اخر الروايات

رواية يكفيني يا قلب الفصل السادس عشر 16

رواية يكفيني يا قلب الفصل السادس عشر 16 


  
16...((انت حياتي))
                                  
يذرع الرواق الطويل للمشفى بخطوات تكاد تنهش الارض تحت قدميه.....جميع مشاعر الخوف والقلق والهلع عليها جاثمة داخل صدره.....لم يسبق ان شعر بالخوف والقلق هكذا إلا مرة واحدة فقط حين اوشكت نهى على الولادة....نعم نفس مشاعر القلق تجتاح  صدره وربما اكثر...........

+



                    
يجيء ويذهب وجميع الامور السيئة تتراقص امام عينيه....ماذا لو حدث لها شيء......لو سائت صحتها كثيرا....حينها لن يسامح نفسه ابدا...سيموووت حقا لو اصابها مكروه.....
هو السبب...بلى انه السبب بكل ما يحصل لها.....لايهمه الجنين وسلامته بقدر ما يهمه سلامتها واسترداد عافيتها.........

+



                    
ساعتين وهو يعيش الشد العصبي والقلق النفسي على حبيبته الغاضبه منه...يدعو من اعماق قلبه الجريح ان تنهض بالسلامة والعافية .....ان تعود اليه.......لينسخها بين اضلعه ولن يجعلها تهرب منه مرة اخرى...

+



                    
كل دقيقة انتظار تمر عليه كأنها عام كامل.......
والعاملين هنا لم يدعوه يدخل الى الردهة النسائية......بحجة لا يجوز دخول الرجال....
لم تدخل معها سوى زوجة عمه.......وها هو يعيش ساعات الانتظار باسوء مايكون....عيناه معلقتان على الباب الرئيسي للردهة النسائية......
تتوسل نظراته لكل من يدخل هناك ان يعلمه بحال حبيبته.......

+



                    
صبره بدأ ينفذ تماما ولم يعد قادر على تحمل مشاعرالقلق المرعبة عليها.......

+



                    
كان حسام يجلس على احدى المقاعد الحديدية الموضوعة داخل الرواق الطويل الكئيب للمشفى ينظر لابن عمه.....نظرات متعاطفة وقلقه بذات الوقت...وقد شعر من ذعر احمد وخوفه على سمر بأن ابن عمه على وشك الاصابة بذبحة صدرية.....

+



                    
لذا نهض من مكانه باتجاهه....وحين وصل اليه امسك ذراعه يقول بنبرة متعاطفه هادئة:
((لا داعي لكل هذا القلق...ستكون بخير ان شاء اللة....اغلبية النساء الحوامل تمر بهذا الشيء)).....

+



                    
نظر اليه احمد بعينيه الحمراوتين المجهدتين وقال بصوت متعب:
((لن اسامح نفسي لو حدث لها شيء))...

+



                    
طمئنه حسام قائلا بثقة:
((لا تقلق.....ادعو لها فقط بالسلامة وستكون الامور بخير...بأذن الله))

+



                    
لم يجب احمد بل اكتفى بنظرات شاردة يرمق بها ابن عمه وايماءة سريعة من رأسه الذي على وشك الانفجار......

+



                    
ابتسم حسام قائلا:
((تعال واجلس قليلا لقد اتعبت قدميك دون جدوى))

+



                    
لم يتحرك احمد من مكانه....بل ظل واقفا كالصنم وعيناه تكادان تخرجان من رأسه لتلتصقا بالباب الحديدي رمادي اللون الذي خلفه تقبع حبيبته الحزينة........

+



                    
لذا اضطر حسام ان يجره من ذراعه بهدوء ويجلسه على المقعد الاخر حيث كان يجلس.......

1



                    
حين جلس احمد اخيرا....لم يشعر براحة ابدا...بل كان غير مستقر......وبكل ثانية يغير وضعية جلوسه....

+




                
وعندما طفح الكيل تماما وقد جن جنونه ونفذ صبره......وطال به الإنتظار المزعج المقلق..ولم يعد قادرا على التحمل..نهض بقوة....يخطو خطوات مسموعه شرسة عنيفة وقد برقت عيناه بشر مخيف ليصل اخيرا الى عاملي الاستقبال اللذان يقفان خلف مكتبهما المتواضع امام باب الردهة النسائية.....

+



وقف امامهما وقد تلبسته روحا شريرة ...يضرب سطح مكتبهما بكلتا قبضتيه...يصرخ بهما بصوت عال مخيف ونبرة تهديد لا يمكن تجاهلها وقد تلاشت من تعابيره الوسيمة الهادئةبطبعها اي ذرة تعقل او تحضر:

+



((ايها الاحمقان الغبيان دعاني ادخل.....زوجتي هناك لا اعرف ما بها......وانتما تمنعاني من الوصول اليها.....))

+



ارتبك الرجلان....لكنهما لم يتفاجئا فكثير من الازواج و اولياء الامور المجانين يقومون بهذا الفعل الاحمق لذا قال احدهم بنبرة عطوفة:
((لا تقلق عليهاانها بين ايدي امينة....مالذي ستفعله لو دخلت اليها....هل انت طبيب او ماشابه))....

+



انتفض احمد غاضبا بجنون.....فانحنى قليلا نحوهما يعيق تقدمه مكتبهما الخشبي المتواضع.....ليمسك الرجل الذي تكلم معه من رقبته يريد خنقه.....هادرا به بصوت زلزل ارجاء المشفى الكبير....
((دعني ادخل اليها....والا قسما بالله لن ترى نور الصباح مجددا))...
ظل الرجل المسكين يردد كلمات اعتاد دائما نطقها لامثال احمد الغاضب...

+



((انها القوانين.....عليك احترام قانون المشفى))
هدر احمد به بعنف وغضب:
((قوانينكم الحمقاء طبقوها على انفسكم اولا.....تبا لكم وللقوانين التي تمنعني من الاطمئنان على زوجتي))...

+



ظل حسام الذي نهض مباشرة وراء ابن عمه.....يجره من ذراعه الاخرى يحاول تخليص عامل الاستقبال منه.....في حين ان الرجل الاخر اتصل سريعا بحراس الأمن......

+



لتكون الساعات المتبقية من هذه الليلة التعيسة الكريهة أسوء ما مرّ به احمد بحياته كلها......

+



حين لم يفلح حسام بتخليص الرجل المسكين من جنون احمد...استطاع حارسي الامن اللذان كانا اشبها بعملاقين ضخمين ظهرا فجاءة من حكايات خرافية أسطورية....
ان يتدخلا لينهيا هذا الرجل المجنون كما وصفه جميع الاشخاص المنتظرين لمرضاهم...عما يريد فعله......

+



قام احد حراسي الامن الضخمين برفع احمد بيد واحدة وابعاده مسافة لابأس بها عن مكان عاملي الاستقبال.......

+



وحين استطاع احمد ان يلملم بعض ذرات تعقله ظل يصرخ بهم هادرا بصوت مدوي متوعد ومهدد بأنه سيذهب لمدير المشفى....وسيقدم شكوى عليهم لوزير الصحة....

+



وحين استطاع حسام اخيرا وبشق الانفس التفاهم مع حارسي الأمن اللذان أمرا حسام واحمد بمغادرة المشفى والبقاء خارجا........بأن يتعاطفا قليلا معهما فالرجل قلق على زوجته....

+



لم يرضخا ابدا لمطلبه واخرجوهما من المكان نهائيا....
.......

+



وخارج المشفى كان الغضب الاهوج مايزال يسيطر على احمد الذي نقل العدوى لابن عمه المتعقل...

+



        

          

                
صرخ حسام بأحمد غاضبا...وقد مست
كرامته لما فعله هذان الغولان العملاقان...وهما يقفان داخل الحديقة الكبيرة الخارجية. للمشفى ذات الشجيرات المتواضعه جدا...

