قايلالى انك مسافره الامارات حمدالله على سلامتك
مسحت هاله عيناها بظهر كفيها وقالت بمراره : اصل عمى مقاطعنا من زمان وعلاقتى بيه مش اووى ومش بيكلم غير اخويا بالعافيه
تذكرت هاله عمها ذو الاصول الصعيديه الذى قاطع اسرتها الصغيره لدى رفضها الزواج من ابنه والانتقال للعيش فى الصعيد وعندما تم سجن هاله تبرأ منها هو وجميع افراد العائله
قامت هاله من مجلسها وقالت : متشكره اووى تعبتك معايا
ولاء : تعبك راحه مابدرى ...هتروحى فين؟؟
ردت هاله باكيه بصوت مرتعش : هزور امى
ولاء: الله يرحمها ...استنى اجى معاكى ..مش هأخرك هلبس العبايه والطرحه بسرعه
هاله : مالوش لزوم تتعبى روحك
ولاء : ازاى دى كانت زى امى وفرصه ولادى لسه مارجعوش من المدرسه
اصطحبت ولاء هاله الى حيث قبر والدتها وقرأت الفاتحه على قبر جارتها وانصرفت
تاركه هاله بمفردها والتى ظلت تبكى رغما عنها وقالت لامها : وحشتينى اووى يا ماما ...كان نفسى اشوفك واترمى فى حضنك ...سامحينى انى ماكنتش جنبك ..بس غصب عنى ..منهم لله منهم لله اللى كانو السبب اخدوا 5 سنين من عمرى وعمرك وعمر ولادى ...اااه حسبى الله ونعم الوكيل ...حسبى الله ونعم الوكيل
مر الوقت على هاله وهى جالسه الى جوار قبر امها تجاهد نفسها على الا تبكى فتكدر امها فى قبرها
وحاولت ان تقرأ لها بعض آيات الذكر الحكيم الا ان بعد مضى قليل الوقت شعرت بتشنج لسانها من كثره دموعها الحبيسه فقامت وودعت امها على وعد بالزياره القريبه مره اخرى
وانصرفت الى المنزل الخاوى وتأملت جدرانه وتلمست اركانه الخاويه بحثت عن اى شىء يخص اطفالها الا انها لم تعثر على شىء خاص بهم البته فاتجهت هاله الى الهاتف
وهاتفت عمها فى سوهاج وهى تحمد ربها انها لازالت تتذكر رقم هاتفه...
اتاها صوت زوجه عمها رشيده قائله : الوو
فقالت هاله بلهفه : مرات عمى ...انا هاله ..
رشيده بسخريه: يااه دا انا كنت نسيت صوتك ....طلعتى من الحبس يا هاله كفاره
هاله بمراره: عمى فين ؟
رشيده : فى الغيط
هاله بلهفه: ولادى فين ؟
رشيده : لا هو انتى فاكرك انهم وايانا ...لا يا حبه عينى ....عمك اتحددت ويا... طليجق وجاله ياجى ياخدهم من وهما عنديكم فى مصر ..انا جلتله مانرميش لحمنا بردك ..بس هوا جلى ان امهم مارضياتش بعيشتنا يبجى كيف ولادها يرضوا ..وكمان ابوهم اولى بيهم
هاله بحسره : تشكرى يا مرات عمى وابقى سلمى على عمى
وضعت هاله سماعه الهاتف ورفعتها مجددا وقامت بالاتصال بزوجها السابق ولكن اتاها صوت عامله الاستقبال يخبرها بأن الرقم خاطىء!!!!
