رواية يكفيني يا قلب الفصل الثاني عشر 12
12...((جنون سمر))
اقيم الحفل في قاعة راقيه كبيرة ...وبما ان العريس صديق احمد في العمل فكان اغلبية زملاء العمل مدعوين ايضا...........
+
وحين دخلوا.....كانت سمر تتابط ذراع زوجها بكل حب ورضا.......وسعادة....بينما الابتسامة الهادئة لم تفارق شفتيها طوال الطريق....رغم شعورها الغريب بحلول كارثة قريبة ستدمي قلبها وتبكي عينيها.....لكنها لم تعر لشعورها الكئيب هذا اي اهتمام داعية الله بكل جوارحها ان يخيب ما تشعر به وان تمر الليلة بسلام للجميع....لكن ليس كل مايتمناه المرء يدركه....فكيف الحال مع سمر التي اشبه بمن تركض وراء وهم.........يتسرب من بين يديها ولا تستطع الإمساك به ابدا........
+
لم يشعر احمد بسعادة حقيقية منذ فترة طويلة جدا...ربما منذ وفاة نهى......لكنه اليوم متأكد من شعور البهجة والسرور بداخله وهو يرى ويشعر بسمر تتابط ذراعه.........وخصوصا انه اليوم تحديدا بدأ ينظر اليها بمنظور مختلف.......
تبدو هشة رقيقة....ناعمة....عذبة الابتسامة.......أنثى تنضح شباب وحيوية رغم ذبول عينيها.......سيحاول جاهدا خلال الايام القادمة ان يمحو هذه النظرات الحزينة من عينيها الجميلتين.......سيعمل جاهدا لجعل هذه الابتسامة الرقيقة المرسومة على شفتيها الان دائما ما تزين وجهها.......
+
سيفعل هذا ليرتاح ضميره الحي الذي يؤنبه بقسوة لاهماله لها ولامبالاته.....وهناك شعورا غريبا جديدا عليه ينبع من اعماقه يحثه بقوة على تغيير تصرفاته معها........
+
انه ينشد الى الراحة..........والراحة ستكون معاملتها بإنصاف واحترام.......
+
شعرت سمر بأنامل أحمد الخشنة تداعب كفها الصغير ليدها المتابطة ذراعه.....فجعلت هذه الحركه الغير مرئية تماما...لكنها محسوسة.....مشاعرها تحلق عاليا....مرفرفة بجناح السعادة لاعالي السماء.......
وحين جلسوا اخيرا على مقاعد الطاولة كانت رانيا تنظر اليهما بغيرة.....وحسد.....ونظرات الانتقام واضحة وضوح الشمس...لكن عيني احمد وسمر لم تبصرا هذا....كلاهما كان كمن يعيش قصة حب للمرة الاولى..........كلاهما مشاعرهما محمومة بنار اللهفة والانتظار.........
+
بينما احمد ايقن بانه يعلم نفسه الصبر ويعلمه لسمر كذلك............
انه فقط لايريد ان يظلمها معه....لايريد ان يستغل جسدها بينما روحه وعقله مع نهى.....مع شقيقتها........
+
كان ومايزال صادقا بمشاعره.....ولايريد الكذب عليها وايهامها بأنه تغلب على فراق نهى أخير ا..........
+
لقد اقسم لنفسه انه ماان يتخطى محنة ولوعة فراق حبيبته.........ربما.حينها....ربما..يستطع تغيير الحال المرير لعلاقتهما الزوجية التي هي ابعد مايكون عن كونها علاقة...مجرد عقد مكتوب على ورقة بيضاء.........جعل سمر تصبح زوجته.....رغم انه في ذلك الوقت...منذ عامين تقريبا لم يطق حتى النظر لوجهها........
+
ليجدها بعد ذلك زوجته مفروضة عليه رغم انه لم يعترض على الموافقة ابدا.......
+
استغاق من شروده حين رجت المكان اصوات الموسيقى وثرثرة الحضور.................فرفع عينيه يرمش باهدابه السوداء لتاسرهما عينيها اللوزية...فما كان منه الا ان منحها اجمل ابتساماته.........خفق قلبها وصار صوته مسموعا رغم صخب الموسيقى العالية........
