رواية نشوة العشق اللاذع كامله وحصريه بقلم سارة علي
الفصل الأول
+
هي تغتصب ....!
+
مجددا ....!
+
لوهلة تملك الضعف منها ...
+
لوهلة كانت ستخضع كما حدث من قبل ....
+
جسده الضخم سيطر على جسدها الصغير بسطوة شديدة ...
+
كانت على وشك الاستسلام حتى بزغ شيء ما من المجهول ...
+
شيء لا تدرك ماهو لكنه طالبها بالرفض ..
+
بالدفاع عن حرمة جسدها التي على وشك أن تُنتهك من جديد ...
+
شيء ما مرتبط بماضيها ربما ...
+
ماضيها الذي ما زال يلاحقها ...
+
ماضيها الذي تسبب بفوضى حاضرها ...
+
ماضيها الذي لن تتجاوزه مهما أرادت ...!
+
في تلك اللحظة شعرت إن هناك قوة ما سيطرت عليها كليا ....
+
قوة جعلتها تدفعه وهي تصيح بكلمة واحدة :-
+
" لاااااااااااااااااااااااا..."
+
تلك القوة مجهولة المصدر جعلتها تسارع وتجذب حجارة من الأرض وتسارع لتضربها في جبهته قبل أن يصل اليها مجددا ....
+
تفجرت الدماء من جبينه بينما صاحت هي بصوت جهوري ووجع راسخ تحرر في تلك اللحظة :-
+
" كلكم أنذال ... سفلة ... كلكم تريدون جسدي ... كلكم ..."
+
لم تكن بكامل وعيها وهي تتحدث حتى إنها كانت تتحدث بالعربية التي لم يفهمها هو ...
+
أنهت كلماتها تلك وتملك الخوف منها مجددا وكأن تلك القوة التي ملأت كيانها منذ لحظات ذهبت فجأة فعادت تلك الأنثى الضعيفة داخلها ...!
+
عادت مجددا تلك الأنثى التي تكرهها حد الموت ...
+
تراجعت الى الخلف وهي تلهث بصعوبة بينما تهمس بوجع :-
+
" كلكم تريدون الجسد ... تلهثون خلف رغباتكم ... "
+
أحاطت جسدها بذراعيها وهي تهمس بصعوبة ولا وعي :-
+
" أنت وسامر وحتى مهند ... جميعكم حقراء ... كلاب .... أنذال ... حيوانات بشرية ..."
+
" أنت مجنونة ..."
+
تمتم بها الشاب رغم كونه لم يفهم كلمة واحدة من حديثها ....
+
تحرك وهو يرمقها بنفور وازدراء بينما يبحث في جيبه عن منديل يمسح به دماء جبينه ...
+
اما هي فظلت على حالها ...
+
ترتجف بقوة بينما تشدد من حصار ذراعيها على جسدها حتى هبطت بجسدها أرضا وهي ما زالت ترتجف ...
2
لحظات وانفرجت في بكاء مرير وعاد وعيها من جديد ...
+
******************
+
عادت جيلان الى شقتها في وقت متأخر للغاية بعدما استعادت توازنها وتماسكت جيدا ...
+
كانت الساعة قد تجاوزت الثالثة فجرا وشيرين بقيت تنتظرها دون أن تتوقف عن محاولة الاتصال بها بينما هاتفها بقي مغلقا ...
+
كادت أن تموت من رعبها عليها حتى إنها فكرت في الاتصال بريم لكنها تراجعت على أمل عودتها ...!
+
انتفضت من مكانها ما إن وجدتها تفتح الباب وتدلف الى الشقة لتسأل بعصبية وهي تركض اتجاهها :-
+
" أين كنتِ يا جيلان ...؟! كدت أموت رعبا عليك ...."
+
أجابتها جيلان بتعب :-
+
" كنت مع أصدقائي ..."
+
ثم همت بالتحرك متجهة الى غرفتها لكنها وجدت شيرين تقبض على ذراعها توقفها لتهمس بضجر :-
+
" ماذا هناك يا شيرين ...؟!"
+
هتفت شيرين بجدية :-
+
" ما تفعلينه مرفوض يا جيلان ..."
+
ثم أضافت بقوة :-
+
" أنا لا أقبل بهذا ..."
+
سألتها جيلان وهي تحرر ذراعها من قبضتها بسلاسة :-
+
" عم تتحدثين ...؟! عن خروجي مع أصدقائي باستمرار ... أخبرتك ألا تتدخلي في أموري وحياتي ...."
+
صاحت شيرين مقاطعة :-
+
" أنت تدمرين حياتك وأنا لا يمكنني الصمت أكثر ..."
+
أضاف بحنق :-
+
" لا يمكنني السكوت أكثر يا جيلان .... "
+
تأملتها جيلان بنظرات باردة لوهلة ثم قالت :-
+
" وما شأنك انت ...؟!"
+
هتفت شيرين بصلابة :-
+
" أنت هنا معي ... وأنا مسؤولك عنك ..."
+
هدرت جيلان برفض :-
+
" أنتِ لست كذلك .. لست مسؤولة عني .... أساسا أنا لست مسؤولة من أحد ... لا أنت ولا حتى ريم ولا أي أحد وإذا كنت تعتقدين إن قراري بالسفر الى هنا بسبب ريم وطلبها ذلك فأنت مخطئة ... أنا أتيت الى هنا لأنني أريد ذلك وليس لإن ريم من أرادت ذلك وإذا بقيت على طريقتك هذه معي فسوف أترك الشقة لك وأعيش لوحدي في شقة أخرى ..."
+
هتفت شيرين بعدم تصديق :-
+
" ماذا جرى لك أنت ...؟! هل جننت ...؟!"
+
أجابت جيلان من بين أسنانها :-
+
" كلا ، لم أجن ... أنا فقط حرة ... مثلكِ ومثل البقية ويحق لي أن أحيا بالطريقة التي أريدها ..."
+
" كلا يا عزيزتي ... انت لست حرة ولا يحق لك أن تعيشين بهذه الطريقة المرفوضة تماما ...."
+
قالتها شيرين بإباء لترفع جيلان حاجبها وهي تسإله باستهزاء :-
+
" حقا ... ؟! ومن سوف يمنعني عن ذلك ..؟!"
+
أجابتها شيرين بتحدي :-
+
" أنا يا جيلان ... أنا سأمعنك وسأقف في وجهك وأحاسبك منذ الآن فصاعدا على كل خطوة تخطينها ..."
+
" لا تجعليني أتفوه بكلام غير لائق يا شيرين ... انا ما زلت أحاول مراعاة القرابة التي جمعت بيننا ... ما زلت أراعي حقيقة إنك والدة جَسور وهذا ما يوقفني عن التفوه بكلمات قد لا تعجبك ...."
+
اتسعت عينا شيرين وهي تردد بعدم استيعاب :-
+
" ولماذا تراعين كوني والدة جَسور ...؟! لماذا تجبرين نفسك على هذا ...؟! قولي ما لديك يا جيلان ... قللي من احترامي أكثر .. اشتميني حتى ... أساسا لم يتبق سوى هذا لم تفعلينه ..."
+
تمتمت جيلان بملل :-
+
" أنت تبالغين حقا كما يبدو إنك فارغة الليلة وتحاولين ملئ فراغك من خلالي ..."
+
همت بالتحرك لتصيح شيرين بحدة وقد فقدت أعصابها بسبب تلك الحمقاء :-
+
" اسمعيني يا جيلان ... كلامي هذا لن اتراجع عنه ... لن تعيشي كما يحلو لك بعد الآن ... السهر ممنوع وخروجك مع اصدقائك سيكون بعلمي وفي أوقات محددة وفي أماكن معروفة ... وضعك الحالي سيتغير كليا ... أنا لست مستعدة للدخول في مشاكل بسببك ولست مستعدة لأن تتهمني ريم بالاهمال ...."
+
استدارت جيلان نحوها تهتف بها برفض :-
+
" من تظنين نفسك لتتحدثي معي هكذا وتملين أوامرك علي ...؟! أنت مجرد واحدة كانت متزوجة من أخي وهو طلقك منذ زمن ..."
+
" أنت مسؤوليتي يا جيلان وستبقين كذلك حتى يخرج عمار من السجن .... عندما أرسلك عمار معي خارج البلاد فهو أراد أن يتركك مع شخص أمين يهتم بك ويرعاك ويحافظ عليك حتى تنتهي مدة حبسه ويخرج بعدها .."
1
هتفت جيلان بتهكم :-
+
" حبسه الذي دخله بسببك ...."
1
تجهمت ملامح شيرين :-
+
" أنتِ حبستي أخي الوحيد لأعوام وتأتين الآن وتحاولين لعب دور الوصي عليه باعتبار إنني أمانته ... يا لكرم أخلاقك حقا ..."
