رواية خلف الظلال الفصل الثاني والعشرين 22 بقلم يسرا
الفصل الثانى والعشرون.........بقلم يسرا
كان يجلس وحيدا فى غرفه مكتبه لا يعرف لماذا شعر بالاشتياق اليها ....لقد مضى وقت طويل على فراقهما ولا يزال يفكر فيها نظر الى درج مكتبه مليا ....فيه ترقد الاسطوانه التى اخذها من سالم مؤخرا لم يكسرها كما فعل بالاولى
قام من مجلسه واخرج الاسطوانه من الدرج ووضعها بالمشغل وهم بمشاهدتها وماهى الا ثوان معدوده مرت حتى رن هاتفه فجأه...
فانتفض واوقف المشغل ...ظنا منه انها زوجته فهى لم تعد بعد من زيارتها الاسبوعيه لوالدتها ...فامسك بهاتفه واجاب : الو
واتاه بالفعل صوت نسائى ولكنه لم يكن صوت زوجته
بل كان صوتا نسائيا عابثا رقيعا قائلا بتشدق : حبيبه القلب هتقابل النهارده سالم صاحبك فى قريه ****** فيلا 3 أ... الساعه 11شوف انت واحد وواحده فى الساعادى وفى عز الشتا رايحين الساحل سوا يعملو ايه ....ثم اطلقت ضحكه صاخبه
اتسعت عينا رفيق وشعر بجفاف حلقه ولم يصدق ماسمعه وقال بسرعه : انتى مين ؟ جبتى الكلام ده منين ....ولكنه لم يجد اجابه
فأخذ يصرخ : الو ..الو ...
شعر رفيق ان ارض الحجره تميد به ولم تقو قدماه على حمله فجلس لبرهه محدقا فى الفراغ امامه وتناول كوب الماء وتجرعه وحاول الاتصال مجددا بالرقم الذى خاطبه منذ قليل الا انه وجد ان الهاتف مغلق !!!!
نظر رفيق فى ساعته الفاخره فوجدها الثامنه مساءا ...اذن ..عليه الرحيل ...عليه الذهاب ....عليه التأكد من صحه هذا الخبر المشؤم
فحمل سلسه مفاتيحه وهاتفه وانطلق الى الخارج
وهاهو الان يقف على باب الحجره وهى تنظر اليه باكيه تردد بتوسل : رفيق ..رفيق .ارجوك افهم
نظر لها ولم يدر بما يجيبها ....انها كانت بالفعل فى احضان سالم منذ قليل ...
فسيارته فى الخارج وملابسه ملقاه باهمال على احدى الكراسى الى جوار منضده صغيره وضعت عليها كؤؤس الخمر الفارغه ...
نظر رفيق لها باحتقار شديد وهى تحاول ستر جسدها العارى لتقوم من على السرير ...
التفت رفيق ليخرج من الغرفه صامتا ...مصدوما ...حزينا ...
نعم فقد شعر ان قلبه قد هوى من ضلوعه وخطواته البطيئه اليائسه تسحقه سحقا
خرج ليجد سالم بمواجهته وقد خرج من الحمام مرتديا مئزرا وقطرات الماء تتساقط من شعره الغزير
نظر له رفيق بكراهيه شديده واندفع تجاهه وهم ان يضربه بقبضته فى وجهه ...
الا ان سالم قد نجح فى الامساك بقبضته وعالجه بعده لكمات فى فكه وبطنه ودفعه ليسقط ارضا
ليحطم اثناء سقوطه بعض التحف الزجاجيه الصغيره ...
صرخت نانسى عندما رأت رفيق يقع ارضا وسيل من الدم يتساقط من انفه ...فدفعت سالم بيدها قائله له بحده: ابعد عنه
واندفعت تجاه رفيق لتساعده على النهوض فدفع رفيق يدها بعيدا رافضا مساعدتها صارخا : اوعى ايدك ....
ابتعدت نانسى للخلف خطوه وقام رفيق ومسح انفه بمنديل ورقى اخرجه من جيبه ثم نظر الى سالم
وقال له بحنق : ليه ؟ هه ؟ ليه ؟ ليه كل حاجه ليا تاخدها منى ...ليه كل حاجه حلوه فى حياتى ولو حتى ذكرى تفسدها عليا ...عارف انت ايه ...انت خراب ...خراب بيعم على كل اللى حواليك ..
رد سالم بأشمئزاز : انا ما اخدتهاش منك ...
ثم توجه الى نانسى وجذبها من ذراعها ودفعها تجاهه تابع بقسوه : ماتقوليله ...ساكته ليه ؟ قوليله انها ماكنتش المره الاولى ...قوليله انك عيشتى فى حضنى سنه ..قوليلى انك كنتى ليا انا الاول قبليه وقبل البأف جوزك ...
ثم دفعها بعيدا عنه واتجه الى الغرفه واغلق الباب خلفه بقوه ليرتدى ملابسه تاركا رفيق يحملق بنانسى التى انخرطت فى بكاء طويل
وبصوت متحشرج خرجت كلماته : الكلام.. ده.. صحيح ؟
نظرت له نانسى وعيناها تحمل توسلا خالصا وقالت باكيه : كان زمان ..
