رواية خلف الظلال الفصل التاسع عشر 19 بقلم يسرا
لفصل التاسع عشر..........بقلم يسرا
عادت هاله الى منزل صديقتها تكاد لا تصدق اى مصيبه كانت على وشك الوقوع بها
واى نهايه كانت تنتظرها
كانت تسير بخطى متخبطه تحمد الله تاره وتدعوه تاره اخرى بأن يرحمها من عذاب الدنيا
فالموت بات اهون كثيرا لها من هذا الشقاء والعذاب والالم النفسى
وما ان دخلت حتى تهاوت بجسدها النحيل على الاريكه المجاوره للباب
وشعرت بأن قواها قد خارت ولم يعد بأمكانها التحمل اكثر من ذلك فبكت ....
بكت بغزاره .....
بكت وتصاعد أنينها....
بكت واهتز جسدها بتشنجات قويه ..
بكت وصرخت عاليا ...
فخرجت لها صديقتها مسرعه فأحتضنتها بقوه واخذت تردد ..لا اله الا الله ..اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ...وحدى الله يا هاله ...وحدى الله ....هاله ....ردى عليا ...ردى عليا
وهكذا غابت هاله عن الوعى فالمسافه التى سارتها كانت طويله وشاقه.. ورحله العوده الى المنزل كانت مضنيه
وبعد مرور قليل من الوقت افاقت هاله من غيبوبتها القصيره لتجد صديقتها تبكى بصمت ناظره لها والقلق يعتريها واصابع يدها المرتجفه تلمس بشرتها حتى قالت فى ارتياح : الحمد لله ..الحمد لله خضيتينى عليكى ....قومى ...قومى على سريرك
ردت هاله بصوت خافت : مش قادره اتحرك ..مافييش جهد
قالت امانى : قومى هسندك ماتخافييش...قومى
اطاعتها هاله واستندت بجسدها الذى يفوق جسد صديقتها طولا على كتفيها
وتحملها وزن امانى واجلستها على السرير فور دخولها غرفتها ....وقالت لها : انا هروح اجيبلك كوبايه مايه بسكر
وبعد قليل عادت امانى بالكوب تحمله بسرعه خوفا على صديقتها من اغماءه اخرى
وتجرعته هاله تحت حث متواصل من امانى
وبعدما انتهت ساعدتها امانى فى خلع ملابسها والبستها ثيابا مريحه وقالت لها : هروح اجيب الغدا واجيلك ...
امسكتها هاله من ذراعها وقالت معترضه: ماليش نفس
امانى : لاء ازاى ..انتى لازم تاكلى مش شايفه وشك مخطوف اد ايه ؟
هاله : انا محتاجه انام ..تعبانه اووى .سيبينى انام يا امانى ...واما اصحى هبقى آكل
استسلمت امانى لرغبتها رغما عنها فقالت : خلاص براحتك ولو انى كان نفسى تاكلى عشان ابقى مطمنه عليكى ..نفسى اعرف ايه اللى بيجرالك بتخرجى الصبح زى الفل وتوكالك عليك يارب ترجعى بالمنظر ده ...ويوم عن يوم اسوء من اللى قبله
ردت هاله بمراره وقالت : من اللى بشوفه ...من اللى بشوفه يا امانى ...نفسى ربنا ياخدنى ويريحنى من اللى انا فيه عشان تعبت ...خلاص تعبت
ردت امانى بسرعه : بعد الشر ...اوعى تقولى كده ...
هاله هامسه : ماعدتش فارقه يا امانى ..ماعدتش فارقه خلاص ...
ثم اندست تحت البطانيه الثقيله واغمضت عيناها فنظرت لها امانى مشفقه وخرجت بهدوء وقلبها يتألم لحالها
وبقيت هاله عده ايام قعيده الفراش ...لا رغبه لديها لا بالاكل ولا بالحديث ...وبالكاد تحتشى شرابا دافئا فى ذاك الجو الممطر الغائم
اما هو فكان يذهب يوميا الى المعرض يتجه اولا الى غرفتها فلا يجدها فينصرف
كان يشعر بالضيق ونفاذ صبر لم يختبره من قبل
كان يود رؤيتها والاطمئنان عليها
كان لايصدق انه اوشك على الكيد بها الى تلك الدرجه ....الى درجه ان ينهى حياتها للابد !!!
كيف له ان يفعل ذلك ؟
ضرب نفسه مرارا وتكرارا
بل دفع بجسده بالحائط عده مرات وبمنتهى القوه حتى اوشك على كسر ذراعه فى احدى المرات
تمنى لو انه يمتلك الشجاعه ليذهب اليها ...