+
أضافت وهي تتابع الألم الذي كسا ملامحها :-
+
" طالما إنك تهتمين لأمري هكذا وتخافين علي ، لم حبست أخي ...؟! لماذا أدخلته السجن لأعوام ...؟! توقفي عن لعب دور حمامة السلام يا شيرين لإنه لا يناسبك ... أنت آخر من يتحدث ويعطي نصائح بينما تسببت بسجن زوجك ووالد طفلك ...!!"
1
كلماتها سقطت كصفعة على وجه شيرين التي ظهر الألم بوضوح على ملامح وجهها لتناظرها جيلان بانتصار قبل أن تتحرك ببرود متجهة الى غرفتها تاركة شيرين واقفة مكانها تحدق في الفراغ أمامها بعينين ملأتهما العبرات ....
+
اتجهت شيرين بعدها الى غرفتها حيث سارعت تغلق الباب خلفها ثم انهارت فوق سريرها باكية ...!
+
لم يعد بمقدورها التحمل ....
+
ما قالته جيلان يلاحقها باستمرار ....
+
جيلان تعتقد إنها سعيدة بما فعلته أو راضية على الأقل لكنها لا تدرك إن ما فعلته يلاحقها طوال اليوم ...
1
منذ ما حدث وهي لا تتوقف عن التفكير واللوم والكثير من التخبط يسيطر عليها ...
+
تخبط لا نهاية له ....
+
تأملت صغيرها النائم في سريره بسلام ...
1
نهضت من مكانها بعدما جففت دموعها وتوجهت نحوه ..
+
حملته من مكانه غير مبالية اذا ما سوف يستيقظ بسبب ذلك ...
+
احتضنته بحمية بينما تشعر إنها تهرب الى احضانه ...
+
طفلها البريء هو ما يبقيها على قيد الحياة ...
+
أخذت تقبل وجهه بحب وتتشممه بينما دموعها عادت تأخذ طريقها فوق وجنتيها ...
+
في النهاية غفت وهي تحمله بين ذراعيها حتى أتى الصباح لتجده مستيقظا فتمنحه ابتسامة صادقة رغم وجع روحها الأبدي ...
+
غيرت له ملابسه وسارعت تطعمه حليبه قبل أن تحسم أمرها وتقرر اجراء الاتصال الذي ترددت كثيرا فيه ...
+
بعد لحظات أتاها صوت الأخرى لتخبرها بجمود :-
+
" تعالي في أقرب فرصة إلينا يا ريم .. تعالي بسرعة من فضلك ...."
+
*****************
+
بعد مرور يومين ..
+
" وأخيرا العودة الى الوطن ..."
+
تمتمت بها هالة بفرحة غامرة وهي تنظر من خلف نافذة الطائرة الى سماء الوطن التي عادت إليه أخيرا ...
+
سمعت صوت كرم يخبرها مبتسما :-
+
" لا تنسي إنه مهما طالت فترة إقامتنا هنا سنعود مجددا من حيث أتينا ..."
+
تنهدت وهي تخبره بعدما استدارت نحوه :-
+
" لا تذكرني من الآن ... أساسا ما زال الوقت مبكرا ... "
+
أكملت بجدية :-
+
" أنت تعلم إنني لا أرغب بمغادرة البلاد مجددا لولا ما أريد تحقيقه هناك ..."
+
هتف كرم :-
+
" أعلم حبيبتي ... لكن كما تعملين .. ينتظرنا مستقبلا مشركا في أمريكا ..."
+
هزت رأسها بصمت وهي تتذكر قرارها مع كرم بالعودة الى أمريكا بعد زواجهما حيث سيقدم كلاهما على الدراسات العليا في أرقى الجامعات هناك وهذا ما وجده كليهما أفضل لمستقبلهما ...
+
ورغم ما ينتظرها هناك من مستقبل مشرق إلا إنها تعلم جيدا إنها ستشتاق بشدة الى الوطن ومن فيه ...!!
+
سمعت كرم يخبرها :-
+
" لا تنسي أن تتحدثي مع عائلتك بشأني في أقرب وقت ... "
+
حديثه أخرجها من أفكارها لتهز رأسها وهي تخبره :-
+
" أستريح يومين فقط ثم أتحدث مع عمي عابد وراغب ..."
+
" جيد ..."
+
قالها وهو يضيف بحماس :-
+
" لا تصدقين مدى انتظاري لليوم الذي سأخطبك فيه رسميا من عائلتك ..."
+
ابتسمت تخبره بدورها :-
+
" وأنا أنتظر ذلك اليوم بشدة ..."
+
ابتسم بصدق وهو يخبرها :-
+
" أحبك ..."
2
ضحكت برقة وهي تردد بدورها بينما صدح النداء في الطائرة معلنا عن وجوب ربط الاحزمة فالطائرة على وشك الهبوط :-
+
" وأنا أحبك يا كرم ..."
1
*****************
+
هبط كلاهما من الطائرة لينهيان الاجرائات سريعا عندما تحرك بعدها كلا منهما لوحده وهو يجر حقائبه معه ...
+
كانت هايدي تنتظر شقيقها في المطار بحماس لتسارع تحتضنه ما إن وصل اليها وهي تخبره بفرحة :-
+
" اشتقت لك كثيرا يا كرم ..."
+
أضافت وهي تنظر اليه :-
+
" مبارك تخرجك ..."
+
هتف مبتسما :-
+
" شكرا حبيبتي ..."
+
قالت هايدي بسرعة وهي تنظر الى حقائبه :-
+
" لنذهب حالا ... ماما تنتظرك وكذلك نانسي والطفلين ..."
+
هتف بسرعة وحماس :-
+
" لنذهب اذا .. اشتقت للجميع حقا وخاصة كريم وكاميليا ... واضح من الصور التي ترسلها نانسي لي كم كبرا ..."
+
قالت بحب :-
+
" لو ترهما يا كرم .. إنهما رائعان ...."
+
غادرا المطار وكذلك هالة التي غادرت مع كلا من فيصل وتوليب اللذين أتيا لاستقبالها ....
1
***************
+
في قصر آل هاشمي ...
+
كانت هالة تجلس داخل أحضان زهرة التي كانت تحتضنها بدورها وهي تخبرها :-
+
"وأخيرا يا هالة ... كنت أعد الأيام طوال السنوات السابقة حتى تنهي دراستك على خير وتعودي إلينا سالمة .."
+
أضافت زهرة بتحذير :-
+
" إنها المرة الأولى والأخيرة التي سأسمح لك بها بالسفر خارجا لأشهر طويلة ..."
1
قالت توليب مبتسمة :-
+
" دعك من هذا الآن يا ماما ... أخبريني يا هالة ... هل أنت مستعدة لإقامة حفل التخرج ....؟!"
+
قالت هالة بحماس وهي تخرج من أحضان خالتها :-
+
" بالطبع يا تولاي ... "
+
أكملت وهي تشير الى همسة :-
+
" متى سيعود الولدين من المدرسة ...؟! اشتقت لهم كثيرا ..."
+
ابتسمت همسة وهي تخبرها :-
+
" سيعودان بعد حوالي ساعتين ..."
+
تنهدت بصمت عندما قالت زهرة بجدية :-
+
" ما رأيك أن ترتاحين في جناحك حتى موعد العشاء ...؟!"
+
قالت هالة بسرعة :-
+
" أحتاج ذلك حقا ..."
+
ثم نهضت من مكانها وهي تشير لشقيقتها :-
+
" هل تأتين معي...؟!"
+
نهضت همسة تخبرها وشعور الفرحة بعودة شقيقتها الصغرى ما زال ظاهرا على ملامحها :-
+
" سآتي معك ..."
+
حملت هالة إبراهيم وأخبرت كلا من زهرة وتوليب :-
+
" أراكما مساءا ..."
+
ثم أشارت الى إبراهيم :
+
" وأنت ستأتي معي ..."
+
ثم تحركت خارج صالة الجلوس متجهة الى جناحها تتبعها همسة ...
+
دلفت هالة الى الجناح لتتأمله مرددة :-
+
" اشتقت الى جناحي كثيرا ..."
+
وقفت همسة خلفها تخبرها بصدق :-
+
" ونحن اشتقنا لك كثيرا ..."
+
وضعت هالة إبراهيم فوق أرضية المكان ثم استدارت نحو شقيقتها وسارعت ترتمي داخل احضانها وهي تخبرها بحب :-
+
" اشتقت لك كثيرا يا همس ..."
+
شددت همسة من عناقها وهي تخبرها :-
+
" وأنا أكثر يا حبيبتي ..."
+
ثم أضافت بفرحة :-
+
" لو تعلمين مدى سعادتي بعودتك إضافة الى فرحتي الشديدة لتخرجك من الكلية ...."
+
أكملت وهي تتنهد بصمت :-
+
" انا فخورة بك حقا ..."
+
ابتعدت هالة من بين احضانها تخبرها :-
+
" أريد أن نذهب سويا لزيارة بابا وماما ... "
+
قالت همسة بسرعة :-
+
" بالطبع سنذهب ..."
