رواية يكفيني يا قلب الفصل السابع عشر 17
17...((ثقتك المهزوزة))
💞💞💞💞💞💕💕💕💕💕💞💞💞
+
بعد ذلك التصرف معه داخل الحمام......جرت لسريرها..تتعثر بالارض المنبسطة.تلف نفسها بالغطاء جاعلة منه درعا واقيا هشا ....لكن لحسن حظها...دخلت عليها الطبيبة .ومعها الممرضة....مما جعلها تهدأ قليلا....
+
وحين لمحت الممرضة احمد الخارج من الحمام طلبت منه الإنتظار خارجا...لحين اجراء بعض الفحوصات لها....
+
لم يعلق بشيء بل اكتفى بهز رأسه قليلا ثم خرج صامتا بعينين مظلمتين.....مخيفتين...وأفكاره السوداء داخل رأسه تزيد من توحش نظراته وتعابيره الحانقة المتضايقه.......
+
صفعته.......لقد صفعته على خده لمجرد انه قبلها.....كان مشتاق اليها اين الخطأ بهذا....يكاد يتلاشى لشدة اشتياقه....قلبه يكاد يكون رمادا يتناثر مع هسيس انفاسها.........
4
سمر التي كانت تتسول مجرد اهتمام او نظرة رضا منه.....تصفعه الان بمنتهى التبجج لأنه مشتاق إليها ولم يستطع السيطرة على ذلك الحريق المندلع بداخله.....والذي زاده لهيبا و خطورة ملامسته لكتفيها الناعمتين الرخاميتين....انهما تحت ملمس اصابعه الملتاعة اشبه بزبدة طرية ناعمة الملمس.......هشة.....رقيقة..........
3
حريق اندلع بداخله وكان عليه اطفائه....والطريقة الوحيدة هي بالارتواء من نبع شفتيها الصافي العذب............
مالجرم الذي اقترفه إذن......؟؟؟؟؟!!!.
2
احقا كانت سمر تمر بكل هذه اللوعة والالم.....احقا التاع قلبها عشرات المرات وربما المئات لاجله هو.....؟؟؟؟!!!!
1
أدارت الدوائر عليه....بالفعل...ام انطبق عليه قول مثلما تدين تدان....؟؟؟؟؟!!!!.
+
كان واقفا بالقرب من باب غرفتها يسند ظهره للجدار يقف على قدم واحدة بينما الأخرى يرفعها دون وعي منه يلصقها بالجدار الصلب ايضا.....
لم ينتبه للمرضة التي وقفت امامه تحدثه إلا بعد لحظات...
+
وحين رفع عينيه نحوها.....واخبرته بأن عليه الذهاب للمختبر وجلب ورقة اختبار تحليل الدم...
اومئ بصمت ثم ذهب ....
+
وبعد مايقارب النصف ساعه وحين رجع الى الغرفة وجدها تغط بنوم عميق...اطال النظر اليها.......وقد جننته تاوهاتها العديدة التي تصدر منها اثناء نومها.....
+
مابها.....اتتالم.....اتعاني....ام تحلم؟؟؟؟!!!
+
لم يستطع منع نفسه من الاقتراب كثيرا من سريرها وتقبيلها بقوة من على جبينها وشعرها.....واعلى رأسها.......وحين عرف أنه اذ لم يتوقف. الآن وفورا سيغوص كثيرا. ببحر عاطفته المشتعلة.......وسيغرق حينها لا محال.....تراجع بحذر كمحارب ينسحب من المعركة لحين ايجاد خطة بديلة.....
1
جلس اخيرا بمكانه..على ذلك الكرسي البلاستيكي ...يطيل ويطيل النظر اليها والى تعابيرها النائمة كاميرة بإنتظار فارسها......وتسائل بقهر......ياترى هل مازلت فارسها...؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟.......ام انها تحررت من لعنة الإنتظار ولم تعد تريد الفارس ولا انتظاره.......
+
اوجعت الأفكار وحديثه مع نفسه قلبه .....أفكار عقيمة لا ترحمه ولا تريحه.....الا يكفي عليه تحمل كبت المشاعر المجنونه التي تريد التحرر ورؤية النور...والوصول لضالتها.....مشاعره التي حبسها لاعوام تريد التحرر الان وتعويض الحرمان الذي عانت منه سابقا....
+
وقبلة واحدة لا تكفيه........لا تسد جوعه ولا تروي عطشه....
+
رنين هاتفه اوقف سيل افكارة التي لا نهاية لها........؛حين اجاب الطرف الاخر على الخط كان والدها يطمئن عليها.....
ثم بعد دقائق.......اتصلت به رحاب وحسام.......
تلاها والده..........يسأله باهتمام وقلق عن وضعها الحالي وحين اخبره بأنها ستخرج غدا كما قالت الطبيبة تنهد بارتياح......
+
وحين حل المساء اخيرا....وانتظرها ان تستفيق ولم تفعل........سمح لعينيه اخيرا باسدال اهدابها للتنام قليلا.........وقبل ان يغفو تماما.....انتبه لشيء مهم.....
+
بأن والدته لم تأتي....ولم تكلف نفسها حتى بالاتصال به والاطمئنان عليه وعلى زوجته .........والسؤال عن حفيدها الذي لم يكن مقدر له ان يولد ويرى النور....
+
.....................
+
في صباح اليوم التالي.....
+
مشاعرها في هذا الصباح الجميل اشبه بمشاعر سجين تم الإفراج عنه بقرار مفاجئ لم يكن بالحسبان.......
+
حين استيقظت من ساعات نومها الطويلة لم تجده....امامها.....
تنهدت بارتياح.....فهذا افضل شيء يفعله الان.........لكنها رغم هذا لم تشعر بسعادة حقيقية.....كانت تعلم علم اليقين بانها تكذب على نفسها ومهما حاولت ان تكرهه تجد نفسها تحبه اكثر من ذي قبل......رغم كل ما فعله بها....مازال قلبها ينبض بتلك الرقة اللذيذة المتلهفه له خصيصا......
+
دخلت والدتها الى الغرفة وابتسامة مشرقه تعلو محياها الرزين.....الجميل.......
ثم بعد ذلك مرّ كل شيء سريعا جدا...بل اسرع مما كانت تتوقع...
+
لم تره الا حين خرجت من المشفى......ولم تستطع ان تصبر كثيرا على كتمان سؤالها...لذا سالت والدتها عنه......فاجابتها.....
((مازال بالداخل ينهي اوراق خروجك......ويدفع ما بقي عليه من نقود للجناح الخاص))
+
اومئت برأسها متفهمة......وبعد دقائق قليلة خرج احمد عابس الملامح من الباب الخارجي للمشفى...ينظر بعينيه لابعد ما يكون....وحين لمحها اخيرا.....تقف مع والدتها....الممسكة بحقيبة ملابسها واغراضها الصغيرة رف قلبه....ونبض نبضة التياع وحزن....
