اخر الروايات

رواية متاهتنا الفصل العاشر 10

رواية متاهتنا الفصل العاشر 10 

الفصل العاشر: جبل الذهب!

                                    
   أمضت أندريا شهرا كاملا في خيوس، أربعة أسابيع من التقلبات، ها هي أحيانا زوجة منبوذة في زاوية بعيدة، و أحيانا أخرى دمية جميلة و مضيفة لبقة يتباهى بها ألكسندروس أمام معارفه.

+


   كانا ينامان في نفس الغرفة، لأن سانتوس و نيكيتا يسكنان معهما، و لا يستوي أن ينام كل منهما في غرفة منفردة بعد قصة حبهما المشتعلة! لكنه لم يقدم على لمسها، بل إنه لم يُظهر حتى رغبة في تسخيرها لنيل حقوقه الزوجية بالقوة!

2


   تواصل تهاطل البطاقات و الهدايا على عنوانها في خيوس أيضا من الشخص المجهول، و استمر تجاهل ألكسندروس لحقيقة أن هناك من يريد خطف اهتمام زوجته، و ذلك ما أحزنها و أحدث جرحا غائرا في قلبها، تمنت لو أنه فقط أبدى بعض الغضب أو الغيرة! إلا أنها لم تنل منه سوى التعليقات الهازئة، و التحذيرات العابرة من أن تسيء إلى سمعته علنا!

1


   كرهت أندريا تصرفاته، و مع ذلك لم تستطع أن تكرهه هو نفسه، بل كانت مع كل كلمة مؤذية ينطقها و كل تصرف قاس يقوم به تجاهها تحبه أكثر و أكثر.
   حاولت لتصرف نظرها عن تعاستها المحتومة أن تشغل نفسها بنشاط يدخل البهجة إلى قلبها، فقررت أن تحدث بعض التغييرات في ديكور البيت، خففت من حدة الألوان القاتمة في غرفة النوم، فاستبدلت أغطية السرير الرمادية بأخرى بيضاء ناعمة، و تخلصت من الوسائد الكحيلة لتضع مكانها وسائد زهرية هادئة، و علقت على أحد الجدران لوحة السعادة التي تحبها كثيرا لمدى دفئها، رسم فيها الفنان التركي عبدين دينو أبوين و أطفالهما الستة مكدسين على سرير مكسور في غرفة رثة، فوقهم مظلة سوداء تقيهم قطرات متسربة من السقف المشقوق، و حولهم حيواناتهم الأليفة، و الملفت أن على وجوههم جميعا ابتسامات سعيدة!

10


   أما في الصالون، فقد أبقت على وجود لوحة فينوس كما طلب ألكسندروس –أو كما أمر!– و سر أندريا أن تضع مكان السجادة البنية الكئيبة و الأرائك السوداء و ستائر الكراميل أشياء أكثر إشراقا و نعومة، أشياء تشبه نضوج الفاكهة و تفتح الزهور و عودة الربيع، تشبه... توهج الحب! اختارت سجادة بلون البحر، و أرائك بلون الغيوم، و ستائر مخملية تشبه أشعة الشمس، و مجسما لشجرة مستكة وضعته أسفل لوحة فينوس، ثم علقت في إحدى الزوايا الأخرى لوحة الأمل للفنان الإنجليزي جورج فريدريك واتس، و طعمت الطاولة المتخذة شكل الهلال وسط الأرائك بتماثيل صغيرة من الفضة و الكريستال الأزرق، دون أن تنسى الورد الذي طلبته من نيكيتا، و زينت به كل زوايا البيت.

1


   تأمل ألكسندروس لمستها الجميلة في البيت مستحسنا ذوقها الناعم، و لم تصدق أذنيها حين قال بلهجة عذبة:

+


   -كنت أعرف أنك ستنشرين الربيع داخل البيت!

+


   ٱعجب بالفوانيس العربية التي علقتها في غرفة الطعام، و الجرة التقليدية التي زينت بها الشرفة الكبيرة، و تمثال أبولو الصغير الذي حياه عند المدخل، كل التفاصيل عبرت عن أصالة و فن و رقة!

