رواية خلف الظلال الفصل الثالث والعشرين 23 بقلم يسرا
الفصل الثالث والعشرون
اسدل الليل ستاره باحكام
وتهادى شعاع القمر بدلال على السحب المتكافته تحمله حملا
خشيه ان يسقط
فيرتطم بسماء القاهره الساهره
فيضل طريقه وسط الاضواء الساطعه ولا يجد له مرسى الا من عيون تعلقت به مسحوره بكماله المستوحى من طوره الذى اكتمل ليله الرابع عشر من الشهر الهجرى
وتخلت عيونه لبرهه عن مراقبه القمر ليطالع الوقت الذى اعلنته ساعته الرقميه
انها السابعه والنصف لابد انها عادت الى المنزل كما اخبره الصغير صباح اليوم
فادار حاتم محرك سيارته واتجه الى الحى البسيط مره اخرى ....
اما هاله فقد وصلت مبكرا الى منزلها فالملحمه العاطفيه التى مرت بها صباح اليوم
قد القت بظلالها على يومها المشحون بالعمل جعلتها تشعر بالارهاق على غير العاده
وهاهى الان ممده على السرير وقد اندست تحت الاغطيه متظاهره بالنوم
تجاهد افكارها علها تصرعها بالنوم
فتكف عن مضايقتها بسيل عارم من اسئله محكمه واجوبه مبعثره لعقل متعب وقلبه اجهده السهد والسهر
ولكن هيهات ........
فقد ضاع مجهودها سدى....
وذهبت امنيتها ادراج الرياح....
اذ دخل ابنها الصغير وقفز الى جوارها وقد دنا منها حتى داعبت خصلات شعره الناعمه طرف انفها المدبب
ورفع باصبعه الصغير جفن عينها لاعلى وهمهم بأنفاس ساخنه مطعمه بالحلوى : ماما انتى صاحيه ؟؟
ابتسمت هاله رغما عنها وفتحت عيناها ورفعت جسدها النحيل
ونظرت له وخيبه رجاءها معلنه بوضوح على معالم وجهها المشرق : اعمل فيك ايه بقالى ساعه بحاول انام..
ضحك عمر خجلا وقال بصوته الطفولى : عاوز اروح العب مع احمد ومحمد
قضبت هاله جبهتها وقالت : وماتلعبش مع اخوك ليه
عمر: مش عاوز يلعب معايا لعبه الظابط والحرامى
قالت هاله فى اندهاش : واشمعنا لعبه الظابط بالذات ماتلعب لعبه تانيه
اندفع عمر ببراءه قائلا: عشان نفسى ابقى زى الظابط اللى جالنا النهارده الصبح
هبت هاله من سريرها وجلست باعتدال واستقامه ظهرها تعلن عن قلقها المبالغ : ظابط جه النهارده ؟ كان عاوز ايه ؟
عمر : كان بيسأل عليكى وياسين قاله انك مش موجوده ..وانتى فى الشغل...سألنا هترجعى الساعه كام ...قلت له 7
حركت هاله اصابعها بعشوائيه بين خصلات شعرها الناعمه وقالت بتوتر : وانت ماقولتليش ليه اول ماجيت؟
عمر بصوت مذنب : نسيت
هاله بصوت عال : ياسين ..ياسين
دخل ياسين الحجره فقالت له هاله على عجله : ماقولتليش ليه على الظابط اللى كان هنا النهارده
ياسين بعصبيه لم تعهدها منه : انا ماكنتش عايز ااقوله حاجه ...عمر اللى اتسحب من لسانه وقاله انك بتيجى الساعه 7 ...ماما هما ممكن ياخدوكى مننا تانى
انتقلت موجات الخوف من عقل ياسين الى قلب الام فقالت هاله بحنان : ماتخفش ياحبيبى ...عمرى ماهسيبكم تانى ان شاء الله
وفى محاوله منها للهدوء واهمال القلق الذى اخذ يصارع افكارها وخواطرها قامت هاله من الفراش واتجهت للخارج واتبعها اولادها واعدت لهما مشروب الكاكاو الساخن وجلست الى جوارهم تنتظر عوده امانى صديقتها المخلصه من زياره اخيها الاصغر
دق جرس الباب ....فشعرت هاله بالقلق ...فأمانى بحوزتها مفتاحا ...فلم عساها ان تطرق الباب ؟
امرت هاله صغارها بالتوجه الى غرفتهم بالداخل وارتدت حجابها وفتحت الباب لتجده امامها
فنظرت له بدهشه مردده : انت ؟؟؟
ابتسم حاتم وقال : ازيك يا هاله ؟
رد هاله ساخره : الحمد لله ...نعم ..عاوز ايه ..انت اللى جيت الصبح ؟
قال حاتم فى هدوء : عمر قالك ....ايوا انا كنت هنا الصبح ...ياترى ممكن ادخل ...
هاله بقوه: لاء مش ممكن
عبس حاتم وقال بحزم : هاله .....الموضوع اللى انا جايلك فيه مهم جدا ...يا اما تدخلينى نتكلم ...او ابعتلك بكره امر من النيابه بسرعه الحضور ...هاه ايه رأيك
زمت هاله شفتيها غضبا واتجهت الى الداخل تاركه المجال له ليدخل
دخل حاتم وتأمل اركان الشقه ليجدها غايه فى البساطه
وقال متوددا : تعرفى انتى غلبتينى عبال ماعرفت عنوانك ...رحتلك عنوانك القديم مالقتكيش
هاله بلا مبالاه: وعرفت هنا ازاى ؟
حاتم : لقيتك مسجله محضر ضد طليقك بقالك فتره وفيه العنوان ده
ضحكت هاله متهكمه : ههههههههه طيب دا الشعب طلع مفيد اهوه للشرطه ...نجيلكم نعمل محضر...يتركن على جنب لكن عن طريقه تستغلو المعلومات فى حاجات تانيه تفيدكم
نظر لها حاتم مستاءا وقال : ماهو انا جاى النهارده عشان اوريكى ان الشرطه ممكن تكون مفيده برضه للشعب
هاله : ازاى ؟
حاتم : لما تقبض على قاتلين القتلا وتجار المخدارت ...تبقى مفيده ولا لاء ؟
هاله : وتورينى ليه ؟ وانا مالى
حاتم : مالك ازاى وانتى دلوقتى عايشه وسطيهم
اندهشت هاله وقالت : ايه ؟عايشه وسطيهم ؟ ده بيت ...