+
تقدم بخطواته المتوترة نحوهما بينما عيناه السوداوتين ظلتا متعلقتان بحبيبته سمرائه.....
التي ترتدي ثوب بسيط جدا مورد بورود زهرية وبنية...صغيرة....كان محتشما جدا......طويلا يكاد يلتهم ساقيها النحيفين....اكمامه تصل لمرفقيها..تظهر قليلا من ذراعها الناعمة كزبدة طبيعية خالية من اي مواد حافظة....
+
وجهها مازال شاحبا......وهالات سوداء ظاهرة بوضوح تحت عينيها اللوزية....نظراتها ذابلة....غائمة.......وقد ظهر التوتر على تعابيرها الجميلة....تعض شفتها السفلى دون توقف.......كأنها فقدت الصبر نهائيا......
+
شعرها الناعم الاسود....مربوط للخلف....ولم يحدد بعد ان كان ظفيرة او ذيل حصان........
+
خفق قلبه بقوة......وحين نزل الدرجات القليلة ليصل الى حيث تقف......ارتطم بإحدى السيدات المسنات التي كانت تصعد الدرجات القليلة بشق الانفس....
+
وعندما صرخت به المراءة المسنه...اعتذر منها ...وساعدها على اكمال الدرجات الباقية....والوصول لباب المشفى الحديدي العملاق....
+
لمحته سمر حين ارتطم بالمراءة المسنة.....فاستدارت بحركه سريعه توليه ظهرها.......
وقد لمح شعرها من الخلف.......تنهد بغضب.......متى ترتدي الحجاب....وتخفي هذا الليل الاسود القصير عن اعين الناس..متى تخفي ظفيرتها السوداء التي اشبه بليل صيفي لاهب.......يشعره بسخونة الغضب والمشاعر كلما وقع ناظره عليه.......
+
وصل اخيرا إليهما.....ليقف امامهما بهدوء مزيف قائلا بأدب اقرب للرسمية وعيناه .....تلمعان بحب مجنون يشبه شعاع الشمس الذهبي الناصع لهذا الصباح الخريفي الرائع:
((السلام عليكم..........حمدا لله على السلامة......سعيد جدا لرجوعك لنا بخير وعافية. اسف لتأخري وجعلكما تنتظران.......))...
+
لم تجب طبعا...مجرد نظرة واحدة مجافية جعلته يصمت......ثم يحول نظره نحو والدتها.....ليقول بارتباك:
((اسف....))
+
ثم بحركة سريعة سحب الحقيبة من يدها ليحملها بدلا عنها.....
+
فاتحا بعد لحظة واحدة أبواب سيارته ليرمي الحقيبة الصغيرة بهدوء....فاسحا مجالا لوالدتها بالصعود الى الخلف.....
+
وحين ظن انها ستصعد بجانبه الى الامام...استدارت سريعا لتدور حول السيارة وتفتح الباب الخلفي الاخر وتجلس بجانب والدتها صامتة.....
+
ارتبك احمد وغضب كثيرا....
وحين انطلق بهما وسط الشارع.....سمع صوت سمر تقول بنبرة إمرة متحدية:
((اوصلنا لبيت والديّ))
+
لم يعترض ابدا....لكان نظراته الرافضة التي تصل اليها من المرآة الداخلية الصغيرة المعلقة بالقرب من رأسه....تعلمها بمدى غضبه وحنقه...
+
ابتسمت بشر.......ابتسامة لم تظهر على شفتيها بوضوح......لكن احمد لمحها من المرآة التي امامه....وعيناه الحزينتان تكادان تلتهمانها....وتتسببا بحادث سير مروع ...ّ
+
لم يكن الطريق لمنزل والديها بعيدا جدا....لكنه شعر وكأنه قاد لاميال...واميال...كأنه وصل للجانب الاخر من العالم....
+
ربما افكاره التي تحوم بداخل رأسه هي السبب بهذا الشعور المزعج.....
+
وربما ايضا الصمت..المطبق على جو السيارة.......مما جعل احمد يشعر بالاختناق فاتحا ازرار قميصه العلوية.........
+
وحالما وصلوا لمقصدهم.....ترجلت هي من السيارة تصفع بابها الحديدي بقوة مصارع عنيف وليس بضعف امراءة هشة خرجت للتو من المشفى......
+
اغمض احمد عينيه بيأس......ثم زفر بغضب.....يخرج لهيبا مستعرا من بين شفتيه العطشتين لنبعه الصافي....لسمرائه......
+
وحين سمع صوت والدتها يعتذر بصورة غير مباشرة عن حماقة ابنتها........
+
قال ببرود:
((لا عليك.....))
+
فقالت له والدتها بودّ:
((تفضل....للداخل...))...
+
تردد احمد ناظرا لساعته اليدوية قائلا بعجلة:
((شكرا لك........ لديّ عمل مهم....واريد الذهاب للبيت والاستحمام وتغير ملابسي.....سأمر عليكم مساءا بأذن الله))...
+
الحت والدتها عليه قائلة:
((على الاقل تفضل لتناول كوبا من الشاي))
+
ابتسم لها بأدب....وهو يناولها حقيبة الاغراض الصغيرة....قائلا باحترام:
((شكرا لك..سافعل هذا مساءا اعدك بهذا....لكن لو سمحت اريد رؤية آدم....والاطمئنان عليه قبل رحيلي))...
+
..........
+
.....
+
.....
+
حين دخلت سمر لغرفتها بعد ان استقبلها والدها وآدم بحرارة.....اذابت صقيع روحها الذي جمده جفاء احمد وقسوته.......
+
القت بنفسها على السرير....مغمضة العينين.........مفككة المفاصل.....وتعب مضني يغزو روحها قبل جسدها.......
تنهدت بألم......قاس اوجع واتعب قلبها.......
+
ثم مالبثت ان نهضت تقف امام المرآة......تلك المرآة صديقتها الوفية حتى قبل ان تقابل احمد.......كم من المرات عكست صورتها وصورت نهى.....كم من المرات استطاعت من خلالها ان ترى بوضوح حزن عينيها...ودموعها.....
ليست المرآة فقط...بل كل شيء في هذه الغرفه عابق بذكريات كثيرة عزيزة على قلبها...وذكريات اخرى. لا تود تذكرها.....
كم من المرات....تغادر هذه الغرفة وتستبدلها بأخرى....لكنها بالنهاية تعود اليها.....الى موطنها الاصلي....الى جذورها.....