تمنى لو ان لا تخونه الكلمات والعبارات فيسأل هند عنها وعن عنوان منزلها
وبدلا من ذلك اندفع عقله ليدبر امرا اخر
لينغمس فى مكيده اخرى تلهيه عن آلآمه وروحه التى تحتضر فى غيابها
اتجه الى قصر المرشدى اثناء غياب الاخير عن البلاد
ليلتقيها بمفردها
وابصرها جالسه فى الشرفه وحيده تتصفح مجله بسأم واضح
جدائل شعرها المموجه تنافس فى بريقها اشعه الشمس الذهبيه
وقد حملتها رياح الشتاء البارده بعيداعن عنق من المرمر
وجهها ينافس القمر الغائب ضياءا
وعيناها اللتان تعكسان لون الفيروز
وتألق جسدها بثوب صوفى نارى التصق بها وامتدت نيرانه لتنال من قلبه البارد
وافترت حبتا الكرز اللامع عن ابتسامه باهته لدى رؤيته
مد يده ورفع يداها وقبلهما بجرأه لم تعهدهما من قبل وجلس الى قبالها
فابتسمت ساخره وقالت : وده من امتى ؟؟؟
رد سالم بصوت حميم : انتى عارفه انى جوايا اتمنى اكتر من كده
ابتسمت منه ساخره : وماله اتمنى زى ما انت عاوز ...واحلم كمان زى ماتحب
قال سالم بأيحاء: بس الحلم ممكن يبقى حقيقه
ردت بصرامه : معايا انا يقلب بكابوس
ضحك سالم بقوه : بس مش عليا ....وانتى عارفه كده كويس ..انا اتمنى واحلم واطلب ........
ثم سكت لبرهه ونظر لها بقوه وقال بصوت قاس :ويتحقق
اعتدلت نانسى فى جلستها وقالت : افهم بقى ..انت جاى تهددنى ....
سالم : لا عاش ولا كان يا برنسيس ...طول ما سالم موجود ماحدش يقدر يلمسك
نانسى : امال انت عاوز ايه
سالم : طالب العدل
نانسى بتعجب: العدل !!!!!
سالم : ايوا العدل .............واقترب منها وهمس ....يعنى رفيق احسن منى ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
حملقت به نانسى وبهت وجهها وقامت وقالت بعنف : اخرس يا كلب ..هيا حصلت ..امشى اطلع بره ...والا ...
عندها جذبها سالم بقوه من ذراعها وقال : والا ايه ؟؟هه ماتكملى ..هتقولى للمرشدى ؟؟؟؟ ههههههههههههه وتقوليلوا ليه وتتعبى روحك وانا فى ايدى افرجه
سحبت نانسى ذراعها وساوت خصلات شعرها الهائج وقالت بصوت منخفض يرتجف : انت مش بتاخد اللى انت عاوزه من رفيق ؟
سالم : وهوا رفيق كان لوحده؟؟؟... هوا بيدفع تمن غلطته ...انتى بقى ....مش ناويه تسددى اللى عليكى
اقتربت منه نانسى وقالت فى هدوء : عاوز كام وتدينى السيدهات كلها ؟
التصق بها سالم وقال بصوت حميم : عاوز ليله
ارتسمت الصدمه على ملامح وجه الفاتنه ولم ترد..فقال سالم : قدامك اسبوع بالكتير قبل مايرجع المرشدى ...تحددى الزمان والمكان
ثم انصرف وتركها حانقه ...تنظر له بكراهيه شديده وامسكت بالمزهريه المصنوعه من الكريستال الرقيق ودفعتها فى الهواء بعيدا لتسقط ارضا وتتهشم فى الحال
فتناثرت قطع الكريستال الصغيره على الارض الرخاميه كما تناثرت حبات اللؤلؤ على وجهها وجلست لتنهار فى بكاء حار
اما الاخر كان لايزال يبحث .........يبحث عن اى خيط
عن اى دليل .............عن اى خبر
الى ان وجده
خبر وفاه رجل الاعمال عادل سعد الدين فى حادث سياره مروع
فأنطلق الى ارض الاسماعيليه وبالتحديد الى قسم الشرطه المسئول عن التحقيق بتلك الواقعه ليلتقى الضابط المسئول الذى روى له ماحدث بالظبط وانه على غير ماتوقع .....
قضاء وقدر !!!
الا ان ما قد استرعى اهتمام الاخير هو بروده اعصاب زوجته لدى تلقيها خبر وفاه زوجها
والهلع الذى ارتسم على وجه الخادمه وترجمته حركاتها جيدا داخل المنزل لدى رؤيته
واتجه الى فيلا عادل ليقابل الزوجه البارده برفقه الضابط المجتهد وقابلتهما منال بنفس التحفظ
واخذ يسألها عما كان يفعله زوجها فى ذاك اليوم لتجيب مرواغه بأنه كان فى زياره لاحد الاقارب ...
فسألها ان كان له اعداء ردت نافيه....
فسخر داخله ...كيف يا سيدتى وانا واحد منهم وهم كثر .....وطالبتهم الارمله الجاحده بالمغادره فلديها موعد هام
وقبل انصرافه لاحظ الصغيران البائسان فقال لها : ربنا يخليلك ولادك ويعوضوكى عن المرحوم
ردت منال بقسوه : دوول مش ولادى دول ولاده من مراته الاولانيه
قال حاتم بتساؤل: طيب مارجعوش ليه لمامتهم ؟
فقالت منال بصوت عال ليسمعه الطفلين : اصلها فى السجن
نظر لها حاتم وقد استرعت تلك المعلومه كامل اهتمامه : فى السجن !!!!.....ليه ؟ بتهمه ايه ؟
منال بشماته : اختلاس ...كانت حراميه
فضاقت حدقتا عينه وقال بحذر: هيا اسمها ايه ؟
منال بسأم: هاله السيد عبد المتعال ...بس اظن قربت تطلع او طلعت اصلا ...وهيا ماجتش تسأل عنهم ..يومين كده وجدتهم لابوهم هتيجى تاخدهم
صمت حاتم ولم يصدق اذنه ...ايعقل هذا؟؟؟ ...هاله!!! ..تلك السجينه السابقه كانت زوجه عادل !!!!وهى ام هذان الطفلان؟؟؟!!!!......