قاطعها حاتم بنفاذ صبر وقال لها : مش قصدى امانى ...
هاله : امال قصدك مين ؟
رد حاتم بصرامه : سالم ابو النجا
شعرت هاله بالارض تميد تحت اقدامها والالم يعتصر قلبها فقالت بصوت متحشرج : سالم !!!
حاتم بقوه : سالم تاجر مخدرات يا هاله ..ومش كده وبس وبيتاجر فى السلاح هوا وشريكه رفيق ...وخدى بقى فى النص عمليات غسيل اموال ...وقتل ونصب
هاله مستنكره : انت جيبت الكلام ده منين ..رفيق كمان ...انت اكيد بتخرف ...
حاتم : لاء يا هاله مش بخرف
هاله غاضبه : ولما هما الاتنين كده ...ماقبضتوش عليهم لحد دلوقتى ليه ان شاء الله ؟
حاتم بأسف وخيبه رجاء : عشان ماعندناش دليل مادى يثبت التهمه عليهم ودايما اى قضيه ضد سالم بالذات بنلاقى واحد من رجالته يطلع من تحت الارض يشيل الليله ويتحكم عليه بداله
قالت هاله متهكمه : يا سلام ...يتحاكم بداله ....ليه ؟
حاتم : عشان هيستفيد ياهاله ...حتى لو اتحكم عليه بالاعدام ...سالم بيغرق عيلته بالفلوس تكفيهم العمر كله
هاله بتوتر وعصبيه : انا مش مصداق ...واتفضل اطلع بره ..انا مش فاهمه انت جايلى ليه ؟
زم حاتم شفتيه واقترب منها ونظر فى عيناها بعمق وقال بصوت هادىء عازم : طيب خلينى فى اول نقطه ....مش مصدقانى ...انا بس عايزك تغمضى عينك دقيقه واحده بس واسترجعى تصرفات سالم من اول ماعرفتيه ...هل هوا انسان صالح وكويس وبنى آدم نضيف وشغله حلال ميه الميه ؟؟؟ هه ...اذا ما كنش عندك شك ولا واحد فى الميه انا هخرج ومش هتشوفى وشى تانى ..بس عايز ااقولك حاجه ...انتى عندك شكوك كتيييير اووى مش واحد فى الميه لاء مليون فى الميه ان سالم فيه حاجه غلط ..وان المعلومات اللى عرفتيها منى لحد دلوقتى متطابقه تماما مع شكوك ...وحاجات تانيه انتى ماتعرفيهاش ...ماخفى كان اعظم
شعرت هاله كأنما الاحرف والكلمات قد امتزجت مزجا بشكوك عقلها واتحدتا سويا ...امام قلبها الارعن الذى لم يتخلى عن رعونته وامرها بفتح الباب لحاتم ...وطرده
وهكذا فعلت قائله : اتفضل اطلع بره ...انا مش عايزه اشوف وشك تانى
نظر لها حاتم غاضبا وقال : بلاش تغمى عينيكى يا هاله عن حقيقه سالم
قالت هاله بعصبيه ساخره : حقيقه سالم ...الحقيقه اللى غايبه عن حضرتك ياحضره الظابط العظيم جدا انى بقالى شهور وايام كنت بدور على ولادى ....لفيت البلد حته حته ...لحد اما كعوب رجلى دابت ورحتلكو ..عملت محضر ..اخرته ايه المحضر اترمى واتركن على جنب ولا جبتولى لا حق ولا باطل
ثم اتبعت بحرقه ادمت قلبها لتجدد الذكرى : زى قبل كده بالظبط ..لما دخلت السجن 5 سنين ظلم ودفعت تمنهم غاااالى اووى ...دفعت تمنهم من عمرى وعمر ولادى وعمر امى اللى ماتت قبل ما اخرج ....جاى دلوقتى تقولى سالم كيت وكيت ..سالم اللى مش عاجبك ده جميله هيفضل فى رقبتى العمر كله ..سالم جابلى ولادى لحد عندى وواقف جنبى لحد آخر لحظه ...يمكن زى ما انت بتقول ...ويمكن اكتر انك تكون ظالمه زى ماظلمتونى.... ......لكن الاكيد ..انك استحاله تلاقى منى اى استجابه ....او اى محاوله منى انى اساعدك ...
ثم جذبت الباب بقوه وفتحته على مصراعيه وقالت بصرامه : مع السلامه يا حاتم باشا ...شرفت
نظر لها حاتم مصدوما ...مستاءا وخرج دون ان ينطق بأى كلمه اخرى ...فقط تلاقت اعينهما لبرهه واستشعرت هى احساسه
انه كان مخذولا ..
ولم يكن بمفرده من شعر بالخذلان ....
كان عقلها هو الاخر يشاركه هذا الخذلان ...
ولم تتحمل قدماها وطأته فاتجهت الى الاريكه وجلست عليها وجسدها ينتفض بانفعال
وحاولت منع عيناها من البكاء ولكن دون جدوى
وبعد ثوان معدوده وصلت امانى لتجد الباب مفتوحا على مصراعيه وصديقتها جالسه وحيده تبكى فى صمت
فدخلت واغلقت الباب بهدوء واتجهت اليها متوجسه خيفه قائله : المأمور كان عايز ايه يا هاله ؟ شفته نازل وواخد فى وشه
رفعت هاله اعينها الباكيه وقالت بصوت خافت : سالم تاجر مخدرات يا امانى
خبطت امانى على صدرها بقوه وفرغ فاها وقالت : ياخبر ..مخدرات !!!