+
ظلت واقفة امامها تتأمل شرود عينيها....ثم مالبثت ان مسكت ثوبها من منطقة الخصر وبطنها تسحب قماش الثوب بكلتا يديها لتظهر بطنها بوضوح من تحت ثوبها المورد......
تنظر لبطنها المسطحة..التي لم تكن كذلك قبل يومين.....صحيح انها لم تكن بذلك الانتفاخ البارز...لكنها كانت منتفخة قليلا بحيث وحدها تستطيع تميز هذا عن شكل بطنها سابقا.......
+
حين علمت بحملها...شعرت بالضيق والحزن....كأن حملا ثقيلا ألقي على كاهلها.........
+
لكنها رغم هذا لم تشعر بهذا الحزن الذي يعتريها الآن...ولا بهذه الكآبة التي تغزو روحها التائهة....انها تعيسة....بل كلمة تعيسة لا شيء امام ما يختلج بداخلها الان ومنذ اجهاضها للجنين..........
+
طالت وقفتها التاملية الشاردة.....تحدق ببطنها...بعينين ضيقتين....ثم مالبثت ان اهطلت عينيها الغائمتين دموعا خفيفة....ازدادت بعد هذا.....لتتحول لنشيج مسموع....جعل والديها وآدم يأتون مسرعين لغرفتها.....
+
وعندما فتح والدها الباب وجدها متكورة حول نفسها جالسة ارضا على البلاط البارد.....تخفي وجهها بين يديها.....تبكي وتبكي بكل القهر والالم الذي عاشته وذاقته.....ألم اجهدها ولم يعد بوسعها بعد الآن التحمل والمقاومة.......
+
..............
.........
........
+
عند المساء....اصبحت نفسية سمر افضل قليلا.......وعندما اجتمعت مع افراد عائلتها حول مائدة العشاء طرق احدهم الباب.....
+
بعد لحظات كان احمد يدخل خلف ابيها الذي فتح له باب المنزل....
قفز آدم اليه يحضنه ويسلم عليه....بينما والدتها ردت عليه السلام بنبرة متعاطفة....إلا هي.......ظلت صامتة......وحين اراد الانضمام اليهم نهضت بحركة فظة سريعة لتهرب من مرائ عينيه الملاحقتين لخطواتها الغاضبةالتي تحكي ما تشعر به الآن... ....
+
بعد دقائق طوال...ظنت بها انه سييئس ويغادر....فاجئها بدخوله الى غرفتها بدون ان يكلف نفسه ويطرق الباب حتى....
+
شعرت بالغضب ونهضت من سريرها تقف امامه.....وقد استطاعت ان ترتدي قناع اللامبالاة والبرود...لتهتف به بنبرة عالية خالية من التهذيب....
((اخرج))...
.
+
همس بنبرة عميقه بعمق نظراته التي يرمقها بها:
((حبيبتي...كيف حالك..اشتقت إليك.رغم..رؤيتي لك صباحا..))
+
تجاهلت اضطراب معدتها..وقالت بلا اهتمام تنظر لوجهه الوسيم بدون ان تتأثر..
+
((ماذا....تريد))؟؟؟؟؟
+
اقترب منها اكثر......حتى لم يترك بينهما اي فاصل...قربه الخطير منها ارعد اوصالها....بينما صوت انفاسهما اللاهبة....ودقات قلبيهما المسموعةجعل مفاصل ساقيها لم تعد قادرة على حملها..فاستدارت عنه خافقة القلب....وحنين عنيف يتوسلها لترتمي بين احضانه........
+
لكنه لم يتركها تهرب منه ومن نظراته المدققه....بل رفع كفيه يديرها نحوه برقة مما جعلها تتلاشى نهائيا......ترتجف. كريشة لا تزن شيئا تحركها. رياح عاتية كيفما شائت....وهمسه الاجش المعذب المرافق لحركته اشعل دمها بحرارة الشوق....
((وهل هذا سؤال....!!!طبعااريدك انت))...
+
لم تهرب من يديه اللتان تنزلان بسلام على كتفيها ...لكنه شعر بتاثرها ووقع هذه الكلمات عليها......فابتسم لعينيها اللوزية اللتان تنظران اليه بصمت وحيرة......
+
استغل هو حيرتها....ليضع جبينه فوق جبينها يهمس امام شفتيها...
+
((احبك....والله احبك......اقسم لك بروح نهى ومعزتها بقلبي احبك....ولو كنت تحبينني حقا عليك مسامحتي.....عليك ان تعذريني لقسوتي معك......تلك الفترة التي ارتبطنابها وما بعدها....لم اكن طبيعيا........لم اتحرربعد من حزني........كنت مخلصا لتؤامك....وعليك تقدير هذا..........عليك تقدير حبي...........صحيح أن الحب احيانا يأتي بسهولة لكنه لا يترك قلوبنا ويرحل مبتعدا عنها بنفس طريقة دخوله........كنت اعيش بصدمةلم استسلم واذعن لما كتبه الله لي......لكن حين رحلت واختفيت عنا....وحدث ما حدث قبل هذا....الفجوة المخيفة التي تركها غيابك....ليس بحياتي آدم فقط...بل بحياتي وقلبي...ادركت حينها...كم كنت احمق......فلايوجد عاقل. يملك عقلا حكيما....ان يقصيك من حياته.......ثم ان قلبي وكياني كله عاشا ألم بعدك باقسى مايكون.....لا تعلمين...ماحصل لي خلال تلك الاشهر المعدودة التي قضيتيها ببيت المزرعة مختبئة مني...لم يمر علي يوم واحد ولم اتذكرك به....ولم أتألم واحترق لبعدك عني ولحقارتي معك في ليلتنا الحميمية الاولى..........ارجوووك حبيبتي......امنحي زواجنا فرصة اخرى......وساثبت لك حينها كم انا صادق بمشاعري وكلامي.....ساعمل جاهدا لتعويضك عن سنين الجفاء والحرمان العاطفي والنفسي..........ارجعي إلي فقط......ارجووووك))....
+
ابتعدت عنه ورعشة برد غزت جسدها كله زادت من ارتجافها....((حبيبتي))...مااحلاها وهي خارجة من بين شفتيه القاسيتين.....لقد اثرت فيها هذه الكلمة اكثر من باقي كلماته الاخرى.......((حبيبتي))كم تمنت سماعها منه سابقا......
لكن الآن حين نطق بها أخيرا.....وقد اثرت فيها بالفعل.........لكنها لم تمحي الحزن الذي يغلف قلبها من كل الجوانب.....قلبها مازال حزينا مخاصما له رغم نبضاته الخائنة التي تحن اليه.......