فانطلقت مسرعه الى بيت حماتها... اجلال
والتى ما ان فتحت الباب حتى طالعتها بوجهها العبوس قائله : هوا انتى ؟ ايه اللى جابك ؟ خرجتى من السجن امتى ؟
لم تعرها هاله اهتماما وقالت بعنف : ولادى فين؟
اجلال : مع ابوهم
هاله : وابوهم فين؟
اجلال باستخفاف : ماعرفش
هاله بعصبيه : ماتعرفيش ازاى ؟ انا عايزه ولادى ..انا امهم
صرخت اجلال وقالت : وهوا ابوهم واولى بيهم.. يا عره.. يا رد السجون ....بذمتك مانتيش مكسوفه من نفسك
هاله : بقولك ايه اتكلمى معايا عدل احسنلك انا عايزه ولادى والا والله لاطلع على القسم ابلغ عنكم
اجلال : بالسلامه ياختى والقلب داعيلك وابقى قابلينى لو عرفتى تعملى حاجه ... انتى تنسى الولاد نهائى خلاص ..بح ..ابوهم هيعيشهم احسن عيشه
هاله : انسى ايه ..انسى ولادى ..انتى اتجننتى ياست انتى ؟
اجلال : لا ياحبيبتى ااقفى عوج واتكلمى عدل ...اااه انا بقولك اهو والبيت ده حسك عينك تعتبيه تانى والا والله لاكسرلك رجلك
ثم اغلقت اجلال الباب بعنف فى وجه هاله التى نزلت درجات السلم باكيه بحرقه لا تدرى كيف التصرف ولا الى اين تذهب
فقررت الذهاب الى حيث عمل زوجها لمواجهته واسترداد اطفالها منه
وصلت هاله الى البنايه القديمه بشبرا حيث مكتب المحاماه التى كان يعمل به عادل
طرقت الباب ففتح لها الساعى قائلا : حضرتك عاوزه مين ؟
هاله : استاذ عادل سعد الدين
الساعى :مين ؟ مافيش حد عندنا بالاسم ده
هاله بدهشه : ازاى ده كان بيشتغل هنا من خمس سنين
الساعى : لا والله يافندم الموجود هنا دلوقتى الاستاذ منير والانسه اميره وصاحب المكتب الاستاذ مكرم وبس
هاله : منير مايكل ؟
الساعى : ااه هو بعينه
هاله : طيب انا عايزه ااقابله
الساعى : الاستاذ منير عنده محكمه وهيجى الساعه 7 بالليل
هاله : طيب ممكن تدينى الرقم بتاعه
الساعى : طيب اتفضلى حضرتك للسكرتاريه جوه هما يدوكى الرقم
اتجهت هاله الى غرفه السكرتاريه برفقه الساعى الطيب والذى قال للسكرتيره : آنسه اميره من فضلك المدام عايزه نمره الاستاذ منير
اميره : حضرتك ممكن تتكلمى مع الاستاذ مكرم هوا موجود
هاله بنفاذ صبر: لاء انا عاوزه الاستاذ منير فى امر شخصى
اميره : ااه طيب اتفضلى نمره الاستاذ منير كتبتهالك على الكارت بتاع المكتب واى خدمه
هاله فى محاوله يائسه : كنت بسأل عن الاستاذ عادل سعد الدين كان محامى شغال هنا فى المكتب
اميره : ياااه الاستاذ عادل ...ده ساب المكتب من زمان اووى انا فاكره انى اشتغلت بعدها بشهر ساب المكتب
هاله : طيب ماتعرفيش هوا راح اشتغل فين ؟ فى مكتب تانى ولا فين؟
اميره : لا والله من ساعه ماساب الشغل واخباره اتقطعت
هاله : طيب شكرا ..اسفه انى اخدت من وقتك
اميره : ابدا انتى تشرفي فى اى وقت
انصرفت هاله من مكتب المحاماه واتجهت الى احد اكشاك التليفونات المنتشره بكثره فى شوارع شبرا وحادثت منير الا انها وجدت ان هاتفه مغلق كررت المحاوله عده مرات ولكنها لم تصل الى شىء
سارت هاله حتى اتعبتها ساقيها وشعرت انها قد خرجت من سجن النساء بالقناطر الى سجن اكبر ...سجن القاهره للمعز لدين الله الفاطمى
عادت هاله ادراجها الى منزل والدتها الخاوى وفوجئت بصاحب العقار يعترض طريقها اثناء صعودها
قال صاحب العقار : حمد لله على السلامه يا استاذه
هاله : الله يسلمك ياحاج اسماعيل
اسماعيل : البقاء لله والله المرحومه كانت ست طيبه اووى الله يرحمها ويتغمدها برحمته
هاله ببكاء : الله يرحمها
اسماعيل : ما تأخذنيش يعنى انا عشان خاطر العشره والجيره انا استنيت اخوكى الاستاذ هادى لما يرجع بسلامه الله من السعوديه واتفق معاه على نظام جديد للشقه يعنى ان كان يدفع خلو ولا هتسبوها وانا زى ماقولتلك عامل حساب الجيره حد غيرى كان اتصرف تصرف تانى