+



((كان عليك التحكم بغضبك قليلا....انظر الى اين اوصلنا تصرفك الاهوج))...

+



صرخ به احمد راعدا برعونه:
((زوجتي بين الحياة والموت وهذان الغبيان  يمنعاني من الدخول اليها....انت السبب بهذا....انت من اقترحت عليّ هذا المشفى التعيس اردت ان أخذها لمشفى خاص على نفقتي الذاتيه.....))

+



هدر به حسام قائلا وقد اتسعت عيناه غضبا بطريقة تشبه عينا احمد تماما فالجينات الوراثية تلعب دورا مهما....

+



((ستكون بخير تماما.....انها مسألة ليست بذات الخطورة.........ثم ان المشفى الخاص بعيد عن هذا المكان كثيرا....))....

+



سأله احمد صارخا:
((وما أدراك انت))..؟؟؟؟

+



اجاب حسام وقد وصل غضبه من حماقات ابن عمه لاقصى حد:
((زوجتي مرت بهذا سابقا.....في حملها الاول......وهي الان مع طفلتي الكبرى بألف خير وعافية))....
فتح احمد فمه ليصرخ بابن عمه يسأله بغضب....لكن الصوت الرجولي الخشن الذي سألهما بفظاظة أنهى الجدال المضحك والذي كاد ان يطول ويحتدم بينهما :

+



((مالذي تفعلاه بحق السماء))....

+



التفتا كل من احمد وحسام الى الشخص الذي اطلق سؤاله المتعجب في الهواء المشحون بينهما....والذي عرفاه طبعا....

+



وقبل ان يعلقا بشيء.....اندفعت والدة سمر كالمجنونةالى باب المشفى حيث الردهة النسائية محمرة العينين من فرط البكاء والخوف على ابنتها.....

+



بينما بقي والد سمر مع السيد منصور يحدقا بأحمد وحسام بنظرات غاضبة لائمة.....يطلبا منهما تفسيرا لما يحدث.....

+



..........

+



حين لاحت خيوط الفجر اخيرا لتنهي الليلة الكئيبة التي عاشها احمد ومن معه....وتبشر ببزوغ فجر جديد ليوم جديد لا يعلم سكان اهل هذه الدنيا مامكتوب لهم فيه....

+



تململ احمد بمقعده الخشبي الرطب بفعل رطوبة الليل الخريفي المبشر بقدوم الشتاء..شاعرا باجفانه النعسة المرهقة كأنها تزن ارطالا من الحديد....تثقل عينيه اللتان لم تغمضا ابدا طيلة ساعات الليل المنقضية.....وحين مال عليه حسام النائم ليقع برأسه على كتف احمد...استطاع ان يحرك عينيه قليلا لينظر لحسام المستغرق بالنوم منذ ان وبخهما والده حين رأى وسمع ما فعلاه......
حرك عينيه نحو جهة اليسار ليجد ابيه نائما ايضا......بينما هو يجلس وسطهم على المقعد الخشبي الطويل الرطب .....

+



لم يشعر براحة ابدا إلا بعد ان أتت والدة سمر إليه تطمئنه بأنها بخير نوعا ما.........لكن الجنين لم يقدر له أن يعيش...........

5



وقتها شعر بالراحة التامة والاطمئنان..وقد برقت نظراته ببصيص سعادة وبهجة لم يزلها معرفته بفقدان الجنين بينما قلبه ضرب داخل صدره بسرور لم يسبق له مثيل...متنهدا تنهيدة فرح خرجت من بين شفتيه المختبئتين تحت كفيه المطبقين معا وانامل يداه العشرة متشابكه مع بعضها يغطي بهما فمه المبتسم قليلا قائلا لوالدتها:

+



        
          

                
((الحمدلله....الحمد لله......ما يمهني بالدرجة الاولى سلامتها.......وباقي الامور تأتي بالمرتبةالثانية......))...

+



لكنه حتى بعد علمه بأنها اصبحت بحال افضل وتخطت هذا الأمر.والحمد لله... خوفه وقلقه لم يتلاشى ابدا....خوفا متوحشا ينهش بروحه ويزيد عذابه . خوفه القابع تحت ثنايا صدره من ان سمر الان قد اصبحت حرة نوعا ما....ولم تعد هناك عقبه تقف بطريق هجرها له.....فالجنين و مات.......ولم تعد بعد اليوم خاضعة لاي ضغوط تجبرها على مواصلة زواجهما.....انتفض قلبه ليتضخم بألم قاس جعل عيناه تسودان اكثر وتنقبض روحه بتعاسة لا نظير لها.......انه يستحق ما يجري له.......يستحق كل هذا العذاب الذي يحياه الان.......غبائه ولا مبالاته وقسوة قلبه هم من اوصلاه لهذا......

2



قبل بضعة اشهر فقط كانت الجنه بنعيمها بين يديه فاتحة ابوابها له....تترجاه..وتتوسله بأن يحبها ويدمغها باسمه لمدى الحياة ايعقل انه كان بهذا الغباء الاحمق وتحجر القلب والروح ومعمي البصرايضا ليتغاضى عن هذه النعمة الالهية ويهمل زوجة وانسانه احبته بعاطفة عميقة وتحملت ماتحملت منه دون ان تتذمر او تهرول هاربة منه....ومن وحشيته البدائية التي لم يكن لها داع............الآن فهم تماما ما يجري معه .......حين لم يقدر هذه النعمة الربانية التي ارسلها الله له لتكون بلسم جراحه وتنسيه حزن موت نهى......عاقبه الله اخيرا على نكرانه لهذا الفردوس المتمثل بسمر وحبها وقابليتها الكبيرة على تحمل قسوته.....والصبر على اذيته وجفائه....

+



لكن...هناك شيء واحد....اقوى من كل المؤثرات الخارجية التي من شأنها ان تجعل سمر تعود لتختبئ منه مجددا....نعم هناك شيء حين تذكره انبعث امل ضئيل من بين افكاره المترجية المتمنية...أنه بلا ادنى شك....قلبها.....

+



قلبها الذي طالما اهانه واهان حبه...الذي طالما اتعبه واذاه...وجرحه.........قلبها الذي يعشقه بشغف.......فلا يمكن لمثل حبها العميق له ان يتلاشى بسرعة البرق...

+



تنهد بأمل مزيف يحاول اقناع نفسه بدون جدوى....لكنه لم يشعر بالراحة ابدا.....وحين طلب من والدتها ان يراها....اخبرته أنها نائمة......لكن في الصباح يستطيع هذا.....

+



حين عاد الى مقعده الخشبي في حديقةالمشفى الخارجية......دمعت عيناه بدموع جافه تمنى لو انها حقا هطلت من عينيه لعلها تريحه قليلا......

+



لكنه لم يستطع النوم ابدا....وافكاره العقيمه تنبعث من كل خلايا دماغه......لكن السؤال الذي اضناه واتعبه جدا....ماذا ستكون ردة فعلها لو رأته صباحا...وهل سترضى ان تراه اصلا.....

+



حين لم يستطع تحمل كل هذه الضغوطات رفع كفه اخيرا يهمس لحسام وابيه بأن يستيقظا...لينهض هو ايضا ويبحث عن اقرب دورة مياه للرجال ليتوضأ ويصلي على العشب الندي في الهواء الطلق صلاه الفجر لعل قلبه العليل ينشد الراحة قليلا........
.........................

+



        
          

                
........
........

+



صوت البكاء يكاد يصم اذنيها......بكاء ذلك الطفل الصغير الذي لا تتضح هيئته وصورته لعتمة المكان الذي يقف فيه...طفل صغير يقف في اخر الطريق المظلم ينادي عليها ...