هزت هاله رأسها يمينا ويسارا : انا مش عارفه اعمل ايه ؟
امانى : وهوا كان جاى يحذرك منه يعنى ولا ايه ؟
التفتت لها هاله وقالت ساخره : يحذرنى ..انتى فاكره انى مهمه اووى للدرجه ..بسلامته كان عايزنى اساعده يقبض عليه
امانى : طيب ازاى ؟
هاله بعصبيه : ازاى ايه ...لهو انتى فكرانى انى هساعده ..لاء طبعا ...مش انا اللى اعض الايد اللى اتمدتلى
امانى : بس ده تاجر مخدرات يا هاله
هاله : وانا ايش عرفنى ..مش يمكن بيتبلو عليه ...زى ما اتبلو عليه
امانى مستنكره : ايه الكلام اللى انتى بتقوليه ده ....يعنى هما غاويين لنفسهم وجع القلب ...هيتعب روحه ليه يدور وراه ...انتى فاكراه واحد بيسرق الغسيل من فوق السطوح ..بيقولك تاجر مخدرات يعنى اكيد تحت ايده جيش وبلطجيه ...ابعدى عنه يا هاله ابوس ايدك ..بلاش ياستى تساعديهم بس ابعدى عنهم ....خافى على نفسك وعلى ولادك يا هاله ...انتى مش لوحدك
نظرت لها هاله متألمه ولم يتحمل قلبها وطأه الحقيقه الساطعه امامها كشمس الظهيره
وقامت هاله واتجهت الى غرفتها وما ان دخلت حتى اندفع ياسين تجاهها واحتضنها بقوه وكذلك فعل عمر...
وقال ياسين : الحمد لله ..كنت خايف اووى لياخدوكى يا ماما
جلست هاله على الفراش وجذبتهم لاحضانها وقالت له مطمئنه : ماتخفش يا حبيبى انا هنا
عمر ببراءه : هوه ده الظابط اللى جه الصبح يا ماما ..انا شفته من البلكونه
نظرت له هاله معاتبه : احنا قولنا ايه ..مش قلت ماحدش يطلبع البلكونه السور متكسر وممكن يقع لاقدر الله
ياسين بعقلانيه : ماتخافيش احنا كنا بعيد عن السور
تنهدت هاله وقالت : بعيد ...قريب... من فضلكم ماحدش يطلع البلكونه.... كمان الجو لسه ساقعه
قال عمر : طيب ممكن بقى نطلع نتفرج على التلفزيون انا زهقت من القاعده هنا
ابتسمت هاله وقالت له : روح يا سيدى
اما حاتم فكان فى طريقه الى المخفر وما ان وصل حتى توجه الى غرفخه مكتبه المظلمه وجلس فيها
واضاء المصباح الصغير المستقرعلى سطح مكتبه ثم رفع سماعه الهاتف واتصل بأمير زميله
ورد الاخير بصوت كسول ....الووو
فقال له حاتم : انت نمت
قال امير متململا : لسه نايم مبقاليش نص ساعه ..حرام عليك انا عندى نبطشيه الليله
قال حاتم غير مباليا : طيب معلش يا سيدى ...انا عايزك تعين كام مخبر يراقبو هاله بس من بعيد لبعيد ...فاهمنى... مش عايزها تحس بحاجه خاالص كمان عشان سالم مايخدش باله ...وانا عرفت انها بتنزل الشغل الساعه 10 وبترجع الساعه 7 ...9 بالدقيقه المخبرين يكونوا تحت بيتها مفهوم يا امير ؟
امير وقد استرعى انتباهه اوامر حاتم فقال بصوت صحو : اوامرك يا حاتم باشا ..بس افهم من كده انها عصلجت
حاتم مستاءا: سالم اصله عمل حركه جدعنه معاها رجعلها ولادها فى الوقت اللى الجهاز ماعرفش يرجعهم ليها
امير متهكما : وده المتوقع من سالم ابو النجا حركات الجدعنه اللى بيعملها وبتخلى الكل خاتم فى صباعه
حاتم : مسيره يقع ..قصاد كل حركه جدعنه فى بلاوى متلتله
كانت تقف قبال النافذه وقد تعلقت عيناها بالبدر المضىء وقد نافست لمعه دموعها ضياءه ....
وافلتتها جفونها من محبسها لدى رؤياه وهو يترجل من سيارته ...حتما جاء ليسترجعها هى والاولاد
الا يعلم انى .....
حتما قد نويت الرحيلا
فما عاد للرجوع سبيلا
سأرحل عنك يا حب العمر
ولن التفت لتوسلات قلبى بالبقاء
فما بقى لنفسى سوى الكبرياء
ألملم بقايا حطامى
بعد ان انهارت قلعه الحب
تحت سماء اللوعه والاشتياق
يا حبيبا سطرت فى كتاب الزمان لاجله
قصائد مطعمه بالحب والوفاء
ومن اثر الغدر جفت اقلامى المغمسه بالدماء
دماء كانت تنبض بها عروقى
تسرى بوجدان اجهده الجفاء
ورغم ذلك كنت لى الهواء والماء
كنت لى املى الغائب بل وامان الحاضر
اما الان وقد علمت
اما الان وقد انتهيت
انتهيت من زيف ادعائك بالوفاء
ما عاد لى من بقاء
وما بقى لك سوى رثاء
فارحل انت عن عالمى
نعم ارحل واقولها ..بكبرياء
خرجت منى من غرفتها وتوجهت الى غرفه الاستقبال وقابلته بعيون تحمل قسوه لم يراها رفيق من قبل بمقلتيها اللتان كانتا تشعان حبا وشوقا دوما
فقال لها رفيق على استحياء : ازيك يا منى ؟
رفعت منى احدى حاجبيها وقالت باستهزاء : الاكيد انى احسن منك ..وانت طبعا عارف
اخفض رفيق رأسه واقترب منها وقال بصوت متوسل : سامحينى يامنى ....انا قصرت فى حقك ..انا عارف ..بس ارجوكى تسامحينى
تراجعت منى للخلف خطوه وقالت بقسوه : اسامحك ؟؟ اسامحك ..على ايه ولا ايه ؟ على خيانتك ....اللى شوفتها بعينى ...ولا على الجفا اللى كنت طول الوقت بتعاملنى بيه ..هيا دى بقى ست نانسى اللى كنت بتهمس باسمها وانت معايا
صعق رفيق ورفع عيناها وقال : ايه ؟
منى ببكاء : عارف كام مره سمعتك بودنى وانت بتهمس باسمها حتى وانت نايم ..كنت زى الهبله بكدب روحى ..واقول اكيد بيتهيألى ..وانا عارفه انه لاء ..بس كنت بكذب على نفسى ..واقول بيقول منى مش نانسى ...لحد ما شفت بعينى ...شفت ست نانسى اللى كنت معاها وفى ايدها الشمال دبله ...فضلت عليا واحده خاينه ..بس انتو الاتنين تستاهلو بعض ..انت خاين وهيا خاينه ..انتى من توبها وهيا من توبك
شعر رفيق ان كلمات منى سكاكين حاده تمزق نياط قلبه...... .نعم كانت نانسى خائنه لم تخون زوجها فحسب بل خانته هو ايضا
اقترب منها رفيق ومد يدها ليمسك كتفيها ولكنها نهرته وابتعدت عنه قائله : ابعد عنى ماتلمسنيش ...انت لازم تطلقنى ..