نظرت له هاله بعدما تفاجئت بحديثه وقالت : طبعا طبعا معاك حق وانا عارفه ان الشقه مش تمليك وانها ايجار وماحدش فينا كان عايش فيها مع امى قبل ماتموت بس انا طالبه منك يا حاج اسماعيل تدينى فرصه اظبط حالى وانا او اخويا هنبقى نرد عليك معلش انا لسه راجعه النهارده وتفاجئت بخبر موت امى
اسماعيل : ليه يابنتى هوا انتى كنتى مش بتتصلى بيها ولا ايه ؟
ردت هاله كاذبه : هه ...لاا اصل هيا كانت قايله انها هتروح لخالتى فى اسكندريه
اسماعيل : ربنا يجعلها اخر الاحزان المهم ياريت تردى عليا فى ااقرب وقت لان فى ناس عارضين عليا مبلغ حلو فيها لكن انتو اولى
هزت هاله وقالت : مفهوم ...عن اذنك
صعدت هاله الدرج بصعوبه ودخلت الشقه الخاويه وبحثت مطولا عن هاتف والدتها المحمول حتى عثرت عليه وحادثت اخيها هادى
والذى تعجب لدى رؤيته رقم والدته المتوفاه فرد بصوت خائف : الو
انشرح قلب هاله لدى سماع صوت اخيها الاصغر فترقرق الدمع فى عيناها وقالت : ايوا يا هادى ازيك ..انا هاله
هادى بصوت شابه الصدمه: هاله ...انتى خرجتى من السجن
هاله باكيه: ااه ..ازيك انت ...طيب ماتسألش عليا ومستعر منى عشان مادخلت السجن ...لكن امنا تموت ماتكلفش نفسك ترفع سماعه التليفون تسأل عليا وتقولى؟.
هادى بجفاف: وانا يعنى كنت هكلمك ازاى ما انتى كنتى فى السجن
هاله بانكسار: صح معاك حق ..طيب حتى يا اخى ابعت برقيه ..تلغراف ..جواب حتى ...
هادى بخشونه : اديكى خرجتى وعرفتى...هاه عاوزه ايه ؟
هاله متهدج: كنت عايزه اسلم عليك واقولك انك واحشنى وانك دلوقتى اللى فاضيلى من الدنيا دى كلها ...وياريت قلبك يلين لاختك اللى اكبر منك وتفتكر ان الدم عمره مايبقى مايه
هادى بغضب : ياريت مافيش داعى للتبكيت فيا اووى كده ...دلوقتى افتكرتى ان ليكى اخ ومن دمك ما افتكرتيش كده يوم ما روحتى اختلستى 50 الف جنيه وخليتى امنا تبيع اللى وراها واللى ادامها عشان تسددهم وشفت انا وهيا ايام مايعلم بيها الا ربنا حتى ماهنش عليكى تطلعى شويه من تحت البلاطه وتسددى اللى عليكى وسيبتينا للديون وادينى متغرب بسببك لانى لسه بسدد فى الديون اللى علينا
هاله : انت ليه مش عايز تصدق انى ما اخدتش حاجه وانى مظلومه
هادى : يعنى الفلوس يلقوها فى حسابك فى البنك وبعديها تختفى وعادل يختفى هوا راخر بعد ما دخلتى السجن بحاجه بسيطه... ويظهر بس من كام يوم وعمى يقولى انه شكله اتنطر نطره اللى هيا وبقى واحد تانى ...وعايزانى لسه اصدقك... حتى بعد ما اتطلقتى منه لسه بتفضليه علينا ..تبعينا كلنا وتدخلى السجن عشان هوا يتنغنغ على قفانا
هاله : والله العظيم انا ما اعرف عنه حاجه ولا اديتله حاجه ...ليه مش عاوز تصدقنى طيب هستفيد ايه ادخل انا السجن واسيبه بره يتمتع بالفلوس وابعد عن ولادى كمان عشانه ؟؟
هادى : والله بقى انا ماعرفش ايه الاتفاق اللى كان بينك وبينه ..يمكن كنت مستنيه انه يردك ولا تمثيله عملتوها علينا انتو الاتنين
هاله : يا هادى حرام عليك بطل سوء ظن فيا ...هرجعله ليه وانا اللى كنت قربت ابوس طوب الارض عشان يطلقنى بعد الضرب والقرف اللى كان معيشنى فيه ...دا انا حمدت ربنا على السجن لانه خلصنى منه
هادى : والله بقى ماعرفش
هاله : طيب ماتعرفش ولادى فين؟
هادى : عمى قال ان عادل جه اخدهم
هاله : وعادل فين
هادى : وانا ايش عارفنى
هاله : يعنى يرضيك ماعرفش اشوف ولادى بعد السنين اللى بعدتها عنهم دى كلها
هادى : وانا اعملك ايه يعنى ...