يالها من صدمه ...شعر بمدى تقصيره فى عمله ...فهاهو يريد القبض على تلك العصبه ولم يجمع كم المعلومات الكافى ....
انصرف حاتم وبداخله تصميم على العوده مجددا ... فكان يثق ان تلك المرأه تحوى بجعبتها الكثير والكثير من الاخبار والمعلومات
وفى اليوم التالى استيقظت هاله مبكرا وارتدت ملابسها استعدادا للذهاب للعمل ....فقد صممت على الرحيل وطلب الاستقاله والابتعاد التام عن درب رفيق ورفيقه...او بالاصح رفيقه
خرجت من غرفتها والقت تحيه الصباح على والده صديقتها العجوز ...ورأتها امانى وانزعجت لمشهدها ..فقالت : انتى رايحه فين ؟
هاله ببؤس : هيكون على فين ...الشغل
امانى : مش تريحيلك يوم كمان ؟
هاله : اطمنى انا بقيت كويسه وانا اصلا رايحه ااقدم استقالتى
زفرت امانى بأرتياح وقالت : كده احسن ..وماتشيليش هم ...انا مرتبى يقضينا كلنا ...وممكن اسيب انا الشغل وتيجى انتى تشتغلى مكانى لو حبيتى
هزت هاله رأسها رافضه : لاء طبعا ..ده شغلك انتى واكل عيشك
امانى : انتى اللى جيبتهولى
هاله : ربنا اللى بيبعت يا امانى ...انا ماجبتش حاجه من عندى ...
امانى برجاء : طيب مش هتحكيلى ايه اللى حصل من ساعتها وانتى ساكته ولا بتنتطقى ..وسيباكى على راحتك ...عايزه اطمن عليكى
هاله : اما ارجع يا امانى ....اما ارجع يالا انتى عشان ما تتأخريش على شغلك
تذكرت امانى وقالت : انا صحيح جبت ورق معايا كده عايزاكى تبقى تبصى عليه
هاله : ورق ...ورق ايه ؟
امانى : انتى نسيتى ...ورق من الشركه ..كنت قاعده اصوره على الماكنه اللى عندى والموظف سابنى وراح يعمل مكالمات كده فأخدت نسخه منغير ماحد ياخد باله
هاله : طيب اما ارجع هبقى ابص عليهم ولو ان مابقتش فارقه ...كله محصل بعضه
امسكت بها امانى من كتفيها وقالت : انا عايزاكى تفوقى ..اوعى تستسلمى ...ولا تخلى اليأس يسيطر عليكى ...فاكره فاكره يا هاله اما كنا فى السجن وكنت ساعات بقعد اعيط بالساعات وتيجى تقعدى جنبى ونتكلم سوا والاقى نفسى اتغير حالى 180 درجه ..طيب فاكره الوليه اللى اسمها انصاف ...الضخمه دى اللى كانت ولا درفه دولاب اما كانت عايزه تضربك ..وقفتى قصادها واتكبت على الارض ازاى
ابتسمت هاله لذكريات السجن التعيسه وقالت : انتى مش عايزه تنسى ...ماشى يا امانى وصل المضمون ...
ربتت امانى على كتفها وقالت : هترجعى هاله القويه بتاعه زمان
هاله : ادعيلى ...انا همشى بقى ...اشوفك بعدين ان شاء الله
قالت لها امانى : فى حفظ الله ...مع السلامه
وصلت هاله المعرض متأخره قليلا عن ميعادها القديم
واستقبلها الحارس الطيب " محمد" بسرور بالغ : حمدالله على السلامه يامريم ..ايه الغيبه الطويله دى
كان وقع اسم مريم بات غريبا على أذنها فعبست قليلا ثم ابتسمت لمحمد وقالت بهدوء: الله يسلمك يا محمد
محمد بلهفه: ايه ...غيبتى وماحدش هنا يعرف نمره تليفونك ...ولا انتى ساكنه فين ..كان نفسى اووى اطمن عليكى
ردت هاله بامتنان : متشكره اووى يا محمد ...كنت تعبانه شويه وعامه انا خلاص ناويه اسيب الشغل هنا
اظلم وجه محمد وقال : عايزه تسيبينا يا مريم !!!