+




                
   ثم انتقل إلى تأمل ثوب الدانتيل الأسود الذي يبرز قوتها و نعومتها في آن واحد، عانقها ملاحظا وجود نيكيتا في مكان قريب، و همس في أذنها بكلمات مداعبة أذابتها.

+


   انتبهت أندريا على العشاء إلى أنه يتناول طبق الموساكا الشهي بشراهة، لا يزال يحب تلك الأكلة إذن! ابتسمت بحنان و امتنعت عن إعلامه بأنها زاحمت نيكيتا في المطبخ و أعدت الموساكا من أجله! لكن الخادمة ذات اللسان الطويل فضحتها لاحقا، إذ علقت و هي تقدم لهما القهوة في الصالون:

+


   -أنتِ بارعة سيدة ليفانوس، قال الحارس سايروس أنه لم يتذوق موساكا كهذه من قبل!

+


   احمر وجهها و هي تصرف نيكيتا بشفتين مزمومتين، و التفتت إلى ألكسندروس متوترة، فإذا ببصره الناعس مصوب نحوها في تأمل شارد، لم يكن غاضبا، بل متعجبا و... منهكا أيضا بشكل غريب! تمتم بصوت متقطع واهن:

+


   -أنتِ... أعددتِ... الموساكا؟!

+


   أومأت بصمت و انشغلت عنه بتذوق القهوة، ثم فرت من أمامه قبل أن يوجه إليها إهانة متوقعة، لن تتحمل أن يفسد ذلك اليوم الجميل في نهايته. أغلقت على نفسها في غرفتهما، خلعت ثوبها الأسود، و ارتدت قميص نومها الزهري الشفاف مستعدة لدخول الفراش، بلغتها أصوات قدمين آتية من الأسفل، فقدرت أنه هو! و بسرعة البرق اختفت تحت اللحاف الحريري الأبيض منكمشة، توقفت القدمان و فُتح الباب بهدوء، فأغمضت أندريا عينيها بقوة، و اعتمدت على سمعها لتدرك أن ألكسندروس دخل الغرفة يسبقه عطره و أغلق الباب بحذر شديد، ثم مضى يتخلص من بدلته، و ها هي تشعر بجسده الثقيل يستلقي على الطرف الثاني من السرير.
   طوال شهر مضى، كانت تغط في النوم العميق قبل أن يقرر هو النوم، و تستيقظ بعد مغادرته البيت، و في مناسبتين أو ثلاث سهرت أندريا لتدرك أنه لا يدخل الغرفة إلا في وقت متأخر جدا، لكن يبدو أنه غير عادته الليلة.

+


   تجمدت أندريا و سرت القشعريرة في جسدها عندما وضع ألكسندروس يده الدافئة على رأسها، و مررها بلطف عبر خدها إلى غاية الذقن، ثم راح يمسح على شعرها بحنان صعقها! لقد صور لها خيالها أن ألكسندروس يقتحم الغرفة كالغزاة، فينظر نحوها بازدراء مطلقا شتيمة ما، ثم يرتمي على الجزء البعيد من الفراش و يدير ظهره لها في نفور! أهذا هو الواقع إذن؟

+


   لم يدِر لها ظهره، و لم يبعد يده عن وجهها، فتشجعت أندريا وسط دقات قلبها العنيفة، و تحركت نحوه مغمضة العينين، كما لو أنها غائبة عن الوعي حقا، و أيقنت أنها دنت منه كثيرا بتلك الحركة، إذ احترق وجهها تحت أنفاسه الحارة، و هنا كانت المفاجأة الكبرى، لثم ألكسندروس جبينها و ضمها إلى صدره، فاستنشقت عطره، و تخدرت حواسها بملمس جلده الخشن، مدركة أنه ينام دون قميص! و مدركة أيضا أنها لا تفهم هذا الحنان الغريب الذي أغرقها به و هي نائمة كما يعتقد!

6


   زارت نايومي ابنتها منتصف شهر أغسطس، و رافقتها فيليبا، فيما ظل بافلوس بأثينا متحججا بمعالجة الأعمال المتراكمة، وجدت الزائرتان خيوس ساحرة، و منزل ليفانوس قطعة فذة من الجمال الأصيل.