لم يمهلها رفيق ثانيه اخرى وخرج وركب سيارته وغادر القريه الساحليه عائدا الى القاهره بسرعه جنونيه
وخرج بعدها سالم من الغرفه وظل ينظر بكراهيه شديده لنانسى التى كانت لاتزال منخرطه فى بكاءها المرير
وشعرت نانسى بنظراته المسلطه عليها ورفعت ناظريها وقامت واندفعت تجاهه وصفعته على جرحه فأمسك سالم ذراعها وجذبها بقوه
ونظر لها نظره جمدت الدم فى عروقها ثم قال لها بصوت غاضب:يوم من الايام كنت بتحطى ايدك عليه وتقوليلى بسببه انا سلمتك نفسى ... دلوقتى بتضربينى دلوقتى مش عاجبك ...هربتى وسيبتينى وروحتى للمرشدى ...عملك ايه اكتر من اللى انا عملتهولك... هه ولا حاجه.. وبعديها رفيق ...سابك عند اول خطر.. لكن انا ..سالم ...استحملت عشانك كتير اووى وشيلتك جوه عينيا والنتيجه كانت ايه ...صنف نمرود صحيح
سحبت نانسى ذراعها وقالت بقوه : صح انتى عملتلى كتير اووى يمكن اكتر من المرشدى ...بس ماعملتيليش حتى عشر اللى عملهولى رفيق ...حسسنى انى بنى آدمه ...ليا قرارى ...ليا حياتى ...انت زيك زى المرشدى ويمكن ااقل كمان ...
رد سالم مستنكرا : كمان !!!
نانسى بحقد: انت كل اللى يهمك انك تمتلكنى وبس ....قطعه فنيه جمليه تزوق بيها ركن من اركان حياتك السودا وآخر الليل اهوه موجوده هروح فين ...حتى لما عالجتنى وحطتنى فى المصحه ماكنتش حتى بتيجى يوم تطل عليا ولا تزورنى ولا تشوف بيا ايه.. كل هامك انى اخف واطلع سليمه وارجع تانى ...عارف لوكنت رجعتلك مدمنه كنت هترمينى ...ولما روحت للمرشدى انا اللى رحت بمزاجى على الاقل المرادى انا اللى اخترته ...
سالم بعصبيه شديده : ومارجعتيش ليه ..كان ناقصك ايه معايا
نانسى : كفايه ان كل حاجه كانت بالغصب ...ما انا ماكنتش اقدر اتكلم ولا افتح بوقى معاك ...ازاى وشهامتك معايا ..قال معلمه على وشك
اشار لها سالم بأصبعه قائلا : صح .انتى صح وانا اللى غلط ...انتى اللى من الاول ماكنتيش تستاهلى
خرج سالم تاركا نانسى تنظر له بأعين فارغه وركب سيارته هو الاخر وعاد الى القاهره
وفى منزل امانى كانت هاله جالسه فى صاله المنزل الصغيره تتابع لهو ابنائها مع ابناء اخ امانى الاصغر بعين شارده ..
ثم جاءت امانى حامله صينيه معدنيه تحمل شطائر الجبن للاطفال واقداح الشاى الساخن لكلتاهما
ووضعتهما على المنضده المنخفضه بجوار الاريكه
وقالت بصوت مرتفع نسبيا : يالا يا ولاد ...كفايه كده تعالو اتعشوا يالا عشان تنامو بقى ...كفايكم لعب طول النهار
كانت هاله لازالت شارده فلاحظتها امانى وقالت لها : هاله ...اييه ..فينك ...
انتبهت هاله الى صديقتها وقالت : نعم ؟
امانى متعجبه : نعم الله عليكى ....اشربى الشاى واحكيلى ...عيالك بقوا فى حضنك ولساتك سرحانه وترجعيلى كل يوم بحال شكل
تنهدت هاله بعمق وقالت : يظهر ان المشاكل حالفه ماتسبنيش فى حالى يا امانى
امانى بقلق : مشاكل ايه ...كفالله الشر ؟
هاله بصوت منخفض: مش هينفع دلوقتى اما الولاد ينامو يا امانى ...
ثم توجهت للاطفال بالحديث آمره :يالا يا ياسين يالا ياعمر وانت يا احمد ومحمد.. يالا ياولاد ... كفايه لعب وتعالو اتعشو
تناول الاطفال طعام العشاء وتوجهوا الى النوم بشق الانفس وما ان هدأ المنزل
حتى اتجهت امانى لصاله المنزل وجلست بانتظار صديقتها التى حضرت اخيرا وجلست الى جوارها
وقالت دون مقدمات : سالم اشترالى شقه انا والولاد ...
نظرت لها امانى بدهشه وقالت بعصبيه بصوت جاهدت كثيرا لتحتفظ به منخفضا حتى لا توقظ الاطفال: وده بأماره ايه ان شاء الله؟
ضربت هاله بكفيها وقالت : قال يعنى مساعده بس انا ماسكتلهوش ..اديته كلمتين فى عضامه ....بعدها اتقلب معايا 180 درجه
امانى : جدعه ..وده المفروض اللى تعمليه من هنا ورايح
هاله بأسى: ماهو مش هيبقى فى بعد كده رايح
امانى متعجبه: ومالك بتقوليها بزعل كده ...انتى اصلا من كام يوم كنتى ناويه على الاستقاله ؟
هاله : وقتها كانو لسه الولاد مش معايا... انما دلوقتى المصروف كبر
امانى مستنكره: اخس عليكى وانا رحت فين ...وبعدين ماتقلقيش ...اطلبى من الرزاق ...ابعدى عن الجدع ده يا هاله عشان خاطرى... من ساعه الهديا اللى بالكوم دى وانا مش مطمناله ..واهوه غرضه بان وان كان يعنى واضح من الاول ...