+



((امي.....امي))
ظلت تركض كالمجنونة....في طريق ضيق مظلم تركض حافية القدمين نحوه....لاتعرف ماصلة قرابتها به رغم انه يناديها بأمي.....وحين لم تبقى سوى خطوات وتصل اليه...تلاشى مختفيا......اتسعت عينيها بقلق مرعب واسرعت تجر قدميها الحافيتين فوق الارض المتعرجة علها تجده اخيرا..خفقات قلبها المتضاربة داخل صدرها تصيبها بالارتجاف والخوف...لكنها رغم ارتجاف ساقيها ورعبها من المكان واصلت سيرها المتعثر لتصل اخيرا الى نهاية الطريق المظلم....لم تجد الطفل هناك...وحين اخذت تصرخ وتصيح بأعلى صوتها باحثة بعينيها عنه.....لمحت ظلا خفيفا ثم مالبث هذا الظل ان اتضحت صورته اكثر ليكون على شكل نهى....

+



زال خوفها تماما...ورغم خفقات قلبها التي مازالت مرعوبة استطاعت ان تبتسم لنهى الواقفة أمامها بأحلى طلة لها...تنظر اليها مبتسمة....اندفعت تعانق تؤامها بحرارة .....تتمتم بكلمات الاشتياق......لكنها صمتت تماما حين ابصرت عيناها ذلك الطفل الذي لم تظهر صورته بوضوح رغم الضوء الخافت الذي انار المكان المختلف عن بداية الطريق المظلم...ابصرته من خلف نهى.....

+



تركت نهى واقفة بمكانها....وركضت الى حيث يقف ظله الغير واضح...سمعته ينادي عليها مجددا....امي....امي.....

+



فتسمرت مكانها وقد تشوشت الرؤية امامها بدون سبب معروف.....انتابها الخوف والرعب مجددا وحين همست بصوت يرتجف:
((من انت؟؟؟))

+



سمعته يجيبها((طفلك))....

+



سرت رعشة غريبة باوصالها.....واقتربت منه اكثر وهي تسأله ...
((لم لا تأتي إليّ؟؟؟)))

+



سمعت صوت نهى الذي اشتاقت له كثيرا....يقول لها وهي تقترب لتقف بينها وبين طفلها:

+



((لا تخافي عليه انه بخير معي))...

2



بعدها برمشة عين اختفت نهى وطفلها تماما ولم يعد لهما اثرا......

+



ارتعبت كثيرا وظلت تصرخ عليهما تطلب منهما ان يعودا وحين يئست تماما....اخذت تبكي وتنتحب....تشهق بألم وصوت متقطع((طفلي....طفلي.....اين رحلت))؟؟؟

+



سمعت من بين نحيبها....صوت مألوف جدا لها يهتف باسمها......ولمسات كفه الدافئة تبدد وتطرد الخوف الذي تعيشه....
وحين استطاعت فتح عينيها ورؤيته بصورة ضبابية اولا....ثم ما لبثت صورته ان تتضح امامها تدريجيا.....

+



عرفت حال فتحت عينيها وانتبهت لما يدور حولها بانقطاع الرابط اخيرا بين عالم الرؤيا والعالم الواقعي.....

+



حركت اهدابها ببطئ..ثم رمشت عدة رمشات ثقيلة......لتبصر فورا جسد احمد الواقف امامها بطوله الرائع المميز..فاغمضت عينيها بسرعة....لا تريد رؤيته.....

+



        
          

                
لكنه رغم احساسه بأنه شخص غير مرغوب بحضوره في الوقت الحالي.....لم يستسلم ولم يهتم ابدا.....
يكاد يمووووووت قلقا عليها....وهي تغمض عينيهالا تريد رؤيته......

+



اين العدل بهذا؟؟؟؟!!!
واي عقاب قاس تعاقبه وتثأر لنفسها منه؟؟؟؟؟

+



ادارت وجهها بسرعة الى الجانب الاخر بصمت...بينما هو سحب كرسيا بلاستيكيا موضوع بالقرب من سريرها...ليجلس امامها تتشرب نظراته جميع أجزاء وجهها التي بالكاد يستطع رؤيتها لالتفاتها للجانب الاخر...حيث الممرضة تقف امامها تثبت ابرة المحلول المغروسة بظاهر كفها الايمن..............

+



دقائق مرت بطيئة ذات بطئ قاتل للاعصاب وهو يجلس امام زوجته صامتا كتلميذ اثبت انه مشاغب ويتلقى فترة عقوبةالان......ينتظر ان تنهي الممرضة عملها وتخرج....من الغرفة الخاصة بسمر وحدها...
فهو منذ الصباح الباكر أصرّ ان تنقل حبيبته الى الجناح الخاص من المشفى وتكون لها غرفة وحدها.تستطيع ان ترتاح بها.....ويراها هو على انفراد تام........

+



سمع صوت الممرضة يقول له..

+



((ارجوك لا تتأخر عندها دقائق فقط واخرج لانها مازالت متعبة وبحاجة للراحة))...

+



لم يتفوه بحرف....بل اكتفى بايماءة موافقه وتفهم وابتسامة هادئة استطاع رسمها على شفتيه المشتاقين لسمرائه.......

+



وحين اصبحا وحدهما الان....نهض بسرعة ليغلق الباب خلف الممرضة بالمفتاح....ثم يتجه نحو السرير الضيق تاركا الكرسي على الجانب الاخر......متجها الى حيث تدير بوجهها عنه....
جلس على حافة السرير.....مانعا اياها من الاستدارة للجانب الاخر......ممسكا وجهها الشاحب بكلتا يديه ينظر لعينيها الحزينتين نظرات ألمت قلبه وقلبها....هامسا امام شفتيها المرتجفتين ارتجاف الذي يشعر بالبرد:

+



((حمدا لله على سلامتك))....

+



لم تجبه...لكن دمعه حزينه ذابله هطلت من عينها لتبلل وجنتها....لكنه لم يدعها تسقط لزاوية فمها بل تلقفها بابهامه يمسحهها بحنان ورقة.....

+



لاحظ ارتجافها الطفيف تحت لمسات اصبعه......فقرب وجهها اليه اكثر ينظر بعاطفة عنيفة لتعابيرها الساكنة الصامته...التي لا تظهر ابدا ما تفكر به......

+



همس امام صمتها:

+



((كنت اموووت رعبا عليك......شعرت اني ضيعتك نهائيا.......لم اشعر بهذا القلق المضني مطلقا.......لكن الله استجاب دعواتي واعادك لي بخير وعافية))..

+



حركت راسها قليلا ووجهها مايزال بين يديه واستطاعت الهمس بحزن وخفوت وهي ترفع عينيها اللوزية له لتضربه نظراتها المعاتبة بالصميم:
((لست بخير.....من قال لك هذا....انا حزينة جدا....صحيح اني لم اكن سعيدة به......لكن حين اخبرتني الطبيبة ليلة امس بأني اجهضته...حزنت كثيرا....وتالمت لفقده.كأني كنت انتظره طويلا..))...

+



        
          

                
تحشرج صوته ولم يستطع النطق بسهوله لكنه اخيرا استطاع ان يهممس لها بحنان العالم اجمعه:

+



((يا حبيبتي........))

+



تلت كلمته المتفجرة...قبلة على رأسها...فجرت مشاعرها الرافضة الحزينة...ثم قبله اخرى رقيقة كاجنحة الفراشات الملونة على جبينها....ليكون لها مفعول سحري عليها يجعلها ترتجف....ثم مالبثت ان اجهشت ببكاء خافت متقطع ..تحول فيما بعد الى نحيب عنيف جعلها تصاب بالاعياء والدوار....