ارادت هاله ان تصرخ عاليا لتقول له ....لست بمريم ..ارجوك..كفى ....كف عن نظراتك تلك ..انا اسمى ..هاله . مطلقه وصاحبه سجل اجرامى ...ولدى طفلان لم ارهما منذ خمس سنوات ويزيد ....ابحث عن من تناسبك
ولكنها عوضا عن ذلك سكتت وانصرفت قاضبه وجهها الى غرفه مكتبها وقطع مسار خطواتها ....جسد بوسى الغاضب ترآءى فى الافق الضيق
نظرت لها تلك الحرباء وقالت بعصبيه وقحه: انتى فاكره نفسك بتشتغلى فين فى شركه اللى خلفوكى ...مش اما تغيبى يا بنى آدمه تتصلى تقولى
لاتدرى لما فى تلك اللحظه تحديدا استحضرت مشهد معركتها الشهيره التى اهتزت لها جدران السجن مع السجينه "انصاف "
فصرت على فكيها وقالت بنفاذ صبر ولم تعبأ بنبره صوتها التى علت فى ارجاء المكان : ابعدى عنى احسنلك يا بوسى ....انا ملاحظه ان بلاط المعرض عايز يتلمع وماعنديش مانع انى امسحه بيكى
حملقت بها بوسى غير مصدقه وفرغ فاها ولم تنطق
فتركتها هاله غير عابئه واتجهت الى غرفتها واغلقت الباب الزجاجى خلفها وجلست على الكرسى المقابل للمكتب
ودفنت وجهها فى كفيها لبعض الوقت
ثم اخرجت ورقه بيضاء من درج المكتب وخطت عبارت الاستقاله بقلم ثابت
وكان هو يراقبها من الطابق العلوى
بل كان يراقب المشهد كاملا بينها وبين بوسى وتوجه الى غرفتها
ووقف لبرهه خارجها يخشى الدخول ...نعم هذا ما كان يشعر به
حتى رفعت هاله ابصارها عن الورقه لتلتقى عيناها بعيناه المراقبتين باهتمام بالغ
فنظرت له هاله نظره قاسيه وقامت وحملت الورقه وفتحت الباب واتجهت اليه بخطوات ثابته....واثقه ...على عكسه
ودفعت بالورقه فى الهواء والصقتها بصدره بقوه وتركته وانصرفت الى الخارج
فأمسك بالورقه ومرت عيناه على سطورها القليله لتترك الفراغ يطبع اثره على قلبه وترتطم روحه بالقاع
فخرج مهرولا خلفها وعبر البوابه المعدنيه الضخمه ليجدها قد سارت مسافه مترين
فجرى خلفها ليلحق بها وجذبها من كفها
فالتفتت هاله وسحبت كفها بقوه ووقفت قباله ونظراتها تحرقه وثبات قامتها يعلن التحدى الصارخ
فاخفض رأسه مخذولا ورفعها مجبرا تحت وطأه كلمتها الوحيده ....."نعم"...قالتها بصوت قاس
وتابعت بخشونه: ايه فى حد تانى عايز تقتله وتلزق التهمه فيا ....ولا فى حاجه فى الخزنه تانى ناقصاك
صمت سالم وحاول ان يستجمع كلماته فخرجت الكلمات تائهه مستفسره : انتى ماشيه ؟؟؟
نظرت له هاله وقالت ساخره : وهيا الاستقاله دى ليها معنى تانى
ظل يحملق بها لوهله ثم استجمع ذاته وقال بقوه : مش عايزه ولادك ؟؟؟
ردت هاله بكبرياء : عيزاهم طبعا ..بس مش عايزه حاجه من وشك
بلع سالم ريقه وقال : طيب تعالى معايا نجيبهم وتكون دى آخر مره تشوفى فيها وشى ...لو تحبى
نظرت لها هاله غير مصدقه وقبل ان تتخلى عن دفاعاتها قالت بشك : والتمن؟
ابتسم لها سالم ابتسامه صغيره صادقه : مش عاوز حاجه يا هاله ...صدقينى مش عاوز حاجه ...
اغروقت عيناها بالدموع وارتجفت شفتها وقالت بصوت يخنقه العبرات : يعنى انت عارف مكانهم بالظبط ..هنروح نجيبهم دلوقتى؟؟؟
اومأ سالم برأسه وقال بهدوء : دلوقتى ...ولو تحبى تخليكى هنا واسافر انا اجيبهملك واجى ماعنديش مانع ...بس تقوليلى عنوانك فين
نظرت له هاله غير مصدقه وقالت : هما بره مصر !!!!!
رد سالم باقتضاب : فى الاسماعيليه ...
رددت هاله بذهول بأحرف متقطعه : الا...سما..عيليه..؟؟؟ ياااااااااااه وانا اللى كل ده بدور عليهم هنا دا انا لفيت القاهره كعب داير
اقترب منها خطوتين وقال : هاه قولتى ايه ...تجي معايا ..ولا ...
ردت هاله قاطعه امرها : اجى معاك ...مافيهاش كلام
ابتسم لها سالم : يعنى مش خايفه منى المرادى
قالت هاله والشكوك تلتهما : انت بتكدب عليا ...قولى الحقيقه
سالم : والله هما هناك ...انا بس كنت متخيل انك استحاله هتثقى فيا وهتكدبينى
ردت هاله بقسوه : هوا المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين ...بس الغريق بيتعلق بقشايه
قال لها سالم خجلا : تعالى معايا نجيب العربيه ..يالا بينا
سارت هاله الى جواره بخطى مسرعه لدرجه جعلت سالم يظن ان لو كان بأمكانها الجرى الى الاسماعيليه لفعلت
ودخلو ارض المعرض سويا جنبا الى جنب وفتح لها سالم باب سيارته الفارهه لتركب هاله الى جواره
تحت رقابه مستمره من عيون اربع باختلاف المشاعر تبعا
فالاولى راقبتهم بحسره وكانت للحارس الطيب
واما الثانيه راقبتهم بمكر وكانت ل.....وليد الداهيه
وصوبت الثالثه نحوهم مدافع الكراهيه واشعل الحقد نيرانه فى قلب صاحبتهما ....بوسى
اما الاخيره فراقبتهم بصدمه ....فكانت لرفيق ....الذى لم يكن ليظن يوما ان سالم قادر على ان يوقع هاله ...اومن يظنها مريم بشباكه
فألاخيره كانت دائما وطيله الوقت على خلاف معه ....ام هذا كما يقولون ..مامحبه الا بعد عداوه
عادت هاله الى منزل صديقتها تكاد لا تصدق اى مصيبه كانت على وشك الوقوع بها
واى نهايه كانت تنتظرها
كانت تسير بخطى متخبطه تحمد الله تاره وتدعوه تاره اخرى بأن يرحمها من عذاب الدنيا
فالموت بات اهون كثيرا لها من هذا الشقاء والعذاب والالم النفسى
وما ان دخلت حتى تهاوت بجسدها النحيل على الاريكه المجاوره للباب
وشعرت بأن قواها قد خارت ولم يعد بأمكانها التحمل اكثر من ذلك فبكت ....