+
ثم ابتلعت غصة مريرة تشكلت داخل حلقها وهي تضيف :-
+
" كانا سيفرحان كثيرا ويفتخران بك ..."
+
أضافت بسرعة وهي ترى الدموع تترقرق في عيني شقيقتها :-
+
" وهما كذلك بالطبع ... "
+
" هل يشعران بنا حقا يا همسة ...؟؟ هل علما بتخرجي ...؟! "
+
سألتها هالة بخفوت لتبتسم همسة بوهن وهي تخبرها بمرارة خفية :-
+
" بالطبع حبيبتي ... ماما وبابا دائما معنا .. يرونا ويشعران بنا ويفرحان مع فرحنا ..."
+
أضافت وهي تربت فوق شعر شقيقتها :-
+
" الآن هما فخوران بك للغاية وكذلك انا .."
+
ابتسمت هالة برجاء قبل أن تحمل الصغير الذي أخذ يحبو فوق الأرضية لتحمله بين ذراعيها وتمطره بالقبلات وهي تردد :-
+
" حبيبي الصغير ... برهومي الجميل ..."
+
ابتسمت همسة بحنان وهي تراقب شقيقتها وما تفعله مع صغيرها قبل أن تتجه نحو السرير وتجلس فوق تتبعها هالة التي تقدمت نحوها وجلست جانبها بينما ما زالت تحمل إبراهيم داخل أحضانها فتبدأ بالحديث والثرثرة مع شقيقتها واخبارها بتفاصيل العام الدراسي الأخير وما حدث معها بالتفصيل ..
+
****************
+
مساءا ...
+
تجلس فوق سريرها بملامح شاردة كليا ...
+
عقلها يعيد ذكريات قديمة مضى عليها دهر إلا إنها ما زالت تحتل روحها وكأنها حدثت البارحة ...
+
زيارتها لقبر والديها مع شقيقتها أعادت لها تلك الذكريات مجددا ...!
+
ابتسمت بألم وحنين وهي تعود بذاكرتها الى الخلف ...
+
حيث كل شيء كان مثالي ...
+
جميل ...!
+
أغمضت عينيها بقوة تمنع دموعها من التساقط وتلك التساؤلات المؤلمة عادت تسيطر عليها مجددا ..
+
لماذا خسرت والديها ..؟!
+
لماذا عاشت يتيمة ...؟!
+
لماذا ...؟!!
+
شردت من جديد في الماضي ...
+
في قصة والديها ....
+
( قبل أعوام ...
+
كانت زينة الحداد الابنة الصغرى للملياردير المعروف عامر الحداد ...
+
كانت مدللة العائلة وأجمل فتياتها وأكثرهم جاذبية وانطلاق ...
+
وحكايتها بدأت عندما وقعت في غرام أحد موظفي شركة والدها ... إبراهيم الشامي ...
+
الشاب الوسيم الطموح والذي وقع في غرامها هو الآخر من النظرة الأولى ورغم كل المعوقات التي قابلت ارتباطهما كون إبراهيم ليس من نفس مستوى زينة المادي والاجتماعي ...
+
لم يكن إبراهيم فقيرا بل كان من عائلة جيدة ذو مستوى مادي واجتماعي جيد لكنه بالطبع لم يكن ينتمي الى الطبقة المخملية التي تنتمي لها زينة وهذا ما جعل ارتباطها مرفوضا من قبل والدي زينة وشقيقها الوحيد سليمان ورغم الرفض الشديد من قبل الأب إلا إن زينة أصرت على الزواج من إبراهيم تحت أي ظرف وتزوجته رغم رفض والدها الصريح لهذه الزيجة ...
+
وقتها الجميع رفض مساندتها باستثناء شقيقتها الكبرى زهرة والتي كانت متزوجة منذ أعوام من الملياردير الشهير عابد الهاشمي بعد قصة حب طويلة جمعتهما طوال سنوات دراستهما في الجامعة ...
+
والغريب إن عابد نفسه ساند زينة في قرارها ووقف معها بل كان شاهدا على عقد القران غير آبها في حالة تسبب ذلك بمشاكل مع حماه او شقيق زوجته ...
+
مرت الأشهر ووالديها يقاطعنها بعدما كانت زينة مدللة والديها والأقرب لقلب والدها فهي الصغيرة الزاهية اللي سلبت قلوب الجميع منذ ولادتها ....
+
ورغم ذلك لم تندم زينة على زواجها من إبراهيم الذي كان نعم الزوج لها وغمرها في حبه وعنايته ولكن بقيت هناك حسرة خفية داخلها بسبب رفض والدها لها ...!
+
كل شيء تغير بعد ولادة زينة طفلتها الأولى همسة حيث تعسرت ولادتها وكادت أن تفقد حياتها أثناء الولادة بعدما تعرضت لنزيف شديد ...
+
استيقظت زينة بعد يوم ونصف لتتفاجئ بعائلتها حولها ...
+
والدها يبتسم لها بعينين دامعتين وهو يحمد ربه على نجاتها ووالدتها تبكي بلهفة وكذلك شقيقتها والبقية ...
+
حتى سليمان أتى رغم كونه كان واجما طوال الوقت لم يمنحها سوى ابتسامة خفيفة وهو يربت على شعرها وكذلك زوجته منيرة التي كانت رافضة بشدة لهذه الزيجة ...
+
مرت أربع سنوات كانت مثالية بالنسبة لزينة حيث تحيا بسعادة مع حبيبها إبراهيم وطفلتها همسة بوجود عائلتها المحبة حتى حملت زينة مجددا وعملت انها تحمل طفلة أخرى قررت تسميتها هالة ...
+
مرت شهور الحمل سريعا واثناء الولادة تعرضت زينة لنفس ما تعرضت له في ولادتها الأولى إلا إنها لم تنجُ هذه المرة ...
+
رحلت زينة وتركت خلفها طفلتين وزوج محطم ...
+
رحيلها كان آثره قويا على الجميع فوالدها تعرض لجلطة كادت أن تودي بحياته ...
+
وكذلك والدتها التي تقوقعت على نفسها رافضة التفاعل مع الحياة الخارجية ...
+
بينما كانت زهرة تقاوم حزنها الدفين لأجل الطفلتين حيث أخذتهما معها في منزلها واحتضنتهما وقامت بارضاع الصغيرة هالة والتي صادف مجيئها بعد ولادة زهرة لتوليب ابنتها الوحيدة بأقل من شهرين ...
+
مرت الأيام بصعوبة على الجميع واستعاد إبراهيم ثباته مقررا أخذ طفلتيه ليعيشا معه رافضا رغبة زهرة في أن يبقيا معها فهو والدهما الذي يجب أن يكون معهما دائما فيكفي إن كلتيهما خسرتا والدتهما ...!
+
وبعد مرور عدة أعوام توفي إبراهيم تاركا خلفه ابنتيه حيث همسة والتي أنهت عامها الحادي عشر والصغيرة هالة والتي لم تتجاوز عامها السادس بعد ...
+
أصرت زهرة على أخذ الطفلتين ليعيشا في منزلها رغم رغبة والدها في تولي مسؤولية تربيتهما وهو الذي بات يحيا وحيدا بعد وفاة زوجته قبل ثلاثة أعوام بسبب حزنها الشديد على صغيرتها لكن زهرة أقنعته بأن يترك الطفلتين معها فهما يحتاجان من تعتني بهما وترعاهما كابنتيها فوافق عامر مقتنعا إنه لا يوجد أحن على الطفلتين من خالتهما الحنون المحبة ...
+
ما زالت همسة تتذكر يومها الأول في قصر زوج خالتها ...
+
القصر الذي عاشت فيه لسنوات تعامل معها الجميع وكأنها واحدة من أصحاب المكان لكنها لم تشعر يوما بذلك عكس شقيقتها هالة التي اندمجت بسرعة مع الحياة في القصر والمجتمع هنا ....
+
وحتى بعد زواجها من راغب فشلت في أن تندمج وتشعر بالراحة والسلام في هذا المكان والمجتمع رغم محبة الجميع الشديدة لها إلا إنها كانت تفتقد حياتها القديمة بكل ما فيها ...
1
تفتقد والدها وتتمنى لو لم يمت وبقيت هي معه تحيا في منزلهما البسيط مع شقيقتها ..!)
+
أفاقت من شرودها على صوت باب الجناح وهو يُفتح لتجد زوجها يدلف الى الجناح متجها نحو الخزانة وهو يخلع سترته ثم يتبعها بقميصه ...
+
تجاهلته كالعادة وهي تغرق في أفكارها البائسة مجددا ...
+
لم يغب على راغب ملامحها المنطفئة وعينيها الحزينتين طوال المساء وتمثيلها التفاعل مع الأحاديث والضحكات رغم إن داخلها يبكي ...