+



ظل احمد حاضنا وجهها بكفيه المرحبين باهتزاز وارتجاف تقاسيمه...بينما ابهاميه عملتا عمل ماسحة السيارة للزجاج.........ظلا يمسحا دموعها المتساقطة بين كفيه في حين تمرد بعضها لينزل لوجهها هاربا من انامل احمد المتعاطفة الحنونة........

+



وحين لم يتحمل بكائها.......ترك وجهها....رافعا يديه حولها يحوطها بين ذراعيها يدفئها ويمنحها الطمأنينة...ثم شدها نحو صدره الصلب..يكاد يسجنها هناك....بداخله.......
وحين ظلت ساكنه....تنتحب على صدره تبلل قميصه كان هو يلامس اعلى رأسها بشفتيه يقبل شعرها برقة وحذر.........يهمس بصوته العميق الذي طالما عشقت سماعه:
((لا تحزني يا عمري......مازلت شابة وبمقدورك انجاب خمسة عشر طفلا...........لاتبكي ارجووك.....المهم عندي سلامتك ونهوضك بسرعة....))

+



تململت بين احضانه.......لتهمس بالقرب من عنقه الساخن بفعل المشاعر المكبوته لأشهر....

+



((وجودك هنا.....امر جدا يزعجني....اتمنى لو ترحل وتتركني بحالي))....

1



رغم الصمت الذي طغى على جو الغرفة......لكنها شعرت بغضبه من خلال ملمس يديه التي اشتدت بقسوة غير مقصودة على ذراعيها الواهنتين.....

+



صمت....تلاها لحظات صمت اخرى لاتسمع فيها سوى صوت انفاسه الحارقة القريبة من رأسها بينما ذراعاه القويتان اللتان تحوطانها...اصبحتا اكثر قسوة...مما جعلها تصرخ به متالمة بعد ان مالت الابرة المغروسة بأعلى كفها الايمن قليلا...

+



أبعادها عنه بسرعه.بدأ كأنه أنتبه لنفسه اخيرا...يسألها بقلق وعيناه تتجولان عليها باهتمام:
((مابك....مالذي حصل))

+



صرخت بخفوت منهك مجهد لتهمس بعدها:
((لقد المتني....انظر مافعلت....كادت ابرة المحلول تنكسر داخل كفي))...

+



ارتبك.........رافعا يده نحو يدها يقلبها بحذر عابس الملامح...ثم بأنامله الرجولية حرك الابرة قليلا ليعيدها كما كانت....فتاوهت هي ألما مما جعل شحوب وجهها يزداد اكثر.....وذبول عينيها يضرب قلبه بشتى انواع الألم والحزن والشعور العنيف بأنه وحده المسؤول عما يحصل لها......

+



لم يتمالك نفسه اكثر.....فامتزجت تاوهاتها مع انفاسه الهادرة .....فرفع كفها الصغير الى فمه يقبله بعاطفة جامحة....ناظرا لعينيها اللتان تبدوان بلا حياة او روح.....كان يرى الرفض مما يفعله بنظراتها الشفافة التي اشبه بزجاج نظيف لا تشوبه شائبة.....

+



        
          

                
وحين همست به بأعياء واضح:
((اترجاك يااحمد ان تتركني وتذهب....اذا كنت تظن ان بقائك يعود بالفائدة عليّ فانتّ واهم لامحال.....وجودوك هنا وفي هذه المرحلة من حياتي يؤلمني كثيرا......واذا كنت حقالاتريد اذيتي....اتركني احيا بسلام بعيدا عنك))..

+



احيانا يكون للكلمات وقع الرصاص على القلب...وهذا بالضبط ماشعر به........ ..فترك كفها بهدوء...ليضعه على حافة السرير ببطئ متعمد....ورغم كلماتها الجارحه إلا انه لم يستسلم بهذه السهولة...ولم ينهض من سريرها الضيق الحديدي.....

+



بل استطاع ان يقول بمنتهى الهدوء رغم كل مايشعر به وما يعتمر بداخله:
((لايمكن لرحيلي عنك ان يعود بالفائدة عليك....انا زوجك يا سمر....ولا يمكن أن اتخلى عنك بمثل هذه الظروف.....لا يمكن ان اذهب مبتعدا عنك لانك فقط تريدين هذا... .اعلم ان ماتقوليه ليس بخارج من اعماق قلبك تماما....لذا سامنح نفسي أملا ضئيلا منتظرا عودتك لي برضاك التام....))...

+



همست هي بوهن لان الدوار والتعب اخذ منها ماخذا بدون أن تنظر لعينيه مصدر ضعفها وتشتت قراراتها:
((اذن أملك بلا فائدة مرجوة....وسيتعبك الإنتظار)).....

+



استطاع ان يبتسم لعينيها الغاضبتين.....رغم انه لا يشعر بأي مرح او حماسة للتبسم...لكن كلماتها جعلته يبتسم رغما عنه......مانحة اياه أملا عميقا دون ان تنتبه......ثم همس لها برقه وعيناه تبرقان تفاؤل واصرارا.....

+



((ساتحمل كل التعب الى. إن تعودي إليّ برغبتك ورضاك.....))...

+



لم تستطع التكلم اكثر....فهو كما يبدو يستمتع بهذا الامر...فزفرت غضبا.....ما لبث ان تحول الى تثائب ورغبه ملحة بالنوم .....
لذا قالت بفظاظة ضاغطة على الغطاءالقطني بكلتا يديها تحاول سحبه لاعلى رأسها.....
((انهض من السرير اريد ان اغفو لبعض الوقت))....

+



همس بلطف وهو ينهض:
((أمرك ياسمرائي))..

+



فجرت هي باقي الغطاء عن حافة السرير....لكن يديه تدخلتا دون ان تطلب منه هذا فساعدهابغطاء نفسها رغما عنها.....وفي الوقت الذي ظنت به انه سيخرج ويتركها بسلام...استدار الى الجانب الاخر من السرير...ليقرب الكرسي بجانب سريرها تماما جالسا عليه بينما بالحقيقه نصف جسده فوق سريرها...يميل عليها...ليحضنها بكلتا يديه يرفع راسها قسرا عن الوسادة ليكون صدره الدافئ بديلا عنها....قائلا من بين شفتيه الملتصقتان بأعلى رأسها حيث شعرها الناعم الاسود يقبله بحنان وبمنتهى الرقة....
((نامي الان بين ذراعي))

+



همست هي برفض قاطع رغم تجاوب جسدها بجميع حواسه لدفء صدره وذراعيه....:
((اتركني))...

+



قال بحزم مخيف:
((لن اتركك.....الا بعد ان تنامي))

+



همست هي بوهن وقد اتقل النعاس عينيها تماما كما انه اثقل حتى شفتيها جاعلا كلماتها تخرج بصعوبة:

+



((اريد النوم  على السرير والوسادة.وليس.....على صدرك))

+



تنهد بعمق قبل ان يجيبها ضاغطا بقوة رقيقة على كتفيها يكاد يحبسها الى الابد بين اضلعه.... بحركة امتلاك تحببية..........مما زادها الامر وجعا وخوفا:
((لا تتذمري ونامي))....

+



        
          

                
سمعها تهمس بخفوت بنبرة تكاد تكون بلغة اخرى لفرط النعاس الذي اثقل لسانها:
((انا مريضة وعليك التوقف عن مضايقتي))

+



لم يتفوه بحرف واحد....بل اكتفى بأحكام ذراعيه حولها يدنيها من صدره حيث رأسها ذو الشعر الحريري يستكين هناك فوق قلبه النابض بحبها مباشرة......

+



لتغفو هي اخيرا عابسة الملامح........بينما ظل هو يصارع مشاعر الحب والاشتياق بكل ما اؤتي من عزم وصبر علمه لنفسه منذ وفاة نهى....