بكت بغزاره .....
بكت وتصاعد أنينها....
بكت واهتز جسدها بتشنجات قويه ..
بكت وصرخت عاليا ...
فخرجت لها صديقتها مسرعه فأحتضنتها بقوه واخذت تردد ..لا اله الا الله ..اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ...وحدى الله يا هاله ...وحدى الله ....هاله ....ردى عليا ...ردى عليا
وهكذا غابت هاله عن الوعى فالمسافه التى سارتها كانت طويله وشاقه.. ورحله العوده الى المنزل كانت مضنيه
وبعد مرور قليل من الوقت افاقت هاله من غيبوبتها القصيره لتجد صديقتها تبكى بصمت ناظره لها والقلق يعتريها واصابع يدها المرتجفه تلمس بشرتها حتى قالت فى ارتياح : الحمد لله ..الحمد لله خضيتينى عليكى ....قومى ...قومى على سريرك
ردت هاله بصوت خافت : مش قادره اتحرك ..مافييش جهد
قالت امانى : قومى هسندك ماتخافييش...قومى
اطاعتها هاله واستندت بجسدها الذى يفوق جسد صديقتها طولا على كتفيها
وتحملها وزن امانى واجلستها على السرير فور دخولها غرفتها ....وقالت لها : انا هروح اجيبلك كوبايه مايه بسكر
وبعد قليل عادت امانى بالكوب تحمله بسرعه خوفا على صديقتها من اغماءه اخرى
وتجرعته هاله تحت حث متواصل من امانى
وبعدما انتهت ساعدتها امانى فى خلع ملابسها والبستها ثيابا مريحه وقالت لها : هروح اجيب الغدا واجيلك ...
امسكتها هاله من ذراعها وقالت معترضه: ماليش نفس
امانى : لاء ازاى ..انتى لازم تاكلى مش شايفه وشك مخطوف اد ايه ؟
هاله : انا محتاجه انام ..تعبانه اووى .سيبينى انام يا امانى ...واما اصحى هبقى آكل
استسلمت امانى لرغبتها رغما عنها فقالت : خلاص براحتك ولو انى كان نفسى تاكلى عشان ابقى مطمنه عليكى ..نفسى اعرف ايه اللى بيجرالك بتخرجى الصبح زى الفل وتوكالك عليك يارب ترجعى بالمنظر ده ...ويوم عن يوم اسوء من اللى قبله
ردت هاله بمراره وقالت : من اللى بشوفه ...من اللى بشوفه يا امانى ...نفسى ربنا ياخدنى ويريحنى من اللى انا فيه عشان تعبت ...خلاص تعبت
ردت امانى بسرعه : بعد الشر ...اوعى تقولى كده ...
هاله هامسه : ماعدتش فارقه يا امانى ..ماعدتش فارقه خلاص ...
ثم اندست تحت البطانيه الثقيله واغمضت عيناها فنظرت لها امانى مشفقه وخرجت بهدوء وقلبها يتألم لحالها
وبقيت هاله عده ايام قعيده الفراش ...لا رغبه لديها لا بالاكل ولا بالحديث ...وبالكاد تحتشى شرابا دافئا فى ذاك الجو الممطر الغائم
اما هو فكان يذهب يوميا الى المعرض يتجه اولا الى غرفتها فلا يجدها فينصرف
كان يشعر بالضيق ونفاذ صبر لم يختبره من قبل
كان يود رؤيتها والاطمئنان عليها
كان لايصدق انه اوشك على الكيد بها الى تلك الدرجه ....الى درجه ان ينهى حياتها للابد !!!
كيف له ان يفعل ذلك ؟
ضرب نفسه مرارا وتكرارا
بل دفع بجسده بالحائط عده مرات وبمنتهى القوه حتى اوشك على كسر ذراعه فى احدى المرات
تمنى لو انه يمتلك الشجاعه ليذهب اليها ...
تمنى لو ان لا تخونه الكلمات والعبارات فيسأل هند عنها وعن عنوان منزلها
وبدلا من ذلك اندفع عقله ليدبر امرا اخر
لينغمس فى مكيده اخرى تلهيه عن آلآمه وروحه التى تحتضر فى غيابها
اتجه الى قصر المرشدى اثناء غياب الاخير عن البلاد
ليلتقيها بمفردها
وابصرها جالسه فى الشرفه وحيده تتصفح مجله بسأم واضح
جدائل شعرها المموجه تنافس فى بريقها اشعه الشمس الذهبيه
وقد حملتها رياح الشتاء البارده بعيداعن عنق من المرمر
وجهها ينافس القمر الغائب ضياءا
وعيناها اللتان تعكسان لون الفيروز
وتألق جسدها بثوب صوفى نارى التصق بها وامتدت نيرانه لتنال من قلبه البارد
وافترت حبتا الكرز اللامع عن ابتسامه باهته لدى رؤيته
مد يده ورفع يداها وقبلهما بجرأه لم تعهدهما من قبل وجلس الى قبالها
فابتسمت ساخره وقالت : وده من امتى ؟؟؟
رد سالم بصوت حميم : انتى عارفه انى جوايا اتمنى اكتر من كده
ابتسمت منه ساخره : وماله اتمنى زى ما انت عاوز ...واحلم كمان زى ماتحب
قال سالم بأيحاء: بس الحلم ممكن يبقى حقيقه
ردت بصرامه : معايا انا يقلب بكابوس
ضحك سالم بقوه : بس مش عليا ....وانتى عارفه كده كويس ..انا اتمنى واحلم واطلب ........