رفيق : عشان خاطر ولادنا يا منى فكرى تانى
منى بتصميم : عشان خاطر ولادنا انا هبعد عنك....ولو لزم الامرهسافر بيهم بعيد عنك
رفيق مصعوقا : ايه ..انتى اتجننتنى ..تسافرى بيهم...انتى متخيله انى هسمحلك تاخدى ولادى وتبعدى عنى
منى بصوت خافت بعض الشىء : احسنلهم يتربوا بعيد عنك وانت عارف كده كويس ...اوعى يكون فكرك انى مش عارفه طبيعه شغلك مع سالم ...لكن كنت دايما بقول لروحى طالما ماعنديكيش دليل يبقى بلاش تخربى على نفسك ...وخدى الفلوس اللى تكفيكى انتى وولادك وبس ...ما انتى مضطره ....هتعيشى منين ...
ولم تتمالك منى نفسها اكثر من ذلك وقالت بصوت ينهار بكاءا : لكن خلاص انا كرهتك وكرهت عيشتك ..كلها حرام فى حرام ..يا اخى انضف بقى ..انضف ..ان ماكنش عشان نفسك يبقى على الاقل عشان ولادك ..عشان مايجوش يوم الناس تعايرهم بيك ...وبدال ما يمشو وراسهم مرفوعه يمشوا ونفسهم مكسوره
رفيق بضعف : انا بعمل كل ده عشانكم ..عشان تعيشوا مبسوطين ..مش ناقصكم حاجه
منى مستنكره : احنا ناقصنا مليون حاجه ..ناقصنا البركه ..ناقصنا القرش الحلال ..ناقصنا انت ...انت فين ..تقدر تقولى انت فين ..تعرف ايه عننا انا وولادك ..بلاش... تعرف ولادك فى انهى مدرسه ..تعرف حتى هما سنه كام ..تعرف بيروحوا النادى بيتدربوا على انهى رياضه ...انت موجود ااه ..بس ولا ليك اى لازمه ..غير انك بنك فلوس ...ويارتيها فلوس حلال ..الا حرام ..انا خلاص مش عايزه ولادى يتربوا بالفلوس دى ...ولا يتربوا فى الجو ده
رفيق بعصبيه : وهتربيهم منين هه ..هتعيشيهم ازاى فهمينى ..مش كل فلوسى حرام ياست الشيخه
لم تلتفت منى لسخريته المبطنه وقالت باصرار : انا هبيع كل حاجه انت اديتهانى كل هدياك ..شبكتى ..وهعيش بيها ومش عايزه منك قرش واحد ...تطلقنى وتسيبنى فى حالى ..كفايه بقى ...خربتلى حياتى من يوم ما اتجوزتك غصب ..وغصبت على روحى احبك ...وحبيتك فعلا ...بس فى الاخر طلعت ماتستاهلش ...انا كنت فاكراك احسن من سالم ..طلع سالم احسن منك الف مره ..على الاقل مش مركب وش زيك ...
شعر رفيق انه قد كفاه ماسمع فتركها واتجه الى غرفه ابناءه ودخلها ولم يبال بنظره حماته المستنكرهالتى قابلته بها
واقترب من ابناءه النيام وأخذ يقبلهم بشغف
واتبعته منى ووقفت تراقبه بصمت ثم غادرت امها الغرفه وتركتهم سويا
وبعد ذلك قام رفيق من على الفراش الصغير واتجه الى زوجته
وقال هامسا : اللى انتى عاوزاه انا هعملهولك ...بس ارجوكى بلاش تسافرى ...بلاش تحرمينى من ولادى ويتربوا يتمى وابوهم عايش ..وانا اوعدك انى هاصلح كل حاجه ..وهخليهم يمشوا وسط الناس رافعين راسهم
غادر رفيق منزل حماته وهو يحمل تصميما على تنفيذ عهده الذى قطعه على نفسه منذ قليل مهما كان ثمنه ومهما كلفه الامر
وفيما كان هو جالسا ينقر سطح مكتبه وغاب عقله مفكرا فيما آلت اليه الامور
دخل العسكرى البسيط وادى التحيه واخبره بوجود زائرا يصر على لقائه .....