+



ياليته يغفى ويغط بالنوم لساعات طوال لكي ينطفئ لهيب الحب والمشاعر المجنونه المندلعة بداخله.....
لم يظن يوما أنه سيعود ويصبح عاشقا ولهانا من جديد بعد وفاة زوجته نهى...لم يتوقع يوما بأنه سيعشق سمر ولا حتى في اسخف افكاره.....

+



كان يرى فيها المراءة الجامحة الطموحه الجريئة الوقحة...المتلاعبة...ذات النظرات النارية التي تجعل كل من يراها يرغب بها....
الا هو كان منيعا ضد جاذبيتها الأخاذة.....الا ان وقع بشباك حبها اخيرا..........

+



مكتشفا بعد ذلك بان نظرته لها وافكاره عنها كانت مجرد اوهام واكاذيب ليقنع نفسه بها ويختبئ خلفها من سيول مشاعره التي جرفته رغما عنه الى شواطئ عشقها....ليكون بالنهاية قيس بن الملوح....ويكتشف انه كان احمقا بجدارة وقاسيا فظا بمنتهى الأنانية.....

+



•••••••••••••••••••••

+



•••••••••••••••••

+



حين استفاقت من نومها اخيرا.....ابصرته عيناها نائما على الكرسي البلاستيكي ممددا ساقيه الطويلتين في الهواء...ملامحه المتشنجه التي تكشف عن عدم ارتياحه لهذه الوضعية...جعلتها تشعر بالرضا المطلق....

+



فليتعذب قليلا....فليغضب قليلا...فليذيق بعض المرارة والألم الذي اذاقه لها..لاضيّّر ان يلتاع قلبه بعض الوقت.....فكم اذاقها هو الويل والمرارة كم عانت من لوعة الاشتياق وهدر الكرامة....كم جرحت كبريائها على يديه...كم اذاقها عذابا لا تتمناه حتى لاعدائها.....كم مرة جلست بداخل الحمام باكية بسببه...كم....وكم....................من الاشياء الجميلة التي قتلها بقسوته.........
الآن فقط....بعد ما ملئ قلبها جراحا واهات يأتي اليها يطلب الغفران.......لم يعد قلبها كما كان ابدا....لم تستطع ان تسامحه.....لم يبقى قلبها طيبا وحنونا كسابق عهده.....

1



لذا تنحنحت قليلا...تحاول رفع رأسها لأعلى الوسادة التي كما يبدو وضعها تحت راسها حين غفت على صدره....والتي انزلقت أثناء نومها عن وضعيتها المريحه....

+



جلست اخيرا بوهن وضعف على السرير ترفع ركبتيها قليلا تغطيهما بالغطاء الرمادي الفاتح....وقد سئمت حقا من هذه الغرفة ومن المشفى و......من وجوده ..

+



كم تمنت ان يكون لديها هاتف...لتتصل بوالديها وتخبرهما انها تريد مغادرة هذا المكان فورا حتى لو لم ترضى الطبيبة بهذا........

+



        
          

                
رغم عنها.......حقا رغم عنها....فقلبها الخائن كثيرا ما يغدر بها ويتصرف عكس ما يمليه عليه عقلها.....
رغما عنها استدارت بعينيها تنظر لتقاسيم وجهه النائمة العابسة  بحنين  وشوق....دمر كل ما كانت تفكر به قبل لحظات.......

+



تمنت الآن ان تنهض من مكانها وتفسح له مجالا بجانبها......خوفا عليه من إلا ينعم بنوم هانئ ومريح....رغما عنها تجولت نظراتها العاشقة على كل تفصيلة من تفاصيله الحبيبة والعزيزة على قلبها.....

+



اغمضت عينيها بعد ثوان تزفر بعدم رضا عن حالها......الى متى تبقى مهزوزة الشخصية هكذا....الى متى تظل جبانه....وطيبة القلب ...

+



لو حقا تستطيع كرهه كما تتمنى....وتريد.....لو حقا تستطيع اقصاءه من قلبها بمنتهى اليسر والسهولة....لتغيرت كثير من الامور.....ولخرجت سمر جديدة للدنيا بدلا عن سمر الضعيفة المترددة......

+



استفاق هو اخيرا بذات الوقت الذي كانت به سارحه بافكارها التي تفتقر للحلول المنطقية....

+



لمحته بطرف عينيها يحرك رأسه عدة مرات ورقبته كذلك....ثم مالبث ان أنزل ساقيه ارضا...ثم نهض ببطئ يترنح قليلا....ليقف امامها تعلو شفتيه ابتسامة خلابة ليقول بعدها:
((اتمنى ان تكوني ارتحت قليلا بعد ساعات النوم هذه...))...

+



رمقته بنظرة باردة.....تستدير بوجهها عنه شابكة يديها حول صدرها....بطريقة استفزته كثيرا..لتقول بفظاظة ازعجته:
((اريد الخروج من هنا اليوم.....اريد التكلم مع امي فورا))...

+



رمقها بنظرة عتاب صامته لم تهتم لها وقال بهدوء:
((خروجك يحدده الطبيب المسؤول عنك...ثم الا تشعري بالجوع ساجلب لك شيئا نأكله معا...فأنا ايضا لم اكل  منذ ليلة البارحة ولم انم ايضا.....))

+



اجابته بحدة وهي تبعد نظرها عنه خوفا من ان تقع عينها بعينيه فتضعف حصونها المحتمية بها...:
((لا يهمني ما يقوله الأطباء....الجنين وقد اجهضته وانتهى الامر....فماذا افعل هنا))

+



استغرب احمد للغباء الذي تحاول التظاهر به ليقول لها بحزم لا يقبل النقاش:
((ستبقين هنا لحين ان يخرجك الطبيب او الطبيبة المسؤولة عن حالتك....وغير هذا الكلام ممنوع النقاش فيه...كل هذا لأجل صحتك....عليك تذكر هذا الامر جيدا))

+



حين وجدت بأن لا فائدة مرجوة من الحديث معه سألته بجمود .....وكم بدت هشة ذابلة......كزهرة مغروسة بصحراء قاحلة وبيئتها   الظل والرطوبة......بشرتها صفراء قليلا شاحبة...عينيها فاترتين غائمتين......وحزن عميق يحوط تقاسيمها الجذابة المنهكه.....بدت بعينيه اصغر سنا....هشة العظام بحاجة للعون والمساعدة...

+



((اين والدتي.....اريد ان أراها))

+



اقترب منها احمد كثيرا...بل كثيرا جدا....حتى انه لامس بركبتيه كفها الممدودة بالقرب من حافةالسرير...فارتجفت بحماقه مبعدة يدها عنه وعن سحره الملعون الفتاك.....

+



        
          

                
شعرت به ينحني عليها...ودون مقدمات....احتضن وجههابكلتا يديه.....يلتهم عينيها اللوزية المعاتبة المجافية له....بعينيه ونظراته النادمة التي تحكي بوضوح ما يشعر به ويريد قوله....

+



اهتز ذلك الوريد الخائن بداخلها....والذي ينبض بهذه اللهفة لعينيه فقط....جاعلا نظراتها الحادة تلين قليلا....لتسدل اهدابها تنظر لانامله الخشنة التي تلامس وجهها برقة اذابت صقيع روحها.....

+



همس امام فمها ذو الشفاه المرتجفة المتحفزة لاي هجوم دنيء منه..وبمثل هذا الظرف.....
((اتعلمين ياسمر بانك اصبحت حياتي.....انت حياتي يا روحي.......واي مكروه يصيبك يصيبني اولا........فلا اريدك ان تاذي نفسك لمجرد ان تنتقمي مني وتغضبيني........))

+



استطاعت النطق بشفاه مهتزة نظرا لا نامله المحيطة بوجهها الضاغطة على عظام وجنتيهاقليلا......بينما عيناها امتلئتا نفورا رأه بمنتهى الوضوح....