ثم سكت لبرهه ونظر لها بقوه وقال بصوت قاس :ويتحقق
اعتدلت نانسى فى جلستها وقالت : افهم بقى ..انت جاى تهددنى ....
سالم : لا عاش ولا كان يا برنسيس ...طول ما سالم موجود ماحدش يقدر يلمسك
نانسى : امال انت عاوز ايه
سالم : طالب العدل
نانسى بتعجب: العدل !!!!!
سالم : ايوا العدل .............واقترب منها وهمس ....يعنى رفيق احسن منى ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
حملقت به نانسى وبهت وجهها وقامت وقالت بعنف : اخرس يا كلب ..هيا حصلت ..امشى اطلع بره ...والا ...
عندها جذبها سالم بقوه من ذراعها وقال : والا ايه ؟؟هه ماتكملى ..هتقولى للمرشدى ؟؟؟؟ ههههههههههههه وتقوليلوا ليه وتتعبى روحك وانا فى ايدى افرجه
سحبت نانسى ذراعها وساوت خصلات شعرها الهائج وقالت بصوت منخفض يرتجف : انت مش بتاخد اللى انت عاوزه من رفيق ؟
سالم : وهوا رفيق كان لوحده؟؟؟... هوا بيدفع تمن غلطته ...انتى بقى ....مش ناويه تسددى اللى عليكى
اقتربت منه نانسى وقالت فى هدوء : عاوز كام وتدينى السيدهات كلها ؟
التصق بها سالم وقال بصوت حميم : عاوز ليله
ارتسمت الصدمه على ملامح وجه الفاتنه ولم ترد..فقال سالم : قدامك اسبوع بالكتير قبل مايرجع المرشدى ...تحددى الزمان والمكان
ثم انصرف وتركها حانقه ...تنظر له بكراهيه شديده وامسكت بالمزهريه المصنوعه من الكريستال الرقيق ودفعتها فى الهواء بعيدا لتسقط ارضا وتتهشم فى الحال
فتناثرت قطع الكريستال الصغيره على الارض الرخاميه كما تناثرت حبات اللؤلؤ على وجهها وجلست لتنهار فى بكاء حار
اما الاخر كان لايزال يبحث .........يبحث عن اى خيط
عن اى دليل .............عن اى خبر
الى ان وجده
خبر وفاه رجل الاعمال عادل سعد الدين فى حادث سياره مروع
فأنطلق الى ارض الاسماعيليه وبالتحديد الى قسم الشرطه المسئول عن التحقيق بتلك الواقعه ليلتقى الضابط المسئول الذى روى له ماحدث بالظبط وانه على غير ماتوقع .....
قضاء وقدر !!!
الا ان ما قد استرعى اهتمام الاخير هو بروده اعصاب زوجته لدى تلقيها خبر وفاه زوجها
والهلع الذى ارتسم على وجه الخادمه وترجمته حركاتها جيدا داخل المنزل لدى رؤيته
واتجه الى فيلا عادل ليقابل الزوجه البارده برفقه الضابط المجتهد وقابلتهما منال بنفس التحفظ
واخذ يسألها عما كان يفعله زوجها فى ذاك اليوم لتجيب مرواغه بأنه كان فى زياره لاحد الاقارب ...
فسألها ان كان له اعداء ردت نافيه....
فسخر داخله ...كيف يا سيدتى وانا واحد منهم وهم كثر .....وطالبتهم الارمله الجاحده بالمغادره فلديها موعد هام
وقبل انصرافه لاحظ الصغيران البائسان فقال لها : ربنا يخليلك ولادك ويعوضوكى عن المرحوم
ردت منال بقسوه : دوول مش ولادى دول ولاده من مراته الاولانيه
قال حاتم بتساؤل: طيب مارجعوش ليه لمامتهم ؟
فقالت منال بصوت عال ليسمعه الطفلين : اصلها فى السجن
نظر لها حاتم وقد استرعت تلك المعلومه كامل اهتمامه : فى السجن !!!!.....ليه ؟ بتهمه ايه ؟
منال بشماته : اختلاس ...كانت حراميه
فضاقت حدقتا عينه وقال بحذر: هيا اسمها ايه ؟
منال بسأم: هاله السيد عبد المتعال ...بس اظن قربت تطلع او طلعت اصلا ...وهيا ماجتش تسأل عنهم ..يومين كده وجدتهم لابوهم هتيجى تاخدهم
صمت حاتم ولم يصدق اذنه ...ايعقل هذا؟؟؟ ...هاله!!! ..تلك السجينه السابقه كانت زوجه عادل !!!!وهى ام هذان الطفلان؟؟؟!!!!......