لم يتحمل الزائر كلفه الانتظار من دقائق معدوده ودخل ليعلن عن نفسه بصوته الأجش :ازيك يا حضره المقدم
نظر له حاتم بأعين اتسعت دهشه ولسان لجمته المفاجأه
فقد كان بالاخص آخر شخص على ظهر الخليقه يتوقع حاتم رؤيته
وبالتحديد فى تلك الساعه المتأخره من الليل
اسدل الليل ستاره باحكام
وتهادى شعاع القمر بدلال على السحب المتكافته تحمله حملا
خشيه ان يسقط
فيرتطم بسماء القاهره الساهره
فيضل طريقه وسط الاضواء الساطعه ولا يجد له مرسى الا من عيون تعلقت به مسحوره بكماله المستوحى من طوره الذى اكتمل ليله الرابع عشر من الشهر الهجرى
وتخلت عيونه لبرهه عن مراقبه القمر ليطالع الوقت الذى اعلنته ساعته الرقميه
انها السابعه والنصف لابد انها عادت الى المنزل كما اخبره الصغير صباح اليوم
فادار حاتم محرك سيارته واتجه الى الحى البسيط مره اخرى ....
اما هاله فقد وصلت مبكرا الى منزلها فالملحمه العاطفيه التى مرت بها صباح اليوم
قد القت بظلالها على يومها المشحون بالعمل جعلتها تشعر بالارهاق على غير العاده
وهاهى الان ممده على السرير وقد اندست تحت الاغطيه متظاهره بالنوم
تجاهد افكارها علها تصرعها بالنوم
فتكف عن مضايقتها بسيل عارم من اسئله محكمه واجوبه مبعثره لعقل متعب وقلبه اجهده السهد والسهر
ولكن هيهات ........
فقد ضاع مجهودها سدى....
وذهبت امنيتها ادراج الرياح....
اذ دخل ابنها الصغير وقفز الى جوارها وقد دنا منها حتى داعبت خصلات شعره الناعمه طرف انفها المدبب
ورفع باصبعه الصغير جفن عينها لاعلى وهمهم بأنفاس ساخنه مطعمه بالحلوى : ماما انتى صاحيه ؟؟
ابتسمت هاله رغما عنها وفتحت عيناها ورفعت جسدها النحيل
ونظرت له وخيبه رجاءها معلنه بوضوح على معالم وجهها المشرق : اعمل فيك ايه بقالى ساعه بحاول انام..
ضحك عمر خجلا وقال بصوته الطفولى : عاوز اروح العب مع احمد ومحمد
قضبت هاله جبهتها وقالت : وماتلعبش مع اخوك ليه
عمر: مش عاوز يلعب معايا لعبه الظابط والحرامى
قالت هاله فى اندهاش : واشمعنا لعبه الظابط بالذات ماتلعب لعبه تانيه
اندفع عمر ببراءه قائلا: عشان نفسى ابقى زى الظابط اللى جالنا النهارده الصبح
هبت هاله من سريرها وجلست باعتدال واستقامه ظهرها تعلن عن قلقها المبالغ : ظابط جه النهارده ؟ كان عاوز ايه ؟
عمر : كان بيسأل عليكى وياسين قاله انك مش موجوده ..وانتى فى الشغل...سألنا هترجعى الساعه كام ...قلت له 7
حركت هاله اصابعها بعشوائيه بين خصلات شعرها الناعمه وقالت بتوتر : وانت ماقولتليش ليه اول ماجيت؟
عمر بصوت مذنب : نسيت
هاله بصوت عال : ياسين ..ياسين
دخل ياسين الحجره فقالت له هاله على عجله : ماقولتليش ليه على الظابط اللى كان هنا النهارده
ياسين بعصبيه لم تعهدها منه : انا ماكنتش عايز ااقوله حاجه ...عمر اللى اتسحب من لسانه وقاله انك بتيجى الساعه 7 ...ماما هما ممكن ياخدوكى مننا تانى
انتقلت موجات الخوف من عقل ياسين الى قلب الام فقالت هاله بحنان : ماتخفش ياحبيبى ...عمرى ماهسيبكم تانى ان شاء الله
وفى محاوله منها للهدوء واهمال القلق الذى اخذ يصارع افكارها وخواطرها قامت هاله من الفراش واتجهت للخارج واتبعها اولادها واعدت لهما مشروب الكاكاو الساخن وجلست الى جوارهم تنتظر عوده امانى صديقتها المخلصه من زياره اخيها الاصغر
دق جرس الباب ....فشعرت هاله بالقلق ...فأمانى بحوزتها مفتاحا ...فلم عساها ان تطرق الباب ؟
امرت هاله صغارها بالتوجه الى غرفتهم بالداخل وارتدت حجابها وفتحت الباب لتجده امامها
فنظرت له بدهشه مردده : انت ؟؟؟
ابتسم حاتم وقال : ازيك يا هاله ؟
رد هاله ساخره : الحمد لله ...نعم ..عاوز ايه ..انت اللى جيت الصبح ؟
قال حاتم فى هدوء : عمر قالك ....ايوا انا كنت هنا الصبح ...ياترى ممكن ادخل ...
هاله بقوه: لاء مش ممكن
عبس حاتم وقال بحزم : هاله .....الموضوع اللى انا جايلك فيه مهم جدا ...يا اما تدخلينى نتكلم ...او ابعتلك بكره امر من النيابه بسرعه الحضور ...هاه ايه رأيك
زمت هاله شفتيها غضبا واتجهت الى الداخل تاركه المجال له ليدخل
دخل حاتم وتأمل اركان الشقه ليجدها غايه فى البساطه
وقال متوددا : تعرفى انتى غلبتينى عبال ماعرفت عنوانك ...رحتلك عنوانك القديم مالقتكيش
هاله بلا مبالاه: وعرفت هنا ازاى ؟
حاتم : لقيتك مسجله محضر ضد طليقك بقالك فتره وفيه العنوان ده
ضحكت هاله متهكمه : ههههههههه طيب دا الشعب طلع مفيد اهوه للشرطه ...نجيلكم نعمل محضر...يتركن على جنب لكن عن طريقه تستغلو المعلومات فى حاجات تانيه تفيدكم
نظر لها حاتم مستاءا وقال : ماهو انا جاى النهارده عشان اوريكى ان الشرطه ممكن تكون مفيده برضه للشعب
هاله : ازاى ؟
حاتم : لما تقبض على قاتلين القتلا وتجار المخدارت ...تبقى مفيده ولا لاء ؟
هاله : وتورينى ليه ؟ وانا مالى
حاتم : مالك ازاى وانتى دلوقتى عايشه وسطيهم
اندهشت هاله وقالت : ايه ؟عايشه وسطيهم ؟ ده بيت ...