+



((ولمّ تظن بأني اريد الانتقام منك.....لمّ اتعب نفسي حتى بمثل هذه الأفكار....من تكون  انت لاضيع اسابيع اواشهر من  وقتي الثمين لمجرد ان اغضبك كما تقول....سلمتك منذ مدة طويلة لربي....وهو من يأخذ حقي منك بدون ادنى شك)).....

6



نظر بعينيها.....كأنه يحاول تصديق ما تفوهت به الآن.....
شعرت هي بأنها لم تكن قاسية هكذا من ولادتها.....هو السبب....هو من جعل روحها تتجمد وتثلج.........

+



ارتخت انامله عن وجهها........ليبعد كفه اخيرا محررا عضلات فكيها من هجوم لمساته الدافئة....

+



ارجعت راسها للخلف تضعه على الوسادة بدون ان تنظر اليه......لا تريد التوغل بعينيه.......فلو حدث وسمحت لنفسها بهذا.........ستسوء امورها اكثر وستعيش طوال عمرها غير راضية عن نفسها........
سمعت هدير أنفاسه الغاضبة يملأ جو الغرفة المشحون..........ثم تلاها صوته العميق الغاضب:
((اكرهتيني بهذا العمق....لتدعي عليّ....؟؟؟؟!!!!!!لم اعهدك شريرة قاسية ))

+



زفرت بغضب لتهمس بحدة وعيناها تحيدان عنه لا تريد النظر اليه ابدا:
((انا مريضة.......عليك تفهم هذا الامر.......اتركني ارقد داخل المشفى بسلام......إلا يحق لي هذا....؟؟؟))

+



ضاقت نظرته كثيرا وعلت انفاسه قليلا يسألها متهما اياها:
((اتراوغين........هل اصبحت ماكرة......؟؟؟!!!!!!..))

+



همست بنفاذ صبربينما قلبها يئن شوقا اليه....

+



((على ماذا اراوغ.......انا امامك كالورقة البيضاء لا اخفي عنك شيئا.....الا يحق لي ان اغضب منك قليلا......واكون قاسية معك فظة الطباع ...ماذا تريد يا احمد......؟؟؟اتريدني ان ارتمي بين ذراعيك اطلب العفو والصفح منك....ام اتوسل إليك لترجعني لحياتك........))

+



حدق بها طويلا ثم سألها بخشونة:
((وما الذي يمنعك من هذا ألم تفعلي هذا سابقا....ألم تتوسلي كثيرا لكيلا الفظك من حياتي........ألم  تتباهي بحبك لي.......مالذي حصل الان.....لقد اعتذرت......واتيت اليك اطلب العفو والسماح..ماذا تريديني افعل اكثر من هذا....))...

1



        
          

                
شعرت حقا انها على وشك الاغماء وكل ما استطاعت الهمس به:
((اريدك ان تشعر بأي.....ان اكون حياتك كلها وليس جزء منها..))

+



اجابها بخشونه حازمة:
((ولكنك اصبحت كذلك.....انت حياتي.مثلما قلت لك قبل قليل.... انت حياتي ياسمرائي فهل لديك شك بهذا....))؟؟؟؟؟!!

+



هزت رأسها موافقة:
((بلى...لدي شكوك كثيرة بهذا...انت لا تحبني يا احمد.....بل انت نادم لانك ظلمتني...وقد زاد ندمك بعد ظهور برائتي...))

+



كان على وشك ان يقسم لها بأنه  يحبها....لكن الطرق على باب الغرفة المغلق...جعله يؤجل الحديث بهذا الامر لوقت اخر....لكن الألم الذي ولدته كلماتها جعل صدره يتضخم بقسوة اوجعته لحد النخاع 
....

+



حين اتجه نحو باب الغرفة ليفتحه بصمت....كانت عيناها تلتهمان اكتافه العريضة بلوعة شوق اجهدت قلبها الغاضب منه...

+



اندفع حسام ووالدتها....الى الغرفة حالما فتح الباب...
ليقول حسام فور دخوله  وقد لمح الحزن على وجهيهما بسهولة:

+



((حمدا لله على السلامة يا سمر.......كيف اصبحت الان....اتشعرين بتحسن))...

+



استطاعت سمر ان ترد بهدوء وقد رقت تعابيرها قليلا:
((شكرا لسؤالك....احتاج لبعض الوقت كي اتحسن))...

+



ابتسم حسام لها.....ثم مالبث ان قال بمرح وهو يضع باقه الورود الحمراء والصفراء على المنضده بجانبها:
((رؤية هذه الورود ستحسن من نفسيتك كثيرا.......اتمنى ان تعجبك))..

+



ابتسمت برقه رافعة يديها لتسحب وردة واحده من غصنها الاخضر الطويل.....فتقدم احمد يساعدها بهذا...وحين لامست كفه الخشنه اناملها الساخنه الهشة.....اشتعل كليهما بمشاعر الحنين والاشتياق.....

+



فسحبت سمر يدها بسرعة.......تاركة احمد يتكفل بقطف وردة حمراء ويضعها بين يديها.....

+



سحب حسام الكرسي البلاستيكي يقدمه نحو ووالدتها التي جلست صامته تنظر لعيني ابنتها وفي حجرها حقيبة متوسطة الحجم.....تحوي ملابس نظيفه لسمر ..وكيسا اخر يحوي طعاما.....

+



بادر حسام قائلا بمرح ينظر لاحمد الواقف امامه صامتا يحدق بحبيبته بقلب يتذرع لله بأن تسامحه وتعود إليه....((لو رايت ياسمر خوف احمد وقلقه عليك ليلة امس .....لن تصدقي هذا ابدا.....اتعلمين انه تشاجر مع العاملين هنا....لأنهم رفضوا دخوله  إليك والاطمئنان على صحتك....وحين أصر احمد على الدخول اتى حراس الامن إلينا ليخرجونا من المشفى....
وقد قضينا ليلتنا في الحديقه الخارجية نائمين جلوسا على المقعد الخشبي......لكن احمد لم يغمض له جفن....كاد يموت رعبا عليك........كان على وشك حرق المكان لكي يسمحوا له بالدخول ورؤيتك......
لكن الحمد لله حين حل الصباح.....غادرا العاملين هناك ليأتي بدلهما اخرين.....ثم اصر احمد على نقلك للجناح الخاص.........لأجل راحتك طبعا.....وراحة مرافقيك....))

+



        
          

                
لم تبتسم ابدا....بل رغما عنها رفعت نظراتها نحو احمد الواقف عابس الملامح ينظر لحسام بحنق وضجر.....لم يعهده ثرثارا هكذا......ام انه تقصد قول هذا لجعل سمر تعرف مقدار ما عاناه وعاشه من خوف وقلق عليها.......لم يهتم لامر الجنين ولا ذرة.....

+



لكن حسام لم يصمت عند هذا الحد بل اردف يسأل بقصد وعمد:

+



((اليست المشفى ممتازة...ألم يعتنوا بك جيدا))..؟؟؟؟

+



اجابت سمر بهدوء تداعب بتلات الورده الحمراء باصبعها بحذر :
((بلى ....جيدة جدا))...

+



ادار حسام رأسه نحو احمد الواقف بالقرب منه  متجهم التعابير عاقد الحاجبين دليلا على شعوره بالضيق.....والغضب.....
ليساله  غامزا له بعينه اليسرى...:
((هل سمعت ماقالته ...ألم أخبرك بان هذه المشفى خدماتها ممتازة.....لم يكن هناك  داع للضجة التي افتعلتها لكونك لم تطر بها مباشرة نحو مشفى خاص جيد الخدمات .))