هاله بحيره : انا بس يعنى ..توء ...مش عارفه... متلخبطه كده
امانى : متلخبطه من ايه بس؟
هاله : يعنى وقف جنبى وعمل معايا حركه جدعنه وجابلى ولادى
امانى : ياستى مقولناش حاجه ...كتر خيره انه جابلك ولاده ربنا يجازيه خير...لكن لا تأذينى ولا أذيك يا هاله ... انتى بشياكه كده اسحبى نفسك وابدأى من دلوقتى دورى على شغل تانى ولما تلاقى ان شاء الله ...اقدمى استقالتك ...وانا قولتهالك قبل كده انتى اولى منى بالوظيفه فى الشركه
قامت هاله من مجلسها وقالت : احنا هنعيده تانى يا امانى ..يالا انا هدخل انام وانتى كمان ادخلى ارتاحى الولاد النهارده كانو عاملين مرستان ...انا والله صعبانه عليا الحاجه
امانى مبتسمه: مالكيش دعوه دى فرحانه بدوشتهم بتقولى عملو للبيت حس ...تصبحى على خير يا جميل
هاله : وانتى من اهل الخير
وهكذا دخلت هاله لتنام بجوار ابناءها تشعر بالامان فى احضانهم الصغيره
وعاد رفيق لمنزله بعد منتصف الليل بكثير وقد شعر بالعجب داخله فلم تكن زوجته فى استقباله كما اعتاد
بل انها لم تخاطبه خلال الساعات الماضيه وتسأله عن مكانه فظن انها قد عادت من زياره والدتها متعبه وتوجهت للنوم
فاتجه الى غرفه ابناءه ليطمئن عليهم فلم يجدهم ...بل وجد ان الدولايب مفتوحه على مصراعيها وخاويه فاتجه مسرعا الى غرفه نومه ليجدها على نفس الحال ..
اخرج رفيق هاتفه النقال واتصل بزوجته وهو يشعر بالقلق ينهش عظامه ...لكن منى لم ترد على ايا من اتصالاته المتكرره
فأمسك بسماعه الهاتف الارضى واتصل بمنزل حماته فردت الاخيره قائله : ايوه يا رفيق
قال رفيق قلقا : منى عندك يا طنط
ردت الام بصوت جاف : ايوا عندى
قال رفيق بعجله : طيب مابتردش على التليفون ليه ...وبعدين لمه هدومها هيا والولاد ليه ...هيا ماقلتش انها هتبات
قالت الام بجفاف : اللى بيبات يارفيق مش بيلم هدومه كلها ..منى سابت البيت وطالبه الطلاق ....ومش هتتنازل عنه
قال رفيق متعجبا : طلاق !!!! ليه ...ماهى نازله الصبح كنا كويسين ..على آخر الليل تطلب الطلاق ..ايه الجنان ده ومش مفروض حضرتك تعقليها
الام بصوت قاس : والله بعد اللى سمعته منها ...المفروض انت اللى تعقل ....
رد فيق متعجبا : يعنى ايه ؟
الام بتقزز: والله روح كده واخطف رجليك لاوضه مكتبك وشغل الدى فى دى وانت تعرف
شعر رفيق كأنما ماءا حارا صب فوق رأسه صبا فخلع سترته على رغم بروده الجو
وحاول ان ينطق ان يستجمع كلماته الا ان حماته قد قاطعت محاولاته المستميته قائله : زى مادخلنا بالمعروف ...نخرج بالمعروف ...صدقنى ده احسن عشان خاطر الولاد ..مع السلامه يا رفيق
سقطت السماعه من يد رفيق وخارت قواه وجلس ارضا محملقا امامه فى الفراغ ثم تذكر انه قبل خروجه ترك بالفعل الاسطوانه بالمشغل ...فأخذ يضرب بكفه على جبهته واخذ يردد بصوت غاضب : غبى ..غبى ..غبى ...كله منك يا سالم الخراب ...كله منك
وفى صباح اليوم التالى اتجه حاتم الى مقر عمله وتوجه الى غرفه زميله بقسم الشرطه " امير"
وما ان دخل غرفته حتى قال له بصوت قاطع : عملت ايه فى التحريات اللى طالبتها منك يا امير
رد امير بتهكم : طيب يا اخى قول صباح الخير الاول
حاتم : صباح الخير يا سيدى ...هاه خلصنى الموضوع ده مهم جدا... بجد انت مش متخيل هاله دى لما نوصلها هتفيدنا اد ايه
امير بنبره منتصره : وصلتلها ياسيدى ..انا رحت العنوان اللى متسجل فى الفيش والتشبيه بتاعها مالقتهاش وماحدش يعرف عنها اى حاجه من ساعه ماخرجت من السجن ...لحد ما اهتديت لفكره انى ادور فى الكومبيوتر المركزى يمكن الاقى اى حاجه
حاتم متلهفا : لقيت ايه ؟