+
كان يعلم ذلك جيدا فهو يعرف تلك الحالة التي تأتيها كلما زارت قبر والديها ...
+
حاول أن يتجاهل وضعها البائس فهو قرر ألا يتعامل معها إلا الضرورة حيث حمل ملابس نومه واتجه نحو الحمام ليأخذ حماما دافئا سريعا قبل أن يخرج مجددا وهو يجفف شعره بالمنشفة ليجدها ما زالت على وضعيتها تجلس فوق سريرها وترفع فخذيها نحو صدرها تحاوطهما بذراعيها بينما عينيها تنظران الى الفراغ أمامه بشجن لا نهاية له ..
+
تنهد مرغما وهو يتقدم نحوه مطاوعا قلبه
+
الذي تأثر بشدة لحالتها تلك ...
+
جلس أمامها فنظرت له بصمت ليهتف بجدية :-
+
" أنت دائما ما تكونين على هذه الحالة بعد عودتك من المقبرة ..."
+
ارتجفت شفتيها وهي تسأله بسخرية مريرة :-
+
" هل ستمنعني من زيارة والديّ أيضا ...؟؟"
+
تجهمت ملامحه وهو يخبرها بضيق خفي :-
+
" منذ متى وأنا أمنعك من أي شيء يا همسة ...؟!"
+
تنهدت وهي تتمتم بعدما أخبرت نفسها إنه لا ذنب له بحالتها هذه :-
+
" أنا آسفة.."
+
تنهد مرددا :-
+
" لا بأس ... أنا أتفهم حالتك هذه ... "
+
" كلا أنت لن تتفهم ..."
+
قالتها بخفوت وهي تضيف :-
+
" لا أحد سيفهم سوى من عايش شعوري ... "
+
أضافت وعيناها تملئهما الدموع :-
+
" أنا أحتاجهما ..."
+
كانت هذه من المرات النادرة التي تفتح بها همسة قلبها له ورغم دهشته من حديثها معها بطريقة غير معتادة فهمسة طوال سنوات زواجهما لم تتحدث معه سوى بكلمات باردة مقتضبة مرتدية قناع الجمود دائما أمامه ولا يجمعهما حديث معين طويل سوى اذا كان هناك ضرورة لذلك ...
+
كون همسة تشكو له حاجتها وتريه عبراتها فهذا شيء جديد وغير مسبوق ...
+
جذبها نحو صدره يخبرها بتروي :-
+
" حسنا ، اهدئي ..."
+
تساقطت عبراتها بغزارة ورغما عنها غرقت في دفئ أحضانه الذي تشعره للمرة الأولى ...
+
أخذ يربت على شعرها وهو يخبرها بهدوء :-
+
" لا بأس ... لا بأس ...."
+
بعد مدة لا بأس بها شعر بها تغفو بين أحضانه فسارع يبعدها عنه بحرص وهو يضع رأسها فوق الوسادة خلفها ليجدها تفتح عينيها الحمراوين وعلى ما يبدو إنها استيقظت مجددا ...
+
همس لها وهو يسحب الغطاء فوق جسده :-
+
" نامي يا همسة ..."
+
فوجئ بها تقبض على كفه وهي تخبره بضعف :-
+
" تزوج يا راغب لكن عليك أن تعلم إنني لا أريد الطلاق ... لا أريد لأولادي أن يعيشوا ولو جزءا صغيرا مما عشته أنا .. لا أريدهما أن يعيشا دون أبيهما أو دون أمهما ..."
+
تصلبت ملامحه وهو يسمع ما تقوله ...
+
تلك الحمقاء ، ماذا تظنه ...؟!
+
هل تعتقد إنه من الممكن أن يحرمها من أطفالها أو يبتعد هو عنهم ..؟!
+
تنهد وهو يخبرها :-
+
" نامي يا همسة واطمئني تماما ... لن يحدث شيء كهذا طالما أنا حي ..."
+
منحته ابتسامة مرتاحة قبل أن تغمض عينيها وتمنحه كلمة أخيرة قبل أن تغفو :-
+
" شكرا ..."
+
تنهد بتعب وهو يتذكر مواجهتهما الأخيرة قبل يومين وإخبارها برغبة في الزواج من أخرى ...
+
هل أثرت بها كلماته لتتحدث بهذه الطريقة ..؟!
+
بكل الأحوال ليس مهما فهو لم يكن ليفعل ما قاله ...
+
هي لا تعرف إنه تراجع عن حديثه ما إن غادر الجناح فهو لن يعرض عائلته الصغيرة لموقف كهذا ...
+
لن يجعل أولاده الثلاث يعيشوا حياة كهذه ويرون والدهم متزوج من أخرى غير والدتهم ...
+
هو ليس هكذا ...
+
سعادة أطفاله وآمانهم هو ما سعى إليه لسنوات ولن يسمح لأي شخص بأن يهدم هذا حتى لو كان هو نفسه ...!
2
******************
+
في المشفى ...
+
إنتهى راجي من عمله الصباحي اليومي في المرور على جميع مرضاه والاطمئنان على وضعهم الصحي ليعود الى غرفته مقررا ارتشاف قهوته والحصول على القليل من الهدوء قبل موعد بداية عمليته الأولى خاصة إن اليوم جدوله مليء في العمليات ....
1
ورغما عنه شرد بها مجددا وبعودتها بعد هذه السنوات وطلاقها من زوجها ...
+
تنهد بصمت قبل أن يرتشف المزيد من قهوته فيتذكر هذه المرة علا ..
+
تلك الشابة اليافعة التي التقاها منذ يومين وقد وجدها شابة جميلة لطيفة ذات شخصية قوية ...
+
ورغم إنها بدت له مناسبة للغاية من جميع النواحي إلا إنه لم يحبذ الارتباط فيها ربما بسبب صغر سنها فهي ما زالت في السادسة والعشرين من عمرها بينما هو في الثامنة والثلاثين وهو بطبعه لا يميل الى فرق السن الكبير بين زوجته المستقبلية وهذا ما أخبر والدته به التي طلبت منه أن يفكر مجددا فالفتاة جميلة وخسارة ألا تكون من نصيبه ...
+
زفر أنفاسه بضيق وهو يقنع نفسه إن عودة نغم لا علاقة لها بقراره فهو بالفعل لم يكن مقتنعا بتلك الفتاة قبل أن يراها حتى بسبب سنها الصغير ...!
+
تأمل ساعة السقف فقد بقي ساعة واحدة قبل موعد بدء عمليته الأولى لهذا اليوم عندما وجد سكرتيرة مدير المشفى تتقدم نحوه وهي تخبره إن المدير يريد رؤيته بسبب أمر ما ...
+
نهض من مكانه متجها نحو المدير الذي استقبله بحفاوة كالعادة فهو ليس فقط طبيبا ناجحا ضمن فريق اطباؤه ومميزا للغاية بمهاراته وإنما هو ابن صاحب المشفى فعابد الهاشمي شريك الى جانب طبيب آخر في ملكية هذا المشفى الضخم ...
+
تحدث المدير معه هو واثنين من زملاؤه بشأن بضعة أمور حيث أخذ يستشيره بشأن بعض التغييرات التي يريد أن يفعلها في المشفى ...
+
قال المدير بعدما أنهى حديثه :-
+
" صحيح ، هناك طبيبة جديدة أتت الى هنا ترغب في العمل معنا ..."
+
أكمل وهو يسحب ملفها :-
+
" إسمها أروى حمدي الخولي ... خريجة منذ سبعة أعوام وهي في سنتها الرابعة من دراسة تخصص الجراحة العامة ... لديها سجل ممتاز و ..."
1
سأله راجي باهتمام :-
+
" أين كانت تعمل مسبقا ...؟! في مشفى حكومي ...؟!"
+
أجابه المدير :-
+
" في مشفى خاص ... "
+
ثم أخبره باسم المشفى وهو يضيف :-
+
" لكنها تركت العمل هناك .. قدمت استقالتها بسبب ظروف خاصة ...."
+
تمتم راجي بجدية :-
+
" إذا تجدها مناسبة فوافق على عملها ...."
+
قال المدير موافقا :-
+
" سأفعل خاصة إننا نحتاج الى المزيد من الأطباء في قسم الجراحة ..."
+
نهض راجي بعدها مستأذنا من المدير فلم يتبق على موعد عمليته سوى نصف ساعة عندما رأته بالصدفة وهي تسير في احد الممرات لتبتسم على الفور ما إن رأته وهي تسير نحوه بحماس ...
+
تأملها مليا مفكرا إنها لم تتغير وما زالت كما هي بنفس الابتسامة الخاطفة الأنفاس والطلة الجذابة اللامعة رغم مرور اثني عشر عاما على فراقهما ...
+
" راجي ..."
1
قالتها بنفس النبرة المرحة التي تسلب لبه كليا وهي تضيف بينما ابتسامتها تتسع أكثر :-
+
" كيف حالك ...؟! لم أرك طوال اليومين السابقين ..."