+



لم يجب احمد مباشرة بل زفر بضجر مقلبا عينيه ناظرا لسقق الغرفة الثانوي ذو المربعات الفضيه والرمادية الامعه....ثم مالبث ان قال:
((ومازلت مصرا ان هذه المشفى  المتهالكة ليست بالمستوى المطلوب للعناية بالمريض))...

+



ابتسم حسام قائلا بعد ان سحب كرسيا موجود بزاوية من زوايا الغرفة..واضع ساقا فوق ساق....قائلا باستفزاز مقصود:
((مابها انها مشفى رائعة..........انظر لزوجتك.....هل خدشوها خدشا واحدا  ثم اذا اردت ان تبدي رأيك....فابعث به مباشرة لوزير الصحة....الذي حتما لم تجده إلا بعد عام كامل ربما..))....

+



هدر احمد قائلا بعصبية:
((ساحطم المكان فوق رؤوسهم لو فعلوا ذلك.........ثم اني لست اول شخص يقول الحقيقة بشأن تهالك المشفى وتردي الخدمات....ولن اتعب نفسي او اخسر بعض الوقت لاقابل وزير الصحه لان الجواب معروف مسبقا.))

+



ابتسم حسام مجددا واتسع فمه اكثر بابتسامة عريضة ناظرا لسمر.....غامزا لها بعينيه....يقول لها بصمت:
((انظري كيف اغضبته.....انت نقطة ضعفه الوحيدة))....

+



حركت سمر شفتيها قليلا بشبه ابتسامة لم تدعها تكتمل تنظر لوالدتها الجالسة على الجانب الآخر من السرير لتقابل حسام واحمد الواقف بجانبه مكتف ذراعيه للخلف....وعلامات الضجر واضحة وضوح الشمس على محياه ذو الملامح الهادئة الرزينه المسالمة.......عابس ومتضايق بشدة من وجود الضيوف بهذا الوقت تحديدا.....متمنيا من اعماق قلبه ان يذهبا سريعا لينفرد وحده بزوجته ....سمرائه التي اقتطفت قلبه واخرجته من حقول الاشواك حيث كان هناك..........

2



بعد مرور عدة دقائق....قصيرة بالنسبة للجميع ماعدى احمد الذي مرت عليه هذه الدقائق ببطئ مثير للغضب والضجر......

+



وحين ارادت والدتها  مساعدتها على تناول الطعام...وتحت تذمر ورفض سمر لهذه الفكرة متحججة بأنها فقدت شهيتها تماما.....تكلم احمد اخيرا....بنبرة حازمة لا تقبل النقاش او الجدل وعينيه تلتهمان سمر الغارقة بفراش المشفى الابيض كطفلة تلف على جسدها غطاء طويل طوله امتارا عديده....

+



        
          

                
((لا تهتمي يا حماتي.....انا ساطعمها واغير لها ملابسها))

+



كانت كلماته اشبه بقنبلة فجرت داخل رأس سمر المتصدع...بينما حسام...تنحنح قليلا لينهض بعدها يستأذن الرحيل....مخاطب والدة سمر المبتسمة بحماس ازعج ابنتها كثيرا:
((اذا شئت الرحيل الان...ساوصلك معي...))

+



قالت والدتها:
((انا ذاهبه لبيت المزرعة لاصطحب آدم معي))...

+



قال حسام:
((ممتاز...))

+



شعرت سمر بخوف احمق وسألت امها بنبرة عالية:
((متى سأخرج))

+



اجابت والدتها التي تستعد للخروج الان:
((اسألي احمد....فهو من يعرف بالتأكيد))

+



لكن سمر هتفت كطفلة خائفة:
((ارجووك ياامي....لاترحلي...اقضي ليلتك هنا...معي))...

+



غضب احمد بداخله لكنه لم يفصح عما يجول بداخله بل ظل صامتا يراقب المشهد بعينين غامضتين....

+



ابتسمت امها...واتجهت نحوها تقبلها على رأسها...قائلة بنبرة حنان وعطف:
((سامر عليك غداصباحا أن شاء الله...لا تقلقي...فاحمد معك...وآدم سيبيت عندنا الليلة لحين خروجك بسلامة...))

+



دمعت عينا سمر....وطلبت من والدتها ان تعتني بآدم جيدا.........
طمئنتهاوالدتها  وخرجت تلتحق بحسام المنتظر خارج الغرفة.......

+



بينما  ظلت عيناها معلقتين بالباب تتشبثان بطرف عباءة والدتها تطلب منها إلا ترحل وتتركها مع هذا الوسيم الذي يناديها بسمرائي..

3



......................

+



......................

+



((لا تتصرفي كالاطفال.....وتناولي لقمة واحدة..))..

+



رفضت متذمرة...تبعد يده الممسكة باللقمة الصغيرة من امام فمها.....بعناد لا نظير له. ..

+



لكنه أصر بحزم قاس ان تنفذ ما يطلبه منها...فتمردت هي اكثر ورفضت تناول الطعام من يديه.......وحين يئس منها....قال بنبرة مخيفة ولهجة تهديد:
'
((ستتناولينه رغما عنك....كوني فتاة مطيعة ولا تجعليني اتصرف معك بما لا يناسب سنوات عمرك))

+



همست صارخة بتمرد:
((لا اريد.....ليس لديّ رغبة في تناول الطعام))....

+



لكنه لم يتركها بسلام ابدا.....فرفع يده نحو فمها يدخل اللقيمة الصغيرة رغما عنها....
ورغم اعتراضها لكنها بلعتها تحت نظرة عينيه المهددة.......

+



استسلمت اخيرا للامر الواقع.....وبدأت تتناول ما يطعمه لها بخنوع هادئ....

+



صمت احاط بهما ...جعلها حذرة جدا بمضغ الطعام بين اسنانها لكيلا يسمع صوت تقطيع اللقيمة باسنانها.....

+



لم يتكلم ابدا....بل كان يخاطبها بعينيه فقط...يحذرها بصمت لو انها امتنعت عن تناول البقية المتبقية في الصحن الابيض البلاستيكي...

+



        
          

                
ظل كلاهما مخدر الحواس ...والصمت المطبق بينهما اصبح خطيرا ومشحونا بتهجد انفاسهما....الثائرة........

+



لا تنكر انها مازالت دائخة بعشقه......تنصهر لنظراته الحنونة التي يرمقها بها.....تذوب وتتلاشى....لتتقلص معدتها بطريقة تجعلها ترتجف وتحلق عاليا....انفاسه القريبة من وجهها حين ينحني قليلا ويدفع بانامله الخشنة السمراء اللقيمة داخل فمها.....فتبتلعها هي متشنجة الاعصاب...متقلصة المعدة......تؤثر بها كثيرا..............مما يجعلها غير مركزة وغير قادرة على اخراج ذرة كره صغيرة داخل طيات قلبها الخائن......

+



ارتجفت اكثر....حين همس بالقرب من وجهها برقة تعمد ان تكون بمنتهى الحب والنعومة:

+



((هذه اخر لقمة.....والحمد لله))....

+



فتناولتها بفمها من بين انامله لتبتلعها مباشرة دون ان تمضغها ولو قليلا....مما جعلها تختنق....تلاها سعال حاد جعل وجهها يحمر بشدة.....

+



سمعته.....يهمس قلقا:
((ماذا جرى؟؟؟))

+



ثم بحركه واحده سريعة تناول قنينة الماء المعدنيه ليفتحها مبعدا غطاءها عنها.....ويساعدها بشرب الماء.....الذي كان له دور سحري بدفع اللقمة العالقه من بلعومها الى معدتها مباشرة....