+



        
          

                
   رحبت أندريا بهما سعيدة، وجودهما حولها لبضعة أيام ربما يطفئ نار حيرتها، و يخرجها من دوامة التساؤلات التي ترهق أعصابها، كان يبدو على ألكسندروس هو الآخر الفرح و الترحاب بنسيبتيه، يحدث نايومي باحترام عميق و نُبل يُعجَب له، و يدلل فيليبا بالرعاية و الهدايا الباهظة كما لو كانت أخته هو!

+


   جلست رفقة أمها في الشرفة الكبيرة ذات مساء تحتسيان القهوة، ألقت أندريا نظرها بعيدا، فلمحت ألكسندروس و فيليبا عائدين من جولتهما في المدينة و التي استغرقت وقتا طويلا، و لاحظت أن أختها تحمل علبة و تركض بها نحو البيت كطفلة غريرة!

+


   -تبدين هادئة جدا عزيزتي! هل أنتِ على ما يُرام؟

+


   أجابت أندريا سؤال أمها مدعية السعادة:

+


   -طبعا أنا على أفضل ما يُرام أمي، لماذا تسألين؟

+


   -لأنني أرى في عينيك قلقا واضحا!

+


   وضعت نايومي فنجانها على الطاولة الخشبية ببطء، و أرجعت خصلة من شعرها الأشقر خلف أذنها مضيفة:

+


   -ربما انشغلت عنك منذ انجابي لفيليبا، لكنني أراقبك بقلبي و أشعر بك، لأنك ابنتي، و لأنني أمك، و الأم لا تخطئ في إحساسها أبدا!

6


   تأثرت أندريا بشدة، فابتسمت و هي تتناول يد أمها بلطف، لطالما ظنت أن نايومي لا تلاحظ ما تعانيه أعماق ابنتها البكر، لكنها أم كما قالت، و من يمكن أن يلاحظ و يفهم أفضل من الأمهات؟ فكرت أن تجرب لذة الشكوى للأم، و أن تفضي بالقليل من همومها لامرأة أكثر خبرة منها في الزواج و العلاقات و الحياة عموما، ستفضي بالقليل فقط في كل الأحوال دون أن تثير هلع أمها. بللت شفتيها و قالت بتلعثم:

+


   -بالفعل... يساورني... بعض القلق!

+


   ظهر تعبير مشجع على وجه نايومي و سألت بحنان:

+


   -قلق حيال ألكسندروس، صحيح؟

+


   أصابت نايومي الهدف كما هو متوقع من أي أم، فردت أندريا في كلمات متعثرة كشفت عمق مشاعرها الحقيقي نحوه:

+


   -أجل! إنه غريب، أعني... ألكسندروس رجل رائع، طيب و كريم، و نبيل كما ترين، لكنه... غامض و كتوم! و أعتقد أن هذا سبب قلقي.

2


   لم تكن تلك كذبة منها، و لا مبالغة أيضا، هو كذلك فعلا، غريب و غامض و كتوم بشكل مربك. ارتسمت على شفتي نايومي الرقيقتين ابتسامة هادئة لا تعرف مثلها سوى من تذوقت أسرار الحياة كلها، و قالت بنبرة حزينة لم تتوقعها أندريا:

+


   -الرجال تركيبة سهلة الفهم عزيزتي، المرأة هي الشيء الأكثر تعقيدا في الحياة! نحن النساء نملك مفاتيح السعادة بأيدينا و مع ذلك نتخذ قرارات خاطئة، ثم نمضي بقية أعمارنا في اجترار الندم.

+


   احتارت أندريا، لكنها لم تعلق بشيء، و تركت نايومي تضيف و قد بات حزنها أوضح من ذي قبل:

+



        
          

                
   -أنا مثلا كنت أدرك أن سعادتي مع والدك، و رغم ذلك هجرته ما إن أفلس، كنت مدركة في أعماقي أنه نفس الرجل الذي وقعت في غرامه و تزوجته، و أنه تحول فقط من مليونير إلى صاحب بيت و مركب بحر بسيطين! المال فقط هو الذي رحل، أما دونالد فظل كما هو، و ماذا فعلت أنا؟ هجرته لأرحل مع المال! ظننت أننا فقدنا الأمان و الاستقرار، و أن زواجي من رجل آخر أكثر قوة و نفوذا من أبيك سيجعلني قوية كفاية لأعود و أسترجعك يوما ما! سأكون صريحة معك اليوم، أنا لم أحب رجلا بعد أبيكِ!