+
تنهد وهو يجيب بينما عيناه تتأملان عينيها الزرقاوين بلمعتهما الجذابة :-
1
" أنا بخير ... لم آت البارحة الى المشفى فهو يوم اجازتي .."
+
أضاف يسألها بتحفظ مقصود :-
+
" أنت كيف حالك ..؟!"
+
ابتسمت وهي تحرك أناملها داخل خصلات شعرها المموجة :-
+
" أنا بخير والعمل هنا يبدو جيدا ..."
+
أضافت :-
+
" أريد أن أتحدث معك يا راجي ... "
+
أكملت بعفوية لطالما تحلت بها :-
+
" اشتقت اليك كثيرا ..."
+
توترت نبضات قلبه لكنه أخفى ذلك بمهارة وهو يقول :-
1
" اعذريني يا نغم ولكنني مشغول طوال اليوم بالعديد من العمليات ...."
+
قالت بسرعة :-
+
" وماذا عن الغد ...؟! هل ستكون مشغولا أيضا ...؟!"
+
تمتم بجدية :-
+
" غدا لن أتواجد في المشفى ..."
1
نظرت له مليا وكأنها تدرس ملامحه قبل أن تسأله ببساطة :-
+
" أنت لا تريد رؤيتي ، أليس كذلك ..؟!"
1
أجاب بصدق :-
+
" بالطبع كلا ولكنني .."
+
أوقفته مرددة :-
+
" ولكنني أريد ذلك ... أريد التحدث معك طويلا .."
+
أضافت بجرئتها المعهودة :-
+
" عليك أن تعلم إنك أحد أسباب عودتي يا راجي وأهمها ..."
1
تجهمت ملامحه لا إراديا وهو يخبرها :-
+
" نغم من فضلك ..."
1
تجاهلته وهي تضيف بثبات :-
+
" أنا ما زلت أحبك يا راجي ... كنت ولا زلت أحبك ... "
+
******************
+
في قصر آل صواف وعلى طاولة طعام الفطور كان يترأس الجد المائدة كعادته بينما يجلس على يمينه ولده عارف وزوجته ألفت بينما على يساره مقعد حفيده الأكبر إياس ثم مقعد الحفيد الأصغر وابن ولده عارف وهو رأفت الصواف ....
+
سأل عارف وهو يقضم قطعة من الجبن :-
+
" أين إياس يا أبي ...؟! أليس من المفترض أن يحترم موعد الطعام ولا يتأخر عنه ...؟!"
+
صدح صوت إياس وهو يتقدم الى الداخل مرددا :-
+
" أنا هنا يا عمي .. كنت مشغولا قليلا ..."
+
ثم مال نحو جده يقبل كفه فيبتسم الجد له بإنشراح أشعل النيران في قلب العم وولده بينما ألفت تتابع ولدها بنظرات حانية عندما تمتم إياس باقتضاب وهو يسحب كرسيه :-
+
" صباح الخير ..."
+
ثم جلس وبدأ في تناول طعامه عندما سأله الجد :-
+
" لا تنسى موعدك مع راغب الهاشمي اليوم ...؟! أريد أن تتمم صفقتنا معهم يا إياس بأسرع وقت ..."
+
قال إياس بثقة :-
+
" لا تقلق يا جدي ... يمكنك أن تعتبر إن الصفقة باتت لنا ..."
+
قال عارف وهو يرمق ابن شقيقه الراحل مليا :-
+
" لا تكن واثقا الى هذا الحد يا إياس .. راغب الهاشمي ليس سهلا أبدا و ..."
+
قاطعه إياس ببرود :-
+
" أعلم ذلك .. أعرف من يكون راغب الهاشمي ومدى ثقل اسمه في السوق ... أعرف كل شيء يا عمي وأنا جاهز تماما لهذه الشراكة ... لا تقلق ..."
+
قال الجد مشيرا لولده :-
+
" إياس متمكن في مجال العمل يا عارف ... لا تنسى ما حققه طوال العام المنصرم من تقدم وإنجازات في مجموعة شركاتنا خارج البلاد ... "
+
أضاف وهو ينظر الى حفيده بحنو :-
+
" إياس رجل أعمال مثالي وقوي كوالده رحمة الله عليه ..."
+
تمتم إياس وهو يمنح عمه نظرات جامدة من أسفل رموشه :-
+
" رحمة الله عليه يا جدي .. "
+
أكمل وهو يناظر عمه بتحدي هذه المرة :-
+
" أبي رحل ولكنه ترك خلفه من يكمل مسيرته ويبقي إسمه حيا حتى بعد وفاته .."
+
طالعت ألفت والدها بحزن دفين لا يخلو من القلق الشديد عليه بينما نهض عارف من مكانه بعدما مسح فمه بالمنديل مرددا وهو يتحرك خارج مكانه يتبعه ولده :-
+
" عن إذنك ..."
+
تابعت ألفت رحيل زوجها الحانق بتجهم قبل أن تسمع الجد يخبرها :-
+
" إسمعيني يا ألفت ..."
+
" نعم يا عمي ..."
+
قالتها ألفت باهتمام ليخبرها الجد :-
+
" أريد منك أن تبحثي عن عروس مناسبة ولائقة لإياس ..."
+
أكمل وهو يرمق حفيده :-
+
" أريد أن يتزوج إياس من أفضل فتاة في البلاد ... "
+
ابتسمت ألفت بسعادة :-
+
" بالطبع يا عمي ... سأبدأ بالبحث ..."
+
تأملها إياس بتجهم بينما كادت هي أن تطير من فرحتها بعدما أوكل لها عمها هذه المهمة ...
+
أشارت الى إياس قائلة :-
+
" سأختر لك أفضل الفتيات وأجملهن وأنت ستختار من تعجبك أكثر ..."
+
قال إياس باقتضاب :-
+
" جيد .."
+
ثم نهض من مكانه مستأذنا بالمغادرة عندما أشار الجد لها :-
+
" لا تخبري زوجك بهذا ... هو لن يعرف أي شيء حتى قبل الخطبة الرسمية بقليل ..."
+
قالت ألفت بخفوت :-
+
" منذ متى وأنا أخبر عارف بأشياء تخص إياس يا عمي ...؟!"
+
تنهد الجد قائلا :-
+
" التحذير واجب يا ألفت ..."
+
هزت ألفت رأسها بصمت ليقول الجد مضيفا :-
+
" أخبريني يا ألفت ... هل توجد عائلة محددة في بالك ...؟!"
+
قالت ألفت بسرعة :-
+
" في الحقيقة هناك أكثر من عائلة ... مثلا عائلة نصار لديهم شابة جميلة ولكنها ما زالت طالبة جامعية على ما أعتقد ..."
+
أضافت بتذكر :-
+
" وآل هاشمي الذين تحدثت عنهم قبل قليل ..."
+
سألها باهتمام :-
+
" من فيهم لديه فتاة مناسبة للزواج ..؟! الوزير حاتم الهاشمي أم عابد الهاشمي ..؟!"
+
أخبرته بتذكر :-
+
" حاتم الهاشمي لديه فتاة بالفعل ولكنها صغيرة جدا ... ما زالت في الثانوية حسب علمي ولكن عابد الهاشمي لديه شابة يافعة جميلة ... لا أتذكر اسمها ولكنني رأيتها في حفل زفاف منذ حوالي عام تقريبا .. أتمنى ألا تكون ارتبطت بعدها ..."
+
قال الجد بسرعة :-
+
" ابحثي خلفها يا ألفت .. تعرفين إن آل هاشمي نسب مشرف نفتخر به ... اسألي عن الفتاة اليوم وإذا تبين إنها ليست متزوجة او مخطوبة فسارعي وأخبري ولدك عنها ...."
+
قالت بسرعة وهي تنهض من مكانها :
+
" سأجري الآن اتصالاتي يا عمي ... عن إذنك ..."
+
تابعها العم بشرود متمنيا أن يتم هذا ويتزوج حفيده من سليلة آل هاشمي فهي ستكون خير زوجة له ...
+
نسب مشرف سيدر على حفيده بالكثير ويعزز من مكانته في المجتمع أكثر ...
1
***************
+
جلس إياس أمام مروة التي أخذت تسأله بتجهم :-
+
" أين كنت طوال اليوم السابقين يا إياس ...؟! منذ يومين وأنت في البلاد ولم تتصل بي وتطلب رؤيتي ..."
+
أجابها بجدية وهو يرتشف القليل من قهوته :-
+
" أخبرتك إنني كنت مشغولا للغاية يا مروة ... ورغم إنني مشغول اليوم أيضا ولدي موعد هام بعد أقل من ساعتين لكنني أتيت لرؤيتك ..."
+
مدت كفها تلمس كفه وهي تخبره :-
+
" اشتقت اليك كثيرا ..."