اخرج امير ورقه مطويه من درج مكتبه وقال : محضر كانت عملاه ضد طليقها كان خاطف ولادها ومتسجل فيه عنوانها دلوقتى ...واهوه كنت ناوى اروح النهارده كمان ساعه كده اسأل عنها هناك
خطف حاتم الورقه بحركه سريعه وقال له : انا رايح دلوقتى سلام
خرج حاتم دون ان يتيج لامير فرصه للرد واتجه الى العنوان المدون بالورقه ....عنوان امانى
انهت هاله ارتداء ملابسها واتجهت الى الخارج مسرعه بعدما ودعت ابنائها ووصلت متأخره قليلا فاتجهت الى غرفتها بالطابق العلوى ودخلت لتفاجىء بسالم جالسا قبالها
فقالت متنحنحه : صباح الخير
رد سالم غاضبا : اتأخرتى ليه ؟
هاله : انا آسفه ..بس
قاطعها سالم بحده : خلاص ...انتى لسه هتبسبسى
نظرت هاله له متعجبه من حدة نبراته
فاستطرد سالم قائلا بصوت حاول ان يجعله لطيفا قدر المستطاع : انا كلمتك الراجل فى الوزاره وهوا قام باللازم... الاسبوع اللى جاى الولاد يرجعوا ينتظموا هنا فى مدرستهم القديمه
لجمت المفاجئه لسانها وقالت بعد برهه : متشكره ..انا كنت ناويه اروح اخلص الورق
سالم بحنق : واهو خلص ...مطلوب منى حاجه تانيه
ابتسمت هاله رغما عنها وقالت : لاء كتر خيرك... وماكنش ليه لزوم تتعب روحك
قام سالم واتجه اليها ونظر لها مليا كأنما يراها لاول مره
ولاحظت هاله نفور عضلات رقبته وعروق جبهته فنظرت له مشفقه فقالت : مالك ؟
سالم بصوت ابح : تعبان
هاله برقه : سلامتك
نظر لها سالم غاضبا وقال : انتى يلزمك مرتب اد ايه فى الشهر ؟
قالت هاله متحيره : اللى باخده كفايه
سالم : ما انتى احتمال ماتكمليش هنا ...ولو عايزه تكملى شغل هنا يبقى على شرط
هاله عابسه: شرط !!!شرط ايه
اقترب منها سالم خطوه وقال لها بتهديد واضح : ماتتكلميش معايا نص كلمه ..فاهمه ...ومش عايز اشوفك قدامى تانى ... الساعه اللى هاجيها تفضلى قاعده فى مكتبك ماتخرجيش منه ...كلامى واضح
شعرت هاله بالصدمه ..بالدهشه ..بالانكسار...
فأدمعت عيناها وقالت بكبرياء: وليه جاى على نفسك ...مش مستاهله ..انا ماشيه ...طلما انت مش طايق حتى تشوف وشى
قال سالم بصوت هادر : لاء ...اللى قلته يتنفذ ...واظن دى ااقل حاجه ممكن تعمليهالى قصاد اللى عملتهولك
هاله : وعليك من ده بأيه ..يهمك فى ايه امشى حتى ولا اروح فى ستين داهيه
سالم وعيناه تلمع تحديا : انا كده ...واللى قلته يتنفذ ..وبالحرف ....لا ليكى دعوه بيا ولا انى ليا دعوه بيكى
هاله بصوت مرتجف: خلاص ...يبقى امشى ...
سالم بقسوه: وهتروحى فين ؟؟؟ هتشتغلى فين وتجيبى فلوس ؟
هاله بكبرياء: ارض الله واسعه
سالم : يبقى تستنى لحاد اما الاقيلك شغل تانى يكون كويس وامان ...ساعتها يبقى امشى
هاله متعجبه : امان !!!!
قال سالم ساخرا : ااه امان ...انتى نسيتى انك طليقه عادل وولادك ورثته ...عارفه عادل كان عنده اعداء اد ايه ...عارفه اذى ناس اد ايه ...عارفه اتعامل مع ناس ومعاه كل اسرارهم والناس دى عامله ازاى ؟؟؟؟
هاله بحده: عادل مات
سالم : لكن البلاوى اللى سابها مامتتش ...وانتى وولادك فى خطر ...والاحسن انك يا اما تستخدمى ثروته وتحمى نفسك بيها يأما تقولى يا حيطه دارينى ...وانا مش هفضل بقى دماغى تودى وتجيب عليكى انتى والولاد...
ثم صرخ فيها قائلا : فاسمعى الكلام بقى وماتعانديش
نظرت له هاله والدهشه تملؤ انفاسها ...لا تفهم كيف ينتقل حاله من البرد الى الحرور ...
وكيف يحمل تيار الهواء كلماته اليها كنسمات عليله لتنقلب فجأه ودون سابق انذار لعواصف رعديه شديده ...
وكيف يحمل داخله تلك الطيبه والنوايا الحسنه لتتبدل فى ثوان معدوده لخبائث شيطانيه ...