5


   ذهلت أندريا لذلك التصريح المفاجئ، فقد كانت أمها تبدي عشقا أشبه بالعبادة لبافلوس، أضافت نايومي بصوت متهدج:

+


   -كل هيامي ببافلوس هو ادعاء و تحامل من أجل فيليبا، لا أريد تكرار أخطائي، و لا أريد لابنتي الأخرى دفع ثمن حماقاتي، يكفي ما عانيته أنتِ بسبب الطلاق!

+


   مسحت نايومي بعض الدموع التي غلبتها، و استطردت ممسكة يد ابنتها في فخر عظيم:

+


   -كنت أخشى دوما أن تكوني مثلي، ساذجة متسرعة و سريعة العطب، لكنني اكتشفت أنك نسخة مذهلة عن أبيكِ، أنت حذقة و قوية يعتمد عليك، مثله تماما، كلما نظرت إليك أرى دونالد بوضوح، و هذا ما يجعلني أثق بقراراتك مهما كانت مفاجئة، و أنا فخورة بقرار زواجك من ألكسندروس، بعد ما رأيته من دلال يغدقه عليك، يمكنني أن أدخر قلقي لفيليبا الطائشة و حسب!

2


   ذرفت أندريا الدموع أيضا، و احتضنت أمها بحب شاكرة تلك المصارحة التي أثلجت صدرها، فاستطردت نايومي مجففة دموع ابنتها بثقة:

+


   -أما بخصوص غموضه، فلا يسعني إلا أن أنصحك بالحكمة و الصبر، بعض الرجال يشحنون أنفسهم خارج البيت بمشاكل العمل ليصبوا جام غضبهم لاحقا على زوجاتهم، و البعض الآخر يفضلون التكتم على ما يعانونه، و هؤلاء أفضل لأنهم رحيمون بالنساء!
   شكت أندريا أن ألكسندروس و الرحمة قد يلتقيان في مكان واحد، لكنها ابتسمت للنصيحة الغالية، مفكرة أن الحياة بدون أم مروِّعة فعلا!

4


   اقتحمت فيليبا المشهد كفراشة فازت بجناحين للتو، و أشهرت العلبة في وجه السيدتين معلنة بحبور:

+


   -ٱنظرا! كما وعدني صهري العزيز في حفل الزفاف، لقد ابتاع لي أكثر الاختراعات تطورا!

+


   استخرجت فيليبا لوحا الكترونيا مذهلا من العلبة، و راحت تضيف متحمسة:

+


   -لا أطيق صبرا لتجربته!

+


   ضحكت أندريا لصبيانية أختها، و هنأتها بالغنيمة الجديدة، مستغربة تدليل زوجها لنسيبته الصغيرة بهذا الكرم العظيم، و ما لبثت أن سألتها بحيرة:

+


   -أين ألكسندروس؟ لِمَ لم ينضم إلينا؟

+


   -أعتقد أنه قصد غرفة مكتبه، قال أنه ينتظر اتصالا مهما!

+



        
          

                
   تركت نايومي مقعدها، فتساءلت أندريا باهتمام:

+


   -إلى أين أمي؟

+


   -إلى جولة قصيرة في الحديقة، يجعلني الجلوس أبدو عجوزا منهارة!

+


   خمنت أن أمها تريد لحظة عزلة لتستجمع شتاتها، و تستعيد مظهر المرأة اللامبالية أمام فيليبا، فأومأت لها متفهمة، و سمعت أختها تعلق بعدما جلست محتضنة هديتها:

+


   -أشعر أنني وجدت مغارة علي بابا! من المذهل أنك تزوجت جبلا من الذهب أندريا!

+


   سحبت شيكا من جيب تنورتها القصيرة، و تابعت قولها ضاحكة:

+


   -أتوق لصرف هذا المبلغ الدسم في منتجع ما.

+


   جحظت عينا أندريا و هي تقرأ اسم زوجها و حجم المبلغ الذي منحه لفيليبا، و خشيت أن يأخذ كرمه الزائد الاتجاه المعاكس، فهي تعرف طيش أختها و سذاجتها حق المعرفة!