+
ابتعدت عن خطوة واحدة...خطوة واحدة صغيرة فقط لتحرر جبهتها من جبهته..........ثم قالت بعد ان بلعت ريقها قليلا....لعل شفاها الجافه تنطق بوضوح ما تريد قوله
((ارجووووك انت....ان تتركني وترحل....اخرج من غرفتي حالا.......آلا تملك قليلا من الرحمة..آلا ترى اني مازلت مريضة......دعني ارتاح بعيدا عنك.....آلا يحق لي هذا.......لا تضغط علي كثيرا فقلبي مازال غاضبا منك.....حزينا بسببك........اريد ان اجد نفسي....انظم افكاري وقراراتي دون وجودك بحياتي......اريد التحرر من لعنة حبك التي لم اجني منها سوى الآلام والاحزان......آلا يحق لي هذا؟؟؟؟؟!!!!)).....
+
اغمض احمد عينيه لوهلة ثم فتحهما شاعرا برغبة همجية بتحطيم كل شيء امامه....لكنه تدارك غضبه سريعا....ليستغفر ربه بصوت سمعته هي.... .....
+
ليخرج بعدها صامتا........تاركا باب غرفتها مفتوحا........بينما قلبها انقبض بوجع مبرح داخل صدرها المهموم........
+
جلست على سريرها ترتجف بدون ان تهطل من عينيها دمعة واحدة.....بل ظل جسدها يرتجف اكثر واكثر.....تصطك اسنانها ببعضها..ليرجع صدى صوتهم على رأسها.....كانت حالتها مروعة.....تفطر القلب...وتفتت الحجر........
+
وحين دخلت عليها والدتها بعد بضع دقائق من رحيل احمد.....ركضت نحوها....تسمي بالله....وتقرأ بعض الايات التي تحفظها لعلها تهدئ قليلا.....ثم ساعدتها على التمدد بسريرها تغطيها بغطاء صوفي سميك.....لا يتناسب مع طقس هذه الامسية الخريفية..بقيت والدتها جالسة بجانبها تدعو لها...بالصحة والعافية والراحة الى ان غفت اخيرا........غارقة بكابوس مزعج عكر عليها صفوة منامها........
+
•••••••••••••••
................
+
سمر.......سمر...سمررررررررررر
هل تسمعيني....هيا استيقظي..............افيقي...هل تسمعيني.........
+
اخترق صوت والدتها اذنيها وصولا لراسها...وحين فتحت عينيها النعستين.....وجدت امها امامها تبكي بفرحة قائلة بتوتر:
((اوقفتي قلبي...........ظننت انك لم تستيقظي ابدا.....))...
+
تململت سمر بفراشها....وحين ادركت معنى كلام والدتها رفعت عينيها اليها بحزن....ثم مالبثت ان فتحت ذراعيها نحوها تطلب منها ان تعانقها........
ابتسمت امها....ماسحة دموعها بكفيها بحركة سريعة..ثم انحنت على ابنتها لتحضنها بقوة جعلت عظام سمر الهشة تصدر صوتا..........قائلة بنرة خوف وقلق:
+
((اتعرفين كم الوقت الان.....انه انتصاف النهار......انهضي لتاكلي لا بدّ انك جائعة فأنت لم تكملي عشائك ليلة امس))
قفز آدم على السرير ليهتف بصوته الطفولي:
((وانا كذلك....اريد عناقا))...
+
ثم اندس بين خالته وجدته يحضنهما معا بعشوائية مبتسما بسعادة.....
+
تنهدت سمىر مبتسمة ايضا....فهذا ماتحتاجه الان تحديدا......
عناق من ادفء حضن في العالم وارق...... يدين......ومن اكثر القلوب حنانا و رأفة.....
+
بعد عدة دقائق....وحين نهضت لتغير ملابسها.....لمحت بالقرب من سريرها حقيبتين تعرفهما جيدا....وهدية صغيرة مربوطة بلون بني يشبه لون عينيها...........
1
قطبت جبينها تتسائل قليلا....ثم اتجهت نحو الهدية ذات العلبة الصغير تفتحها سريعا ......وقبل ان تكمل تمزيق الورق البني البراق لمحت كارت صغير معلق على احدى جوانبها....لترفعه باناملها....وتقرأ تلك الكلمات التي تعرف جيدا من خطها بيديه...
+
((سمرائي.....صباح الورد.واللوز.....اتمنى ان تقبليه مني وتشحنيه سريعا....لاني انتظر منك ان تجيبيني حين اهاتفك........اخترت غلاف الهدية بلون مقارب للون عينيك....احبك.......
احبك يا سمرائي))....
+
تنهدت بيأس.....ثم رغما عنها خرجت ابتسامة عريضة من بين شفتيها المرتجفتين...
+
وحين سألت والدتها عن هذه الحقائب والهدية...اخبرتها بان احمد مرّ عليهم منذ الصباح الباكر.....قائلا...انه عصر امس جلب جميع اغراضها من بيت المزرعة....وقد نسي البارحة ان ينزلها من السيارة.....
+
مع الهدية.........
+
*************
+
************
+
بعد مرور عشرة أيام...... ...........
+
ظل احمد يتقلب على سريره..وحيدا...فريدا...لا زوجته ولا طفله......معه فقط. ذكرياتها العابقة بكل ارجاء الغرفة ....ملابس نومها الكثيرة التي لم تأخذ منها شيئا.......اشيائها الخاصة الاخرى.....وقناني عطرها الفريدة التي تجعل قلبه وكيانه يدوخ ثم يشتعل بعواطف مجنونة.....
+
من يرضى....من يرضى لحاله الآن...........يبدو كاليتيم الذي لا يجد من يأويه ولا يمسح على رأسه........يتقلب وحيدا على السرير الضخم........وجسده الحار المشتاق لحبيبته يكاد يجعله كالمجنون.....وكلما زاد شوقه....زاد دمه سخونة.وحرارة.....تجعله عاجزا عن التفكير المنطقي السليم......وحين طال به الامر كثيرا واتعبه الشوق والعذاب....نهض يترنح ببطء نحو خزانتها....ليخرج احدى اثواب نومها المفضلة لديه........يستنشق بقايا عطرها الذي مازال عابقا بانسجة الثوب...يقبله.....ثم يحضنه....كأنها هي وثوبها بين ذراعيه.....يعانق قماش ثوبها بقوة كادت تمزقه.......ثم يعود ليقبله....يستنشق عبيرها من خلال ثوبها لعل مشاعره الهائجة تخمد قليلا.....
+
وعندما لم يتحقق ما تمناه واراده.....اتجه عائدا الى سريره يحضن ثوبها...يشده نحو صدره العاري.....كأن هذا الثوب هو حلقة وصل بينهما......لعلها تشعر بما يعانيه الان....وكل يوم...وكل ليلة......