هاله : انا مش عارفه القسوه دى كلها جبتها منين؟
هادى : من بعض ماعندكم المهم انتى بتتكلمى دولى والرصيد احتمال مايكفكيش اذا كنتى خلصتى تبكيت فيا يبقى ااقفلى احسنلك ...وبعدين فين موبايلك ؟
هاله : اتسرق منى من زمان ..ايه ماكنتش عايز ترد عليا كمان اما تشوف نمرتى
سكت هادى خجلا فقالت هاله : على العموم انا قربت اخلص المكالمه اللى تقيله اووى على قلبك دى بس فى حاجه اخيره ... الحاج اسماعيل كلمنى بخصوص الشقه
هادى : انا هبقى اكلمه
هاله : انت ناوى تدفعله خلو
هادى : ااه عشان هتجوز فى الشقه شهر 10 اللى جاى
هاله بدهشه: انت خطبت؟؟!!!
هادى بخشونه : ايوا ... ومش عايزه مفهوميه الشقه هتبقى بتاعتى انا ومراتى وياريت من دلوقتى تدورى على مكان تانى تعيشى فيه وتنسى حقك فى الشقه كفايه الديون اللى لسه بسددها لحد دلوقتى عندك 6 شهور تدورى فيهم براحتك على مكان تانى قبل ما انزل انا فى اغسطس
هاله : مفهوم يا اخويا ...ومبروك وان شاء الله لما ربنا يعدلها هبقى ارجعلك فلوسك على داير مليم
هادى ساخرا: وده منين ان شاء الله اوعى تعملى مصيبه تانيه تعرينا بيها وتدخلى السجن كام سنه كمان ساعتها تنسى ان ليكى اخ
تساقطت عبرات هاله بلا حساب وتنهدت وقالت : مع السلامه يا هادى
وضعت هاله الهاتف جانبا واخذت تبكى بكاءا مريرا غير مصدقه ان تلك هى احداث اليوم الذى انتظرته طويلا .... بعد خمس سنوات جحاف امضتهم خلف القضبان الفولاذيه
لقد خرجت من سجن ذو ارض وقضبان صلبه الى دوامه اخذتها على حين غره لتلقيها فى قاع اليم وبمنتهى القوه
ترجلت هاله سياره الاجره بعدما نقدت السائق بضعه من الجنيهات وصعدت الدرج سريعا حتى وصلت للطابق الرابع حيث شقه والدتها
طرقت الباب مرارا ولكن دون جدوى
حاولت هاله فتح الباب بالمفتاح الذى تملكه
ولكن الباب لم يستجب ..... يبدو ان احدهم قد بدل كالون الباب بآخر
فطرقت الباب عده مرات اخرى حتى سمعتها جارتها التى تسكن الشقه المقابله لوالدتها
فخرجت الجاره من شقتها قائله : خير حضرتك مين؟
هاله بقلق: انا هاله بنت الحاجه عواطف ....هما فين ؟ ماحدش بيرد ليه؟
ارتسمت معالم الاسف على وجه الجاره وقالت : البقاء لله ..والدتك تعيشى انتى
شعرت هاله ان قد اصابتها صعقه كهربائيه عنيفه فصرخت باكيه : ايه؟ انتى بتقولى ايه؟ ماما ماتت؟ امتى ؟؟؟؟؟؟؟؟
الجاره : لا حول ولا قوه الا بالله وحدى الله ...مش كده ...هيا اتوفت من حوالى 17 يوم
فأخذت هاله فى الصراخ والبكاء بهيستريا وأمسكت الجاره بكتفها واصطحبتها الى داخل شقتها
وقالت لها : معلش البيت مش اد المقام ...احنا لسه معزلين قريب من سنه كده ..والدتك الله يرحمها كانت ست طيبه اووى وفى حالها