قاطعها حاتم بنفاذ صبر وقال لها : مش قصدى امانى ...
هاله : امال قصدك مين ؟
رد حاتم بصرامه : سالم ابو النجا
شعرت هاله بالارض تميد تحت اقدامها والالم يعتصر قلبها فقالت بصوت متحشرج : سالم !!!
حاتم بقوه : سالم تاجر مخدرات يا هاله ..ومش كده وبس وبيتاجر فى السلاح هوا وشريكه رفيق ...وخدى بقى فى النص عمليات غسيل اموال ...وقتل ونصب
هاله مستنكره : انت جيبت الكلام ده منين ..رفيق كمان ...انت اكيد بتخرف ...
حاتم : لاء يا هاله مش بخرف
هاله غاضبه : ولما هما الاتنين كده ...ماقبضتوش عليهم لحد دلوقتى ليه ان شاء الله ؟
حاتم بأسف وخيبه رجاء : عشان ماعندناش دليل مادى يثبت التهمه عليهم ودايما اى قضيه ضد سالم بالذات بنلاقى واحد من رجالته يطلع من تحت الارض يشيل الليله ويتحكم عليه بداله
قالت هاله متهكمه : يا سلام ...يتحاكم بداله ....ليه ؟
حاتم : عشان هيستفيد ياهاله ...حتى لو اتحكم عليه بالاعدام ...سالم بيغرق عيلته بالفلوس تكفيهم العمر كله
هاله بتوتر وعصبيه : انا مش مصداق ...واتفضل اطلع بره ..انا مش فاهمه انت جايلى ليه ؟
زم حاتم شفتيه واقترب منها ونظر فى عيناها بعمق وقال بصوت هادىء عازم : طيب خلينى فى اول نقطه ....مش مصدقانى ...انا بس عايزك تغمضى عينك دقيقه واحده بس واسترجعى تصرفات سالم من اول ماعرفتيه ...هل هوا انسان صالح وكويس وبنى آدم نضيف وشغله حلال ميه الميه ؟؟؟ هه ...اذا ما كنش عندك شك ولا واحد فى الميه انا هخرج ومش هتشوفى وشى تانى ..بس عايز ااقولك حاجه ...انتى عندك شكوك كتيييير اووى مش واحد فى الميه لاء مليون فى الميه ان سالم فيه حاجه غلط ..وان المعلومات اللى عرفتيها منى لحد دلوقتى متطابقه تماما مع شكوك ...وحاجات تانيه انتى ماتعرفيهاش ...ماخفى كان اعظم
شعرت هاله كأنما الاحرف والكلمات قد امتزجت مزجا بشكوك عقلها واتحدتا سويا ...امام قلبها الارعن الذى لم يتخلى عن رعونته وامرها بفتح الباب لحاتم ...وطرده
وهكذا فعلت قائله : اتفضل اطلع بره ...انا مش عايزه اشوف وشك تانى
نظر لها حاتم غاضبا وقال : بلاش تغمى عينيكى يا هاله عن حقيقه سالم
قالت هاله بعصبيه ساخره : حقيقه سالم ...الحقيقه اللى غايبه عن حضرتك ياحضره الظابط العظيم جدا انى بقالى شهور وايام كنت بدور على ولادى ....لفيت البلد حته حته ...لحد اما كعوب رجلى دابت ورحتلكو ..عملت محضر ..اخرته ايه المحضر اترمى واتركن على جنب ولا جبتولى لا حق ولا باطل
ثم اتبعت بحرقه ادمت قلبها لتجدد الذكرى : زى قبل كده بالظبط ..لما دخلت السجن 5 سنين ظلم ودفعت تمنهم غاااالى اووى ...دفعت تمنهم من عمرى وعمر ولادى وعمر امى اللى ماتت قبل ما اخرج ....جاى دلوقتى تقولى سالم كيت وكيت ..سالم اللى مش عاجبك ده جميله هيفضل فى رقبتى العمر كله ..سالم جابلى ولادى لحد عندى وواقف جنبى لحد آخر لحظه ...يمكن زى ما انت بتقول ...ويمكن اكتر انك تكون ظالمه زى ماظلمتونى.... ......لكن الاكيد ..انك استحاله تلاقى منى اى استجابه ....او اى محاوله منى انى اساعدك ...
ثم جذبت الباب بقوه وفتحته على مصراعيه وقالت بصرامه : مع السلامه يا حاتم باشا ...شرفت
نظر لها حاتم مصدوما ...مستاءا وخرج دون ان ينطق بأى كلمه اخرى ...فقط تلاقت اعينهما لبرهه واستشعرت هى احساسه
انه كان مخذولا ..
ولم يكن بمفرده من شعر بالخذلان ....
كان عقلها هو الاخر يشاركه هذا الخذلان ...
ولم تتحمل قدماها وطأته فاتجهت الى الاريكه وجلست عليها وجسدها ينتفض بانفعال
وحاولت منع عيناها من البكاء ولكن دون جدوى
وبعد ثوان معدوده وصلت امانى لتجد الباب مفتوحا على مصراعيه وصديقتها جالسه وحيده تبكى فى صمت
فدخلت واغلقت الباب بهدوء واتجهت اليها متوجسه خيفه قائله : المأمور كان عايز ايه يا هاله ؟ شفته نازل وواخد فى وشه
رفعت هاله اعينها الباكيه وقالت بصوت خافت : سالم تاجر مخدرات يا امانى
خبطت امانى على صدرها بقوه وفرغ فاها وقالت : ياخبر ..مخدرات !!!