+
رفع هاتفه من تحت وسادته حيث كان يضعه...ليتصل على ذلك الرقم الذي اشتراه لها.....مع جهاز الهاتف....والذي لم تشحنه او تشغله منذ ان اعطاه لوالدتها في ساعات الصباح الاولى...منذ عشرة ايام كاملة......
+
مااقساها.....لم يعهدها هكذا.......
لكنه لن يستسلم ابداوسيظل يتصل بها كل يوم......
+
لذا ضغط على هاتفه يطلب رقمها.....وحين وصله رنين هاتفها.......زادت نبضات قلبه جنونا......
+
لحظة....ثم مرت لحظتين....ثم ثلاث......تلاها صوتها الغاضب الخافت:
((نعم))......ّ
+
ابتسم بارتجاف....ابتسامة فرح وبهجة ليقول بمرح كذاب:
((انعم الله عليك))...
+
((ماذا تريد))؟؟؟؟؟؟
+
نبرتها الغاضبة الباردة جعلته يصمت لثانية...لكنه تدارك الامر وقال بهمس اجش خافت:
((اريد زوجتي سمر.......اريد زوجتي التي كانت تعشقني بلا حدود....اريد عودتها إلي الى احضاني))
+
((أهذا كل مايهمك.....رغباتك فقط))....
1
تجاهل صوتها الكاره ذو النبرة الخشنة..وهمس لها بحنان:
((اه...يا سمر.....لو تعلمين....فقط لو تعلمين كم اشتقت إليك........اكاد اجن وانت بعيدة عني....لو تنظرين إلى حالي الان وماذا افعل لاخمد لهيب اشتياقك...سينكسر قلبك عليّ بلا ريب....))...
+
لم تتفوه بحرفا واحد....لم يسمع شيئا سوى هسيس انفاسها الناعمة.....لكنه لم يمل من الإنتظار....سينتظرها الى ان تتحدث مجددا..........
وبعد عدة ثواني وصل سؤالها البارد اليه. ...
((وماذا تفعل....؟؟؟رغم ان هذا لم يعد يهمني حقا))...
+
((اقبل ثوب نومك الاخضر ذو الخيوط المتشابكة من الخلف......اضمه لصدري..احضنه....كأنك الان ترتدينه وانت بين ذراعي...استنشق عبيرك الذي مازال عابقا به............اتخيلك.....امامي....وشعرك الذي اشبه بليل صيفي قصير يشعل حرارة مشاعري المشتاقة إليك......ارحميني يا سمرائي....وعودي الي)).....
+
رغم انها تلاشت تقريبا من فرط المشاعر التي اشعلتها كلماته لكنها ظلت محافظة على رباط جاشها...وثبات صوتها....لتقول بكل برود :
((تستحق ما يصيبك الان..........لطالما كنت غبيا احمقا....عنيدا لدرجة تفوق عناد البغال......))
+
للغرابة لم يغضب منها....بل ابتسم قائلا بهمس رقيق كاد له قلبها ان يخرج من بين اضلعها:
((محقة.......انت محقة......بكل حرف تنطق به شفتيك العذبتين....اللتان اشتقت لهما كثيرا........عشرة ايام ياسمرائي..لم ارك فيها....ولم اسمع صوتك....ألم تكفيك اشهر البعاد والهروب في بيت المزرعة.......ألم ينتهي عقابي بعد.....اكاد اموت لهفة عليك....عشرة ايام تمنعيني فيها من المجيء إليك ورؤيتك انت وطفلي............عشرة أيام كأنها بالنسبة لي عشرة اعوام لم تجيبي على اتصالاتي..حين شغلتي الهاتف......ما اقسى قلبك العاشق ياسمرائي))
+
اذا كانت تشعر قبل قليل بأنها على وشك ان تتلاشى فهي الآن تلاشت نهائيا.....وحين لم تعد ساقيها تحملانها جرت نفسها نحو سريرها...تتهاوى علية مستلقية على ظهرها......تستمع لدقات قلبها المجنونة بهيام........وعندما لم تجد القدرة على النطق.....صمتت .............كان احمد ينتظر اجابتها على الجانب الاخر من الخط....وحين طال صمتها...ابعد الهاتف من أذنه ينظر اليه ظنا منه ان المكالمة قد انتهت...وحين راى عداد الثواني على الشاشة ارجعه لأذنه......لعله يسمع حرفا واحدا منها.........
+
لم يصبر اكثر من هذا...فهتف بلوعة:
((سمرائي.....امازلت معي...سمرائي؟؟؟؟؟؟))...
+
وجدت نفسها تبتسم مجددا تعض على شفتيها السفلى تكاد تدميها وهي تستشعر باحاسيسها الانثوية كل لحظة شوق وألم وعذاب وحزن صادرة من كل كلمة يقولها وكل نفسا ساخن ذو تنهيدة حادة مجنونة تصلها من خلال الموجات الصوتية التي تربطهما معا الان...
+
وحين وجدت صوتها....همست رغما عنها بنعومة...جعلت احمد يشعر كأنه تعرض لتيار كهربائي...ذو ضغطا عال.....رجه رجا...ثم هزه هزا......ثم طرحه قتيل المشاعر والحب.....
+
(( اولا...اسم دلعي ليس سمرائي..بل سمورتي....سمسومتي......وثانيا......لم اعد اهتم لما تعانيه......لانك تحصد الان مازرعته يداك))..
1
قهقهة احمد عاليا جعل سمر تبعد الهاتف عن اذنها التي ربما اصابت بالطرش لهول ضحكته العالية....ثم حين هدأ قليلا همس بنبرة تحببية جعلها مؤثرة جدا.....
+
وقد نجح بهذا لأن سمر كادت ان تموت لهمسه الناعم الخافت الذي طالما حلمت به وانتظرته....
+
((انا اسميتك سمرائي....وهذا اسم دلع خاص بك وحدك لم تسمعيه إلا مني....وعليك تقبله حتى لو لم يعجبك...........))
+
تافافت سمر بضجر وهمست ببرود:
((اصبحت مجنونا بحق))
+
همس بمرح ناعم....((مجنونا بحبك ))..
+
ارتبكت....وطار قلبها الحزين ببهجة ناقصة رغما عنها...لكنها قالت بعد لحظة بنبرة واضحة قوية لا تقبل النقاش:
+
((سأعود لعملي.....الاسبوع القادم....ولهذا السبب فقط.....اجبت على اتصالك.......لاخبرك......بهذا الامر....))..
+
ثم اغلقت الخط .......
+
رفع احمد حاجبيه كأنه لم يستوعب بعد ما قالته..ثم بعد لحظات.......ضغط على لوحة الكتابة ليبعث لها برسالة قصيرة:
((اذا كان هذا الامر يريحك ويسعدك..واذا اصبحت بصحة جيدة....فافعليه اذن))....