+
وبعد فترة من تناول العصير المثلج والنظر الى العروسين الجالسين في ركن من اركان القاعة وقد زين المكان خلفهما بزينة خلابة مبهرجة.....
+
حدقت سمر فيهما طويلا....تنظر الى السعادة المنبعثه من عينيهما.......يبدو انهما يحبان بعضهما بشدةورغما عنها سافرت ذكرياتها الى يوم زفافها.....
+
الى تلك الساعات التعيسة المشوبة بالحزن والالم....والرفض......والى تضحيتها بامنياتها البسيطة المشروعة بشأن نوعية الفستان والمكان والى ماذلك.........كان يوم زفافها المتواضع جدا بعيد كل البعد عمارسمته في احلامها....من الزواج بفارس الاحلام....والحب....والفستان الابيض لآخر صياحات الموظة......والى قبلتها الاولى...وشهر عسلها.......وكثييير من الاشياء الجميلة....
+
ظلت مستغرقة شاردة بافكارها تنظرللعروسين نظرات حزينة......فاترة.....وقد لاحظها احمد....
+
واحس وعرف بما تفكر به ويشغل رأسها.....
+
فمد يده نحوها يحضن كفها الابيض الناعم ذو الانامل الرفيعة المنحوته بدقة ليشبك اصابعه السمراء مع اناملها البيضاء...بصمت دافئ........كأنه يقول لها انه يشعر بما يؤلمها دون النطق بحرف واحد.......فنظرت اليه....بحزن رقيق......لتبتسم له بهدوء.......
+
لكنه نهض واقفا دون ان يترك يدها يامرها ان ترقص معه..........
+
وهل تعترض.......ستكون غبية اذن لو فعلت هذا.....
+
فغادرا طاولتهما معا الى حلبة الرقص المكتضة بجموع الراقصين......تاركا رانيا تتلظى بنار الغيرة والكره............
+
وعندما اصبحت بين ذراعيه........يداه تمسكان خصرها بلهفة حلوة المذاق وجديدة على كوكب مشاعره الحزينة...........
+
ظلت هي ذائبة بسحر هذه اللحظات.......تاركة جسدها له يميله كيفما شاء وقبله. قلبها الراكع تحت قدميه.......لكنه لم يدس عليه كما كان يفعل سابقا......بل انه هذه المرة عامله برقة لامتناهية جاعله يطبل داخل جسدها بجنون ليصم صوته الجنوني طبلة اذنيها........
+
وقبل ان يكملا رقصتهما الاولى معا منذ لقاءهما منذ ست سنوات.......قربها لصدره اكثر....يقبل شعرها هامسا قرب اذنيها:
____سمر اريدك الليلة وبشدة.........الليلة ولا مجال للتراجع......
+
كادت تسقط ارضا الا ان يديه الحنونتين تلقتاها لتشدها لصدره بقوة يكاد ينسخها داخل اضلعه متناسي المكان الذي هو فيه.......بينما هي احمر وجهها بكل درجات اللون الاحمر......ووهنت ساقيها لهذا الامر الصريح منه.............
+
فاسدلت اهدابها تنظر للاسفل بصمت وشفتيها تهتزان رغما عنها تكادان تفصحان عن ابتسامة حمقاء......مجنونة......
تريد ان تبتسم وتطرب فرحا.....ليس لانه يريدها ان تكون زوجته فعليا....بل لانه قال انه يريدها.....وهذه الكلمة بحد ذاتها تكفيها وتعلو فوق جميع كلمات الحب و.الغرام........
+
واخيرا حين توقفت الموسيقى رجع العروسين لمكانهما وكذلك المدعوين.....شبك اصابعه باصابعها يسير مع خطواتها الرقيقة الى طاولتهما.....
+
وماان كادت تجلس.....حتى سمعت صوت مدير المصرف حيث تعمل يحييها.....
+
فارتبكت......وطارت كل لحظات السرور والبهجة التي كانت غارقة بها........
+
استطاعت ان ترد عليه السلام بارتجاف مهتز.......
وعندما دعاه احمد ليجلس معهم قليلا
بادر الرجل قائلا بدون ان يعلم انه سيسبب اعصار همجي يضرب لحظات سعادتها التي لم ترى النور بعد.....