لينقلب مره اخرى فيعود كطفل صغير فقد امه وضل طريقه واظلم ليله وتخلى عنه الامن والامان
قال سالم مقاطعا افكارها بصوت هادىء :انا ماشى ..خدى بالك من نفسك ومن ولادك
خرج سالم تاركا اياها غارقه فى بحور الحيره ....فهل من يد تمتد لها فتنقذها من حيرتها وتبلغها شواطىء الامان والاستقرار ؟؟؟؟؟؟؟؟
كان يجلس وحيدا فى غرفه مكتبه لا يعرف لماذا شعر بالاشتياق اليها ....لقد مضى وقت طويل على فراقهما ولا يزال يفكر فيها نظر الى درج مكتبه مليا ....فيه ترقد الاسطوانه التى اخذها من سالم مؤخرا لم يكسرها كما فعل بالاولى
قام من مجلسه واخرج الاسطوانه من الدرج ووضعها بالمشغل وهم بمشاهدتها وماهى الا ثوان معدوده مرت حتى رن هاتفه فجأه...
فانتفض واوقف المشغل ...ظنا منه انها زوجته فهى لم تعد بعد من زيارتها الاسبوعيه لوالدتها ...فامسك بهاتفه واجاب : الو
واتاه بالفعل صوت نسائى ولكنه لم يكن صوت زوجته
بل كان صوتا نسائيا عابثا رقيعا قائلا بتشدق : حبيبه القلب هتقابل النهارده سالم صاحبك فى قريه ****** فيلا 3 أ... الساعه 11شوف انت واحد وواحده فى الساعادى وفى عز الشتا رايحين الساحل سوا يعملو ايه ....ثم اطلقت ضحكه صاخبه
اتسعت عينا رفيق وشعر بجفاف حلقه ولم يصدق ماسمعه وقال بسرعه : انتى مين ؟ جبتى الكلام ده منين ....ولكنه لم يجد اجابه
فأخذ يصرخ : الو ..الو ...
شعر رفيق ان ارض الحجره تميد به ولم تقو قدماه على حمله فجلس لبرهه محدقا فى الفراغ امامه وتناول كوب الماء وتجرعه وحاول الاتصال مجددا بالرقم الذى خاطبه منذ قليل الا انه وجد ان الهاتف مغلق !!!!
نظر رفيق فى ساعته الفاخره فوجدها الثامنه مساءا ...اذن ..عليه الرحيل ...عليه الذهاب ....عليه التأكد من صحه هذا الخبر المشؤم
فحمل سلسه مفاتيحه وهاتفه وانطلق الى الخارج
وهاهو الان يقف على باب الحجره وهى تنظر اليه باكيه تردد بتوسل : رفيق ..رفيق .ارجوك افهم
نظر لها ولم يدر بما يجيبها ....انها كانت بالفعل فى احضان سالم منذ قليل ...
فسيارته فى الخارج وملابسه ملقاه باهمال على احدى الكراسى الى جوار منضده صغيره وضعت عليها كؤؤس الخمر الفارغه ...
نظر رفيق لها باحتقار شديد وهى تحاول ستر جسدها العارى لتقوم من على السرير ...
التفت رفيق ليخرج من الغرفه صامتا ...مصدوما ...حزينا ...
نعم فقد شعر ان قلبه قد هوى من ضلوعه وخطواته البطيئه اليائسه تسحقه سحقا
خرج ليجد سالم بمواجهته وقد خرج من الحمام مرتديا مئزرا وقطرات الماء تتساقط من شعره الغزير
نظر له رفيق بكراهيه شديده واندفع تجاهه وهم ان يضربه بقبضته فى وجهه ...
الا ان سالم قد نجح فى الامساك بقبضته وعالجه بعده لكمات فى فكه وبطنه ودفعه ليسقط ارضا
ليحطم اثناء سقوطه بعض التحف الزجاجيه الصغيره ...
صرخت نانسى عندما رأت رفيق يقع ارضا وسيل من الدم يتساقط من انفه ...فدفعت سالم بيدها قائله له بحده: ابعد عنه
واندفعت تجاه رفيق لتساعده على النهوض فدفع رفيق يدها بعيدا رافضا مساعدتها صارخا : اوعى ايدك ....
ابتعدت نانسى للخلف خطوه وقام رفيق ومسح انفه بمنديل ورقى اخرجه من جيبه ثم نظر الى سالم
وقال له بحنق : ليه ؟ هه ؟ ليه ؟ ليه كل حاجه ليا تاخدها منى ...ليه كل حاجه حلوه فى حياتى ولو حتى ذكرى تفسدها عليا ...عارف انت ايه ...انت خراب ...خراب بيعم على كل اللى حواليك ..
رد سالم بأشمئزاز : انا ما اخدتهاش منك ...
ثم توجه الى نانسى وجذبها من ذراعها ودفعها تجاهه تابع بقسوه : ماتقوليله ...ساكته ليه ؟ قوليله انها ماكنتش المره الاولى ...قوليله انك عيشتى فى حضنى سنه ..قوليلى انك كنتى ليا انا الاول قبليه وقبل البأف جوزك ...
ثم دفعها بعيدا عنه واتجه الى الغرفه واغلق الباب خلفه بقوه ليرتدى ملابسه تاركا رفيق يحملق بنانسى التى انخرطت فى بكاء طويل
وبصوت متحشرج خرجت كلماته : الكلام.. ده.. صحيح ؟
نظرت له نانسى وعيناها تحمل توسلا خالصا وقالت باكيه : كان زمان ..