+
اغمضت عينيها تزفر بحنق...ثم كتبت له:
((اخبرتك...ليس لاخذ رايك.....بل لاعلمك فقط من باب الأدب بما انك مازلت زوجي))...
+
رغم غضبه الهائل من كلماتها التي وصلته....وخصوصا كلمة..مازلت زوجي..ّ....مالذي تقصده بهذا.....ماذا تريد ان توضح..؟؟؟؟.لكنه لم يرد عليها ابدا......
+
بل اشعل كاميرة هاتفه واخذ يلتقط لنفسه صورا عديدة وهو عاري الصدر مكفهر الملامح عابس التعابير.....صور بلقطات مختلفه.....مرة يحضن ثوبها الاخضر..مرة يقبله..مرة يبعث لها قبلة بالهواء..مرة يغمض عينيه كأنه يناديها.. ومرة يحول عينيه.....ومرة يصرخ لتظهر اسنانه كلها.واستمر على هذا الوضع لدقائق.....
+
كانت سمر على الجانب الاخر من الخط تفتح الصور واحدة تلو الاخرى....مرة تبتسم ومرة تصدم.....واخيرا ظلت تقهقه بصوت عال.......
ثم رفعت الهاتف لتكتب له....
+
((مجنون......انت مجنون فعلا))....
+
ليرد عليها هو:
((مجنون بحبك.....تصبحين على خير يا حبيبة المجنون. ........ رغم اني اجد صعوبة بالنوم.....آه لو كنت بجانبي الان.....لاحتضنتك لاغفو بين ذراعيك.ّ..))...
+
ارتبكت سمر كثيرا.......فهي حقا ليست معتادة على هذا الكلام الحلو...المغري.....لم تعرف على يديه سوى كلمات الجفاء والنفور والرفض.....احيانا تشعر بأنه ليس هو....ربماتلبسه روح ما.....
+
لأنها لم ترى سوى الوجه السلبي فيه وفي طباعه.....لم ترى فيه سوى القسوة وقتل الكرامة......لم تعتاد على الوجه الاخر الايجابي لتصرفاته....ذلك الجانب الذي كان يعامل فيه نهى فقط....اما هي.....فلا...لم ترى عطفه وحنيته..=
بعد ساعات طوال من هذه الليلة بقيت صاحيةلم تستطع النوم......تحدق بصوره المثيرة التي تحرك مشاعرها رغم عفويتها وبساطتها....ورغما عنها....وكأنها أصيبت بسحر ما...رفعت احدى صوره تقربها من وجهها تقبل فمه المبتسم برقه وهدوء.....وحين انتبهت لنفسها....رمت الهاتف بعيدا عنها حتى انه كاد يسقط ارضا....كأنها تعرضت للدغة عقرب سام....وشعور عدم الرضا عن نفسها يكاد يخنقها ويزيد من اوجاع قلبها الذي اصبح بفضله محاطا بالصقيع.....
+
..ّ..............
..........ّ.................................
+
تسير بهدوء وثقة.....وابتسامة جميلة تزين بها تعابيرها الشاحبة....
انه يومها الاول في المصرف....حيث كانت تعمل بعد الاجازة التي اخذتها بناءا على رغبة احمد....اجازة طويلة لم تنتهي بعد.....
لكنها لم تنتظر لحين انتهائها............لم يعد هناك داع بوجوب اكمالها...
+
أنها شاكرة لحسام كثيرا...كان ومايزال شهما متعاونا معها.....فهو من ساعدها على إكمال الإجراءات اللازمة للعودة لعملها.......
+
تشعر براحة نفسية نوعا ما......وهي تطوف حول زملاء العمل تلقي عليهم التحية .....بنطالها العريض الاسود. وسترتها السوداء الحريرية التي تخفي تحتهاقميصا فيروزيا فاتح اللون......وذيل حصانها القصير يتحرك مع خطواتها بأناقة وجاذبية.....متجاهلة ذلك الصوت التي باتت تحفظه عن ظهر قلب....صوت ارتجاج هاتفها حيث تضعه بداخل حقيبة يدها الصغيرة السوداء.....التي تحملها الآن......وهي تتكلم مع احدى زميلاتها التي تهنئها بالرجوع لوظيفتها.....
+
بعد اقل من نصف ساعة....كانت جالسة على مكتبها المتواضع........بإنتظار توجيهات مديرها.....
+
حين استمر ارتجاج هاتفها..........اخرجته اخيرا....تنظر للشاشة الصغيرة..بدون اي اهتمام........
+
وحين رج مجددا.....ومجددا......ومجددا..لم تستطع تحمل هذا الوضع...ففتحته اخيرا لتقرا
ماوصلها منه......
+
((مبارك لك يومك الاول....بعد اشهر الانقطاع...))
+
((لماذا لا تجيبي على اتصالاتي))....
+
((هل انت بخييير؟؟؟؟))...
+
((اتمنى ان تكوني سعيده جدا اليوم.....وكل يوم............انا حاليا بمكتبي....اتخيلك امامي.....تبتسمين ابتسامتك الجميلة التي اشتقت لها كثيرا)))...
+
((ماذا ترتدين.....ارجو ان تكون ملابسك عريضة محتشمة......تخفي خصرك الممشوق عن الاعين الجائعة))
+
((ربما لم اخبرك اليوم...بأني.........اهواك....اعشقك......احبك يازوجتي التي اطالت فترة تعذيبي.............انتظر اليوم الذي تصفحين به عني وتسامحيني))....
+
حين اكملت سمرقراءة رسائله....زفرت بحنق......تتسائل بداخلها.....لم تعهده لحوحا لجوجا هكذا.......الا يملّ إلا ييئس.....؟؟؟؟!!!.......لمّ لا يدعها وشأنها قليلا....
+
ضغطت باناملها على الحروف المضاءة امامها لتكتب له:
((لن يأتي ذلك اليوم الذي اصفح به عنك...فلا تنتظر املا خداعا.....))
+
وحين ارسلتها....كتبت مجددا:
((توقف عن مضايقتي....ودعني احيا يومي الاول بسلام....))....
+
كان احمد يجلس بمكتبه.....متجهم التعابير....يعاني نقصا في الحنان والعواطف. والكبت الذي سيجعله غولا بحق.......يؤلمه جدا عدد المرات التي تصده بها.....
يؤلمه جدا.....انها مازالت غاضبه منه......ولم تسامحه لحد الان.........
لم يعد باستطاعته....تحمل غيابها....وزعلها منه..
+
وحين اهتز هاتفه يعلمه بوصل رسائل جديدة..تلقفه بلهفة ليفتحه بحركة سريعة.....يحدق بكلماتها الغاضبة......بوجوم........