جلست هاله وكانت لا تزال تبكى وتنتحب شاعره انه هذا لابد ان يكون حلما وعليها ان تفيق
فقالت لها الجاره :ثوانى اعملك ليمون عشان تهدى اعصابك
حاولت هاله التماسك قليلا وقالت ولا تزال دموعها تتساقط بغزاره : لاء لاء مالوش لزوم ...حضرتك ماتعرفيش ولادى فين ؟ راحو فين بعد امى ما ماتت؟
الجاره : قوليلى يا ولاء ...ياسين وعمرو بعد ما الحاجه اتوفت جه عمك باين واخدهم وغير كالون الشقه وساب معايا نسخه من المفتاح
ثم قامت وقالت : ثوانى اجيبلك المفتاح
واخذت هاله تبكى شاعره بحرقه بالغه فى صدرها واخذت تهذى : 17 يوم 17 يوم ...اااه يا اما ......اااه
اعطتها ولاء المفتاح وقالت : عمك ساب معايا المفتاح على اساس ان اخوكى هينزل من السعوديه على شهر 8 ماقليش حاجه عنك خالص والحاجه الله يرحمها كانت قايلالى انك مسافره الامارات حمدالله على سلامتك
مسحت هاله عيناها بظهر كفيها وقالت بمراره : اصل عمى مقاطعنا من زمان وعلاقتى بيه مش اووى ومش بيكلم غير اخويا بالعافيه
تذكرت هاله عمها ذو الاصول الصعيديه الذى قاطع اسرتها الصغيره لدى رفضها الزواج من ابنه والانتقال للعيش فى الصعيد وعندما تم سجن هاله تبرأ منها هو وجميع افراد العائله
قامت هاله من مجلسها وقالت : متشكره اووى تعبتك معايا
ولاء : تعبك راحه مابدرى ...هتروحى فين؟؟
ردت هاله باكيه بصوت مرتعش : هزور امى
ولاء: الله يرحمها ...استنى اجى معاكى ..مش هأخرك هلبس العبايه والطرحه بسرعه
هاله : مالوش لزوم تتعبى روحك
ولاء : ازاى دى كانت زى امى وفرصه ولادى لسه مارجعوش من المدرسه
اصطحبت ولاء هاله الى حيث قبر والدتها وقرأت الفاتحه على قبر جارتها وانصرفت
تاركه هاله بمفردها والتى ظلت تبكى رغما عنها وقالت لامها : وحشتينى اووى يا ماما ...كان نفسى اشوفك واترمى فى حضنك ...سامحينى انى ماكنتش جنبك ..بس غصب عنى ..منهم لله منهم لله اللى كانو السبب اخدوا 5 سنين من عمرى وعمرك وعمر ولادى ...اااه حسبى الله ونعم الوكيل ...حسبى الله ونعم الوكيل
مر الوقت على هاله وهى جالسه الى جوار قبر امها تجاهد نفسها على الا تبكى فتكدر امها فى قبرها
وحاولت ان تقرأ لها بعض آيات الذكر الحكيم الا ان بعد مضى قليل الوقت شعرت بتشنج لسانها من كثره دموعها الحبيسه فقامت وودعت امها على وعد بالزياره القريبه مره اخرى
وانصرفت الى المنزل الخاوى وتأملت جدرانه وتلمست اركانه الخاويه بحثت عن اى شىء يخص اطفالها الا انها لم تعثر على شىء خاص بهم البته فاتجهت هاله الى الهاتف
وهاتفت عمها فى سوهاج وهى تحمد ربها انها لازالت تتذكر رقم هاتفه...
اتاها صوت زوجه عمها رشيده قائله : الوو
فقالت هاله بلهفه : مرات عمى ...انا هاله ..