_____ لماذا تأخرت كل هذا الوقت عن السير بأوراق عودتك للعمل.....انتظرتك منذ ايام.....حتى اني اتصلت على هاتفك....لكنه.كان مغلق..؟؟؟؟؟
+
ارتبكت نظراتها ولم تعرف بم ترد...خصوصا انها رات عيني احمد اظلمتا بشكل مخيف....وعاودهما ذلك البرود والقسوة.....
+
وقبل ان تعرف ماترد به.....بادرت رانيا تغتنم الفرصة لصالحها.....تقول باهتمام مزيف :
+
_____سمر ليس لديها هاتف حاليا.........لكنت اتصلت بأحمد وبلغتها بما عندك......
+
تجمدت تعابير احمد نهائيا....وقد الجمته الصدمة بالتفوه بأي حرف........سمر تريد العوده للعمل....دون علمي.......دون ان تنتظر موافقتي.......دون ان تخبرني على الاقل برغبتها........ومتى حدث هذا.....ولم المباشرة بعملها ولم تنتهي اجازتها بعد.........
+
ضاعت سمر بمقعدها............وقد جف ريقها فجاءة....انها تستحق مايجري لها........كان عليها اخباره بهذا سابقا لا ان يعلم من شخص غيرها.........
+
وهنا لاحظ المدير الصمت المخيف الذي خيم على الجالسين......فابتسم بارتباك وقال يغير الموضوع:
+
_____يالي من مدمن عمل....وهل هذا المكان والمناسبة ملائمين للتحدث بهكذا امور......
+
ابتسمت له رانيا لتهمس بميوعه تمط الحرف بين شفتيها المكتنزتين اصطناعيا:
+
_____صراحة قد تفاجئنا من هذا الخبر السار ....لم نكن نعلم برغبة سمر بالرجوع للعمل....
+
.هنا نهض الرجل واقفا مرتبكا شاعرا بأنه قد افسد عليها جمال الحفل....ليعتذر تاركهم بتهذيب......
وقبل ان تفتح سمر فمها لتوضح وتشرح كان احمد قد استدار اليها بملامح اقل مايقال عنها انها غاضبة يسألها بخشونة صدعت قلبها العاشق لصدعين مؤلمين........وقد رجع لقسوته القديمة......لتتبخر كل الايام القليلة الهادئة بلمح البصر امام النار اللاهبة المنبعثة من عينيه الباردتين..
_______ماهذا.......؟؟؟؟؟؟؟ما هذا ياسمر عودة للعمل دون درايتي......ومتى ذهبت للمصرف......ومتى قررت هذا....اتريدين العودة من وراء ظهري.....اهذا ماتريدينه......اعرف الأمر من الغرباء...وليس منك.....هل اسعدك دور المغفل الذي عشته قبل لحظات....الرجل يتكلم وانا لااعرف مااقول........لماذا ياسمر....لماذا؟؟؟؟؟؟؟
+
دمعت عيناها بسرعة.....همست مترجية:
______ارجوووك لاتغضب.......اردت اخبارك فيما بعد....
+
زادت نبرتها توسلا وهي تهمس بخفوت سريع:
+
حسنا...اذا اردت.....ان اغير رأي ساغيره....لن الغي الاجازة ولن اعود للعمل......ولن.......
+
قاطعها بنبرة يائسة وعينيه تعاتبانها بشدة:
+
_____اريد أن اثق بك......اجعليني افعل هذا....اجعليني اشعر بأنك على قدر من المسؤولية......حاولي لمرة واحدة الا تثيري غضبي الا تفتعلي المشكلات لتجننيني.......كوني مخلصة....وصريحه معي هذا مااريده فقط.........إلا استحق منك. هذا........
4
هز رأسه....كأنه ينفض الواقع المزعج من راسه ليكمل امام عينيها الللوزية التي تحول لونها الان الى عينين شفافة لغلالة الدموع المتراكمة داخلهما........همس بنبرة من فقد الامل نهائيا:
+
______نهى لم تكن تغضبني....لم انت مختلفة عنها...لم لاتكوني بمثل رقتها وصفاء روحها.و...اخلاصها.....لم انت مختلفة هكذا......لم مصلحتك تأتي في المقدمة دائما.........وانا الذي احاول جاهدا انقاذ زواجنا الميؤوس منه ..لتأتي انت بحماقاتك وتهدمي مااريده بكبسة زر واحدة...........