+
..ثم بعد ثواني........نهض من مقعده الجلدي....ليتجه نحو نافذه مكتبة المطلة على الشارع الرئيسي حيث البنايات العالية.....ينظر بضيق الى المنظر امامه.......يتسائل بلوعة..الى متى....الى متى يطول خصامها......غضبها.....الى متى يستمر الوضع بينهما هكذا......الى متى يبقى معلق بين السماء والأرض.......وماذا لو..؟؟؟؟؟؟؟؟
+
تنهد بعذاب ليضع يديه في جيبي بنطاله يحني كتفيه بيأس........غير قادر حتى على النطق بما يجول بخاطره.....
+
وكرر عقله عليه السؤال المخيف مجددا....ماذا لو...؟؟؟؟؟؟لو انها قررت إلا تعود اليه ابدا....ماذا لو انها قررت الانفصال النهائي....والطلاق.....
+
توقفت انفاسه لبرهة مرعوبة من هذه الفكرة......
+
لكنه عاد ليلوم نفسه مجددا.....لو فعلت هذا حقا...فهو لن يلومها......هذا من حقها طبعا........فهو يستحق كل هذا العذاب الذي يحياه....فهذا عقاب من يجحد النعمّ التي كانت بين يديه.....نعمة لم يقدرها ابدا إلا بعد ان فقدها......
+
لو فعلت حقا ما يجول برأسه......وقتها....سيمووووووت.....سيموت قهرا....وندما.........والما.......وشوقا.......
+
::::::::
+
بقيت سمر...رغم عدم اعترافها بهذا.......تنتظر ان يهتز هاتفها برسالة منه ّ..تنظر بين الحين والاخر لاشعارات جهازها لعل ماتنتظره يصل اليها.....
+
لكنه لم يفعل.....ولم يرسل اي كلمة.. يبدو انه غاضب جدا الان....من الواضح ان كلماتها اصابته بسهم مسموم......
+
رغم تظاهرها باللامبالاة...وعدم الاكتراث.....إلا ان قلبها لا يطاوعها ابدا....لايطاوعها ان تكون فظة قاسية معه.......لكنها تعود وتذكر نفسها..بأنه يستحق هذا.....فليذق قليلا من عذاب اللوعة والشوق المضني....فليتلظى قليلا...بلهيب ونار الجفاء والإنتظار........
+
بعد انتهاء ساعات العمل......خرجت سمر من مكان عملها....مع زميلتها.....منهمكة بالحديث معها
+
تبتسم للحظات على شيء ما تقوله لها المراءة الشابة.....
+
ظل احمد يتاملها طويلا.....بنظرات ضيقة.ّ...وغضب احمق يسيطر عليه.....تبتسم وهو يكاد يتلاشى من القهر والعذاب!!!!!!!!!
+
...يكاد يصاب بمرض بقلبه وصدره....وهي تسير كالغزالة الفتية بهدوء نحو الشارع العام لإيقاف سيارة اجرة......
ظل قلبه ينبض بجنون...وعيناه تتاملانها بدقة مبالغ فيها......من رأسها لاخمص قدميها...اللذان تنتعلان حذاء مسطح.....اسود اللون.....زادت نبضاته جنونا.....كادت اصابعه الخشنة تحطم مقود سيارته حيث يحكم قبضته عليه......
+
من يرضى......
+
.انه الآن....يجلس داخل سيارته على مسافة من مكان عملها منذ مايقارب الساعة الكاملة....ينتظر بفارغ الصبر خروجها.....ليراها من بعيد....لعله يطفئ..ولو قليلا من نيران الاشتياق.....
لكن نيران الاشتياق لم تهدأ قليلا بل زادت اكثر.ليندلع بداخله حريقا هائلا...يكاد يشوه روحه الحزينة...
وخصوصا حين لمح حسام يكلمها وقد فهم من إشارة يده انه يعرض عليها ان تستقل سيارته ليوصلها.........
+
انتظر....ثانية... ثانيتين.....ثلاث.....ولما رآها قبلت دعوته مبتسمة...شعر بإحباط شديد..........ثم تغيرت مشاعره الى الغضب الارعن.....وغيرة هوجاء تنشب مخالبها بقلبه وكيانه....
+
وحين انطلقت....سيارة حسام امام عينيه الحمراوتين...داس هو بقوة مخيفة على دواسة الوقود ليطير بسيارته خلفهما..مصدرا صوتا
+
ضوضائيا..يعتبر من مصادر تلوث البيئة....
+
لمح حسام...تلك السيارة التي تسير خلفه تتبعه...اينما ذهب...وبعد أن امعن النظر في مرآة سيارته الجانببه.....عرف سائقها....فابتسم بحيرة....وقال لسمر الجالسة بجانبه....
((يبدو ان عاشقك الولهان يراقبك))..
+
قطبت سمر حاجبيها لتسال بتوجس:
((لا افهم ما قصدك))
+
ابتسم حسام بسخرية ممزوجة بقلق على جنون ابن عمه...ليقول بخفوت:
((احمد يتبعنا بسيارته))
+
صدمت سمر...وشهقت غير مصدقة ثم حاولت ان تدير رأسها لتراه من خلف السيارة...لكن حسام......قال بحدة:
((إياك ان تستديري......لا اريده ان يعلم اننا انتبهنا له...كوني طبيعية.......وحينها سيفاجئ الى اين نذهب وستزول كل شكوكه التي انا متأكد منها والتي تجعله يتصرف بتهور دون ان يفكر قليلا))...
+
اسدلت سمر عينيها نحو هاتفها العزيز على قلبها....انه احلى هدية منه رغم انه لم يقدمها بظروف ملائمة......
لكنها تعتبرها ....جزء من قلبها....من خلاله تعلم كم يشتاق اليها...تعلم متى يفكر بها........وتتأكد حقا من أنه يحبها....رسائله التي لانهاية لها....مكالماته المتواصلة التي لا تعرف الاوقات المناسبة ابدا......تريح قلبها....برغم من أنها تزعجها بذات الوقت.........
+
لا تنكر ان رسائله العديدة المتوسلة....ترضي غرورها.......وتداوي كرامتها......وتنعش كبريائها.......
+
تعلم من خلالها...مدى لوعته عليها.......وهذا الأمر بحد ذاته......يشفي غليها........ويريح قلبها..........
+
وحين اطالة النظر الى شاشة هاتفها المطفئة المظلمة.......وافكارها تجرفها كشلال غاضب مخيف يمينا ويسارا............همست لحسام....المحدق بصمت ينظر الى الطريق امامه بعدم ارتياح،........
+
((فالنحرق اعصابه قليلا))
+
استدار إليها حسام متسائلا....ينظر اليها شزرا:
((اتتكلمين عن احمد؟؟؟!!))