+
أضافت بفرحة :-
+
" من الجيد إنك أنهيت فترة عملك خارجا وعدت الى البلاد مجددا ..."
+
تأملها إياس بصمت ورغما عنه تذكر قراره بالزواج من الأخرى بناء على طلب جده ...
+
كيف سيخبرها بذلك وكيف ستتفهم قراره ...؟!
+
هو يعرف مروة منذ أربعة أعوام بعدما التقاها في إحدى رحلاته خارج البلاد حيث كانت تعمل مضيفة على متن الطائرة التي سافر فيها ...
1
جذبته منذ الوهلة الأولى بجمالها الجذاب وهي بدورها وقعت في غرامه منذ النظرة الأولى ورغم إنه يدرك استحالة قبول جده بها فمروة فتاة عادية تعمل مظيفة طيران وتنتمي لعائلة متوسطة لذا فهي لا تناسبه من جميع النواحي ولا تصلح لأن تكون زوجته وأم أولاده ...
+
كان يعلم ذلك ورغم هذا استمر معها لأربعة أعوام ولكن ماذا سيفعل الآن خاصة ووالدته ستبحث له عن عروس بسرعة ...
+
عليه أن يعترف إنه رغم حبه لها إلا إنه يريد أن يفعل ما أراده جده ..
+
يريد نسبا عريقا مشرفا وزوجة تليق به وتصلح لتكون أما لأولاده ... لا ينكر إن مروة جميلة وأنيقة ولبقة وذات شخصية جذابة لكنها ليست الزوجة التي يريد أن يتخذها واجهة له ولأولاده مستقبلا ....
+
أفاق من أفكاره على صوتها وهي تسأله بقلق :-
+
" هل أنت بخير يا إياس ...؟!"
1
تنهد مرددا :-
+
" نعم ولكنني مرهق قليلا ..."
+
قالت بسرعة :-
+
" أنت تعمل كثيرا يا إياس وهذا ليس جيدا عليك ..."
+
تمتم بخفوت :-
+
" معك حق ..."
+
أخبرته بعدها :-
+
" أنا سأسافر لمدة أسبوع .. لدي رحلات متتالية ..."
+
تنهد داخله براحة مفكرا إن هذا أفضل الآن له ...
+
منحها ابتسامة خفيفة وهو يخبرها :-
+
" تعودين سالمة باذن الله ..."
+
********************
+
أنهى عمله في الشركة وقرر المغادرة لمقابلة ابن عمته قبيل سفره الى الخارج في رحلة عمل معتادة...
+
تحرك خارجا من الشركة متجها الى المصعد حيث وقف ينتظر وصوله عندما شعر بإحداهن تقف جانبه وعلى ما يبدو تنتظر وصول المصعد معه عندما سمعها تهتف بعد لحظات :-
+
" أنت ..."
+
التفت مهند نحوها ليندهش من وجودها أمامه مجددا ..
+
كانت نفسها فتاة المطار التي أضاعت حقائبها وساعدها وقتها وأعاد لها حقائبها ...
+
تمتمت وهي تمنحه ابتسامة متسعة :-
+
" مهند ، أليس كذلك ...؟!"
+
" نعم ، مهند يا ..."
+
توقف قليلا محاولا تذكرا إسمها عندما مدت كفها وهي تعرف عن نفسها :-
+
" جنى ، جنى الطائي ..."
1
التقط كفها يرد تحيتها مرددا برسمية :-
+
" أهلا آنسة جنى .."
+
سألته وهي تحرك خصلاتها الحمراء النارية خلف أذنها :-
+
" أنت تعمل هنا ..؟!"
+
وفي الحقيقة هي كانت تعلم إنه إبن صاحب الشركة بل تقصدت أن تأتي هنا لأجله متحججة في رغبتها بالبحث عن عمل في الشركة وهاهي ننتظره منذ ساعات بعدما انتهت مقابلتها حتى تجد الفرصة لرؤيته والتحدث معه ...
+
أجابها باقتضاب :-
+
" نعم ، أعمل هنا .."
+
قالت مثرثرة :-
+
" أنا أتيت للتقديم على وظيفة ....أتمنى حقا أن يقبلوني لإنها شركة جيدة ومعروفة للغاية ..."
+
" جيد ،، "
+
قالها بخفة وهو ينظر الى ساعته لتقول بسرعة :-
+
" انا سعيدة حقا لرؤيتي لك مجددا.. هذه فرصة جيدة لأشكرك مجددا .."
+
قال بجدية :-
+
" لا داعي للشكر يا انسة ..."
+
" بالطبع هناك داعي ... انت ساعدتني ..."
+
قالتها وهي تبتسم قبل أن تضيف :-
+
" بما إن الصدفة جمعت بيننا مجددا فاسمح لي أن أدعوك لتناول الطعام في أحد المطاعم القريبة كمحاولة بسيطة للتعبير عن امتناني لك ..."
+
قال بسرعة :-
+
" أشكرك على دعوتك حقا ولكنني مرتبط بموعد مع ابن عمتي ويجب أن أذهب إليه حالا لإنه سيغادر البلاد بعد ساعات قليلة ..."
+
ثم أضاف وهو يضغط على زر المصعد الذي وصل منذ زمن ليفتح بابه له :-
+
" اسمحي لي أن أغادر ..عن إذنك ..."
+
ثم دلف الى المصعد لتتابعه بضيق وهي تردد :-
+
" مغرور وبارد ... "
1
قبل أن تهمس بخفة :-
+
" ولكنه وسيم ... ومختلف ..."
+
ثم ضغطت على زر المصعد تنتظر صعوده لتغادر المكان هي الأخرى مقررة التفكير في طريقة أخرى لرؤيته مجددا ..!
+
*****************
+
كان مهند يجلس مع أثير يتبادل الأحاديث معه عندما سمع الأخير يخبره بضيق :-
+
" عمتك مصرة على موضوع ابنة صديقتها ..."
+
تسائل مهند بجدية :-
+
" وماذا ستفعل ...؟! "
+
هتف أثير بتجهم :-
+
" لا أعلم ..."
+
أضاف بقليل من الراحة :-
+
" السفرة هذه المرة أتت في وقتها ... سأتخلص من إلحاحها لبضعة أيام ..."
+
ابتسم مهند مرددا بتهكم :-
+
" على أساس إنها ستتركك عندما تعود ... ستجد الموضوع ما زال قائما كما تركته ..."
+
زفر أثير أنفاسه بإحباط عندما هتف مهند بتردد :-
+
" لماذا لا تجرب وتقابلها ...؟! ربما تعجبك ...."
+
قال أثير باقتضاب :-
+
" أنا لا أفكر بالزواج حاليا ..."
+
منحه مهند نظرة فهمها هو ليهتف بتجهم :-
+
" لا تنظر إلي هكذا ... أنا لا أريد الزواج حاليا لأنني أصب جم تركيزي على عملي وليس للسبب الذي تفكر به ..."
1
لم يتحمل مهند تجاهل ما في باله فقال :-
+
" أنت تضحك على نفسك أم عليّ ...؟!"
+
أضاف متجاهلا وجوم ملامحه الشديد :-
+
" انساها يا أثير ... لا توقف سير حياتك لأجلها ..."
1
تشكلت غصة في حلق أثير بالكاد ابتلعها وهو يردد على مضض :-
+
" أنا نسيتها بالفعل..."
+
" أتمنى ذلك ..."
+
قالها مهند وهو يضيف عن قصد :-
+
" هالة مرتبطة يا أثير ...."
1
تجمدت ملامحه ليضيف مهند مقررا أن يعرض الحقيقة كاملة أمامه كي لا يتأمل أكثر :-
+
" هناك شاب تحبه وغالبا سيتزوجان قريبا ...."
+
ولم يكن إنه بما قاله فتح أبواب الجحيم عليه ...!
1
********************
+
في كندا ...
+
وقفت أمام مرآتها تعدل شعرها للمرة الأخيرة قبل أن تدور بفستانها القصير أمام المرآة ملقية نظرة أخيرة على هندامها قبل أن ترسل قبلة في الهواء لنفسها وهي تتمتم بغرور :-
+
" أجمل من الشمس والقمر معا يا ماذي ..."
2
ثم اتجهت تحمل حقيبتها الصغيرة عندما سمعت صوت طرقات على باب غرفتها يتبعها دخول شقيقتها لتسألها ماذي ببرود :-
+
" ماذا هناك ...؟!"
+
تقدمت ستيلا نحوها وهي تسألها بينما تتأمل فستانها الجذاب وجمالها المثير كعادتها :-
+
" هل ستخرجين اليوم أيضا ..؟!"
+
تمتمت ماذي :-
+
" نعم سأخرج كالعادة ... ما الجديد ...؟!"
+
قالت ستيلا بجدية :-
+
" لا تخرجي اليوم .. ابقي معي ... هناك ضيوف مهمين سيأتون على العشاء ..."