لم يمهلها رفيق ثانيه اخرى وخرج وركب سيارته وغادر القريه الساحليه عائدا الى القاهره بسرعه جنونيه
وخرج بعدها سالم من الغرفه وظل ينظر بكراهيه شديده لنانسى التى كانت لاتزال منخرطه فى بكاءها المرير
وشعرت نانسى بنظراته المسلطه عليها ورفعت ناظريها وقامت واندفعت تجاهه وصفعته على جرحه فأمسك سالم ذراعها وجذبها بقوه
ونظر لها نظره جمدت الدم فى عروقها ثم قال لها بصوت غاضب:يوم من الايام كنت بتحطى ايدك عليه وتقوليلى بسببه انا سلمتك نفسى ... دلوقتى بتضربينى دلوقتى مش عاجبك ...هربتى وسيبتينى وروحتى للمرشدى ...عملك ايه اكتر من اللى انا عملتهولك... هه ولا حاجه.. وبعديها رفيق ...سابك عند اول خطر.. لكن انا ..سالم ...استحملت عشانك كتير اووى وشيلتك جوه عينيا والنتيجه كانت ايه ...صنف نمرود صحيح
سحبت نانسى ذراعها وقالت بقوه : صح انتى عملتلى كتير اووى يمكن اكتر من المرشدى ...بس ماعملتيليش حتى عشر اللى عملهولى رفيق ...حسسنى انى بنى آدمه ...ليا قرارى ...ليا حياتى ...انت زيك زى المرشدى ويمكن ااقل كمان ...
رد سالم مستنكرا : كمان !!!
نانسى بحقد: انت كل اللى يهمك انك تمتلكنى وبس ....قطعه فنيه جمليه تزوق بيها ركن من اركان حياتك السودا وآخر الليل اهوه موجوده هروح فين ...حتى لما عالجتنى وحطتنى فى المصحه ماكنتش حتى بتيجى يوم تطل عليا ولا تزورنى ولا تشوف بيا ايه.. كل هامك انى اخف واطلع سليمه وارجع تانى ...عارف لوكنت رجعتلك مدمنه كنت هترمينى ...ولما روحت للمرشدى انا اللى رحت بمزاجى على الاقل المرادى انا اللى اخترته ...
سالم بعصبيه شديده : ومارجعتيش ليه ..كان ناقصك ايه معايا
نانسى : كفايه ان كل حاجه كانت بالغصب ...ما انا ماكنتش اقدر اتكلم ولا افتح بوقى معاك ...ازاى وشهامتك معايا ..قال معلمه على وشك
اشار لها سالم بأصبعه قائلا : صح .انتى صح وانا اللى غلط ...انتى اللى من الاول ماكنتيش تستاهلى
خرج سالم تاركا نانسى تنظر له بأعين فارغه وركب سيارته هو الاخر وعاد الى القاهره
وفى منزل امانى كانت هاله جالسه فى صاله المنزل الصغيره تتابع لهو ابنائها مع ابناء اخ امانى الاصغر بعين شارده ..
ثم جاءت امانى حامله صينيه معدنيه تحمل شطائر الجبن للاطفال واقداح الشاى الساخن لكلتاهما
ووضعتهما على المنضده المنخفضه بجوار الاريكه
وقالت بصوت مرتفع نسبيا : يالا يا ولاد ...كفايه كده تعالو اتعشوا يالا عشان تنامو بقى ...كفايكم لعب طول النهار
كانت هاله لازالت شارده فلاحظتها امانى وقالت لها : هاله ...اييه ..فينك ...
انتبهت هاله الى صديقتها وقالت : نعم ؟
امانى متعجبه : نعم الله عليكى ....اشربى الشاى واحكيلى ...عيالك بقوا فى حضنك ولساتك سرحانه وترجعيلى كل يوم بحال شكل
تنهدت هاله بعمق وقالت : يظهر ان المشاكل حالفه ماتسبنيش فى حالى يا امانى
امانى بقلق : مشاكل ايه ...كفالله الشر ؟
هاله بصوت منخفض: مش هينفع دلوقتى اما الولاد ينامو يا امانى ...
ثم توجهت للاطفال بالحديث آمره :يالا يا ياسين يالا ياعمر وانت يا احمد ومحمد.. يالا ياولاد ... كفايه لعب وتعالو اتعشو
تناول الاطفال طعام العشاء وتوجهوا الى النوم بشق الانفس وما ان هدأ المنزل
حتى اتجهت امانى لصاله المنزل وجلست بانتظار صديقتها التى حضرت اخيرا وجلست الى جوارها
وقالت دون مقدمات : سالم اشترالى شقه انا والولاد ...
نظرت لها امانى بدهشه وقالت بعصبيه بصوت جاهدت كثيرا لتحتفظ به منخفضا حتى لا توقظ الاطفال: وده بأماره ايه ان شاء الله؟
ضربت هاله بكفيها وقالت : قال يعنى مساعده بس انا ماسكتلهوش ..اديته كلمتين فى عضامه ....بعدها اتقلب معايا 180 درجه
امانى : جدعه ..وده المفروض اللى تعمليه من هنا ورايح
هاله بأسى: ماهو مش هيبقى فى بعد كده رايح
امانى متعجبه: ومالك بتقوليها بزعل كده ...انتى اصلا من كام يوم كنتى ناويه على الاستقاله ؟
هاله : وقتها كانو لسه الولاد مش معايا... انما دلوقتى المصروف كبر
امانى مستنكره: اخس عليكى وانا رحت فين ...وبعدين ماتقلقيش ...اطلبى من الرزاق ...ابعدى عن الجدع ده يا هاله عشان خاطرى... من ساعه الهديا اللى بالكوم دى وانا مش مطمناله ..واهوه غرضه بان وان كان يعنى واضح من الاول ...