+



وحين وجدت صوتها قالت غاضبة وهي تسعل قليلا:
((انت السبب......انت سبب كل هذا كدت اموت بسبب اصرارك على تناول كل الطعام))

+



أمال ظهره للوراء قليلا يسند جسده على الكرسي الابيض ناظرا بعمق لعينيها الغاضبتين المحمرتين هامسا بخفوت جعل اوصالها تتقطع ثم تطير مع مهب الريح،:

+



((سلامتك.....الف سلامة....ياحياتي))...

+



رمشت بعينيها للحظات...ثم همست بصدق متجاهلةشعور الدوار الذي يسببه حضوره الطاغي المهيمن على جميع حواسها:
((احمد....ارجوك.....ارحل الآن....انا متعبة وبحاجة للراحة))....

+



اجابها بنعومة:
((وهل بدر مني ما يزعجك.....انا هنا لراحتك فقط))

+



نظرت له بوجوم قائلة من بين اسنانها:
((وجودك بحد ذاته يزعجني...عليك مراعاة مشاعري ارجوووك....الا يكفيك ما فعلته بي...اتركني احيا ساعات مرضي بعيدة عنك))

+



حدق فيها قليلا كأن كلماتها لم تصل بعد لراسه....لكنه قال بعد ثواني:
((اصمتي يا سمر.....الأمر ليس على هواك))

+



انتفضت غاضبة....حتى انها لشدة غضبها رفعت جسدها قليلا عن السرير كأنها تحاول الوصول اليه....وضربه.......ثم همست بلا حياة:
((اذا كنت تظن اني ساغفر لك.....عما فعلته بي سابقا...لمجرد تكرمك علي ووقوفك إلى جانبي والاعتناء بي...فأنت واهم.........ما فعلته بي يااحمد لا يمحى من قلبي بسهولة......ولا بألف اعتذار وبكل لغات العالم))

+



همس بعذاب:
((سمر)).....

+



حسنا مالذي ستفهمه من نطق اسمها بنبرة اللوعه والندم...

+



        
          

                
ترك كرسيه سريعا...لينهض جالسا بعدها على حافة سريرها......يحوطها بين ذراعيه بلا اي مقدمات.....يقبل اعلى راسها حيث شعرها الناعم المربوط للخلف.........مما جعل جسدها يرتجف....ويرتعش وتذوب مفاصلها...........رويدا رويدا.....

+



حين شدها اكثر لقلبه لعلها تسمع دقاته النادمة العاشقة لها.......استكانت هي بهدوء حيث صدره العريض....تصم اذنيها دقات قلبه المتسارعة بخفقات لا تهدا ابدا.....
وتسائلت بداخلها......لم يبدو وكأنه مرعوب أو خائف.....او كأنه يترقب شيئا طال انتظاره....

+



دمعت عيناها.....اخيرا بعد لحظات التفكير والسكون.....وحين احس بجسدها يرتجف بين ذراعيه ابعدها عنه قليلا يسألها بقوة:
((مابك؟؟؟؟))

+



همست هي شاعرة بكفيه الحنونتين الممسكتين بذراعيها:
((أنت تؤلمني))....

+



لم تقصد الإلم الجسدي....بل قصدت النفسي...او كليهما معا.....رغم رقة احضانه....

+



حركها قليلا ليضع رأسها على الوسادة مقبلا جبينها بقوة جعلتها تنتفض.....ثم وقف امامها ليقول بنبرة صادقة خافتة:
((انا هنا معك....ياسمرائي لأن هذا واجبي...لإني زوجك الذي يحبك...فإياك والتفوه بحماقات اخرى تزعجني))...

+



لم تجبه.....بل بقيت ساكنه تماما تنظر ليديها اللتان امامها....بقلب يخفق ذعرا.......
حاليا لا تريد هذا التقارب....تريد ان تكون لوحدها فقط.....تفكر جيدا......لعلها تخرج....بحل سليم مقنع.....

+



بعد دقائق ليست بقصيرة...ارادت الذهاب الى الحمام...لتنظف اسنانها وتغير ملابسها.........

+



فانتهزت فرصة خروجه حيث ذهب الى الطبيبة المسؤولة ليسالها بضعة اسئلة...

+



نهضت تمشي ببطء تتعثر بأشياء وهمية امامها....وتلك الإبرة المزعجة المغروسة بكفها الايمن تزعجها وتزيد ألمها.........

+



لم يمضي على دخولها سوى لحظات.....حين سمعت صوته ينادي عليها.....

+



فتحت باب الحمام قليلا لعله يسمع صوتها الخافت الضعيف تخبره انها هنا....

+



ذعرت.  مرتبكة شاعرة بالتوتر حين فتح الباب ودخل عليها...فصرخت  به بضعف :

+



((ايها المجنون....اخرج))...

+



امسك كلتا يديها يصد هجومها الهش عليه بسهولة.....هامسا برقة حازمة:
((سأساعدك.....ولا تناقشي))...

+



وكانت هذه حكاية اخرى ستحفظها سمر عن ظهر قلب ولن تنساها ابدا.........

+



من كان يظن....ان احمد متحجر القلب الغارق بحب من الماضي تركه ورحل ان يكون بمنتهى الرقة والعطف.والحنان.......أهو الحب؟؟؟؟...أم الندم؟؟؟؟؟ام صحوة الضمير؟؟؟؟؟؟؟.....

+



ظلت سمر ساكنه  امامه ترتجف لملمس يديه وهو يخلع ثوبها ويلبسها ثوبا اخر نظيفا.......شاعرة بعينيه الذائبتين بتفاصيل جسدها تلتهمان كل تفصيلة منه وتخبئانها تحت طيات قلبه وعقله.....

+



تمنى احمد ان تطول هذه اللحظات...رغم انها غير مساعده ابدا على الشعور بالحب والرغبة...إلا أنه اعتبرها حدث مهم بحياته....

+



كم اشتاق لجسدها...كم اشتاق لملمسه المرمري الناعم....لولا صحتها الجسدية..ورعبها منه...لاشبعها تقبيلا.....يروي عطشه وعطشها.......

+



يلبي نظرة عينيها التي تناديه رغم انها تحاول جاهدة اخفاءها عنه......

+



تيارات كهربائية تسري باوصالها.....تصهر عظامها وتقتل كل النفور والتمرد والرفض المعشعش بداخلها......تصيبهابالعجز ..وتحي بداخلها تلك المشاعر القديمة...مشاعر اللهفة والهيام....

+



حين انتهى احمد اخيرا من تغيرثوبها  بآخر نظيف.....وحين لم يستطع اطفاء لهيب مشاعره....أدارها إليه بلطف ...ناظرا لعمق عينيها اللوزية...يرى بوضوح تلك النظرة القديمة.....نظرة كان يعشقها دوما دون معرفته المسبقة...نظرة تنفرد بها وحدها حين تنظر اليه....

+



رفع وجهها اليه يتوغل بنظراتها العاشقة......ثم مالبث ان انحنى عليها برأسه يلتهم شفتيها المنفرجتين بعاطفة مجنونة.....

+



لكن سمر كانت المسيطرة على الموقف ورغم تجاوبها الطفيف معه للحظات لكنها استطاعت الابتعاد عنه.....ثم صفعه بقوة رغم هشاشة عظامها التعبة.....لتصرخ بضعف امام عينيه المتسعتين المصدومتين.......
((يالك من دنيء....الاترى الوضع الذي أنا فيه.........اهذا هو الشيء الوحيد الذي جعلك تلعب دور الزوج الشهم القلق  الحريص...))

3



تركته خارجة نحو سريرها........متمنية ان تنقضي الساعات المتبقية من هذا اليوم.....وحين تأتي اليها والدتها صباحا ستخرج من هنا حتى لو اضطرت للهروب....

+



.........
.........
.......................

+



انتهى الفصل قراءة ممتعة للجميع.....

+



صوتوا وابدوا ارائكم لو اعجبكم........

+


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close