يالها من صدمه ...شعر بمدى تقصيره فى عمله ...فهاهو يريد القبض على تلك العصبه ولم يجمع كم المعلومات الكافى ....
انصرف حاتم وبداخله تصميم على العوده مجددا ... فكان يثق ان تلك المرأه تحوى بجعبتها الكثير والكثير من الاخبار والمعلومات
وفى اليوم التالى استيقظت هاله مبكرا وارتدت ملابسها استعدادا للذهاب للعمل ....فقد صممت على الرحيل وطلب الاستقاله والابتعاد التام عن درب رفيق ورفيقه...او بالاصح رفيقه
خرجت من غرفتها والقت تحيه الصباح على والده صديقتها العجوز ...ورأتها امانى وانزعجت لمشهدها ..فقالت : انتى رايحه فين ؟
هاله ببؤس : هيكون على فين ...الشغل
امانى : مش تريحيلك يوم كمان ؟
هاله : اطمنى انا بقيت كويسه وانا اصلا رايحه ااقدم استقالتى
زفرت امانى بأرتياح وقالت : كده احسن ..وماتشيليش هم ...انا مرتبى يقضينا كلنا ...وممكن اسيب انا الشغل وتيجى انتى تشتغلى مكانى لو حبيتى
هزت هاله رأسها رافضه : لاء طبعا ..ده شغلك انتى واكل عيشك
امانى : انتى اللى جيبتهولى
هاله : ربنا اللى بيبعت يا امانى ...انا ماجبتش حاجه من عندى ...
امانى برجاء : طيب مش هتحكيلى ايه اللى حصل من ساعتها وانتى ساكته ولا بتنتطقى ..وسيباكى على راحتك ...عايزه اطمن عليكى
هاله : اما ارجع يا امانى ....اما ارجع يالا انتى عشان ما تتأخريش على شغلك
تذكرت امانى وقالت : انا صحيح جبت ورق معايا كده عايزاكى تبقى تبصى عليه
هاله : ورق ...ورق ايه ؟
امانى : انتى نسيتى ...ورق من الشركه ..كنت قاعده اصوره على الماكنه اللى عندى والموظف سابنى وراح يعمل مكالمات كده فأخدت نسخه منغير ماحد ياخد باله
هاله : طيب اما ارجع هبقى ابص عليهم ولو ان مابقتش فارقه ...كله محصل بعضه
امسكت بها امانى من كتفيها وقالت : انا عايزاكى تفوقى ..اوعى تستسلمى ...ولا تخلى اليأس يسيطر عليكى ...فاكره فاكره يا هاله اما كنا فى السجن وكنت ساعات بقعد اعيط بالساعات وتيجى تقعدى جنبى ونتكلم سوا والاقى نفسى اتغير حالى 180 درجه ..طيب فاكره الوليه اللى اسمها انصاف ...الضخمه دى اللى كانت ولا درفه دولاب اما كانت عايزه تضربك ..وقفتى قصادها واتكبت على الارض ازاى
ابتسمت هاله لذكريات السجن التعيسه وقالت : انتى مش عايزه تنسى ...ماشى يا امانى وصل المضمون ...
ربتت امانى على كتفها وقالت : هترجعى هاله القويه بتاعه زمان
هاله : ادعيلى ...انا همشى بقى ...اشوفك بعدين ان شاء الله
قالت لها امانى : فى حفظ الله ...مع السلامه
وصلت هاله المعرض متأخره قليلا عن ميعادها القديم
واستقبلها الحارس الطيب " محمد" بسرور بالغ : حمدالله على السلامه يامريم ..ايه الغيبه الطويله دى
كان وقع اسم مريم بات غريبا على أذنها فعبست قليلا ثم ابتسمت لمحمد وقالت بهدوء: الله يسلمك يا محمد
محمد بلهفه: ايه ...غيبتى وماحدش هنا يعرف نمره تليفونك ...ولا انتى ساكنه فين ..كان نفسى اووى اطمن عليكى
ردت هاله بامتنان : متشكره اووى يا محمد ...كنت تعبانه شويه وعامه انا خلاص ناويه اسيب الشغل هنا
اظلم وجه محمد وقال : عايزه تسيبينا يا مريم !!!