رشيده بسخريه: يااه دا انا كنت نسيت صوتك ....طلعتى من الحبس يا هاله كفاره
هاله بمراره: عمى فين ؟
رشيده : فى الغيط
هاله بلهفه: ولادى فين ؟
رشيده : لا هو انتى فاكرك انهم وايانا ...لا يا حبه عينى ....عمك اتحددت ويا... طليجق وجاله ياجى ياخدهم من وهما عنديكم فى مصر ..انا جلتله مانرميش لحمنا بردك ..بس هوا جلى ان امهم مارضياتش بعيشتنا يبجى كيف ولادها يرضوا ..وكمان ابوهم اولى بيهم
هاله بحسره : تشكرى يا مرات عمى وابقى سلمى على عمى
وضعت هاله سماعه الهاتف ورفعتها مجددا وقامت بالاتصال بزوجها السابق ولكن اتاها صوت عامله الاستقبال يخبرها بأن الرقم خاطىء!!!!
فانطلقت مسرعه الى بيت حماتها... اجلال
والتى ما ان فتحت الباب حتى طالعتها بوجهها العبوس قائله : هوا انتى ؟ ايه اللى جابك ؟ خرجتى من السجن امتى ؟
لم تعرها هاله اهتماما وقالت بعنف : ولادى فين؟
اجلال : مع ابوهم
هاله : وابوهم فين؟
اجلال باستخفاف : ماعرفش
هاله بعصبيه : ماتعرفيش ازاى ؟ انا عايزه ولادى ..انا امهم
صرخت اجلال وقالت : وهوا ابوهم واولى بيهم.. يا عره.. يا رد السجون ....بذمتك مانتيش مكسوفه من نفسك
هاله : بقولك ايه اتكلمى معايا عدل احسنلك انا عايزه ولادى والا والله لاطلع على القسم ابلغ عنكم
اجلال : بالسلامه ياختى والقلب داعيلك وابقى قابلينى لو عرفتى تعملى حاجه ... انتى تنسى الولاد نهائى خلاص ..بح ..ابوهم هيعيشهم احسن عيشه
هاله : انسى ايه ..انسى ولادى ..انتى اتجننتى ياست انتى ؟
اجلال : لا ياحبيبتى ااقفى عوج واتكلمى عدل ...اااه انا بقولك اهو والبيت ده حسك عينك تعتبيه تانى والا والله لاكسرلك رجلك
ثم اغلقت اجلال الباب بعنف فى وجه هاله التى نزلت درجات السلم باكيه بحرقه لا تدرى كيف التصرف ولا الى اين تذهب
فقررت الذهاب الى حيث عمل زوجها لمواجهته واسترداد اطفالها منه
وصلت هاله الى البنايه القديمه بشبرا حيث مكتب المحاماه التى كان يعمل به عادل
طرقت الباب ففتح لها الساعى قائلا : حضرتك عاوزه مين ؟
هاله : استاذ عادل سعد الدين
الساعى :مين ؟ مافيش حد عندنا بالاسم ده
هاله بدهشه : ازاى ده كان بيشتغل هنا من خمس سنين
الساعى : لا والله يافندم الموجود هنا دلوقتى الاستاذ منير والانسه اميره وصاحب المكتب الاستاذ مكرم وبس
هاله : منير مايكل ؟
الساعى : ااه هو بعينه
هاله : طيب انا عايزه ااقابله
الساعى : الاستاذ منير عنده محكمه وهيجى الساعه 7 بالليل
هاله : طيب ممكن تدينى الرقم بتاعه
الساعى : طيب اتفضلى حضرتك للسكرتاريه جوه هما يدوكى الرقم
اتجهت هاله الى غرفه السكرتاريه برفقه الساعى الطيب والذى قال للسكرتيره : آنسه اميره من فضلك المدام عايزه نمره الاستاذ منير
اميره : حضرتك ممكن تتكلمى مع الاستاذ مكرم هوا موجود
هاله بنفاذ صبر: لاء انا عاوزه الاستاذ منير فى امر شخصى
اميره : ااه طيب اتفضلى نمره الاستاذ منير كتبتهالك على الكارت بتاع المكتب واى خدمه