+
اومئت برأسها مؤكدة....
لتهمس بخفوت وبنبرة شريرة:
((غير مسارك...........وحاول ان تدخل بطرق فرعية ))..
+
فهم حسام ما ترنو إليه........فلوى فمه بابتسامة ساخرة ليقول لها:
((مسكين ابن عمي..))
+
.......
..........
+
كان احمد كالثور الهائج........كطوفان غاضب يجرف كل مايعترض طريقه...يقود سيارته بسرعة اشبة بمتسابق سيارات يريد الفوز مهما كانت الكوارث التي يخلفها ورائه......عيناه اللتان توحشتا بشكل مخيف...منصبتان على الطريق امامه.....يبحث عن سيارة حسام يمينا ويسارا.....وقد جن جنونه....حين دخل حسام شارعا فرعيا.....لأ يؤدي لمنزل والديّ سمر....
+
.........
+
.........
+
ظلت سمر تسأل حسام بإستمرار..عن كون احمد استطاع اللحوق بهما.....وحين أكد لها هذا........قالت بهمس مرتجف:
((لا بد انه غاضب الان...))..ّ
+
قال حسام عاقدا حاجبيه بعبوس:
((أليس هذا ما خططت له؟؟؟؟))
+
اجابت نادمة:
+
((بلى.....))
+
وقبل ان يسألها حسام مجددا...رن هاتفه....ليرفعه بعد لحظة واحده لاذنه.....يجيب على اتصال رحاب......هامسا بنعومة ورقة وقدلانت ملامحه جدا..:
((اهلا حبيبتي............كيف حالك))
+
ابتسمت رحاب...بهدوء.....تنظرشمالا ويمينا للطريق امامها لعلها تلمح سيارته ثم همست بودّ ودلال:
((انتظركما منذ دقائق....اين انتما؟؟؟))
+
همس لها حسام...بنبرة جعلت سمر........تود لو تهرب بعيدا:
((لو تعلمين ياروحي مابنا.....لقهقهتي عاليا))....
+
عبست رحاب.....تزم شفتيها قليلا. لتسال باهتمام:
((مابكما....هيا اخبرني؟؟؟))
+
((نحن مراقبون من احمد....انه يتبعنا منذ خروجنا من المصرف)).....
+
لم تبتسم رحاب....بل اكتفت بقول:
((انتبه ....حين تقود........وتجنب المشاكل ارجوووك...لا تدعني انتظرك اكثر من هذا.....فوالدتي اتصلت بي لتخبرني بان الطفلتين قد جنناها))
+
همس حسام برقة:
((وها قد دخلنا بالشارع الفرعي الذي سيوصلنا اليك مباشرة))....
+
.........
+
كاد احمد يموت فضولا ودهشة...وقد هدأ قليلا حين رأى سمر تنزل من المقعد الامامي...لتصعد للخلف في حين ان رحاب ابنة عمه وزوجة أبن عمه.تصعد بجانب زوجها....
+
فضولا عنيفا يقتله....ليسأل نفسه بوجوم وحنق..:
((اين يريدون الذهاب ياترى))....؟؟؟؟؟
+
انطلقت سيارة حسام بهدوء....مستمتعا بتعذيب ابن عمه....في حين ان رحاب كانت غاضبة نوعا ما...لأنها باختصار...لاتريد مزيدا من المشاكل مع احمد........
+
بينما سمر ظلت ساكنة بمقعدها ....خافقة القلب بسذاجة.......
+
بعد دقائق طوال.......اوقف احمد سيارته على مسافة من مكان وقوف سيارة حسام..امام مركز تجاري كبير....
+
فعبس احمد بشده هامسا يسأل نفسه بنفاذ صبر ودهشة:
((ماذا...؟؟؟؟....كل هذا الوقت واللف والدوران بالطرق الفرعية من اجل الذهاب للتسوق!!!!!!!!!!!!!!!)).....
+
زفر بحنق مستاءا...ثم مالبث ان فهم كل شيء......((..ياالهي.....من المؤكد انهم انتبهوا اليه وهو يتبعهم....كيف لم ينتبه لهذا.......كيف لم يتذكر بأن حسام يعرف سيارته جيدا.....كما انه رجل فطن...ومن غير المعقول الا ينتبه لمن يتبعه اينما ذهب...))....
+
اهتز هاتفه بقوة.....ليرفعه من المقعد الذي بجانبه...يفتحه بسرعه ليقرأ رسالة سمر المقتضبة:
((هل علمت الان الى اين نحن ذاهبون....الى متى..الى متى يا احمد تبقى ثقتك بي مهزوزة اوربما معدومة......حسام كأخي تماما......وزوج صديقتي المقربة...وابن عمي زوجي.....وزميلي في العمل.....الى متى يظل تفكيرك يصب باتجاه واحد مقزز ...ودنيء...))
+
اتسعت عينااحمد متاملا ما خطته يداها.......وحين انهى قراءة كلماتها وفهمها جيدا....رمى هاتفه بعيدا عنه....حيث استقراخيرا على المقعد الامامي ملتصقا بالباب......
+
اغمض عينيه يتنفس بصوت مسموع....ثم تنهد بغيض....ناظرا امامه بضيق.....يغرز انامله الخشنه بخصلات شعره الاسود يبعثرها وينفس بها عن غضبه.......وتسرعه.......
+
استدار بعينيه نحو الهاتف ينظر اليه طويلا لا يعرف ما يكتبه لها فمن المستحيل الان ان ترد على اتصاله لو هاتفها الان........
+
لذا واخيرا بعد لحظات تردد...رفع الهاتف مجددا ليضغط باناملة المرتعشة لا اراديا يكتب لها....لعل كلماته تخترق حاجز قلبها الفولاذي..
+
((ليست المسألة مسالة ثقة......انا اثق بك يا سمرائي...لكن الفضول والتسرع هما من دفعاني لهذا.......رغم اني اتيت لمكان عملك لأراك فقط....واطمئن انك بخير..))..
+
كانت سمر تصعد السلم الكهربائي المتحرك حين شعرت باهتزاز هاتفها بين يديها....لكنها لم تفتحه وتقرأ ما وصل لها....بل وضعته داخل حقيبتها الصغيرة لتنشغل اخيرا برحلة التبضع مع رحاب صديقتهاالمخلصة لتساعدها بإختيار بعض ألوان الحجابات التي تلائم لون بشرتها....لأنها باختصار....قررت ان تتحجب..........
.....
............
..................
+
انتهى الفصل...صوتوا وابدوا ارائكم لو استمتعتم بالقراءة واعجبكم الفصل.....
+
قراءة ممتعة للجميع...💞💞💞💞
+