هاله بحيره : انا بس يعنى ..توء ...مش عارفه... متلخبطه كده
امانى : متلخبطه من ايه بس؟
هاله : يعنى وقف جنبى وعمل معايا حركه جدعنه وجابلى ولادى
امانى : ياستى مقولناش حاجه ...كتر خيره انه جابلك ولاده ربنا يجازيه خير...لكن لا تأذينى ولا أذيك يا هاله ... انتى بشياكه كده اسحبى نفسك وابدأى من دلوقتى دورى على شغل تانى ولما تلاقى ان شاء الله ...اقدمى استقالتك ...وانا قولتهالك قبل كده انتى اولى منى بالوظيفه فى الشركه
قامت هاله من مجلسها وقالت : احنا هنعيده تانى يا امانى ..يالا انا هدخل انام وانتى كمان ادخلى ارتاحى الولاد النهارده كانو عاملين مرستان ...انا والله صعبانه عليا الحاجه
امانى مبتسمه: مالكيش دعوه دى فرحانه بدوشتهم بتقولى عملو للبيت حس ...تصبحى على خير يا جميل
هاله : وانتى من اهل الخير
وهكذا دخلت هاله لتنام بجوار ابناءها تشعر بالامان فى احضانهم الصغيره
وعاد رفيق لمنزله بعد منتصف الليل بكثير وقد شعر بالعجب داخله فلم تكن زوجته فى استقباله كما اعتاد
بل انها لم تخاطبه خلال الساعات الماضيه وتسأله عن مكانه فظن انها قد عادت من زياره والدتها متعبه وتوجهت للنوم
فاتجه الى غرفه ابناءه ليطمئن عليهم فلم يجدهم ...بل وجد ان الدولايب مفتوحه على مصراعيها وخاويه فاتجه مسرعا الى غرفه نومه ليجدها على نفس الحال ..
اخرج رفيق هاتفه النقال واتصل بزوجته وهو يشعر بالقلق ينهش عظامه ...لكن منى لم ترد على ايا من اتصالاته المتكرره
فأمسك بسماعه الهاتف الارضى واتصل بمنزل حماته فردت الاخيره قائله : ايوه يا رفيق
قال رفيق قلقا : منى عندك يا طنط
ردت الام بصوت جاف : ايوا عندى
قال رفيق بعجله : طيب مابتردش على التليفون ليه ...وبعدين لمه هدومها هيا والولاد ليه ...هيا ماقلتش انها هتبات
قالت الام بجفاف : اللى بيبات يارفيق مش بيلم هدومه كلها ..منى سابت البيت وطالبه الطلاق ....ومش هتتنازل عنه
قال رفيق متعجبا : طلاق !!!! ليه ...ماهى نازله الصبح كنا كويسين ..على آخر الليل تطلب الطلاق ..ايه الجنان ده ومش مفروض حضرتك تعقليها
الام بصوت قاس : والله بعد اللى سمعته منها ...المفروض انت اللى تعقل ....
رد فيق متعجبا : يعنى ايه ؟
الام بتقزز: والله روح كده واخطف رجليك لاوضه مكتبك وشغل الدى فى دى وانت تعرف
شعر رفيق كأنما ماءا حارا صب فوق رأسه صبا فخلع سترته على رغم بروده الجو
وحاول ان ينطق ان يستجمع كلماته الا ان حماته قد قاطعت محاولاته المستميته قائله : زى مادخلنا بالمعروف ...نخرج بالمعروف ...صدقنى ده احسن عشان خاطر الولاد ..مع السلامه يا رفيق
سقطت السماعه من يد رفيق وخارت قواه وجلس ارضا محملقا امامه فى الفراغ ثم تذكر انه قبل خروجه ترك بالفعل الاسطوانه بالمشغل ...فأخذ يضرب بكفه على جبهته واخذ يردد بصوت غاضب : غبى ..غبى ..غبى ...كله منك يا سالم الخراب ...كله منك
وفى صباح اليوم التالى اتجه حاتم الى مقر عمله وتوجه الى غرفه زميله بقسم الشرطه " امير"
وما ان دخل غرفته حتى قال له بصوت قاطع : عملت ايه فى التحريات اللى طالبتها منك يا امير
رد امير بتهكم : طيب يا اخى قول صباح الخير الاول
حاتم : صباح الخير يا سيدى ...هاه خلصنى الموضوع ده مهم جدا... بجد انت مش متخيل هاله دى لما نوصلها هتفيدنا اد ايه
امير بنبره منتصره : وصلتلها ياسيدى ..انا رحت العنوان اللى متسجل فى الفيش والتشبيه بتاعها مالقتهاش وماحدش يعرف عنها اى حاجه من ساعه ماخرجت من السجن ...لحد ما اهتديت لفكره انى ادور فى الكومبيوتر المركزى يمكن الاقى اى حاجه
حاتم متلهفا : لقيت ايه ؟
اخرج امير ورقه مطويه من درج مكتبه وقال : محضر كانت عملاه ضد طليقها كان خاطف ولادها ومتسجل فيه عنوانها دلوقتى ...واهوه كنت ناوى اروح النهارده كمان ساعه كده اسأل عنها هناك