هاله فى محاوله يائسه : كنت بسأل عن الاستاذ عادل سعد الدين كان محامى شغال هنا فى المكتب
اميره : ياااه الاستاذ عادل ...ده ساب المكتب من زمان اووى انا فاكره انى اشتغلت بعدها بشهر ساب المكتب
هاله : طيب ماتعرفيش هوا راح اشتغل فين ؟ فى مكتب تانى ولا فين؟
اميره : لا والله من ساعه ماساب الشغل واخباره اتقطعت
هاله : طيب شكرا ..اسفه انى اخدت من وقتك
اميره : ابدا انتى تشرفي فى اى وقت
انصرفت هاله من مكتب المحاماه واتجهت الى احد اكشاك التليفونات المنتشره بكثره فى شوارع شبرا وحادثت منير الا انها وجدت ان هاتفه مغلق كررت المحاوله عده مرات ولكنها لم تصل الى شىء
سارت هاله حتى اتعبتها ساقيها وشعرت انها قد خرجت من سجن النساء بالقناطر الى سجن اكبر ...سجن القاهره للمعز لدين الله الفاطمى
عادت هاله ادراجها الى منزل والدتها الخاوى وفوجئت بصاحب العقار يعترض طريقها اثناء صعودها
قال صاحب العقار : حمد لله على السلامه يا استاذه
هاله : الله يسلمك ياحاج اسماعيل
اسماعيل : البقاء لله والله المرحومه كانت ست طيبه اووى الله يرحمها ويتغمدها برحمته
هاله ببكاء : الله يرحمها
اسماعيل : ما تأخذنيش يعنى انا عشان خاطر العشره والجيره انا استنيت اخوكى الاستاذ هادى لما يرجع بسلامه الله من السعوديه واتفق معاه على نظام جديد للشقه يعنى ان كان يدفع خلو ولا هتسبوها وانا زى ماقولتلك عامل حساب الجيره حد غيرى كان اتصرف تصرف تانى
نظرت له هاله بعدما تفاجئت بحديثه وقالت : طبعا طبعا معاك حق وانا عارفه ان الشقه مش تمليك وانها ايجار وماحدش فينا كان عايش فيها مع امى قبل ماتموت بس انا طالبه منك يا حاج اسماعيل تدينى فرصه اظبط حالى وانا او اخويا هنبقى نرد عليك معلش انا لسه راجعه النهارده وتفاجئت بخبر موت امى
اسماعيل : ليه يابنتى هوا انتى كنتى مش بتتصلى بيها ولا ايه ؟
ردت هاله كاذبه : هه ...لاا اصل هيا كانت قايله انها هتروح لخالتى فى اسكندريه
اسماعيل : ربنا يجعلها اخر الاحزان المهم ياريت تردى عليا فى ااقرب وقت لان فى ناس عارضين عليا مبلغ حلو فيها لكن انتو اولى
هزت هاله وقالت : مفهوم ...عن اذنك
صعدت هاله الدرج بصعوبه ودخلت الشقه الخاويه وبحثت مطولا عن هاتف والدتها المحمول حتى عثرت عليه وحادثت اخيها هادى
والذى تعجب لدى رؤيته رقم والدته المتوفاه فرد بصوت خائف : الو
انشرح قلب هاله لدى سماع صوت اخيها الاصغر فترقرق الدمع فى عيناها وقالت : ايوا يا هادى ازيك ..انا هاله
هادى بصوت شابه الصدمه: هاله ...انتى خرجتى من السجن
هاله باكيه: ااه ..ازيك انت ...طيب ماتسألش عليا ومستعر منى عشان مادخلت السجن ...لكن امنا تموت ماتكلفش نفسك ترفع سماعه التليفون تسأل عليا وتقولى؟.
هادى بجفاف: وانا يعنى كنت هكلمك ازاى ما انتى كنتى فى السجن
هاله بانكسار: صح معاك حق ..طيب حتى يا اخى ابعت برقيه ..تلغراف ..جواب حتى ...