ارادت هاله ان تصرخ عاليا لتقول له ....لست بمريم ..ارجوك..كفى ....كف عن نظراتك تلك ..انا اسمى ..هاله . مطلقه وصاحبه سجل اجرامى ...ولدى طفلان لم ارهما منذ خمس سنوات ويزيد ....ابحث عن من تناسبك
ولكنها عوضا عن ذلك سكتت وانصرفت قاضبه وجهها الى غرفه مكتبها وقطع مسار خطواتها ....جسد بوسى الغاضب ترآءى فى الافق الضيق
نظرت لها تلك الحرباء وقالت بعصبيه وقحه: انتى فاكره نفسك بتشتغلى فين فى شركه اللى خلفوكى ...مش اما تغيبى يا بنى آدمه تتصلى تقولى
لاتدرى لما فى تلك اللحظه تحديدا استحضرت مشهد معركتها الشهيره التى اهتزت لها جدران السجن مع السجينه "انصاف "
فصرت على فكيها وقالت بنفاذ صبر ولم تعبأ بنبره صوتها التى علت فى ارجاء المكان : ابعدى عنى احسنلك يا بوسى ....انا ملاحظه ان بلاط المعرض عايز يتلمع وماعنديش مانع انى امسحه بيكى
حملقت بها بوسى غير مصدقه وفرغ فاها ولم تنطق
فتركتها هاله غير عابئه واتجهت الى غرفتها واغلقت الباب الزجاجى خلفها وجلست على الكرسى المقابل للمكتب
ودفنت وجهها فى كفيها لبعض الوقت
ثم اخرجت ورقه بيضاء من درج المكتب وخطت عبارت الاستقاله بقلم ثابت
وكان هو يراقبها من الطابق العلوى
بل كان يراقب المشهد كاملا بينها وبين بوسى وتوجه الى غرفتها
ووقف لبرهه خارجها يخشى الدخول ...نعم هذا ما كان يشعر به
حتى رفعت هاله ابصارها عن الورقه لتلتقى عيناها بعيناه المراقبتين باهتمام بالغ
فنظرت له هاله نظره قاسيه وقامت وحملت الورقه وفتحت الباب واتجهت اليه بخطوات ثابته....واثقه ...على عكسه
ودفعت بالورقه فى الهواء والصقتها بصدره بقوه وتركته وانصرفت الى الخارج
فأمسك بالورقه ومرت عيناه على سطورها القليله لتترك الفراغ يطبع اثره على قلبه وترتطم روحه بالقاع
فخرج مهرولا خلفها وعبر البوابه المعدنيه الضخمه ليجدها قد سارت مسافه مترين
فجرى خلفها ليلحق بها وجذبها من كفها
فالتفتت هاله وسحبت كفها بقوه ووقفت قباله ونظراتها تحرقه وثبات قامتها يعلن التحدى الصارخ
فاخفض رأسه مخذولا ورفعها مجبرا تحت وطأه كلمتها الوحيده ....."نعم"...قالتها بصوت قاس
وتابعت بخشونه: ايه فى حد تانى عايز تقتله وتلزق التهمه فيا ....ولا فى حاجه فى الخزنه تانى ناقصاك
صمت سالم وحاول ان يستجمع كلماته فخرجت الكلمات تائهه مستفسره : انتى ماشيه ؟؟؟
نظرت له هاله وقالت ساخره : وهيا الاستقاله دى ليها معنى تانى
ظل يحملق بها لوهله ثم استجمع ذاته وقال بقوه : مش عايزه ولادك ؟؟؟
ردت هاله بكبرياء : عيزاهم طبعا ..بس مش عايزه حاجه من وشك
بلع سالم ريقه وقال : طيب تعالى معايا نجيبهم وتكون دى آخر مره تشوفى فيها وشى ...لو تحبى
نظرت لها هاله غير مصدقه وقبل ان تتخلى عن دفاعاتها قالت بشك : والتمن؟
ابتسم لها سالم ابتسامه صغيره صادقه : مش عاوز حاجه يا هاله ...صدقينى مش عاوز حاجه ...
اغروقت عيناها بالدموع وارتجفت شفتها وقالت بصوت يخنقه العبرات : يعنى انت عارف مكانهم بالظبط ..هنروح نجيبهم دلوقتى؟؟؟
اومأ سالم برأسه وقال بهدوء : دلوقتى ...ولو تحبى تخليكى هنا واسافر انا اجيبهملك واجى ماعنديش مانع ...بس تقوليلى عنوانك فين
نظرت له هاله غير مصدقه وقالت : هما بره مصر !!!!!
رد سالم باقتضاب : فى الاسماعيليه ...
رددت هاله بذهول بأحرف متقطعه : الا...سما..عيليه..؟؟؟ ياااااااااااه وانا اللى كل ده بدور عليهم هنا دا انا لفيت القاهره كعب داير
اقترب منها خطوتين وقال : هاه قولتى ايه ...تجي معايا ..ولا ...
ردت هاله قاطعه امرها : اجى معاك ...مافيهاش كلام
ابتسم لها سالم : يعنى مش خايفه منى المرادى
قالت هاله والشكوك تلتهما : انت بتكدب عليا ...قولى الحقيقه
سالم : والله هما هناك ...انا بس كنت متخيل انك استحاله هتثقى فيا وهتكدبينى
ردت هاله بقسوه : هوا المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين ...بس الغريق بيتعلق بقشايه
قال لها سالم خجلا : تعالى معايا نجيب العربيه ..يالا بينا
سارت هاله الى جواره بخطى مسرعه لدرجه جعلت سالم يظن ان لو كان بأمكانها الجرى الى الاسماعيليه لفعلت
ودخلو ارض المعرض سويا جنبا الى جنب وفتح لها سالم باب سيارته الفارهه لتركب هاله الى جواره
تحت رقابه مستمره من عيون اربع باختلاف المشاعر تبعا
فالاولى راقبتهم بحسره وكانت للحارس الطيب
واما الثانيه راقبتهم بمكر وكانت ل.....وليد الداهيه
وصوبت الثالثه نحوهم مدافع الكراهيه واشعل الحقد نيرانه فى قلب صاحبتهما ....بوسى
اما الاخيره فراقبتهم بصدمه ....فكانت لرفيق ....الذى لم يكن ليظن يوما ان سالم قادر على ان يوقع هاله ...اومن يظنها مريم بشباكه
فألاخيره كانت دائما وطيله الوقت على خلاف معه ....ام هذا كما يقولون ..مامحبه الا بعد عداوه