هزت هاله رأسها يمينا ويسارا : انا مش عارفه اعمل ايه ؟
امانى : وهوا كان جاى يحذرك منه يعنى ولا ايه ؟
التفتت لها هاله وقالت ساخره : يحذرنى ..انتى فاكره انى مهمه اووى للدرجه ..بسلامته كان عايزنى اساعده يقبض عليه
امانى : طيب ازاى ؟
هاله بعصبيه : ازاى ايه ...لهو انتى فكرانى انى هساعده ..لاء طبعا ...مش انا اللى اعض الايد اللى اتمدتلى
امانى : بس ده تاجر مخدرات يا هاله
هاله : وانا ايش عرفنى ..مش يمكن بيتبلو عليه ...زى ما اتبلو عليه
امانى مستنكره : ايه الكلام اللى انتى بتقوليه ده ....يعنى هما غاويين لنفسهم وجع القلب ...هيتعب روحه ليه يدور وراه ...انتى فاكراه واحد بيسرق الغسيل من فوق السطوح ..بيقولك تاجر مخدرات يعنى اكيد تحت ايده جيش وبلطجيه ...ابعدى عنه يا هاله ابوس ايدك ..بلاش ياستى تساعديهم بس ابعدى عنهم ....خافى على نفسك وعلى ولادك يا هاله ...انتى مش لوحدك
نظرت لها هاله متألمه ولم يتحمل قلبها وطأه الحقيقه الساطعه امامها كشمس الظهيره
وقامت هاله واتجهت الى غرفتها وما ان دخلت حتى اندفع ياسين تجاهها واحتضنها بقوه وكذلك فعل عمر...
وقال ياسين : الحمد لله ..كنت خايف اووى لياخدوكى يا ماما
جلست هاله على الفراش وجذبتهم لاحضانها وقالت له مطمئنه : ماتخفش يا حبيبى انا هنا
عمر ببراءه : هوه ده الظابط اللى جه الصبح يا ماما ..انا شفته من البلكونه
نظرت له هاله معاتبه : احنا قولنا ايه ..مش قلت ماحدش يطلبع البلكونه السور متكسر وممكن يقع لاقدر الله
ياسين بعقلانيه : ماتخافيش احنا كنا بعيد عن السور
تنهدت هاله وقالت : بعيد ...قريب... من فضلكم ماحدش يطلع البلكونه.... كمان الجو لسه ساقعه
قال عمر : طيب ممكن بقى نطلع نتفرج على التلفزيون انا زهقت من القاعده هنا
ابتسمت هاله وقالت له : روح يا سيدى
اما حاتم فكان فى طريقه الى المخفر وما ان وصل حتى توجه الى غرفخه مكتبه المظلمه وجلس فيها
واضاء المصباح الصغير المستقرعلى سطح مكتبه ثم رفع سماعه الهاتف واتصل بأمير زميله
ورد الاخير بصوت كسول ....الووو
فقال له حاتم : انت نمت
قال امير متململا : لسه نايم مبقاليش نص ساعه ..حرام عليك انا عندى نبطشيه الليله
قال حاتم غير مباليا : طيب معلش يا سيدى ...انا عايزك تعين كام مخبر يراقبو هاله بس من بعيد لبعيد ...فاهمنى... مش عايزها تحس بحاجه خاالص كمان عشان سالم مايخدش باله ...وانا عرفت انها بتنزل الشغل الساعه 10 وبترجع الساعه 7 ...9 بالدقيقه المخبرين يكونوا تحت بيتها مفهوم يا امير ؟
امير وقد استرعى انتباهه اوامر حاتم فقال بصوت صحو : اوامرك يا حاتم باشا ..بس افهم من كده انها عصلجت
حاتم مستاءا: سالم اصله عمل حركه جدعنه معاها رجعلها ولادها فى الوقت اللى الجهاز ماعرفش يرجعهم ليها
امير متهكما : وده المتوقع من سالم ابو النجا حركات الجدعنه اللى بيعملها وبتخلى الكل خاتم فى صباعه
حاتم : مسيره يقع ..قصاد كل حركه جدعنه فى بلاوى متلتله
كانت تقف قبال النافذه وقد تعلقت عيناها بالبدر المضىء وقد نافست لمعه دموعها ضياءه ....
وافلتتها جفونها من محبسها لدى رؤياه وهو يترجل من سيارته ...حتما جاء ليسترجعها هى والاولاد
الا يعلم انى .....
حتما قد نويت الرحيلا
فما عاد للرجوع سبيلا
سأرحل عنك يا حب العمر
ولن التفت لتوسلات قلبى بالبقاء
فما بقى لنفسى سوى الكبرياء
ألملم بقايا حطامى
بعد ان انهارت قلعه الحب
تحت سماء اللوعه والاشتياق
يا حبيبا سطرت فى كتاب الزمان لاجله
قصائد مطعمه بالحب والوفاء
ومن اثر الغدر جفت اقلامى المغمسه بالدماء
دماء كانت تنبض بها عروقى
تسرى بوجدان اجهده الجفاء
ورغم ذلك كنت لى الهواء والماء
كنت لى املى الغائب بل وامان الحاضر
اما الان وقد علمت
اما الان وقد انتهيت
انتهيت من زيف ادعائك بالوفاء
ما عاد لى من بقاء
وما بقى لك سوى رثاء
فارحل انت عن عالمى
نعم ارحل واقولها ..بكبرياء
خرجت منى من غرفتها وتوجهت الى غرفه الاستقبال وقابلته بعيون تحمل قسوه لم يراها رفيق من قبل بمقلتيها اللتان كانتا تشعان حبا وشوقا دوما
فقال لها رفيق على استحياء : ازيك يا منى ؟
رفعت منى احدى حاجبيها وقالت باستهزاء : الاكيد انى احسن منك ..وانت طبعا عارف
اخفض رفيق رأسه واقترب منها وقال بصوت متوسل : سامحينى يامنى ....انا قصرت فى حقك ..انا عارف ..بس ارجوكى تسامحينى
تراجعت منى للخلف خطوه وقالت بقسوه : اسامحك ؟؟ اسامحك ..على ايه ولا ايه ؟ على خيانتك ....اللى شوفتها بعينى ...ولا على الجفا اللى كنت طول الوقت بتعاملنى بيه ..هيا دى بقى ست نانسى اللى كنت بتهمس باسمها وانت معايا
صعق رفيق ورفع عيناها وقال : ايه ؟
منى ببكاء : عارف كام مره سمعتك بودنى وانت بتهمس باسمها حتى وانت نايم ..كنت زى الهبله بكدب روحى ..واقول اكيد بيتهيألى ..وانا عارفه انه لاء ..بس كنت بكذب على نفسى ..واقول بيقول منى مش نانسى ...لحد ما شفت بعينى ...شفت ست نانسى اللى كنت معاها وفى ايدها الشمال دبله ...فضلت عليا واحده خاينه ..بس انتو الاتنين تستاهلو بعض ..انت خاين وهيا خاينه ..انتى من توبها وهيا من توبك
شعر رفيق ان كلمات منى سكاكين حاده تمزق نياط قلبه...... .نعم كانت نانسى خائنه لم تخون زوجها فحسب بل خانته هو ايضا
اقترب منها رفيق ومد يدها ليمسك كتفيها ولكنها نهرته وابتعدت عنه قائله : ابعد عنى ماتلمسنيش ...انت لازم تطلقنى ..