هادى بخشونه : اديكى خرجتى وعرفتى...هاه عاوزه ايه ؟
هاله متهدج: كنت عايزه اسلم عليك واقولك انك واحشنى وانك دلوقتى اللى فاضيلى من الدنيا دى كلها ...وياريت قلبك يلين لاختك اللى اكبر منك وتفتكر ان الدم عمره مايبقى مايه
هادى بغضب : ياريت مافيش داعى للتبكيت فيا اووى كده ...دلوقتى افتكرتى ان ليكى اخ ومن دمك ما افتكرتيش كده يوم ما روحتى اختلستى 50 الف جنيه وخليتى امنا تبيع اللى وراها واللى ادامها عشان تسددهم وشفت انا وهيا ايام مايعلم بيها الا ربنا حتى ماهنش عليكى تطلعى شويه من تحت البلاطه وتسددى اللى عليكى وسيبتينا للديون وادينى متغرب بسببك لانى لسه بسدد فى الديون اللى علينا
هاله : انت ليه مش عايز تصدق انى ما اخدتش حاجه وانى مظلومه
هادى : يعنى الفلوس يلقوها فى حسابك فى البنك وبعديها تختفى وعادل يختفى هوا راخر بعد ما دخلتى السجن بحاجه بسيطه... ويظهر بس من كام يوم وعمى يقولى انه شكله اتنطر نطره اللى هيا وبقى واحد تانى ...وعايزانى لسه اصدقك... حتى بعد ما اتطلقتى منه لسه بتفضليه علينا ..تبعينا كلنا وتدخلى السجن عشان هوا يتنغنغ على قفانا
هاله : والله العظيم انا ما اعرف عنه حاجه ولا اديتله حاجه ...ليه مش عاوز تصدقنى طيب هستفيد ايه ادخل انا السجن واسيبه بره يتمتع بالفلوس وابعد عن ولادى كمان عشانه ؟؟
هادى : والله بقى انا ماعرفش ايه الاتفاق اللى كان بينك وبينه ..يمكن كنت مستنيه انه يردك ولا تمثيله عملتوها علينا انتو الاتنين
هاله : يا هادى حرام عليك بطل سوء ظن فيا ...هرجعله ليه وانا اللى كنت قربت ابوس طوب الارض عشان يطلقنى بعد الضرب والقرف اللى كان معيشنى فيه ...دا انا حمدت ربنا على السجن لانه خلصنى منه
هادى : والله بقى ماعرفش
هاله : طيب ماتعرفش ولادى فين؟
هادى : عمى قال ان عادل جه اخدهم
هاله : وعادل فين
هادى : وانا ايش عارفنى
هاله : يعنى يرضيك ماعرفش اشوف ولادى بعد السنين اللى بعدتها عنهم دى كلها
هادى : وانا اعملك ايه يعنى ...
هاله : انا مش عارفه القسوه دى كلها جبتها منين؟
هادى : من بعض ماعندكم المهم انتى بتتكلمى دولى والرصيد احتمال مايكفكيش اذا كنتى خلصتى تبكيت فيا يبقى ااقفلى احسنلك ...وبعدين فين موبايلك ؟
هاله : اتسرق منى من زمان ..ايه ماكنتش عايز ترد عليا كمان اما تشوف نمرتى
سكت هادى خجلا فقالت هاله : على العموم انا قربت اخلص المكالمه اللى تقيله اووى على قلبك دى بس فى حاجه اخيره ... الحاج اسماعيل كلمنى بخصوص الشقه
هادى : انا هبقى اكلمه
هاله : انت ناوى تدفعله خلو
هادى : ااه عشان هتجوز فى الشقه شهر 10 اللى جاى
هاله بدهشه: انت خطبت؟؟!!!
هادى بخشونه : ايوا ... ومش عايزه مفهوميه الشقه هتبقى بتاعتى انا ومراتى وياريت من دلوقتى تدورى على مكان تانى تعيشى فيه وتنسى حقك فى الشقه كفايه الديون اللى لسه بسددها لحد دلوقتى عندك 6 شهور تدورى فيهم براحتك على مكان تانى قبل ما انزل انا فى اغسطس
هاله : مفهوم يا اخويا ...ومبروك وان شاء الله لما ربنا يعدلها هبقى ارجعلك فلوسك على داير مليم
هادى ساخرا: وده منين ان شاء الله اوعى تعملى مصيبه تانيه تعرينا بيها وتدخلى السجن كام سنه كمان ساعتها تنسى ان ليكى اخ
تساقطت عبرات هاله بلا حساب وتنهدت وقالت : مع السلامه يا هادى
وضعت هاله الهاتف جانبا واخذت تبكى بكاءا مريرا غير مصدقه ان تلك هى احداث اليوم الذى انتظرته طويلا .... بعد خمس سنوات جحاف امضتهم خلف القضبان الفولاذيه
لقد خرجت من سجن ذو ارض وقضبان صلبه الى دوامه اخذتها على حين غره لتلقيها فى قاع اليم وبمنتهى القوه