11
تدخلت رانيا التي كانت تراقب الموقف بعينين تتلألأ تشفي وسعادة.......لقد انقلب الوضع لصالحها بدون جهد يذكر.........وهي التي خططت ودبرت.....الحمد لله....لم تبقى سوى خطوة واحدة صغيرة جدا.....وتنهار سمر لتكون بخبر كان.....لذا تظاهرت بالحرص والمبالاة لتقول بهدوء:
+
_____ارجوكما.....انتما ليسا في المنزل.........
+
صمت احمد ينظر اليها بدون ان يراها.....وكأنه يسمع صوتها من بعيد...لكنه انتبه الى المكان الموجود فيه..........
+
وحين وجد المغادرة ضرورية قال بخشونة:
+
_____هيا سنعود للمنزل..........
+
لم تجب سمر لكن رانيا قالت بلهجة مقنعة:
+
_____وماالذي نفعله بالمنزل سوى الشجار...ثم ان الحفل بدأ منذ قليل ولم امل بعد.... وسمر تبدو غير مقتنعة بالذهاب....
+
ومطت شفتيها المكتنزتين لتهمس لعينيه اللتان تطلقان شرارات مخيفة حارقة....
+
_____ارجوك يااحمد دعنا قليلا فهذا لصالحكما........اذهب وتحدث مع باقي زملائك واصدقائك......حتى تهدأ قليلا.....وتستطيع ان تقد السيارة دون التسبب بحادث سير......
+
رمقها احمد بنظرة جوفاء.....ثم ابتعد بصمت مخيف ونيران الغضب التي ليس لها ضرورة تستعر داخل احشائه.....
+
وحين ابصرته عيني سمر يغادر......اجهشت ببكاء عنيف تضع كفيها الصغيرين على عينيها...تبكي بحرقة .....
+
خاطبتها رانيا بلطف ماكر تهديها.......
+
_____وهل البكاء حلا مناسبا....لاتقلقي...يوم او يومان وينسى ماحدث..
+
استطاعت ان تهمس من بين شهقات نحيبها:
+
______انه صعب المراس....لن ينسى بسهولة.....
+
همست رانيا بلهجة كمن سئم من امرا ما:
+
_______وماذا فعلت انت.....لا تعذبي نفسك لم تقترفي خطئا لايغتفر....هو فقط يتحجج ليجد زلة عليك....
+
لامست كلمات رانيا الاخيرة عقل سمر......مما جعلها تشعر بصداع عنيف........فابعدت كفها عن عينيها. لتضغط باناملها على جبينها بقوة هامسة بتوجع:
____اشعر بصداع عنيف......يكاد يشطر راسي لنصفين....ربما علي الذهاب الى المنزل....
+
وهنا ابتسمت رانيا ابتسامة شريرة لا تناسب مظهرها الانثوي الناعم........لتخرج من حقيبتها شريط اقراص بيضاء......واضعة بكف سمر قرصين....هامسة باهتمام زائد مبالغ فيه لسمر المغمضة عينيها منحنية الرأس نحو الطاولة:
+
_____من الجيد اني اضع دائما بحقيبتي اقراص لتخفيف الصداع....تناولي هذين القرصين وستكوني على احسن حال......
+
ثم طلبت من النادل الواقف على مقربة منهما وكأنه ينتظرها لتناديه خصيصا تطلب منه مزيدا من الماء......
+
وحين احظر النادل قنينة المياه المعدنية سكبت رانيا بقدح موضوع على الطاولة بعض المياه المعدنية وقليل من ذلك الشيء الذي احضره لها النادل دون ان تنتبه سمر......
اطاعتها اخيرا.....لتضع القرصين داخل فمها وتشرب من قدح الماء الموضوع امامها....
+
لتغمض عينيها وتقول بغرابة متعجبة:
+
______ماهذا الماء.....يبدو طعمه غير مألوف أبدا....
+
ابتسمت لها رانية تشجعها وتطمنها بأن هذا الطعم الغريب ليس للماء. بل لاقراص الصداع المسكنة....