+
رفعت ماذي حاجبها تسألها ببرود :-
+
" وما شأني أنا بضيوفك ...؟!"
+
تقدمت ستيلا نحوها أكثر حتى أصبحت قبالها مباشرة لتضع كفها فوق كتفها وهي تخبرها بمرونة :-
+
" وجودك مهم اليوم يا ماذي ... استقبلي ضيوفي معي ..."
+
قاطعتها ماذي وهي تزيح كفها من فوق كتفها :-
+
" أنت قلتيها بنفسك ... ضيوفك وليسوا ضيوفي ..."
+
زفرت ستيلا أنفاسها بضيق قبل أن تردد بضيق :-
+
" توقفي يا ماذي ..."
+
رمت ماذي حقيبتها فوق السرير ثم عادت تنظر الى شقيقتها عندما عقدت ذراعيها أمام صدرها وهي تسأله بجدية :-
+
" تحدثي بصراحة ...؟! ما قصة هؤلاء الضيوف ...؟! إلام تخططين يا ستيلا ...؟!"
+
أجابت ستيلا بجدية :-
+
" ضيوف مهمين جدا ... مساعد صاحب احدى أكبر وأهم شركات الأزياء والتجميل على مستوى العالم سيأتي اليوم ومعه مجموعة من أصدقائي ... أنا أطمح لأن يجمعني تعاون مع هذه الشركة ..."
+
" وما شأني أنا ..؟!"
+
سألتها ماذي بثبات لتجد ستيلا تخفض عينيها وهي تخبرها بنبرة ملتوية :-
+
" أحتاجك يا ماذي ... "
+
ضغطت ماذي على فمها وهي تسأل :-
+
" كيف ..؟! تحدثي بوضوح ..."
+
لمست ستيلا خصلة من خصلاتها المتمردة وهي تخبرها :-
+
" أنت فاتنة يا شقيقتي ... فتنتك هذه كل ما أحتاج ...."
+
صاحت ماذي بنفور :-
+
" أنتِ مقرفة ..."
+
صاحت ستيلا بحدة :-
+
" ماذي ... لا تتحدثي بحماقة ..."
+
أكملت مضيفة :-
+
" الرجل يملك مفاتيح الشركة كلها بين يديه والأهم إنه سيمنحك الفرصة المنتظرة لدخول مجال عروض الأزياء وسوف ترتقين سلم الشهرة والنجاح من خلاله وأنا سوف استفيد في نفس الوقت وأحقق التعاون الذي حلمت به وعملت لأجله طويلا ..."
+
قالت ماذي من بين أسنانها :-
+
" لا دخل لي في مخططاتك يا ستيلا .. لن أسمح لك بإستغلالي ... جسدي ليس سلعة تستغلينها لأجل مصالحك الشخصية يا هانم ..."
1
لوت ستيلا ثغرها وهي تتمتم بتهكم :-
+
" تتحدثين وكأنك عذراء خجول ... وكأنني غريبة عنك ولا أعلم بجميع قذاراتك وعلاقاتك ..."
+
هتفت ماذي ببرود :-
+
" علاقاتي تخصني وحدي يا ستيلا ... أنا أفعل ما أشاء ولكن لا أسمح لأحد أن يجبرني على فعل ما لا أريد والأهم إنني لن أسمح لا لك ولا غيرك باستغلال جسدي وجمالي ... "
+
أضافت منهية هذا الحوار المستفز :-
+
" يمكنك استخدام غيري فالفاتنات كثيرات يا عزيزتي أما أنا فعليك أن تعلمي إنني حرة نفسي يا ستيلا ..."
+
غادرت الغرفة بعدها تاركة شقيقتها الكبرى تغلي من الغضب ...
+
ركبت سيارتها وقادتها متجهة الى النادي الليلي المعتاد لتجده هناك كما توقعت ...
+
اتجهت صوبه وهي تتأمل الاندهاش الذي سيطر عليه كليا لتبتسم بتهكم بارد وهي تسحب كرسيا لها وتجلس قباله ...
+
التوى ثغره بابتسامة جانبية وهو يسألها :-
+
" هل أنا أحلم أم إنك حقيقة ...؟!"
+
أشارت للنادل تطلب منه أن يجلب لها مشروبها قبل أن تعاود النظر له وهي تخبره :-
+
" تذكر فقط إنني أتيت إليك وجلست قبالك بمزاجي ..."
+
" كم أنا محظوظ إذا .."
+
قالها وهو يتأملها بنظرات مشتعلة راغبة لتبتسم باستخفاف قبل أن تضيف بترفع :-
+
" بالطبع محظوظ ... "
+
أكملت بعدما تناولت مشروبها من النادل :-
+
" إذا ، ماذا سنفعل ..؟!"
+
أخذت رشفة من كأسها بينما قال هو بأنفاس لاهثة :-
+
" سنفعل ما تريدين ... أنت فقط قولي ما تريدين ..."
+
رمقته بنظرات ماكرة قبل أن تميل نحوه أكثر وهي تسأله بخبث :-
+
" هل أنت متأكد من كونك ستفعل لي ما أريد ...؟!"
+
" بالطبع ..."
+
قالها وهو يتأملها بشغف لتتسع ابتسامتها وهي تخبره بتروي :-
+
" أريدك ..."
+
اتسعت عيناه لا إراديا قبل أن يهتف بعدم استيعاب :-
+
" عفوا ..."
+
ضحكت بخفة قبل أن تكرر ما قالته :-
+
" أريدك يا صلاح ... "
1
ثم ارتشفت للمرة الأخيرة من كأسها قبل أن تضعه فوق الطاولة مجددا ثم تنهض من مكانها وهي تسأله :-
+
" أين تقيم أنت ..؟!"
+
أجاب وهو يطالعها مبهورا :-
+
" في شقة ..."
+
قالت بسرعة :-
+
" هيا لنذهب إذا ..."
+
ثم غمزت لها وهي تضيف :-
+
" تنتظرنا ليلة حافلة يا عزيزي ..."
+
*******************
+
كانت ليلى تتابع تفاصيل الحفل الذي بدأ منذ حوالي ربع ساعة باهتمام ...
+
لقد قضت الأيام السابقة تشرف على كافة التفاصيل وبذلت مجهودا خرافيا كي يظهر الحفل بهذه الشكل المميز ...
+
كانت تتحرك بسرعة وتتنقل بين المدعوين كالفراشة بفستانها الطويل بلونه الزهري الناعم وتصميمه البسيط والذي منحها مع خصلات شعرها الشقراء الناعمة طلة ملائكية جذابة نجحت في جذب اهتمام العديد من الرجال الموجودين في الحفل ...
+
لم تخفَ عليها نظرات بعض الموجودين والتي بدت شديدة الإعجاب بجمالها الساحر ولكنها لم تهتم بكل هذا حيث جميع أفكارها كانت منصبة على ذلك الذي من المفترض أن يتواجد في الحفل ولكنه لم يصل حتى الآن ...
+
تأملت المدير العام للشركة والذي منحها ابتسامة هادئة قبل أن يشير لتتقدم نحوه فتجده يعرفها على زوجته الحسناء مرددا :-
+
" ليلى سليمان يا عزيزتي ... موظفتنا في قسم العلاقات العامة والتي نظمت هذا الحفل الرائع لوحدها ..."
+
ابتسمت زوجته وهي تخبرها بصدق :-
+
" أهلا يا هانم ... تشرفت بمعرفتك والحفل حقا رائع ..."
+
شكرها ليلى :-
+
" شكرا يا هانم ... الشرف لي ..."
+
قال المدير بدوره مثنيا عليها :-
+
" الحفل حقا رائع يا ليلى ومختلفا ... أشكرك حقا ... كنت بقدر حسن ظن منذر بك ..."
+
" هذا عملي يا بك ويسعدني حقا إن تنظيم الحفل نال إعجابك ..."
+
استأذنت بعدها متحركة لتقف بجانب احدى زميلاتها في الشركة تتبادل الأحاديث السريعة بينما عينيها تراقبان بوابة المكان ...!
+
توترت لا إراديا ما إن وجدته يدلف الى الداخل ليتجه المدير على الفور اتجاهه مستقبلا إياه بترحيب حار وعلى ما يبدو إن هناك علاقة وطيدة تجمع بينهما ...
+
تحركت أناملها فوق خصلات شعرها لا إراديا بإرتباك سيطر عليها كليا عندما التقت عيناه بعينيها أخيرا وهو الذي التقط مكانها من بين الجميع ما إن بحث بعينيه عنها ليمنحها ابتسامة خفيفة وهو يهز رأسه بتحية فترد عليه بابتسامة متحفظة ...
+
وجدته ينخرط بعدها في حديثه مع المدير ومجموعة من ضيوف الحفل من رجال الأعمال لتشعر بالضيق لا إراديا وهي التي كانت تتوقع إنه سوف يسارع ويأتي اليها ويتحدث معها ...