رفيق : عشان خاطر ولادنا يا منى فكرى تانى
منى بتصميم : عشان خاطر ولادنا انا هبعد عنك....ولو لزم الامرهسافر بيهم بعيد عنك
رفيق مصعوقا : ايه ..انتى اتجننتنى ..تسافرى بيهم...انتى متخيله انى هسمحلك تاخدى ولادى وتبعدى عنى
منى بصوت خافت بعض الشىء : احسنلهم يتربوا بعيد عنك وانت عارف كده كويس ...اوعى يكون فكرك انى مش عارفه طبيعه شغلك مع سالم ...لكن كنت دايما بقول لروحى طالما ماعنديكيش دليل يبقى بلاش تخربى على نفسك ...وخدى الفلوس اللى تكفيكى انتى وولادك وبس ...ما انتى مضطره ....هتعيشى منين ...
ولم تتمالك منى نفسها اكثر من ذلك وقالت بصوت ينهار بكاءا : لكن خلاص انا كرهتك وكرهت عيشتك ..كلها حرام فى حرام ..يا اخى انضف بقى ..انضف ..ان ماكنش عشان نفسك يبقى على الاقل عشان ولادك ..عشان مايجوش يوم الناس تعايرهم بيك ...وبدال ما يمشو وراسهم مرفوعه يمشوا ونفسهم مكسوره
رفيق بضعف : انا بعمل كل ده عشانكم ..عشان تعيشوا مبسوطين ..مش ناقصكم حاجه
منى مستنكره : احنا ناقصنا مليون حاجه ..ناقصنا البركه ..ناقصنا القرش الحلال ..ناقصنا انت ...انت فين ..تقدر تقولى انت فين ..تعرف ايه عننا انا وولادك ..بلاش... تعرف ولادك فى انهى مدرسه ..تعرف حتى هما سنه كام ..تعرف بيروحوا النادى بيتدربوا على انهى رياضه ...انت موجود ااه ..بس ولا ليك اى لازمه ..غير انك بنك فلوس ...ويارتيها فلوس حلال ..الا حرام ..انا خلاص مش عايزه ولادى يتربوا بالفلوس دى ...ولا يتربوا فى الجو ده
رفيق بعصبيه : وهتربيهم منين هه ..هتعيشيهم ازاى فهمينى ..مش كل فلوسى حرام ياست الشيخه
لم تلتفت منى لسخريته المبطنه وقالت باصرار : انا هبيع كل حاجه انت اديتهانى كل هدياك ..شبكتى ..وهعيش بيها ومش عايزه منك قرش واحد ...تطلقنى وتسيبنى فى حالى ..كفايه بقى ...خربتلى حياتى من يوم ما اتجوزتك غصب ..وغصبت على روحى احبك ...وحبيتك فعلا ...بس فى الاخر طلعت ماتستاهلش ...انا كنت فاكراك احسن من سالم ..طلع سالم احسن منك الف مره ..على الاقل مش مركب وش زيك ...
شعر رفيق انه قد كفاه ماسمع فتركها واتجه الى غرفه ابناءه ودخلها ولم يبال بنظره حماته المستنكرهالتى قابلته بها
واقترب من ابناءه النيام وأخذ يقبلهم بشغف
واتبعته منى ووقفت تراقبه بصمت ثم غادرت امها الغرفه وتركتهم سويا
وبعد ذلك قام رفيق من على الفراش الصغير واتجه الى زوجته
وقال هامسا : اللى انتى عاوزاه انا هعملهولك ...بس ارجوكى بلاش تسافرى ...بلاش تحرمينى من ولادى ويتربوا يتمى وابوهم عايش ..وانا اوعدك انى هاصلح كل حاجه ..وهخليهم يمشوا وسط الناس رافعين راسهم
غادر رفيق منزل حماته وهو يحمل تصميما على تنفيذ عهده الذى قطعه على نفسه منذ قليل مهما كان ثمنه ومهما كلفه الامر
وفيما كان هو جالسا ينقر سطح مكتبه وغاب عقله مفكرا فيما آلت اليه الامور
دخل العسكرى البسيط وادى التحيه واخبره بوجود زائرا يصر على لقائه .....
لم يتحمل الزائر كلفه الانتظار من دقائق معدوده ودخل ليعلن عن نفسه بصوته الأجش :ازيك يا حضره المقدم
نظر له حاتم بأعين اتسعت دهشه ولسان لجمته المفاجأه
فقد كان بالاخص آخر شخص على ظهر الخليقه يتوقع حاتم رؤيته
وبالتحديد فى تلك الساعه المتأخره من الليل