+
ولان سمر كانت في حالة من الضياع لم تستفسر كثيرا ولم يراودها اي شعورسيء تجاه رانيا الان..... ....شربت من هذا الماء غريب الطعم....لتبتلع الاقراص المسكنه التي لم تكن مسكن لآلام الصداع يوما......لتتشوش عليها الرؤيا بعد لحظات.....وينقلب عالمها الى عالم اخر..والوجوه المألوفة الى وجوه اخرى...لتكون..
+
سمر اخرى...سمر مجنونة....ومثيرة.....وجريئة
+
............
................
....
+
بداية ظن انه واهم.....فهذا الصوت العذب الانثوي الذي يغني ويصدح وسط القاعة مشابه لصوت سمر تماما.......
+
هل بدأ يتخيل حتى صوتها.........
كان خارج القاعة يقف عند الباب الكبير لها ينفث دخان سيكارته بعصبية...........
مالذي جرى له ....لايعقل انه ظل يهلوس الان.....ويتوهم انه يسمع صوت سمر وهي تغني......لايعقل انها تفعلها......لتقف امام الحضور ...وتغني لهم رغم علمها بأنه سيغضب لو فعلت هذا......
+
لكن. الصوت الغنائي بدأ يعلو ويعلو....واصوات الحضور بدأت تتفاعل ليزداد التصفيق كلحن واحد على انغام الصوت الشجي العذب......
+
لكنه لم يتحرك..بل ظل واقفا للحظات كأنها دهور بالنسبة له وهو يسمع بعض إلاصوات التي تهتف بإسم واحد.........
اسم يخصه هو.....صاحبته....تربطه بها صلة ال..........
+
شهق بحدة وغضب.......راميا السيكارة الجديدة التي اشعلها للتو ارضا ليدوس عليها بكعب حذائه.....
+
لايجرؤ على الاستدارة. ودخول القاعة الكبيرة....تجمدت قدماه بقسوة والتصقتا ببلاط الارض........
+
اخذ نفسا عميقا يعد بداخله من الواحد إلى العشرة......متمنيا بكل جوارحه ان يكون ظنه بغير محله....وان تكون هناك داخل القاعة امراءة اخرى اسمها سمر.....وليس سمر زوجته التي بدأ يتقبلها بحياته اخيرا.......
+
استدار بقوة جبارة رغم الثقل الرهيب بساقيه....ليدخل......ويصدم بما راه.......
+
سمر واقفة وسط الحضور تمسك بمكبر الصوت وتغني بجنون كأن احدهم ضربها على راسها.....تتمايل....وترقص...وتهز وركيها.....واكتافها كراقصة حانة رخيصة.......
+
تهز راسها مبتسمة.....وشعرها الاسود يتطاير حول كتفيها يشاركها الجنون الذي سيصاب به هو لا محال.....
2
تغني منطلقة بكل جراءة كأنها مطربة ممارسة منذ سنوات...لاذرة خجل...لاحياء....لاتوتر اوارتباك.....
+
ظل احمد واقفا يحدق فيها غير مستوعب بعد ان كان هذا. الذي يراه الآن امامه حقيقة اوكابوس مزعج......
+
رمش بعينية غير مصدق وقد الجمته الصدمة تماما.....لكنه عاد الى واقعه اخيرا.......وجرى الدم الساخن باوردته ليغلي. شرايينه بنار الغضب المستعر..
+
لكن صدمته كانت اقوى من ان يتقدم اليها ويجرها من شعرها.......لكن جنونها الذي زاد عن حده.......وحماسها المتزايد....لكلمات اغنية لم تدخل لراسه الغارق بأفكار اجرامية الان...
+
لتخلع سترتها الفضيه وتلوح بها للحظات ثم ترميها ارضا لتسقط على رأس احدهم......
+
وهنا......صرخ بها...صرخة رجت وزلزلت ارجاء المكان والعالم بأسره.....صرخة مدوية كزئير اسد جريح تنهش الذئاب به حيا.......
+
لكنها لم تتوقف واستمرت تتمايل....كأنها ثملة وفي دنيا غير هذه الدنيا.....