+
قررت تجاهله بدورها والانخراط في أجواء الحفل ومتابعة تفاصيله وفعلت ذلك حتى مرت حوالي نصف الساعة ليعتلي مدير الشركة بعدها المنصة ويلقي كلمته السنوية بمناسبة الذكرى السنوية لإفتتاح الشركة ...
+
انتهى المدير من كلماته ثم اتجه نحو زوجته يجذبها نحو ساحة الرقص بينما صدح صوت الموسيقى الهادئة في أرجاء المكان ...
+
اتجهت ليلى نحو طاولتها تجلس عليها وهي تتأمل بعض الثنائيات الذين اتجهوا الى ساحة الرقص ...
+
أخذت تتأملهم بشرود عندما شعرت به خلفها يسألها بخفوت :-
+
" هل ترقصين معي يا آنسة ...؟!"
+
التفتت لا إراديا نحوه تتأمل نظراته المحملة بعشق صريح بصمت امتد لثواني قبل أن تبتسم بخفة وهي تخبره بتهكم مقصود :-
+
" منذ متى وأنت تستأذن قبل مراقصتك لي ...؟!"
+
مد كفه نحوها لتضع كفها في كفه فتشعر بالاضطراب لا إراديا ومشاعر مختلطة غمرتها كليا ...
+
نهضت معه ليسارع محيطا خصرها بذراعه جاذبا إياها نحو صدره بينما أحاطت هي رقبته يكفيها وقد تلاقت عينيها العسليتين الصافيتين بعينيه السوداوين القويتين ...
+
" اشتقت لك ..."
1
همس بها بعذوبة لتبتسم بخجل سلب لبه فيكمل بحرارة :-
+
" اشتقت لك كثيرا يا ليلى ..."
+
دار بها بعدها وهو يسألها :-
+
" ألم تشتاقي لي ...؟!"
+
" كنان ..."
1
قالتها برقة وخجل ليبتسم بجاذبية وهو يضيف :-
+
" انتظرت عاما كاملا حتى تأتي هذه اللحظة ..."
+
ثم مال نحو أذنها مضيفا بحشرجة :-
+
" إضطررت أن أتحلى بالصبر والتروي وأنا الذي لا أطيق صبرا على أبسط الأمور ..."
+
شعرت بها يسيطر عليها كليا وهو يحيط جسدها النحيل بجسده الصلب بينما يضيف بنفس الحرارة :-
+
" لكن لا بأس .. لأجلك أصبر وأتحمل ... لأجلك أنت فقط يا ليلى ..."
+
ارتشعت شفتيها وهي تردد برجاء :-
+
" توقف يا كنان ..."
+
أضافت بعفوية :-
+
" أنت توترني حقا ..."
+
" أحبك ..."
+
نطقها قبل أن يدور بجسدها بحركة سريعة خطفت أنفاسها ثم يجذبها سريعا نحو خارج القاعة سائرا بها نحو الحديقة الخارجية ..
+
وقفت جانبه تتأمل السماء المظلمة بتفكير بينما سألها هو :-
+
" كيف كان عامك هنا ...؟!"
+
ردت بخفوت :-
+
" جيد .."
+
سألها وهو يستدير نحوها :-
+
" متى ستعودين ..؟!"
+
استدارت نحوه تتأمله لوهلة قبل أن تسأله بفضول :-
+
" لماذا تسأل ..؟!"
+
أجابها مبتسما :-
+
" لإنني أنتظرك ..."
+
" مجددا ..."
+
سألته بتشتت ليبتسم بثقة مضيفا :-
+
" مجددا يا ليلى ..."
+
ثم أضاف :-
+
" دون فراق هذه المرة ..."
+
لمعت عينيها لا إراديا واعترفت داخلها إنها سعيدة بحديثه ...
+
سعيدة بعشقه الظاهر ...
+
سعيدة بانتظاره لها ...
+
" ربما لا أريد العودة حاليا يا كنان .."
+
قالتها بحذر ليهتف بنفس الابتسامة :-
+
" سأنتظرك أكثر ... "
+
مالت بوجهها نحوه تخبره بقلق :-
+
" أنت ترفع سقف طموحاتي بشأنك وهذا كفيل بأن يثير قلقي ..."
+
جذب كفها ورفعه نحو فمه يقبله برقة قبل أن يقول :-
+
"ثقي بي يا ليلى ... أنا أحبك وأريدك بحق وسأفعل أي شيء لأنال ثقتك ومشاعرك ... "
+
ابتلعت ريقها بتوتر قبل أن تمنحه ابتسامة مضطربة ثم تردد :-
+
" هل ندخل ...؟!"
+
أومأ برأسه موافقا وهو يتحرك معها الى الداخل لتجد ليلى مدير الشركة في وجهها عندما أشار لكنان قائلا :-
+
" أين أنت يا رجل ...؟! "
+
ثم نظر الى ليلى يخبرها بعفوية :-
+
" كنان نعمان يا ليلى ... من أعز أصدقائي ... "
+
ابتسم كنان وهو ينظر لها ليشاهد تجهم
+
ملامحها فجأة وهي التي استوعبت ما يحدث ...
+
الآن فهمت كل شيء ...
+
حصولها على وظيفة في شركة مهمة كهذه بسرعة غريبة ...
+
الترتيبات السريعة وسهولة حدوث كل شيء ...
+
الامتيازات التي حصلت عليها ...
+
هو كان خلفها .. هو من سعى لذلك ...
+
كل شيء كان بتوصية منه وهي كانت كالماريونيت يحركها كيفما يشاء ...!
+
******************
+
دلفت غالية الى منزلها بعدما فتح فادي لها الباب ...
+
هتفت بحماس وهي تخلع حقيبتها :-
+
" وأخيرا وصلنا الى منزلنا ..."
+
ابتسم وهو يغلق الباب خلفهما قبل أن يتقدم نحوها يخبرها :-
+
" وأخيرا يا غاليتي .."
+
ثم جذبها نحوه يضيف :-
+
" منذ هذه اللحظة بدأت حياتنا سويا يا غالية ... "
+
" وماذا عن الأيام السابقة ..؟!"
+
سألته ليجيب مبتسما :-
+
" كان شهرعسل ..."
+
أحاطت رقبته بذراعيها وهي تخبره بمشاكسة :-
+
" كلامك معناه إن العسل غادر حياتنا منذ هذه اللحظة ..."
+
ابتسم قائلا :-
+
" العسل والحلويات كلها بين يدي يا غاليتي .."
+
ضحكت بعذوبة قبل أن تخبره :-
+
" سأتحرك الى الأعلى ... أحتاج لحمام طويل يتبعه نوما عميقا ..."
+
لكنها توقفت وهي ترى العديد من الهدايا الموضوعة على الطاولة فتقدمت نحوها بحماس بينما تحرك فادي وهو يخبرها :-
+
" سأذهب وأشتري طعام الغداء لنا فأنا جائع للغاية..."
+
أخذت تقلب الهدايا عندما توقفت عند هدية تحمل اسم أخيها الأكبر ...
+
نظرت نحو الهدية بدهشة قبل أن تهمس بسخرية :-
+
" ماذا تحمل هديتك لي يا عمار ...؟!"
+
ثم جذبت الصندوق المغلف وسارعت تفتحه بفضول تملك منها ...
+
وجدت ورقة مطوية موضوعة فوق صندوق فسحبتها وسارعت وتفتحها لتقرأ ما مكتوب فيها بفضول ...
+
كانت الورقة رسالة من والدها لزوجته السابقة ..
+
( حبيبتي ديانا ...
+
ترددت كثيرا في كتابة هذه الرسالة لكن بعدما علمت إن والدتي أنبئتك بخبر حمل صباح مجددا كان لا بد أن أخبرك بكل شيء ..
+
كل شيء حدث غصبا عني...
+
لم أكن واعيا يا ديانا ...
+
أقسم لك إنني لم أكن واعيا لما يحدث ...
+
أنا لم ألمس صباح منذ حملها بنديم ولكن في تلك الليلة تناولت المشروب لأول مرة فتمكن مني ...
+
عدت مخمورا وصباح استغلت هذا ..
+
تخيلتك بدلا عنها ...
+
هل تصدقين ذلك ...؟!
+
لا أعرف كيف حدث كل هذا لكن ما أعرفه إنني لا أريد هذا الطفل ...
+
لا أريد طفلا آخرا من صباح ...
1
طلبت منها أن تجهضه ولكنها ترفض ..
+
لا أعلم ماذا أفعل ..."
+
ملأت الدموع عينيها ولم تستطع اكمال قراءة الرسالة ..
+
اعتصرت الرسالة بيدها ودموع القهر تساقطت فوق وجنتيها ...
+
لقد كسرت غالية الخولي وعلى يد أحب رجل لقلبها ...
1
والدها المبجل ...
+
انتهى الفصل الأول
+