+


   لمحت أندريا زوجها يقترب نحو الشرفة ببطء فجأة، فابتلعت الكلمات التي كانت ستوجهها لأختها، أما فيليبا فأخفت الشيك و همست بشقاوة:

+


   -ها قد أقبل جبل الذهب!

+


   -كفي عن مناداته هكذا!

+


   همست أندريا بدورها مستاءة، فاستأنفت الأخت قولها بعبث:

+


   -لا تقلقي! لن أفعل في حضوره.

+


   -يا لنفاقك! أنتِ تستغلين سخاءه، و هذا غير لائق عزيزتي.

+


   -أفٍ لك أندريا! ارحميني من مثلك العليا! و لا تفسدي لحظة تنعُّمي بالمال العزيز! تخيلي أنه سيرسلني لمتابعة دراستي العام المقبل في جامعة نيويورك، كما قال أنه خصص لي ثروة تقدر بخمس مائة مليون دولار في بنك سويسري! إنه الصهر المثالي.

7


   حزنت أندريا خوفا من أن تقع أختها في خطأ الأم نفسه، فهمست بسرعة:

+


   -الحياة ليست محصورة في التنعُّم بالمال وحده!

+


   -خطأ، المال هو جوهر الحياة، و الحياة لا تكون حياةً بدونه!

+


   استرخى ألكسندروس على مقعد مقابل لأندريا، سكبت له القهوة، و دفعتها نحوه محاولة أن تكون لطيفة، قبلها بابتسامة واسعة، في الوقت الذي زامن تسلل فيليبا إلى الداخل مخلية الجو لعصفوري الحب كما تسميهما.

+


   لم تتريث أندريا، ففاتحته في الموضوع الذي يخيفها فورا:

+


   -ألكس، ألا تلاحظ أن دلالك المبالغ فيه قد يضر فيليبا بدل أن يسعدها؟ أقدر ما تفعله لكي تبدو صهرا مناسبا و لكن...

+


   -أعرف ما أفعله، لذا لا داعي للقلق!

+


   قاطعها بهدوء، غير أنها احتجت مرتكزة على الطاولة بمرفقيها:

+


   -بل سأقلق! أنت لا تعرف فيليبا، إنها مجرد فتاة ساذجة و لا تجيد التعامل مع ثروة طائلة في عمر كهذا، ماذا لو استغلها شخص ما لأنها مراهقة ميسورة الحال؟

+


   حافظ ألكسندروس على هدوئه مرتشفا قهوته، و رد مبتسما:

+


   -صحيح أنني خصصت لها ثروة، لكنها لن تحصل عليها فورا! فيليبا فعلا أكثر الفتيات طيشا، علاوة على ذلك حظها الأسود الذي جعلها تكون ابنة أسوء الرجال على الإطلاق، هل تعتقدين أن بافلوس سيفكر في مستقبل فيليبا البائسة بعدما قامر بكل ما يملك؟ كلا، لو كان يهتم لعائلته، لما باع ابنة زوجته دون تردد!

1


   احمر وجه أندريا، و تابع هو بلهجة ملؤها الثقة:

+


   -ستتابع فيليبا دراستها في نيويورك، و بعد التخرج سيوظفها أحد معارفي هناك لما لا يقل عن أربع سنوات قبل أن تصبح الثروة قيد تصرفها، لن أسمح لها بوضع يديها على المال إلا و هي امرأة ناضجة و مسؤولة!

+


   اعترفت أندريا ضمنا أن زوجها ذكي و متحكم في زمام الأمور، لقد حسب لكل شيء حسابا دقيقا و عبقريا، إنه على صواب، تقييد فيليبا ببعض الشروط سيجعلها تطمئن على مستقبل أختها الآن!

+


   التفتت نحو ألكسندروس تتفرس فيه بعينين يتنازعهما الامتنان و الحزن، ليته لم يكن بتلك القسوة و البرودة! ليت والديه لم يقضيا نحبهما على مركب والدها! ليته ظل ألكس القديم صاحب النظرة الحنونة و الروح العميقة! ليته كان جبل الحب بدل جبل الذهب!


+


نهاية الفصل العاشر.

+



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close