وحين وصل اليها......غرز. اصابعه الغاضبة بلحم يدها ليجرها. خارج هذا المكان اللعين....لكنها ظلت تبتسم وعيناها متسعتان اكثر من المعتاد...تترنح وتتمايل لاتثبت ابدا....وترفض الذهاب معه.....تتكلم كلمات غير مترابطة.....وتبتسم بدون سبب........ثم تعود اليه وتتغزل في عينيه وشفتيه......ظل يجرها من يدها ليخرجها من المكان رغم اعتراض بعض الاشخاص وذهول البعض الاخر.......وتعاطف زملاء العمل معه.....بينما قسم من الحضور شعر بالحنق والامتعاض....... ....
+
وحين وصل الى السيارة ادخلها بعنوة لتجلس بجانب مقعد السائق.....وكاد ان يدير المحرك ويغادر لولا صوت رانيا الذي اوقفه.....
+
فاستدار بعينيه ينظر اليها....ثم صارخا بها بعنف اجفلها:
+
______اين كنت.......اين كنت تاركة سمر تغني كالمجنونه.....لماذا لم تردعيها عن فكرتها.......
+
تظاهرت بالقلق لتهمس:
+
،_____كنت في دورة المياة........لم اتركها الا بضع دقائق مالذي جرى لها.........؟؟؟؟
______اصعدي....... ...
+
امرها احمد بهذا ضاغطا على زر التحكم ليفتح الباب الخلفي وتركب رانيا.......
+
لكن سمر حال صعود رانيا استدارت اليها.....لتثرثر بجمل غير متكاملة تبتسم ببلاهة وتتغزل بشعر رانيا وملابسها...........
+
سألته مستغربة ظاهريا وبداخلها ترفرف فرحا:
_____مابها تبدو كثملة...........
+
عبس احمد يفكر قليلا.....
ثم ثم مالبث ان اشعل محرك السيارة ليقود بجنون يكاد يحطم بعجلات سيارته الارض المعبدة تحته.........
+
ثملة....ثملة.......كلمات رانيا ظلت تدور برأسه بلا هوادة...........ليعود ويسأل رانيا عما فعلته سمر اثناء تركه لهما....همست تزيف الحقائق بكل انعدام للضمير:
+
______لم تفعل شيئا يذكر...فقط انها قالت تريد ان تهدا قليلا.....ثم اخرجت من حقيبتها شريط لاقراص بيضاء وابتلعت قرصين......
+
صرخ احمد.......يزمجر بجنون:
+
______ابتلعت ماذا؟؟؟؟؟؟؟؟؟
+
تظاهرت بالخوف منه لتعيد سمومها الموجعة القاتلة مجددا:
+
____مثلما قلت....بكت قليلا.....ثم اخرجت من حقيبتها بعض الاقراص لتبتلع إثنين لتهدا......
+
جن جنون احمد يسألها بخشونة :
+
_______واين حقيبتها الان......على الارجح بقيت هناك.....
+
همست رانيا باهتمام:
______انها معي.....فعند خروجي من دورة المياة ذهبت الى طاولتنا ولم اجد احد لكني رايت حقيبة سمر فاخذتها معي.....وقد رايتك تجرها خلفك تريد الخروج......
+
صرخ غاضبا يأمرها بغضب:
+
_____هات الحقيبة.......
+
رفعتها اليه ليسحبها من خلف كتفه ويفرغ بيد واحدة محتوياتها بحجره......ليتفاجء برؤية تلك الاقراص امامه.....
+
نظر الى سمر الجالسة بجانبه.....والتي مازالت تهذي وتهذي........وتستمر بالكلام الغير مفهوم.....وتبتسم لنافذة السيارة.........
+
ظل احمد يحدق بها مذهولا.....لايريد عقله استيعاب او تصديق مايجري.......منذ متى تستخدم هذه الحبوب.....وكيف حصلت عليها....والحصول عليها ليس سهلا ابدا.............
+
احقا هذه هي سمر التي بدا..........؟؟؟؟؟؟؟؟؟
+
احقا انها نفسها شقيقة نهى.............
+
اخترق صراخ رانيا اذنيه وهي تنبهه؟
+
_____انتبه.......انتبه......امامك سيارة............
+
ابعد عينيه عن سمر التي لاتعلم مايجري الان ليتدارك باللحظة الأخيرة حادث كاد ان يقع لا محال......