خطف حاتم الورقه بحركه سريعه وقال له : انا رايح دلوقتى سلام
خرج حاتم دون ان يتيج لامير فرصه للرد واتجه الى العنوان المدون بالورقه ....عنوان امانى
انهت هاله ارتداء ملابسها واتجهت الى الخارج مسرعه بعدما ودعت ابنائها ووصلت متأخره قليلا فاتجهت الى غرفتها بالطابق العلوى ودخلت لتفاجىء بسالم جالسا قبالها
فقالت متنحنحه : صباح الخير
رد سالم غاضبا : اتأخرتى ليه ؟
هاله : انا آسفه ..بس
قاطعها سالم بحده : خلاص ...انتى لسه هتبسبسى
نظرت هاله له متعجبه من حدة نبراته
فاستطرد سالم قائلا بصوت حاول ان يجعله لطيفا قدر المستطاع : انا كلمتك الراجل فى الوزاره وهوا قام باللازم... الاسبوع اللى جاى الولاد يرجعوا ينتظموا هنا فى مدرستهم القديمه
لجمت المفاجئه لسانها وقالت بعد برهه : متشكره ..انا كنت ناويه اروح اخلص الورق
سالم بحنق : واهو خلص ...مطلوب منى حاجه تانيه
ابتسمت هاله رغما عنها وقالت : لاء كتر خيرك... وماكنش ليه لزوم تتعب روحك
قام سالم واتجه اليها ونظر لها مليا كأنما يراها لاول مره
ولاحظت هاله نفور عضلات رقبته وعروق جبهته فنظرت له مشفقه فقالت : مالك ؟
سالم بصوت ابح : تعبان
هاله برقه : سلامتك
نظر لها سالم غاضبا وقال : انتى يلزمك مرتب اد ايه فى الشهر ؟
قالت هاله متحيره : اللى باخده كفايه
سالم : ما انتى احتمال ماتكمليش هنا ...ولو عايزه تكملى شغل هنا يبقى على شرط
هاله عابسه: شرط !!!شرط ايه
اقترب منها سالم خطوه وقال لها بتهديد واضح : ماتتكلميش معايا نص كلمه ..فاهمه ...ومش عايز اشوفك قدامى تانى ... الساعه اللى هاجيها تفضلى قاعده فى مكتبك ماتخرجيش منه ...كلامى واضح
شعرت هاله بالصدمه ..بالدهشه ..بالانكسار...
فأدمعت عيناها وقالت بكبرياء: وليه جاى على نفسك ...مش مستاهله ..انا ماشيه ...طلما انت مش طايق حتى تشوف وشى
قال سالم بصوت هادر : لاء ...اللى قلته يتنفذ ...واظن دى ااقل حاجه ممكن تعمليهالى قصاد اللى عملتهولك
هاله : وعليك من ده بأيه ..يهمك فى ايه امشى حتى ولا اروح فى ستين داهيه
سالم وعيناه تلمع تحديا : انا كده ...واللى قلته يتنفذ ..وبالحرف ....لا ليكى دعوه بيا ولا انى ليا دعوه بيكى
هاله بصوت مرتجف: خلاص ...يبقى امشى ...
سالم بقسوه: وهتروحى فين ؟؟؟ هتشتغلى فين وتجيبى فلوس ؟
هاله بكبرياء: ارض الله واسعه
سالم : يبقى تستنى لحاد اما الاقيلك شغل تانى يكون كويس وامان ...ساعتها يبقى امشى
هاله متعجبه : امان !!!!
قال سالم ساخرا : ااه امان ...انتى نسيتى انك طليقه عادل وولادك ورثته ...عارفه عادل كان عنده اعداء اد ايه ...عارفه اذى ناس اد ايه ...عارفه اتعامل مع ناس ومعاه كل اسرارهم والناس دى عامله ازاى ؟؟؟؟
هاله بحده: عادل مات
سالم : لكن البلاوى اللى سابها مامتتش ...وانتى وولادك فى خطر ...والاحسن انك يا اما تستخدمى ثروته وتحمى نفسك بيها يأما تقولى يا حيطه دارينى ...وانا مش هفضل بقى دماغى تودى وتجيب عليكى انتى والولاد...
ثم صرخ فيها قائلا : فاسمعى الكلام بقى وماتعانديش
نظرت له هاله والدهشه تملؤ انفاسها ...لا تفهم كيف ينتقل حاله من البرد الى الحرور ...
وكيف يحمل تيار الهواء كلماته اليها كنسمات عليله لتنقلب فجأه ودون سابق انذار لعواصف رعديه شديده ...
وكيف يحمل داخله تلك الطيبه والنوايا الحسنه لتتبدل فى ثوان معدوده لخبائث شيطانيه ...
لينقلب مره اخرى فيعود كطفل صغير فقد امه وضل طريقه واظلم ليله وتخلى عنه الامن والامان
قال سالم مقاطعا افكارها بصوت هادىء :انا ماشى ..خدى بالك من نفسك ومن ولادك
خرج سالم تاركا اياها غارقه فى بحور الحيره ....فهل من يد تمتد لها فتنقذها من حيرتها وتبلغها شواطىء الامان والاستقرار ؟؟؟؟؟؟؟؟