+
شعرت رانيا بالفزع الحقيقي.....وقد تنفست الصعداء عندما ابتعد احمد باللحظة الحاسمة...منطلقا بسيارته غير مكترث للسائق الذي نزل وظل يصرخ ويشتم........
+
وحين وصلوا للمنزل............وقد جلست سمر في غرفة الجلوس ترفض الصعود لغرفتها...........
+
فجاء والديه يستفسران عن سبب هذه الضجة....بينما آدم الصغير ظل واقفا...يشاهد مايجري دون ان يفهم السبب.........
+
وبعد عدة اسئلة من والده.........اجاب عليها احمد بدون تركيز...وقد اخرج الاقراص ليشاهدها السيد منصور......
+
وبعد عدة لحظات...انحنى والد احمد على سمر يشم تلك الرائحة المنبعثة من فمها.....
+
ليقول اخيرا .......وقد تفطر قلبه على ولده وعليها:
+
_____رائحة غريبة تفوح من فمها تشبه رائحة الخمر ....
+
صعق احمد.....بينما والدته وضعت يدها على فمها تخفي شهقتها المسموعة...تنظر لرانيا بشك وعدم تصديق..........
+
.صرخ احمد بجنون يغرز اصابعه الغاضبة داخل خصلات شعره الاسود...يجيب بقهر وذهول:
لم يكن هناك خمر.......مجرد عصائر ومياه......لم. يكن هناك خمر متأكد من هذا......
+
ساله أبوه:
اذن من اين حصلت عليه؟؟؟؟؟
+
هز راسه بقوة ليهمس بتعب واجهاد......
+
لااعلم......لااعلم...اكاد اجن.....
.....
+
وهناك عندما صعدا لغرفتهما اخيرا....دفعها بقوة واغلق الباب ورائه وهو كالمجنون يدور حول نفسه...تتلاطم الاسئلة براسه دون توقف....ومنظر سمر قبل بضع ساعات واقفة تغني امام الحضور بكل استهتار ووقاحة.واغلبيتهم زملاءه في العمل...يكاد يقتله حيا.........
لايستطيع التوقف عن تذكر احداث الساعات الماضية......
+
تقدم نحو سمر التي جلست على السرير تضحك على اشياء تراها هي فقط......ليصفعها صفعة قوية جدا على وجنتها......بث فيها كل مشاعر الغضب الذي جعلته يعيشه ......كيف سيواجه زملاءه........وماذا سيتكلم اضعاف النفوس عنه وعن زوجته.........كيف سيواجه الناس.......بعد هذا.......
+
كرر صفعته لها مجددا على و جنتها الاخرى...
لكنها وللغرابة لم تتأثر كثيرا...بل مدت يدها نحوه تمسك بكفه تدنيه منها......لتقف امام تعابيره الشيطانية وتقبله من شفتيه ثم ترفع يديها تحاوط به عنقه تتمسك به.......وهي تراه الان بمنظور ثان....وعينين اخرتين.....
+
لكنه دفعها شاعرا بالاشمئزاز منها والقرف.........ويود الان لو يقتلها ويرتاح..............
+
فسقطت على السرير ......لتبتسم وتعود مجددا لتتغزل به......وعندما لم تتوقف عن حماقاتها...انهضها بقسوة يجرها نحو الحمام.......
+
وعندما وضع راسها تحت الماء الجاري.......انتبهت قليلا لكنها مازالت تترنح....
+
فاخرجها....متجها بها نحو السرير....ليجلسها عليه بعد ان جفف شعرها سريعا بالمنشفة....
+
وقف ينظر اليها......بلا شعور...بلا انسانية بلا اي ذرة عطف........او رأفة.........أنه غااااااضب جدا جدا ويود الان ان يشبع احدهم ضربا الى أن يفقد وعيه ..يود ان يحطم الجبال أن يفتت الصخور.....ان يجهد نفسه الى ان يخر مغشيا عليه من التعب والغضب........
+
لا يحتمل عقله تصديق ان سمر تتناول هكذا اقراص ........لايعقل ابدا.....
+
يتمنى ان يفقد ذاكرته الآن تحديدا كي ينسى ما عاشه وسيعيشه.......
+
كيف سيواجه أصدقاءه وزملاء عمله....كيف يستطع الظهور امام الناس دون ان يكون خافضا بصره نحو الارض خجلا محني الرأس..........
+
ياليته يموت الان......ياليت الله يستجيب دعاءه.ولا يعيش باقي الايام يتذكر فيها منظر سمر المجنون وهي تتمايل وتغني وسط القاعة المكتظة بالناس.........
+
ثملة.......او مخدرة...او فاقدة العقل نهائيا...لايعرف ماهي الكلمة المناسبة التي يطلقها عليها..........
+
بعد دقائق طوال.....غطت سمر بنوم عميق...دون ان تعلم ماينتظرها من الكوارث صباحا......
+
وهو..لم يغمض له جفن...........بل ظل طوال الليل صاحيا يقلب الافكار والكلام برأسه يحاول الوصل الى كيفية حصول سمر على هذه الاشياء التي ابتلعتها.....وشربتها في ان واحد......وهل هناك شخص كاره لهما وراء كل هذه المصائب .........................
.........................
+
عندما سمع أذان الفجر......نهص يتوضأ ليصلي...عله ينشد الراحة والسكينة على سجادة الصلاة وهو بين يدي الرحمن......
+
طال هذه المرة مكوثه على سجادة الصلاة..........يبث همومه وشكواه للوحيد القادر على سماعه بصمت وايجاد الحلول لكل مشاكله...
+
وحين انتهى اخيرا من التضرع والمناجاة.......سمع هاتفه يهتز مرتجا على سطح المنضدة الخشبي معلنا عن وصول اشعارا ما.....
+
لف سجادته بأحكام ووضعها في مكانها المخصص وخطى نحو هاتفه الذي ماان فتحه حتى صدم بما مكتوب.........على مقطع الفيديو الذي وصل اليه من رقم غريب لايعرف لمن يكون..((...نحسدك على هذه الشعلة المتوهجة إثارة التي بين يديك يااحمد منصور)).........
+
و
+
بالتأكيد جن جنون احمد....وصار كوحش غاضب يجلس على فوهة بركان يريد الثوران بأي لحظة......
+
يدقق النظر بالكلمات.....يشاهد التصوير لسمر التي ترقص....وتدور تتمايل ثم تخلع سترتها وترمييها على احدهم ليظل ذلك الرجل الغريب الذي سقطت عليه سترة سمر يبتسم بغرور ذكوري ظنا منه أن سمر تقصدت هذا لاعجابها به.........
1
سمر تتمايل وتفتعل حركات اغراء ممسكة بمكبر الصوت تغني وتغني لتشعل حفل زفاف صديقه....وتحرق قلبه....وروحه...و.أعصابه.....
+
دقائق طويلة مرت مازال خلالها ممسك بهاتفه يحدق بشاشته التي توهجت بتصويرسمر الشبيه براقصة حانه في فلم اجنبي قديم.......
+
غير مصدق...ولامستوعب....إن هذا حقا حقيقة مؤلمة يعيشها منذ ليلة البارحة .....
+
ينظر وينظر لمقطع الفيديو دون توقف ابدا جامدا بمكانه قرب السرير مازال بملابس اللليلة الماضية...
+
واضح جدا ان سمر بحالة غير طبيعية.............لكن لايعرفها الامن يعرف سمر عن قرب..............
+
خفق قلبه بوجع قاس.....غير مصدق ماتحولت اليه الامور بلمح البصر وهو الذي اقسم ان يجعل سمر زوجته حقا....لليلة البارحه....
+
لقد جن حقا.......اعصابه تفور غضبا ودمه يشتعل داخل اوردته ليصيبه بانهيار عصبي عما قريب..........
+
لايعلم ماذا يفعل.......كيف يتصرف..........
+
ولم تمر سوى ساعة واحدة فقط لاستلامه الفيديو......
حتى اتصل به احد اصدقائه الذين حضروا حفل الزفاف الليلة الماضية....ليخبره بأن احد ماقد صور زوجته ونشر لها صورا كثيرة ومقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي ليشتعل هذا الموقع بهآ......وتكون سيرة سمر وسيرته على كل لسان.........
2
............................
........
+
قراءة ممتعة..
انتهى الفصل...صوتوا...وابدوا ارائكم...لو اعجبكم.......
1
